سلسلة ناظرين إلى.. يسوع - منتدى ام السمائيين و الارضيين
الرئيسية التسجيل مكتبي     البحث الأعضاء الرسائل الخاصة


منتدى ام السمائيين والارضيين


   
العودة   منتدى ام السمائيين و الارضيين > منتدى الطريق نحو الابديه > قسم الموضوعات الروحيه المختلفه
 
قسم الموضوعات الروحيه المختلفه يشمل كل الموضوعات الروحيه التى تهم كل انسان مسيحى

إضافة رد
   
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 03-06-2012, 02:23 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
فق سلسلة ناظرين إلى.. يسوع






ناظرين الى الرب يسوع المسيح

رأى يوحنا المعمدان الرب يسوع مقبلاً إليه قال: «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم» (يوحنا1: 29)، وهذا يُلخِّص الغرض الأساسي من التجسد الإلهي والذي عبّر عنه بولس الرسول في اختباره الشخصي بالقول في 1تيموثاوس1: 15 «صادقة هي الكلمة ومُستَحِقَّةٌ كلَّ قبولٍ: أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليُخلّص الخطاة»، وهذا أكّده أيضًا الرب يسوع بالقول «ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين» (متى20: 28).
ولكن إن كان هذا هو الغرض الأساسي للتجسد، فعلينا ألا ننسى جانبًا آخر وهام في مشهد التجسد؛ وهو أن المسيح يسوع عاش في أرضنا حياة إنسانية كاملة، منذ أن حُبِل به في بطن العذراء مريم وحتى موته ودفنه في القبر. وكثيرًا ما تركِّز كلمة الله على إبراز حياته الإنسانية. وهنا يأتي السؤال: لماذا؟
والإجابة بكل بساطة، أن الله يريد أن يقدِّم للبشرية النموذج الكامل والرائع للحياة الإنسانية الصحيحة، كما أرادها هو منذ البداية؛ لذلك أعلن مسرّته الكاملة بوضوح حينما صار صوت من السماء قائلاً: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرتُ» (متى3: 17).

سلسلة ناظرين إلى.. يسوع

لقد مرَّ الرب يسوع - له المجد - كإنسان في أرضنا، في المراحل العمرية الأساسية التي نمر بها، ليضع أمامنا النموذج والمثال الصحيح للحياة البشرية في مراحلها المختلفة. ولهذا نقرأ ما كتبه كاتب رسالة العبرانيين «من ثَمَّ كان ينبغي أن يُشبه إخوته في كل شيء» (عبرانيين2: 17)، وكذلك «ناظرين إلى... يسوع» (عبرانيين12: 2). كما يكتب بطرس الرسول «تاركًا لنا مثالاً لكي تَتَّبِعوا خطواته» (1بطرس2: 21). وكما قال هو نفسه- له المجد- في متى11: 29 «تعلّموا مني».
إننا بحق سوف نفقد الكثير، والكثير جدًا، لو اكتفينا فقط بتأملنا في الرب يسوع كالفادي والمُخلّص على الصليب. لذلك دعونا معًا نذهب في جولة تفصيلية نتبع فيها خطوات هذا السيد العظيم في مراحل حياته على الأرض، إنسانًا عاش بيننا: طفلاً.. ثم صبيًا.. ثم رجلاً.. ثم خادمًا.
دعونا نثبِّت النظر عليه، ونتعلم منه؛ وعندئذ سنجد راحة لنفوسنا.
طفل مضجع في مذود لوقا2: 12
عندما جاء ملء الزمان المحدَّد من قِبَل الله، ذهب الملاك جبرائيل إلى مدينة الناصرة التي في الجليل، ليبشِّر العذراء مريم بأن الروح القدس سيحلّ عليها، وأن قوة العلي ستظلّلها، وأنها ستحبل وتلد ابنًا وتسميه يسوع، وهو بالحقيقة ابن الله.

سلسلة ناظرين إلى.. يسوع

وعندما اقترب وقت ولادة يسوع حدث اكتتاب (أي تعداد سكاني) في البلاد، وكان على العذراء مريم ويوسف أن يذهبا إلى بيت لحم، مدينة داود، لكي يكتتبا هناك. وهناك تمت أيامها لتلد. فتّشا على مكان للولادة فلم يجدا، وكان البديل الوحيد المتوفر هو ”مذود“، أي مكان مبيت الأبقار، كما يسجِّل لنا ذلك لوقا البشير «فولدت ابنها البكر وقمَّطَته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضِعٌ في المنزل» (لوقا2: 7). يا له من مشهد غريب! من هو هذا المولود في مذود؟! إنه الذي بشَّرت الملائكة بولادته، ثم ترنَّمت مسبِّحة: «المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المَسرّةُ» (لوقا2: 8-14). ثم جاء الرعاة ليروه، ومجَّدوا الله وسبحوه على ما رأوا في المذود. لقد كان ممكنًا أن يولد في قصر الملك، كما ظن المجوس الذين أتوا من المشرق مفتشين على هذا الملك العظيم (متى2)، لكنه اختار أن يفتقر مع أنه غني.
لماذا؟! ليرتبط بالإنسان، ويصل إليه أيًّا كان وضعه، وفي أي مستوى يعيش فيه. لم يشغله أو يهمه كثيرًا أين وُلد، بل كان يهمه أن يتمِّم مشيئة أبيه الذي أرسله.
والآن ماذا عنك أنت؟! هل سُئلت مرة عن المكان الذي ولدت فيه، فأصابك الخجل من ذكره، وحاولت الهروب من الاجابة؟ هل استخدم عدو البشرية هذا الشيء كحجر عثرة في حياتك، ليعطِّل انطلاقك ونجاحك في حياتك الزمنية أو الروحية؟
لماذا لا تحوِّل نظرك عن هذا الأمر، وتتذكَّر سيدك العظيم الذي وُلد في أفقر وأقل مكان من وجهة النظر البشرية، لكن هذا لم يؤثر على انطلاقه وتتميم الخطة الإلهية العظيمة لمجيئه إلى أرضنا؟
الناصرة حيث كان قد تربى: لوقا4: 16

سلسلة ناظرين إلى.. يسوع

بعد أن وُلد الطفل يسوع في مذود بيت لحم، انتقل، مع مريم أمه ويوسف النجار، إلى مدينة الناصرة التي في الجليل، مدينتهم الأصلية التي كانا يعيشان فيها. وكانت هذه المدينة من المدن المُحتقَرة في المقاييس الاجتماعية في ذلك الوقت، وكان يوسف، الذي يُنظر إليه أنه الأب البشري له، يعمل نجارًا. لذلك عُرف عن يسوع أنه «ابن النجار» (متى13: 55).
وعندما نتأمل بتدقيق، نستطيع أن نستنتج أن الطفل يسوع عاش في مستوى اجتماعي ومادي منخفض. فعندما أتى وقت ختانه ثم تقديمه للرب، بحسب الناموس، نقرأ «ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سُمِّيَ يسوع... صعدوا به إلى أورشليم ليقدّموه للرب كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل ذكر فاتح رحم يُدعى قدوسًا للرب. ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب: زوج يمام أو فرخي حمام» (لوقا2: 21-24). وعندما نرجع إلى ناموس الرب، بخصوص هذا الأمر، نقرأ في لاويين12: 1-8 «وفي اليوم الثامن يختن لحم غرلته... ومتى كملت أيام تطهيرها لأجل ابن او ابنة، تأتي بخروف حولي محرقة وفرخ حمامة أو يمامة ذبيحة خطية إلى باب خيمة الاجتماع... وإن لم تنل يدها (أي كانت فقيرة أو إمكانياتها المادية قليلة) كفاية لشاة تأخذ يمامتين أو فرخي حمام، الواحد محرقة والآخر ذبيحة خطية».
هذا كان وضع سيدنا العظيم عندما جاء إلى أرضنا. فماذا عنك أنت؟ هل ينتابك الأنين أو التذمّر لكونك في عائلة محدودة الدخل أو فقيرة ماديًا بالمقاييس الاجتماعية العالمية؟ هل يهاجمك الشعور بعدم الاكتفاء أو الحرمان عندما تختلط بالمحيطين بك؟
حوِّل نظرك عن الزمان الحاضر، واعلم أنه «ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟».
حوِّل نظرك إلى هذا السيد العظيم، الذي افتقر وهو غني، لكي نستغني نحن بفقره؛ وبعدها سنختبر عمليًا ما اختبره سليمان قديمًا أن «الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس».






sgsgm kh/vdk Ygn>> ds,u







التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 03:09 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:24 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




أما يسوع فكان يتقدم

عاش الطفل يسوع مع مريم أمه ويوسف النجار، الذي اعتبره الكثيرون أبوه كما نقرأ القول في متى13: 55 «أ ليس هذا ابن النجار؟» وفي لوقا4: 22 «أ ليس هذا ابن يوسف؟»· لقد عاش حياة بسيطة عادية متضعة في مدينة الناصرة «وجاء (يسوع) إلى الناصرة حيث كان قد تربّى» (لوقا4: 16)·
وقضى سيدنا العظيم حياته الأولى في مدينة الناصرة؛ يتعلّم ويعمل في النجارة مع يوسف، فيُقال عنه: «أليس هذا هو النجار ابن مريم؟» (مرقس6: 3)· لقد افتقر الغني من أجلنا، تشارك معنا في كل شيء، ليرفع من وضعنا، ويصحِّح المفاهيم البشرية الخاطئة لتقييم الإنسان، مؤَكِّدًا ما نقرأه بعد ذلك «اختار الله جُهّال العالم ليخزي الحكماء· واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء· واختار الله أدنياء العالم، والمزدرى، وغير الموجود، ليُبطل الموجود· لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه» (1كورنثوس1: 27-29)·
ويمكن تقسيم هذه الفترة إلى مرحلتين نتأمل ببعض التفاصيل فيهما:
أولاً: مرحلة الطفولة - من الولادة وحتى سن اثنتي عشر سنة
ويمكن تلخيصها في العبارة «وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئًا حكمة وكانت نعمة الله عليه» (لوقا2: 40)
1- كان ينمو ويتقوّى بالروح: إن هذه المرحلة هي مرحلة النمو الجسدي والعقلي، ويجب علينا الاهتمام بذلك حتى لا تتأثر حياتنا مستقبلاً، ولنَصِل إلى النضوج الصحيح جسديًا وروحيًا·
2- ممتلئًا حكمة: حيث أن ذهن الإنسان هو المُحرّك الرئيسي لحياته «لأنه كما شعر (افتكر) في نفسه هكذا هو» (أمثال23: 7)؛ لذلك من المهم جدًا ليس الاهتمام فقط بنمو ونضوج الجسد، بل بنضوج العقل أيضًا؛ ليس عن طريق كمية المعلومات التي نحفظها بل عن طريق ممارستها وتطبيقها بأساليب صحيحة·
3- كانت نعمة الله عليه: لقد عاش الطفل يسوع في شركة مستمرة مع الله، وانطبق عليه القول في مزمور91: 1 «الساكن في ستر العلي، في ظل القدير يبيت» وكانت كلمة الله غالية عليه لذلك كُتب عنه «وشريعتك في وسط أحشائي» (مزمور40: 8)·
في عالم يسيطر عليه عدو الخير بأفكاره وطرقه الهدّامة نحتاج أن نعيش دائمًا في داخل دائرة نعمة الله·
ثانيًا: مرحلة الشباب - من سن الثانية عشر وحتى سن الثلاثين سنة
وتتلخص في القول «وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس» (لوقا2: 52)
تبدأ هذه المرحلة في حياة سيدنا العظيم بالقصة المعروفة لدينا والمذكورة في لوقا2: 40-52، عندما ذهب مع مريم أمه ويوسف إلى الهيكل في العيد كما كان يفعل قبل ذلك في مرحلة الطفولة· وفي طريق رجوعهما إلى الناصرة فتشا عليه بين الرفقة فلم يجداه، ثم بحثا عنه لمدة ثلاثة أيام ولكن في أماكن خاطئة فلم يجداه؛ وأخيرًا دخلا الهيكل، كمحاولة أخيرة، ففوجئوا به جالسًا وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم وكل الذين سمعوه بُهتوا من فهمه وأجوبته· فلما أبصراه اندهشا، وقالت له أمه: «لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين»، فكان ردّه الواضح «لماذا كنتما تطلبانني؟ أ لم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي؟»· ثم بعد ذلك «نزل معهما وجاء إلى الناصرة وكان خاضعًا لهما»·
دعونا نقف هنا قليلاً لنتأمل في هذه الحادثة بدروسها العظيمة:
1- وجداه جالسًا·· وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم: لم ينشغل الفتى يسوع بمظاهر العيد واحتفالاته، ولا بأن يكون وسط الرفقاء والأقارب؛ بل كل ما كان يشغله هو كلمة الله وتعلُّمها· لقد كان بحق «في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلاً، فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل وكل ما يصنعه ينجح» (مزمور1: 2 ،3)·
2- ينبغي أن أكون فيما لأبي: إن مرحلة الشباب هي مرحلة تكوين الشخصية، وهكذا أراد الفتى يسوع أن يؤكِّد أن الأهمية الأولى في الحياة ليست لأمور الزمان، التي أصبحت مشغولية الكثيرين، بل إن العلاقة مع الله والسير معه وبحسب مشيئته، هي الأولوية الأساسية· وبحق كُتب عنه «أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت» (مزمور40: 8)·
3- نزل معهما·· وكان خاضعًا لهما: مع أن مريم أمه ويوسف لم يفهما الكلام الذي قاله لهما، لكنه نزل معهما وكان خاضعًا لهما· إنه يضع هنا أساسًا واضحًا لمفهوم الخضوع والطاعة للسلطات المُرتّبة من عند الله بدايةً من الأبوين· ربما يكون هذا صعبًا على الطبيعة البشرية التي تحب الاستقلالية وفعل الإرادة الذاتية ولا سيما في مرحلة الشباب· ومع أن رأي الآخرين قد لا يكون صحيحًا تمامًا، ولكن هنا نتعلم أن هذا ليس مبرِّرًا للتصميم على ما نريده أو التمرد والعصيان، بل من المهم أن نتعلم الطاعة من بداية حياتنا في الأمور الصغيرة، الأمر الذي سيسهِّل علينا الطريق للطاعة الصحيحة في المستقبل، والتي ستقودنا للنمو والنضوج الحقيقي· ولا ننسَ قول الكتاب في أفسس6: 1-3 «أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب لأن هذا حق»·
4- كان دائم التقدم في المجالات الآتية:
أ) الحكمة: وهي أساس الحياة الصحيحة الناجحة «إذا دخلت الحكمة قلبك ولذّت المعرفة لنفسك فالعقل يحفظك والفهم ينصرك» (أمثال 2: 10 ،11)· إنها بحق أعظم من كل كنوز الأرض (أمثال8: 11)· ولكن بالطبع علينا أن نُفرِّق بين الحكمة الأرضية النفسانية الغاشة، والحكمة الإلهية الصحيحة النازلة من فوق؛ والتي نستطيع الحصول عليها فقط في مخافة الله (أمثال9: 10)·
ب) القامة: لقد كان يتقدم في المكانة في جميع مجالات الحياة، فلم يكن هناك مجال لتضييع الوقت في أمور الحياة الوقتية الزائلة، والتي اختبرها سليمان قديمًا وقال عنها: «الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس» (جامعة2: 11)· لقد عاش حياة جدّية، ليس كما يعيش معظم الشباب، فهذه هي المرحلة التي يتعلم فيها الإنسان ويتدرب لكي يتأهل لحياته المستقبلية· وبحق كُتب عنه «هوذا عبدي يعقل·· ويتسامى جدًا» (إشعياء52: 13)·
ج) النعمة عند الله والناس: لقد عاش سيدنا بحق «مملوءًا نعمة» لقد اهتم بحياته الزمنية أمام الناس، وكذلك علاقته ووضعه أمام الله· لقد تحقق فيه القول «هوذا فتاي الذي اخترته· حبيبي الذي سُرّت به نفسي··· لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته· قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ» (متى12: 18-20)·
هذه كانت حياة سيدنا العظيم في مرحلة الشباب فماذا عنك أنت يا أخي الشاب وأختي الشابة؟
أ لم يأتِ الوقت لنتحول عن الأفكار البشرية والنماذج الخاطئة المحيطة بنا، ونثبِّت النظر فيه، ونتعلم منه عمليًا؟ وهكذا تكون النتيجة «تجدوا راحة لنفوسكم»










التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 03:11 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:29 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




لا يخاصم ولا يصيح (متى19:12)


عندما كان الرب يسوع هنا على الأرض كتب عنه «مُجَرَّب في كل شيء» (عبرانيين4: 15)، ومن ضمن ما تعرض له سيدنا العظيم مظاهر الرفض والبغضة من المحيطين به، لكن ما أعظمه مثلاً رائعًا في هذا الأمر؛ فقد طبَّق عمليًا ما قاله عن نفسه «تعلموا مني؛ لأني وديع ومتواضع القلب» (متى11: 29).
دعونا نناقش هذا الموضوع ببعض التفصيل، حتى نتعلم منه دروسًا هامة في كيفية التصرف إزاء مظاهر الرفض والبغضة المحيطة بنا، أو التي قد تصدر منا.
أولاً: أسباب مواقف الرفض والبغضة
كثيرًا ما نتعرض للرفض والبغضة من الذين حولنا، كما حدث مع سيدنا الذي كُتب عنه «أكثر من شعر رأس الذين يبغضونني بلا سبب» (مزمور 69: 4). ودعونا نفحص الأسباب الفعلية لمظاهر الرفض:

  1. الخوف على المصالح الشخصية

    عندما أخرج الرب الشياطين من مجنون كورة الجدريين، فدخلت في الخنازير التي اندفعت من إلى البحر واختنقت؛ جاء أهل المدينة وأبتدأوا يطلبون من الرب أن يمضي من تخومهم (مرقس5:1-17). لقد سيطرت عليهم مصالحهم الشخصية، الممثَّلة في الخنازير، بدلاً من استفادتهم من وجود الرب في وسطهم، وكذلك تمتعهم بنتائج تحرير المجنون من الشياطين.

    ألا يحدث هذا كثيرًا الآن، سواء منا أو تجاهنا؛ عندما تصبح المصالح الزمنية المادية سببًا في رفضنا بعضًا لبعض، وهكذا نفقد التمتع بمعاملات الله معنا؟!
  2. التعصب الأعمى للأفكار والقناعات الشخصية

    عندما شفى الرب ذو اليد اليابسة في يوم السبت، اشتكى عليه اليهود وتشاوروا لكي يقتلوه (متى12: 10-14). وهنا نرى كيف أن التعصب الأعمى يغلق الفكر تمامًا عن الفهم الصحيح لفكر الله من جهة البشرية «السبت إنما جُعِل لأجل الإنسان لا الإنسان لأجل السبت» (مرقس 2:27)؛ فبدلاً من وضع مصلحة الإنسان وإنطلاقه الصحيح في حياته في المقام الأول، نتمسك بتعاليم ووصايا قد تكون صحيحة في مضمونها لكننا نطبِّقها بطريقة خاطئة قد تعطل الإنسان وتحرمه من التمتع الصحيح بحياته.
  3. الخوف على المكانة الشخصية أو المركز

    عندما أقام الرب لعازر سبَّب هذا إيمان كثيرين من اليهود بالمسيح. ولكن بدلاً من أن يكون هذا سببًا في قبول الفريسيين والكهنة أن الرب يسوع هو المسيح المخلّص الآتي إلى العالم، إذا بهم يخطِّطون لقتله، وليس هو فقط بل أيضًا لعازر «إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأمتنا» (يوحن11:47-53؛ 12: 10).

    ألا يحدث هذا مع كثيرين، فالخوف على المركز وعلى تهديد مكانتنا يدفعنا لأخذ موقف الرفض، بدلاً من إعادة التفكير في الأمور وقبول الحق الذي يحرِّر.
  4. تأنيب الضمير مع عدم التجاوب مع الحق

    عندما دخل الرب يسوع المجمع في بداية خدمته، قام ليقرأ في سفر إشعياء (لوقا4:16-29) ثم بدأ يوضِّح لهم وضعهم وموقف الله من جهتهم. بدلاً من الاعتراف بحالتهم وأخذ موقف التوبة القلبية والرجوع للرب، امتلأوا غضبًا وأخرجوه خارج المدينة إلى حافة الجبل حتى يطرحوه إلى أسفل.
يحدث هذا معنا عندما نشعر بتأنيب الضمير من خطإ تصرّفناه، وبدلاً من أن نتوب ونصحِّح مسارنا، نأخذ موقف المدافع والرافض والمقاوم للآخرين.

ثانيًا: التصرف الصحيح تجاه مواقف البغضة والرفض
نقرأ في غلاطية 5: 19، 20 «أعمال الجسد ظاهرة التي هي... عداوة خصام غيره سخط تحزب»؛ لذلك يحرِّضنا الكتاب على أخذ الموقف الصحيح تجاهها بالقول «اطرحوا عنكم أنتم أيضًا الكل: الغضب السخط... الكلام القبيح من أفواهكم» (كولوسي 3:8).
لذلك دعونا نتعلم من سيدنا العظيم التصرف العملي الصحيح في مثل هذه المواقف.

  1. عدم التصدي بالمثل لمواقف البغضة والرفض


    عندما علم الرب يسوع بأن الفريسيون تشاوروا عليه لكي يهلكوه نقرأ القول «إنصرف من هناك» (متى12: 14، 15)؛ لقد كان كما كتب بطرس « إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا وإذ تألم لم يكن يهدد» (1بطرس 2: 23).
    إن الإنسان الطبيعي لا يمكن أن يتصرف هكذا، لكن المؤمن الحقيقي له امتياز سكنى الروح القدس في داخله، وعندما يعطيه القيادة في حياته؛ يختبر عمليًا القول «أسلكوا بالروح (وعندئذ) فلتكملوا شهوة الجسد» (غلاطية 5: 16).
  2. مقابلة البغضة والرفض بالإحسان واللطف


    عندما كان الرب يحاكَم أمام رؤساء الكهنة، اندفع واحد من الخدّام الواقفين ولطم الرب يسوع قائلاً له «أ هكذا تجاوب رئيس الكهنة؟». ماذا كان رد فعل الرب له المجد؟ كان يمكن أن يرد هذه الإساءة والرفض بإدانة وشدة، لكنه أجاب قائلاً «إن كنت قد تكلَّمت رديًا فأشهد على الردي، وإن حسنًا فلماذا تضربني» (يوحنا 18: 23). لقد انطبق عليه عمليًا القول «ظُلم أما هو فتذلَّل ولم يفتح فاه» (إشعياء 53: 7). بحق لم يخاصم ولم يصيح. أين نحن من هذا؟ هل نستمع إلى النصيحة الإلهية في رومية12:19-20 «لا تنتقموا لأنفسكم أيها الاحباء، بل أعطوا مكانًا للغضب... فإن جاع عدوك فأطعمه وإن عطش فاسقه»؟
  3. التعامل مع الداخل والدوافع وليس التصرفات الخارجية
عندما أخرج الرب الشياطين من مجنون كورة الجدريين، وطلب منه رعاة الخنازير أن يمضي من تخومهم، ماذا فعل الرب؟ ذهب ودخل السفينة، وقال للذي كان مجنونًا «إرجع إلى بيتك وحدث بكم صنع الله بك»، فماذا كانت النتيجة؟ «مضى وهو ينادي في المدينة بكم صنع به يسوع... ولما رجع يسوع قبله الجمع لأنهم كانوا جميعهم ينتظرونه» (لوقا8: 37-40). ومن هذا نتعلم أن الرعاة طلبوا أن يذهب الرب عنهم لا لأنهم يرفضونه كشخص، بل رفضوا ما فعله؛ لأنهم ظنوا للوهله الأولى أنه أفقدهم مصدر دخلهم الزمني. لكن عندما رأوا محدث للمجنون، ورد فعل الرب معهم، راجعوا أنفسهم ثانية وقبلوا شهادته. لذلك انتظروا الرب يسوع وقبلوه عندما أتى ثانية.

هل نتعلم هذا الدرس الهام؛ فلا ننفعل مباشرة مع التصرفات الخارجية من رفض أو بغضة بل نعطي فرصة أكبر للتركيز على الدوافع الداخلية حتى نتعامل معها بالطريقة الصحيحة؟ وعندها يمكن أن تكون سبب بركة حقيقية للكثيرين.
في النهاية ليتنا نتعلم هذه الدروس العظيمة من سيدنا معطين فرصة للروح القدس أن يعمل فينا فيظهر فينا ثمره الحقيقي الذي منه «وداعه تعفف (ضبط نفس)» وهكذا يصبح من السهل علينا أن نتمثل به عمليًا في القول «لا يخاصم ولا يصيح وليسمع أحد في الشوارع صوته».









التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 03:29 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:32 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




جاء مملوءاً نعمة وحقاً


نقرأ في هوشع 7: 8 «أَفرايم صارَ خُبزَ مِلَّةٍ لَمْ يُقلَبْ»، أي إن أفرايم أصبح مثل الكعكة التي وُضعت على النار لتُخبَز ولكنها تُركت على جانب واحد، حتى احترق والجانب الآخر ما زال نيئًا؛ والنتيجة أن تصبح الكعكة غير صالحة للأكل بالمرة. ويستخدم الرب هذا التشبيه لتوضيح الحياة البشرية غير المتزنة، حيث نرى الإنسان ينحاز ويتطرف في اتجاة معين وينسى الجانب الآخر تمامًا؛ وتكون النتيجة حرمانه من الحياة الناضجة الصحيحة، وحرمان الآخرين من الاستفادة من إمكانياته ومواهبه التي أعطاها له الله.



لكن عندما ننظر إلى سيدنا العظيم، كالإنسان الكامل على الأرض، نراه يطبِّق مبدأ الاتزان الكامل في حياته، مُحقِّقًا ما جاء عنه بالنبوة «قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة خامدة لا يطفئ، إلى الأمان يُخرِج الحق» (إشعياء 42: 3)، وفيه «الرحمة والحق التقيا، البر والسلام تلاثما» (مزمور 85: 10). وعندما كان في الأرض، قيل عنه «مملوءًا نعمة وحقًا» (يوحنا 1: 14). لنتأمل قليلاً في بعض المواقف التي نرى فيها حياة الاتزان الصحيحة التي عاشها على أرضنا، فنتعلم منه هذا الدرس الهام.
أولاً: في الحياة الشخصية

  1. الخلوة الشخصية والخدمة: كثيرًا ما ننشغل بالخدمة والمسؤوليات اليومية العاجلة والهامة، فلا نجد الوقت الكافي للجلوس والسكون في الخلوة مع إلهنا المحب؛ وتكون النتيجة اضطرابات وتوترات في الحياة. لكن ما أعظم سيدنا، الذي نقرأ عنه في إنجيل مرقس، كالخادم الكامل، أنه كان يقضي فترات كثيرة في الصلاة منفردًا، سواء في الصباح الباكر أو في المساء، ثم يتجة إلى تتميم العمل الذي أعطاه الآب أن يكمله (مرقس 1: 21-35).

  2. الخضوع للآب السماوي وللسلطات الأرضية: كثيرًا ما ننخدع من العدو ونُقنع أنفسنا بأنّ الخضوع لله يبرّر لنا تجاوزنا في الخضوع للسلطات الأرضية أيضًا. فعندما كان في سن الثانية عشر من عمره، وذهب مع أبويه الأرضيين إلى الهيكل، ودخل وجلس وسط المعلّمين يسمعهم ويسألهم، كان لسان حاله «ينبغي أن أكون في ما لأبي». ولكن عندما جاء أبواه، وطلبا أن ينزل معهما إلى الناصرة «نزل معهما... وكان خاضعًا لهما» (لوقا 2: 45-51). وفي مرة أخرى، سُئِل عن أعطاء الجزية لقيصر، فكان جوابه «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله» (مرقس 12: 17).

  3. الاهتمام بالخدمة لم يُنسه الاهتمام بأمه: البعض يُقنع نفسه بأن الانشغال بخدمة الرب والآخرين تأخذ الأولوية، حتى على حساب احتياجات العائلة. ولكن ما أعظم سيدنا! حيث نراه وهو على الصليب، في أصعب مشهد على الأرض، وهو في قمة الآلام تنفيذًا لخطة الله العظيمة للخلاص، لم ينسَ احتياجات أمه المطوبة مريم ومشاعرها الحزينة، فنقرأ «فلمٍّا رأَى يسوع أُمَّهُ والتلميذ الذي كان يُحبُّهُ واقفًا، قال لأُمهِ: يا أمرأة، هوذا ابنكِ. ثم قال للتلميذ: هوذا أمُّكَ» (يوحنا 19: 26، 27).

  4. المشاركة في أفراح وأحزان الآخرين: يظن البعض أن مشاركة الآخرين أفراحهم أو أحزانهم ليس له أهمية خاصة في الحياة، ونسوا ما يُعلِمهُ الروح القدس «فرَحًا مع الفَرحينَ وبُكاءً مع الباكينَ» (رومية 12: 15). وهذا ما نراه في حياة سيدنا على الأرض فنقرأ أنه «كان عرسٌ في قانا الجليل... ودُعيَ أيضًا يسوعُ وتلاميذهُ إلى العرسِ»، ثم نقرأ عن حادثة إقامة لعازر من الأموات «فلما رآها (مريم) تبكي واليهود الذين جاءوا معها يبكون... بكى يسوع» وهكذا كان وجوده في الحالتين الفرح والحزن ليس فقط مشاركة اجتماعية بل سبب بركة عظيمة لكل الحاضرين (يوحنا 2: 1-11؛ 11: 17-44).


ثانيًا:في الخدمة والتعامل مع الآخرين

  1. الاهتمام بالجموع الغفيرة وكذلك الأشخاص منفردين: يميل البعض للاهتمام بالأعداد الكثيرة ويهملون الاحتياجات الفردية، لكن سيدنا؛ وسط مشاغله الكثيرة والجموع الغفيرة التي كانت تحيط به، لم ينسَ أو يقلِّل من أهمية العمل الفردي؛ فنقرأ مثلاً في يوحنا 4 قصة تقابلة مع المرأة السامرية على انفراد حيث روى عطشها الروحي فتحولت إلى امرأة كارزة للآخرين. وغيرها في الإنجيل ذاته.

  2. الاهتمام بالأمور الكبيرة وكذلك الصغيرة: عندما نقرأ معجزة إشباع الجموع الغفيرة في الأناجيل الأربعة، نرى كيف أن السيد العظيم لم يهتم فقط بإشباعهم من الخبز والسمك بل اهتم أيضًا بطريقة توزيع الطعام؛ حيث أمر التلاميذ أن يُتكئوا الجموع «رفاقًا رفاقًا» على العشب الأخضر، ثم بعد أن أكلوا وشبعوا «قال لتلاميذه: اجمعوا الكِسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء» (مرقس 6: 39-44). أين نحن من هذا؟ كثيرًا ما نركز على الأمور الكبيرة ولا نهتم بالتفاصيل الصغيرة؛ فنُصاب بالفشل في تحقيق الهدف المطلوب من الخدمة.

  3. الاهتمام بالاحتياجات الروحية وكذلك الجسدية للمخدومين: كثيرًا ما نركز على الاحتياجات الروحية للنفوس التي نخدمها وننسى أن الله خلق الإنسان كيانًا واحدًا متكاملاً، روحًا ونفسًا وجسدًا، فتكون خدمتنا ناقصة. أما سيدنا فنقرأ عنه أنه «أبصر جَمعًا كثيرًا، تحنن عليهم وشفى مرضاهم» ولما تقدم إليه التلاميذ قائلين «الموضع خلاء والوقت قد مضى، اصرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعامًا»، كان جوابه لهم «لا حاجة لهم أن يمضوا، أعطوهم أنتم ليأكلوا» وكانت النتيجة النهائية «أكل الجميع وشبعوا» لقد سدد الاحتياجات الروحية والنفسية والجسدية (متى 14: 14-21). ما أعظمه معلِّمًا!

  4. الغيرة المقدّسة والانتباه لعدم إيذاء الآخرين: كثيرًا ما نندفع بغيرة مقدسة صحيحة، لكن لا نراعي وضع الآخرين الذين نتعامل معهم؛ فنتصرف بدون حكمة ونتسبب في إيذاء الآخرين بدلاً من إصلاح وضعهم، وهكذا تفقِد رسالتنا تأثيرها الصحيح في النفوس. ولكن دعونا نتأمل ما فعله سيدنا عندما دخل الهيكل ووجد الذين كانوا يبيعون بقرًا وغنمًا وحمامًا والصيارف جلوسًا. ماذا فعل؟ صنع سوطًا من حبال وطرد الجميع من الهيكل الغنم والبقر، وكب دراهم الصيارف وقلب موائدهم. ولكن يا للعجب، عندما جاء إلى باعة الحمام لم يقلب أقفاص الحمام، وإلا كانت قد طارت في السماء وخسر الباعة مصدر رزقهم. لكن ما أمجدة سيدنا إذ قال «ارفَعُوا هذهِ مِنْ ههُنا» (يوحنا 2: 13-17).

  5. كلام النعمة المصلح بملح: ما أخطر تأثير الكلمة على سامعيها وبحق قال الرب يسوع «بكلامك تتبرر وبكلامك تُدان» (متى 12: 37). كثيرًا ما لا نتنبة لكلامنا الخارج من أفواهنا، ونندفع بدعوى إعلان الحق دون انتقاء الكلمات المناسبة للشخص الذي نتكلم معه، فنقدم “ملحًا بدون نعمة”. دعونا نرجع لمقابلة الرب مع المرأة السامرية، ونرى كيف كان حديثهُ معها المثال الأعظم لتوازن النعمة والحق معًا. فعندما قال لها «ادعِي زَوجَكِ» كانت إجابتها «ليس لي زوج». فماذا كان ردّه؟ كان يمكن أن يقول لها “نعم أنا أعلم انكِ تعيشين في الزنا وعليك أن تتوبي عن ذلك الآن”. لكن ما أعظمه مثالاً في كل شيء، قال لها «حسنًا قُلتِ... هذا قُلتِ بالصدقِ». وهكذا استطاع كلام النعمة المُصلَح بالملح أن يكسر الحاجز النفسي لديها لتفتح قلبها له حتى النهاية.
هذا قليل من كثير نرى فيه حياة الاتزان الرائعة التي عاشها سيدنا العظيم على الأرض.

ليتنا نتعلم هذا الدرس الرائع والهام فلا ننجرف للتطرف إلى اتجاه معين دون أن نضع في الاعتبار الجوانب المختلفة من الأمر، وبالتالي بدلاً من أن نكسب الآخرين نتسبب لهم في متاعب أكثر.
لنذهب إليه ونتعلم منه، فهو الذي قال بحق «تعلَّموا منِّي، لأني وديع ومتواضع القلب»
(متى 11: 29).









التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 03:38 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:37 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




تعالوا أنتم منفردين


عندما خلق الله الإنسان نقرأ القول: «وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تكوين1: 26)، ثم يأتي القول في أمثال8: 31: «لذاتي مع بني آدم». وهكذا يُعلن الله منذ البداية قيمة الإنسان كفرد بالنسبه له. وعلى مر الزمان نرى اهتمام الله الواضح بالإنسان كفرد، وكيف يتعامل مع كل واحد بمفرده بطريقة خاصة متلائمة مع شخصيته وظروفه.
وفي حياة الرب يسوع على الأرض كان يهتم بالنفوس ليس فقط كمجموعات، بل ركَّز كثيرًا على أهمية التعامل الفردي المتميز مع نفوس كثيرة؛ فنجده يسير المسافات الطويلة ليتقابل مع أشخاص منفردين ليعالج وضعهم ويردهم إلى الطريق الصحيح. ودعونا نستعرض مفهوم العمل الفردي وأهميته متعلمين من سيدنا العظيم.



أولاً: أهمية العمل الفردي
1- تقدير الرب للفرد
في مثل الخروف الضال نقرأ: «ألا يترك التسعة والتسعين في البرية ويذهب لأجل الضال حتى يجده؟» (لوقا15). وهذا ما نراه واضحًا في حياة سيدنا عند ما كان هنا على الأرض؛ فمثلاً نراه يترك اليهودية ويمضي إلى الجليل وفي الطريق يجتاز السامرة ويأتي إلى مدينة سوخار ثم يجلس على البئر ليتقابل مع المرأة السامرية ويتكلم معها على انفراد (يوحنا4).
2- اختلاف الشخصيات البشرية
لقد خلق الله الإنسان بطبيعة وشخصية متميزة مختلفة كل واحد عن الآخر، وبحق كتب المرنم قديمًا: «نَسَجْتَني في بطن أمي. أحمدك من أجل أني قد امتزتُ عجبًا» (مزمور139: 13، 14). وهناك أشخاص لا يمكن التواصل معهم بطريقة مؤثرة إلا على المستوى الفردي، وهذا ما نرى السيد العظيم يفعله؛ فنراه مثلاً يتقابل مع المرأة السامرية على انفراد بعد ما مضى تلاميذه إلى المدينة ليبتاعوا طعامًا (يوحنا4: 11). كما نراه يجلس مع نيقوديموس ليلاً منفردين ليقوده إلى طريق الحياة الأبدية (يوحنا3).
3- اختلاف الظروف التى يعيش فيها الشخص
كثير من الناس يعيشون في ظروف شخصية أو اجتماعية خاصة تضع أمامهم عوائق كثيرة لسماع الأخبار السارة في الاجتماعات العامة؛ لذا يتطلب الأمر الوصول إليهم حيث هم وعلى انفراد. وهذا ما نراه في مقابلات السيد العظيم مع نيقوديموس الفريسي، والمرأة السامرية، ومريض بيت حسدا (يوحنا5).



ثانيًا: أهداف العمل الفردي
لكي ينجح العمل الفردي يجب أن يضع الخادم أمامه أهدافًا محدودة واضحة تتناسب مع حالة ووضع كل شخص، وهذا ما نتعلمه من سيدنا الخادم العظيم:
1- تغير الحياة والحصول على الولادة الجديدة
وهذا ما نراه في مقابلة الرب مع نيقوديموس الذي كان تركيز الرب معه في القول: «ينبغي أن تولدوا من فوق» (يوحنا3: 7). ثم المرأة السامرية حيث قال لها: «من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد» (يوحنا4: 14).
2- تصحيح مسار المؤمن
كما حدث مع تلميذي عمواس، فبعد ما اقترب منهما الرب وسار معهما الطريق كله إلى عمواس، صحَّح أفكارهما فرجعا مباشرة إلى أورشليم (لوقا24: 13 35). كما نرى ذلك أيضًا في مقابلة الرب لبطرس عند بحر طبرية وهو يحاول أن يصطاد السمك مرة أخرى «وقال له: اتبعني» (يوحنا21: 1 19).
3- التشجيع وتصحيح الأفكار
وهذا ما نراه بعد تقابل الرب مع مريم المجدلية عند القبر الفارغ بعد قيامته، فتحولت من باكية مضطربة إلى أول مبشرة كارزة بقيامته من الأموات (يوحنا20: 1 18). وأيضًا ما حدث عند ما ظهر الرب للتلاميذ بعد قيامته لكي يتقابل مع توما المتشكك حيث هتف بعدها قائلاً: «ربي وإلهي» (يوحنا20: 24 29).
4- نحو القامة الروحية
وهذا واضح في تعامل الرب مع مريم أخت مرثا، ففي المرة الأولى «جلست مريم عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه» (لوقا10: 39)، وفي المرة الثانية «أخذت مريم مَنًا من طيب ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها» (يوحنا12: 3).
5- إعداد المؤمن للخدمة
وهذا واضح مما حدث مع أندراوس، فبعد ما مكث مع الرب على انفراد، مع تلميذ آخر، يومًا كاملاً، رجع إلى بيته وأخبر أخاه سمعان عن المسيح ثم جاء به إليه (يوحنا1: 35 42)، وأيضًا تكرّر هذا مع فيلبس الذي بعد ما تبع يسوع على انفراد ذهب وجاء بنثنائيل إلى يسوع (يوحنا1: 43 47).



ثالثًا: الأسلوب الصحيح للعمل الفردي
كثيرون يفشلون في العمل الفردي وبدلاً من أن يساعدوا الآخرين يكونون سببًا في تفشيلهم، لكن دعونا نتعلم من السيد الأساليب الصحيحة التي اتَّبعها في تعامله مع النفوس فاستطاع أن يربحها ويغير حياتها:
1- معرفة المدخل الصحيح للتواصل
لكي ننجح في العمل الفردي علينا أن نفتش على المدخل الصحيح للتعامل مع الأشخاص ونتعلم من سيدنا الذي بدأ الحديث مع نثنائيل بالقول: «هوذا إسرائيلي حقًّا لا غش فيه» (يوحنا1: 47)، أما مع نيقوديموس بالقول: «إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله» (يوحنا3: 3)، وأما المرأة السامرية فقال لها: «أعطيني لأشرب» (يوحنا4: 7).
2- معرفة حالة الشخص واحتياجه الرئيسي
لكل شخص احتياج أساسي يشغله وعدم تسديده بالطريقة الصحيحة يتسبب في تعطيل مسيرة حياته وقد يُسقِطه في أخطاء كثيرة. لذلك علينا التركيز في معرفة حالة الشخص وما يشغله. فنيقوديموس كان فريسيًّا ملتزمًا بالشريعة اليهودية لكنه كان يفتقد التمتع بالعلاقة الصحيحة مع الله لذلك ركز الرب معه على ضرورة الولادة من فوق. أما السامرية فكانت تفتقد للشبع العاطفي في حياتها والتي حاولت أن تقتله بطرقها الخاطئة ولم تقدر، فكلمها السيد عن الماء الحي الذي مَن يشرب منه لن يعطش إلى الأبد بل يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية.
3- استخدام الأسلوب الصحيح الذي يتناسب مع الشخص
هذا نجده واضحًا من أسلوب حديث الرب مع نيقوديموس الفريسي الذي يعرف كلمة الله في العهد القديم، فكلمه عن مفهوم الولادة من فوق، والحيَّة النحاسية. أما المرأة السامرية التي تبحث عن الشبع في مياه العالم التي لا يمكن أن تُشبِع فتكلم معها عن الماء الحي الذى يُعطي الارتواء الحقيقي.
4- التركيز على الاحتياج الرئيسي وليس الأمور الفرعية
كثيرًا ما يفشل العمل الفردي لأننا ننسى الهدف الرئيسي ونؤخَذ بعيدًا بأسئلة أو نقاشات قد تكون هامة لكنها قد تُبعدنا عن الخط الرئيسي في الحديث. ليتنا نتعلم من سيدنا الذي عندما تكلم مع المرأة السامرية ركَّز على احتياجها الرئيسي ولم يقف عند تعليقاتها الفرعية البعيدة عن الجوهر الرئيسي لاحتياجها، وحتى عندما سألته عن السجود كان رده: «صدقينى أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب».
5– احترام أحاسيس الشخص ومشاعره
عندما أتى الكتبة والفريسيون بالمرأة التى أُمسكت فى زنا ليرجموها، انحنى يسوع إلى الأرض وبعد ما خرجوا واحدًا فواحدًا انتصب يسوع وقال لها: «أين هم أولئك المشتكون عليكِ؟ أما دانك أحد؟... ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا». فلم يجرح مشاعرها أو يذكِّرها بماضيها الشرير بل أطلقها بسلام (يوحنا8: 1 11). وأيضًا عندما ظهر عند بحر طبرية بعد قيامته من الأموات أخذ بطرس جانبًا وتكلم معه لا عن الخطإ الذى ارتكبه في رجوعه لصيد السمك وجذب التلاميذ الآخرين معه بل تكلم معه عن محبته له ثم رعاية غنمه وخرافه (يوحنا21: 1 17).
ليتنا نتعلم هذه الدروس العظيمة في العمل الفردي ولا يأخذنا العمل الجماعي عن تقديرنا لأهمية النفوس كأشخاص متميزين لهم تقديرهم وأهميتهم عند الله، فنتعامل معهم بالطريقة الصحيحة متذكرين القول: «قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يُطفئ حتى يُخرِج الحق إلى النصرة» (متى12: 20)!









التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 03:40 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:25 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




ورجع يسوع بقوة الروح




عاش الرب يسوع الثلاثين سنة الأولى من حياته على الأرض مع يوسف النجار ومريم العذراء - اللذين اُعتبرا أبواه الأرضيان - وكان طابع هذه المرحلة «وأما يسوع فكان يتقدَّم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس» (لوقا2: 52)· ونأتي الآن إلى المرحلة الثانية من حياته - له المجد - على الأرض، والتي فيها انطلق في حياته وخدمته الجهارية لتنفيذ الخطة التي جاء من أجلها· وقد بدأت هذه المرحلة بحادثتين هامتين، نريد أن نقف عندهما قليلاً:
أولاً: المعمودية من يوحنا المعمدان



لقد جاء يوحنا المعمدان قبل الرب يسوع، كارزًا بضرورة التوبة القلبية والرجوع الحقيقي لله وليس بمظاهر التدين الخارجي، وكانت معمودية الماء هي العلامة العلنية على ذلك· وخرج إليه الكثيرين واعتمدوا في نهر الأردن معترفين بخطاياهم· وهنا نقرأ القول «حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن، إلى يوحنا، ليعتمد منه» (متى3: 13)· وهنا يأتي السؤال: لماذا اعتمد الرب يسوع وهو غير محتاج لذلك؟! وهذا ما قاله له يوحنا المعمدان «ولكن يوحنا منعه قائلاً: أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إليَّ؟» (متى 3: 14)· والإجابة:
1) لإعلان الطاعة لوصايا الله: لقد كانت معمودية الماء هي الطريقة التي وضعها الله في ذلك الوقت كبرهان عملي للتوبة الحقيقية القلبية· لذلك، وبالرغم من عدم احتياج الرب يسوع لهذه المعمودية، لأنه الذي كُتب عنه أنه «ليس فيه خطية» و«لم يعرف خطية» و«لم يفعل خطية»؛ لكنه كان خاضعًا لكل ترتيب إلهي في الحياة، وهذا ما أكَّده في ردِّه على يوحنا المعمدان «اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نُكمِّل كلَّ بِرٍّ» (متى3: 15)· فماذا عنا نحن؟؟ هل نحن غيورون على تنفيذ وصايا الله وتعاليمه مهما كلَّفَنا الأمر؟!



2) الاتحاد مع الأتقياء الطائعين لله: إن جميع الذين اعتمدوا في ذلك الوقت أعلنوا بوضوح طاعتهم لله، لذلك كانت مسرة الرب يسوع أن يكون في وسطهم ومعهم· لقد كان شعاره بحق «القديسون الذين في الأرض والأفاضل، كل مسرتي بهم» (مزمور16: 3)· فماذا عنك أنت؟ مع من تَجِد مَسَرَّتك وتجد الشركة الحقيقية في حياتك؟!
3) صورة رمزية لعمل الخلاص الذي سيتمِّمه: إن المعمودية هي التغطيس الكامل في المياه ثم الخروج خارجًا منها، وهنا يرسم الرب أمامنا أنه لا حياة جديدة صحيحة إلا بموته ودفنه ثم قيامته مرة ثانية، وهذا ما نقرأه بعد ذلك في رومية6: 3-4 «كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته، فدُفنا معه بالمعمودية للموت، حتى كما أُقيمَ المسيح من الأموات بمجد الآب، هكذا نسلك نحن أيضًا في جِدَّة الحياة»· فهل تمتعت بعمله من أجلك؟ وهل أنت الآن إنسان جديد في المسيح؟!



بعد صعود الرب من الماء انفتحت السماوات، ونزل روح الله في صورة حمامة عليه، وسُمع صوت قائلاً «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرت»· ونرى في ذلك أمرين:
1· مسحة الروح القدس: إن المسحة تُعبِّر عن التعيين والفرز الإلهي لعملٍ وخدمةٍ خاصة، وهذا ما قاله بطرس الرسول عن المسيح في أعمال10: 38 «يسوع الذي من الناصرة، كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة»· وقد صار للمؤمنين الحقيقين إمتياز هذه المسحة بعد التمتع بالولادة الجديدة من الله وهذا ما يكتبه بولس الرسول في 2كورنثوس1: 21 «ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله»· فهل تمتعت بذلك فعليًا؟ وهل تعرف ماذا يريد الرب منك في هذه الحياة؟!
2· هذا هو··· الذي به سررت: لقد انفتحت السماوات وصار الصوت «هذا هو··· الذي به سررت»؛ لقد أعلن الآب مسرَّته الكاملة بابنه كل أيام حياته على الأرض وهذا ما كتبه إشعياء قديمًا عنه في «مُختاري الذي سُرّت به نفسي» (إشعياء42: 1)· فماذا عني وعنك؟ ماذا سيكون تقرير السماء عني الآن وعن حياتي هنا على الأرض؟!
ثانيًا: صيامه أربعين يومًا في البرية
رجع الرب يسوع من الأردن بعد المعمودية إلى البرية، حيث أمضى أربعين يومًا صائمًا في خلوة خاصة استعدادًا لانطلاقته في خدمته الجهارية· دعونا نتأمل في هذه الفترة لنتعلم منها الكثير:
أ) الخلوة وأهميتها



إنها فترة خاصة ندخل فيها في شركة منفردة مع الله، حيث فيها يتجدَّد الذهن عمليًا فيتطابق فكرنا مع فكر الله؛ وعندها نستطيع أن نختبر إرادته في حياتنا، ونتأيد بقوة بروحه في إنساننا الباطن· وهذا ما نقرأه عن الرب يسوع في نهاية هذه الفترة «ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل» (لوقا4: 14)·
قال بحق أحد رجال الله إن أولئك الذين كان لهم أكبر التأثير في العالم، هم أولئك الذين قضوا وقتًا طويلاً أمام الله، بل صار هذا هو الطابع المميِّز لحياتهم · فماذا عنك أنت؟ هل هذا طابع حياتك؟!
ب ) الصيام
إنه فترة محدَّدة يتم فيها الامتناع عن الطعام والشراب وكافة مُتع الحياة، حيث يتحد الجسد مع الروح للتفرغ التام للصلاة وسكب القلب أمام الله·
يحتاجه المؤمن الحقيقي، والخادم بصفة خاصة، من وقت إلى آخر، للاعتكاف والتعبُّد للرب، حتى يتأيد بالقوة في الإنسان الباطن، ويختبر عمليًا يد الرب العاملة معه· وهذا ما حدث فعليًا في حياة رجال الله أمثال: موسى ودانيال ونحميا وبولس·
فماذا عنك أنت؟ هل للصوم مكان في حياتك؟
أما الحادثة التالية في حياة الرب، وهي التجربة من إبليس، فهي في غاية الأهمية ومليئة بالدروس العملية، لذا نفرد لها مقالنا القادم - إن تأنى الرب·









التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 03:15 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:26 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي






التجربة على الجبل

عندما خلق الله الإنسان الأول، وضعه في جنة عظيمة بها كل ما هو شهي للنظر وجيد للأكل، وسلّطه على جميع أعمال يديه. ولكن بعد ذلك بقليل، جاء الشيطان، إبليس المخادع والعدو، ليحرم الإنسان من كل هذا التمتع عن طريق إيقاعه في التعدي على وصية الله. وللأسف فشل الإنسان، وسقط، وصار عبدًا للخطية ولإبليس. وبنفس الطريقة، عندما جاء الإنسان الثاني آدم الأخير الرب من السماء حاول إبليس، بتجارب متنوعة، أن يوقعه في الخطإ، هادفًا لإفساد خطة الله في مجيئه إلى الأرض. وهذا ما يفعله حتى الآن مع جميع أولاد الله، ولا سيما الذين اختارهم لخدمته. دعونا نتأمل في تفاصيل هذه التجارب لنتعرَّف كيف انتصر عليها سيدنا العظيم.
أولاً: طرق إبليس في التجربة:
يستخدم إبليس طرقًا مختلفة في محاولة الإيقاع بنا في الخطإ والتعدي على الله، منها:
1- استغلال ضعفنا أمام احتياجاتنا الطبيعية
نقرأ القول «فبعد ما صام أربعين نهارًا وأربعين ليلة، جاع أخيرًا. فتقدَّم إليه المُجرِّب» (متى 4: 2، 3). لقد جاء له المجرِّب عندما وصل الرب يسوع كإنسان إلى حالة الضعف الجسدي الشديد، محاولاً إيقاعه في استغلال قدراته الشخصية لإشباع احتياجاته الطبيعية، بِغَضِّ النظر عن طاعته لله والسلوك بحسب مشيئته. وهذا ما يفعله معنا في الوقت الحاضر، وهو ما فعله مع الإنسان الأول عندما أوقعه في فخ «شهوة الجسد».
2- بريق الأمجاد العالمية
نقرأ القول «لك أُعطي هذا السلطان كله ومجدهنَّ» (لوقا 4: 6). وهنا يحاول تعظيم أمجاد العالم وبريقه أمام الإنسان، فيحرفه تدريجيًا عن طاعته لله والخضوع لسيادته الكاملة في حياته، وبهذا يدخل إلى حياته، ويضعه تحت سيادته وسيطرته.
3- الحصول على مجد ذاتي عن طريق الأمور الدينية
نقرأ القول «إن كنت ابن الله، فاطرح نفسك من هنا إلى أسفل؛ لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك وأنهم على أيديهم يحملونك» (لوقا 4: 9-11). كثيرًا ما يعمل الله أمورًا معجزية في حياة الكثيرين، أو يستخدمهم بصورة خاصة لتتميم مقصدًا معيَّنًا، وهنا يحاول إبليس إيقاعهم في تعظيم أنفسهم، والحصول على مجد ذاتي أمام الآخرين، والانخداع في القدرات الذاتية. وهكذا يبدأ الانحراف عن الخضوع لسيادة الله في الحياة وقيادته الكاملة، وهذا ما حدث في الجنة أيضًا عندما قال للإنسان «تنفتح أعينكما وتكونان كالله».
4- الاستخدام الخاطئ لكلمة الله
نقرأ قول إبليس «لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك وأنهم على أيديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك» (لوقا 4: 10، 11). لقد حذف من اقتباسه عبارة «في كل طرقك» (مزمور 91: 11)، والتي تفيد أن العناية الإلهية هي في طرق الحياة الطبيعية اليومية، وليست لتصرفات استعراضية. وهذا ما يفعله حتى الآن مستخدِمًا الكتاب المقدّس بطريقة ملتوية، سواء بالحذف، أو الإضافة، أو التحريف؛ لتغيير المعنى أو القصد، وهذا أساس معظم الضلالات التي دخلت المسيحية منذ البداية. وبحق قال الرب يسوع «لهذا تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله» (مرقس 12: 24).
5- التشكيك في كلمة الله وصلاحه



بدأ إبليس تجربته بالقول «إن كنت ابن الله فقُل لهذا الحجر أن يصير خبزًا»، ثم كرر القول «إن كنت ابن الله فاطرح نفسك من هنا إلى أسفل». لقد أعلنت السماء سابقًا، وبكل وضوح، بعد معمودية الرب يسوع «هذا هو ابني الحبيب»؛ لكن إبليس يحاول - من جهة - التشكيك في صدق أقوال الله، ومن الجهة الأخرى التشكيك في صلاح الله واهتمامه بالرب يسوع كإنسان على الأرض، سواء في تسديد الاحتياج الطبيعي للطعام، أو حفظه إذا طرح نفسه من فوق جناح الهيكل. وهذا ما يفعله حتى الآن لزعزعة ثقتنا في كلمة الله ومواعيده لنا. أ لم يكن هذا هو ما بدأ به تجربته للإنسان الأول في الجنة قديمًا بقوله «أ حقًا قال الله؟»؟!
ثانيًا: كيفية الانتصار على تجارب إبليس:
إن كان إبليس لا يهدأ للإيقاع بنا مُستخدِمًا حيلاً كثيرة، كالحية الماكرة، لكن لنا الوعد بالنصرة الكاملة عليه إن كنا نتبع خطوات سيدنا الكريم كإنسان كامل عاش في أرضنا:
1- التمسك بالمكتوب
يتكرر القول «مكتوب» في كافة ردود الرب يسوع على إبليس. لقد كانت كلمة الله مكانتها الكبيرة في حياته كإنسان على الأرض وتم فيه القول «وشريعتك في وسط أحشائي» (مزمور 40: 8).
2- الطاعة الكاملة لله
لقد عاش - له المجد - كإنسان، حياة الطاعة الكاملة لأبيه، مهما كانت الظروف. وكان شعاره «طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني» (يوحنا 4: 34). وهكذا تطابقت إرادته مع إرادة أبيه تمامًا، فلم يجِد إبليس ثغرة واحدة ليدخل منها.
3- الامتلاء بالروح القدس
يُذكر عن سيدنا الكريم «أما يسوع فرجع من الأردن ممتلئًا من الروح القدس» (لوقا 4: 1). وهكذا كإنسان كامل، كان يُقاد بالروح القدس في كل شيء. أليس هذا ما نحتاج نحن إليه كمؤمنين حتى نُحفظ من التشويش ومن خداع إبليس الماكر؟! وهذا ما نقرأه في غلاطية 5: 16 «اسلكوا بالروح فلا تكمِّلوا شهوة الجسد».
هذا سيدنا الكريم أيام جسده على الأرض فماذا عني وعنك؟ دعونا ننظر إليه ونتعلم منه عمليًا حتى نختبر حياة النصرة الحقيقية والانطلاقة الصحيحة في حياتنا متمّمين نصيحته الغالية «تعلّموا مني.. فتجدوا راحة لنفوسكم».









التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 03:16 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:26 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




ناظرين إلى يسوع


رجع الرب يسوع، بعد اعتزاله في البرية لمدة أربعين يومًا، إلى مدينة الناصرة، ومنها انطلق لبقية المدن بقوة الروح القدس ليتمِّم الإرسالية العُظمى التي من أجلها أتى إلى الأرض.
ومن المفيد والهام جدًا أن نتأمل في حياته، كالإنسان الكامل الذي عاش حياة فريدة، تاركًا لنا مثالاً لكي نتبع خطواته.
وعندما نتأمل في حياة السيد العظيم - كما ذُكرت في الأناجيل الأربعة - يلفت نظرنا بعض العادات التي تميّزت بها حياته - له كل المجد - وهي:
1- الصلاة: «وخرج ومضى كالعادة إلى جبل الزيتون... وجثا على ركبتيه وصلى» (لوقا22: 39-41).
2- حضور المجمع: «وجاء إلى الناصرة حيث كان قد تربى ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت» (لوقا4: 16).
3- التعليم: «اجتمع إليه جموع أيضًا وكعادته كان أيضًا يعلِّمهم» (مرقس10: 1).
دعونا الآن نتأمل في النقطة الأولى التي اتسمت بها حياة السيد وهي الصلاة.
أولاً: متى نُصلي؟



يتساءل الكثيرون: متى نصلي؟ وهل هناك ساعات محدَّدة للصلاة؟ نتعلم من سيدنا العظيم أن الصلاة هي حديث القلب مع الله الموجود لنا ومعنا كل وقت، وبابه مفتوح لنا كل اليوم نهارًا وليلاً. وبحقٍّ علَّمنا قائلاً: «ينبغي أن يُصلّى كل حين ولا يُمَل» (لوقا18: 1). لذلك نقرأ عنه - له المجد - أنه كان يصلي في:
أ-الصباح الباكر: «وفي الصبح باكرًا جدًا قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء وكان يصلي هناك» (مرقس1: 35).
ب- أثناء النهار: «وأما هو فكان يعتزل في البراري ويصلي» (لوقا5: 16).
ج-أثناء الليل: «وقضى الليل كله في الصلاة لله» (لوقا6: 12).
ثانيًا: أين نُصلي؟
حيث أن إلهنا موجود في كل مكان، فهو بحقّ رب السماء والأرض، ولا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي، لذا نستطيع أن نأتي إليه في أي مكان نوجد فيه.. منفردين داخل بيوتنا.. أو معًا كمجموعة مؤمنيين نجتمع تحت رياسته.. أو أينما كنّا. وهذا ما نراه في حياة سيدنا؛ كان يصلي في:
أ-موضع خلاء: «مضى إلى موضع خلاء وكان يصلي هناك» (مرقس1: 35).
ب-الجبل: «مضى إلى الجبل ليصلي» (مرقس6: 46).
ج- البراري: «كان يعتزل في البراري ويصلي» (لوقا5: 16).
ثالثًا: كيف نُصلي؟
حيث أن الصلاة هي الحديث الخاص بين الإنسان والله، لذا فالمهم وضع القلب والكيان الداخلي وقت الصلاة. أما الوضع الخارجي فيرتبط بحالة المُصلّي وأسلوب تعبيره عن احترامه وتقديره عندما يخاطب إلهه. لذلك يذكر عن الرب:
أ- «جثا على ركبتيه وصلّى» (لوقا22: 41).
ب- «رفع عينيه نحو السماء وقال أيها الآب» (يوحنا17: 1).
رابعًا: لماذا نُصلي؟
لقد أساء الكثيرين فهم سبب الصلاة. فالبعض يعتبرونها فرضًا واجبًا لنوال رضا الله عليهم، والبعض الآخر جعلها شكلاً من أشكال العبادة الطقسية، لكن دعونا نتأمل في بعض دوافع الصلاة كما ظهرت في مثالنا الأعظم:
أ-الخلوة الشخصية مع الله: «وأما هو فكان يعتزل في البراري ويصلي» (لوقا5: 16).
ب- قيادة الله في الخدمة: «وإذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح القدس... وكان يُقتاد بالروح» (لوقا3: 21-4: 1).
ج- اتخاذ قرارات هامة: «وفي تلك الأيام خرج إلى الجبل ليصلي... ولما كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سمّاهم أيضًا رُسلاً» (لوقا6: 12، 13).
د-احتياجات وطلبات خاصة للآخرين: «قال يسوع ارفعوا الحجر... ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي...» (يوحنا11: 39-41).
هـ- طلب مجد الله في الحياة: «أيها الآب مجِّد اسمك، فجاء صوت من السماء مجَّدت وأمجّد أيضًا» (يوحنا12: 28).
و- التجارب والمواقف الصعبة: «ولما صار إلى المكان، قال لهم: صلّوا لكي لا تدخلوا في تجربة. وأنفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلّى...» (لوقا22: 40-46).
ز-التشفع في الآخرين: «وقال الرب: سمعان سمعان، هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة، ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك» (لوقا22: 31، 32).
م-جميع المؤمنين واحتياجاتهم المتنوعة: «من أجلهم أنا أسأل... أن تحفظهم من الشرير... قدّسهم في حقك... ولست أسأل من أجل هؤلاء فقط بل أيضًا من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم» (يوحنا17: 9-20).
خامسًا: ما هي الحالة التي يجب أن يكون عليها المُصلّي؟



ما أكثر الذين يصلّون نهارًا وليلاً ولكن صلاتهم لا ترتفع فوق رؤسهم، لأن الله يهتم بحالة القلب الخارجة منه هذه الصلوات. دعونا نتعلم من سيدنا حتى تكون صلواتنا مقبولة عند إلهنا:
أ-التسليم الكامل: «يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت» (متى26: 39).
ب-الحرارة واللجاجة: «وإذ كان في جهاد، كان يصلي بأشد لجاجة، وصار عَرقَه كقطرات دم نازلة على الأرض» (لوقا22: 44).
ج-الثقة الكاملة في الله: «ورفع يسوع عينيه إلى فوق، وقال: أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي، وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي» (يوحنا11: 41، 42).
د-الغفران لإساءة الآخرين: «فقال يسوع: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» (لوقا23: 34).
هذه بعض الدروس العملية التي نتعلمها من سيدنا العظيم التي معها سوف نتمتع بعلاقة صحيحة مع إلهنا، وتظهر نتائج صلواتنا بصورة عملية منها:
أ-التغيير الشخصي: «وفيما هو يصلي صارت هيئة وجهه متغيّرة ولباسه مبيضًا لامعًا» (لوقا9: 29).
ب-الاستجابة الواضحة: «فجاء صوت من السماء مجَّدتُ وأُمجِّد أيضًا» (يوحنا12: 28).
لتكن طلبتنا المستمرة «يا رب علمنا أن نُصلي» (لوقا11: 1).









التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 03:18 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:27 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




ناظرين إلى... يسوع


ونحن نتأمل في النموذج الكامل - الرب له المجد - كإنسان عاش في أرضنا، يلفت نظرنا - كما تكلمنا سابقًا - أن يُذكر عنه بعض العادات الثابتة المتكرِّرة في حياته، وهي: الصلاة، حضور المجمع، التعليم. وقد تأمّلنا سابقًا في موضوع الصلاة والآن سنتأمل ببعض التفصيل في الموضوع الثاني وهو “حضور المجمع”.
أولاً: ما هو المجمع؟
كان لدى اليهود قديمًا الهيكل في أورشليم، حيث كانت تقدَّم الذبائح والتقدمات، بحسب الشريعة الموسوية. ولكن بعد سبي الشعب وتشتيتهم، أقاموا أماكن ليجتمعوا فيها للصلاة وقراءة كلمة الله والتعليم، في كل مدينة تواجدوا فيها؛ وهذه سُميت بـ“المجامع”. وعندما تجسَّد الرب كانت هذه المجامع متواجدة في معظم المدن التي جال فيها. لذلك نقرأ كثيرًا عنه أنه «دخل إلى المجمع» (مرقس1: 21). وبعد صعود المسيح إلى السماء استمر التلاميذ والمؤمنون في الذهاب إلى الهيكل والمجامع للكرازة بالمسيح المخلّص؛ لكنهم قوبِلوا بالرفض الشديد وطُردوا خارجًا (أعمال2: 46؛ 5: 42؛ 6: 15؛ 13: 14، 15). فصاروا يجتمعون في البيوت (أعمال1: 13؛ 12: 12...).
ثانيًا: ما هو الغرض من حضور الاجتماع؟



كثيرون يحضرون الاجتماعات لأهداف مختلفة؛ لكن دعونا نرى ماذا تعلّمنا كلمة الله عن ذلك:
1- للتمتع بحضور الرب في الوسط: لقد وعد الرب يسوع المجتمعين أنه «حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي (أو إلى اسمي) فهناك أكون في وسطهم» (متى18: 20). وهو المكتوب عن بالنبوة «أخبر باسمك إخوتي» (مزمور22: 22).
2- لتقديم السجود والعبادة: لقد قال الرب يسوع للمرأة السامرية «الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق، لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له» (يوحنا4: 23). والرب ينتظرمنامثل هذا السجود.



3- لتعلُّم كلمة الله: دخل الرب يسوع الهيكل وهو صبي في الثانية عشر من عمره، ونقرأ عنه أنه كان «جالسًا في وسط المعلّمين يسمعهم ويسألهم» (لوقا2: 46). ثم عندما بدأ خدمته نقرأ عنه «دخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ؛ فدُفع إليه سفر إشعياء النبي...» (لوقا4: 16-22). ثم نقرأ عن المؤمنين في بداية تكوين الكنيسة أنهم «كانوا يواظبون على تعليم الرسل» (أعمال2: 42).
4- الشركة الروحية: حيث أن المؤمنين الحقيقين قد انفصلوا عن العالم الحاضر الشرير، فلا يمكن أن تكون لهم شركة فعلية معه، وينطبق عليهم القول «أيّة شركة للنور مع الظلمة» (2كورنثوس6: 14). لذلك أوجد الله لهم دائرة شركة جديدة، ليتمتعوا فيها معًا بالشركة الحقيقية المشبعة. فنقرأ عن المؤمنين الأوائل أنهم «كانوا يواظبون على... الشركة» (أعمال2: 42). ونقرأ قول المرنم قديمًا «هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معًا... هناك أمر الرب بالبركة حياة إلى الأبد» (مزمور133: 1-3).
5- صُنع ذكرى موت الرب: نقرأ في الاناجيل أن الرب يسوع، في الليلة الأخيرة من حياته على الأرض، اجتمع مع التلاميذ في العلّية، وبعد أن تناولوا العشاء الأخير للفصح «أخذ خبزًا وشكر وكسر وأعطاهم قائلاً: هذا هو جسدي الذي يُبذل عنكم؛ اصنعوا هذا لذكري. وكذلك الكأس...» (لوقا22: 19، 20). وهذا ما ابتدأ المؤمنين يفعلونه من البداية إذ يذكر عنهم أنهم «كانوا يواظبون على... كسر الخبز» (أعمال2: 42). ولهذا نحن نجتمع في أول كل اسبوع لنتمِّم وصية الرب.
ثالثًا: ما هي الحالة الصحيحة التي يجب أن نكون عليها في الاجتماع؟
كثيرون يحضرون الاجتماعات ويواظبون عليها، ولكن هل نحن في الحالة الصحيحة ونحن داخل الاجتماع؟
1- الاحترام والتقدير للرب الحاضر في الوسط: عندما ظهر الرب قديمًا لموسى في العليقة قال له: «لا تقترب إلى ههنا. اخلع حذاءك من رجليك؛ لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة» (خروج3: 5). ويكتب لنا إشعياء النبي قديمًا عن الرؤيا التي رآها «رأيت السيد جالسًا على كرسي عالٍ ومرتفع، وأذياله تملأ الهيكل. السرافيم واقفون فوقه، لكل واحد ستة أجنحة: باثنين يغطي وجهه، وباثنين يغطي رجليه، وباثنين يطير. وهذا نادى ذاك وقال: قدوس قدوس قدوس» (إشعياء6: 1-3). ويكتب المرنم قديمًا «قدِّموا للرب مجد اسمه. اسجدوا للرب في زينة مقدسة» (مزمور29: 2).



2- الإنصات والتركيز لفهم كلمة الله: عندما دخل الرب يسوع الهيكل وهو صبي جلس وسط المعلمين «يسمعهم ويسألهم وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته» (لوقا2: 46-47). ثم عندما دخل المجمع بعد ذلك في بداية خدمته وابتدأ يُعلِّم نقرأ عن الحاضرين «وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه... وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه» (لوقا4: 20-22).
3- قلب متضع صادق راغب في التغيير: ذكر الرب يسوع مثلاً عن إنسانين صعدا إلى الهيكل ليصلّيا واحد فريسي والآخر عشار (لوقا18: 9-14)، حيث نرى الفريسي وكبرياءه واعتداده ببرِّه الذاتي، أما العشار فأقرَّ بحالته باتضاع وإنكسار، طالبًا التغير الحقيقي. وكانت النتيجة أنه نزل مُبرّرًا دون هذا الفريسي. ويكتب لنا إشعياء قديمًا «يقول الرب: وإلى هذا أنظر؛ إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي» (إشعياء66: 2).
4- البُعد عن الرياء والمظهر الخارجي المتعارض مع الحالة الداخلية الفعلية: واجه الرب يسوع الكتبة والفريسيين في نهاية خدمته على الأرض، لأنهم كانوا يهتمون بالمظهر الخارجي والعبادة الظاهرية في الهيكل والمجامع، دون الاهتمام بالحالة الداخلية الفعلية للإنسان «ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تنقّون خارج الكأس والصحفة، وهما من الداخل مملوآن اختطافًا ودعارة... تظهرون للناس أبرارًا ولكنكم من داخل مشحونون رياءً وإثمًا» (متى23: 25-28).



أخيرًا؛ ليتنا نفحص أنفسنا جيدًا متسائلين:
هل نحن نقدِّر الاجتماع حول الرب؟
وما هو هدف وجودنا في الاجتماع؟
وما هي حالتنا الداخلية ونحن في حضرته؟
ليكن لسان حالنا ما كتبه المرنم قديمًا «ما أحلى مساكنك يا رب الجنود، تشتاق بل تتوق نفسي إلى ديار الرب. قلبي ولحمي يهتفان بالإله الحي» (مزمور84: 1، 2).









التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 03:21 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 02:28 PM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




ناظرين إلى يسوع


ما زلنا نتأمل في حياة سيدنا - له المجد - كإنسان عاش على أرضنا، وخاصة في بعض العادات التي ذُكرت عنه وهي: الصلاة، حضور المجمع، التعليم.
وقد تكلمنا سابقًا عن الصلاة وحضور المجمع، والآن سنتأمل قليلاً في الموضوع الثالث وهو “التعليم”.

أولاً: ما هي أهمية التعليم؟
لقد رأينا سابقًا كيف بدأ سيدنا العظيم حياته الإنسانية، وهو في سن الثانية عشر، جالسًا في الهيكل «وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم» (لوقا2: 46). كما نقرأ عنه في نبوة إشعياء (50: 4) «أعطاني السيد الرب لسان المتعلمين».
وهذا يلفت نظرنا إلى أهمية التعليم في حياتنا، ونلخصها في الآتي:


1- إدراك مشيئة الله لحياتنا والسير فيها: وهذا ما ذُكر بروح النبوة عن سيدنا في تجسده في مزمور40: 7، 8 «حينئذ قلت هنذا جئت بدرج الكتاب، مكتوب عني: أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت، وشريعتك في وسط أحشائي».
2- الانتصار على أكاذيب إبليس وحروبه: نرى هذا واضحًا عندما واجه الرب إبليس المجرِّب وهو في البرية، بعد أن صام أربعين يومًا. لقد كان سلاحه الرئيسي ضد عدو البشرية «مكتوب... مكتوب... ومكتوب أيضًا» (متى4: 1-11).
3- حفظ الإنسان نفسه من الضلال والسقوط: أمام الضلالات المنتشرة في العالم والأكاذيب التي يروِّجها إبليس، نحتاج إلى التعليم الصحيح لحفظنا من الضلال والسقوط؛ وهذا ما حذَّر منه الرب قائلاً «أليس لهذا تضلون: إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله؟» (مرقس12: 24).
4- حياة النجاح المستمر في كافة الاتجاهات: هذا ما نقرأه في المزمور الأول عن الرجل الناجح «في ناموس الرب مسرّته، وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلاً... كل ما يصنعه ينجح» (مزمور1: 2-3).
5- التأهيل الصحيح لمساعدة الآخرين ومعونتهم: هذا ما نقرأه بالنبوة عن السيد في إشعياء50: 4 «أعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف أن أُغيث المعيَ بكلمة». وهذا ما ينصح به أيضًا بولس الرسول ابنه تيموثاوس «كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع... لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهّبًا لكل عمل صالح» (2تيموثاوس3: 16، 17).

ثانيًا: ممن نتعلم؟
حيث أن هناك أهمية قصوى للتعليم، فيكون من الهام جدًا اختيار المصدر الصحيح للتعليم. فكم من كثيرين ضلّوا بعيدًا وتعثّرت خطوات حياتهم لسيرهم وراء معلّمين يقول عنهم الكتاب:


1- معلمون يتكلمون بأمور ملتوية: هذا ما نبَّه عليه الرسول بولس المؤمنين في خطابه الوداعي في أعمال20: 30. وهدف هؤلاء المعلمون ليس مصلحة الآخرين بل أنفسهم «ليجتذبوا التلاميذ وراءهم».
2- معلمون مستحكة مسامعهم: إنهم المعلمون الذين يكلّمون الناس بما يعجبهم ويريحهم، وليس بما يريده الله للنفوس التي تسمع؛ والنتيجة أنهم «يصرفون مسامعهم عن الحق وينحرفون إلى الخرافات» (2تيموثاوس4: 4).
3- معلمون كذبة: هؤلاء الذين يدّعون المعرفة ويخدعون البسطاء و«يدسّون بدع هلاك»، ودافعهم الطمع والربح القبيح (2بطرس2: 1).
لذلك دعونا نرى ماذا يقول سيدنا عن مصدر التعليم الصحيح:
1- علمني أبي: عندما تعجب اليهود مما يعلمه المسيح أجابهم قائلاً: «تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني» (يوحنا7: 15-16)، وعندما لم يفهموا ما يقول قال لهم: «لست أفعل شيئًا من نفسي بل أتكلم بهذا، كما علمني أبي» (يوحنا8: 28).
2- تعلموا مني: بينما نُحاط بأنواع المعلّمين الكثيرين، الذين قد يحوّلوا مسامعنا عن الحق الصحيح، ليتنا نتحول إلى سيدنا العظيم وهو يقول لنا «تعلّموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم» (متى11: 28).
3- الروح القدس.. هو يعلمكم: في نهاية حياة سيدنا بالجسد على الأرض، وقبل أن ينطلق إلى السماء، وجَّه نظر تلاميذه لحقيقة مجيء الروح القدس وسكناه في المؤمنين، ومن ضمن أعماله التعليم والتذكير بكل ما قاله الرب لنا «وأما المعزّي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم» (يوحنا14: 25، 26).


3- علموهم.. ما أوصيتكم به: لقد أقام الرب في الكنيسة معلّمين ورعاة، وأعطاهم مواهب خاصة بالروح القدس؛ وعلينا أن نميّزهم ونستفيد من استخدام الروح القدس لهم. وهذا ما كلف الرب به تلاميذه بعد قيامته من الأموات قائلاً «فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم... وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به» (متى28: 19-20). وهذا ما فعلته الكنيسة الأولى إذ كُتب عنهم «وكانوا يواظبون على تعليم الرسل» (أعمال2: 42).

ثالثًا: كيف نتعلم بطريقة صحيحة؟
كثيرون يسمعون كلمة الله ويدرسونها، ولكن ينطبق عليهم القول «مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون» (متى13: 13). أما التعليم فيمكن تلخيصه في الآتي:


1- الاستماع بتركيز واهتمام: وهذا ما نراه في سيدنا العظيم عندما دخل الهيك،ل وهو في عمر الثانية عشر، وجلس وسط المعلمين «يسمعهم ويسألهم، وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته» (لوقا2: 46-47).
2- حفظ الكلمة في القلب: إن التعليم الصحيح ليس فقط تخزين المعلومات في العقل، بل نقل ما نتعلمه في عقولنا إلى قلوبنا وكياننا الداخلي، حيث هناك «مخارج الحياة». لذا يقول المرنم «خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك» (مزمور119: 11). ويكتب إرميا النبي: «وُجد كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي» (إرميا15: 16).
3- اللهج المستمر في كلمة الله: من المهم جدًا أن تكون كلمة الله دائمًا في فكري طوال اليوم، نفكر فيها ونتأمل فيها بصفة مسمترة، فتحفظنا دائمًا في الطريق الصحيح وتمنع عنا أفكار العدو الكاذبة. هذا ما يقوله المرنم في مزمور1: 2 «في ناموس الرب مسرّته وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلاً».
4- تنفيذ ما نتعلمه عمليًا في حياتنا اليومية: ختم الرب يسوع موعظته الشهيرة على الجبل بتقسيم الذين يسمعون أقواله إلى مجموعتين «رجل عاقل» و«رجل جاهل»؛ وما هو الفرق بينهما؟ الرجل العاقل هو الذي يسمع ويعمل بما يسمعه. أما الرجل الجاهل فهو الذي يسمع، وقد يتلذذ بالكلمة، كما فعلت الجموع في ذلك الوقت، وكتب عنها «بهتت الجموع من تعليمه»؛ ولكن يقف الحال عند هذا ولا يعمل بها (متى7: 24-28).
وفي الختام ماذا عني وعنك؟ هل نحن متعلمون من الله؟ لتكن صلاتنا المستمرة «يداك صنعتاني وأنشأتاني فهّمني فأتعلم وصاياك» (مزمور119: 73).






التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 03:25 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين