منتدى ام السمائيين و الارضيين - عرض مشاركة واحدة - كتاب / لا تطرح ثقتك ... للأب دانيال
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2012, 05:07 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك

3 آمن بالخبر

ذات ليلة كان البحر هائجاً جداً، وكان التلاميذ في السفينة ولم يكن الرب معهم..

"وفي الهزيع الرابع من الليل مضى إليهم ماشياً على البحر. فلما أبصره التلاميذ ماشياً على البحر اضطربوا قائلين إنه خيال. ومن الخوف صرخوا فللوقت كلمهم يسوع قائلاً تشجعوا. أنا هو لا تخافوا فأجابه بطرس وقال يا سيد إن كنت أنت هو فمُرني أن آتي اليك على الماء" (مت14: 25-28)

تأمل ما حدث.. لقد رأى بطرس الرب سائراً فوق الأمواج العالية.. رآه يسير فوقها مُنتصراً، وهي ذات الأمواج التي هزمته هو وبقية التلاميذ وجعلت سفينتهم "في وسط البحر مُعذبه" (مت14: 24)

رأى بطرس الرب غالباً الأمواج المُخيفة، فاشتهى أن يكون مثله.. اشتهى أن يتحول من الهزيمة إلى النصرة.. اشتهى أن يسير هو أيضاً فوق المياه مُنتصراً..

لكن هل آمن بطرس بأنه يستطيع أن يسير فوق المياه لمُجرد أنه اشتهى ذلك؟

كلا، لقد انتظر كلمة من الرب.. قال له "مُرني أن آتي إليك" (مت14: 28)..

الإيمان لا يعنى أن تثق في حدوث أي شئ تريده.. ولا أن تثق فيما تشعر به، بل فيما يقوله الرب لك..

يقول الرسول بولس: "الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله" (رو10: 17)

انتبه فالآيه تُحدد الإيمان بأنه إيمان نتيجة سماع خبر، نتيجة سماع كلمة من الله..

ليس الإيمان إذاً أن تؤمن بأن كل شئ تتمناه أو ترغبه سوف يحدث، بل الإيمان هو أن تؤمن بحدوث شئ قد سَبَق الرب ووعدك به..

إنه الإيمان بخبر قاله الرب لك..

إنه الإيمان بشئ وَعَدك الرب بحدوثه..

هل تُريد أن يكون لك الإيمان بأن هذا الشئ الذي ترغبه سوف يتحقق؟

لابد أولاً أن تستقبل من الرب خبراً يعدك فيه بهذا الأمر..

سماع الخبر

قد تستمع إلى الخبر من خلال صوت واضح يتحدث به الرب إلى روحك، ثم يعود ويؤكده لك بطرق مُتنوعة..

ولكن العاده أن يأتي إليك الخبر من خلال قرائتك أو سماعك للكتاب المقدس..

أيها الحبيب، هل تعلم أن الكتاب المقدس يُغطي كل أمور الحياة المُتنوعة؟.. نعم، إذا درسته جيداً استطعت أن تستمع منه إلى اخبار كثيرة من الرب تحمل لك وعوداً تُناسب كل حدث تمر فيه..

اقرأ الكتاب.. اقرأه كثيراً..

ادرس الكتاب.. ادرسة بعمق وتأنى..

كم من وعود ثمينة ستجدها فيه.. اختزنها..

اختزنها في داخلك فهي لا تُقدر بثمن.. تذكر أن الإيمان إنما هو بهذه الوعود.. بشئ قاله الرب وليس بكل شئ تريده أنت أن يحدُث..

وعود عُظمى وثمينة

كل وعود كلمة الله عُظمى وثمينة (2بط 1: 4).. تأمل معي على سبيل المثال هذين الوعدين..

الوعد الأول هو كلمات الرب يسوع الثمينة "تعالوا إلىَّ يا جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحكم" (مت11: 28)..

لقد قال الرب "تعالوا إلىَّ يا جميع"، ولأنه قال "جميع" فهو بكل تأكيد يقصد "الجميع" بلا استثناء.. نعم، إنه يقصُد الجميع بما فيهم أنت..

أيها الحبيب، مهما كانت همومك واثقالك، إن وثقت في هذا الوعد وأتيت إلى الرب مُستنداً على كلماته هذه، فسيُريحك بكل تأكيد.. ثِق أنه سيُتمم كل وعد سجله لك في كتابه، إذا أتيت إليه وسلمت نفسك لقيادته، ووثقت في كلماته..

لا، لا تُحدثني عن الواقع الذي يبدو غير قابل للتغير.. بل حَدثني بالإيمان عن أمانة الرب في إتمام وعوده، وعن قوته التي لا يستحيل عليها شئ..

لقد قال "تعالوا إلي.. وأنا أُريحكم" (مت11: 28).. الإيمان هو أن تؤمن بهذا الوعد.. إنه وَعد براحة شاملة.. راحة من كل جهة (2أي 14: 7).. راحة للضمير من الإحساس بالذنب (عب10: 2)، وراحة للمشاعر من الخوف (لو1: 74)، وراحة للذهن من الأفكار المُقلقة والمُزعجة (في4: 7)..

هيا، هيا إليه الآن.. اذهب إليه..

هيا، عًبرعن إيمانك..

هيا، ارتمِ، عند قدمية.. سَلم الإرداة له..

هيا، ثق فيه.. ستتمتع كما وعدك بالراحة الشاملة، وسيُشبعك طول الأيام.. وسيًريك دائماً خلاصه (مز91: 16)..

الوعد الثاني

في إنجيل متى الإصحاح الثامن عشر نقرأ هذه الآيات العُظمى، حيث يقول الرب يسوع:

"حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة بأسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20)

متى يُصدق المؤمنون هذا الوعد بكل قلوبهم، متى يثقون بكل القلب أن الرب بنفسه في وسطهم وبمجده في وسط اجتماعاتهم؟!!

متى يثقون أنه "هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد" (عب13: 8) وأنه في وسطهم ليفعل بروحه نفس أعماله الفائقة التي كان يفعلها في القديم في مجامع وشوارع مدن اليهودية والجليل؟!

متى يثقون، فيتمتعون به في الوسط.. يلمس قلوبهم بكلماته، يغفر خطاياهم، يُجدد أذهانهم ويُحرر نفوسهم ويشفي أمراضهم، ويُبارك كل ما تمتد إليه أياديهم..

أيها الحبيب، اقرأ كلمة الله بتمعن.. افتح قلبك لها، وستتقابل مع وعودها العظيمة..

الإيمان هو الثقة في هذه الوعود..

ثِق، ثِق أن الله أمين لوعوده..

ثِق.. إنه ساهر على كلمته ليُجريها (إر1: 12)..

ثِق.. إنه أمين لوعده "أنا الرب تكلمت وسأفعل" (حز36: 36)..

مرة أُخرى أُذكرك.. لا، ليس الإيمان أن تثق في حدوث كل ما تتمناه أو تشتهيه.. لا.. بل الإيمان هو أن تثق في خبر قاله لك الله، سواء بكلمة مُباشرة إلى قلبك أكدها لك بطرق مُتنوعة أو من خلال دراستك لوعود الكتاب المُقدس..

تَعلم مما فعله قائد المئة.. كانت لديه رغبة قوية أن يتحنن عليه الرب ويشفي له غلامة المطروح في المنزل، فهل كانت رغبته هذه كافية؟..

لقد أتى إلى الرب وقال له: "قُل كلمة فقط فيبرأ غُلامي" (مت8: 8)

لقد انتظر حتى يستمع إلى كلمة من الرب..

الإيمان يتطلب أن تستمع بقلبك إلى كلمة من الرب.. تستمتع إلى وعدٍ منه، لكي تتمسك به وتتصرف على أساسه..

امتلاك الإيمان

لنتأمل هذه الآية مرة أُخرى:

"الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله" (رو10: 17)

والترجمة الحرفية الدقيقة لها هي:

"الإيمان يكون من السمع، والسمع هو من كلمة الله"(9)

تأمل هذه الترجمة بعُمق وتركيز فهي تقول لنا شيئاً هاماً جداً.. إن الإيمان يأتي نتيجة للسمع.. فإذا سألتني كيف أقدر أن أؤمن بشئ قالته لي الكلمة؟..

حينما تسمع الكلمة اسمح لها أن تدخل إلى قلبك، فإذا دخلت خلقت فيه إيماناً بصدقها..

لنأخذ هذا المثال من سفر أعمال الرسل الأصحاح الرابع عشر:

"وكان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مُقعد من بطن أُمه ولم يمش قط. هذا كان يسمع بولس يتكلم. فَشَخَصَ إليه وإذ رأى أن له إيماناً ليُشفى قال بصوت عظيم قُم على رجليك مُنتصباً فَوَثبَ وصار يمشي" (أع14: 8-10)

واضح من هذه الكلمات أن الرجل نال الشفاء نتيجة لإيمانه "وإذ رأى [بولس] أن له إيماناً ليُشفى".. فمن أين أتى هذا الرجل بالإيمان؟.. من الواضح أيضاً أنه "كان يسمع بولس يتكلم"، فقد كان بولس وبرنابا يُبشران (أع14: 7)..

لقد امتلك الإيمان لأنه كان يستمع.. كان يستمع إلى "كلمة الله" التي كان الرسول بولس يُبشر بها..

لقد استمع إلى الكلمة.. أنصت إليها بقلبه، فماذا كانت النتيجة؟.. دَخَلَت الكلمة إلى قلبه وولدت فيه الإيمان الحقيقي..

أيها الحبيب، تذكر دائماً أن الإيمان بأي وعد قاله الرب يتكون في داخلك عن طريق سماع هذا الوعد.. لذا استمع، استمع كثيراً إلى وعود الكلمة..

إلهج بها، ستدخل إلى قلبك وستخلق فيه الإيمان بها.. وهو الإيمان الذي يريده الله لكي يعمل بك وفيك..

لكنك قد تقول لي: أليس كثيرون، كثيرون جداً يقرأون الكتاب المقُدس؟.. أليس كثيرون جداً هم الذين يسمعون الكلمة، ويعرفون وعودها؟.. لماذا إذن قليلون هم اللذين يمتلكون هذا الإيمان الذي يرى وعود الله واقعاً ملموساً؟ّ!

الكلمة والروح

نعم الرسول بولس يُعلن لنا سماع وعد الكلمة هو الذي يخلق الإيمان في القلب.. لكن انتبه، ليس المقصود بوعد من كلمة الله مجرد جُمل وعبارات موجودة في الكتاب المقدس، بل المقصود هو هذه الجُمل والعبارات حين يستخدمها الروح القدس متحدثاً بها إلى قلبك..

الكلمة ليست هي الحروف الوحي يقول "الحرف يقتل" (2كو 3: 6).. الكلمة هي الحروف حين يستخدمها روح الله الحي.. فإن كان "الحرف يقتل"، "فالروح يُحيي" (2كو3: 6).. الروح هو الذي يجعل الكلمة حيّة وفعالة.. هو الذي يجعلها قادرة أن تخلق الإيمان في القلب..

فَكِر معي في هاتين الآيتين، وقارن بينهما:

"الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يو4: 24)

"الكلام الذي أُكلمكم به هو روح" (يو6: 63)

من الآية الأولى نفهم أنه بسبب أن الله روح لابد أن يكون سجودنا له بالروح.. ومن الثانية نعرف أن الكلمة ليست مُجرد كلمات، إنها أيضاً روح لذا فقراءتها أيضاً لابد وأن تكون بالروح..

إنه نفس المبدأ أن ما هو روح لابد أن نقترب إليه بالروح..

يقول الرسول بولس "قارنين الروحيات بالروحيات" (1كو2: 13)، وهي في بعض الترجمات "مفسرين الأمور الروحية للأشخاص الروحيين"(10)..

وكلمة قارنين (مُفسرين) تعني في الأصل أيضاً "ناقلين Communicating"(11)..

لا يُمكن أن تُنقل لك أمور الروح قبل أن تكون شخصاً روحياً

لا يُمكن أن تُنقل لك أمور الروح بدون الروح القدس..

اقرأ وعود الكلمة بعيداً عن عمل الروح، ولن تنتفع شيئاً.. لن تُعطيك الإيمان..

آه، حين نُحزن الروح القدس (أف4: 30) بإصرارنا على عدم رفض الخطية، أو حين نطفئه (1تس5: 19) برفضنا لطاعته فمهما قرأنا أو استمعنا لوعود الكلمة فلن نمتلك الإيمان الحقيقي..

ستمتلئ أذهاننا بالمعرفة، أما قلوبنا فستظل ضعيفة عاجزة أن تُصَدق ما عرفته أذهاننا من وعود..

الروح القدس هو وحده الذي ينقل المعرفة من الذهن إلى القلب.. من شئ يرجوه الذهن إلى إيمان في القلب..

هل تُريد إيماناً في قلبك؟

أنت في احتياج إلى الروح القدس وإلى الكلمة.. تحتاج إلى كليهما معاً لكي يسكن الإيمان في قلبك..

تأمل معي هذه الآيات التي قالها لنا الرسول بولس في معرض حديثه عن خدمته الكرازية:

"لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله..

ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله" (1كو2: 5، 12)

تُشير هذه الآيات إلى نقطتين:

الإيمان لا يُمتلك بالحكمة البشرية.. لا يُمتَلَك بالمجهود الذهني الطبيعي بل بقوة الله أي بعمل الروح القدس "روح القوة" (إش11: 2)

نحن لا نقدر أن نعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله بدون الروح القدس، ومن هذه الأشياء وعود الكلمة التي وُهِبت لنا لكي نؤمن بها..

وهو "روح الإيمان" (2كو 4: 13)، الذي يعمل أعمالاً عجيبة.. ينقل هذه الوعود من ذهنك إلى قلبك لكي يحفرها فيه، ويجعلها جزءاً لا يتجزأ منه.. وهكذا تمتلك الإيمان..

وهو "روح القوة" (إش11: 2) وأي قوةّ!!

قوة الله التي تُشدد قلبك فتجعله قادراً على صد سهام الخوف والشك متى تَعرضت لها..

تأمل "دبورة".. لقد ظهرت في وقت كان فيه شعب الله مًستعبداً للأعداء لسنوات طويلة، يُعاني من قسوة المذلة والظلم والإحساس بالعجز.. لكنها كانت مختلفة، وضعت الرب أمامها فلم تستسلم للأمر الواقع.. رفضت الشعور بالعجز، امتلكت الإيمان الحقيقي، تنبأت ودعت الشعب إلى انتصار مجيد..

كيف امتلكت القوة للتأثير على الشعب؟ وكيف حررته من اليأس ليدخل المعارك وينتصر؟

لنتأمل معنى اسمها هي وزوجها، فكثيراً ما يُحدثنا الوحي عن الشخص من خلال معنى اسمه (كمثال عب7: 2)..

يقول الكتاب "دبورة امرأة نبية زوجة لفيدوت" (قض4: 4)..

اسم دبورة معناه "فصيح" ويأتي من فعل "يتكلم"(12).. فقد كانت تتحدث بكلمة الرب.. واسم زوجها لفيدوت يعني "مشاعل مُتوهجة"(13)..

إنهما زوجان يتحدثان في اتحادهما عن التصاق الكلمة بنيران الروح القدس.. إن قوة الإيمان تأتي حينما نختبر نار الروح القدس في قراءتنا للكلمة..

لا يأتي الإيمان بمُجرد القراءة العادية الباردة..

الله لا يريدنا باردين أو حتى فاترين.. بل حارين بالروح (رو12: 11)، وحينما تتوهج قلوبنا بنار الروح القدس ستصير قراءتنا للكلمة عظيمة الأثر..

سنمتلئ بالإيمان.. سنمتلك الإيمان الذي يُغير الأحداث ويصنع العجائب..

آه، ما أكثر الاحتياج إلى الامتلاء منه..

اُطلب من أجل أن تمتلئ بالروح.. الإمتلاء بالروح يجعلك مُمتلئاَ بالإيمان.. قال الكتاب عن اسطفانوس أنه كان مملوءاً من الروح القدس (أع6: 5) ولذا قال عنه أيضاً "كان مملوءاً إيماناً وقوة" (أع6: 8)، فالإمتلاء بالروح والإمتلاء بالإيمان لا يفترقان بل دائماً يسيران معاً..

أبي السماوي،

اطلب باسم ابنك يسوع..

أزل من حياتي كل ما يعوق امتلائي من روحك..

أُريد أن أكون مُمتلئاً منه..

أريد أن أقرأ الكلمة بالروح..

وأن أتأملها بالروح..

وأن ألهج بها بالروح..

وان يغرسها روحك في قلبي..

اُريد عمل روحك..

أُريد الملء بالروح..

أُريد إيماناً بالروح..

أيها الحبيب.. مرة أُخرى أقول لك إنه بدون الروح القدس لن تمتلك الإيمان الحقيقي، ولن تكون كلمات الكتاب المقدس التي تقرأها أو تسمعها هي الخبر الذي يأتي بالإيمان إلى القلب..

كُن مُتيقناً.. الله يُريدك أن تمتلئ بالروح..

كُن مُتيقناً.. الله يُريدك إن تمتلئ بالإيمان..

لذا اقرأ الكلمة مُستنداً على عمل الروح..

سأشرح لك أكثر في الفصل القادم كيف تكون القراءة بالروح، القراءة التي تأتي بالإيمان إلى القلب.. أما الآن فأدعوك أن تُعلن ثقتك أنك ستقرأ الكلمة مُقاداً بالروح، هيا قُل بصوت مرتفع:

"إني أثق أن الرب سيجعلني أقرأ الكلمة مُقاداً بالروح القدس، وأثق أن الكلمة ستحمل لي الخبر الذي يأتي بالإيمان إلى قلبي.. إنني أثق.. أثق.. أثق"






التوقيع


رد مع اقتباس