سلسلة الحرب الروحية - منتدى ام السمائيين و الارضيين
الرئيسية التسجيل مكتبي
Image
البحث الأعضاء الرسائل الخاصة


منتدى ام السمائيين والارضيين


   
العودة   منتدى ام السمائيين و الارضيين > منتدى الطريق نحو الابديه > قسم الموضوعات الروحيه المختلفه
 
قسم الموضوعات الروحيه المختلفه يشمل كل الموضوعات الروحيه التى تهم كل انسان مسيحى

إضافة رد
   
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 03-06-2012, 01:52 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
100 سلسلة الحرب الروحية





الحرب الروحية

سنبدأ - بمعونة الرب - في هذا العدد سلسلة جديدة عن “الحرب الروحية وأعداء المؤمن”.

سلسلة الحرب الروحية

وسنتحدث في هذه السلسلة عن هؤلاء الأعداء من حيث: طبيعتهم، وأسلوبهم، وخططهم، وإمكاناتهم، ولماذا سمح الرب بوجودهم، والطريق إلى النصرة، وكيفية التعامل مع كل عدو، وماذا لو تكرَّرت الهزيمة لتُصبح هي طابع الحياة؟ وهل يمكن أن يرتد المؤمن ويهلك؟ وحتى متى سيستمر هذا الصراع؟ وهل كل مؤمن سيواجه هؤلاء الأعداء، أم أن هذا نصيب بعض المؤمنين فقط؟ وهل من مكافأة لمَنْ يصمد في المعركة وينتصر؟
وغير ذلك من الأفكار التي تهم الشباب في هذه المرحلة العمرية، وبصفة خاصة في هذه الأيام الأخيرة الصعبة، حيث يُشدِّد العدو هجومه، ويطوِّر أسلوبه بما يناسب العصر الذي نعيش فيه، وما يواجهه الشباب من تحديات وصراعات عديدة.
* * *
إن المؤمن الذي ارتبط بالمسيح، وامتلك الطبيعة الجديدة والحياة الإلهية الجديدة بالولادة من الله، وسكن فيه الروح القدس، وتمتع بغفران الخطايا والتبرير والسلام مع الله، وتحرَّر من عبودية الخطية ومن قبضة إبليس؛ سيكتشف من اللحظة الأولى للتغيير الذي حدث فيه، أنه أصبح كائنًا غريبًا على الجو الذي يحيط به، وأن الحياة المسيحية ليست سهلة، لكنها تحتاج إلى جهاد مستمر، وأن الطريق شائكٌ وليس مفروشًا بالورود، وأنه في ميدان معركة وعلى أرض خشنة، وله أعداء أقوياء يقفون ضده. وسيكتشف أنه كائن ضعيف في ذاته أمام هؤلاء الأعداء الجبابرة الذين يحاولون تفشيله وتحطيمه، تعكير صفوه وتكديره، إزعاجه وتشكيكه، إعاقته وتعطيله، تشتيته وإبعاده عن الهدف الذي أوجده الله من أجله والخطة التي رسمها له، حرمانه من الطعام الروحي وإضاعة تأثير كلمة الله على ضميره، إغراءه وخداعه حتى يسقط في الخطية، ثم إذلاله وتعييره، والشكوى على ضميره من جهة الله، وتشويه شهادته أمام الناس. ومع تكرار السقوط ومرارة الهزيمة وشماتة العدو، سيكتئب وينوح على نفسه أو ييأس ويستسلم للعدو إذا شعر أنه لا أمل في النصرة.
ومع الأيام والاختبار، سيكتشف أن هؤلاء الأعداء: بعضهم من الخارج، والآخر من الداخل، وأنهم ثلاثة وليسوا واحدًا. يختلفون في طبيعتهم كل الاختلاف، كما يختلفون في خططهم وأسلوب الهجوم والأسلحة التي يستخدمونها. ومع ذلك فإن بينهم تنسيقًا كبيرًا، ولهم أهداف مشتركة. والتعامل مع كل عدو يحتاج إلى سلاح خاص يختلف من واحد للآخر. وأن أخطر الأعداء هو الذي يعمل من الداخل.
كما سيكتشف المؤمن أن الصراع دائم وطويل طالما يعيش على هذه الأرض. وكما قال أحدهم: “ما دُمتَ في أرض العدو، فلا تتوقع الهدنة!”. وأنه إذا حقَّق انتصارًا في موقعة، فهذا لا يعني الانتصار في كل موقعة. وأن لحظات الخطر هي لحظات الانتصار. والعدو الذي يتعامل معه لا يهدأ ولا يفشل، لا يتعب ولا ينام، لا يعمل بذات الأسلوب في كل مرة. إنه يطوِّر نفسه بسرعة، ويستخدم أحدث الأساليب التي تناسب كل شخص بحسب ظروفه ومرحلته العمرية وميوله واحتياجاته. إنه من الذكاء الحاد بحيث يدرك النقاط القوية والنقاط الضعيفة في حياة كل مؤمن.
والمشكلة أن هذا المؤمن لم يكن يشعر بهذا الصراع قبل الإيمان. كان يعيش حياته ويعمل ما يريد في هدوء وسلام، ولا يجد أن هناك أعداء يقفون ضده. كان يعمل الخطية دون أن يشعر بمذلة الهزيمة، وربما كان يستمتع بها، أو على الأكثر كان يشعر بعدم راحة في ضميره، خاصة وهو يخوض تجربة جديدة. لم يعرف معنى الحرب ولا احتاج أن يجاهد ويسهر ويتحذَّر. وهل يمكن أن العدو يُشدِّد الهجوم على مَنْ هو في قبضته؟ كلا. وهل ينبوعٌ واحد ينبع من نفس العين الواحدة الحلو والمر؟ كلا. إن الإنسان الطبيعي قبل الإيمان لا يمتلك سوى طبيعة واحدة؛ وبالتالي لا يوجد صراع. ولكن عندما تدُبّ فيه الحياة الإلهية بأشواقها المقدسة وخصائصها، في الحال سيبدأ الصراع.


سلسلة الحرب الروحية

وبالطبع فإن هذا المؤمن، يوم ارتبط بالمسيح، لم يكن يخطر بباله على الإطلاق أنه سيواجه هذه المتاعب والصراعات. وربما كان يتوقع طريقًا ناعمًا مليئًا بالبركات والإنجازات والنجاح الروحي والزمني. كيف لا وقد أصبح ابنًا لله ووارثًا لكل غناه، وسكن فيه روح الله، وصار عضوًا في جسد المسيح، ورأسه ممجَّدٌ في السماء فوق كل شيء. أليس كل هذا يعطيه الحق أن يعيش حياة رغدة خالية من المتاعب والمعاناة هنا على الأرض؟ هذا ما يجعله مُتحيِّرًا وهو يجد نفسه على أرض الواقع الأليم مُحَاطًا بالأعداء من كل ناحية، وهو لا يعرف لماذا؟ وعليه أن يسهر ويصمد ويحارب ببسالة إن أراد أن ينتصر ويعيش حياة ناجحة في مواجهة الشيطان والعالم والجسد، وهو يشق طريقه في رحلة صعبة، سائحًا نحو السماء.
ولحديثنا بقية بنعمة الرب



sgsgm hgpvf hgv,pdm







التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 04:51 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 01:53 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




الحروب الروحية واعداء المؤمن

إن أشهر الأعداء الثلاثة التي تحارب المؤمن، وليس من الصعب اكتشافه، وهو معروف لكل الناس، حتى غير المؤمنين، ولو بعض المعرفة، هو ذلك العدو المُسمَّى:
والآن نحتاج أن نعرف مَنْ هو هذا الكائن؟ وما هي طبيعته وقوته وإمكاناته وأسماؤه وأساليب عمله، ولماذا سمح الله بوجوده، وكيف نواجهه ونتعامل معه، وما هو السلاح اللازم للانتصار عليه؟
1 - مَنْ هو؟
من خلال الإعلان المُقدَّم في كلمة الله نعرف أن الشيطان هو شخص حقيقي وليس مجرد قوة أو تأثير أو فكرة أو مبدأ. فنراه يَمْثُل أمام الله ويتكلَّم ويسمع ويحاور ويخرج من محضر الله، ويجول في الأرض ويتمشَّى فيها. ونراه يُلحِق الأذى بأيوب، ويُحَطِّم كل ممتلكاته، ثم يضربه بقرح رديء من باطن قدمه حتى هامته (أيوب1، 2).



ومرة أخرى كان كل جند السماء (الملائكة) واقفين أمام الرب، فقال الرب: «مَنْ يغوي أخآب ملك إسرائيل فيصعد ويسقط في الحرب في راموت جلعاد؟ فقال هذا هكذا وقال ذاك هكذا. ثم خرج الروح (الشيطان) ووقف أمام الرب وقال: أنا أغويه. فقال له الرب: بماذا؟ فقال: أخرج وأكون لروح كذب في أفواه جميع أنبيائه. فقال: إنك تغويه وتقدر. فاخرج وافعل هكذا» (2أخبار18: 18-21). فهو شخص له اتصال بالرب وله تعامل مع البشر، وقُدرة جبارة على غوايتهم.
وهو يتمتع بمركز رفيع ويُعتبَر واحدًا من ذوي الأمجاد، حتى إن ميخائيل رئيس الملائكة عندما خاصمه وتجادل معه بخصوص جسد موسى (جثمانه)، لم يجرؤ أن يحكم عليه بكلام مُهين، وإنما اكتفى بالقول: «لينتهرك (ليزجرك) الرب» (يهوذا 8، 9).
وهو الذي كان قائمًا عن يمين يهوشع الكاهن العظيم ليقاومه ويشتكي عليه إذ كان لابسًا ثيابًا قذرة. فقال الرب: «لينتهرك الرب يا شيطان... أفليس هذا شُعلة مُنتَشَلة من النار؟» (زكريا3: 1-3).
وهو الذي قد جرَّب الرب يسوع عندما كان بالجسد على الأرض، في بداية خدمته، لمدة 40 يومًا في البرية، ثم أخذه على جناح الهيكل، وأخيرًا أخذه على جبل عظيم عالٍ وأراه جميع ممالك العالم ومجدها، وعرض أن يعطيها له في مقابل أن يسجد له المسيح. لكن المسيح انتهره قائلاً: «اذهب يا شيطان! لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد» (متى4: 10)، ثم «فارقه إلى حين» (لوقا4: 13).
وهو الذي قبل الصليب طلب التلاميذ لكي يغربلهم كالحنطة (لوقا22: 31). وقد ألقى في قلب يهوذا سمعان الإسخريوطي أن يُسلِّم المسيح (يوحنا13: 2). فهو يُلقي أفكارًا مُدمِّرة في قلب الإنسان وعقله.
وفي عصر الاضطهاد والاستشهاد كان كالأسد المزمجر، ونقرأ القول: «هوذا إبليس مُزمِع أن يُلقي بعضًا منكم في السجن لكي تُجرَّبوا» (رؤيا2: 10).
وهو الذي لطم بولس بشوكة في الجسد (2كورنثوس12). إنه «المُشتكي على إخوتنا نهارًا وليلاً» (رؤيا12: 10). وهو يحارب المؤمنين في كل مكان ويُشـدِّد الهجوم ضد مَنْ يريد أن يعيش بالأمانة للرب وله شهادة ناجحة. إنه يخدع «كما خدعت الحيَّة حواء بمكرها» (2كورنثوس11: 3)، ويزأر كالأسد الذي يجول مُلتمسًا مَنْ يبتلعه (1بطرس5: 8)، وأحيانًا يُغيِّر شكله إلى شبه ملاك نور حتى يَصْعُب اكتشافه (2كورنثوس11: 14).
إنه يُعمي أذهان غير المؤمنين (2كورنثوس4: 4)، ويخطف الكلمة ويضيع تأثيرها حتى من المؤمنين (متى13: 19)، ويُعيق تحركات الخادم وخدمته (1تسالونيكي2: 18).
إن تعبير “الشيطان” بالمفرد يدل على أنه واحد وليس أكثر، وهو أيضًا المُسمَّى “إبليس” و“الحية القديمة” و“التنين العظيم” (رؤيا12: 9). لكننا نفهم أنه الرئيس الأعلى لمملكة كبيرة مُنظَّمة تضم رؤساء وتحتهم سلاطين وتحتهم ولاة وتحتهم عدد لا يُحصَى من أجناد الشر الروحية أي الأرواح الشريرة (أفسس6: 12). ومركز تجمعهم وقيادتهم هي دائرة السماويات. وقد سُمِّيَ الشيطان «رئيس سلطان الهواء» (أفسس2: 2). ومجال نشاطه هو السماوات المخلوقة والأرض، حيث يسيطر على هذا العالم، ولهذا يُسمَّى «رئيس هذا العالم» (يوحنا12: 31؛ 14: 30). كما نقرأ أن «الأرض مُسلَّمة ليد الشرير» (أيوب9: 24)، وذلك بعد سقوط الإنسان.
إنه كائن روحي كالملائكة، وليس له جسد كالإنسان. وهو مخلوق كسائر المخلوقات. وإن كان بالطبع لم يُخلَق كشيطان كما سنرى. ونحن نقرأ عن المسيح أنه: «فيه خُلِق الكل ما في السماوات وما على الأرض، ما يُرَى وما لا يُرَى، سواء كان عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خُلِق» (كولوسي1: 16). فهو يتبع المخلوقات التي لا تُرَى في العالم غير المنظور. إنه مخلوق عاقل، ناطق، حُر الإرادة، أقوى من الإنسان لأنه روح، خالد ككل الأرواح، لا يفنى ولا يتلاشى. ولكونه مخلوقًا فهو محدود وله بداية، فهو ليس كائنًا أزليًا. وهو محدود أيضًا من حيث المكان والوجود والمعرفة والقدرة والإمكانات. فالله وحده هو الكلي الوجود والحضور، السرمدي، الكلي المعرفة، والكلي القُدرة.
ولحديثنا بقية إن تأنى الرب.









التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:06 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 01:53 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




الحرب الروحية: الشيطان

(3) أسماؤه - أصله - سقوطه
رأينا في المرة السابقة أن الشيطان هو شخص حقيقي في العالم غير المنظور، وأنه كائن روحي كالملائكة، وأنه مخلوق عاقل، ناطق، حر الإرادة، خالد. ومن حيث الحكمة والذكاء والقوة، فهو كائن مُتميِّز ومقتدر. وهذه الإمكانات قد أُعطيت له من الله عندما خُلِق. لكنه مع ذلك فهو محدود لأنه مخلوق. وهو رئيس لمملكة ضخمة مُنظَّمة، ولها حرية حركة وسرعة فائقة وتنسيق تام فيما بينها. ودائرة نشاطه هي الأرض والسماوات المخلوقة.
والشيطان لا يعرف المحبة بل هو منبع الكراهية؛ فهو يكره الله ويريد أن يتلف كل ما يعمله، ويُعطِّل ويُفشِّل كل مشروعاته. ويكره الإنسان الذي هو غرض محبة الله، ويسعى لتدميره. إنه قَتَّال للناس من البدء (يوحنا8: 44)، وهو عدو الخير، ومصدر كل شر وفساد وإرهاب في العالم، والعالم خاضع لسيطرته.
وفي مفارقة صارخة نرى أن: [1] المسيح هو «النور الحقيقي» (يوحنا1: 9)، أما الشيطان فهو «سلطان الظلمة» (كولوسي1: 13). [2] المسيح هو «الطريق» (يوحنا14: 6)، أما الشيطان فهو «المُضِل» (2يوحنا7؛ رؤيا12: 9). [3] المسيح هو «الحق» (يوحنا14: 6)، أما الشيطان «فليس فيه حق» (يوحنا8: 44). [4] المسيح هو «الحياة» (يوحنا6: 14) وهو «يُحيي مَنْ يشاء» (يوحنا5: 21)، أما الشيطان فهو الذي «له سلطان الموت» (عبرانيين2: 14). [5] المسيح هو المُحرِّر (يوحنا8: 36)، أما الشيطان فهو المُستعبِد (عبرانيين2: 15). [6] المسيح هو “المُخلِّص” (متى1: 21)، أما الشيطان فهو «المُهلِك» (رؤيا9: 11). [7] المسيح هو «الشفيع» (1يوحنا2: 1)، أما الشيطان فهو «المُشتكي» (رؤيا12: 10).
ويمكننا أن نسترسل في استعراض أشهر الأسماء التي وردت في الكتاب عن هذا العدو، والتي تُحدِّثنا عن أصله، وصفاته، وأعماله على النحو التالي:
[1] «الكروب المُنبسِط المُظلِّل» (حزقيال28: 14)،
[2] «زُهرة بنت الصبح» (إشعياء14: 12)، وهذان الاسمان يُعبِّران عن أصل الشيطان قبل أن يسقط.
[3] «الحية»، «الحية القديمة» (تكوين3؛ رؤيا12: 9)، وهذه أول إشارة للشيطان في الكتاب المقدس بعد سقوطه عندما جرَّب الإنسان في الجنة.
[4] «إله هذا الدهر» (2كورنثوس4: 4).
[5] «رئيس هذا العالم» (يوحنا14: 30؛ 12: 31).
[6] «رئيس سلطان الهواء» (أفسس2: 2)، وهذا يتضمَّن أنه يتحكَّم في ما يُبَث في الفضائيات عن طريق الأقمار الصناعية، كما أنه يُثير العواصف والرياح ويُهيِّج الظروف ضد المؤمن ليُعكِّر صفوه ويُكدِّر حياته.
[7] «الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية» (أفسس2: 2).
[8] «بعلزبول» (متى9: 34).
[9] «التنِّين العظيم» (رؤيا12: 9)، وهذا الاسم يشير إلى شراسته وعداوته.
[10] «بليعال» وتعني “بلا فائدة” (2كورنثوس6: 15).
[11] «الشرير» (يوحنا17: 15؛ أفسس6: 16؛ 1يوحنا2: 14؛ 3: 12).
[12] «كَذَّاب وأبو الكَذَّاب» (يوحنا8: 44)، وهذا ما ظهر في الجنة.
[13] «القوي» (لوقا11: 21)، فقد كان يُحكِم قبضته على النفوس، لكن المسيح وهو “الأقوى” منه قد ربط القوي ونهب أمتعته.
[14] «إبليس» ويعني “المشتكي” (رؤيا12: 10).
[15] «الشيطان» ويعني “الخصم أوالمقاوِم” (أيوب1:  6).
[16] «المُجرِّب»، فقد جرَّب الرب يسوع في بداية خدمته على الأرض (متى4: 3)، وجرَّب المؤمنين (1تسالونيكي3: 5).
[17] «الصياد» (مزمور91: 3) الذي يقتنص النفوس ليُهلكها (2تيموثاوس2: 26).
[18] «الأسد الزائر» الذي يجول مُلتمسًا مَنْ يبتلعه (1بطرس5: 8). [19] «أبدون»، و«أبوليون» (رؤيا9: 11)، وتعني “المُهلِك”.
بعد كل هذا هل يمكن أن يكون الله، وهو نبع الحب والخير، قد خلق هذا الكائن البشع بهذه الصورة؟ الجواب بكل تأكيد: كلا! لقد خلقه في أبهى صورة، وكان أسمى المخلوقات يوم خُلِق. خلقه قبل الإنسان في الماضي السحيق، وكانت له سلطة واسعة ومركز رفيع. ونسمع شهادة الرب نفسه عنه قائلاً: «أنت خاتم الكمال، ملآن حكمة وكامل الجمال (أي إنه يعكس جمال الخالق وبهائه ومجده وحكمته)... أنت الكروب المُنبسِط المُظلِّل... بين حجارة النار تمشيتَ. أنت كامل في طرقك من يوم خُلِقتَ حتى وُجِد فيك إثم... قد ارتفع قلبك... سأطرحك إلى الأرض» (حزقيال28: 12 18). من هذا النص نفهم أنه عندما خُلق كان كروبًا. والكروبيم (جمع كروب وهو أحد أنواع الملائكة) هم طبقة سامية من الملائكة، ولكل واحد جناحان، وليس ستة أجنحة كالسرافيم (إشعياء6). وهم يختصون بأعمال البر والقضاء. وهم الذين أقامهم الرب الإله بلهيب سيف مُتقلِّب، بعد طرد الإنسان من الجنة، لحراسة طريق شجرة الحياة (تكوين3: 24). وفي خيمة الاجتماع نقرأ عن كروبَيْن من ذهب على غطاء التابوت، مُظللين بأجنحتهما على الغطاء، ووجهاهما نحو الغطاء، حيث يُرش الدم للكفارة، فهما يُمثلان بر الله وقضاءه (خروج25: 18 20).
هذا المخلوق كان أقرب مخلوق لعرش الله. ولفرط جماله البديع ومركزه الرفيع ارتفع قلبه، وكان هذا سبب سقوطه. وعن سقوطه نقرأ هذه الكلمات: «كيف سقطت من السماء يا زُهرة بنت الصبح؟ كيف قُطعتَ إلى الأرض يا قاهر الأمم؟ وأنت قلت في قلبك: أصعد إلى السماوات، أرفع كرسيَّ فوق كواكب الله، وأجلس على جبل الاجتماع... أصير مثل العلي. لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجُب» (إشعياء14: 12 15). كانت هذه هي خطية الشيطان الأولى، وعِلَّة سقوطه. وعلى قدر ارتفاعه على قدر ما كان سقوطه عظيمًا. وقد قال الحكيم: «قبل السقوط تشامخ الروح». لقد كان ضمن كواكب الصبح اللامعين الذين هتفوا وترنموا مادحين الخالق العظيم عندما أبدع الخليقة لأول مرة، مُعلِنًا مجده وحكمته وقدرته (أيوب38: 7). لكنه عندما أراد أن يرفع كرسيه فوق كواكب الله ويصير مثل العلي، سقط وانحدر إلى أسافل الجُب، واكتسب كل الخواص البشعة التي رأيناها.
وسنرى في المرة القادمة - بمشيئة الرب - ماذا حدث بعد سقوطه.









التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:07 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 01:54 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




الشيطان

3- ماذا حدث بعد سقوطه؟

رأينا في المقالتن السابقين الشيطان، ذلك الكروب المُنبسِط المُظلِّل، الملآن حكمة وكامل الجمال، الذي كان على جبل الله المُقدَّس، في أقرب مكان لله؛ وكيف ارتفع قلبه، وأفسد حكمته، إذ قال في قلبه: أصعد إلى السماوات، أرفع كرسيَّ فوق كواكب الله، أجلس على جبل الاجتماع، أصير مثل العلي. فكانت النتيجة أنه طُرح إلى الأرض، وانحدر إلى أسافل الجب، وسقط من عليائه. وعلى قدر ما كان مركزه رفيعًا، كان سقوطه عظيمًا (حزقيال28؛ إشعياء14).
وعندما سقط لم يجلب الدمار على نفسه فقط، بل على كل مملكته وجنوده الذين شاركوه هذا التمرد؛ فسقطوا معه وطُرحوا إلى الأرض. وكان ذلك قبل خلق الإنسان بزمان. وينحصر تاريخ هذا السقوط بين خلق السماوات والأرض، في بداية الزمن، في ماضٍ سحيق غير مُحدَّد؛ وبين خرابها وإعادة ترتيبها وتنظيمها وتعميرها مرة أخرى في ستة أيام الخلق. فنقرأ القول: «في البدء خلق الله السماوات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظُلمة. وروح الله يرف على وجه المياه» (تكوين1: 1، 2). في العدد الأول نرى السماوات والأرض في نظام مُستَكمَل بديع، وتوافق عجيب لا يُعكِّره أو يُكدِّره شيء. لقد خلق السماوات بشموسها وأقمارها ونجومها وأجرامها التي لا حصر لها ولا استقصاء لأبعادها وأحجامها. كما خلق الأرض مُبهِجة ومُناسِبة للسكن. فهو «لم يخلقها باطلاً (أي خربة وخالية)، بل للسكن صوَّرها» (إشعياء45: 18). تلك كانت صورة الكون يوم أتقنته حكمة الله، وأبدعته قدرته السرمدية. وقد ترنَّمت لرؤياه كواكب الصبح وهتف جميع الملائكة (أيوب38: 7). وفي العدد الثاني نقرأ القول: «وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظُلمة». لا شك أن عدوًا خطيرًا فعل هذا، وأن هذا التخريب هو شيءٌ طارئٌ عليها وليس أصيلاً في خلقها. إننا نرى هنا أرضًا بلا سماء، أرضًا مدفونة تحت غمار المياه الطامية الهائجة. وعلى وجه هذا الغمر ظُلمة تغطي المشهد كله. ونستنتج أن كارثة كونية رهيبة أصابت هذه الصورة الجميلة التي بَدَتْ فيها الخليقة أولاً، فأمست الأرض خربة وخالية.



ولا شك أن الخراب والخلاء والظلام هو عمل قضائي يرتبط بالشر، والشيطان هو ”سلطان الظلمة“. فنقرأ، على سبيل المثال، عن القضاء الآتي على أرض أدوم هذه الكلمات: «يمد عليها خيط الخراب ومِطمار الخلاء» (إشعياء34: 11). وأيضًا عن القضاء الآتي على أرض إسرائيل يقول: «نظرت إلى الأرض وإذا هي خربة وخالية، وإلى السماوات فلا نور لها» (إرميا4: 23).
وعلى الرغم من أن الكتاب صَمَتَ ولم يخبرنا عما حدث في ذلك الزمان الغابر، لكن يمكننا استنتاج أن الشيطان، وهو العدو الأول لله، والذي يريد أن يُتلف كل ما يعمله لمجده ومَسَرته، ويُفشِّل كل مشروعاته، هو الذي أدخل هذا التشويش والدمار والظلمة على المشهد عندما سقط. ونحن نقرأ عن الشيطان هذه الكلمات: «أ هذا هو الرجل الذي زلزل الأرض وزعزع الممالك، الذي جعل العالم كقفر وهدم مدنه؟» (إشعياء14: 16، 17). وهذا النص الواضح يؤكِّد أن الشيطان هو السبب المباشر لهذه الكارثة التي مَحَت كل صور الحياة من الأرض.
ويجب أن نفهم أن هناك فاصلاً دهريًا كبيرًا بين العدد الأول والعدد الثاني من الأصحاح الأول من سفر التكوين، تعاقبت فيه عصور جيولوجية. ولقد كانت هناك، في عالم ما قبل الخراب، صورٌ من الحياة، ولكن لم يكن هناك إنسان. فالكتاب يقرِّر بوضوح أن آدم هو «الإنسان الأول» (1كورنثوس15: 45)، وقد خُلِق في اليوم السادس من أيام الخلق (تكوين1: 26، 31)، عندما بدأ الله يعيد ترتيب الكون وتعمير الأرض. ويمكن استنتاج عُمر الإنسان أنه تجاوز ستة آلاف سنة، أما عمر الأرض فأقدم من ذلك. وهذا ما قاله الكتاب عن ابن الله الخالق: «من قِدَم أسستَ الأرض، والسماوات هي عمل يديك» (مزمور102: 25). وهذا ما أثبتته الحفريات. فقد كانت هناك حياة نباتية وحيوانية في أحقاب مختلفة سحيقة القدم. والإشارة إلى ”الغمر“، أو المياه الغامرة، يؤيد وجود الحياة على كوكب الأرض في تلك الأحقاب، فلا حياة بدون مياه، والأرض هي الكوكب الذي يتميَّز بوجود المياه. لقد خلق الله الكائنات على أطوار متدرجة في الارتقاء، وكل طور كان يعيش عصره ثم يندثر ليفسح المجال لفصيلة أخرى من الكائنات. وخلال تلك الأحقاب تكوَّنت سلاسل الجبال بكل ما تحويه من كنوز دفينة بقيت لخير الإنسان. وإلا فأين نجد في ستة أيام الخلق ذكرًا لتكوين الصخور النارية والرسوبية والتحولية؟ وارتفاع سلاسل الجبال وآثار النظم النهرية؟ وأين نجد المخلوقات العضوية من بحرية وبرية، نباتية وحيوانية. إن هذا الفاصل الدهري يُفسِّر الكثير من الاكتشافات العلمية والجيولوجية في العصر الحديث.
ولكن لماذا سمح الله للشيطان أن يُخرِّب الأرض بهذا الشكل المُخيف؟ إن الله هو صاحب السلطان المطلق، ولا يوجد مَنْ هو أقوى منه، وحاشا أن يُغلَب من الشيطان، لكنه يستخدمه ليُنجز مشيئته كاملة الإتقان. فيرى البعض أن الشيطان قد استخدم كل قوته وجبروته وغضبه في تخريب الأرض، ولكن بسبب هذا الخراب حدثت تغيرات في طبقات الأرض، وارتفع إلى الطبقات العليا من القشرة الأرضية الكثير من الثروات والخزائن المدفونة من المعادن والمواد العضوية مثل الذهب والفضة والأحجار الكريمة والبترول وغيرها. ولولا هذا الخراب الذي حلَّ بالأرض، ما استطاع الإنسان أن يصل إلى باطن الأرض ليستفيد من مخزونها العظيم. وهكذا نرى أن الله يغلب الشر بالخير، ويُحوِّل الدمار إلى بركة لفائدة الإنسان الذي يحبه.








التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:09 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 01:55 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




الشيطان والإنسان في الجنة

رأينا فيما سبق كيف سقط الشيطان من عليائه عند ما ارتفع قلبه، وكيف أنه بعد سقوطه خرَّب الأرض وجعل العالم كقفرٍ، وعلى وجه الغمر ظلمة، وشوَّه جمال الخليقة التي أبدعها الله لمسرَّته، والتي لروعتها وجمالها ترنَّمت كواكب الصبح معًا وهتف جميع بني الله.
إنه هو العدو الأول لله، والذي يريد أن يُفسِد كل مشروعاته ويُعطِّل كل مقاصده.
لكن الله أعاد ترتيب الكون في ستة أيام. فقال أن يُشرِق نور من ظلمة، وفصل بين النور والظلمة، وبين الأرض والسماء، وبين البحار واليابسة. وقال أن تُنبِت الأرض وتُثمِر. وعمل الشمس والقمر والنجوم وكل ما يدور في الأفلاك. وخلق ذوات الأنفس الحية (أسماك وطيور وحيوانات). وأخيرًا خلق الإنسان على صورته كشبهه، إذ جبله ترابًا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة، فأعطاه الروح العاقلة الناطقة الخالدة التي تُميِّزه عن سائر المخلوقات. هذه الروح تفهم الله وتَحِن إليه لأنه مصدرها، وتتواصل معه وتستريح فيه ولا تستغني عنه.
وقد سلَّطه الله على كل الخليقة، وجعله تاجًا ورأسًا لها. فدعا آدم بأسماء جميع الكائنات الحية، والله صَادَقَ على ذلك. وكانت الخليقة كلها تخضع له، وكان هو صاحب السلطان، ويُمثِّل الله في الخليقة. ورأى الله أن كل ما عمله إذا هو حسنٌ جدًّا.
وعند ما أراد أن يصنع له بيتًا يعيش فيه، غرس جنَّةً في عدن، ووضع فيها كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل. هناك وضع آدم ليسكن هانئًا آمنًا ويعمل في الجنَّة ويحفظها.
وعند ما رآه وحيدًا لا يجد مَنْ يحكي معه ويشاركه أفكاره واهتماماته وأفراحه وعواطفه، قال الرب الإله: «ليس جيدًا أن يكون آدم وحده، فأصنع له مُعينًا نظيره» (تكوين2: 18). وكما خلق آدم بطريقة مُمَيَّزَة، هكذا خلق المرأة بطريقة مُمَيَّزَة إذ أوقع سُباتًا على آدم فنام وأخذ واحدة من أضلاعه، وبناها امرأة، وأحضرها إلى آدم.



وفي كل هذا برهن الله على حبه للإنسان الذي خلقه، وقصده الصالح من جهته. فقد عمل كل الخير لإسعاده، وكل ما يكفي لإشباع احتياجاته الروحية والنفسية والجسدية. وكان كل ما حوله ينطق بالعناية والرعاية والحب والاهتمام الأبوي من جانب الله نحوه. ولم يكن الله بعيدًا عنه بل كان يأتي لزيارته كل صباح، ويتفقد أحواله، ويُسعِده بالشركة والتواصل والحديث معه، كأب مسرور بابنه.
بقي أن الله، وهو صاحب السلطان الأعلى، باعتباره الخالق لكل المخلوقات بما فيها الإنسان، وصاحب الفضل في كل ما صنع لإسعاد الإنسان، له الحق أن يرى التقدير والاحترام والمهابة والإكرام والطاعة والإذعان من جانب الإنسان لجلاله ومجده وعظمته وسلطانه. وهذا ما تفعله الخليقة وكل الملائكة التي تُسبِّح وتمدح وتُحدِّث بمجد الله وتُخبِر بعظمة قدرته وحكمته. فبالأولى كثيرًا الإنسان الذي أحبه وميَّزه وسلَّطه على كل الخليقة. وما كان يليق به أقل من ذلك!
لهذا أعطاه وصية واحدة قائلاً: «من جميع شجر الجنَّة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشَّر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت» (تكوين2: 16، 17).
لم يعطِه أمرًا بل وصية، فالعلاقة علاقة حُب في المقام الأول، وليست علاقة سيد بعبده. وهذه الوصية لم تكن للحرمان بل للامتحان، فقد كان له مُطلَق الحرية أن يأكل من جميع شجر الجنَّة ويستمتع بكل ما حوله، عدا هذه الشجرة الواحدة. ولم تكن الوصية أن يفعل شيئًا عسيرًا بل أن لا يفعل؛ أي إن الوصية سلبية، وهذا أسهل بكثير.
وقد تقبَّل آدم هذه الوصية بسرور ولم يشعر بأمر شاق. وكان أمرًا طبيعيًّا أن يطيع ويحترم الوصية الإلهية مُعبِّرًا عن تقديره ومحبته لله صاحب الفضل وصاحب السلطان الأعلى. فماذا حدث بعد ذلك؟
لقد عزَّ على الشيطان أن يرى الإنسان سعيدًا مُستريحًا، مُتسلِّطًا على كل الخليقة، وكل الخليقة تخضع له. وعزَّ عليه أن يراه مُستمتعًا بالعلاقة الحميمة مع الله؛ مصدر الحب والخير والصلاح. وعزَّ عليه أن يرى الله مسرورًا بالإنسان، واجدًا لذَّته فيه، في توافق وانسجام معه إذ كان على صورته كشبهه، ولم يكن هناك ما يُعكِّر صفو هذه العلاقة. فماذا فعل؟
لقد أراد أن يُحطِّم مشروع الله ومقاصده من جهة الإنسان، ويُفسد العلاقة الحميمة معه، ويُدمِّر الإنسان ويُفقده السلطان ويقوده إلى العصيان، فيكسر الوصية ويفعل الخطية، والنتيجة أنه يُلحِق الإهانة بالله، ويجلب الموت واللعنة والدمار على نفسه وعلى كل الخليقة وكل الجنس البشري من بعده، فكيف وصل إلى غايته؟
لقد أتى إلى الإنسان في الجنَّة، واستغل أجمل وأذكى الحيوانات التي عملها الرب الإله وهي الحيَّة، ودخل فيها. وكلمة “الحيَّة” تعني “اللامع أو البهي”، وكانت كذلك يوم خُلِقَتْ، ويوم دعاها آدم بهذا الاسم. وهكذا نرى أن الشيطان يتستَّر وراء كل ما هو جميل وجذاب ومُثير، وأحيانًا يُغيِّر شكله إلى شبه ملاك نور لكي يخدع النفوس ويجعلها تُصغي إلى همساته دون أن تشعر بالانزعاج والقلق. فكيف دار الحوار بينه وبين المرأة في الجنة لأول مرة؟ ومنه نتعلَّم أسلوب الشيطان لكي نتحذَّر ولا نجهل أفكاره.








التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:10 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 01:55 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




الحية القديمة

نُخطئ لو تجاهلنا أن الشيطان يمتلك قدرة فائقة على الغواية والخداع، وهو في منتهى الذكاء والدهاء. وقد رأيناه في المرة السابقة يستغل أجمل وأذكى المخلوقات، وهي الحيَّة، ويدخل فيها، ليتحدث إلى الإنسان. فهو يتستَّر وراء كل ما هو جميل وجذَّاب ومُثير، وأحيانًا يُغيِّر شكله إلى شبه ملاك نور لكي يخدع النفوس.
والإشارة الأولى في الكتاب المقدس إلى الشيطان نجدها في تكوين3، في لقائه الأول مع الإنسان في الجنَّة. ويُلفت النظر أنه لا يُذكَر هناك باسم «الشيطان» والذي يعني “المُقاوِم”، ولا «إبليس» والذي يعني “المُشتكي”، بل نجده “كالحيَّة” الناعمة الخادعة الماكرة.



والحيَّة تستطيع أن تُغيِّر جلدها، وتتلون بلون المكان الذي تعيش فيه، وتبدو دائمًا في جلد جديد وشكل جديد. والشيطان لا يتعامل مع الناس بطريقة واحدة، بل دائمًا مُتغيِّرٌ ومتطورٌ مع الزمن بما يناسب كل النوعيات والثقافات.
وكثيرًا ما يأتي متوددًا كالصديق، لطيفًا وناعمًا ومُغريًا حتى يتمكَّن من الإنسان، وسُرعان ما يبث السم المُميت، فهو قتَّالٌ للناس من البدء.
وفي جولته الأولى مع الإنسان في الجنَّة نتعلَّم الكثير عن أساليبه وحِيَله لكي نسهر ونتحذر لئلا نسقط، فكيف جاء وماذا فعل؟
1- درس شخصية آدم وشخصية حواء، واكتشف بسهولة أن المرأة هي الأسهل في الغواية، فهي الإناء الأضعف، ويمكن التأثير عليها بشكل أسرع، وأمام الإغراء ستضعف مقاومتها. فذهب للمرأة وليس للرجل.
وإلى كل فتاة نقول: إذا كان ذلك كذلك؛ فعليكِ أن تحتمي في الرب حصن الأمان وملجإ الضعيف، ولتكن صلاتك: «احفظني يا الله لأني عليك توكلت» (مزمور16: 1)! وبالطبع فإن الشاب ليس بعيدًا عن الغواية، وإن كانت المرأة هي “الأضعف” فالرجل هو “الإناء الضعيف”.
2- خشي أن تسأل رجلها وتناقش الأمر معه، في حالة وجوده بجانبها، فهذا يمكن أن يُفشِّل المحاولة. فانتهز الفرصة عندما كانت وحيدة وبعيدة عن رجلها ولو للحظات، وذهب إلى المرأة بمفردها.
لقد قال الحكيم: «اثنان خيرٌ من واحد... وويل لمَنْ هو وحده» (جامعة4: 9، 10). وكم من المرات كانت الوحدة مجالاً للتجربة. لذلك ننصح بالرفقة المُقدَّسة والشركة مع القدِّيسين، وهذا سيساعد في وقت التجربة.
3- استَغَلَّ وجود المرأة بجوار الشجرة المنهي عنها. وكان هذا في صالح المُجرِّب، وعاملاً مؤثرًا في التجربة يجعلها سهلة. فكانت هذه هي الساعة المناسبة للهجوم. والأجدر أن نبتعد عن مجال التجربة، والأماكن التي يستغلها العدو في تجربتنا. ولنستمع إلى نصيحة بولس لتيموثاوس: «أما الشهوات الشبابية فاهرب منها» (2تيموثاوس2: 22)، وأيضًا: «لا تصنعوا تدبيرًا للجسد لأجل الشهوات» (رومية13: 14)! فلا نحتفظ بشيء يمكن أن يُستخدم إذا أغرانا العدو في وقت ضعفنا. ولنستمع إلى نصائح حكيم الدهور في هذا الشأن (أمثال5: 8؛ 7: 25؛ 9: 13-17)! وإنه من الغباء أن الباب الذي تأتي منه الريح لا نسده ونستريح!
4- كان من الممكن أن تنزعج المرأة عندما تسمع حيوانًا يتكلَّم على خلاف الطبيعة. لهذا كان صوته وكلامه هذه المرة بأعذب وأرق العبارات التي تجذب ولا تُنفِّر. لقد أشعرها بالأمان، وقادها للحوار معه. فلنحذر من همسات العدو، ولا ننخدع بالأسلوب الرقيق الناعم خاصة مع الجنس الآخر. فكثيرًا ما كان العدو وراء هذا الحديث اللطيف حتى وإن بدا بريئًا في البداية. والحكيم يقول: «إذا حسَّن صوته فلا تأتمنه» (أمثال 26: 25).



5- استَغلَّ طبيعة المرأة العاطفية التي تحب وتقبل الصداقة البريئة، ولا ترفضها. فجاء كالصديق الودود. فالمرأة في طبيعتها تهتم بالعلاقات وتحب أن تكسب أصدقاء جُددًا، ولا تود أن تخسر أحدهم بسهولة. ولكن ليس كل صداقة هي بركة أو معونة في حياتنا الروحية. فلنمتحن كل شيء ولا ننخدع بالشكليات أو الوضع الاجتماعي، ولنتمسَّك بالحَسَن في نظر الله.
6- تعامل معها كشخصية مستقلة عن رجلها، فتحدَّث إليها في صيغة المُثنَّى. وربما أراد إشعارها بقيمتها الذاتية بالاستقلال عن آدم، وأن ذلك أفضل كثيرًا من كونها مُتَّحِدة به ومُتَضَمَّنة فيه. فهي كيان منفصل له تفكيره وقراره وحريته واختياره، له رؤيته ورأيه في الأمور. وفي الإنسان ميلٌ للبحث عن الذات والهوية، خاصة في مرحلة الشباب الذي يرفض أن يكون تعريفه من خلال الأهل حتى لو كانوا أفضل القوم. هو فلان وليس ابن فلان . شاب أو فتاة، كلٌ يبحث عن ذاته ويريد الاستقلالية. ولا غبار على ذلك بقدر مُعَيَّن في مرحلة الشباب المُبكـِّر. ولكن الوضع هنا في قصتنا مختلف؛ فالمرأة هنا مرتبطة بآدم كزوج. وعندما خلقهما الرب الإله أتحدهما معًا ليكونا «جسدًا واحدًا» (تكوين2: 24)، «ليسا بعد اثنين بل جسد واحد». والكتاب يؤكد هذه الحقيقة 7 مرات، «يترك الرجل أباهُ وأُمَّهُ ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا». هذا هو فكر الله الواضح في العلاقة الزوجية. لكن الشيطان أراد أن يفصل المرأة عن رجلها، ويُشعرها بلذة الانفصال والاستقلال وحرية القرار، بدلاً من الخضوع للرجل كرأس بحسب ترتيب الله. ودائمًا يحاول الشيطان أن يعمل شرخًا في العلاقة ليجعلهما اثنين، كلٌّ منهما رأسٌ في البيت، وبذلك يُدمر البيت إذ يعكس ترتيب الله.
كان هذا أسلوب الشيطان عندما قرر أن يُجرِّب الإنسان لأول مرة، فكيف بدأ الحوار؟









التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:12 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 01:56 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




أحقاً قال الله؟

ما زلنا نتحدث عن أسلوب الشيطان في غواية الإنسان، والجولة الأولى معه في الجنَّة. وقد رأينا كيف ذهب للمرأة، فهي الإناء الأضعف والأسهل في الغواية، واستغل أنها كانت بمفردها بعيدة عن رجلها، وأنها كانت بجوار الشجرة المَنهي عنها، وكان ذلك في صالح المُجرِّب، وكان صوته وكلامه عذبًا رقيقًا حتى لا تنفر منه أو تخاف. وقد جاء كالصديق الودود، وتعامل مع المرأة كشخصية مُستقلّة عن رجلها مُستخدِمًا صيغة المُثنَّى، إذ أراد إشعارها أنها كيانٌ منفصل، له اعتباره وقيمته الذاتية بدون الرجل.



بدأ الحوار مع المرأة بسؤال الحيَّة: «أحقًا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنَّة؟». وهذا السؤال يُظهر مُنتهَى التعاطف والشفقة، ويتضمَّن الاندهاش والتعجب من القسوة والتعسُّف من جانب الله، والقيود المفروضة عليهما، مُمَثَّلة في المنع والحرمان. وكأن الحيَّة على رأس كل المخلوقات تشعر بحجم الظلم الذي وقع على الإنسان دون سائر الخليقة؛ فأيُّ الكائنات مُنِع قسرًا من شيء، وهُدِّدَ بالموت إذا عصي؟! هذا لم يحدث سوى مع الإنسان المسكين. وكيف وهو تاج الخليقة ورأسها، يُحرَم من الحرية، ويعيش عبدًا خاضعًا لسلطان أقوى يتحكَّم فيه؟ وما قيمة كل الأشجار وكل العطايا والامتيازات بعد أن سلبهما الحرية؟ وكيف لا يحترم ذكاءهما وقدرتهما على الاختيار واتخاذ القرار؟ وما معنى هذه القيود: افعل ولا تفعل؟
وفي الإنسان ميلٌ للتحرر ورفض الخضوع للسلاطين، ويعتبر الحرية أهم من الطعام والشراب. وبالأسف قد أساء فهم واستخدام الحرية؛ فصيَّرها فرصةً للجسد، وسُترةً للشَّر، ومجالاً للتمرد على الله.
وقد أوحى الشيطان للإنسان أن هذه الشجرة المَنهي عنها هي أهم شيء في الجنَّة بأسرها، وهي مركز الجنَّة، حتى إن المرأة أشارت إليها باعتبارها «في وسط الجنَّة». مع أن الشجرة التي فعلاً في وسط الجنَّة، «فردوس الله»، هي «شجرة الحياة»، ولم يُمنَع الإنسان منها، وهي ترمز إلى شخص المسيح.
وعندما عمَّق الشيطان في كيان المرأة الشعور بالمنع والحرمان، فقد ألهب فيها الرغبة للأكل والعصيان. ودائمًا الممنوع مرغوب، و«المياه المسروقة حلوة، وخبز الخفية لذيذ» (أمثال9: 17). والطبيعة الفاسدة في كيان الإنسان لا تقنع بكل عطايا الله المشروعة، وإنما ترغب في امتلاك الممنوع وتتلذَّذ بفعل ما هو مَنهي عنه.
كان السهم الأول الذي وجَّهه العدو للمرأة في صورة “تشكيك”، فقال: «أحقًا قال الله؟». فقد شَكَّك في صدق الأقوال وصحتها، وما إذا كان الله قد تكلَّم أصلاً. كما شَكَّك في صلاح الله ومحبته للإنسان، وفي بره وعدله، وفي بواعثه وأغراضه ونواياه. وإلى يومنا هذا يستخدم ذات الأسلوب بطرق مختلفة مع البشر، وكثيرًا ما يهاجم كلمة الله مُشَكِّكًا في صحتها، ومُقنعًا الشباب أنها أفكارٌ قديمة لا تناسب العصر الذي نعيش فيه. وكثيرًا ما يُشكِّك في صلاح الله عندما يسمح للمؤمن بتجارب متنوعة. ويُشكِّك أيضًا في القضاء المرتبط بالتعدِّي.
«أحقًا قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنَّة؟». إن الشيطان هو الكذَّاب وأبو الكذَّاب، وأردأ أنواع الكذب عندما يذكر نصف الحقيقة ويحذف نصفها الآخر بمكر. وبالتأكيد أنه كان يعرف ولا يجهل نَصَّ العبارات التي قالها الرب الإله لآدم وهي: «من جميع شجر الجنَّة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشَّر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت» (تكوين2: 16،17). لكن العدو حذف من العبارة وحوَّر فيها، وصاغها بالشكل الذي يخدم أغراضه. وكان هدفه الأول أن يُصوِّر الله كمُستبد يتحكَّم في خلائقه. وطالما كان الله بهذه الصورة فكيف يتلذَّذ الإنسان بالعلاقة الحميمة معه، ويسعد بالشركة والتواصل والحديث معه؟ وكيف يثق فيه ويطمئن له؟ وكيف يشتاق إليه كل صباح؟ وما هي المُتعة في طاعة هذا الإله والخضوع له؟
لقد زرع بذار السم ليُفسد العلاقة بين الإنسان والله، ويُشوِّه صورة الله في نظر الإنسان، وكل الخير الذي عمله الله لإسعاده. واجتهد ليجعل الإنسان يرى الأمور بالمنظور المغلوط، وهو عكس ما قصده الله تمامًا. وسعى لكي تتولَّد في الإنسان مشاعر سلبية نحو الله، فيشكّ في محبته ودوافعه وصدق أقواله، فلا يعود يحبه ويطيعه بسرور كما كان، ولا يُسَر ويستريح للاقتراب منه، بل على العكس يفكِّر في الاستقلال عنه، والبحث عن الذات، والرغبة في العصيان وكسر الوصية.
كل هذا نراه في أول عبارة نطق بها الشيطان للإنسان في الجنَّة. فهل أحدثت هذا التأثير المُدمِّر وحققت هذه النتائج الخطيرة؟ هذا ما ظهر في رد المرأة على الحيَّة. فنراها قد تلقَّنت الطُعم فعلاً، وقد أصاب السهم الكبد. فقالت: «من ثمر شجر الجنَّة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنَّة فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمسَّاه لئلا تموتا» (تكوين3: 2، 3). فقد ردَّت في صيغة المُثنَّى إذ اقتنعت أنها كيانٌ مُستَقِل عن رجلها، ولم تُبدِ أيَّة غرابة أو خوف عندما سمعت حيوانًا يتكلَّم، ولم تُسرع لتُخبر آدم بما حدث، بل اندمجت في الحديث بتلقائيَّة تامة. وفي ردِّها ظهر أنها بدأت تتشكَّك فعلاً في صدق أقوال الله ودقَّتها، فحذفت منها، وأضافت إليها، وحوَّرت فيها. فقد حذفت كلمة “جميع”، «من جميع شجر الجنَّة...»، والتي تُبرهن على الحب والصلاح الإلهي، وحذفت كلمة “أكلاً”؛ أي تأكل بحريتك. وأضافت كلمة “ولا تمسَّاه”، والتي تدل على التعسُّف الإلهي. وحوَّرت عبارة «موتًا تموت» إلى “لئلا تموتا”، والتي تُظهر التشكُّك في صدق أقوال الله وبره وأحكامه العادلة.
ليت آذاننا تتدرَّب على سماع صوت الرب، وتحترم أقواله الحيَّة، وتتجاوب معها، وترفض كل الأصوات الأخرى التي مصدرها الحيَّة الخادعة الكاذبة التي تقود للشكوك والسقوط.








التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:14 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 01:57 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




لـن تموتـا

رأينا في المرة السابقة كيف وجَّه الشيطان سهمه الأول للإنسان في صورة “تشكيك”، زارعًا بذار الشَّك في صدق أقوال الله ومحبته وصلاحه نحو الإنسان، وفي بِرِّه وعدله، وفي بواعثه ونواياه. وحاول أن يُشوِّه صورة الله في نظر الإنسان ويُفسد العلاقة بينهما. وفي رد المرأة على الحيَّة رأينا أنها قد تأثرت واقتنعت بكلامها، وتشكَّكت فعلاً في صدق الأقوال الإلهية ودِقَّتها، فلم تحترم نَصَّ العبارات التي قالها الرب الإله لآدم، فحذفت منها، وأضافت إليها، وحَوَّرت فيها.



وعندما شعر الشيطان أن المرأة تجاوبت معه بهذه السرعة ألقَى سهمه الثاني، وكان هذه المرة في صورة “تكذيب”. فقالت الحيَّة للمرأة: «لن تموتا» (تكوين3: 4). وهذا الرد القاطع جاء بعد أن تشكَّكتْ المرأة في حُكم الله. لقد قال الله: «موتًا تموت»، وقالت المرأة: «لئلا تموتا»، وقالت الحيَّة: الحقيقة إنكما «لن تموتا». وهذا تكذيبٌ صريح لأقوال الله.
وإلى يومنا هذا يحاول العدو أن يجعل الخطية سهلة للإنسان، ويُخفِّف العقاب والنتائج التابعة، ويُكرِّر نفس العبارة: «لن تموتا»، ولن تحدث أيَّة مشكلة، وستعبر الأمور بسلام. وربما يقنعه أن هذه الأمور طبيعية جدًّا وأن كثيرين يفعلونها ولا يتعرَّضون لأيَّة مخاطر. والإنسان عادة وهو يخوض تجربة جديدة يشعر بقلق واضطراب في الضمير خوفًا من النتائج والحصاد المُرتبط بالخطية. وعادة يفكِّر في المتاعب والنتائج الحاضرة وما يمكن أن يصيبه هنا، أكثر كثيرًا مما يفكر في الأبدية. والشيطان يُغري الإنسان ويدفعه ويُطمئنه قائلاً: «لن تموت». والإنسان يُصدِّق الشيطان ويُكذِّب الله. إن الكتاب يقول: «أجرة الخطية هي موت» (رومية6: 23)، «وليكن اللهُ صادقًا وكلُّ إنسانٍ كاذبًا» (رومية3: 4). «ومَنْ لا يُصدِّق الله فقد جعله كاذبًا» (1يوحنا5: 10)، وما أخطر هذا الموقف! و«لأن القضاء على العمل الرديء لا يُجرَى سريعًا، فلذلك قد امتلأ قلب بني البشر فيهم لفعل الشر» (جامعة8: 11). وإذا فعل الإنسان الشر مرَّة وعبَرَتْ الأمور بسلام، فإن ضميره سيتقوَّى ليُكرِّر الخطأ عدة مرات، حتى يصير الأمر زهيدًا في عينيه أن يعمل الشر في عيني الرب.
إن الله أمين عندما يُحذِّر الشرير من عواقب هذا الطريق قبل أن يدركه الغضب والهلاك، والعاقل هو الذي يسمع التحذير ويخاف من الخطية. يقول الرب للشرير: «هذه صنعتَ وسكتُّ، ظننتَ أني مثلكَ. أوبخك، وأصفُّ خطاياك أمام عينيك. افهموا هذا يا أيها الناسون الله، لئلا أفترسكم ولا منقذ» (مزمور50: 21، 22). وكم من شباب انخدعوا بإغراء العدو، وبسبب خطية واحدة، ولو مرة واحدة، دفعوا ثمنًا باهظًا وذرفوا دموعًا غزيرة.



اطمأنت المرأة للحيَّة، واستراحت لكلامها، واعتبرت أنها أكثر حكمةً وخبرةً منها؛ فأعطت مزيدًا من الإصغاء لها، فواصلت الحيَّة حديثها للمرأة، ووجَّه العدو سهمه الثالث وكان في صورة “ترغيب”، فهو ما زال الصديق الودود الذي يُقدِّم النُصح والتوجيه. فأضافت الحيَّة قائلة: «بل الله عالمٌ أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما، وتكونان كالله عارفين الخير والشَّر» (تكوين3: 5). لقد ذكر الشيطان نصف الحقيقة إذ ستنفتح أعينهما ويعرفان الخير والشَّر. لكن هل حقًا سيكونان كالله؟! لقد كانت هذه هي الخدعة الكبرى من الكذَّاب وأبو الكذَّاب.
كانت رغبة الشيطان القديمة أن يصعد إلى السماوات، ويرفع كرسيه فوق كواكب الله، فوق مرتفعات السحاب، ويصير مثل العلي (إشعياء14: 13، 14). فكانت النتيجة أنه سقط وانحدر إلى الهاوية، إلى أسافل الجب. وعندما فشل هو في محاولته، أعاد المحاولة مع الإنسان ليخوض نفس التجربة ويقوده إلى ذات النتيجة، فحاول أن يغريه ويُعمِّق الرغبة فيه أن يصير كالله بدلاً من الخضوع لسلطان الله. وكيف للمخلوق أن يصير مثل الخالق؟!
وقد أوحى الشيطان للمرأة أن الله منعهما من الأكل من هذه الشجرة بالذات لأنه عالمٌ أنهما إذا أكلا منها سيكونان كالله في الحال، وهو لا يريد لأحدٍ من خلائقه أن يكون مثله. وبذلك أظهر الله كشخص متكبر يريد أن يحتفظ بمسافة مهولة بينه وبين خليقته، ولا يَدَع أحدًا يقترب منه أو يُشابهه.
ولكن هل بالحقيقة أن الله لا يريد أن يكون الإنسان مثله وقريبًا منه؟ ألم يَقُل الله عندما خلق الإنسان: «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تكوين1: 26)، وكانت هناك مُشابهة أدبية بينه وبين الله يوم خُلق وحتى السقوط؟ وأهم من ذلك، وهذا ما كان يجهله الإنسان والشيطان معًا، مشروع الله الأزلي من نحو الإنسان: «لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعيَّنهم ليكونوا مُشابهين صورة ابنه» (رومية8: 29). هذا ما حاول الإنسان أن يصل إليه بجهله عن طريق العصيان على الله وكسر وصيته، فكانت النتيجة هي السقوط الرهيب له ولكل الجنس البشري، وهو لا يعلم أن الله في الأزل البعيد، قبل الخليقة وقبل الملائكة وسقوط الشيطان، كان يفكر في الإنسان، موضوع محبته ومجال استعراض نعمته، أسمى الأفكار الصالحة ليجعله فعلاً مُشابهًا صورة ابنه في محضر مجده في السماء بطول الأبدية، وليس في جنَّة على الأرض.
انخدع الإنسان بكلام الشيطان، وظن أنه إذا عرف الخير والشَّر سيصبح مثل الله. لكنه وقد عرف الخير والشَّر عجز أن يفعل الخير، وعجز أن يمتنع عن الشَّر. ظن أنه سيتحرر من القيود فلا يعود في مركز الخضوع لله، وسيصبح حُرًّا في اختياره وقراره ليفعل ما يراه ويقتنع به وينفذ إرادته الذاتية بدلاً من أن يعيش ليفعل إرادة الله. وبالإجمال أراد الاستقلال عن الله، وهذا هو تعريف الخطية. وتبقى الحقيقة أن «مَنْ يفعل الخطية هو عبدٌ للخطية» (يوحنا8: 34). وما أتعس النتائج عندما يرفض الإنسان الخضوع لسلطان الله ويختار الخضوع لسلطان الخطية والشيطان!








التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:17 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 01:58 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




سقــوط الإنســان وأهــداف الشيطــان

لقد خدعت الحيَّة حواء بمكرها، وسُرعان ما تجاوبت معها وتأثرت بكلامها: «فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بَهِجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر (تعطي حكمة ومعرفة)، فأخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضًا معها فأكل» (تكوين3: 6)، وهكذا حدث السقوط! لقد كسر الإنسان الوصية، وكان الأجدر أن يطيع ويُعبِّر عن حبه واحترامه، وخضوعه وإكرامه للرب الذي أحبَّه وميَّزه وسلَّطه على كل الخليقة، وغرس له جنَّة بديعة ليعيش فيها سعيدًا هانئًا، وصنع له الزوجة المُعِينَة التي تُشبع عواطفه وتشاركه أفكاره وتصبح مصدر البهجة في حياته. لكنه مع الأسف لم يجعل لله ولا لوصيته اعتبارًا، ولم يذكر كل الخير الذي صنعه له، بل تعدَّى على الله وتحدَّى إنذاره وعمل إرادته الذاتية. لقد اتحد مع الشيطان ضد الله. وهكذا نجح الشيطان أن يستدرج الإنسان للعصيان، وكانت النتيجة هي السقوط بكل ما يحمل من عواقب وخيمة.
أهداف الشيطان على ثلاثة محاور
* أن يُلحِق إهانة بالغة بالله من جهة كرامته ومجده وسيادته وسلطانه، وكان ذلك أمام كل الخليقة وكل الملائكة وأمام الشيطان نفسه.
* أن يجلب الدمار واللعنة على كل الخليقة التي أُخْضِعَتْ للبُطْل عندما سقط رأسها. وصارت تَئِن وتتمخض معًا إلى الآن بسبب الخطية وآثارها.
* أما على الإنسان فكانت نتائج السقوط على النحو التالي:
1- العري: «فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عُريانان» (تكوين3: 7).
2- الخوف: «سمعتُ صوتك في الجنة فخشيتُ، لأني عريانٌ فاختبأتُ» (تكوين3: 10).
3- الألم والحزن: «بالوجع تلدين أولادًا» (تكوين3: 16).
4- اللعنة: «ملعونة الأرض بسببك»، وهذه اللعنة «نهايتها للحريق» (تكوين3: 17).
5- التعب: «بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك» (تكوين3: 17).
6- الشوك: «شوكًا وحسكًا تُنْبتُ لكَ» (تكوين3: 18).
7- العرق: «بعرق وجهك تأكل خبزًا» (تكوين3: 19).
8- الموت: «حتى تعود إلى الأرض التي أُخِذْتَ منها. لأنك تُرابٌ، وإلى تُرابٍ تعودُ» (تكوين3: 19).
لقد أفسدت الخطية كيان الإنسان كله، فقال الكتاب عنه: «كل الرأس مريضٌ، وكل القلب سقيمٌ. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحةٌ» (إشعياء1: 5). ويقول الرسول بولس: «إني أعلم أنه ليس ساكنٌ فيَّ، أي في جسدي، شيءٌ صالحٌ» (رومية7: 18). وهكذا تشوَّه الإنسان بكيفية لا يمكن إصلاحها. وهذا الفساد والتشوُّه قد عمَّ كل الجنس البشري الذين هم بالطبيعة نسل آدم الساقط، وأصبح في الإنسان طبيعة ساقطة تميل للعصيان وترفض الخضوع لله، وكان العلاج الإلهي لهذه التشوهات هو «الخليقة الجديدة».
إن الخطية نجاسة تمنع الإنسان من الاقتراب إلى الله القدُّوس، ولهذا هرب واختبأ خلف الأشجار. والخطية ذنب يستوجب العقاب، وهذا ما جعل الإنسان يخاف من الله ويفقد الشعور بالأمان. لقد فقد الإنسان الحرية وأصبح عبدًا للشيطان، وفقد السيادة والسلطان على الخليقة، فصارت الأرض مُسلَّمة ليد الشِّرير (أيوب9: 24)، والشيطان يسيطر عليها. كما فقد البراءة التي خُلق عليها، والمشابهة الأدبية لله والتوافق معه. وما عاد الله بالنسبة له الأب العطوف الذي يهرع إليه ويرتمي في حضنه ويستمتع بالحديث معه وبصوته الحاني الرقيق، بل صار الله بالنسبة له هو الديَّان، ولهذا شعر بالخوف والرعب عندما سمع صوته ماشيًا في الجنة، آتيًا إليه.
كل هذا حدث عندما سقط الإنسان ودخلت الخطية، فأحدَثت شرخًا في العلاقة بين الإنسان والله. وكان هذا غرض الشيطان؛ أن يفصل الإنسان عن الله، وأن يحطِّمه بالكامل ويُذِلّه ويستعبده ويُهلكه هلاكًا أبديًّا. كذلك كان هدفه أن يُفشِّل مشروع الله من جهته، وأن يستولي على مركز السيادة على الأرض، ويفصلها عن السماء. وبحسب الظاهر نجح في ذلك نجاحًا كبيرًا. ولكن هل يمكن أن مشروع الله يفشل ومقاصده تخيب؟ وهل ينتصر الشيطان ويكون الله هو الخاسر والإنسان هو الضحية؟ هل يُفلت الزمام من يد الله؟ حاشا وكلا!

كانت المشكلة كبيرة حقًّا، ويجب أن نتذكَّر أن الشيطان قبل سقوطه كان كَروبًا (ملاكًا مُتخصِّصًا في الأعمال القضائية)، يفهم جيدًا في أحكام البر. وبالبر والعدل صار الإنسان تحت حُكم الموت لأنه مُذنب، ولا يمكن تجاهل ما فعل. إن «أجرة الخطية هي موت»، وإذا غفر الله وصَفَحَ يكون قد تصرَّف بما لا يتناسب مع بره، وهذا مستحيل. وكان الشيطان ينتظر أن الله في غضبه سيُحقق مجده أمام كل الخليقة والملائكة بالقضاء الفوري على الإنسان. لكن هذا لم يحدث، وخابت توقعاته. كان احتواء المشكلة وعلاجها مُكلِّفًا جدًّا، والله تحمَّل هذه الكُلفة بنفسه. وقبل أن تحدث المشكلة كان الله قد أعد الحل في مقاصد محبته الأزلية للإنسان. وكان الحل في بذل ابنه وحيده، في الوقت المُعيَّن، ليموت عن الإنسان، ويكفِّر عن خطاياه؛ حتى يمكن لله أن يبرِّره ويصالحه ويقبله على أساس من البر والعدل، وليس على أساس الرحمة والشفقة فقط.

لقد تصرَّف الله بحكمة بالغة في هذا الموقف؛ إذ قدَّم بنفسه أول ذبيحة في الجنة ليُكفِّر عن الإنسان ويستره. ففي ذلك اليوم ذُبح حيوانٌ بريء، وسُفك دمه، ومات عوضًا عن الإنسان، وأخذ العقوبة التي يستحقها الإنسان. «وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما» (تكوين3: 21). وبذلك أمكنه أن يصفح عن المُذنِب ويستره ويرضى عنه ويقبله. لقد دعا الإنسان ليقترب منه ويعود إلى حضنه فيشعر بالحب والحنان والراحة والأمان، ويُلبسه بنفسه أقمصة الجلد، ولعله بعد ذلك ضمَّه لصدره ورَبَت على كتفه وقبَّله قُبلة المصالحة والغفران، وأشعَرَه بأن المشكلة قد سُوِّيَتْ بواسطة الذبيحة التي ترمز إلى حمل الله. وكأنه في النهاية يقول له: «لا تخف لأني فديتك». فما أكرم أفكار الله وما أعظم حكمته!








التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:18 PM.
رد مع اقتباس
قديم 03-06-2012, 01:59 PM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ابو بيشو
 

 

 
افتراضي




فرعون كرمز للشيطان

يُعتبر فرعون موسى من أقوى الصور المُعبِّرة عن الشيطان؛ سواء في استخدام الحيل لإفناء شعب الله (خروج 1: 10)، أو في أنه قاتل (خروج 1: 16، 22)، وكذَّاب (خروج 8: 8، 15)، أو في مراوغاته ليمنع خروج الشعب من مصر (خروج 8: 25-28؛ 10: 10، 11، 24)، أو في هجومه الشرس عليهم عند البحر الأحمر (خروج 14: 5-10). وعندما ندرس هذه الصور سنفهم المزيد من أساليب عمل الشيطان لكي نتحذَّر منه.
وقبل أن نتناول هذه الصور، يبرز أمامنا سؤالٌ هام وهو: لماذا سمح الرب بوجود الشيطان؟ وهذا ما نراه أيضًا في قصة فرعون. فقد أعلن الرب له قائلاً: «لأجل هذا أقمتك، لكي أُريكَ قوَّتي، ولكي يُخْبَر باسمي في كل الأرض» (خروج 9: 16). هذا يعني أن الرب هو الذي أقامه، وأنه سيتمجَّد من خلاله، ويُظهر قوَّته فيه وفي القضاء عليه، ويُنادَى باسمه في كل الأرض.
وهل كان الله يعلم بسقوط الشيطان، وأنه سيكون سبب البلاء لكل الجنس البشري؟ بكل تأكيد نعم. وهل كان بوسع الله أن يمنعه أو يبيده؟ بكل تأكيد أيضًا نعم. ولو كانت المسألة هي إظهار قوة الله في سحق الشيطان، لكان قد قضى عليه من لحظة سقوطه، أو في أي وقت أراد. وهذا أيضًا يظهر في الرمز الذي أمامنا مُمثَّلاً في فرعون. فقد قال الرب له: «فإنه الآن لو كنتُ أمدُّ يدي وأضربك وشعبك بالوبإ، لكنتَ تُباد من الأرض» (خروج 9: 15). فلا بد إذًا أن هناك للرب حكمة من بقاء الشيطان فترة طويلة من الزمان.
وفي كثير من الأحيان نرى الله لا يتدخل ويمنع شر الإنسان ولا حيل الشيطان، لكنه يتحكَّم فيه ويُسخِّره ليخدم مقاصده كاملة الإتقان.
ويبقى السؤال ما هو الخير الذي يمكن أن يحدث من وجود الشيطان ومن حيله ومكايده أو هجومه وشراسته وشرَّه؟
أولاً: عن طريق حيل الشيطان وسقوط الإنسان، ظهرت محبة الله في بذل الابن الوحيد على الصليب ليصنع الفداء للإنسان. وعلى أساس الفداء أمكن للإنسان أن يتبرَّر ويُساكن الله في مجده في السماء، وليس فقط أن يعيش على الأرض في الجنَّة.
ثانيًا: وجود الشيطان وأعماله في الأرض يعطي المجال لتدريبنا الروحي كمؤمنين. وهو المجال الذي نُظهر فيه ولاءنا ومحبتنا لسيِّدنا. وهناك دروس روحية يرى الله في حكمته أن نتعلَّمها عن طريق الشيطان. فإذا خدعنا بمكره فإن هذا سيقودنا إلى مزيد من الحذر والسهر، وإذا هاج علينا تعلَّقنا بالرب أكثر، وإذا ضغطنا وأذلَّنا فإننا نسمو روحيًا وننمو. إنها فرصة لكي نجاهد وننتصر على تجاربه في حربنا الروحية، وبذلك يتزكَّى إيماننا ونحصل على شهادة تقدير من الرب نفسه، مثلما حدث مع أيوب، ثم أخيرًا لما تنتهي الحرب نُكلَّل أمام كرسي المسيح.
وفي تاريخ الكنيسة المبكِّر كان الشيطان كالأسد يثير الاضطهاد ضد المؤمنين، فتشتتوا. لكن الذين تشتتوا جالوا مُبشِّرين بالكلمة.



والآن دعونا نتأمل في أساليب عمل الشيطان من خلال ما سجله الكتاب عن فرعون في أيام موسى.
* لقد قام فرعون جديد استلم الحُكم. وهو صورة للشيطان الذي استلم السلطان بعد سقوط الإنسان.

* قال هذا الفرعون لشعبه: «هوذا بنو إسرائيل شعبٌ أكثر وأعظم منا. هلمَّ نحتال لهم لئلا ينموا... فجعلوا عليهم رؤساء تسخيرٍ لكي يُذلوهم بأثقالهم... ولكن بحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا» (خروج 1: 9-12). وكلمة «نحتال» تذكِّرنا بأسلوب الحيَّة القديمة كما رأيناها في الجنَّة إذ قيل عنها: «وكانت الحيَّة أحيل جميع حيوانات البرية» (تكوين 3: 1).
* كانت المحاولة الأولى أنه جعل عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم. فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف ومرَّروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وفي كل عمل في الحقل (خروج 1: 13، 14). لقد قصد أن يستنفد كل قوة الرجال في أغراضه ومصالحه من الصباح إلى المساء، وكل ما عملوه كان عنفًا وسُخرةً. وكان هذا بهدف أن يمنع تكاثرهم ونموهم. والشيطان يعمل نفس الشيء مع أولاد الله، إذ يستهلك كل الطاقة والوقت في الأشغال الزمنية، وقد يحيط الإنسان بظروف كربة تضغطه نفسيًا من الصباح إلى المساء، فيعود آخر اليوم فاقدًا كل طاقة ورغبة في أي عمل روحي. فلا وقت ولا شهية للكتاب أو الصلاة أو الاجتماعات أو الخدمة أو الشركة مع المؤمنين، وبذلك يتوقف النمو.
* أما المحاولة الثانية فكانت من خلال القابلتين إذ أمرهما فرعون قائلاً: «حينما تولِّدان العبرانيات... إن كان ابنًا فاقتلاه، وإن كانت بنتًا فتحيا» (خروج 1: 16). وفي هذا نرى صورة للشيطان “كالقاتل” الذي قال عنه: «ذاك كان قتَّالاً للناس من البدء» (يوحنا 8: 44). إن الطفل حديث الولادة وهو في المهد هو في غاية الضعف، ويحتاج إلى المساعدة في التنفس والإطعام. وإذا حُرِم من ذلك فإنه يموت بكل سهولة. وهذا أسلوب الشيطان مع المولودين حديثًا من الله. فإذا تعرَّض أحد هؤلاء الصغار إلى عثرة، فإنه يُصدَم ويفشل في بداية الطريق، ويفقد الثقة في مصداقية الأمور الروحية. وقد يستخدم الشيطان أشرارًا لكي يُشكِّكوا في وحي الكتاب المقدس وسلطانه، ويبثون تعاليم فاسدة تُسمِّم النفوس. إن الكتاب المقدس هو أنفاس الله التي يستنشقها المؤمن وينتعش بها، وهو اللبن العقلي العديم الغش لكي ينمو به. وإذ فقد الهواء والغذاء فإنه يموت.
* أما المحاولة الثالثة التي احتال بها فرعون على الشعب فهي أن يطرحوا كل ابن في النهر. ومرة أخرى نرى صورة للشيطان “كالقاتل”. وفي النهر يمكن أن نرى المُتع والملذَّات والشهوات الشبابية. وقد نجح الشيطان أن يغرق بيوت المؤمنين بهذه المواد التي تُمتِّع الجسد وتُشبع شهواته عن طريق الإنترنت والفضائيات التي تحمل كل صور الفساد لإمتاع وإشباع الشهوات التي تغرق الناس في العطب والهلاك.
هذه صور من حيل الشيطان..
فلنتحذَّر ونسهر ولا نجهل أفكاره.








التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 03-06-2012 في 02:20 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين