منتدى ام السمائيين و الارضيين - عرض مشاركة واحدة - الأيقونات
الموضوع: الأيقونات
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-28-2012, 12:35 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
203 الأيقونات





الأيقونات في الكنيسة


الأيقونة في معناها هي كلمة يونانية تعني في الأصل صورة ثم صارت اصطلاحا يطلق في العصر القبطي على اللوحات الخشبية التي تحتوي صورا بالألوان تمثل قديسين أو أحداث أو موضوعات دينية0
والأيقونة هي رسالة تقوم بدور تعليمي له فاعليته التقوية فمن خلال لغة الألوان البسيطة توضح تعاليم وتنطلق بمشاعر المؤمنين إلى الحياة العتيدة.
كما أن الأيقونة القبطية فلسفة كنسية روحانية تساعد على ترسيخ الإيمان والمعرفة في الشعب0
يضاف إلى ذلك أن الأيقونة تعتبر عظة وكتاب مرسوم مسجل بلغة بسيطة جامعة يقرأها الكل دون تمييز بين لسان ولسان .. يترجمها الأمي بلغة البساطة، كمن يقرأ كتاب أو يسمع عظة ويتلمس فيها المتعلم ما تعجز المؤلفات من الإفصاح عنه.
ويستطيع الأميون العاجزون عن قراءة الكتب أن يذكروا الأعمال المملوءة شجاعة التي قام بها القديسون وخائفوا الله بإخلاص، وهكذا تلتهب فيهم الغيرة على القيام بأعمال بطولية مجيدة تستحق المديح على الدوام. مستبدلين الأرض بالسماء ، ومفضلين غير المنظورات على الأمور المرئية0
والأيقونة قديس ماثل بحياة عبقها الجهاد والغلبة وأكاليل البر والقداسة فهي رسم يصور عمل قديسه0
وعندما نتأمل الأيقونة لا نقف عند حدود جمال الفن أو عدمه ولكنها ترفع الفكر إلى ما وراء الألوان والمادة – إلى شخص صاحبها- وتمزج مشاعرنا بمشاعره.
حينئذ نقرأ فيها قصة حياة صاحبها كلها في نظرة واحدة وتملأنا بعواطف جديدة من حياته المنيرة فهي تنطق بجهاده الذي قدمه وتشهد للأكاليل التي نالها وتهتف بالمجد العتيد أن يتمجد به.
ويرجع تاريخ الأيقونة كما يذكر مؤتمن الدولة بن العسال أن أبجر Abgar ملك أديسا ( الرها حاليا) قد عاني من أمراض كثيرة ، وإذ علم بالآيات الباهرة التي يصنعها السيد المسيح له المجد أرسل له رسالة يتوسل فيها أن يحضر إلى مملكته ليمنحه الشفاء ، وود لو قبل العيش سويا في مملكته المتواضعة الهادئة بعيدا عن الشعوب التي تنغصه.
وكان أحد المبعوثين ، ويسمى حنانيا ، رساما فأراد أن يصور السيد المسيح له المجد فلم يستطيع بسبب مهابة محياه ، ولكن الرب له المجد وضع منديلا على وجهه فارتسمت عليه صورته المقدسة وأرسله إلى ملك أديسا (الرها) مع رسله فلما وصل المنديل ، قبله وعظمه ومسح به بدنه ووجهه فعوفي للوقت، وجرت منه عجائب وشفاءات.وهذه القصة ترجمت إلى أغلب لغات العالم وذكرها أوسابيوس المؤرخ الكنسي.
كما يروي عن معلمنا الرسام القديس لوقا الانجيلي أنه كان مصورا بارعا ويقال أنه قام بتصوير السيدة العذراء وهى في وضعها التقليدي وهى تحمل السيد المسيح الطفل وتوجد صورتان بديري السريان والمحرق يقال أنهما مأخوذتان عن النسخة التي للقديس لوقا البشير.
كذلك ذكر الأب فانسليب Vansleb المؤرخ أنه شاهد أثناء زيارته لكاتدرائية الإسكندرية أيقونة تمثل رئيس الملائكة الجليل ميخائيل قديمة العهد وقيل أنها من عمل الرسول لوقا الإنجيلي .
كما عرف عن البابا كيرلس الأول وهو الرابع والعشرين من سلسلة البطاركة وكان تكريسه في عام 420 م أنه عمم وضع الصور في الكنائس وذلك لما لها من تأثير على الشعب خاصة الأميين منهم.
ولقد نشأت فكرة التصوير على اللوحات الخشبية في مصر في العصر اليوناني الروماني عندما رسم الفنانون وجوه الموتى بالألوان على لوحات من الخشب توضع على التوابيت ( مدرسة الفيوم )، وأستمر رسم الوجوه بهذا الشكل في باكورة العصر القبطي استمرارا لمدرسة الفيوم، كما أن الأقباط في ذلك العصر المبكر رسموا أيضا صورا لطيور وأسماك وحيوانات على لوحات مشابهة يرجع تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي ويغلب على الظن أن طريقة تصوير الأيقونات على لوحات خشبية مستمدة من تلك الفكرة 0
إلا أن الأيقونات التي نجدها في الكنائس والأديرة معلقة على الجدران أو حوامل الأيقونات الخشبية لا ترسم على اللوحات الخشبية مباشرة إلا بعد أن تكسى بالتيل أو الخيش ثم تغطى بطبقة من بطانة بيضاء مصقولة من الجص يرسم فوقها بالألوان وتحفظ الألوان بتغطيتها بورنيش شفاف.
ولقد استخدمت الكنيسة القبطية هذه الأيقونات كوسيلة الغرض من وضعها تذكير المؤمنين بأصحابها. فمثلا تضع الكنيسة على حامل الأيقونات أيقونة الصليب، وهى تذكر المؤمنين بالفداء والثمن الغالي الذي دفع من أجل التصالح مع ال،له وتلفت نظر المؤمن إلى كيفية الصلب، وكيف أن السيد المسيح البار صلب مع الأشرار، وأن أحد اللصين لما آمن بالمصلوب وأعترف بربوبيته استحق الجلوس عن يمينه بقوله : "اليوم تكون معي في الفردوس.. أما الذي أنكره فقد وضع على شماله دلالة خذلانه. وكذلك يكون حال الناس عند مجيء الرب الثاني : فالمؤمنون بالرب والذين عاشوا في الإيمان "إيمان ابن الله الذي أحبنا وأسلم نفسه لأجلناسوف يقيمهم السيد المسيح له المجد عن يمينه في اليوم الأخير وأما الأشرار الذين ينكرونه فسوف يطرحهم عن يساره ، كما أن صورتي العذراء ويوحنا الانجيلي بجانب صورة السيد المسيح له المجد مصلوبا من هنا ومن هناك إشارة إلى وقوفهما عند صلب المسيح قبل موته ..
وتقصد الكنيسة من وضع صورة المسيح مصلوبا لفت نظر المصلين وتذكيرهم بهيئة صلبه ليكون تأثير ذلك شديدا حتى يمنح كل قوة من تحويل نظرهم إلى غير المسيح وقت الصلاة بل يعتبرون أنفسهم كأنهم وقوف أمام صليب السيد المسيح ويشاهدونه يتألم ويموت عن خطاياهم ذلك طبقا لما قاله :"وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلى الجميع 0
كذلك توضع الكنيسة على حامل الأيقونات صورة للعشاء الرباني تذكر المؤمنين بسر الافخارستيا وضرورته من أجل أن يصير الكل واحدا وشريكا في الثبات في السيد المسيح "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه"0
كذلك وضعت الكنيسة مجموعة من الأيقونات للآباء التلاميذ الأطهار يعلنون من خلالها تمسكهم بالبشارة ومذكرين المؤمنين بإرساليتهم المعطاة لهم من السيد المسيح "وقال لهم اذهبوا إلى العالم اجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" 0
نعم، إن حامل الأيقونات في الكنيسة يذكرنا في علوه بالسماء التي يقف فيها الملائكة والقديسين الأطهار ويؤكد قول الكتاب "ناظرين إلى نهاية سيرتهم متمثلين بإيمانهم"0
ورغم كل هذه المعاني العميقة إلا أن طائفة البروتستانت قد أنكرت على الكنيسة عملها هذا ووجهت اعتراضا على عدم ضرورة وجود حامل للأيقونات متعللة في ذلك بان حجاب الهيكل وقت الصلب قد أنشق فلا داعي لوجود ما يحجبنا عن الله. ولا شك أنه لا يوجد سبب وجيه لهذا الاعتراض حيث أن حامل الأيقونات الذي يعلوه صليب رب المجد يرفع المؤمنين بفكرهم إلى السماء ولا يحجبها عنهم إذ أن حامل الأيقونات ليس فاصلا بين الله والناس إذ أن الحجاب الحقيقي الذي كان فاصلا بين الله والناس هو الخطية التي سمرها يسوع له المجد في جسده على الصليب كما قال إشعياء النبي " آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع0ومن هنا نستطيع أن نؤكد بطلان الزعم البروتستانتي على إنكار عمل الكنيسة بوضع حامل للأيقونات بها.
كذلك فإن الكنيسة حينما تضع الأيقونات بها لا تعلم أولادها أن يعبدوها تطبيقا للآية "لا تصنع لك تمثالا منحوتا أو صورة لتعبدها" ولكنها حينما تضع الأيقونات تعلمنا أن نصلي لله متذكرين صاحب الأيقونة وجهاده وأعماله، مقتفين أثره.. (انظروا إلى نهاية سيرتهم ، وتمثلوا بإيمانهم ) ..
وفي هذا يقول الأب يوحنا الدمشقي بضرورة التمييز بين العبادة الخاصة بالله وحده، وبين التكريم الذي يعنى الخضوع حتى الأرض وتقبيلها. وهو يحمل معنى التوقير الذي يمكن تقديمه لغير الله فنحن نسجد لله ونتعبد له ونوقر قديسيه ونكرمهم إكراما للروح القدس الذي يملئهم.




hgHdr,khj







رد مع اقتباس