بشارة الملاك جبرائيل لمريم - منتدى ام السمائيين و الارضيين
الرئيسية التسجيل مكتبي
Image
البحث الأعضاء الرسائل الخاصة


منتدى ام السمائيين والارضيين


   
العودة   منتدى ام السمائيين و الارضيين > والدة الاله > حياه العذراء منذ ولادتها حتى نياحتها
 
 
   
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 07-22-2011, 01:12 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية mena_malak
 

 

 
Lightbulb بشارة الملاك جبرائيل لمريم





بشارة الملاك جبرائيل لمريم


بشارة الملاك جبرائيل لمريم

البشارة بميلاد يسوع

(لوقا 1: 26-38)26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ،27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. 28فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». 29فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ،وَفَكَّرَتْ: مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ التَّحِيَّةُ! 30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هَذَا يَكُونُ عَظِيماً،وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى،وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ،33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» 35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ،وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. 36وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا،وَهَذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِراً،37لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». 38فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.
لم تكن مريم ذات حسب أو نسب وإنما كانت الفتاه اليتيمة التى تعيش بين جنبات الهيكل، ولما جاء ملء الزمان ليظهر الله فى الجسد ويتجسد ابن الإنسان لخلاص البشرية كانت العذراء مريم هى الإناء المختار والهيكل الطاهر والسماء الثانية الجسدانية التى يحل بها الإله وتابوت العهد المقدس اذى يحوي المن النازل من السماء وخبز الحياة؛ وفى تعبير لاهوتي عميق أشار الآباء إلى إختيار الله الآب العذراء لولادة الابن فى ثيؤطوكية الأربعاء حيث يختتم كل قطعة قائلاً: ((تطلع الآب من السماء فلم يجد من يشبهك. أرسل وحيده. أتى وتجسد منك)). الفتاه التى تميزت بالطهر والعفاف فى وسط جيل شرير والقداسة التى رضعت لبنها بين أحضان أبوين بارين قدماها نذيراً للرب وترعرعت بين جدران الهيكل، غذاؤها صلوات وتسابيح وشرابها كلمات الله.
كانت مريم يوم ذاك، مخطوبة ليوسف. فجاءها ملاك وقال: "سلام لك،أيتها الممتلئة نعمة، الربّ معك!." فاضطربت مريم لرؤيتة، وفكرّت ما عسى أن يكون ذاك السلام. فقال لها الملاك: " لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت تحبلين، وتلدين ابنا، وتسمّينه يسوع. هذا يكون عظيما، وابن العليّ يدعى. ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية ". فأجابت مريم قائلة: " كيف يكون هذا، وأنا لست أعرف رجلاً؟ ". فقال الملاك: " الروح القدس يحل عليك، وقوة العليّ تظلّلك! فلذلك أيضاً القدّوس المولود منك يدعى ابن الله " (لوقا 1: 29 - 35)
فقد كانت مريم مخطوبة ليوسف. ومعلوم أن معنى الخطبة، عند العبرانيين، كان قريباً جدّ اً من مفهوم الزواج. وكان للخطبة جميع امتيازات الزواج، ماعدا المساكنة. ومن ثمّ، كانت الخطيبة تخضع لناموس خطيبها سنة قبل الزواج، إذا كانت بكراً، وشهراً، إذا كانت أرملة. وكان، إذا ولد طفل في فترة الخطبة، يحسب ولداَ شرعياً. لقد كانت الأمانة " الزوجية " إذن فريضة صارمة من فرائض الخطبة، والخطيبة الحانثة بعهودها تعتبر زانية، وأهلاً، إذا وشى بها خطيبها، للعقاب المقرّر في سفر " التثنية " (22: 23): أي الموت
كل هذه الأسئلة كانت ستتوارد لفكر أي فتاة أخرى في موقف العذراء مريم، وقد يمكن أن لا تقبل هذا الأمر، لكن ما حدث مع العذراء القديسة مريم هو أنه في كل خضوع وتسليم لمشيئه الله، وقناعة باختياره، قبلَت هذا الأمر، وحين سألت الملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟. " (لوقا 1: 34)؛ لم يكن ليس تساؤل الخائف أو غير المؤمن، بل كان تساؤل من يريد أن يعرف، فكيف لعذراء نذرت نفسها للهيكل أن توجد حُبلى، وتلد ابناً، دون أن يَمسسها رجل، أو أن تعرف رجلاً؟.
وقد أجاب الملاك جبرائيل مُعطياً تفسيراً للعذراء، قائلاً "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظلّلُكِ فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لوقا 1: 35).
وكشف ملاك الرب ليوسف خطيبها أمر الحبل المقدس حين جاءه في حُلمٍ قائلاً "يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، لأن الذي حُبِل به فيها هو من الروح القدس فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم، وهذا كله لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعُّون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا" (متى 1: 20 – 23). كان خضوع العذراء وتجاوبها مع دعوة الله لها، هو الطريق الذي هيأ به الله جسداً له ليدخل منه إلى العالم (عبرانيين 10: 5).
وكما بدأ الملاك كلامه مع العذراء بالتحية، إبعاد الخوف عنها بقوله "لا تخافي. "، أنهى معها حديثه بخبرٍ مشجع، عن قريبتها أليصابات، حين أخبرها قائلاً "وهوذا أليصابات نسيبتك هي أيضاً حُبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله" (لوقا 1: 36 – 38).
كان قَبُول العذراء مريم لرسالة الملاك، ما يجعلها في تَميّز واضح عن سارة، المرأة المتزوجة، العاقر، حين سمعت رسالة الله بولادة ابن لها في شيخوختها، ضحكت، لأنها أعتبرت أن الوقت فات لحدوث مثل هذا الأمر (تكوين 18: 9-15)، وزكريا الكاهن حين ظَهر له ملاك الرب، خاف واضطرب، حتى بعدما بشَّره الملاك بأن الله قد سَمِع لطلبته وسوف يُعطى ابناً، لم يُصدِق، فكيف وهو شيخ، وامرأته متقدمة في الأيام أن يكون له ولدٍ؟. (لوقا 1: 12-18).
أما العذراء مريم فحين سمعت البشرى السارة، لم تَخف، ولم تضطرب، ولم تشك، بل قالت في كل خضوع وإيمان " هوذا أنا أمة الرب، ليكن لي كقولك" لقد قبلت رسالة الله لها حتى وهي في ظروف بشرية مستحيلة.

السلام لك (أو إفرحي) يا ممتلئة نعمة الرب معك

لنقارن بين هذين النصين: بشارة صفنيا النبي لابنة صهيون كتعبير رمزي لشعب العهد القديم وبشارة الملاك جبرائيل لمريم العذراء.
صفنيا 3: 14- 17
14 هلّلي يا بنت صهيون إهتف يا إسرائيل
إفرحي وتهلّلي بكلّ قلبكيا بنت أورشليم
15 فقد ألغى الربّ الحكم عليك وأبعد عدوّك
في وسطك ملك إسرائيل الرب فلا ترينَ شرًّا من بعد
16 في ذلك اليوم يقال لأورشليم:
لا تخافي ولصهيون: لا تسترخي يداك
17 في وسطك الربّ إلهك الجبّار الذي يخلّص
(= يوشيع)ويسرّ بك فرحًا ويجدّدك بمحبّته
كما في أيّام العيد
لوقا 1: 28- 33
28 السلام لك (باليونانية "إفرحي")
يا ممتلئة نعمة الرب معك
30 لا تخافي يا مريم
فلقد نلت حظوة عند الله
31 وها أنت تحبلين في أحشائك
وتلدين ابنًاوتسمّينه يسوع
(أي "الله يخلّص")


كثيرًا ما يصوّر الأنبياء شعب العهد القديم في شخص امرأة اختارها الله وأحبّها وأراد أن يجعل منها عروسًا له. هذا الرمز نجده أيضاً في تعبير "ابنة صهيون" التي تعني الشعب كلّه، كما في المقاطع التالية المرتبطة بالنص الإنجيلي:
"قولوا لابنة صهيون: هوذا خلاصك آت" (أش 62: 11).
"إهتفي وافرحي يا ابنة صهيون، فهاءَنذا آتي وأسكن في وسطك، يقول الرب" (زك 2: 14).
"إبتهجي جدًّا يا ابنة صهيون، واهتفي يا ابنة أورشليم، هوذا ملكك يأتيك بارًّا مخلّصاً وضيعًا راكبًا على حمار وعلى جحش ابن أتان" (زك 9: 9).
وتصوَّر ابنة صهيون تارة كعذراء وتارة كأُمّ تلد في الأوجاع:
"داس السيّد المعصرة على العذراء ابنة يهوذا" (مرا 1: 15).
"ماذا أساوي بك فأعزّيك، أيّتها العذراء بنت صهيون؟ لأنّ تحطّمك عظيم كالبحر. فمن ذا يشفيك؟" (مرا 2: 13).
"لقد صنعت عذراء إسرائيل أمرًا يُقشعَرُّ منه جدًّا" (إر 18: 13).
"قد سمعت صوتًا كصوت الماخض، وصوتًا مثل شدّة التي تلد بكرها، صوت بنت صهيون تنتحب وتبسط كفّيها" (إر 4: 31).
"تمخَّضي وادفعي يا بنت صهيون كالتي تلد. فإنّك الآن تخرجين من المدينة، وتسكنين في الحقول وتسيرين إلى بابل. هناك تُنقَذين، وهناك يفتديك الربّ من أيدي أعدائك" (مي 4: 10).
إبنة صهيون تصوّر كعذراء للدلالة على أنّ الله اختارها عروساً له:
"فكما أنّ شابًا يتزوّج بكرًا كذلك بنوك يتزوّجونك. وكسرور العريس بالعروس يسرّ بك إلهك" (أش 62: 5. راجع 61: 10).
وتصوّر ابنة صهيون أيضاً كأمّ تلد في الأوجاع، وهذه الأوجاع هي محن اجتياح أورشليم وسبي سكّانها إلىّ بابل حيث سيخلّصها الرب.
إنّ آلام المخاض التي تعانيها ابنة صهيون تحمل معها رجاء ماسيويًّا. فالربّ سينقذها يومًا بمجيء المسيح الذي سيمنح شعبه الخلاص النهائي.
تنظي صورة ابنة صهيون إذاً على بعدين: بعد صوفي إذا تعبّر عن اتّحاد بنت صهيون العذراء بالربّ عريسها، وبعد اسختولوجي لأنّها تشير إلى أنّ تلك العذراء ستلد بالأوجاع الرجاء الماسيويّ، ومنها سيخرج المسيح الذي سيخلّص شعبه.
تحيّة الملاك جبرائيل للعذراء مريم: "إفرحي يا ممتلئة نعمة الرب معك"، يجب وضعها في إطارها الصحيح حيث تجد ملء معناها. وهذا الإطار هو ترقّب ابنة صهيون مجيء المسيح المخلّص. وهذا هو مدعاة الفرح العظيم الذي يدعو إليه الأنبياء: "هلّلي... إفرحي وتهلّلي بكلّ قلبك" (باليونانية:).
وقول الملاك هذا ليس مجرّد تحيّة اعتياديّة، كل لأيّ شخص: "السلام عليك"، بل هو دعوة إلى الفرح الماسيويّ الناتج من مجيء المسيح المخلّص: "الربّ معك... ها أنت تحبلين وتلدين ابنًا وتسمّينه يسوع... ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد". فالعذراء أمّ المسيح هي صورة شعب العهد القديم المشار إليه بتعبير "ابنة صهيون"، الذي كان ينتظر في أوجاع تاريخه ميلاد رجائه بفرح وتهليل، والخلاص الذي وعده به الربّ الإله.
مدعاة الفرح في العهد القديم هي حضور الله في وسط شعبه "ليُلغيَ الحكمَ عليه ويبعد عدوَّه" ويكوّن في وسطه "الربّ الذي يخلّص". وقد تحقّق هذا في العهد الجديد بحضور الله في شخص ابنه يسوع المسيح في أحشاء مريم العذراء التي اختارها الله وجعلها "ممتلئة نعمة". فلا حكم من بعد. بل ملء النعمة أي ملء حضور الله. والله، بحضوره في وسط شعبه، سيجدّده بمحبّته.
ولقد "نالت مريم حظوة عند الله" بأنّ هذا الخلاص سيتمّ بواسطتها؛ فهي التي ستحبل بقدرة الروح القدس وتلد المسيح المخلّص.
التعبير الذي يستعمله لوقا للدلالة على الحبل يتضمّن حشوًا مستغربًا إذ يقول: "ستحبلين في أحشائك وتلدين...". فتعاقب الفعلين تحبلين وتلدين هو أمر معهود في العهد القديم، ولكن لماذا أضاف لوقا عبارة "في أحشائك" التي تبدو تكرارًا وحشوًا؟
هذا الحشو هو دلالة على أنّ نصّ لوقا مستقى من نبوءة صفنيا التي تحقّقت في الحبل بيسوع في أحشاء مريم العذراء. فصفنيا يؤكّد مرّتين حضور الله في وسط شعبه (3: 15، 17). فاللفظة العبرية التي يستعملها "بقربيخ" تعني في أحشائك. ويعني بها "في وسطك"، والوسط هنا ليس وسط الشعب، بل وسط الهيكل، كما يقول في موضع آخر: "الربّ بارّ في وسطها لا يرتكب ظلمًا، وصباحًا فصباحًا يُصدر حكمَه وعند طلوع النور لا يقصِّر" (صف 3: 5).
في هذه الآيات إشارة إلى سكنى الله في وسط الهيكل حيث يتجلّى برُّ الله وتعلَن شريعته. وهذا المعنى نجده عند غير نبيّ:
"فتعلمون أنّي أنا في وسط إسرائيل، وأنّي أنا الربّ إلهكم" (يوء 2: 27).
"إهتفي وافرحي يا ابنة صهيون، فهاءنذا آتي وأسكن في وسطك، يقول الرب... ليسكتْ كل بشر أمام وجه الرب، فإنّه قد استيقظ من مسكن قدسه" (زك 2: 14، 17).
سنة 587 ق م احتلّ البابليون أورشليم ودمّروا الهيكل وسبوا السكّان إلى بابل. ثمّ سنة 538 أذن قورش ليهود بالعودة من بابل إلى أورشليم. وسنة 520 بدأوا بإعادة بناء الهيكل. في هذا الإطار يتنبّأ زكريّا أنّ الله سيَخرج من جديد من مسكن قدسه السماوي ليسكن في وسط شعبه أي في الهيكل، في تابوت العهد الذي يحوي وصايا الله العشر. وسكنى الله في تابوت العهد هو منذ القديم ضمانة لشعب الله، كما في قول الله لموسى: "لا ترتعد أمامهم (أي أمام الشعوب الكثيرة)، لأنّ الربّ إلهك في وسطك إله عظيم رهيب" (تثنية 7: 21).
هذه العبارة تشير عند الأنبياء إلى إعادة بناء الهيكل وفي الوقت عينه إلى مجيء الربّ لدى تحقيق الرجاء الماسيويّ، كما نرى ذلك في نصّ صفنيا والنصّ التالي لأشعيا: "إهتفي وابتهجي يا ساكنة صهيون، فإنّ قدّوس إسرائيل في وسطك عظيم" (أش 12: 6).
فإذا كان لوقا قد استعمل العبارة "في أحشائك" التي تعني "في وسطك" وتشير في العهد القديم إلى سكنى الله في الهيكل في تابوت العهد، فليس ذلك لمجرّد التكرار والحشو، بل لتأكيد العلاقة بين تحيّة الملاك والنبوءات الماسيويّة التي تنبّأت عن إعادة بناء الهيكل ومجيء الله ليسكن في وسط شعبه. فمريم العذراء ستحمل في أحشائها المسيح المنتظر الذي سيكون المخلّص. فكما كان الله في وسط شعبه "الجبّار الذي يخلّص"، ستكون مريم هيكل الله، تابوت العهد الجديد ومقام سكنى الله.
مريم العذراء هي "ابنة صهيون"، "أورشليم الجديدة"، مسكن الله المقدّس. إنّها تمثّل "البقيّة" الأمينة من شعب إسرائيل، أولئك الصدّيقين الذين كانوا ينتظرون في الفقر الروحي والضعة والبرّ والقداسة فرح مجيء الربّ المخلّص في شخص المسيح.
مريم العذراء هي تابوت العهد الجديد. بعد خراب أورشليم الأوّل سنة 596 ق م اختفى تابوت العهد. وعندما أُعيد بناء الهيكل سنة 520، تُرك "المكان المقدّس" فارغًا، وكان هذا الفراغ علامة رجاء وانتظار لمجيء الله من جديد في الأزمنة الأخيرة. وإذا بجبرائيل ملاك الأزمنة الأخيرة، يعلن تحقيق وعود الله: لقد كوّن الله مريم العذراء "ممتلئة نعمة" وجعلها تابوت العهد الجديد المقدّس، ليسكن فيها، بدل وصاياه العشر وأحكامه المتعدّدة، كلمتُه وابنُه الوحيد يسوع المسيح المخلّص.

يسوع ابن مريم يدعى ابن الله

الحبل بيسوع بقدرة الروح القدس يفسّر لماذا يدعى يسوع "ابن الله"، ويشير إلى تحقيق نبوءة ناتان النبيّ بمجيء ملك من نسل داود يدعى "ابن العلي".
لنقارن بين النصّين التاليين:
2 صموئيل 7: 11- 16
11 لقد أخبركَ الربّ أنّه سيقيم لك بيتًا،
12 وإذا تمّت أيّامك واضطجعتَ مع آبائك،
أقيمُ من يخلفك من نسلك
الذي يخرج من صلبك،
13 وأثبّت عرش ملكه إلى الأبد.
14 أنا أكون له أبًا، وهو يكون لي ابنًا،
16 بل يكون بيتك وملككثابتين إلى الأبد
أمام وجهك، وعرشك يكون راسخًا إلى الأبد.
لوقا 1: 31- 33
31 ها أنتِ تحبلين وتلدين ابنًا
وتسمّينه يسوع.
32 إنّه يكون عظيمًا،
وسيعطيه الربّ الإله عرشداود أبيه،
وابن العليّ يُدعى،
33 ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد،
ولن يكون لملكه انقضاء.


نبوءة ناتان هذه هي جواب الربّ على رغبة داود الملك في أن يبني هيكلاً للربّ: "قال الملك. لناتان النبيّ: "أنظر إنّي ساكن في بيت من أرز. وتابوت الربّ ساكن في داخل الخيمة" (2 صم 7: 2). فكان جواب الرب أنّ داود لن يصنع بيتًا (أي هيكلاً) للربّ، بل الربّ هو الذي سيصنع بيتًا (أي سلالة) لداود. فالوعد يتناول في جوهره استمرار نسل داود على عرش إسرائيل. ويرى لوقا أنّ هذا الوعد قد تحقّق في شخص يسوع المسيح ولكن على نحو روحي. فالمسيح سيملك، ولكنّ ملكوته سيكون ملكوتًا روحيًّا. لن يعيد مملكة داود، بل سينشئ ملكوت الله على الأرض، ولن يكون لهذا الملكوت انقضاء.
أمّا قول ناتان: "أنا أكون له أبًا، وهو يكون لي ابنًا"، فيرى لوقا تحقيقه في قول الملاك: "وابن العليّ يُدعى". ثمّ يفسّر لماذا سيدعى يسوع "ابن الله" في الآيات 34- 36: "فقالت مريم للملاك: كيف يكون ذلك وأنا لا أعرف رجل؟ فأجاب الملاك وقال لها: الروح القدس يحلّ عليك، وقدرة العليّ تظلّلك. ومن أجل ذلك فالذي يُولَد منك يُدعى قدّوسًا "وابن الله". فيسوع يدعى ابن الله، إلى جانب كونه ابن داود، لأن ليس له أب من بين البشر، بل تكوّن في أحشاء مريم العذراء من الروح القدس، أي بقدرة الله الخالق القدّوس، "إذ ليس من أمر يستحيل على الله" (لو 1: 27).
إنّ فعل "عرف" يشير في سياق الكلام هنا إلى العلاقات الزوجيّة (راجع تك 4: 1: "وعرف آدم حوّاء امرأته فحملت وولدت قايين"). فمريم لا تزال عذراء، وهي فقط مخطوبة ليوسف (لو 1: 27). لا شكّ أنّ الخطبة في التقليد اليهودي هي بمثابة زواج شرعي، لكنّ المساكنة لا تتمّ إلاّ بعد أن تُزَفّ العروس إلى بيت عريسها. وهذا ما يشير إليه متّى، كما سنرى ذلك (متّى 1: 18- 20).
فمريم لا تزال إذن عذراء. والملاك ينبئها بأنّها ستكون أمًّا. ولقد أدركت أنّها ستكون أمًّا على الفور كما حصل لأمّ شمشون حين بشّرها الملاك بأنّها ستحبل وتلد ابنًا (قض 13: 3- 5). فسألته عن كيفيّة ذلك، إذ ليست لها أيّ علاقة زوجيّة مع يوسف، فكان سؤالها هذا مدخلاً إلى وحي الملاك.
إنّ لقب "ابن الله" هو، في نظر لوقا كما في نظر العهد القديم، تسمية للمسيح (لو 4: 34، 41؛ أع 9: 20، 22). لكنّ لوقا يجعل منه أيضاً التعبير الأمثل للصلة السرّية التي تربط يسوع بالله. فإنّه لا يضع هذا اللقب في إنجيله على لسان البشر (كما يفعل متّى 14: 33 ومر 15: 39)، بل على لسان الآب (3: 22؛ 9: 35) وأحد الملائكة (هنا) والأرواح الشيطانيّة (4: 3) ويسوع نفسه (10: 22؛ 22: 70). وفي خاتمة بشارة الملاك جبرائيل، يضيف لقب "ابن الله" إلى لقب "ابن العليّ" الوارد ذكره في الآية 32، مبيّنًا ما في بنوّة يسوع الإلهية من عمق وجدّة.

قدرة العلي تظلّل العذراء
مريم العذراء هي مسكن الله، ففيها سكن كلمة الله. لذلك يستخدم لوقا للتعبير عن تلك السكنى الألفاظ عينها التي استخدمها العهد القديم لحضور الله في تابوت العهد وخيمة الموعد التي كان يوضع فيها. لنقارن بين النصّين التاليين:
خروج 40: 34- 35
34 ثمّ غطّى الغمام خيمة الموعد،
وملأ مجد الربّ المسكن،
35 فلم يستطع موسى أن يدخل خيمة
الموعد،لأنّ الغمام كان حالاًّ عليه،
ومجد الربّ قد ملأ المسكن.
لوقا 1: 35
الروح القدس يحلّ عليك،
وقدرة العليّ تظلّلك،
ومن أجل ذلك فالذي يولد منك
يدعى قدّوسًا وابن الله.


بين النصين صلة واضحة أرادها لوقا لإظهار تتابع العهدين والتأكيد أنّ مريم العذراء هي مسكن الله، وأنّ الله يتجلّى فيها كما كان يتجلّى في خيمة الموعد وتابوت العهد. يتضمّن هذا التجلّي عنصرين: الغمام المنير الذي يظلّل خيمة الموعد ويبقى على نحو ما فوقها وخارجها، ومجد الربّ الذي يملأ المسكن. فالغمام الذي هو في العهد القديم رمز لحضور الله يصير هنا شخصيًّا ويدعى "الروح القدس" أو "قدرة العليّ". فالروح القدس، قدرة العليّ، يحلّ على مريم العذراء ليظلّلها كما كان الغمام يظلّل خيمة الموعد. ونتيجة حضور الله على مريم العذراء هي تجسّد كلمة الله وابن الله في أحشائها: "ومن أجل ذلك فالمولودُ منها سيُدعى قدّوسًا وابنَ الله". فكما كان مجد الله يملأ المسكن الذي كان يظلّله الغمام، هكذا سيسكن القدّوس ابن الله في أحشاء مريم العذراء بعد أن تظلّلها قدرة العليّ.
يسوع المسيح هو مجد الله على الأرض. هذا ما سيظهر أيضاً من خلال رواية تجلّي يسوع على جبل ثابور (لو 9: 28- 36). فبطرس ويوحنّا ويعقوب شاهدوا مجد المسيح الذي تجلّى على جبل ثابور كما تجلّى مجد الله على جبل سيناء: "وصعد موسى الجبل فغطّى الغمام الجبل. وحلّ مجد الربّ على جبل سيناء، وغطّاه الغمام ستّة أيّام. وفي اليوم السابع دعا الربّ موسى من وسط الغمام" (خر 24: 15- 16). إنّ مجد الله حاضر على الأرض في شخص يسوع ابن الله. لذلك في التجلّي "انطلق صوت من الغمامة يقول: هذا هو ابني الحبيب، فاسمعوا له" (لو 9: 35).
في المعنى عينه يقول إنجيل يوحنّا: "والكلمة صار جسدًا وسكن في ما بيننا. وقد شاهدنا مجده، مجدًا من الآب لابنه الوحيد، الممتلئ نعمة وحقًّا" (يو 1: 14). الجسد الذي اتّخذه ابن الله هو خيمة الموعد الجديدة حيث يسكن المجد الذي هو ملء النعمة والحق في ما بيننا. الله حاضر بين البشر في جسد ابنة الذي فيه يشّع مجده.
الغمام الذي يظلّل المسيح في التجلّي، وقدرة العليّ التي تظلّل مريم العذراء في البشارة، إشارة إلى سموّ الله الذي يتجلّى وفي الوقت عينه يبقى متساميًا عن مكان تجلّيه. فالغمام هو رمز الآب الذي يُسمعَ صوتُه آتيًا من السماء. الآب متسامٍ وفوق المسكن. والابن هو حضور الآب، هو تجلّي مجده داخل المسكن. كذلك مريم العذراء تظلّلها من الخارج قدرة العليّ، وتحمل في داخلها مجد الله، يسوع المسيح ابن الله المتجسّد.
على ضوء هذه المقارنة، تبدو مريم العذراء، في لحظة حبلها بالمسيح، مسكن الله الجديد وقدس الأقداس وخيمة الموعد يظلّلها الغمام المنير، الروح القدس، قدرة العليّ، ويحلّ فيها مجد الله، الابن الحبيب والوحيد، الممتلئ نعمة وحقًّا، الكلمة الذي صار جسدًا وأقام سكناه في ما بيننا، الإله الحاضر في ما بين خلائقه.
نشير أخيرًا إلى لقب "القدّوس" الذي نجده إلى جانب لقب ابن الله. وهو يشير إلى الانتماء إلى الله وحده. وهو من أقدم التعابير عن ألوهيّة المسيح
(أع 3: 14: "لقد أنكرتم القدّوس الصدّيق". راجع أيضاً: أع 4: 27، 30، لو 4: 34).

مريم العذراء هي مسكن الله بين البشر، عليها حلّت قدرة الله ومنها وُلد المسيح القدّوس ابن الله.

بشارة الملاك جبرائيل لمريم
بشارة الملاك جبرائيل لمريم
بشارة الملاك جبرائيل لمريم






fahvm hglgh; [fvhzdg glvdl







التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 02-21-2013 في 12:57 PM.
رد مع اقتباس
 



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين