منتدى ام السمائيين و الارضيين - عرض مشاركة واحدة - كتاب / لا تطرح ثقتك ... للأب دانيال
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2012, 05:13 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك

5 إنشغل بالوعود

هل أصغيت لصوت من الرب؟ هل سمعته يتحدث إليك بوعد ثمين يناسب احتياجك الراهن؟

هذه هي الخطوة الأولى لكي تؤمن بوعد من وعود الكلمة.. أن تصغي..

إنها خطوة هامة، لكنها لا تكفي بمفردها..

يروى لنا سفر التكوين قصة سارة.. لقد سمعت الرب وهو يعطي الوعد بأنها ستنجب ابنا على الرغم من شيخوختها وعجز جسدها.. فهل آمنت سارة بهذا الوعد لمجرد أنها سمعته؟

كلا، بل ضحكت تعبيراً عن استخفافها بما سمعت..

لم تؤمن سارة لمجرد أنها سمعت الوعد..

هذا ما رواه لنا سفر التكوين من العهد القديم أما العهد الجديد فيذكر عنها شيئاً مختلفاً..

"بالإيمان سارة نفسها أيضاً أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد السن ولدت إذ حسبت الذي وعد صادقاً" (عب11:11)

لم يسجل الوحي هنا عدم إيمانها.. ففي العهد الجديد نحن نتمتع بغفران الخطايا ونعرف الرب الذي يمحو الذنوب.. لا يسجل لنا في السماء مواقف الهزيمة بل النصرة..

لم تذكر رسالة العبرانيين عن سارة عدم إيمانها بل وضعتها جنباً إلى جنب مع رجال الإيمان الجبابرة هابيل ونوح وإبراهيم ويوسف وموسى..

لقد سمعت سارة الوعد، ولم تؤمن.. لكن القصة لم تنته عند هذا الحد.. لقد وبخها الرب، فقاومت الشك ولم تستسلم له.. سريعاً تغير حالها وامتلكت الإيمان إذ "حسبت الذي وَعَدَ صادقاً" (عب11:11)..

أيها الحبيب قد لا تمتلك أنت أيضاً الإيمان في التو عند سماعك الوعد.. قد تحسبه أمراً مُستحيلاً أو ضرباً من الخيال، وقد تمر عليك ليالي تُحارب فيها بالقلق والشك وعدم القدرة على النوم..

قد تبدو لك الأبواب مغلقة ولا أمل في النجاة..

لا .. لا تستسلم..

ليس هذا مطلقاً قصد الله، أن نشك أو نخاف.. ضع في قلبك ألا تستسلم للشك أو الخوف..

ألا تشجعك سارة جداً؟!

تأمل كلمات الوحي عنها "بالإيمان سارة نفسها".. لاحظ كلمة نفسها، الروح القدس يريد أن يقول لنا شيئاً هاماً من خلال هذه الكلمة.. لقد وردت هذه الآية في إحدى الترجمات الدقيقة كالآتي “even Sarah herself” أي "حتى سارة نفسها"(19)..

الروح يريد أن يجذب انتباهك إلى معجزات النعمة الغنية.. فسارة التي لم تصدق الله في البداية، والتي عبرت عن عدم صدقها بالضحك، وأضافت لنفسها خطية الكذب إذ كذبت على الرب قائلة إنها لم تضحك.. هي نفسها التي صار لها الإيمان المقتدر.. إيمان حول جسدها العاجز وجعله قادراً على الإنجاب، ومن أنجبت؟.. إسحق الذي من نسله وُلِدَ الرب بالجسد..

ألا تشجعك سارة جداً بهذا التحول الضخم من الشك والفشل إلى الإيمان والنجاح.. ومن الضحك استخفافاً بالوعد إلى الضحك بالعيان؟!

لقد أسمت أبنها، ثمرة إيمانها، إسحق ومعناه "ضحك"(20) ليظل معبراً عن الاستخفاف بالمستحيلات..

هل تشعر بالعجز وعدم القدرة على التمسك بوعود الرب؟.. تذكر سارة، بكل تأكيد الرب يريد أن يعمل معك كما عمل معها.. الرب يريد يأتي بك مثلما أتى بها إلى وقت تضحك فيه أنت أيضاً على المستحيلات!!

نعم بإمكانك أن تُحول الليالي المزعجة، ليالي الخوف والشك إلى أوقات للمجد، تُشرق فيها شمس البر بأشعتها الشافية من القلق والإرتباك (ملا4: 2)..

لنستمع مرة أخرى إلى كلمات الرب:

"يا ابني

اصغ إلى كلامي.

أمل أُذنك إلى أقوالي.

لا تبرح عن عينيك.

احفظها في وسط قلبك"

(أم4: 20 -22)

كلمات الرب هذه تُحدثك عن الإنشغال بالكلمة.. الإنشغال الذي ينتصر على الخوف والشك..

في الفصل السابق تكلمنا عن الأذن.. عن الإصغاء.. وفي هذا الفصل نتحدث عن الخطوة الثانية، الإنشغال بالكلمة..

في ليالي القلق والحيرة والخوف، عندما لا تجد إيماناً في قلبك.. انشغل.. انشغل بوعد أو أكثر عن وعود الرب يناسب احتياجك.. انشغل به.. حتماً ستنتهي الأفكار المُحبطة، وحتماً سيأتي السلام إلى قلبك.. وسيأتي معه الإيمان..

كيف يكون الإنشغال؟

إنه انشغال عن طريق العين، الرب يقول: "لا تبرج [أقوالي] عن عينيك"..

هل أعطاك الرب وعداً يناسب احتياجك الحالي؟.. انشغل به بعينيك.. لا تنس حديث الرب الهام عن العين..

"إن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً [ممتلئاً بالنور Full of light (KJV)] (مت6: 22)

هل تريد أن تمتلئ بنور الرب، بالسلام والطمأنينة والإيمان؟

هل تريد أن يغمرك نوره فيبدد من داخلك الخوف والشك؟

لتكن لك العين البسيطة التي تنشغل بالرب وبوعوده.. وكلمة "بسيطة" تعني في الأصل اليوناني(21):

أن العين سليمة (healthy)

أن لها رؤية واضحة (clear)

وأنها غير مُشتته، تتميز بثبات الإتجاه (single)

● لتكن عينك بسيطة وسليمة ترى الوعد كما هو مكتوب في الكتاب المقدس، نقياً من التفسيرات العقلانية التي تحاول أن تستبعد المعجزات من طرق الله في إتمام الوعود..

تذكر أن الله يُحقق وعوده، أحياناً بطرق طبيعية عادية ومرات بطرق إعجازية خارقة.. لتكن عينك بسيطة تُصدق الله في كل ما يقوله، وتُصدق أيضاً حدوث المعجزات..

● لتكن لعينك الرؤية الواضحة ترى الوعود بوضوح وصفاء ولا تسمح لآراء البشر أو تجارب الماضي أن تُعكر الرؤية..

● ولتكن لعينك النظرة الثابتة غير المتشتتة إبليس يريدنا أن نركز النظر على ما يُخيفنا ويُضعف معنوياتنا، أما الرب فيُريد لعيوننا أن تُركز النظر فيه، وفي وعوده..

لننشغل بالرب

ولننشغل بالوعود

لننشغل بعين بسيطة سليمة ترى بوضوح وبلا تشتيت..

لننشغل بالرب

يحثنا الروح القدس في الرسالة إلى العبرانين قائلاً:

"ناظرين إلى رئيس [مصدر author (KJV)] الإيمان ومُكمله يسوع" (عب12: 2)

إن كلمة ناظرين هي ترجمة لكلمة يوناينة مشتقه من فعل يُطلق على الشخص الذي يُحول عينية عن النظر إلى أشياء عديدة لكي يثبتها في شئ واحد(22)..

الروح القدس يحثنا كي تكون لنا العين ذات النظرة الثابتة في الرب يسوع..

الروح يحثنا أن نُحول أنظارنا عن المناظر المُفزعة والتقارير المزعجة.. أن نحول النظر عن كل ما يُخيفنا أو يُقلقنا، لنركز النظر في الرب يسوع الذي يُحبنا ويضمن سلامنا وسلامتنا..

هل نحن غير قادرين أن نتمسك بوعد من الكتاب المقُدس؟ هل نشعر بالهزيمة؟ هل ينتصر الخوف علينا؟ .. فلنهرب سريعاً إلى الرب.. لننظر إليه.. إنه كما قال الكتاب "يرثي لضعفاتنا" (عب4: 15)..

إنه يتفهم ضعفاتنا ويتحنن علينا ويشاركنا مشاعرنا.. فهذا هو معنى كلمة يرثي في أصلها اليوناني(23)..

حينما يهاجمك الخوف، اُنظر الرب..

احصر نظرك في الرب وفي وعوده..

الرب هو مصدر الإيمان، سيُحول انشغالك بالوعد إلى إيمان به..

والرب هو أيضاً مكمل الإيمان.. سيُزيد إيمانك، بل سيقفز به وسيجعله إيماناً عظيماً مقتدراً..

الرب قادر أن يفعل هذا معك..

الرب يُريد أن يفعل هذا معك..

انشغل بالوعد

في وقت احتياجك للإيمان، انشغل بالرب.. وانشغل أيضاً بوعود كلمته التي أعطاها لك..

الرب يطلب منا أن ننشغل بكلمته.. استمع بانتباه إلى وصيته:

"لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك. بل تلهج فيه نهاراً وليلاً" (يش1: 8)

الرب يُريدنا أن نلهج في كلماته بما فيها من وعود..

هل أعطاك الرب وعدا؟.. الهج فيه، لكي تمتلك سريعاً الإيمان به..

أن تلهج في الوعد يعني أمرين: أن تتأمله وأن تتذكره(24)..

أولا : التأمل

لنفهم معاً كيف يكون التأمل من خلال هذا المثال:

شاب مؤمن له علاقة حية مع الرب يسوع، لكن في داخله مرارة تجاه أبيه لم يقدر أن يتجاهلها.. عَجَزَ أن ينسى قساوته القديمة.. مواقف عديدة كلما تذكرها شعر بالألم الشديد.. فشل في معاملة أبيه بلا احتداد

اتجه بكل كيانه إلى الرب..

طلب منه أن يشفيه من هذه الذكريات، وأن يُحرره من تلك المرارة..

طلب شفاءً لعلاقته مع أبيه..

الرب يستجيب صلواتنا حينما نصلي واثقين في استجابتها.. أجابه الرب بكلمة خاصة "ريما" أثناء قراءته في الكتاب المقدس هي:

"الذي بجلدته [الأدق أثر الجلدة](25) شُفيتم" (1بط2: 24)

قرأ الشاب هذه الآية أكثر من مرة.. شعر بنورها يلمس أعماقه.. أدرك أن الرب يسوع جُلِدَ لكي يشفيه ويُحرره.. أدرك أن عليه أن يؤمن بقلبه إيماناً لا يتزعزع بهذه الحقيقة لكي ينال شفاءً حقيقياً في علاقته بأبيه..

أتى هذا الشاب ليسأل، كيف تتحول هذه الحقيقة من معلومة في ذهنه إلى إيمان في قلبه؟

وكانت الإجابة، تأمل.. تأمل في كلمات الآيه "بجلدته [أي بجلدة الرب] شُفيتم"..

تأمل في مصدر الشفاء، فالآية تقول إنه الرب نفسه.. اقضِ وقتاً متأملاً هذه الحقيقة.. إنه طبيبك الذي يُحبك جداً ويُريد أن يشفيك..

حَدثه قائلاً:

ربي يسوع

أنت طبيبي.. لقد أحببتني

لم تتألم وتَمُت من أجل غفران آثامي فقط، بل أيضاً من أجل شفائي وراحتي..

أشكرك لأن شفائي يأتي منك،

ولن يقدر إبليس أن يحرمني منه..

ثم تأمل كلمة "جلدته".. تأمل ثمن الشفاء..

لقد انحنى الرب على عمود قصير لكي تنهال على ظهره جلدات الجنود القاسية.. تأمل الثمن، أي آلام!! وأي نزيف للدماء!!.. الرب كان يحمل أحزانك وأوجاعك.. كان يحملها بكاملها لكي يُحررك منها..

تفكر في هذا، وتكلم مع الرب بمثل هذه الكلمات:

ربي يسوع

أي ثمن هذا قد دفعه!!

أخذت الذي لي من أحزان وأمراض،

لكي تُعطيني الذي لك من راحة وشفاء..

يا لها من نعمة غنية!

يا له من حب عظيم!

كم أشكرك.. كم أشكرك..

ثم اقض وقتاً بعد ذلك متأملاً في كلمة "شُفيتم".. فَكر، من هو المستفيد من الشفاء؟.. إنه أنت.. أنت برغم كل عيوبك وضعفاتك.. إنها النعمة الغنية التي تعطي الإمتيازات الثمينة لكل من يحتمي في الدم الثمين..

تأمل كيف أحبك الرب حباً خاصاً، برغم كل عيوبك..

تأمل، إنه حب مجاني..

ربي..

إنه دمك الثمين..

دمك الذي يحجب آثامي..

دمك الذي يجعلني استحق شفاءك تشفيني مجاناً.. مجاناً..

ثم اصرف وقتاً آخراً متفكراً في زمن الشفاء، متى؟.. اُنظر كلمة "شُفيتم"، لم يقل الوحي "تشفون" أو "ستشفون" بل "شُفيتم" في الماضي.. تأمل، إن شفاءك تم منذ نحو ألفي عام حينما جُلد الرب من أجلك..

تأمل كم يعني هذا أنه شفاء مؤكد..

أيها الحبيب، على هذا النحو يكون الإنشغال والتأمل في الوعد، والتأمل يسرع بالإيمان إلى القلب، والإيمان يأتي بالوعد إلى الواقع..

التأمل هو أحد مظاهر الإنشغال بالوعد، والآن إلى المظهر الثاني، التذكر..

سيدي..

المس ذهني الآن..

ليدرك كل ما تريد أن تُعلمه لي..

ثانياً : التذكر

لنفترض أنك وجدت نفسك حاد الطبع، كثير الغضب في تعاملك مع شخص قريب منك.. ثم أثناء قراءتك للكتاب المقدس، لمعت أمامك بقوة الآية القائلة: "المحبة.. تحتمل كل شئ"(1كو13: 7)..

أحسست أنها هي الكلمة الخاصة لك، "ريما" المرسلة لك من الرب.. شعرت أن الرب يعدك بهذه المحبة..

ماذا تفعل ليتحقق هذا الوعد وتمتلك هذه المحبة التي تحتمل كل شئ؟

الطريق هوالتذكر.. أن تتذكر هذه الآية بين الحين والآخر.. وفي كل مرة تتذكرها تُفكر فيها، وتجعلها موضوعاً لصلوات قصيرة ترفعها إلى عرش النعمة..

صفتان

في العهد القديم مَيزت الشريعة بين نوعين من الحيوانات.. حيوانات طاهرة وأخرى نجسة..

واشترطت الشريعة للحيوان الطاهر صفتين.. أن يكون من النوع الذي يشق ظلفاً، وأن يجتر (لا11: 3)..

كلتا الصفتين لنا!!

فكل مؤمن في العهد الجديد له أن يقول إنه "طاهر كله" (يو13: 10)، فقد جعله دم يسوع طاهرا (عب 10)..

هل آمنت بالرب يسوع؟.. هل اغتسلت بالدم الثمين؟.. أنت طاهر كلك وعليك أن تتصف بهاتين الصفتين

أن تشق الطلف.. أي أن يوجد فاصل يُميز كلاً من قدميك..

الأقدام تُشير إلى السير [أي السلوك]..

لقد قَدسك دم يسوع (عب13: 12)، والتقديس هو التخصيص.. لقد صرت مُخصصاً للرب.. يجب أن يشهد سلوكك بوضوح عن انفصالك عن العالم الآثم، في رفضك للتحرك مُقاداً بالخوف والقلق، وفي إعتمادك على صدق الوعود..

اجتر الكلمة

كلمة الله لابد وأن يُعاد مضغها.. لابد أن تُجتر..

إنها طعام.. طعام لروحك..

الرب يدعوك أولاً أن تأكلها..

كُل الكلمة التي تقرأها!!

لا تتعجب، فهذه هي وصية الرب.. إقرأ ما قاله إلى حزقيا النبي:

"كُل الكلام الذي أكلمك به

أوعه في قلبك

واسمعه بأُذنيك [أي تذكره وأعِد ترديده لنفسك بصوت مسموع]" (حز3: 10)

عندما يمنحك الرب وعداً، كُله.. اتركه يدخل أعماقك..

ثم اجتره.. أي تذكره من وقت لآخر كي تُعيد التأمل فيه..

ولنَعُد للمثال السابق..

لقد تفاعلت مع الآية القائلة: "المحبة.. تحتمل كل شئ" (1كو 13: 7).. أكلتها، وبقي الآن أن تجترها حتى تصل إلى قلبك..

بعد مضي ساعة من قراءتك لها، إذا أُتيحت لك الفرصة تذكرها وأعد التأمل فيها.. يمكنك أيضاً أن تجعلها موضوعاً لصلاة قصيرة مثل هذه:

يارب، أنت وعدتني في الصباح أن أمتلك المحبة التي تحتمل كل شئ..

أثق أن نعمتك الغنية أقوى من طباعي..

أقوى من الظروف.. أقوى من كل شئ..

أثق أنها تقدر أن تُغيرني وتجعلني احتمل كل شئ في معاملتي مع هذا الشخص..

بعد ساعة أُخرى، عُد إلى الآية من جديد.. صل بها مرة أخرى.. افعل هكذا بين الحين والآخر إلى أن تُهيمن الآية بالكامل على فكرك وعواطفك، وتجد نفسك تمتلكها..

في القديم، كان الرب يُطعم شعبه بطعام كان يُنزله لهم من السماء، اسمه المن.. يقول لنا الكتاب أنه كان يتساقط باكراً مع الندى (عد11: 9)..

ووضع الرب شروطاً، أن يلتقطه الشعب قبل شروق الشمس صباحاً فصباحاً، ولا يبقون شيئاً مِن مَن كل يوم إلى اليوم التالي (خر16: 19-21)..

يا له من معنى!!.. الرب يريد لشعبه أن يأكل في كل يوم مناً جديداً ساقطاً لتوه من السماء.. ساقطاً على الندى..

الرب يريدك أن تأكل في كل يوم مناً جديداً..

في كل مرة تتذكر الوعد لكي تتأمل فيه، اشعر كأنك تسمعه للمرة الأولى.. فهو أبداً لن يَقدم!! لماذا؟.. لأن الروح القدس يصاحبه.. الروح هو الندى الحقيقي الذي يعطي الإنتعاش..

في كل مرة تتذكر الوعد، اطلب عمل الروح القدس.. سيشعرك الروح القدس بانتعاش جديد يُزيل منك أي إعياء..

أيها الحبيب..

انشغل بالوعود التي يُعطيها الرب لك..

تذكرها كثيراً.. ستشعر أنها جديدة..

ستلمس أثرها القوي في داخلك..

كان أيوب يقول: "أكثر من فريضتي [القوت اليومي الضروري] ذخرت كلام فيه" (أي23: 12)، وكان داود يصلي قائلاً: "اُذكر لعبدك القول الذي جعلتني انتظره.. لأن قولك أحياني" (مز119: 49-50)..

لقد سجل لنا داود اختباره عن اللهج في الكلمة في كلمات محدودة..

"عند لهجي اشتعلت النار. تكلمت بلساني" (مز39: 3)

عندما ننشغل بالكلمة.. بالوعود.. عندما نذخرها في داخلنا ونلهج بها.. نتذكرها ونتأملها، فسيحدث معنا ما حدث مع داود.. ستشتعل في داخلنا نار الروح القدس.. سيُُعطينا الروح حرارة المحبة للرب.. المحبة المتوهجة التي تطرد الخوف إلى خارج (1يو4: 18).. سنمتلئ بدفء الثقة في إلهنا العظيم.. وسنستطيع مثل داود أن ننطق بكلمات الإيمان "اشتعلت النار.. تكلمت بلساني"..

تخيل الصور التي تتحقق بها الوعود

في الإنشغال بالوعود يمكنك أن تستخدم مخيلتك .. بإمكانك أن تتخيل الصورة التي سيتحقق بها كل وعد اعطاه لك الرب، ثم تنشغل بها وتُعيد رؤيتها في ذهنك من وقت إلى آخر..

هذا تماماً ما فعله موسى، فاقتني الإيمان.. لقد كتب عنه الوحي قائلاً:

"بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يُدعى أبن أبنة فرعون. مُفضلاً بالأحرى أن يُذل مع شعب الله.. حاسباً عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر لأنه كان ينظر المُجازاة" (عب11: 24-26)

كيف امتلك موسى هذا الإيمان العظيم الذي أعطاه القدرة على هذه التضحية الضخمة؟.. كيف أنتصر على إغراءات رخاء وغنى قصر فرعون؟.. كيف هزم مشاعر الإمتنان نحو القصر الذي رعاه طوال فترة الطفولة وإلى أن بلغ سن الأربعين؟..

يُجيبنا الوحي "لأنه كان ينظر إلى المُجازاه"..

إن كلمة ينظر تأتى في اصلها اليوناني في زمن الماضي المُستمر.. لذا فالترجمة الأدق لهذه الآية هي "لأنه استمر ناظراً إلى المُجازاة"..

وفعل ينظر هو ترجمة لفعل يصف احتفاظ الشخص بانتباهه مركزاً على شئ مُعين.. إنه فعل يُطلق على الفنان الذي يظل مشغولاً بمشهد مُعين حتى يرسمه كاملاً على لوحة أو ينتهي من نحته على شكل تمثال(26)..

لنتخيل الصورة التي سيتحقق بها الوعد الذي أعطاه الرب لنا، ولنظل مشغولين بهذه الصور حتى تتحقق كاملة في العيان..

مثال

شخص كان دائم الصلاة من أجل ابن من أبنائه انغمس في حياة الخطية، صار في الرذيلة إلى أبعد الحدود..

ذات يوم كَلَمَهُ الرب بآية من سفر أعمال الرسل تقول:

"آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" (أع 16: 31)

شعر بسلطان الآية على قلبه، وَثَقَ أنها كلمة شخصية "ريما" له من الرب.. أدرك أن الرب يعده بخلاص ابنه..

انشغل الأب بهذه الآية.. في كل ليلة كان يستسقظ على صوت ابنه عائداً بعد منتصف الليل من مجالس المستهزئين فكان يتذكر الآية.. كان يطرد بها الإنزعاج من داخله..

وكان يفعل شيئاً آخراً، كان يتصور في مخيلته ابنه شخصاً آخراً له ثمر الروح من محبة وسلام وفرح..

يجتهد في دراسة الكلمة ويخدم الرب بحماس..

كان يراه بهذه الصورة فيشكر الله من أجله، ويهدأ وينام مستريحاً..

ظل الأب ينظر ابنه في مخيلته بهذه الصورة الجديدة إلى أن تحقق الوعد، وأتى الوقت الذي فتح فيه الأبن قلبه للرب.. تغيرت حياته تماماً وصار كما سبق للأب أن رآه في مخيلته.. لقد تحقق الوعد.. انتصر الإيمان..

والآن أيها القارئ..

هل استنار ذهنك بكلمات هذا الفصل وسابقة عن الإصغاء والانشغال؟..

كلاهما يدفعانك إلى علاقة حَية مع الكلمة، تقفز بحياتك إلى قمم الإيمان للتمتع العملي بمحبة الرب وقوته..

إقرأ بإصغاء.. لتفهم فكر الرب ولتنصت إلى رسائله الخاصة بك..

وإقرأ بانشغال واهتمام يناسب عظمة الكلمة واقتدارها..

إلهج بها، تأملها وصلي بها.. هكذا تختزنها في قلبك..

تحدث داود النبي في القديم إلى الرب قائلاً له:

"خبأت كلامك في قلبي" (مز119: 11)

إن كلمة "خبأت" هي ترجمة لكلمة عبرية تُطلق على تخبئة وتخزين الكنوز العظيمة(27)..

هل أدركت أن الكلمة كنز لا يُقدر بثمن؟..

وهل تعلمت أن تُصغي لها لتنشغل بها وتُخبئها في قلبك كأعظم كنز؟

حينما نختزن وعداً من وعود الكلمة في داخلنا، يعطينا الإيمان بصدقه.. لا تنس أن سماع القلب للكلمة هو الذي يجعله يؤمن بها (رو10: 17)..

وما أعظم نتائج إيمان القلب!.. كل من آمن بقلبه بوعد من وعود الكلمة، تمتع به واقعاً ملموساً.. لأن القدير ساهر على كلمته ليُجريها (إر1: 12)..

بل أكثر من ذلك!!.. هو "يُثبت الكلام [الأدق الكلمة بالمفرد] بالآيات التابعة" (مر16: 20)..

ليس لدى الرب مانع أن يصنع المعجزات معك إن كانت هناك ضرورة لكي يُحقق لك وعده..

كُن مُتيقناً، هو يُحبك جداً.. وقد أعد كل شئ من أجلك..

آمن فقط..






التوقيع


رد مع اقتباس