نزل إلي الجحيم من قبل الصليب - منتدى ام السمائيين و الارضيين
الرئيسية التسجيل مكتبي
Image
البحث الأعضاء الرسائل الخاصة


منتدى ام السمائيين والارضيين


   
العودة   منتدى ام السمائيين و الارضيين > منتدى الطريق نحو الابديه > قسم الموضوعات الروحيه المختلفه
 
قسم الموضوعات الروحيه المختلفه يشمل كل الموضوعات الروحيه التى تهم كل انسان مسيحى

إضافة رد
   
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 09-09-2011, 01:15 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
90 نزل إلي الجحيم من قبل الصليب





نزل إلي الجحيم من قبل الصليب
أحباء القلب اعضاء
منتدى
أم السمائيين والأرضيين

الجحيم الصليب

من كتاب تأملات
للقديس إبيفانيوس أسقف قبرص
فيما حدث بعد موت السيد المسيح علي الصليب...
وكيف قبض السيد المسيح على الشيطان وقيدة وما الذي دار في دهاليز الجحيم ؟؟؟...

ما هي مشاعر أجدادنا الذين ماتوا علي رجاء الخلاص من أبونا آدم مروراً بكل الآباء والأنبياء وصولاً لروح يوحنا المعمدان عندما فك الرب أسر أرواحهم وانطلق بهم إلي الفردوس!!!!


الجحيم الصليب

كتاب مُبهر بحق...

1) الكتاب بعنوان: نزل إلي الجحيم... من قِبَل الصليب. عظة عن "سبت الفرح" للقديس إبيفانيوس أسقف قبرص.
2) ترجمها عن اليونانية د. جوزيف موريس فلتس مدير مؤسسة القديس باسيليوس
3) سيلاحظ القارئ ألفاظاً لم تعتاد اذنه او عينيه علي سماعها أو قراءتها من قبل مثل... ألم ترتعد عندما حَمَلت علي يديك هذا الذي يرتعد منه الشاروبيم؟ ، اي خوف اعتراك وأنت تُعرّي الجسد الإلهي ، طوبي ليديك يا يوسف لأنهما لامستا اليدين الإلهيتين، طوبي ليديك اللتين مستّا جنب الإله الدامي.... ألخ
بالتأكيد أحبائي المعني واضح انه يتكلم عن الطبيعه الناسوتيه الموجوده في الإله المتجسد

أما الآن حتي تثقوا في اسطري السابقه... سأنشر لكم مقدمه الكتاب والتي كتبها الحبيب نيافه الأنبا كيرلس أسقف ميلانو...

الجحيم الصليب

تقديم

إلي أبي القديس إبيفانيوس...

دعني أنقل لك كل ما هو في أعماقي أمام شريكي القارئ...

لقد قرأت عظتك العميقة عن سبت النور... وبعدما انتهيت منها رأيت نفسي
كأني عائد من مكان بعيد... أو كنت عائشاً في زمان أنا لم أكن بعد مولوداً فيه...

لقد طار عقلي بأجنحة تأملاتك الروحية... طار بعيداً إلي الجلجثة... وهناك جلس ينظر متعمقاً إلي ذاك الذي "أصعدنا من العمق إلي النور... الذي أعطانا الحياة من الموت... الذي أنعم علينا بالحرية من العبودية... والذي جعل ظلمة الضلالة التي فينا تضيء

من قِبَل إتيان المسيح الابن الكلمة" (من صلاة القسمة)...

كلماتك العميقة جذبتني معك... وبها رأيت مَن تحبه نفسي... رأيت السيد المسيح

الذي هو حياة كل أحد ومُشتهي كل الأمم...

بتأملاتك الروحية اصطحبتني معك... وأريتني أحداث لساعات قليلة كلها مشاعر صادقة... رأيت القديس يوسف الرامي... ومعك نظرت إلي مشاعره وشجاعته في طلب جسد السيد المسيح ذاك الغريب... وبجوارك أوقفتني عند القديس نيقوديموس... وأريتني أحاسيسه وإخلاصه واهتمامه بأطياب السيد المسيح...

بتأملك أمسكتني بيدك... وأدخلتني معك من الأبواب الدهرية... وعرَّفتني كيف فُتِحَت

هذه الأبواب... وكيف رُفِعَت أمام السيد المسيح ملك المجد...
وجذبتني معك للأعماق وهناك رأينا المقابلة المفرحة للمسيح القائم من بين الأموات
مع آدم وكل بَنيه وهو يُصعِدّهم من ذلك السبي.

بعد العظة عدتُ إلي نفسي... وقلت كيف أبقي كل أيام حياتي مع المسيح الذي أحبني؟... كيف ألتصق به؟... كيف أتحد به؟... كيف أثبت فيه؟... كيف أتشوّق إلي محبته الحقيقية؟... كيف أمجدّ اسمه؟... كيف أتأمل في أقواله وأعماله؟

بصلوات السيدة العذراء القديسة مريم وبركة قداسة البابا شنودة الثالث تكون تأملات القديس إبيفانيوس سبب بركة ومنفعة لكل قارئ.
تابع




k.g Ygd hg[pdl lk rfg hgwgdf







التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 09-13-2012 في 10:18 PM.
رد مع اقتباس
قديم 09-09-2011, 01:16 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي







ما هذا الصمت الشديد الذي يُخيّم علي الأرض في هذا اليوم.

صمت شديد وهدوء قاتل. الصمت شديد لأن الملك نائم،

الأرض خشعت وهدأت لأن الإله المتجسد رقد بالجسد.

وأقام الذين رقدوا منذ بداية الدهر. مات الإله – بالجسد - فارتعد الجحيم،

رقد الإله – بالجسد - قليلاً فأنهض الذين في الجحيم.



أيها المخالفون، أين الاضطرابات والأصوات والضجّة التي أُثيرت ضد المسيح؟

أين الجماهير والثوار والجنود والفِرَق والأسلحة ؟

أين الملوك والكهنة والقضاة المُدانين؟

أين المشاعل الموقدة والسيوف والصرخات المُدَوِّية؟

أين الجماهير المزمجرة والحرّاس غير المحتشمين؟



لقد ثَبُتَ – في الواقع وبالحقيقة - أن كل ما دبرّوه كان باطلاً ولا نتيجة له.

لقد ارتطموا بحجر الزاوية – المسيح - فتحطموا.

ضربوا الصخرة الصلبة، لكنهم تلاشوا كتلاشي الأمواج عندما ترتطم بالصخور.

دقوا علي السِّندَان الصُّلب فتشتتوا إلي أجزاء متفرقة. رفعوا حجر الحياة علي خشبة، فتدحرج عليهم وقتلهم. قيَّدوا الإله العظيم، فكانوا كَمَن يريدون تقييد شمشون الجبَّار،

ففك المسيح الرباطات الأزلية، وعتق الغرباء والمخالفين. وضع المسيح في باطن الأرض فكان كالشمس التي تغيب، وبالتالي نزل علي اليهود ظلام حالك.



اليوم تم الخلاص من ناحيتين، للذين هم علي الأرض وللذين هم - منذ الدهر-

تحت الأرض.

اليوم خلاص العالم بأسره، المنظور وغير المنظور.

اليوم حضور السيد في ناحيتين؟

اليوم صار التدبير لجهتين.

اليوم تم نزول وتنازل ثنائي؟

اليوم تضاعفت محبة الله للبشر.

اليوم صار الافتقاد مزدوج.



نزل الإله من السماء إلي الأرض، ومن الأرض إلي ما تحتها. أبواب الجحيم تُفتَح، فتهللوا أيها الراقدين منذ الدهر، أيها الجالسين في الظلمة وظلال الموت

استقبلوا النور البَهِيّ بفرح.

فالسيد يأتي بين عبيده، والإله بين الأموات، والحياة بين المائتين،

والبريء بين المذنبين، والنور الذي لا يغيب بين الجالسين في الظلمة،

المُحَرّر بين الأسري، والذي هو أعلي من السموات يأتي تحت الأرض.

ونحن نؤمن أن المسيح بيننا علي الأرض. وأنه كان بين الأموات.

إذن فلننزل معه ونتعلّم مما نعلم عن ما هناك من أسرار. ولنعرف العجائب الخفيّة،

الغير منظورة، التي تحت الأرض، ولنتعلّم كيف كُرزَ للذين هم أيضاً في الجحيم.

ولكن، ماذا سيحدث عندما ينزل المسيح إلي الجحيم؟

أبنزول الإله إلي الجحيم يَخلُص الجميع بدون استثناء؟

لا. لأنه كما علي الأرض، هكذا أيضاً هناك يخلّص الذين آمنوا به.




فبالأمس (الجمعة العظيمة) رأينا ما لتدبيره، واليوم نري ما لسلطانه.
بالأمس رأينا آلامه واليوم نشهد لسيادته المطلقة.

بالأمس تبينّت ما لطبيعته البشرّية، واليوم ما للإلهية.
بالأمس لطموه، واليوم – ببرق لاهوته - يَشُقّ الجحيم المظلم.

بالأمس قيدّوه، واليوم هو الذي يُقَيِّد الطاغية (الشيطان بقيود لا تنحل).

بالأمس حكموا عليه، واليوم يُنعِم بالحريّة علي المحكوم عليهم (من قِبَل الخطية).

بالأمس استهزأ به كل مَن في حاشية بيلاطس، واليوم رأوه بوابو الجحيم فارتعدوا.



أيها الإنسان تطلّع إذن إلي آلام المسيح التي تعجز الكلمات عن وصفها،
تَطلَّع إليها وسَبِّح، تَطلَّع وسَبِّح، تَطلَّع ومَجِّد، تطلَّع وتحدّث بعجائب الله العظيمة.

انظر كيف أن الناموس يمضي وأن النعمة تُزهِر؟!

كيف تتراجع الرموز وتغيب الظلال وتَعُمّ الشمس كل المسكونة؟!

كيف يَبلَي القديم وتتأكد صحة الجديد؟!

كيف تمضي الأمور القديمة وتُزهِر الجديدة؟!



لقد كان هناك. في زمن آلام المسيح، في صهيون، شعبين معاً،

الشعب اليهودي كما كان هناك مَلِكَين: بيلاطس وهيرودس،

ورئيسي كهنة: حَنَّان وقيافا.

هكذا يتم الفصحان معاً، ينتهي الفصح اليهودي، ليبدأ فِصح المسيح.

في تلك الليلة قُدَّمَت ذبيحتان، تّم فيهما خلاصان: خلاصاً للأحياء وخلاصاً للأموات.

فمن ناحية، قَبَضَ اليهود علي حَمَل الذبيحة ليذبحوه، ومن جهة أخري قَبَضَ بعض الأممّيين علي الله المُتَّخِذ جسداً، وبينما بقي اليهود في الظلال سَعَت الأمم إلي رحمة الله.

اليهود يقيّدونه ويطردونه خارجاً، والأمم تَقبَله بكل فرح!

اليهود يقدّمون ذبيحة حيوانية، والأمم يفرحون بذبيحة الإله المُتَّخِذ طبيعة بشرّية.

اليهود يقدّمون ذبيحة الفصح تذكاراً لخروجهم من أرض مصر،

والأمم – باحتفال القيامة - يعلنون خلاصهم من الضلال.

وأين يحدث هذا؟ يحدث في صهيون مدينة الملك العظيم، حيث تّم الخلاص في وسط الأرض، بيسوع ابن الله، المولود من الآب الحّي ومن الروح القدس المحيّي.

الله هو الحياة من الحياة، وهو مُعطي الحياة بطبيعته، هو الذي وُلِدَ في مذود

بين حيوانين (الثور والحمار) وبين الملائكة والبشر،

هو الذي جعل شعبين يجتمعان فيه كحجرٍ الزاوية،

وهو الذي كُرِزَ به في الناموس والأنبياء.



هو الذي ظَهَر علي جبل (تابور) بين موسى وإيليا.

هو الذي بينما كان مُعَلَّقاً بين اللصين اعترف به اللص اليمين إلهاً.

هو الذي يجلس علي كرسيه كديّان أبدي ليس في وسط هذه الحياة الحاضرة فقط،

بل وفي وسط الحياة الآخرة.

هو الذي بوجوده بين الأحياء والأموات يمنح الحياة والخلاص معاً،

وهو يمنح أيضاً حياة ثانية، وولادة ثاني


إذن، تَطَلَّع إلي ما يحدث وكَرِّم ولادة المسيح – المزدوجة والعجائبية -

من الآب ومن العذراء بالروح القدس.

ملاك يُبَشِّر مريم والدة الإله بميلاد المسيح، وملاك آخر يُبَشِّر مريم المجدلية

(بقيامة المسيح) من القبر.

في الليل يُلد المسيح في بيت لحم، وفي الليل أيضاً يُولَد من جديد

(من بين الأموات) في صهيون.

يُلَفّ بالأقمطة عند ولادته، ويُلَفّ بالأكفان عن موته.
في ميلاده يَتَقَبّل الأطياب (من المجوس). وعند القبر توضع الأطياب علي جسده.

هناك يوسف خطيب مريم يخدمه، وهنا يوسف الرامي يَتَطَوّع لدفنه وهو حياة الكل.

كان مكان ميلاده مذود في بيت لحم، وكان القبر له كمذود وُلد فيه من جديد.

أوّل من بشّر بميلاد المسيح كانوا الرعاة، وأول من بشروا بولادته الجديدة

من بين الأموات هم تلاميذ المسيح الذين هم رعاةً أيضاً.

هناك هتف الملاك قائلاً للعذراء: "افرحي"، وهنا هتف المسيح ملاك المشورة العظمي قائلاً للنسوة: "افرحن".

بعد أربعين يوماً من ميلاده دخل المسيح أورشليم الأرضية، أي إلي الهيكل، ولأنه البكر قدّم لله زوج حمام، وأيضاً بعد أربعين يوماً من قيامته دخل المسيح إلي أورشليم السمائية –التي لم يفارقها - إلي قدس الأقداس

ولأنه البكر بين الراقدين قدّم لله الآب زوج حمام بلا عيب أي النفس والجسد البشريين.

هناك في السماء تَقَبَّله قديم الأيام، الله الآب في حضنه الأبدي، بطريقة لا تُوصف ولا يعبّر عنها، كما في هذا الهيكل علي الأرض حين تَقَبَّله علي ذراعيه سمعان الشيخ
في وقار وخشوع.
وإن لم تؤمن بهذا فإن الأختام المحفوظة تدينك.

الأختام الموضوعة علي القبر السيّدي الذي منه خرجت الحياة الجديدة.

وكما وُلِدَ المسيح من العذراء وأختام البتولية محفوظة،
هكذا أيضاً قام المسيح ثانية من القبر وأختام القبر لم تُفَك.
كيف، متي، ومَن دَفَنَ المسيح الذي هو الحياة؟
لنسمع ماذا تقول الكتب المقدسة: "لما كان المساء جاء رجل غني من الرَّامة اسمه يوسف، وكان هو أيضاً تلميذ ليسوع، فهذا تَقَدّم إلي بيلاطس

وطلب جسد يسوع".



دخل المائت (يوسف الرامي) إلي المائت (بيلاطس) ليطلب

أن يأخذ الإله مُعطي الحياة!

جُبلة تطلب من جُبلة أن تأخذ جابل الكل!

عُشب يطلب من عشب أن يأخذ النار السماوية !

وكأن قطرة ماء تطلب من قطرة أخري أن تُعطيها المحيط كله !

مَن رأي؟ ومَن سمع هذا الذي لم يُسمع به من قبل؟
إنسان (مخلوق) يهب خالق الكل لإنسان (مخلوق) مثله !

إنسان بلا ناموس يَعد بأن يهب واضع الأحكام والنواميس !

وقاضي بلا قضاء حَكَمَ بأن يوضع قاضي القضاة في القبر !

ويقول الكتاب: "لما كان المساء جاء رجل غني اسمه يوسف".

إنه بالفعل غني، إذ أنه أخذ شخص الرب بكامله،

بالحقيقة غني، لأنه أخذ طبيعتا المسيح (متحدتين في شخصه)

من بيلاطس.

غَنِي، لأنه استحق أن يأخذ اللؤلؤة الثمينة.

غَنِي، لأنه أخذ بين يديه خزينة تحتوى بكاملها الذخيرة الإلهية.

كيف لا يكون غنياً وهو الذي حصل علي المسيح حياة وخلاص العالم.
كيف لا يكون يوسف غنياً بعد أن تَقَبَّل – كهدية - ذاك الذي يُطعم ويدّبر كل الخليقة !



"لما كان المساء"

لقد غاب شمس البرّ في الجحيم. لذلك جاء رجل غني اسمه يوسف الرامي –
وقد كان مختبئاً خوفاً من اليهود - وجاء معه نيقوديموس
الذي كان قد جاء هو قبل ذلك أيضاً إلي يسوع ليلاً.

إنه سرّ الأسرار الخفيّة: يأتي تلميذان في الخفاء ليُخفِيّا يسوع في القبر.

وبنفس طريقة الخفاء هذه يَعلمان السرّ الخفي في الجحيم،
سرّ الله الذي توارى في الجسد. الواحد ينافس الآخر في رغبة خدمة المسيح، نيقوديموس يُحضر الطيب والدهن بكل سرور، ويوسف الذي يستحق كل مدح

– إذ نزع من نفسه كل خوف – تَقدّم بجرأة وشجاعة وطلب جسد يسوع من بيلاطس، ولكي يصل إلي هدفه المنشود استخدم كل حكمة وحِذق في الكلام.
لذلك لم يكن حديثه مع بيلاطس (عن يسوع)، حديثاً مليئاً بعبارات الإعجاب بأعمال المسيح المُعجِزِيّة، لئلا يُغضبه ويفشل هو في تحقيق غايته،

ولا قال له: "أعطني جسد يسوع الذي منذ قليل جعل الشمس تُظلِم، والصخور تتشقق والأرض تتزلزل، والقبور تتفتح. وحجاب الهيكل ينشق.
لم يقل شيئاً من هذا لبيلاطس، لكن ماذا قال له؟

"لي طلبٌ عندك. طلبٌ صغير يا سيدي أطلب إليك تحقيقه، وهو طلب بسيط جداً..

وهو أن تعطني أن أدفن جسد ذلك المائت الذي حَكَمت عليه بالموت، جسد يسوع الناصري، يسوع الفقير الذي لا بيت له، يسوع (المصلوب) مُعلّقاً، وعُرياناً،

يسوع المُزدرى، يسوع ابن الإنسان، يسوع المربوط (علي الصليب)،
يسوع المصلوب في العَراء، والغريب المجهول بين الغرباء،
والمرزول بالأكثر بين المُعَلَّقين (علي الخشبة).



أعطني هذا الغريب، ففيما يفيدك جسد هذا الغريب؟
أعطني هذا الغريب، الذي جاء من كورة بعيدة ليُخَلِّص الإنسان المُتَغِّرب.
أعطني هذا الغريب الذي نزل إلي الظلام ليرفع الإنسان الغريب.
أعطني هذا الغريب، لأنه هو غريب بالفعل.
أعطني هذا الغريب، لأننا – نحن الغرباء – لا نعرف بلده.
أعطني هذا الغريب، لأننا – نحن الغرباء – لا نعرف أبيه.
أعطني هذا الغريب، لأننا – نحن الغرباء – لا نعرف مكان وطريقة ولادته.
أعطني هذا الغريب، الذي عاش حياة الغريب بين الغرباء.
أعطني هذا الغريب، الناصري، الذي ليس له أين يسند رأسه.
أعطني هذا الغريب، الغريب الذي لا بيت له بين الغرباء، المولود في المذود.
أعطني هذا الغريب، الذي تَغرَّب حتى عن هذا المذود لكي يهرب من هيرودس.
أعطني هذا الغريب، الذي وهو مازال في الأقمطة تَغرَّب في أرض مصر فصار
بلا قرية، بلا منزل، بلا مأوي، غريباً في بلد أجنبي.
أعطني، سيدي، ذلك المصلوب علي الخشبة عُرياناً، لأستر عُرى طبيعتي.
أعطني هذا المائت، الذي هو بالحقيقة إله، لأنه هو الذي ستر تعدياتنا.
أعطني يا سيدي هذا المائت، الذي دَفن خطيئتي في نهر الأردن.
أتوسل إليك من أجل مائت ظَلَمه الجميع، تَرَكه الصديق،
سلّمه التلميذ، طَرَده الإخوة، وضَربه العبد.

أتوسل إليك من أجل مائت متروك من تلاميذه، محروم حتى من أمه،

محكوم عليه مِمَّن حررّهم من العبودية، (وأيضاً) مِمَّن شفاهم.

أتوسل إليك يا سيدي من أجل مائت معلّق علي خشبة: بلا مأوى،

لا أحد يقف بجانبه، لا أب علي الأرض ولا صديق، ولا تلميذ، ولا قريب بالجسد،
ولا حتى إنسان مهتم بالدفن. وهو أيضاً وحده إذ هو الابن الوحيد،
الإله الذي لا إله سواه في هذا العالم.


وبمثل هذا الكلام كان يتحدث يوسف مع بيلاطس الذي أمر بأن يُعطى له جسد يسوع الكُلّي القداسة. ثم جاء يوسف إلي الجُلجُثة وأنزل الإله المتجسد عن الصليب،
وبَسَط الإله المتجسد علي الأرض وهو عُرياناً، الإله المتجسد
(وليس الإنسان المتعالي).



الذي جَذَب الجميع إلي فوق يُرى الآن مُمدَّداً تحت، هنا علي الأرض، الذي هو نَفَس وحياة الكلّ يبقي لفترة بدون نَفَس.
الذي خلق الشاروبيم المملوئين أعيناً، يُرى وقد أغمض العينين،
الذي هو قيامة الكلّ يرقد علي ظهره علي الأرض!
مات الإله بالجسد وهو الذي أقام الأموات. يصمت لفترة هدير كلمة الله (بالجسد).
الذي يمسك الأرض كلها بقبضته، ترفعه الأيادي البشرّية.
أَتَعرِف بالحقيقة؟، أَتَعرِف يا يوسف، بعد أن طلبت وأخذت،
أَتَعرِف مَن تَسَلَّمت؟ وبعد أن اقتربت من الصليب وأنزلت يسوع،
هل تعرف بالحقيقة مَن كنت تمسكه بيديك؟ إن كنت قد عَرِفتَ فعلاً
فإنك تكون قد أصبحت غنياً، وإلا كيف أتممت عمليّة الدفن الرهيبة،
أعني دفن يسوع الإله المتجسد؟

إنّ رغبتك (لإتمام هذا العمل) لهي أمرٌ جدير بكل مديح، لكن استعداد نفسك للقيام بهذا الأمر لهو الأجدر بالمديح. ألم ترتعد عندما حَملّت علي يديك هذا الذي يرتعد منه الشاروبيم؟ وأي خوف اعتراك وأنت تُعرِّي الجسد الإلهي من الثوب الذي كان يستره؟ وكيف كان خشوعك وأنت تغلق عينيه؟
ألم ترتعد وأنت تُحدِّق في الطبيعة الجسدية للإله الفائق الطبيعة؟
قل لي بالحقيقة يا يوسف، هل دفنت (يسوع)
المائت (ووجهه) ناحية الشرق وهو أصل كل شروق؟
هل أغلقت عينيه بأصابعك كما يليق بكل الأموات وهو الذي فتح بأصبعه المقدس
عيني الأعمى؟
هل أغلقت فم ذاك الذي فتح فم الأصم الأبكم؟
هل قَيَّدت حركة يدي ذاك الذي حرك اليدين اليابستين؟
أم انك ربطت رجلي يسوع وهو ميت، مع انه هو الذي حرّك القدمين اليابستين؟
ربما حملت على السرير ذاك الذي يحمل الأموات
والذي أمر المخلع قائلا: "احمل سريرك وامش"!
ربما سكبت طيباً على ذلك الذي هو الطبيب السماوي
عندما أخلي ذاته ليُقدّس العالم كله؟ هل يا تُرَى تجرّأت ومسحت جنب يسوع الدامي
وهو الإله الذي شَفَى نازفة الدم الحزينة؟ هل غسلت جسد الإله بالماء وهو الذي غَسل خطايا الكل ووهب التطهير للجميع؟
أي سراج أشعلت أمام النور الحقيقي الذي يُنير كل إنسان؟

أي لحن جنائزي أنشدت لذاك الذي تُرَنم له كل القوات الملائكية بلا فتور؟

هل بكيت على يسوع، كميت وهو الذي دَمَع وبكى وأقام لعازر

بعد أن ظلّ في القبر أربعة أيام؟
هل نُوحت على ذلك الذي منح الفرح للكل وأبطل حزن حواء؟
طوبى ليديك يا يوسف على كل حال،

لأنهما لامستا اليدين الإلهيتين وقدمي يسوع النازفتين دماً.

طوبى ليديّك اللتين مَسَّتا جنب الإله الدامي قبل أن تَمسَّه يدا توما فضوله الممدوح.

طوبى لفمك الذي شبع ممن لا يُشبع منه واتحد بفم يسوع،

فامتلأ منه بالروح القدس.

طوبى لعينيّك اللتين قابلتا عيني يسوع وأخذتا منهما النور الحقيقي.

طوبى لوجهك الذي واجه وجه الرب الإله.

طوبى لكفيك اللذين حملا ذلك الذي حمل الجميع.

طوبى لرأسك الذي اقترب من يسوع رأس الجميع.

طوبى ليديك اللتين أمسكتا ذاك الذي يُمسك الكُلّ بيديه.

طوبى لكما يا يوسف ونيقوديموس لأنكما أصبحتما شاروبيماً

مثل الشاروبيم عندما حملتما الإله ورفعتماه،

(وطوبى لكما أيضاً) لأنكما صرتما مثل السيرافيم ذي الستة أجنحة

عندما أكرمتما الإله وخدمتماه، وسترتماه، لا بالأجنحة بل بالأكفان.



والذي يَرتَعد منه الشاروبيم يحمله يوسف ونيقوديموس

على أكتفاهما وينقلانه مع كل الأجناد السماوية!



جاء يوسف ونيقوديموس ومعهما كل جوقة الملائكة،
الشاروبيم يقبلون السيرافيم يسرعون، (المسيح) تحمله العروش،
يستره الملائكة ذوو الستة أجنحة، يرتعد معها (الملائكة) الكثيرو الأعين
عندما يرون أن عينا يسوع (الجسديتان) لا ترى.

القوات الملائكية تلتف حوله والرؤساء ترنم له والطغمات تقف مرتعدة

والكل في دهشة وإنخطاف كبير وهم يتساءلون: ما هو هذا الأمر الرهيب،
الأمر المخيف الأمر المرعب، كيف يحدث هذا ؟

ما هو هذا المشهد العظيم المتناقض وغير المُدرَك؟

فالإله الذي لا نتجاسر نحن العديمي الأجساد أن ننظر إليه في السماء

بسبب رعدتنا، يظهر هنا على الأرض كإنسان عُريان مائت!

والذي يقف أمامه الشاروبيم بكل خشوع يدفنه يوسف ونيقوديموس بكل حماس.

متى نزل على الأرض هذا الذي لم يغب عن السماء؟

وكيف خرج خارجاً وهو الكائن في الداخل؟

كيف خرج خارجاً وهو الذي لم يزل داخلاً؟

وكيف جاء إلي الأرض وهو الذي يملأ الكل؟

وكيف تعرّى وهو الذي يستر الجميع؟







التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 09-13-2012 في 10:06 PM.
رد مع اقتباس
قديم 09-09-2011, 01:17 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي









الإله الذي هو مع أبيه دائماً في السماء،

هو الآن كإنسان حقيقي مع أمه دائماً على الأرض،

والذي لم يكن يراه أحد من البشر، كيف صار بشراً، مُظهِراً محبته للبشر؟




كيف صار غير المرئي مرئياً ؟
كيف اتخذ غير الهيولي جسداً؟ كيف تألم غير المتألم؟
كيف يُدان وهو الديان؟
كيف ذاق الموت وهو الحياة؟
كيف يحويه القبر وهو غير المحوى؟
كيف يسكن في القبر من لم يزل في حضن الآب؟
كيف يفتح أبواب الفردوس من جاء وأبواب البتولية مغلقة ؟
كيف حطّم أبواب الجحيم مَن لم يفتح أبواب العلية بل دخل حيث كان توما هناك فرآه؟
كيف فتح للبشر أبواب الملكوت مع انه لم يفتح أبواب القبر وأختامه (عندما قام)؟

كيف أحصى في عداد الأموات من هو حرّ فيما بين الأموات؟

كيف يأتي (صار) النور الذي لا يغيب إلى الظلمة وظلال الموت؟
أين يذهب؟ أين ينزل مَن لا يستطيع الموت أن يدركه؟ ما هو السبب؟
ما هو السبيل؟ ما هو هدف نزوله إلى جحيم؟
ربما ينزل ليرفع ادم المحكوم عليه وشريكنا في العبودية؟
إن هدفه بالفعل أن يبحث عن أول مَن خلق، عن آدم، فهو خروف ضال، كما انه يريد أن يفتقد كل الجالسين في الظلمة وظلال الموت.
إن هدفه بالفعل هو تحرير آدم وحواء المأسورين معاً (بالموت)،
فهو الإله الحقيقي وفى نفس الوقت مَن قد جاء من نسل (المرأة) حواء.


إذن لننزل ونتهللّ ونُسرّع معه. لنرى البشر وقد تصالحوا مع الله،
والمحكوم عليهم وقد حررهم السيد (الرب) بسبب صلاحه
لأن الذي هو محب البشر بطبيعته، فك قيود المقيدين منذ القديم
في شجاعة وقوة عظيمة. هؤلاء القابعين في القبور الذين ابتلعهم الموت،
ذلك الطاغية المرّ الذي لا يهدأ،
بعد أن أخضعهم لسلطانه ونشلهم كاللص من أحضان الله،
لقد صار الجميع أحراراً.

هناك نجد آدم المقيّد الذي جُبِلَ أولاً. وكان أول من مات،

وموضعه أعمق من كل سائر المحكوم عليهم.
هناك هابيل أول راعى وأول ذبيحة بريئة مثال الذبح الظالم للمسيح الراعي.
هناك نوح مثال المسيح وفُلكِه العظيم الذي أنشأ كنيسة الله التي بواسطة حمامة الروح القدس خلّصت الأمم البربريّة من طوفان عدم الإيمان وطردت منها الغراب الأسود الشيطان المُظلم.
وهناك إبراهيم جِد المسيح، ذابح (ابنه) والذي قدّم لله بكل سرور الذبيحة التي بالسيف وبدون سيف، بموت وبدون موت في نفس الوقت. هناك اسحق مقيداً وهو الذي قُيّدَ المسيح على مثاله عندما قيّده إبراهيم سابقاً.

هناك يوجد يعقوب حزيناً في الجحيم أسفل كما كان حزينا على الأرض عندما فقد يوسف.

هناك يوسف مُقيّداً كما كان مُقيّداً في سجن مصر مثال المسيح الذي قُيّدَ وهو السيّد.
هناك موسى في الظلمات السفليّة كما كان مرّة على الأرض
داخل السلّة المظلمة (وهو صغير).
هناك النبي دانيال في الجحيم السُفلى، كما كان في جُب الأسود وهو على الأرض.
هناك إرميا النبي في جُب الجحيم وفساد الموت كما كان في جُب الهلاك
حيث رماه أبناء جنسه.
هناك أيضا يونان في فم الجحيم الذي يبتلع العالم.
وهناك داود جد الإله الذي جاء من نسله، المسيح بالجسد.
ولماذا أذكر داود ويونان وسليمان فقط ؟

هناك أيضاً ذلك الفائق يوحنا الأعظم من كل الأنبياء جالس في ظلمة الجحيم كما لو كان في رحم أمه المظلم (قبل ولادته) يكرز بالمسيح لكل الذين في الجحيم، وهو السابق والكارز للأحياء والأموات معاً. وعندما قُطع رأسه أُرسل من سجن هيرودس إلى سجن الجحيم، إلى الأبرار والمظلومين الراقدين منذ الدهور.


أما الأنبياء والأبرار فقد كانوا يبتهلون إلى الله بطلبات حارة وبدون انقطاع طالبين الخلاص من الليل القاتم المظلم الذي لا نهاية له والذي يسيطر عليه العدو.

فكان الواحد منهم يقول لله: "من جوف الجحيم صرخت فسمعت صوتي".
بينما الآخر يصرخ قائلاً: "من الأعماق صرخت إليك يا رب،
يا رب استمع إلى صلاتي".
وآخر يبتهل "اظهر وجهك علينا فنخلص".
وآخر يتوسل "أنت الجالس فوق على عرش الشاروبيم إطلّع علينا"
وواحد آخر يتضرّع" يا رب شدّدني بسلاح قوتك الذي لا يُقهر وتعالى إلىّ وخلصني". وآخر "يا رب إرث لحالنا ولتدركنا رأفتك".
وآخر يصرخ "خلّص نفسي من أعماق الجحيم".
وآخر "يا رب اخرج نفسي من الجحيم".
وأيضا "يا رب لا تترك نفسي في الجحيم"
وكذلك "لترتفع حياتي من الهلاك إليك يا رب أيها الرب إلهنا".


لقد سمع المسيح الرب الجزيل التحنن تضرعات كل هؤلاء.
وهو لم يُقدّم محبته للبشر للذين كانوا يعيشون معه على الأرض
فقط لكن رأفته شملت حتى كل المقيدين في الجحيم السفلى.
هؤلاء الذين كانوا ينتظرون وهم جالسون في الظلمة وظلال الموت.
وهكذا افتقد الله الكلمة بتجسده كل البشر الأحياء بالجسد على الأرض.
أما النفوس التي ذهبت إلى الجحيم تاركة أجسادها فقد افتقدها بنفسه الإلهية
بدون جسد ولكن ليس بدون ألوهيته.

ولنسرع إذاً ونتوجه بالفكر نحو الجحيم كي نرى هناك كيف يتغلب بقوة، وبقدرة عظيمة على الطاغية المتسلط على النفوس المقيّدة. كيف يأسر - بدون آيادٍ - بل بلمعانه وكأنه يستخدم جيش عظيم بأسلحة لامعة – كل قوات الشياطين الغير مائتة.


لنرى كيف يرفع المسيح من الوسط عن طريق خشبة الصليب أبواباً مصمتة ويسحق الأقفال الدهريّة وبيديّه الإلهيتين المربوطتين يُذيب كالشمع السلاسل العسرة الحلّ. وبالحربة التي طعنت جنبه الإلهي يطعن ذلك الطاغية الذي بلا جسد في قلبه.

يسحق القوات الضاربة بالأقواس في الوقت الذي يبسط يديّه الإلهيتين
بمثابة قوس على الصليب.
لأنه إن تتّبعت بهدوء، ما فعله المسيح سترى الآن:-


أين رَبط الطاغية وأين عَلّق رأسه.
كيف فتّش سجن الجحيم وحرّر المقيدين.
كيف داس الحيّة وأين عَلّق رأسها.
كيف حررّ آدم وكيف أقام حواء.
كيف نقض الحائط المتوسط .
كيف حكم على التنين الخبيث.
وكيف حوّل الهزائم إلى انتصارات.
وأين أمات الموت.
كيف أفسد الفساد.
وكيف أعاد الإنسان إلي مرتبته الأولى.

فذاك الذي - بسبب التدبير الإلهي - ظَهَرَ بالأمس

وكأنه متروك بلا مساعدة ربوات الملائكة عندما قال لبطرس
"أتظن أنى لا استطيع الآن أن أطلب إلى أبى فيقدم لي أكثر من إثنى عشر جيشاً من الملائكة". نراه ينزل الآن عند موته إلى الجحيم والى الموت وضد الشيطان الطاغية كما يليق بالله وبالرب، على رأس جيوش عديمة الأجساد (والموت)،
وطغمات غير منظورة ومعه لا إثنى عشر جيشاً فقط بل ربوات ربوات، ألاف ألاف من الملائكة، من رؤساء الملائكة، من سلطات من العروش ذوو ستة الأجنحة، من المملوءين أعيناً من الطغمات السماويّة. هذه كلها تتقدّم أمام المسيح في موكبه كملك وسيد لها وتكرّمه وليس كحليف يحتاج إلى مؤازرتها، لا أبداً، إذ كيف يحتاج المسيح إلى حليف ليحارب معه وهو الكُلّى القدرة؟ إنها تتقدّمه في موكب لأنها تحتاج إلى أن تكون دائما بجانبه وتتشوّق للوجود في حضرته. هذه القوات الملائكية تركض كجنود مُسلَّحة بسيوف كأنها صواعق بارقة. كعساكر مُسلَّحة من قِبل ملكها بصواعق إلهيّة كُليّة القدرة، فتبادر بتلبية مجرد الإشارة الإلهيّة بحماس شديد يتفوّق فيه أحدهما على الآخر لتنفيذ الأمر الإلهي وهو في هذا يُكلِلّ دائماً بإكليل النصرة على صفوف الأعداء الطغاة.
لذلك فهي تنزل إلى ما تحت التراب في عمق أعماق الأرض في قلب الجحيم إلى سجون الأموات منذ الدهور لتُخرج في شجاعة كل المقيّدين بالسلاسل منذ الدهور.

ما أن ترآي الرب بحضوره الإلهي المنير أمام أبواب الجحيم المغلقة، أمام السجون المظلمة في مغاير الجحيم، حتى تقدّمه جبرائيل رئيس الجنود، إذ أنه إعتاد أن يحمل للبشر بشارة الفرح وهتف بصوت قوى يليق به كرئيس ملائكة وقائد جند، بصوت عظيم كصوت الأسد نحو القوات المعادية قائلاً: "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم". وصرخ معه ميخائيل "لتسقط الأبواب الدهرية" ثم تتابعت القوات الملائكية تقدّمها هاتفة

"تراجعوا أيها الحراس الأثمة".
وأخذت السلطات تأمر في حزم "حطموا السلاسل عسرة الحلّ"
وآخرون هتفوا "لكم الخزي أيها الأعداء" ارتعبوا أيها الطغاة المخالفين".
حينئذ صار الوضع الذي يحدث في جيش ملوكي رهيب لا يقهر كلّى القدرة.
حيث يسود القائد غير المقهور على أعدائه فيتملّكهم الرعب والفزع والخوف الشديد،
فما أن حضر المسيح إلى أسافل الجحيم بهذه الطريقة العجيبة ببرق قوى من فوق،
يعمى وجوه قوات الجحيم المعادية، في الوقت الذي كانت تُسمع فيه هتافات الجيوش (الملائكية) قائلة "ارفعوا الأبواب"
أي لا مجرد أن تفتحوها فقط بل اقتلعوها من أساساتها، انقلوها كليّة من أماكنها
حتى لا توجد فيما بعد. (كانت جيوش الملائكة تهتف)
ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم، لا كأن الرب لا يقدر أن يفتحها أو أن يدخل إليها
وهى مغلقة بل كان صراخهم هكذا لان هذا الأمر هو لهم كعبيد فارين أمامه كي يرفعوا الأبواب الدهرية وينقلوها من هنا. وهو لا يأمر شعبكم بل يأمركم انتم الرؤساء قائلاً "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم". وهذا معناه أنكم من الآن فصاعداً لن تكونوا رؤساء متسلّطين على أحد مع إنكم حتى الآن كنتم تسودُون باطلا على الراقدين. لن تسودوا بعد الآن عليهم ولا على غيرهم ولا حتى على أنفسكم وذلك كله
لان المسيح أتى وهو باب السماء.


افتحوا الطريق أمامه فقد داس بقدمه قيود الجحيم. اسمه "رب"
والرب له القدرة أن يخترق أبواب الموت، أما هو فقط صار مصدر الحياة.
لهذا ارفعوا الأبواب بسرعة ارفعوها ولا تتأخروا ارفعوا ولا تؤجلوا. وان ظننتم انه سوف ينتظر حتى ترفعوها فقد خاب ظنكم لأنه سوف يأمر بان تُرتفع الأبواب
من نفسها بدون أيادٍ آمراً إياها "ارتفعي أيتها الأبواب الدهرية".

وبمجرد أن علا هتاف القوات الملائكية حتى انفتحت الأبواب، وتحطمّت الأقفال، وتفككّت السلاسل وسقطت المفاتيح وتزعزعت أساسات السجن، وأسرعت القوات المعادية

إلى الهرب الواحد أثر الآخر حاثين بعضهم بعضا على الفرار بسرعة.
فلقد ارتعدت وتزعزعت وتفككت واضطربت، وخافت وتحيرّت وارتجفت فبقى الواحد منها فاغراً فاه والثاني ستر وجهه بين ركبتيه والثالث سقط على الأرض جامداً من الخوف، وآخر وقف بلا حراك كأنه ميّت. الواحد يَجمُد في مكانه والآخر يركض طالباً النجاة بعيداً.

وهناك إذن في تلك الساعة قَطَعَ المسيح رؤوس الطغاة وهم مذهولون مما يحدث. وهناك ألجمتهم المفاجأة، وأخذوا يتساءلون مَن هو هذا ملك المجد؟



من هو هذا الذي جاء إلى هنا وفَعَلَ هذه الأفعال الغريبة؟
مَن هو هذا ملك المجد الذي يفعل الآن في الجحيم
ما لم يُفعل فيه قبلاً على الإطلاق؟


مَن هو هذا ملك المجد الذي يُخرج من هنا المقيّدين منذ الدهر؟

مَن هو هذا الذي قَهَرَ كل سلطتنا وجسارتنا غير المقهورتين
حتى الآن وقضى عليهما؟


وكانت قوات الرب تجيبها بصوت عالي قائلة: "أتريدون أيتها القوات الظالمة والطاغية معرفة من هو هذا ملك المجد؟.. انه الرب العزيز القوى الرب القوى في القتال"
الكُلِّى القدرة وغير المنهزم. وهو الذي طردكم من الأخبية السماوية ورماكم خارجاً
انتم الطغاة الأثمة والأشقياء. هو الذي سحق رؤوس تنانينكم في مياه الأردن.
هو الذي جعلكم شهوداً للجميع على قوة صليبه وشهدّ بكم ونزع عنكم كل قوة،
هو الذي قيدكم ورماكم في الظلمة والهَوّة، وهو الذي سيقضى عليكم نهائياً في النار الأبدية وجهنم. فلا تتباطئوا ولا تنتظروا بل أسرعوا واخرِجوا المكبلّين الذين ابتلعتوهم إلى الآن بغير وجه حق. فمن الآن فصاعداً سوف تنحل قدرتكم، ستزول سلطتكم الطاغية. سيتحطّم كبرياؤكم بصورة تثير الشفقة. ستُمحى قوتكم وستزول.

كانت قوات الرب المسيطرة تصرخ في وجه القوات المعادية بهذه الأقوال

وهى تعمل في نفس الوقت بغير توقف، فمنها من كان يهدم أساسات السجن،
وآخرون كانوا يطردون الأعداء الهاربين إلى الأماكن العميقة، وآخرون يركضون مفتشين أركان المغاير والمعاقل ومن كل الجهات كانوا يأتون بالمقيدين ليوقفونهم أمام الرب. منهم مَن كان يقيّد الشيطان الطاغية وغيرهم مَن كان يحررّ المقيّدين منذ الدهر. منهم مَن كان يتقدّم الرب السائر إلى أعماق الجحيم وآخرون كانوا يتبعونه إذ هو الملك والإله المنتصر. وفى الوقت الذي كانت هذه الأحداث تجرى في الجحيم وكل شيء فيه يهتز. كان الرب يقترب من عمق الأعماق البعيدة حيث كان آدم بكر الخليقة وأول المجبولين وبكر المائتين والذي كان في موضع أعمق من الجميع ومقيداً بقيود مشدّدة. حيث سمع مع أقدام الرب وهو يتقدّم فيما بين المسجونين، وقد عرف صوته في الحال وهو يمشى في السجن. فالتفت حينئذ إلى المسجونين معه منذ الدهر وهتف مثلهم قائلاً: "أنى أسمع وقع أقدام شخص يقترب منّا. إن استحققنا فعلاً أن يأتي إلى ههنا سوف نُطلق أحراراً. إن شاهدناه هنا بيننا أُنقذنا من الجحيم".


وفى الوقت الذي كان فيه آدم يتكلّم إلى المحكوم عليهم معه بهذا الكلام، دخل الرب وهو ماسك بسلاح الظفر وهو الصليب. وما أن رآه آدم حتى قَرَعَ صدره من الفرح وهتف لجميع الراقدين "ليكن ربى معكم جميعاً" فأجابه المسيح "ومع روحك أيضا" ومن ثمّ امسكه بيده ورفعه إلى فوق قائلاً: "استيقظ أيها النائم وقم من بين الأموات فيضئ لك المسيح" أنا هو إلهك الذي صرت ابناً لك من أجلك ومن أجل أبناء جنسك. من الآن أُخرِج من القبور كل المأسورين. أقول للمُقيّدين اخرجوا وللذين في الظلام استضيئوا وللذيّن على الأرض انهضوا.


انهض يا آدم من نومك الدهري لأني لم أجبلك لكي تبقى هكذا مكبلاً في الجحيم.

قم من بين الأموات فأنا هو حياة الراقدين.
قم يا مَن أخذ شكلي، يا مَن خلقته على صورتي، انهض لترحل من هاهنا،
لأنك أنت فيّ وأنا فيك ومتحديّن في شخص غير مُنقَسِم.
لأنه لأجلك صار إلهك ابناً لك. لأجلك اتخذ الرب شكل العبد.
لأجلك نزل مَن هو أرفع من السموات إلى الأرض وإلى ما تحت الأرض.
لأجلك "حُسِبتُ مثل المنحدرين إلى الجُب. صرت كرحل بلا قوّة. بين الأموات فراشي". من أجلك يا مَن خرجت من بستان الفردوس،
في بستان سُلمت إلى اليهود وفى بستان صُلبت.


انظر البُصاق في وجهي، لقد قبلته من أجلك، لكي أعيدك إلى مجدك الأول

الذي وهبته لك بنسمة من عندي.
انظر اللطمات على خدّي لقد قَبِلّتها من أجل أن أُصلّح شكلك
الذي تشوّه وأعيِده إلى الشكل الذي على صورتي.
انظر اثر الجَلد على ظهري، لقد قَبلّته كي أبدّد حمل خطاياك الذي تحَمِله على ظهرك.
انظر يدىّ فهما ممدودتين على الصليب من أجل فعل حسن ألا وهو غفران خطاياك
أنت يا مَن بسطت يدك لتمتد إلى عود المعصية.
انظر إلي قدميّ، أنهما قد ثُقبتا وسُمّرتا علي الصليب كي تطهرا قدميّك
اللتين قامتا بفعل رديء وأسرعتا الخطي نحو عود المعصيّة.


لقد عَصَيّتَ في اليوم السادس، ولهذا فإني أجبلك من جديد

وأفتح لك باب الفردوس في اليوم السادس أيضاً. لقد ذقت المُرّ
من أجل أن أشفيك من اللذّة المُرّة التي ذقتها عندما أكلت من الثمرة الحلوة.
ذُقتَ الخل كي أقضى على الموت، ذلك الكأس المُرّ الذي شَرِبَته طبيعتك.
لقد قَبِلت الأسفنجة (التي قدموها لي) كي أمحو عنك خطاياك (كما بالإسفنجة).


يا من بسطتك راقداً في الفردوس وأخرجت حواء من جنبك.

والحربة التي وُجِهَّت إلى جنبي رَفَعت السيف الموجه عليك.
انهض إذن لنرحل من هنا .


قبلا نفيّتك من الفردوس الأرضي والآن أعيدك لا إلى فردوس

كهذا بل إلى عرش في السماء.
آنذاك مَنَعت عنك عود الحياة، ولكنى الآن، أتحد بك تماماً أنا الحياة ذاتها.
قبلاً أَمَرتَ الشاروبيم أن تحرسك كعبد. والآن اجعل الشاروبيم تسجد لك كابن الله.
لقد أخفيّت نفسك من أمام الله لأنك كنت عُرياناً،
والآن أنت تخفى في داخلك الله نفسه عُرياناً.
حينذاك كنت تلبس الأقمصة الجلديّة والآن يَلبَس الله نفسه جسدك
المخضب بالدماء.


لذلك انهض لترحل من هنا،

من الموت إلى الحياة،
من الفساد إلى عدم الفساد،
من الظلمة إلى النور الأبدي.
انهض لنرحل من هنا من الألم إلى الفرح،
من العبودية إلى الحريّة،
من سجن الجحيم إلى أورشليم السماويّة،
من القيود إلى الراحة،
من العبوديّة إلى نعيم الفردوس، من الأرض إلى السماء.


فلأجل هذا مات المسيح وقام كي يصير رب الأحياء والأموات.

انهض لنرحل من هنا.
إن أبى السماوي ينتظر بشوق الخروف الضال.
الملائكة التسعة والتسعون ينتظرون شريكهم آدم متى يقوم،
متى ينهض ويعود إلى الله.


العرض الشاروبيمى جاهز. الذين سوف يرفعونك يتسارعون

وهم على أتم استعداد.
خِدر العرش مهيأ ومائدة العيد مفروشة.
قد فُتِحَت خزائن الخيرات الأبدية، وحضر ملكوت السموات الذي منذ إنشاء العالم.
خيرات لم ترها عين ولا سمعت بها أذن تنتظر الإنسان.
هذا وما شابهه قاله الرب،


وللحال نهض آدم المتحد به وحواء معهما "وقام أيضاً معهم عدد كبير من أجساد الصديقين الذين رقدوا منذ الدهر كارزين بقيامة المسيح في اليوم الثالث.





فلنتقبّل ونعانق نحن المؤمنين لقيامة بكل فرح مُعيّدين وراقصين مع الملائكة ورؤساء الملائكة ممّجدين السيد المسيح الذي أقامنا من الفساد والذي أعطانا الحياة.










التوقيع

آخر تعديل بن الملك يوم 09-13-2012 في 05:36 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين