سلسلة الحرب الروحية - الصفحة 2 - منتدى ام السمائيين و الارضيين
الرئيسية التسجيل مكتبي     البحث الأعضاء الرسائل الخاصة


منتدى ام السمائيين والارضيين


   
العودة   منتدى ام السمائيين و الارضيين > منتدى الطريق نحو الابديه > قسم الموضوعات الروحيه المختلفه
 
قسم الموضوعات الروحيه المختلفه يشمل كل الموضوعات الروحيه التى تهم كل انسان مسيحى

إضافة رد
   
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 03-06-2012, 02:00 PM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




أسلوب الشيطان في السيطرة على النفوس


رأينا في العدد السابق كيف أن فرعون موسى احتال لكي يُبيد الشعب ويمنع نموهم وتكاثرهم. لكن محاولاته فشلت، فنما الشعب وازداد كثيرًا جدًا. وفي هذا العدد سنرى فرعون مرة أخرى، وهو رمز واضح للشيطان، يحاول جاهدًا أن يمنع خروج الشعب من أرض مصر بواسطة موسى ليعبد الرب في البرية. وكان هدفه أن يحتفظ بهم تحت سيطرته. وهذا ما يفعله الشيطان، إذ يستعبد الإنسان ويُذله ويهدّده بالموت؛ والإنسان خوفًا من الموت يظل كل حياته تحت العبودية. لكن الرب يسوع جاء إلى العالم وذهب إلى الصليب، لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس، ويعتقنا من عبوديته القاسية، وينقذنا من سطوة العالم الحاضر الشرير (عبرانيين2: 14، 15؛ غلاطية1: 4).
في البداية، كان فرعون يرفض رفضًا باتًا خروج الشعب ويُنكر حق الرب في شعبه. فقال لموسى: «الرب لا أعرفه، وإسرائيل لا أُطلقه». فضرب الرب فرعون وأرض مصر ضرباتٍ ثقيلة، وعندئذ غيَّر فرعون أسلوبه، ولجأ إلى المساومة، واقترح على موسى أربعة اقتراحات، فيها نرى أساليب الشيطان للسيطرة على النفوس لكي لا تُفلت من قبضته.
1- قال فرعون لموسى: «اذهبوا اذبحوا لإلهكم في هذه الأرض» (خروج8: 25). كان هذا أول اقتراح من فرعون. وهذا يعني أن الشيطان يوافق على تديُّن الإنسان، وأن يمارس أي صورة من العبادة الشكلية، بشرط أن يظل تحت سيطرته. وهذا يُذكِّرنا بالمتدين الأول قايين، الذي قدَّم قربانًا من ثمار الأرض، مع أنه كان «من الشِّرير (الشيطان)، وذبح أخاه... لأن أعماله كانت شريرة وأعمال أخيه بارة» (تكوين4: 3؛ 1يوحنا3: 12).

إن الملايين في عالم اليوم ساروا وراء قايين في طريق التدين والأعمال، بِغَضِّ النظر عن حالة القلب والعلاقة الصحيحة مع الله. إنهم يعيشون في الفجور والشرور، ومع ذلك فهم مُتدينون ويُقدِّمون عبادة شكلية روتينية بحسب أفكارهم. وهذه العبادة مرفوضة ولا يمكن أن الله يرضى عنها. إنهم عبيد للشيطان ويريدون أن يعبدوا الله. فكيف يقدر الإنسان أن يخدم سيدين (متى6: 24)؟! إن مصر ترمز إلى العالم، وهو دائرة سيادة الشيطان. ويجب أن يتحرر الإنسان من هذه السيادة أولاً، ويصبح تحت لواء وسيادة المسيح، حتى يستطيع أن يقدِّم العبادة المقبولة ويخدم الخدمة المرضية.
لهذا قال موسى: «لا يصلح أن نفعل هكذا، لأننا إنما نذبح رجس المصريين للرب إلهنا. إن ذبحنا رجس المصريين أمام عيونهم أفلا يرجموننا؟» (خروج8: 26). إن الصليب، وهو أساس عبادتنا وسجودنا، يتضمن دينونة هذا العالم ورئيس هذا العالم. لهذا فإن العالم يرفض ويبغض فكرة الصليب. فكيف نسجد ونحن في مناخ العالم وتحت سيطرة المبادئ الشيطانية؟
2- قال فرعون: «أنا أطلقكم لتذبحوا للرب إلهكم في البرية، ولكن لا تذهبوا بعيدًا» (خروج8: 28). وهذا الاقتراح الثاني يتضمَّن أن الشيطان مستعد أن يعطينا مساحة من الحرية بشرط أن نظل في متناول يده، ويستطيع أن يجذبنا ويتحكم فينا متى أراد، فلا نستطيع أن نفلت نهائيًا من يده. «لا تذهبوا بعيدًا». هذا يعني عدم التشدد والتمسك بالحق، واعتبار هذا نوعًا من التطرف. إنه يريد منا التساهل وقبول كل الأفكار والمعتقدات، ويحاول تقريب وجهات النظر، والبحث عن نقاط التقابل مع كل التوجهات بغض النظر عن مطابقتها لكلمة الله. كأنه يقول: «لا تذهبوا بعيدًا» بمعاني الكتاب، بل لنأخذ الأمور ببساطة، ونعيش بمبادئ مُختلطة مع الآخرين. إنه يرفض فكرة الانفصال عن العالم، ويرحب بالعروج بين الفرقتين والحلول الوسط. وهذه هي حالة «لاودكية»، «لست باردًا ولا حارًا، هكذا لأنك فاتر» (رؤيا3: 15). وبالأسف، فإن بعض الشباب اليوم يميلون لهذا الفكر، وتحكمهم الصداقات والعلاقات الاجتماعية أكثر كثيرًا من المبادئ الكتابية، ولا يدركون أهمية الانفصال عن العالم وعن الشرور الأدبية والتعليمية.
3- قال فرعون: «مَنْ ومَنْ هم الذين يذهبون؟ فقال موسى: نذهب بفتياننا وشيوخنا. نذهب ببنينا وبناتنا... قال لهما (أي فرعون):... ليس هكذا. اذهبوا أنتم الرجال واعبدوا الرب» (خروج10: 8-11). هذا الاقتراح يعني أن الشيطان يحاول أن يحتفظ بالنساء والأولاد في قبضته، بحجة أنه ما الداعي أن تتعبوا هؤلاء، وهم الفئة الضعيفة، في مسيرة شاقة في البرية؛ يكفي أن يذهب الرجال للعبادة، ولكن ما دور النساء والأطفال في عبادة الرب. إن الشيطان يحاول أن يحتفظ بالجيل الثاني، ويسيطر على النشء الصغير. وهل يصلح أن جزءًا من العائلة يعبد الرب والجزء الآخر يخدم فرعون؟! إن فكر الله الواضح هو «أنت وأهل بيتك». والرب يريد أن يبارك الصغار مع الكبار (مزمور115: 13). وبالأسف فإن الكثير من الشباب اليوم لا يشعر بالانتماء لكنيسة الله ويعتبر أن اجتماعات الكنيسة هي للكبار فقط.


4- أخيرًا قال فرعون: «اذهبوا اعبدوا الرب. غير أن غنمكم وبقركم تبقى. أولادكم أيضًا تذهب معكم» (خروج10: 24). ولو بقيت الأغنام والأبقار في مصر فإنهم سيرجعون حتمًا، لأنه «حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا» (متى6: 21). رفض موسى هذا العرض حيث أنهم سيخرجون لكي يذبحوا منها للرب. لذلك قال لفرعون: «تذهب مواشينا أيضًا معنا. لا يبقى ظلفٌ» (خروج10: 26). فينبغي أن نكون نحن، وكل مَنْ لنا، وما لنا، قُدسًا للرب. والشيطان يكره المؤمن الساجد، بينما هذا ما يطلبه الآب. لهذا فإن الشيطان يحاول تعطيل الساجد عن السجود أو يجعله يذهب بدون ذبيحة. وكم مرة يوجد المؤمن في الاجتماع وليس عنده شيء يقدّمه للرب، فالذهن شارد والقلب بارد واليد فارغة.
كانت هذه هي محاولات فرعون لاستبقاء الشعب تحت سيطرته، ولكن موسى رفض كل الاقتراحات، وكان مُحدَّدًا وصلبًا في مواجهة العدو، وهو ما ينبغي علينا أن نعمله فنرفض كل الحلول الوسط، ونقف في صف الرب بكل أمانة لكي نعبده ونخدمه الخدمة المرضية بخشوع وتقوى.






التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 05-21-2012 في 04:17 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:01 PM   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




لشيطان وتجربة المسيح في البرية

(متى4 ؛ لوقا4)
بعد أن اعتمد يسوع من يوحنا في الأردن، حيث فُتحتْ له السماء، ونزل الروح القدس مثل حمامة مُستقرًا عليه، وصوت الآب أعلن أن «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت»، رجع يسوع من الأردن «مُمتلئًا من الروح القدس»، وأُصعد بالروح إلى البرية ليُجَرَّب من إبليس. وكان هناك أربعين يومًا في أصعب الظروف يواجه المُجرِّب. لم يكن في جنة كآدم بل في البرية. لم يكن مع أحباء أو أصدقاء يجد منهم المعونة والتشجيع بل كان وحيدًا ومع الوحوش. وكان صائمًا وجائعًا طوال الأربعين يومًا. كان كل شيء بحسب المنظور معاكسًا وفي صالح المُجرِّب، ولا يوجد شيء واضح وملموس يؤكد صلاح الله واعتناءه.



التجربة الأولى
لقد سمع الشيطان شهادة الآب قائلاً: «أنت ابني الحبيب بكَ سُررت»، فأتى من هذه الزاوية قائلاً: إن كنتَ ابن الله وموضوع مسرته، فكيف يتركك جائعًا لمدة أربعين يومًا دون أن يُقدِّم لك رغيف خبز واحد؟ أين الاعتناء الأبوي الطبيعي الذي يهتم ويدبِّر الاحتياجات الأساسية للابن الحبيب؟ ثم أليس بمقدورك أن تُصيِّر كل الحجارة التي حولك خبزًا لتأكل، أو على الأقل حجرًا واحدًا رغيفًا واحدًا، فلماذا لا تفعل؟ هل الأكل خطية؟ أليس هذا احتياجًا طبيعيًّا للجسد؟ على أن المسيح، وهو الابن المطيع الذي جاء لا ليفعل مشيئته بل مشيئة الذي أرسله، لم يفعل شيئًا بالاستقلال عن ابيه، وكان طعامه أن يفعل مشيئة الآب ويُتمِّم عمله. وكان هذا أهم بكثير من إشباع احتياجاته المشروعة. لم تكن المسألة ما في مقدوره أن يفعله بل ماذا يريد منه الآب أن يفعل، وكان أروع مثال للخضوع، ولم يتذمر قط في أي يوم بسبب الظروف الصعبة التي أحاطت به. لذلك أجاب على المُجرِّب قائلاً: «مكتوب: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله». بمعنى أنه ليس بإشباع الاحتياجات يحيا الإنسان بل الحياة الحقيقية السعيدة هي فعل إرادة الله وطاعته.
كان إسرائيل في البرية أربعين سنة، وهناك أظهروا كل عناد وتذمرات على الرب، خاصة في موضوع الأكل. لقد كشفت البرية ما في قلوبهم من فساد وعدم إيمان وشهوات رديَّة. أما المسيح فقد كشفت البرية ما في قلبه من نقاء وإيمان واتكال وطاعة وخضوع وكمال بلا حدود. ونحن أيضًا في البرية، أي في الظروف غير المُسِرة ووسط الضغوط، يزداد عندنا الشعور بالاحتياج والرغبة في إرضاء الذات، حتى لو كان ذلك على حساب إرادة الله. ليتنا نتعلَّم من السيد الذي رفض عرض المُجرِّب قائلاً: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، ونعرف المعنى الحقيقي والقيمة للحياة.
التجربة الثانية
أخذه إبليس وأوقفه على جناح الهيكل في المدينة المقدسة، وقال له: «إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل لأنه مكتوب: إنه يوصي ملائكته بك، فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك». قال له يسوع: «مكتوب أيضًا لا تُجرِّب الرب إلهك». كان قصد إبليس أن يشكِّكه في صدق مواعيد الله. وكأنه يقول: طالما أنت تحيا بكل كلمة من فم الله، دعنا نرى شيئًا عمليًّا: هل هذه المواعيد في المكتوب لها مصداقية أم لا؟ إن الشَّك ينتج من عدم الإيمان، وهذا ما ظهر من إسرائيل في البرية، حيث جرَّبوا الرب قائلين: أفي وسطنا الرب أم لا؟ ومرة أرسلوا جواسيس ليتجسسوا الأرض لأنهم لم يثقوا في مواعيد الله. ولكن هل الابن الوحيد الكامل نظير إسرائيل يحتاج أن يمتحن ويراجع مواعيد الله لكي يتأكد من صحتها ومصداقيتها؟ حاشا! لقد كان يثق كل الثقة في الله أبيه نفسه وفي هذه المواعيد، ولذلك قال للمُجرِّب: «مكتوب أيضًا: لا تُجرِّب الرب إلهك».
التجربة الثالثة
أخذه الشيطان إلى جبل عظيم عالٍ وأراه جميع ممالك العالم ومجدها وقال له: «أعطيك كل هذه إن خررتَ وسجدتَ لي». وكأنه يقول: ماذا أعطاك الله؟ لقد تركك جائعًا ولم يُعطِك رغيف خبز واحد لمدة أربعين يومًا؛ فلماذا تحبه وتعبده وتسجد له؟ أنا سأعطيك كل ممالك العالم ومجدها، فأنا رئيس هذا العالم وأعطيه لمن أشاء، فقط تسجد لي. ولكن ما أروع الابن الوحيد! لقد كان يحب أباه رغم كل الحرمان والفقر العميق، يحبه لشخصه وليس لأجل عطاياه. فأجاب: «مكتوب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد».
في التجربة الأولى عرض عليه الخبز وفي الأخيرة جميع ممالك العالم ومجدها، وما بينهما مَرَّ بكل صور التجارب والإغراءات. في الأولى وضعه أمام تجربة شهوة الجسد، وفي الأخيرة أمام شهوة العيون، وفي المنتصف أمام تعظُّم المعيشة والكبرياء، إذ يُظهر نفسه للعالم. وهو نفس الأسلوب الذي اتَّبعه في الجنة مع الإنسان الأول. عرض الشيطان المُلك على المسيح، ولكن المسيح كان أمامه الصليب أولاً واعتبارات مجد الله التي جاء ليردها. وبالطبع فهو لن يأخذ المُلك من الشيطان بل من الآب الذي قال له: «اسألني فأعطيك الأمم ميراثًا لك وأقاصي الأرض مُلكًا لك». ونحن أيضًا «إن كُنا نصبر فسنملك أيضًا معه».
ويمكننا أن نرى عوامل النصرة في تجربة المسيح من إبليس على النحو التالي:
* قبل التجربة، كان يصلي في المعمودية. ونحن حريٌّ بنا أن نسهر ونصلي لئلا ندخل في تجربة. وإذا جاءت التجربة نكون مُحصَّنين بالصلاة ومُؤيَّدين بالقوة.
* رجع من الأردن مُمتلئًا من الروح القدس. ونحن نحتاج إلى قوة وتعضيد الروح القدس الذي يمتلكنا ويحرِّكنا ويسيطر علينا، لضمان النصرة في أي تجربة.
* استخدم المكتوب والأقوال الإلهية المناسبة في المواقف المختلفة، وربما كان يقرأها أو يرددها ويلهج بها في ذات الصباح، وعرف كيف يستخدمها مع المُجرِّب. وكانت جميع الاقتباسات من سفر التثنية ص6-8. فهل نحن نلهج في هذه الكلمة وتعيش بداخلنا ونعرف كيف نستخدمها في المواقف المختلفة؟
ليتنا نتمثل بسيدنا فتتحقق النصرة عمليًّا في حياتنا مهما كانت حِيَل العدو ومكايده!








التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:29 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:01 PM   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




الشيطان عند الصليب

رأينا كيف جاء الشيطان كالحية ليُجرِّب الرب يسوع في البرية أربعين يومًا في بداية خدمته العلنية، وكيف استخدم كل حِيَله ومكايده وخبرته الطويلة مع الإنسان ليجد ثغرة يَنفُذ منها إلى مسيح الله القدوس، ليُحوِّله عن مسار الطاعة الفريد لله أبيه والخضوع لمشيئته. لكن رب المجد لم يوجَد فيه سوى الكمال المُطلَق العجيب. ولقد شهد عنه الشيطان نفسه قائلاً: «أنا أعرفك من أنت: قدوس الله» (مرقس1: 24).
وبعد أن فشلت محاولات الشيطان في الجولة الأولى من الصراع المباشر، فارقه إلى حين. ولم يكفّ عن صراعاته ومقاوماته غير المباشرة، عن طريق أعوانه الأشرار الذين مرارًا جرّبوه وقاوموه، ومرارًا حاولوا أن يقتلوه، لكن ساعته لم تكن قد جاءت. ظل في خدمته يُحرِّر مَنْ كانوا تحت سيطرة إبليس ويطرد الأرواح الشريرة التي كانت تسكن أجسادهم وتحطّمهم. وكان الشيطان هائجًا جدًّا عندما كان المسيح بالجسد على الأرض، إذ «جال يصنع خيرًا ويشفي جميع المُتَسَلِّط عليهم إبليس» (أعمال10: 38). وفي ختام حياته، في حديثه الوداعي الأخير، قال الرب يسوع: «رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء» (يوحنا14: 30)، مشيرًا إلى الهجمة الأخيرة والمعركة الفاصلة عند الصليب، حيث تتحقق النبوَّة القديمة التي نطق بها الرب الإله للحية عن نسل المرأة: «هو يسحق رأسكِ وأنت تسحقين عَقِبه» (تكوين3: 15).
ونحن نعلم أن الشيطان كان قد ألقى في قلب يهوذا سمعان الإسخريوطي أن يُسلّمه (يوحنا13: 2)، وبعد أن غمس الرب اللقمة وأعطاها له في عشاء الفصح، دخله الشيطان فخرج للوقت وكان ليلاً. فمضى ليتشاور مع رؤساء الكهنة لكي يبيعه بثلاثين من الفضة.



وفي بستان جثسيماني كان الرب يسوع يعتصر حزنًا وألمًا، وكان في جهادٍ كثير يصلي بأشد لجاجة، وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض. وبينما كان الأحباء نائمين، كان العدو هائجًا، وكان يُصوِّر أمامه بشاعة الصليب بكل هوله المُريع، وكيف أنه سيجتمع عليه هيرودس وبيلاطس مع الأمم وكل شعب إسرائيل. كيف أنه سيواجه خيانة يهوذا وإنكار بطرس، وكيف سيتركه كل التلاميذ ويهربون ويتخلّون عنه في ساعة الشدة. كيف سيقع فريسة وسط الوحوش، وكيف سيواجه عار الصليب والموت الرهيب. كان الشيطان كالأسد المزمجر على ذلك الحمل الوديع أو تلك الأَيِّلة الرقيقة. لأجل هذا كان المسيح في حزن شديد وانسحاق أكيد يدهش ويكتئب في البستان.
لقد استعرض الشيطان كل قوته وجبروته عند الصليب، واستطاع أن يُهيِّج العالم كله ضد ابن الله. وتحت جُنح الظلام جاء يهوذا ومعه فرقة من الجند والخدام من عند رؤساء الكهنة ليقبضوا على الرب بحماس شيطاني، ومعهم سيوف وعصي، وألقوا عليه الأيادي فأوثقوه ومضوا به للمحاكمة. فقال لهم يسوع: «هذه ساعتكم وسلطان الظلمة».
وقف يسوع يُحاكَم أمام حنّان وقيافا رؤساء الكهنة، ومجمع السنهدريم وشيوخ الشعب، المحاكمة الدينية. وقد واجه كل الظلم والذل، وعومل بقسوة ومَهانة. فكانوا يلطمونه ويلكمونه ويبصقون في وجهه وهو موثوق اليدين. لقد أذوه بالقيود وهو مَنْ على الكل يسود. والشيطان ملأهم حقدًا وعداوة ومرارة حتى الموت.
وفي المحاكمة المدنية أمام بيلاطس وهيرودس، واجه رب المجد الكثير من الإهانة والتطاول، وعومل بأقسى درجات العنف والشراسة والوحشية. فقد أخذ بيلاطس يسوع وجلده، وعلى ظهره «حرث الحُرَّاث، طوَّلوا أتلامهم». وضَفَر العسكر إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه، وضربوه بقصبة على رأسه وبقضيب على خده كان الجميع: كل الشعب، كل المجمع، كل الكتيبة، كل الخدام، كل العسكر، كل الواقفين وكل العابرين، كلهم تحت سيطرة الشيطان الذي أهاجهم وشحنهم بمشاعر الاحتقان والكراهية والغضب العارم في ذلك اليوم العصيب. وقد اجتمعوا معًا بهدف واحد أن يقتلوا ذلك البار الوحيد والمُحِب الأعظم، الوديع والمتواضع القلب، الشخص الذي لم يفعل ذنبًا ولا وُجد في فمه غش. هناك سمروه مُعلقين إياه على خشبة، واستمروا يُجدِّفون عليه ويُعيِّرونه، وكتبوا النهاية: مات بين المذنبين، إذ أُحصي مع أثمة. وحتى بعد أن مات وأسلم الروح طعنوه بحربة في جنبه، فللوقت خرج دم وماء.
لقد كتب بيلاطس عِلَّته ووضعها على الصليب: «يسوع الناصري، ملك اليهود». وكتبها باللغة العبرانية واللاتينية واليونانية، أي بكل لغات العالم وفئاته، وهذا يعني أن العالم كله بزعامة الشيطان قد اشترك في جريمة صلب ابن الله الشنعاء، ويده تلطخت بدم البار القدوس الذي أرسله الله إلى العالم ليَخلُص به العالم.



هذا يُرينا عداوة وشراسة وقوة الشيطان التي ظهرت عند الصليب، والتي انتهت بالمسيح في القبر خلف الحجر المختوم بخاتم بيلاطس والدولة الرومانية. وكأن الكل يقول: هو ها هنا. “والخصم قد ظن بأنه ظفر، إذ دُفن الرب يسوع وخُتم الحجر.” لكن الرب يسوع قام من بين الأموات «ناقضًا أوجاع الموت إذ لم يكن مُمكنًا أن يُمسَك منه».
على أن الشيطان ما كان يدرك أن الصليب سيُحصِّل لله مجدًا أعظم مما خسر بدخول الخطية، وسيُظهِر محبة الله وحكمته وقوته وعدله ورحمته وبره ونعمته، بكيفية لم تحدث من قبل منذ بدء الخليقة. وما كان يدري أن الصليب سيُحقِّق أعظم بركة للإنسان؛ إذ سيُحصِّل له الغفران والتبرير والقبول أمام الله على أساس متين من العدل والبر وليس مجرد الرحمة والشفقة. وما كان يدري أن الصليب سيكتب الدينونة على هذا العالم الفاسد ويكشف حقيقته. وما كان يدري أن الصليب سيُسقِط الحُجة من فمه، ويُجرّده من حقه في الشكوى العادلة ضد الإنسان المذنب أمام الله البار، حيث أن المسيح قد حمل خطاياهم ودفع ديونهم. وما كان يدري أن الأساس لتحقيق مقاصد الله من جهة الإنسان ليُساكِن الله في مجده الأبدي قد وُضع عندما مات المسيح. وما كان يدري أن نسل المرأة سيسحق رأس الحية في الصليب عندما قام من الأموات، وتعيَّن ديانًا للجميع. ولو عرف الشيطان والعالم الشرير كل هذه النتائج والحكمة والقصد الإلهي لَمَا صلبوا رب المجد، ولَمَا تكتَّلوا ضده على هذا النحو.








التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:30 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:02 PM   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




سلاح الله الكامل

رأينا في الأعداد السابقة مَن هو الشيطان، وعرفنا أسماءه وخصائصه وأساليب عمله، ورأينا كيف جَرَّب المسيح في البرية أربعين يومًا كالحيَّة، وكيف جاءه عند الصليب كالأسد. وعرفنا كيف حقَّق المسيح النصرة الساحقة على الشيطان في الصليب بالقيامة من الأموات.
والآن سنتأمل في صراعنا نحن مع الشيطان؛ في حربنا الروحية، وكيف يمكننا أن نثبت ضد مكايده. وقد أخبرنا الكتاب عن «سلاح الله الكامل» الذي به نواجه هذا العدو. ويجب أن نعرف قوة هذا العدو وحِيَله وخداعه ولا نقلل من شأنه، ونعرف أننا بدون الرب لسنا كُفَاة لمواجهته. وعلينا أن نصحو ونسهر لأن إبليس خصمنا كأسد زائر يجول مُلتَمِسًا من يبتلعه، فنقاومه راسخين في الإيمان (1بطرس5: 8).



وفي رسالة أفسس يقول الرسول: «أخيرًا يا إخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته! البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس!» (أفسس6: 10، 11). إن القوة دائمًا هي «في الرب» وليست فقط مِنه، والعدو يحاول أن يفصلنا عن الرب المصدر الوحيد للقوة، فبدونه لا نقدر أن نفعل شيئًا. وقد قال الرب لبولس: «تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تُكمَل» (2كورنثوس12: 9). ثم يُرينا مملكة الشيطان الضخمة والمُنَظَّمة التي تشمل الرؤساء والسلاطين والولاة وأجناد الشر الروحية في السماويات (أفسس6: 12). هذا التنظيم الهائل يقف ضد المؤمنين لإعاقتهم عن التمتع ببركاتهم الروحية ولتحطيم شهادتهم. من أجل هذا علينا أن نحمل سلاح الله الكامل لكي نقدر أن نقاوم في اليوم الشرير (ع13). أي إننا يجب أن نلبس هذا السلاح باستمرار، وأن نحمله في وقت الجهاد. والمقصود بـ«اليوم الشرير» هو كل الفترة الحاضرة وحتى ظهور المسيح بالمجد والقوة للدينونة والمُلك والقضاء على الشيطان وأعوانه. ولكن أيضًا هناك أيام يُشدِّد فيها العدو هجومه ضد المؤمن مثلما حدث مع يوسف في بيت فوطيفار (تكوين39)، ومع إيليا عندما هرب من إيزابل (1ملوك19)، ومع أيوب يوم حَلَّت به النكَبَات (أيوب1، 2)، ومع بطرس يوم أنكر الرب (متى26).
«وبعد أن تتمموا كل شيء أن تثبتوا» (ع13). فعلينا أن نستمر ثابتين وساهرين لأن النصرة في موقعة لا تعني النصرة في كل موقعة، والعدو لن يَكُف عن الهجوم. ويجب أن نعرف أن لحظات الخطر هي لحظات ما بعد الانتصار حيث الميل الطبيعي للاسترخاء. وهناك أمثلة ترينا خطورة النكسة بعد جولة تحقَّق فيها الانتصار مثل: أريحا وعاي (يشوع6، 7)، إيليا (1ملوك18، 19)، داود (2صموئيل10، 11).
ثم نأتي إلى أجزاء «سلاح الله الكامل» الذي يتكون من 7 قطع، ليس فيها ما يحمي الظهر، فليس في فكر الله التراجع والتقهقر. وفقدان أحد الأجزاء سيُعطي الفرصة للعدو للهجوم على هذه النقطة الضعيفة، لذا يجب أن نلبس كل قطع السلاح.
1- منطقة الحق: وهي تشد وسط المحارب وتُشدِّد عزيمته. إنها تُلبَس على الحقوين؛ أي تضبط وتتحكم في العواطف والمشاعر الداخلية طبقًا لكلمة الله وماذا يقول الكتاب. هكذا كان دانيآل الذي جعل في قلبه أن لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه طبقًا للشريعة (لاويين11).
2- درع البر: وهو يحمي القلب الذي منه مخارج الحياة. إنه يعني حياة البر العملي في كافة العلاقات، والاحتفاظ بالضمير الحساس والمُدَرَّب الذي بلا عثرة أمام الله والناس. وهذا ما نراه في يوسف الذي رفض الخطية وقال: «كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله» (تكوين39: 9).
3- حذاء إنجيل السلام: وهو جزء هام للتحرك على أرض المعركة الخشنة. وحياة البر العملي ستجعل الشخص دائمًا في سلام مع نفسه ومع الآخرين، ويواجه الضغوط والصدمات والتجارب بضمير هادئ ومستريح مهما كانت الظروف من حوله. وهذا ما حدث مع الشونمية التي استطاعت أن تقول: «سلام» رغم موت ابنها الوحيد (2ملوك4)، وهو عكس ما حدث مع أرملة صِرفة (1ملوك17).
4- تُرس الإيمان: إنه الثقة في صلاح الله مهما كَثُرت التجارب. وهذا ما نراه في أيوب (أيوب1، 2) الذي أحنى رأسه خاضعًا وقائلاً: «أالخير نقبل من عند الرب والشر لا نقبل؟!»، وذلك عندما حَلَّت به النكَبَات، فلم يخطئ ولم ينسب إلى الله جهالة ولم يشك في صلاحه. فيجب أن نثق أن الله لا يخطئ، وهو بار ورحيم وحكيم في كل ما يفعل، حتى لو لم نفهم الآن ما هو يصنع.
5- خوذة الخلاص: وهي اليقين بالخلاص الذي صنعه الرب بموته على الصليب، وبالضمان الأبدي لنا حيث لا دينونة علينا. هذا يحمي الفكر من الشكوك ويعطي الراحة والسلام من جهة الأبدية، ويجعل الرأس مرفوعًا أمام العدو. وهذا ما نراه في بولس الذي كان عنده اليقين من الخلاص الكامل في كل المراحل، وفي القادر أن يُخَلِّص إلى التمام. وحتى عند استشهاده قال: «وسينقذني الرب من كل عمل رديء ويُخَلِّصني لملكوته السماوي» (2تيموثاوس4).
6- سيف الروح الذي هو كلمة الله: الروح القدس هو الذي يستخدم الكلمة كأقوال الله الحَيَّة والمُناسِبة في المواقف المختلفة. وهذا ما حدث مع الرب يسوع في تجربته من إبليس في البرية حيث كان يرد على العدو بالمكتوب. ونحن يجب أن نعرف المكتوب ويتأصل فينا ونستخدمه في مواجهة العدو في تجاربه معنا.
7- الصلاة: السلاح الكامل لا يجعلنا نستقل عن الله، بل بروح الاتكال الكامل نستعمله، وهذا ما تعنيه الصلاة. فهي الشعور الدائم بضعفنا واحتياجنا إلى الرب وثقتنا المطلقة فيه. والصلاة في الروح تعني أن نصلي تحت سيطرة الروح القدس الذي يُنشئ فينا الطلبات والتضرعات. وعلينا ليس أن نصلي فقط عند الضرورات والتجارب بل في كل وقت ونسهر لهذا عينه بكل مواظبة وطلبة.








التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:32 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 03:25 PM   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
 
افتراضي




إن الإنسان الطبيعي قبل الإيمان لا يمتلك سوى طبيعة واحدة؛ وبالتالي لا يوجد صراع. ولكن عندما تدُبّ فيه الحياة الإلهية بأشواقها المقدسة وخصائصها، في الحال سيبدأ الصراع.

شكرا للموضوع المميز والمبارك والقييييييييييييييييييم

نعمة الرب تكون معكككككككككككككككككككككك






التوقيع

:p:p:p

رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين