منتدى ام السمائيين و الارضيين - عرض مشاركة واحدة - المعنى العميق لعبارة ”الصوم والصلاة“
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2012, 04:40 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية mena_malak
 

 

 
1 المعنى العميق لعبارة ”الصوم والصلاة“





نلاحظ في كل صلوات الكنيسة الخاصة بالصوم الأربعيني المقدّس كثرة ورود عبارة ”الصوم والصلاة“. تتكرر هذه العبارة بكثرة في الذكصولوجيات والإبصاليات وصلوات القسمة الخاصة بالصوم الكبير...
فما هو المعني الروحي العميق للصوم والصلاة؟ ليس فقط المعنى الظاهري للصوم الذي هو الامتناع عن الأكل أو الاكتفاء بالأكل الصيامي. إذا اكتفينا بهذا المعنى الظاهري لن ننتفع كثيراً! ولكن إذا دخلنا في عمق المعنى الروحي للصوم سوف نشترك مع كل أجيال القديسين الذين سبقونا ونموا روحياً ”بالصوم والصلاة“.
المعنى العميق للصوم هو الانفصال عن الأرض وتراب الأرض وشهوات الأرض الترابية، الصوم هو انفصال عن العالم وعن ضلاله وتزييفه وتعزياته الكاذبة الوهمية. بل والأكثر من ذلك الصوم هو الانفصال عن الذات وعن محبة الذات وعن شهواتها وتذكيتها لذاتها وحبها للظهور الخ... ويتبلور هذا في الصوم الجسدي والامتناع عن الأطعمة الشهوانية، لأن الجسد هو القاعدة التي تتمركز فيها الذات.
أما جوهر الصلاة فهو الالتصاق بالله. أجمع كل الآباء القديسين على أن الصلاة هي الاتصال بالله فهذا هو أصدق وأدق وأقصر تعريف للصلاة. ليست الصلاة تتميم قوانين وتلاوة أقوال... الصلاة هي أنك حينما تقول مثلاً المزامير، أن يتحرك قلبك مع الكلام الذي تقوله وتدخل في شركة واتصال مع الله. ولو لم يحدث أثناء ترديدك للمزمور اتصال حقيقي بالله، فأنت لم تُصلِّ.
لابد أن يحدث اتصال بالله، وبدون هذا لا تحسب صلاتك أنها صلاة. ومن مداومة الاتصال بالله تستطيع أن تدخل في الصلاة الدائمة. الصلاة الدائمة ليست هي دمدمة بالشفتين بلا توقف، بل هي أن تعيش في شركة دائمة مع الرب، في التصاق مستمر معه. جوهر الصلاة هو في توجيه القلب باستمرار نحو محبة الله، هو في الانحياز الداخلي الدائم نحو الله.
هذان الاتجاهان اللذان يشكلان جوهر الصوم (أي الانفصال عن العالم وعن محبة الذات) وجوهر الصلاة (أي الالتصاق بالله والانحياز الدائم له) يلخصهما القديس أنطونيوس في الوصية التي كان يوصي بها كل من يأتي إليه: أن لا يفضِّلوا شيئاً مما في العالم على محبة المسيح([1]). هذا هو جوهر الصوم وجوهر الصلاة معاً.
وهذا هو ما تقصده الكنيسة عندما تقول مثلاً: ”الصوم والصلاة هما اللذان عمل بهما الأبرار والصديقون ولباس الصليب“. هكذا تؤكِّد الكنيسة أن كل الأعمال الروحية الكبيرة في حياة إبراهيم واسحق ونوح وموسى وداود ودانيال والشهداء والرهبان العظام... كلها تمت ”بالصوم والصلاة“، أي بالانفصال عن العالم وشهوات العالم ومحبة الذات، والاتصال الدائم بالله والالتصاق به.
ونقول مرة أخرى إن هذا تم بجوهر الصوم وجوهر الصلاة، وليس فقط بمظهر الصوم ومظهر الصلاة. فلابد أن المظهر يرافقه الجوهر.


([1]) حياة أنطونيوس، فصل 14.


hglukn hguldr gufhvm ”hgw,l ,hgwghm“







التوقيع

رد مع اقتباس