رحله مع الالام ....8 الجلجثه جبل الالام... للراهب كاراس المحرقي

رحله مع الالام





للراهب كاراس المحرقي

الجلجثة جبل الآلام

ظل موكب المجرمين يسير فى طريق الصليب.. إلى أن وصل إلى قمة جبل، إنَّها الجلجثة، تلك البقعة القاحلة الجرداء اللعينة التي يحوّل كل عابر وجهه عنها، حيث تخضّبت بدماء القتلى والمجرمين..





على هذا الجبل مات الحياة! قُطعت الشجرة المثمرة الثمر الجيد بين البشر! عليه صار القدوس هزءاً، ولا نستطيع أن نميزه من بين اللصين اللذين صُلب معهما! فظهر المخلص متجلياً بأعظم تاج، فآلام الأشرار ضفرت إكليل المحبة ووضعته على رأسه..




ولكن صبراً فهذه البقعة المليئة بجماجم الموتى، ستتحول إلى الجبل الذى يأتى منه العون، حيث الخلاص الأبديّ، وأورشليم التى أهانت مُخلّصنا ورفضته، ستمجده بعد أيام، فصباح القيامة آتٍٍٍ لكي يمحو بنسيمه سطور الأسى من على جبهته! سيأتي الربيع ليُنقّي الكون من أوحال الشتاء، فأعمال يسوع لن يكفّنها الدهر، أو يدفنها فى صدور الحياة! بعد قليل سنسمع وقع المطر على الأوراق، وترنيم الجداول بين التلال،




وسقوط الثلوج على رؤوس الجبال، ستتراجع أمواج الشر لكى لا تغرق بهياجانها الوجود، فالشجرة النابتة فى الكهف ستثمر، البلبل المسجون فى القفص سيحوك عشاً من ريش حُبه لفراخه، القيثارة التى طُرحت تحت الأقدام سيحرك النسيم بأمواجه ما بقى من أوتارها لتعزف لحن الخلود! ولكن قبل أن يحدث هذا لابد من وقوع كارثة رهيبة، وهى موت المسيح على خشبة العار، فحياة العالم تنبعث فقط من موت البار، أما الخشبة فستنتصب فوق قمة الجلجثة.






أما كلمة جلجثة فمعناها جمجمة " فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ جُلْجُثَةُ " (يو17:19)، وقد قيل إنَّ هذا الموضع دُعي هكذا للآتى:



+ لكثرة ما طُرح فيه من جماجم القتلى.
+ لأنَّ المكان يأخذ شكلاً دائرياً يُشبه الجمجمة.
+ وهناك تقليد يقول: إنَّ نوحاً عندما دخل الفلك أخذ معه جسد أبيه آدم، وعندما خرج منه وزع أعضاء الجسد على أولاده، فكان نصيب سام الذي استقر فى أورشليم رأس آدم فأخذها ودفنها فى هذا المكان، وفي هذا يقول القديس كيرلس الأورشليميّ: " لقد تألّم الرأس فوق موضع الجمجمة لأنَّه رأس كل رياسة ".






يرى بعض المفسرين: إنَّ الجلجثة تقع فى وسط العالم، مستندين فى ذلك إلى قول داود النبيّ: " فَاعِلُ الْخَلاَصِ فِي وَسَطِ الأَرْضِ " (مز74 :12).

ولَعَلَّ هذا هو السبب أننا نُصلي فى قطع الساعة السادسة من صلوات الأجبية ونقول: " صنعت خلاصاً فى وسط الأرض كلها أيها المسيح إلهنا عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب فلهذا كل الأمم تصرخ قائلة المجد لك يارب "


وهذا يعنى: كما أنَّه بواسطة الشجرة التى فى وسط الفردوس دخل الموت إلى العالم، هكذا أيضاً بواسطة الصليب المقدس، الذى صُلب عليه مُخلصنا الصالح فى وسط العالم نلنا الخلاص.




حقاً ما أعظمك أيتها الجلجثة وما أبهاك..


لقد صرت سماء ارتضى الرب أن يسكن فيها.. بئراً سكن فيه دماء المخلص.. منبراً من فوقه أُلقيت أعظم عظة عن المحبة: " يا أبتاه أغفر لهم لأنَّهم لا يعلمون ماذا يفعلون ".

عليك اختبئ النور فى عيني مُخلَّصنا، ولكن ها النور يفيض الآن فى عينى، ويجعلنى أتبصر الحقائق الكُبرى التى أتعبتنى، وأرهقت ذهني.

أنتِ هى سلم يعقوب الذى عليه صعدنا إلى السماء، أنتِ هى الجبل الذى رفع فيه إبراهيم إسحق محرقة، أنتِ هى فردوس النعيم المغروس فيه شجرة الحياة، التى هى صليب مخلصنا..

عليك مات الحياة، ولكن من قلب المائت كانت تطير عصافير مغردة.. بين رمالك أختبأت حبات اللؤلؤ، التى كانت تنساب من عينى مخلصى.




إنها دعوى الآن للعطاشى أن يذهبوا ليستقوا ماء الحياة، والقديسون لينظروا يسوع البار وهو معلق كالحملان على خشبة، يدعو الناس أن يتمثلوا بقداسته وبره، والأشرار ليروا كيف آمن اللص اليمين، والشهداء ليروا يسوع رجل الأوجاع كم احتمل أكثر منهم جميعاً.



أيضاً النساء المشغولات بالحلل والحلى، المشغولات ببهجة الحياة وبريقها، ليذهبن إلى هناك ليشاهدن المرأة الحزينة، الواقفة أمام الصليب، وقوف الشجرة القوية، أمام عواصف الخريف المدمرة .


هؤلاء الراكضون مع تيار الحياة إلى حيث لايدرون، ليتهم يقفون لحظة ويلتفتون إلى الوراء، ليروا المجدلية تغسل بدموعها قطرات الدماء، عند قدمى رجل منتصب بين السماء والأرض!


لنذهب جميعاً لنرى المحبة وهى تعطى نفسه، وتلقى بذارها لكي تنمو فى بستان الحياة..

المصدر: منتدى ام السمائيين و الارضيين - من قسم: قسم الموضوعات الروحيه المختلفه

---

vpgi lu hghghl >>>>8 hg[g[ei [fg hghghl>>> ggvhif ;hvhs hglpvrd

يا أبو بيشو