كتاب / لا تطرح ثقتك ... للأب دانيال - منتدى ام السمائيين و الارضيين
الرئيسية التسجيل مكتبي     البحث الأعضاء الرسائل الخاصة


منتدى ام السمائيين والارضيين


   
العودة   منتدى ام السمائيين و الارضيين > منتدى الطريق نحو الابديه > مكتبة الكتب المسيحيه
 
إضافة رد
   
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 09-30-2012, 11:23 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
ل كتاب / لا تطرح ثقتك ... للأب دانيال





كتاب تطرح ثقتك للأب دانيال
لا تطرح ثقتك
كتاب تطرح ثقتك للأب دانيال
أتى وقت على الشعب بدا فية أن قوى الظلمة قد أنتصرت، وأنها هى التى تُهيمن على الأحداث...

فلم يعد شعب الله كما كان في أيام موسى ويشوع وداود يرى عجائب إلهه، يتمتع بالإنتصارات ويتغنى بها..

وَوَصَفَ إشعياء النبي حالة الشعب المتردية قائلاً:

"تركوا الرب .. ارتدوا إلى وراء .. كل الرأس مريض وكل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة بل جُرح وإحباط.." (أش 1: 4-6)

وسارت أمورهم إلى الأسوأ، وجاء إرميا النبي شاهداً عليهم:

"عَوَجوا طريقهم .. تعاظمت معاصيهم .. تجاوزوا في أمور الشر" (إر3: 21 ، 5: 6، 28)

لكن ماذا عن الرب؟ .. هل تأخر عن التدخل؟ .. هل حقاً لم يعد يهيمن على الأحداث؟

لم يقف الرب صامتاً.. بل أجاب فى رؤيا أعطاها إلى إرميا النبي الذي بدوره يُخبرنا بها:

"ثم صارت كلمة الرب إلىَ قائلاً:

ماذا أنت راء يا إرميا.

فقلت أنا راء قضيب لوز.

فقال الرب لي أحسنت الرؤية لأني أنا ساهر على كلمتي لأُجريها"

(إر1: 11، 12)

إن كلمة لوز في أصلها العبرى تعني متيقظ أو ساهر.. فشجرة اللوز تعني الشجرة اليقظة.. فهي بالفعل أول شجرة تتيقظ بعد نوم الشتاء لتُخرج أزهارها مُبكراً في شهر يناير(1) ..

إنها تحدثنا عن يقظة الرب .. عن سهره لإتمام وعوده في الوقت المناسب .. بلا أدنى تأخير..

وكأن الرب يقول لإرميا: "هل يوحي لك العيان، ما تراه بعينيك وما تسمعه بأذنيك، بأنني لا أتدخل؟.. لا، لا تصدق العيان الخادع .. بكل تأكيد أنا ساهر على كلمتي لكى أُجريها فى الوقت المناسب .. لا تطرح مُطلقاً ثقتك في"..

أيها القارئ، إن رسالة قضيب اللوز هى أيضاً لك .. لك بكل تأكيد..

فقد يقول لك الواقع إن الأمور سيئة وغير مشجعة، وليس هناك ما يدعو للفرح..

ماذا تفعل؟ .. تَمَسك برسالة قضيب اللوز.. ثق أن الرب لن يتأخر أبداً عن التدخل في حياتك، ما دمت تؤمن به وتثق في كلمته وما تحمله لك من وعود..

لا، لا تسمح للواقع أن يُصيبك بالإحباط .. استمع إلى الكلمة، فهى تُقَدم لك وعوداً عظمى وثمينة تناسب كل ظرف تمر به ..

لا تطرح ابداً ثقتك فيها، فالرب الذى يحبك ساهر عليها لكي يجريها..
كتاب تطرح ثقتك للأب دانيال
مثال
شخص عانى من الفشل والإخفاق سنوات طويلة .. ماذا يقول له الماضي؟ .. إن غدك لن يكون سوى استمراراً للأمس.. ليس من منفذ للراحة والنجاح .. لم تنجح في كل هذه السنوات فكيف تفكر في النجاح الآن؟

لكن ماذا تقول الكلمة، كلمة النعمة التى تحمل أخباراً طيبة تُسمن العظام (أم 15: 30)؟

إنها تؤكد أن الرب يسوع هو الطبيب الحقيقي الذي مات وقام ليطلق الأسرى إلى الحرية (لو 4: 18)..

الكلمة تعلن أن الرب قد دفع بالكامل ثمن حرية وشفاء المقيدين (مت 8: 16).. وأنه يدعوهم برغبة حارة أن يأتوا إليه ملقين بأحمالهم عند قدميه.. سيُريحهم، سيُحررهم ويشفيهم.. سيُعوضهم عن السنين التي أكلها الجراد.. وسيقودهم من نجاح إلى نجاح..

كلمة الله تؤكد أن هناك شفاءً مؤكداً وحرية كاملة من الفشل لهذا الشخص إن استجاب بإيمان لدعوة الرب وتمسك بها..

الكلمة تُسْمِعْهُ وعد الرب العظيم "تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحكم" (مت11: 28)

ورسالة قضيب اللوز تقول له: الرب سيحقق وعوده معك.. إنه ساهر عليها فلا تطرح ثقتك، إن "لها مجازاة [مكافأة] عظيمة" (عب 10: 35)..

مثال ثاني
أُسرة مؤمنة فَقَدَ رجلها عمله، مصدر رزقه الوحيد، في مجتمع تسوده البطالة .. ماذا يقول الواقع؟.. إن الأسرة ستُعاني حتماً مذلة الإحتياج لزمن غير قصير..

ولكن ماذا تقول كلمة الله؟ .. يا للنعمة الغنية!!

يا لمراحم الرب التي لا تزول!!.. الكلمة تقدم الوعود المناسبة..

"ليس عوز لمتقيه [أى لمتقي الرب] .. الأشبال احتاجت وجاعت وأما طالبوا الرب فلا يعوزهم شئ من الخير" (مز 34: 9،10)

"عاضد الصديقين الرب .. لا يُخزون في زمن السوء وفي أيام الجوع يشبعون" (مز 37: 17، 19)

" أيضاً كنت فتىً وقد شِخْتُ ولم أرَ صِدِّيقاً تُخُلِّيَ عنه ولا ذرية له تلتمس خبزا. اليوم كله يترأف ويُقرض ونسله للبركة" (مز 37: 25، 26)

تُرى هل أدركنا هذه الحقيقة؟.. وهل نقرأ الكلمة متوقعين أن تقول لنا شيئاً مختلفاً عما يقوله المنطق الطبيعي؟ .. للأسف كثير من المؤمنين يفقدون سلامهم حينما يجتازون ظروفاً صعبة لأنهم لا يتوقعون حدوث شئ مختلف عما ينتظره غير المؤمنين..

يا للأسف، إنهم يجهلون أو يتجاهلون ما تقوله الكلمة..

أيها الحبيب، ما تقوله الكلمة هو أكثر حقيقة من كل الظروف المرئية ومن كل التوقعات المنطقية.. وعندما نؤمن به سنتمتع بالسلام العميق، حتى في أحلك الظروف لن نُفكر كما يُفكرغيرنا بطريقة سلبية ولن نتحدث مثلهم بكلمات الهزيمة.. بل سننتصر على الخوف وعلى القلق، وسنرى أموراً عجيبة "أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر" (أف 3: 20)..

وسنشهد لإلهنا بما يحدث معنا.. إنه حي.. يحبنا جداً جداً، وأبداً لا يخذلنا..

أيها الحبيب، لا تطرح ثقتك فيما تقوله الكلمة.. الرب لن يتأخر في إتمامها.. لا تنسَ أبداً أنه ساهر عليها ليجريها..
كتاب تطرح ثقتك للأب دانيال
كلمة الله هى الحق
كم من مرة قال عنها الرب يسوع إنها الحق (يو 8: 23، 16: 13، 17: 17)..

وما معنى كلمة حق؟

إنها ترجمة للكلمة اليونانية " ήθεɩɑλἀ" "آليثيا" "aletheia"، والتى تُطلق على الشئ الذي يتصف باليقينية "Certainty"، والصدق التام الذي يخلو من أي خداع وغش(2) ..

كلمة الله هي الآليثيا.. هي الحق المنزه عن الخطأ.. هي الكلمة الصادقة كل الصدق، والرب بنفسه أكد لنا ذلك بكلمات واضحة وقاطعة .. اسمعه معي وهو يقول:

"زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس"

(لو16: 17)

"فإني الحق أقول لكم.. إلي أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس [المقصود بالحرف الواحد، حرف اليوتا "ᵻ" أصغر الحروف اليونانية، والمقصود بالنقطة، الجزء الصغير من الحرف العبري الذي يميزه عن حرف آخر يشابهه مثل الفرق بين حرفي "ّƆ" و K "ّƆ"](3)" (مت 5: 18)

كلمة الله صادقة فى كل ما تقوله .. انشغل بها، افتح قلبك لها .. ستُعطيك الإيمان بصدقها.. ستجدها دائماً الكلمة الحّية التى تعطيك الحياة والتى تصنع العجائب..

تأمل معي هذا الرجل، يشوع بن نون، الذي قاد الشعب لإمتلاك أرض الموعد.. الأرض الجيدة التي تفيض لبناً وعسلاً..

لقد تعّرض لمواقف عديدة بالغة الخطورة.. وهل هناك أخطر من أن يختلف معك شعباً بكامله فيشرع في قتلك رجماً بالأحجار؟!.. هذا تماماً ما حدث معه (عد14: 10)، وليس ذلك فقط بل أيضاً قاتله واحد وثلاثون ملكاً في معارك متنوعة (يش12: 24)..

لقد واجه يشوع أسواراً شامخة في أريحا، ومدناً حصينة كحبرون (يش10: 20، 36) وتحالفات قوية مثلما حدث في حربه مع الأموريين (يش10: 5).. وتعّرض مرة للهزيمة بسبب خيانة واحد من جنوده (يش7: 1)..

لكن أنظر، في كل مرة لم يستسلم للضعف بل فَعَلَ مثل إبراهيم "تقّوى بالإيمان مُعطياً مجداً لله" (رو4: 20) .. لم يدع ما يراه بعينيه أو ما يسمعه بأُذنيه يُضعف من معنوياته.. تشبّث يشوع بالكلمة، فماذا اختبر؟.. اقرأ معى هذه الشهادة القوية التي أعلنها قبيل موته مباشرة:

"ها أنا اليوم ذاهب في طريق الأرض كلها. وتعلمون بكل قلوبكم وكل أنفسكم أنه لم تسقط كلمة واحدة من جميع الكلام الصالح الذي تكلم به الرب عنكم.. لم تسقط منه كلمة واحدة"

(يش23: 14)

أيها الحبيب، بإمكانك أنت أيضاً أن تحيا بالإيمان، وأن تثق في الكلمة كما وثق بها يشوع.. فإله يشوع هو أيضاً إلهك، وهو يريد أن يصنع معك العجائب كما صنعها معه..

إنه يُحبك أنت أيضاً.. يُحبك بلا حدود، ويريدك أن ترى عجائبه في حياتك، لتشهد له مثل يشوع..

ثق.. ثق في كل وعد تقوله لك الكلمة..

ثق أنه سيتحقق مهما بدا للمنطق البشري أن حدوثه ضرب من الخيال..

وعود الكلمة ليست خيالاً.. وعود الكلمة أرسخ من الجبال.. كل ما تقوله مهما كان سوف يتحقق مادمت تؤمن بها وتخضع لها.. "كل شئ مستطاع للمؤمن" (مر9: 23)..

ألا نسبح الرب بكل قلوبنا لأنه أمين على تحقيق كلمته، صادق في إتمام كل ما تقوله لنا..

لقد وعد قائلاً: "أنا ساهر على كلمتي لأجريها" (إر1: 12)..

أيها الحبيب يا من أفتُديت بالدم الثمين.. يا من غُفِرَت لك خطاياك (1يو2: 12)

ألست ثميناً جداً في عينيه؟!

ألست أنت "حدقة عينه" (تث32: 10)؟!

ألست منقوشاً على كفه (إش49: 16)؟ّ!

ثق.. ثق أنه يسهر لأجلك..

ثق.. ثق أنه يسهر لكي يُجري معك كل وعد تحَدَّث به إليك في كتابه، ما دمت تؤمن..
كتاب تطرح ثقتك للأب دانيال
داود النبي يؤكد
اُنظر كيف يؤكد لنا داود النبي أيضاً هذه الحقيقة الثمينة.. اُنظر كيف يُسَبح الله قائلاً:

"إلى الأبد يا رب كلمتك مُثبتة في السموات. إلى دور فدور أمانتك" (مز119: 89، 90)

"أسجد في هيكل قدسك وأحمد اسمك على رحمتك وحقك لأنك قد عظَّمت كلمتك على كل اسمك [في ترجمات أُخرى على كل شئ (NIV، RSV)]" (مز138: 2)

ماذا تعلن هذه الآيات الذهبية؟

مرة أُخرى نرى إعلاناً بأن كلمة الرب لن تسقط أبداً.. فلم يقل المزمور أن كلمته مُثبتة فوق الجبال الشامخة، لأنه برغم رسوخها سيأتى وقت تزول فيه وتتزعزع (إش13: 13).. بل قال في السموات مكان عرش القدير (مت 5: 34)، مكان الثبات المطلق والقوة غير المحدودة..

وهى ثابتة من "دور إلى دور"، تستطيع أن تلمس قوتها في حياتك مثلما لمسها رجال الله، إبراهيم وموسى ودانيال.. فإلههم هو إلهك وكلمته هى لك الآن كما كانت لهم في القديم..

إنها حقاً كما يقول المزمور أعظم من كل شئ.. أقوى من كل شئ .. أثبت من كل شئ..

وهذا الكتاب الذى بين يديك يُحدثك عن تصديق الكلمة، يدعوك أن تؤمن بها وأن تثق فى وعودها..

إنه كتاب يحدثك عن الكلمة وعن الإيمان، فالكلمة والإيمان لا يفترقان أبداً، حتى أن الرسول بولس قال عن الكلمة إنها "كلمة الإيمان" (رو 10: 8)..

هو كتاب يشرح لك كيف تؤمن بصدق الكلمة .. وكيف ينمو إيمانك بها .. وكيف يصمد هذا الإيمان في الأوقات الصعبة التى يتحدى فيها المنطق البشري الطبيعي وعود الكلمة..

كتاب يُحَدِّثك عن الإيمان الذي يرفض العيان والمنطق حينما يعارضان وعداً من وعود الكلمة..

وهو كتاب من عدة فصول، كلها تتحدث عن الإيمان وإن كان من زوايا متعددة، لكن الهدف العام واحد .. هو بناء إيمانك، كي يرتفع إلى مستوى أعلى لتتمتع بأعمال الله على نحو أعظم وأمجد .. ولترى المعجزات واقعاً يملأ حياتك ..

هذا الكتاب يُشَجَعك كى تسير من إيمان إلى إيمان .. من قوة إلى قوة .. ومن مجد إلى مجد .. لتحيا غنياً في الإيمان (يع 2: 5)، منتصراً فوق كل الظروف، هاتفاً للرب الذي أحبك .. الذي يحملك كل الأيام..

إنه كتاب يشرح لك حياة الإيمان التي تٌثابر حتى تُغير الواقع، وترى الوعد محققاً..

ما أعظم حياة الإيمان!!.. فالإيمان هو اليد التي تُحَرِّك كل شئ..

ما أعظمها حياة!!.. تُريك العجائب، ومع رؤية العجائب تتمتع بما هو أعظم .. تتلامس مع إلهك الحيّ الذي يحبك، والذي يصنع المعجزات من اجلك..

حياة الإيمان ستُمتعك بإلهك كما هو في حبه وحكمته وقدرته الامحدودة..

حياة الإيمان ستجعل أيامك رائعة .. رائعة.. تشهد لإلهك، أبيك الذي يسهر على كلمته لكي يجريها (إر1: 12) من أجل خيرك (رو8: 28).. من اجل راحتك وحريتك وشفائك وتسديد احتياجاتك..
كتاب تطرح ثقتك للأب دانيال
يارب أنت إلهي أُعظمك.

أحمد اسمك لأنك صنعت عجباً

مقاصدك منذ القديم أمانة وصدق (إش25: 1)..

من مثلك أنت الفاعل عظائم لا تُفحص وعجائب لا تُعد (أي9: 10)..

لم تر عين إلهاً غيرك يصنع لمن ينتظره (إش64: 4)..

أشكرك وأمُجدك من اجل الإيمان الذي يحقق وعودك العظيمة في الواقع الملموس بالحواس، فيجعل الحياة رائعة.. ومليئة بالمعجزات..

واشكرك وأُمجدك من اجل هذا الكتاب، لأنني أثق كل الثقة أنك ستستخدمه في التعليم والتشجيع..

وفي ربح النفوس، وتقوية إيمان المؤمنين..

لتكن قراءته نقطة تحول في حياة كثيرين، وليبدأوا مرحلة جديدة، تمتلئ باختبارات مجيدة للإيمان الذي ينقل الجبال..

واثقاً أنك ستعمل به أكثر مما أفتكر..

إنني أثق، ولن أطرح أبداً ثقتي فيك..


كتاب تطرح ثقتك للأب دانيال





;jhf L gh j'vp erj; >>> ggHf ]hkdhg







التوقيع


آخر تعديل بن الملك يوم 09-30-2012 في 05:33 PM.
رد مع اقتباس
قديم 09-30-2012, 04:43 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك

1 أهـــــزم العــــــيان

أي آلام هذه التى إحتملها ملك الملوك من أجلي!! ومن أجلك!!

لطمات شديدة العنف أتت على خديه..

جلدات وحشية إنهالت متوالية على ظهره..

شوك حاد أدمى هامته، وسالت الدماء غزيرة ..

مسامير حادة نفذت في لحمة الغض في كل من يديه وقدميه..

وكم تحمل من اجلي، ومن أجلك آلاماً أُخرى نفسية تفوق احتمال البشر!!

جَرَحة بعمق ترك أحبائه له في وقت شدته.. وكذلك البصق على وجهه..

وكم كانت خادشة لأحاسيسة المرهفة كلمات الإستهزاء والسخرية التي سمعها من رعاع الشعب ومن جنود استهتروا به إلى أقصى حد..

لقد كسر قلبه عار الصليب .. لقد حمل كل ذنوب البشر من آدم إلى نهاية الدهور..

ومه هذا لم يتذمر..

لم يحتد..

لم يشتكِ..

ولم يقبل وسيلة لتخفيف الألم!!

كانت العادة عند الرومان أن يقدموا للذين يُصلَبون بعضاَ من الخمر الممزوج بالمر ليخففوا عنهم الإحساس بالألم الشديد(4)..

لكن الرب أبىَ أن يأخذ هذا المُسَكن (مر15: 23).. أبىَ أن تُخَفَف آلامه.. آه، لقد أراد أن يتحمل عنا عقابنا واحزاننا وأوجاعنا كلها (مت8: 17) بلا أدنى نُقصان!!

إنه الحب .. حبه العظيم الذي جعله يتحمل كل هذه الأهوال بدلاً منا، كي لا تأتي علينا..

لكن إنتبه .. شئ آخر واحد في كل هذا الوجود كان أقسى عليه من كل هذه الأهوال.. كان أشد إيذاءً وأكثر مرارة!! كان صعباً عليه أن يتحمله!!

إقرأ معي ما كَتَبَه القديس متى وهو يسرد لنا إحدى قصص الرب..

"ولما جاءوا إلى الجمع تَقَدَم إليه رجل جاثياً له وقائلاً يا سيد إرحم إبني فإنه يُصرع ويتألم شديداً. ويقع كثيراً في النار وكثيراً في الماء. وأحضرته إلى تلاميذك فلم يقدروا أن يشفوه. فأجاب يسوع وقال أيها الجيل غير المؤمن الملتوي. إلى متى أكون معكم. إلى متى أحتملكم. قدموه إلى هَهُنا. فإنتهره يسوع فخرج منه الشيطان فشُفي الغلام من تلك الساعة"

(مت17: 14-18)

أُنظر كم من الصعب على قلب الرب المملوء بالحب والوداعة أن يرى تلاميذه والشعب بلا إيمان. كم كان صعب جداً على قلبه أن يراهم بسبب غياب الإيمان عاجزين أن يُحرروا شخصاً من سيطرة الأرواح الشريرة..

تأمل، لقد استطاع الرب أن يصبر في إحتمال آلام الصلب البدنية والنفسية برغم قساوتها ووحشيتها، إلا أنه هنا- إن جاز التعبير- لم يقدر أن يحتمل غياب الإيمان من أحبائة..

تأمل كلماته "أيها الجيل غير المؤمن.. إلى متى أكون معكم.. إلى متى أحتملكم"..

آه هل أدركت كم هو قاس جداً على حبيبنا الوديع الرقيق أن يرى واحداً منا لا يمتلك الإيمان الذي يأتي بقوة الله إلى مكان الإحتياج..

آه هل عرفت كم يُحزن قلبه جداً ضعف إيماننا..

الرب يريدنا أقوياء في الإيمان..

الرب يهمه جداً إيماننا.

كم من مرة نقرأ في الكتاب المقدس أنه وَبخَ أصحاب الإيمان القليل (مت6: 30، 16: 8)، وكم من مرة نقرأ أنه مَدَحَ علانية مَن لهم إيمان عظيم (مت8: 10، 16: 8)..

الرب يهمهُ إيماننا لأنه يُحبنا.. كم يودُ أن نمتلئ بالإيمان، لأن الإيمان هو الذي يُمتعنا بأعماله المجيدة.

الرب يُحبك جداً، لذا يريدك أن تمتلئ بالإيمان لكي يُجري اعماله معك، وما أعظمها!!

هل تتذكر هذه القصة، حينما قال الرب "من لمس ثيابي"، فأجابه تلاميذه "أنت تنظر الجمع يزحمك وتقول من لمسني" (مر5: 30، 31)..

كانت الجماهير تحيط به وتزاحمه من كل جهه، لكن واحدة فقط من كل هؤلاء شَعَرَ الرب بها عندما لمست هُدب ثوبه..

لماذا شعر بها دون سواها؟.. إنها الوحيدة التي لمسته بإيمان حقيقي.. لقد أتت إليه وهي تقول في داخلها "إن مسست ولو ثيابه شُفيت" (مر5: 28).. كانت تنزف من إثنتي عشرة سنة، تألمت كثيراً، أنفقت كل معيشتها على الأطباء، لكنها أخيراً ثررت أن تعتمد على الإيمان..

لقد شعر الرب بإيمانها، لأن إيمانها كان إيماناً حياً.. لهذا تدخل، أراحها .. شفاها..

الرب يبجث عن النفوس التى تلمسه بإيمان.. إنه يبحث عن إيمانك كي يريحك.. كي يتدخل لحل مشاكلك ..

إنه يبحث عن إيمانك كي يشقيك .. كي يسدد احتاجك..

إنه يبحث عن إيمانك كي يستخدمك .. كي يستخدمك بقوة، لتكون بركة لمن حولك..

لكن أي إيمان هذا الذي يبحث عنه الرب؟

أي إيمان هذا الذي يجعله يحس بلمساتنا له؟!

أي إيمان هذا!! يُشعره باحتياجاتنا ويُحَركَه ليصنع معنا كما فعل مع نازفة الدم.. يشفينا ويُريحنا..

لنأتِ معاً إلى الأصحاح الحادي عشر من رسالة العبرانيين، ففي بداية هذا الأصحاح يُقدم لنا الروح القدس تعريفاً محدداً لهذا الإيمان..

لندرس معاً هذا التعريف الهام لأنه التعريف الوحيد للإيمان في كل الكتاب المقدس..

لندرسه وعيون قلوبنا متجهة إلى أبينا السماوي أبي الأنوار (يع1: 17) لكي يتحدث هو بنفسه إلينا من خلال هذه الصفحات..

أبي السماوي،

أعرف أنك تٌحب كُلاً منا حباً خاصاً.. كتابك يؤكد لنا هذا..

لذا نطلب منك بدالة، واثقين في الإستجابة..

لا تسمح لهذه الدراسة أن تكون مجرد معلومات..

لا، لا نرغب كلاماً جافاً.. بل لمساتك الحية التي تجدد أذهاننا، وتُنعش أرواحنا..

نٌريد كلامك الحي الذي يبني إيماننا..

نُريد عمل روحك..

آمين..

تعريف الإيمان

"الإيمان هو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى" (عب11: 1)

هنا نرى أن للإيمان تعريفين.. وليسمح لي القارئ أن أبدأ بالتعريف الثاني، لأن الأول له علاقة بالرجاء، ومن المفيد أن نتحدث عن الرجاء في علاقته بالإيمان بعد أن نفهم أولاً ما هو الإيمان..

"الإيمان هو الإيقان بأمور لا تُرى"

عندما لعن الرب شجرة التين لم يقل التلاميذ وقتها شيئاً، إذ لم يروا في الحال أي تغيير قد حدث للشجرة.. ولكن في اليوم التالي اختلف الأمر..

"وفي الصباح إذ كانوا مُجتازيين رأوا التينة قد يبست من الأصول. فَتَذكرَ بطرس وقال له يا سيدي اُنظر التينة التي لعنتها قد يبست. فأجاب يسوع وقال لهم ليكن لكم إيمان بالله" (مر11: 20-22)..

لقد راى التلاميذ بعيونهم أن لعنة الرب قد بدأت تعمل وأن جذور الشجرة قد يَبُست.. هنا اعترف بطرس بالمعجزة، فهل يُحسب هذا الاعتراف إيماناً؟

كلا، لأن اعتراف بطرس أتى بعد وقوع المعجزة، لذا قال له الرب: "ليكن لكم [بطرس والتلاميذ] إيمان بالله" .. وكأنه يقول لبطرس : لقد تَأَخَرَ اعترافك .. أنت تفتقر الإيمان الذي يجعلك تعترف بالمعجزة قبل أن ترى دليل على حدوثها..

الرب يقول لك أنت أيضاً: ليكن لك إيمان.. ليكن لك الإيمان الذي يجعلك تعترف بحدوث المعجزة قبل أن تراها في العيان..

تذكر أن الإيمان هو "الإيقان بأمور لا تُرى"..

انتبه إلي كلمتي "لا تُرى"، فالإيمان لا يعمل من خلال الحواس الطبيعية.. الإيمان لا يعني الثقة في حقيقة أمور تراها بالعين الجسدية، بل على العكس.. الإيمان هو الثقة في حقيقة أمور لا تراها بعينيك لكنك تثق كل الثقة في وجودها..

رجال الإيمان

لنتأمل معاً إيمان نوح وإبراهيم وموسى ويشوع..

اُنظر ما قاله الوحي عن نوح "بالإيمان نوح لما أًحيَ إليه عن أمور لم تُر.. بنى فلكاً لخلاص بيته" (عب11: 7)..

وماذا واجه نوح؟

هزء وسخرية الجيران والمعارف.. أقل المتوقع أنهم اتهموه بإهدار أمواله وطاقاته.. ربما قالوا إنه يحيا في الأوهام أو اصابة الجنون..

وكيف احتمل هذا؟ .. كان له الإيمان .. لقد صَدّقَ حقيقة الطوفان قبل أن يراه واقعاً بالعين الطبيعية.. لقد رآه بعين قلبه قبل أن يحدث.. كان له الإيقان بأمور لا تُرى لذا استطاع أن يصبر على بناء الفلك غير عابئ بما يُقال عنه أو له..

وإبراهيم مثال آخر.. يقول الوحي عنه "بالإيمان إبراهيم لما دُعِيَ أطاع.. بالإيمان تَغَرَب في ألأرض الموعد.. لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التى صانعها وبارئها الله" (عب11: 8-10)

كيف استطاع إبراهيم أن يترك أهله وأقرباءة .. أن يترك مدينته التي شب فيها ويخرج سائراً في مسالك لم يطرقها من قبل؟ .. كيف لم يفزعه المجهول؟.. ليس سوى إجابه واحدة .. كانت عين قلبه ترى ما لا تراه عينه الطبيعية.. لقد كان من هؤلاء الذين قالت عنهم الكلمة إنهم "من بعيد نظروها [الوعود] وصدقوها وحيوها [عانقوها KJV]"!! (عب11: 13).. كان له الإيقان بأُمور لا تُرى..

وموسى النبي قال عنه الوحي "بالإيمان [موسى] ترك مصر غير خائف من غضب الملك لأنه تشدد كأنه يرى من لا يُرى" (عب11: 27)..

كان موسى يرى بعين قلبه وراء ما تراه عينيه.. كان يرى ما وراء مصر وقوتها.. كان يرى إلهه العظيم القادر على كل شئ، إله الخلاص الذي يُنجي من الموت (مز33: 19) والذي يقوده في موكب النصرة (2كو 2: 14).. رأى ما لا يُرى بالعين الطبيعية، لذا قاد الشعب للخروج من قبضة فرعون بجسارة وجرأة، دون ادنى تردد أو خوف..

وماذا فَعَلَ موسى مع الشعب حينما حَدق بهم الخطر؟

لقد أصاب الشعب عدم إيمان (خر14: 10-12) ففرعون بكل مركباته يقترب منهم، وليس من منقذ منظور، فالبحر أمامهم يَسدُ أمامهم طريق الهرب..

ماذا فَعَلَ موسى؟

تأمل كلماته لهم:

"لا تخافوا. قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم. فإنه كما رأيتم المصريين اليوم [جيش فرعون] لا تعودون ترونهم أيضاً" (خر14: 13)

" لا تخافوا " .. أي قاوموا الخوف.. الرب يعطيكم النصرة على الخوف.. لا تستسلموا قط له، وستنتصرون عليه..

" قفوا ".. أي توقفوا عن التفكير في العيان المخيف.. انفصلوا عن عدم الإيمان، واعطوا مكاناً للإيمان..

" انظروا خلاص الرب العظيم ".. هذه دعوة لامتلاك الإيمان.. أن ينظروا شيئاً لا يرونه بعيونهم، أن ينظروا بقلوبهم خلاص الرب .. أن ينظروا الخلاص ويفرحوا به قبل أن يحدث في الواقع..

لم تكن هذه الكلمات التى نطق بها موسى للشعب كلمات عادية، فقد خرجت من قلبه الممتلئ بالإيمان لذا صاحبتها قوة من الروح القدس، فأثرت تأثيراً عظيماً في الشعب..

لقد تبدل الحال تماماً.. كلمات الإيمان الحقيقي مقتدرة، تؤثر في من يسمعها.. لقد تَبَدَلَ حال الشعب وتحوَّل من الخوف إلى الإيمان.. تشهد كلمة الله لما حدث قائلة: "بالإيمان اجتازوا في البحر الأحمر" (عب11: 29)، ما المعنى؟.. لقد تَحَولوا من الخوف إلى الإيمان.. أطاعوا موسى.. نظروا بقلوبهم خلاص الرب.. رأوا أنفسهم منتصرين على فرعون وجيشة.. لقد رأوا بقلوبهم شيئاً مُضاداً تماماً للواقع.. هذا هو الإيمان، أن ترى ما لا يُرى..

كان كل شئ منظور بالعين الطبيعية يؤكد حتمية الوقوع في قبضة فرعون المُهلكة، ولكنهم رأوا بقلوبهم أمراً آخر.. رأوا انتصارهم، وما رأوه بقلوبهم تحقق في الواقع.. لقد تحققت المعجزة وانتصر الشعب.. عَبَرَ البحر.. غَرَقَ فرعون ومركباته..

ونقرأ عن رجل آخر من رجال الإيمان، هو يشوع.. لقد اقترب من مدينة أريحا التي وعده الرب بها.. لكن كيف يقتحمها وهي مدينة حصينة ذات أسوار عالية ومنيعة، ورجالها جبابرة في الحرب؟!

تأمل كلمات الرب إليه قبل أن يهاجم المدينة: "اُنظر قد دفعت بيدك أريحا" (يش6: 2)

إنها دعوة محددة "اُنظر" .. اُنظر بقلبك .. اُنظر بقلبك مالاتراه الآن بعينيك "قد دفعت بيدك أريحا"..

لاحظ معي الرب لم يقل "سأدفع بيدك أريحا" في زمن المستقبل بل "دفعت" في زمن الماضي.. إنه يريده أن ينظر بقلبه ما سيحدث بأريحا على أنه قد حَدَثَ بالفعل.. هذا هو الإيمان .. الإيقان بأمور لا تُرى..

امتلاك الأرض
وفي سفر العدد نقرأ عن اثنى عشر رجلاً أرسلهم موسى النبي ليتجسسوا أرض كنعان التى كان الشعب مُزمعاً أن يذهب لامتلاكها..

لقد عادوا، وقد اتفقوا جميعاً على أنها أرض رائعة ذات ثمر عظيم.. إنها حقاً كما قال الرب "تفيض لبناً وعسلاً" (عد13: 27)، إلا أنهم انقسموا فيما بينهم في الجزء الثاني من تقريرهم..

عشرة منهم أي الأغلبية عبّروا عن خوفهم الشديد.. قالوا "قد رأينا بنى عناق هناك.. العمالقة.. الجبابرة" (عد13: 28، 29، 33).. لقد اعتمدوا على ما رأته أعينهم الطبيعية.. وسمعوا أيضاً هذه المقولة تتكرر "من يقف في وجه بني عناق" (تث9: 2) فصدقوها.. اعتمدوا على حاستي النظر والسمع، فماذا كان تقريرهم "إنهم أشدّ منا. كنا في أعيننا كالجراد [أي رأينا أنفسنا في منتهى الضعف بالمقارنة بقوتهم]" (عد13: 31، 33)

أما الإثنان الباقيان يشوع وكالب فلم يعتمدا على ما تقوله الحواس الطبيعية.. كان لهما الإيمان .. الإيقان بأمور لا تُرى.. لقد اعتمدا في تقريرهما على ما قالته كلمة الرب أن الأرض لهم، لذا لم يرددا "كنا في أعيننا كالجراد".. لم يُعلنا أن العدو أشدّ وأقوى.. بل أعطيا المجد لله.. أعلنا تصديقهما لما وَعَدَ به.. كان لهما الإيمان بما لا يُرى، لذا جاء تقريرهما "نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها" (عد13: 30)

الحواس الطبيعية تقول أنهم غير قادرين..

كلمة الرب تقول أنهم قادرون..

الإيمان هو أن تصدق كلمة الرب أيّاً كان ما تقوله حواسك.. إنه الإيقان بأمور لا تُرى.. هكذا فعل يشوع وكالب، وهكذا أعطاهما الرب أن ينظرا نتيجة إيمانهما.. وامتلكا الأرض..

الإيمان، الإيقان بأمور لا تُرى هو شرط الله لامتلاكنا عطاياه..

تأمل معى هذه القصة..

أتى الشعب إلى حدود أرض كنعان وكان عليه أن يجتاز نهر الأردن لكي يمتلك الأرض.. وأصدر الله تعليماته..

" قال الرب ليشوع .. وأما أنت فأمُر الكهنة حاملي تابوت العهد قائلاً. عندما تأتون إلى ضفة مياة الأردن تقفون في الأردن.. ويكون حينما تستقر بطون اقدام الكهنة حاملي تابوت الرب سيد الأرض كلها في مياه الأردن أن مياه الأردن المياه المنحدرة من فوق تنفلق وتقف نداً واحداً" (يش3: 7،8،13)

اُنظر، لم يقل الرب لهم انتظروا حتى أُرجع لكم المياه إلى الخلف فتصير لكم أرضاً يابسة، ثم سيروا بعد ذلك عليها بأقدامكم.. بل اشترط أن يضعوا أولاً أقدامهم في المياه لكي تحدث المعجزة..

الله يشترط الإيمان لكي يمتعنا بعطاياه.. يشترط الإيمان الذي يجعلنا نتصرف على أساس وعود الكلمة لا على أساس ما نراه في الواقع..

أن نرفض السلوك طبقاً لما نراه بالعين الطبيعية..

وان نُخْضِع سلوكنا لما تراه بعين القلب..

أو بلغة بولس الرسول "بالإيمان نسلك لا بالعيان" (2كو 5: 7)، والإيمان هو الإيقان بأمور لا تُرى..

الإيمان هو الإيقان بأن لك راحة (مت11: 28) حتى لو كان كل ما يحيط بك يُبَشِّر بالإعياء والإضطراب والتشويش..

الإيمان هو الإيقان بأن لك نجاحاً (3 يو 2، مز1: 3) حتى لو كان كل المنظور يُنبئ بالفشل..

الإيمان هو الإيقان بأنه لن يُعوزك شئ (مز23: 1) حتى لو كانت كل الظروف تشير إلى نقص مستمر في الموارد..

الإيمان هو الإيقان بأن لك شفاء (مت8: 17) حتى لو أسفرت نتائج الفحوص الطبية عن عكس ذلك..

الإيمان هو الإيقان بأن ما سلبه إبليس منك بسبب خطايا وحماقات الماضي سيعود لك مضاعفاً (أم6: 31) حتى ولو بدا هذا للعين البشرية ضرباً من المستحيل..

الإيمان هو أن ترى بعين قلبك قدرة الله غير المحدودة وأمانته الكاملة في تحقيق وعوده معك..

فرصة مجيدة

أيها القارئ، دعني أُحدثك عن نفسك.. هناك كثيرون يرون أنفسهم في خطر حقيقي، وقد تكون أنت واحداً منهم.. ربما ترى نفسك الآن على شفا حفرة عميقة، وبالمنطق الطبيعي ليس من نجاة..

هل تحصر تفكيرك فيما تراه بعينيك؟ هل تستسلم للمخاوف؟..

إنها فرصة مجيدة لعمل الإيمان.. الإيمان الذي هو الإيقان بأمور لا تُرى..

افتح كتابك المقدس، وابحث فيه عن وعود الرب لإنقاذ المؤمنين، فما أكثرها!! دعني أُقدم لك الآن بعضاً منها..

في المزمور الحادي والتسعين تُحَدِّثُنا الكلمة عن الإنقاذ:

"لإنه تعلق بي أُنجيه.

أُرفعه لأنه عرف اسمى

يدعوني فأستجيب له.

معه أنا في الضيق. أُنقذه وأُمجده.

من طول الأيام أُشبعه وأُريه خلاصي"

(مز91: 14-16)

وفي المزمور الثامن والستين نقرأ:

"الله لنا إله خلاص [نجاة]،

وعند الرب السيد للموت مخارج"

(مز68: 20)

اُنظر، هل أنت في خطر ولا ترى بعينيك من يُنقذك؟.. هل لم يَعُد هناك أي مخرج من الموت؟ هل أُوصدت أمامك كل أبواب النجاة؟..

شكراً.. شكراً للرب فالإيمان ليس هو الإيقان بأمور لا تُرى.. رجاء اقرأ مرة أٌخرى الآيات السابقة.. إنها تُعلن أن هناك من ينقذك.. وأن لك نجاةُ، وأن للموت مخارج.. نعم أنت لا ترى الآن هذه المخارج، لكن الإيمان الحقيقي يعني أن تثق كل الثقة في وجودها.. فالإيمان لا يعتمد على المنظور..

وما هي نتيجة الإيمان؟.. هللويا، هللويا.. هللويا للقدير، ستصير الأمور التي لا تُرى أموراً تُرى .. آمن بوعد الكلمة الذي يناسب احتاجك وسيتغير الواقع وسترى بعينيك المخارج من الموت..

نعم الإيمان يقتدر، الإيمان يُنجي ويشفي ويُسدد الاحتياج.. ويُضيف إلى ذاكرتك بين الحين والآخر قصصاً حيّة تشهد لأمانة الرب، ولحكمته ولاقتداره..

اطـــرد

من المهم جداً أن نتعود أن نطرد سريعاً من أذهاننا كل فكر مُضاد لوعد من وعود الكلمة.. لا يجب أن نشغل أنفسنا بما نراه بأعيننا، فهذا يضعف إيماننا..

تأمل بطرس، لقد ظل سائراً فوق المياه لبعض الوقت ثم ابتدأ يغرق.. لماذا؟ لماذا فشل بعد أن كان منتصراً؟.. الإجابة في جملة قصيرة، لقد انشغل بما يراه بالعين الطبيعية.. لقد انشغل بالأمواج..

في البداية كان يسير فوق المياه.. كان له إيمان يُصدق الكلمة، لقد بدأ يسير معتمداً على كلمة الرب له "تعال [سائراً على الأمواج]" (مت14: 29).. لكن عندما انشغل بما رآه بعينيه.. عندما انشغل بالأمواج العالية وبدأ يفكر، اختلف الأمر خاف وبدأ يغرق..

ماذا؟ لقد صَدق بطرس ما رآه.. لقد صَدَّق الأمواج.. صَدَّق أنها قادرة أن تُغْرِقَه، ونسي أن الأمواج أعجز من أن تُغْرِق إنساناً يسير فوقها معتمداً على كلمة من الرب..

أيها الحبيب، لا تنشغل بالأمواج التي تأتي عليك مُحاولةً أن تُخيفَك.. الأمواج تكذب عليك.. لا تنشغل بها، لا تنشغل كثيراً بما تراه إذا كان مُعارضاً لوعد من وعود الكلمة..

بكل تأكيد إبليس يريدنا أن نُحَوِّل أنظارنا عن الرب لننشغل بالأمواج الكاذبة.. ننشغل بالظروف لكي نفقد سلامنا..

إبليس يريد أن يُشعرنا بالفشل والإحباط لكي يُصيبنا بالإعياء .. تأمل يعقوب، ماذا قال حينما انشغل بالظروف: "يوسف مفقود وشمعون مفقود وبنيامين تأخذونه. صار كل هذا عليَّ" (تك42: 36).. لكن هل كانت هذه هي الحقيقة؟ .. كلا، لقد كانت كل الأمور تعمل معاً لخيره.. لم يمت يوسف ولم يُفقد شمعون.. بل كان الرب يُعِد الأمور لنزوله إلى مصر لمجد غير عادي ولكرامة فائقة..

لا تنشغل بالظروف فهي كاذبة.. ثق أن كل الأشياء تعمل معاً لخيرك (رو8: 28) .. وأن "الله يعمل لأجلنا [work for us (KJV)]" (1صم 14: 6)

قاوم الشك

أيها القارئ.. كن حذراً، قد يستخدم العدو ما تراه بعينيك لكي يوجه سهام الشك إلى قلبك.. الإيمان له معارك ضد الشك.. الرب يقول " ولا يَشُكُ بل يؤمن" (مر11: 23).. اعلن الحرب ضد الشك، لا تعطِ له أي مساحة من تفكيرك.. لا تسمح لجذوره أن تتعمق في داخلك .. اقتلعها.. اقتلعها فوراً بمجرد أن تشعر بها في ذهنك.. اقتلعها قبلما تتغلغل أكثر وتنتقل من ذهنك إلى قلبك..

أنت تستطيع أن تقتلعها بالاعتراف المستمر بما تقوله الكلمة..

هَب أنك كنت مريضاً وتَحَدَّث الرب إلى قلبك من خلال كلمته مستخدماً الآيات التي تعلن لك شفاءه (خر15: 26، 1بط2: 24).. لكن أتى العدو إلى ذهنك وقال لك تامل ما تراه بعينيك ألا يؤكد أن حالتك الصحية تزداد سوءاً.. لا تدع هذا الشك يستقر بداخلك، أنه وقت الحرب.. اعلن الآيات التي تؤكد أن لك الشفاء.. رددها بصوت مرتفع.. تذكر أن الإيمان لا يعتمد على ما تقوله الحواس .. الإيمان هو الإيقان بأمور لا تُرى..

ردد هذه الآيات .. ثق أن الشك ستراجع أمامها .. لأن الآية التي ترددها بقلبك تحمل معها قوة من الروح القدس..

عندما يكون هناك احتياج ما، انشغل بالوعد الذي يناسبه.. اعلن إيمانك به.. اعلنه لنفسك مرات ومرات.. قبل نومك وعند استيقاظك، وخلال اليوم.. استمر في هذا الإعلان المتكرر إلى أن يتحقق الوعد..

تَعَلَّم أن تقاوم أي فكر شك ليس فقط بإعلان الوعد بل أيضاً باستخدام اسم الرب يسوع..

أيها الحبيب.. إن كان بداخلك الآن أي أفكار مُضادة لوعد الله بالحماية أو الشفاء أو القيادة أو الحرية أو تسديد الإحتياج.. ارفع صوتك الآن واتجه إلى هذه الأفكار وقُل لها: باسم الملك، باسم ملك الملوك ورب الأرباب، باسم الرب يسوع أُقاومكِ أيتها الأفكار .. أطردك وأطرد معك أي أرواح شريرة تقف وراءك.. استمر في انتهارها إلى أن ترحل فلن تقدر أن تقف أمام اسم الرب..

لا تنسَ، إن ما تراه بعينيك، ما تسمعه بأُذنيك، ما تلمسه بحواسك الطبيعية قد يخدعك.. أما الإيمان فهو الإيقان بأمور لا تُرى.. هو الإيقان بما تقوله الكلمة التي لا تسقط أبداً .. فهي "تُثبت إلى الأبد" (إش40: 8)..

سيدي

أشكرك من أجل كلمتك التي علّمتني

أن أرفض كل عيان متى كان معارضاً لوعد من وعودك..

وحتى لو بدا لعيني الطبيعية أن الجبل يزداد ارتفاعاً، فسأراه بعين الإيمان يتصاغر ويتلاشى..

فأنت أمين لوعدك.. تستطيع كل شئ ولا يعسر عليك أمر (أي42: 2)..

حتماً سيُزال الجبل، سينتصر الإيمان، وسينهزم العيان، وسيتحقق الوعد..







التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 09-30-2012, 04:49 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك



2 اضبط أفكارك

أيها القارئ

هل تُعاني من الخوف، من الحيرة والقلق؟

هل تشكو سوء الحياة، هل تتعرض لضغوط اقتصادية تهدد أمانك؟

هل تخشى من نتائج حماقات ارتكبتها بالماضي؟

هل تسيطر عليك خطايا معينه وترغب في أن تتحرر منها؟ هل تؤذي هذه الخطايا نفسيتك بقيودها القاسية؟

هل فقدت الأيام لذتها وحلاوتها في عينيك؟

هل تؤلمك مشاكل وخلافات أُسرية لا تعرف لها مخرجاً؟

هل تشتاق أن تُمَجَّد الله بحياتك ولا تقدر؟ هل، هل؟؟

أيها الحبيب، أنت تحتاج أن تحيا بالإيمان .. وأن تنمو في حياة الإيمان بالكلمة..

الإيمان هو الثقة المطلقة

نقرأ في الرسالة إلى العبرانيين تعريف الإيمان أنه "الثقة بما يُرجى والإيقان بامور لا تُرى" (عب11: 1)..

لقد تحدثنا في الفصل السابق عن القسم الثاني من هذا التعريف، والآن نعود إلى قسمه الأول "الإيمان هو الثقة بما يُرجى"..

الإيمان هو الثقة بما يُرجى

اُنظر هناك علاقة بين الإيمان والرجاء، فالتعريف يقول ببساطة: الإيمان هو أن يكون لنا اليقين بأن ما نرجوه سوف يتحقق.. والتعريف يقول أن الرجاء يسبق الإيمان .. في البداية يكون لنا الرجاء بأن هذا الوعد سوف يتحقق ثم بعد ذلك يكون لنا الإيمان بأنه حتماً سيتحقق.

الرجاء يسبق الإيمان .. ولنقرأ لمزيد من الإيضاح ما كتبه الرسول بولس في الرسالة الأولى إلى تسالونيكي..

"فلنصح لابسين درع الإيمان والمحبة وخوذة هي رجاء الخلاص" (1تس5: 8)

لاحظ أن الإيمان هو الدرع .. والرجاء بالخلاص (الإنقاذ) هو الخوذة..

الدرع يستخدم لحماية صدر الإنسان ولا سيما قلبه.. أما الخوذة فهي لحماية الرأس.. الإيمان يُشَبَّه بالدرع، والرجاء بالخوذه لأن الإيمان أمر يختص بالقلب أما الرجاء فهو للرأس، للذهن..

الإيمان هو أمر يحدث في قلبك، لذا يقول الرسول بولس: "القلب [وليس الذهن] يؤمن به" (رو10:10)، أما الرجاء فيتعلق بالذهن.. والقلب غير الذهن، وقد ميز الرب يسوع بوضوح بينهما حينما قال "تُحب الرب إلهك من كل قلبك .. ومن كل فكرك" (مت22: 37)..

المقصود بالقلب

أنت لك قلب وذهن، وبالطبع ليس المقصود بالقلب تلك العضلة الهامة التي تضخ الدم داخل الجسم..

حين تقول قلب المشكلة فأنت تعني مركز أو أساس المشكلة..

وحين تقول قلب الموضوع فأنت تعني أهم ما في الموضوع..

عندما يتحدث الله عن قلب الإنسان فهو يتحدث عن مركزه وأهم جزء فيه.. إنه يقصد إنسانك الباطني المختبئ خلف جسدك المنظور، الذي هو روحك..

من الذهن إلى القلب

فالكلمة حين تسمعها لا تتجه مباشرة إلى قلبك (روحك).. إنها تمكث أولاً في ذهنك تماماً كما يمكث الطعام بعض الوقت في فمك قبلما يستقر في معدتك..

وحينما تستقر الكلمة في الذهن تخلق فيه رجاءً، ولكن حينما تبلغ إلى القلب (الروح) تسكن فيه وتعطيه الإيمان..

الذهن له رجاء، له أن يتوقع خلاص الرب..

أما القلب فله الإيمان، له الثقة واليقين..

هناك فرق بين أن ترجو حدوث أمر، وبين أن تثق أنه سيحدث.. الثقة هي الإيمان .. اُنظر معي ما قاله الكتاب عن إبراهيم...

"فهو على خلاف الرجاء آمن على الرجاء لكي يصير أباً لأُمم كثيرة" (رو4: 18)

في البداية لم يكن لإبراهيم أي رجاء أن سارة ستلد له أبناً.. لكن الرب تحدّث إليه بكلمة خاصة تقول له "قد جعلتك أباً لأمم كثيرة".. صار لإبراهيم رجاء في ذهنه ثم انتقل هذا الرجاء إلى قلبه فتحول إلى إيمان "آمَنَ على الرجاء" .. وصار الإيمان واقعاً.. صار إبراهيم أباً لأمم كثيرة..

وأنت أيضاً تستطيع أن تفعل ما فعله إبراهيم..

هل تجتاز أزمة اقتصادية قاسية؟.. هل كل الظروف تقول لك إنه لا رجاء في أموال تأتي؟.. ماذا تفعل؟.. اذهب إلى الكلمة، فتش فيها.. ستجد أنها تُحدثك عن الرب الذي لا يُخزي مُنتظروه (إش49: 23)، والذي لا يدعهم يحتاجون شيئاً (مز23: 1).. تأمل في هذه الآيات، فكر فيها.. للآيات قوة على ذهنك، ستخلق فيه رجاءً بأن الأزمة ستعبر..

لكن هذا الرجاء بمفرده لن يغير الواقع.. انت تحتاج إلى ما بعد الرجاء.. تحتاج إلى الإيمان..

كيف يصيرالرجاء إيماناً؟.. عندما تنتقل الآيات من ذهنك إلى قلبك أي إلى روحك، ستخلق فيه إيماناً، والإيمان وليس الرجاء هو الذي يحول الوعود إلى واقع ملموس..

الــدلـــيل

ولكن كيف تتأكد أن الأمر قد صار إيماناً ولم يعد مجرد رجاء في الذهن؟

حينما تستقر وعود الكلمة في قلبك، سيصير داخلك مختلفاً تماماً، وستلحظ هذا الإختلاف بوضوح.. سيختفي القلق، سيسري السلام العميق في كل كيانك، وستشعر بالراحة.. ولن يكون ذلك شيئاً مفتعلاً أو وهماً نفسياً.. فقد لا تتغير الظروف في الحال بل قد تزداد سوءاً، لكن هذا لن يُعطل طمأنينتك.. لقد صار السلام قوياً ثابتاً.. لقد آمن قلبك، وصار يرى الوعود حقيقة قائمة، وكل ما يختلف معها كذباً وخداعاً..

هنا يكون القلب قد آمن إيماناً حقيقياً.. لقد ارتدى درع الإيمان الذي يحميه من الإضطراب والخوف، ويحفظة في سلام وطمأنينة..

أيها القارئ، هل صار لك سلام من جهة تحقيق وعد ما؟ وهل صار هذا السلام عميقاً، ثابتاً ومُستمراً؟ هل صرت قادراً على طرد أفكار الخوف والقلق؟.. هذا هو الدليل على أنك امتلكت الإيمان الحقيقي.. الإيمان الذي حتماً سيرى هذا الوعد مُحققاً

مثال

شخص أُغلقت أمامه كل مجالات العمل.. حاربه إبليس بفكر الفقر ومذلة العوز.. ساءت نفسيته جداً، وساءت أيضاً صحته تباعاً.. صار عنيفاً في علاقاته مع الآخرين، وشارداً أغلب الوقت.. أظلمت أمامه الحياة..

لكن شيئاً حدث، بدّل حالة!..

كان في إحدى الإجتماعات الروحية حينما تحدث الواعظ عن الله الذي يسدد الإحتياجات، الذي عَالَ شعبه أربعين سنة في برية قاحلة، ولم يحتاجوا شيئاً (نح9: 21).. وكيف سَخَرَ الغربان لكي يُطعِموا إيليا في زمن المجاعة (1مل17: 6).. وكيف تدخلَ لإنقاذ إمرأة صرفة صيدون وهي على وشك الموت بسبب الجوع، فأحياها هي وإبنها مستخدماً مجرد كف من الدقيق وقليل من الزيت (1مل17: 15، 16)..

أثرت فيه الكلمات التي سمعها جداً، فبدأ يفكر أن إله الشعب وإله إيليا وإله هذه الأرملة هو أيضاً إلهه.. فكر أنه من الممكن أن يصنع معه كما صنع معهم، فهو واحد من المؤمنين الذين فتحوا قلوبهم للرب يسوع فلماذا لا تحدث معجزة في حياته؟!

استمر يفكر بهذه الطريقة، وبدأت الأفكار المُحبطة تتلاشى من ذهنه تدريجياً، لتسود بدلاً منها فكرة أن الرب يستطيع أن ينقذه كما فعل مع إيليا والأرملة..

وهكذا ابتدأ ذهنه يمتلئ بالرجاء في الخلاص، إن الرب يستطيع أن ينقذه.. إنه يرتدي الآن خوذة هي "رجاء الخلاص" (1تس5 :8)، من الأزمة المالية .. وصارت هذه الخوذة تحميه من كل الأفكار السلبية والمخيفة التي كانت تزيده يأساً وتجعله عاجزاً عن التفكير السليم..

لكن كل هذا لم يكن ليكفي كي يرى الخلاص واقعاً..

كان لابد للرجاء الذي صار في ذهنه أن يتحول إلى إيمان في قلبه..

كان لابد أن تتحول الكلمات التي في ذهنه أن الرب يستطيع أن يُخلصه من المشكلة إلى يقين تام في قلبه بأن الرب يُريد أن يُخلصه من المشكلة..

كان لابد أن يمتلك الإيمان الكامل بأن المشكلة ستنتهي..

بعد أيام امتلك الإيمان .. أتى هذا اليقين إلى قلبه، وفاض في داخله سلام مصدره الروح القدس.. لم تتغير الأمور في الحال، لكن هذا لم يهز طمأنينته ولم يزعزع ثقته في أن الرب سيعمل المعجزة..

وبدأ الإيمان يجني ثماره.. وكانت عظيمة! تُغير الواقع.. انفتحت أمامه الأبواب .. تدفقت عليه الأموال، واختبر تعويض الرب العجيب الإعجازي..

إن بداية طريق الإيمان كان في انتصاره في معركة الذهن.. في امتلاكه أولاً للرجاء..

الرب يريدنا أن نرتدي خوذة الخلاص (اتس5: 8)، أن تمتلئ أذهاننا برجاء أن الرب سيُخلصنا..

إن كلمة "خلاص" في أصلها اليوناني تأتي من الفعل "سوذو" “sozo” وهو فعل استُخدم في العهد الجديد للتعبير عن الخلاص من المرض (مت9: 21، لو8: 48، يع5: 15)، ومن الخطر (مت8: 25، يو8: 48، يع5: 15).. واستُخدمَ أيضاً للتعبير عن الخلاص من سيطرة الأرواح الشريرة (لو8: 36)(5)..

الرب يُريد لأذهاننا أن تمتلئ برجاء الخلاص من كل هذه الأمور..

لا تنشغل بخطورة المرض أو مخاطر الطريق أو أعمال العدو بل إله الرجاء (رو15: 1 و2) الذي يُخلص من كل مرض ويفدي من كل حفرة (مز103: 3، 4) ويُحرر من كل قيد (يو8: 32) ويُحول اللعنة إلى بركة (تث23: 5)..

ذهنك ثمين جداً

هل أدركت معي أهمية سلامة الذهن للنمو في الإيمان؟ وهل أدركت احتياجك الدائم إلى ذهن سليم يستقبل وعود الكلمة ويتجاوب معها ثم ينقلها بعد ذلك إلى قلبك (روحك)؟

تأمل معي ما يقوله سفر الأمثال عن أهمية الذهن..

"لأنه كما شَعَرَ في نفسه [كما فكر as he thinks (KJV)] هكذا هو"

(أم23: 7)

والكلمات واضحة تؤكد أن ما يحدث في ذهنك يُشكل شخصيتك.. فإذا امتلأ ذهنك بالأفكار المُشجعة الإيجابية، أفكار الرجاء في البركة والحماية والنجاح.. وإن ارتدى خوذته "رجاء الخلاص" (أف6: 17، 1تس5: 8)، فامتلأ بأفكار الرجاء في الخلاص من اللعنات والمخاطر والفشل، صار سهلاً عند الإحتياج أن ينتقل منه وَعد الكلمة المناسب إلى القلب ليخلق فيه إيماناً.. والإيمان يأتي بالنصرة على الظروف المضادة..

وهكذا فالأفكار الإيجابية تساعدك أن تكون إنساناً ناجحاً، قادراً على امتلاك الإيمان، لتحيا حياة منتصرة ومجيدة ترى معجزات الله..

والعكس أيضاً صحيح، لو كان ذهنك قد اعتاد الإنشغال بأفكار الخوف والفشل والعجز، فهو لا يرتدي خوذة "رجاء الخلاص"، ولذا يصبح من السهل على العدو أن يسلب منك فرحك وسلامك ونجاحك، لأنك لا تمتلك الرجاء الذي يأتي بالإيمان..

إن ما يحدث في ذهنك يؤثر بكل تأكيد على قلبك (روحك)، وبالتالي على كل شئ فيك.. اُنظر إنه يؤثر على صحتك، فكم من أمراض سببها المباشر أو يساعد على الإصابة بها إستسلام الذهن لأفكار الخوف والغضب والقلق..

اهتم بذهنك أيها القارئ الحبيب.. اهتم به جيداً.. كُن حذراً، فالعدو يحاول أن يُؤثر عليه بالأفكار السلبية المُتشائمة.. العدو يعلم أنه إذا انتصر عليك في ذهنك سَهُلَ عليه أن يهزمك في المعارك المتعلقة بصحتك أو بعائلتك أو بأمورك المادية أو بخدمتك..

لا تنس هذه الحقيقة أن الشخص لا يُمكن أن يغرق إن لم تغمر المياه رأسه..

إبليس يريد أن يغمر رأسك بمياه الخوف والشك والقلق لكي يسهل عليه هزيمتك..

أيها القارئ الحبيب، لا تخش إبليس في هذه المعركة.. أنت أقوى منه بكل تأكيد..

أنت ابن القدير..

أنت مفدي بدم الحمل..

أنت مسكن للروح القدس..

لك سلطان أن تدوس بقدميك على قوات إبليس (لو10: 20)..

لك سلطان أن تنتهرها بإسم الرب يسوع..

بكل تأكيد أنت أقوى من إبليس، وفي مقدورك أن تنتصر عليه في موقعة الذهن الهامة..

في إحدى المرات تحدث الرب مع تلاميذه عن وقت سيسقط فيه الناس من شدة الخوف "الناس يغشى عليهم من خوف" (لو21: 26).. فقال "[في ذلك الوقت] انتصبوا وارفعوا رؤوسكم لأن نجاتكم تقترب" (لو21: 28)

الرب يؤكد لهم أنهم مختلفون، ليسوا كغيرهم.. ليس لهم أن ينهزموا أمام الخوف..

أيها القارئ، سيأتي وقت يهجم فيه إبليس عليك بأمواج متتابعة من الأفكار المخيفة والمقلقة بهدف أن يُغرقك..

ربما تجد الناس من حولك خائفين تنطق أفواههم كلمات الهلع والإرتعاب..

الرب يقول لك: أنت شخص مختلف.. لقد أعطيتك نصرتي.. لك النعمة الغنية.. لست للخوف والهزيمة.. انتصب.. ارفع رأسك.. إن نجاتك تقترب..

إن كلمة "انتصب" في أصلها اليوناني هي كلمة “anakύpto” التي تتكون من شقين "ana" ويعني "رجوع" “back again”، والثاني “kύpto” ويعني "ينحني" “to bend”.. فيكون معنى الكلمة الرجوع عن الإنحناء إلى الوضع الأصلي(6)..

هل انحنيت للمخاوف؟.. الرب يقول لك: أنا معك.. أنا أُعينك.. قم من انحنائك.. انتصب.. ارفع رأسك نجاتك قريبة.. كُن متأكداً من الإنقاذ..

انتصب .. قاوم الاستسلام لأفكار الخوف.. أنت تستطيع أن تُقاوم..

انتصب.. سد أُذُنيك عن سماع الكلمات المُقلقة.. أنت تقدر أن تفعل ذلك..

وارفع رأسك .. أرفعها فوق الأمواج.. أنت تستطيع لأن لك النعمة الغنية التي لن تتركك..

فكر في خلاص الرب لك..

فكر أن نجاتك قريبة .. قريبة جداً..

فكر مثل داود عندما كَثُرَعليه المُضايقون والذين يحاولون أن يُصيبوه بالإحباط واليأس.. لقد فكر في إلهه.. قال له "يا رب ما أكثر مُضايقيَّ.. أما أنت يا رب فترس لي. مجدي ورافع رأسي" (مز3: 1، 3)..

فكر أن الرب هو رافع رأسك.. يرفعها فوق الأمواج..

الرب يحبك، سيتدخل بقوته.. فَكر في هذا، واملأ ذهنك بأفكار الرجاء المشجعة..

إبليس يريد أن يفسد ذهنك

انتبه معي إلى هذه الكلمات التي يُحذرنا بها الرسول بولس من العدو إذ يقول:

"أخاف أنه كما خذعت الحية حواء بمكرها هكذا تُفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح" (2كو11: 3)

إبليس يُريد أن يُفسد ذهنك.. إبليس يُريد أن يُفقدك بساطتك..

إبليس لا يُريد ذهنك بسيطاً يُصدق الله في كل وعوده..

إبليس لا يُريد أن يكون ذهنك بسيطاً يُصدق أن وعود الله هي أيضاً لهذة الأيام، وأن زمن المعجزات لم ينته..

إبليس يُريد لذهنك أن يظل جسدياً (رو8: 6)، يستبعد من حساباته طرق الله الإعجازية في قيادتك وفي إنقاذك وتسديد احتياجاتك المتنوعة..

إبليس يُريد لذهنك أن يكون دائم الاستسلام للمخاوف لكي يظل متردداً عاجزاً في المواقف المختلفة عن اختيار القرار الذي يُمَجد الله.. الرسول يعقوب يقول "رَجُل ذو رأيين

[ذهن ذو رأيين a double minded man (KJV)] هو متقلقل في جميع طرقة" (يع1: 8)..

شكراً للرب فقصده من جهة أذهاننا أن تكون سليمة، لا تعاني من صراع الأفكار.. قصدة أن تمتلئ بالسلام..

شكراً للرب، فقد أعطانا بنعمته الغنية القدرة أن تحفظ أذهاننا سليمة في البساطة التي تُصدق بسلاسة وعود الرب..

ذهن سليم

لقد قَدَمَ لنا الوحي أربع خطوات رئيسية لامتلاك هذا الذهن..

عَرف ذهنك

جَدد ذهنك

منطق ذهنك

أحم ذهنك

عَرف ذهنك

هناك أهمية قصوى في معركة الحق.. الرب يقول لنا: "تعرفون الحق والحق يحرركم" (يو8: 32)..

الخطوة الأولى هي أن تعرف الحق الخاص بذهن المؤمن.. أن تعرف أنك كمؤمن مولود من فوق لك ذهن نقي..

إن معرفة هذا الحق تجعلك قادراً أن تقاوم أي ايحاء من العدو بأن ذهنك لن يكون في يوم ما نقياً مُحرراً من الشكوك..

يُقدم لنا الوحي هذا الحق في رسالة بطرس الثانية: "هذه أكتبها .. أُنهض بالتذكرة ذهنكم النقي" (2بط 3: 1)

يُخاطب الرسول بطرس المؤمنين ويقول لهم إن ذهنكم نقي.. هو يعلم أنه من امتياز كل مؤمن مولود من فوق أن يكون له ذهن نقي..

تأمل أيضاً ما يقوله الرسول بولس في الرسالة الأولى إلى كورنثوس: "أما نحن فلنا فكر المسيح" (1كو 2: 16)

هذا حق كتابي .. أن لك فكر المسيح..

وفي الرسالة إلى فيلبي نقرأ هذا الوعد العظيم:

"وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع" (في4: 7)

إنه ايضاً حق كتابي أن لذهنك السلام وليس اضطراب وصراع الأفكار..

أيها القارئ الحبيب، لا تتحدث عن ذهنك بكلمات مُضادة لهذا الحق، لا تَقُل إنه ذهن عاجز أو مُشتت.. لا تتحدث بلغة العيان الذي يُعارض الحق..

قُل كلمات الإيمان عن ذهنك..

قُل كثيراً: لي ذهن نقي..

لي فكر المسيح..

لي سلام الله الذي يحفظ ذهني..

رَدد هذه العبارات لذهنك.. عَرفة الحق.. الحق الذي يُحرر..

الخطوة الأولى أن يعرف ذهنك هذا الحق، أن له الامتياز أن يكون نقياً متمتعاً بالسلام..

سيدي إنى أُصدق كل ما قلته عن ذهني

جدد ذهنك

لنقرأ معاً هذه الكلمات الهامة التي كتبها بولس الرسول إلى مؤمني روما:

"لا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو12: 2)

والكلمات تُحثُنا على فعل أمرين هامين..

الأول سلبي.. أن لا نُشاكل هذا الدهر.. والكلمة المترجمة تشاكلوا تُفيد تبني الأمور(7).. يكتب الرسول بولس قائلاً: "إله هذا الدهر قد اعمى أذهان غير المؤمنين" (2كو4: 4)..

إبليس هو إله هذا الدهر الذي يعمي الأذهان عن معرفة وعود الكلمة..

يحثنا الرسول: "لا تُشاكلوا هذا الدهر"، أي لا تتبنوا سلوك ومقاييس غير المؤمنين التي لا تضع في حساباتها وعود الكلمة.. لا تتبنوا طريقة تفكير غير المؤمنين التي تعتمد في حلها للمشاكل على الطرق التي تُمجد الذات ولا تتسم بالبذل من أجل الآخرين..

في حياتنا اليومية، نحن نحتك بكثير من غير المؤمنين.. هذا أمر طبيعي، لكن يجب أن نأخذ حذرنا كي لا نتعود سلوكهم وطريقة تفكيرهم التي تخلو من الاعتماد على الرب والإتكال على نعمته الغنية..

الثاني إيجابي.. أن تُجدد الذهن.. الرسول يقول: "تغيروا.. بتجديد أذهانكم".. وزمن الفعل في الأصل اليوناني هو “Present imperative” أي زمن الأمر المستمر(8)..

إنه أمر مستمر يجب أن نصنعه كل يوم أن نُجدد أذهاننا..

كيف نُجدد أذهاننا؟

يُجيبنا الرسول بولس بهذا المقطع الهام:

"ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها كما من الرب الروح" (2كو 3: 18)

هذه هي طريقة الله في تغييرنا، في تجديد أذهاننا.. أن ننظر مجده.. الرسول يؤكد أنه امتياز لكل مؤمن، فهو يقول: "ونحن جميعاً".. باستطاعتك أيها القارئ أن تنظر باستمرار مجد الله، وهكذا تتغير باستمرار ويتجدد ذهنك..

لاحظ أن الرسول بولس يقول: "ناظرين مجد الله كما في مرآة".. نعلم من رسالة يعقوب أن المرآة رمز لكلمة الله (يع1: 23- 25)، ففي الكلمة نرى الرب..

اقرأ الكلمة واثقاً أنك تتقابل مع الرب خلال القراءة..

عبر عن هذه الثقة بأن تتحدث معه وأنت تقرأ..

اقرأ كلمته .. تحدث معه.. افعل هذا في كل يوم..

اقرأ وتحدث معه في أفضل وقت من اليوم..

ماذا سيحدث؟

الروح القدس (الرب الروح) دائماً يُمجد الرب يسوع (يو16: 14).. سيُعطيك أن ترى مجد الرب يسوع وأنت تقرأ في الكلمة.. سيُعرفك من خلال الكلمة مجد الرب في سلوكه الكامل وفي حبه ونعمته الغنية، وغناه الذي لا يُستقصى (أف3: 8).. ورؤية مجد الرب ستُجدد ذهنك، وستُبدل طريقة تفكيرك..

أيها الحبيب، دعني أُصارحك إن إهمالك لقراءة الكلمة وعدم تَعَودكَ على التحدث مع الرب خلال القراءة لهما أكبر الضرر.. سيعوقان تجديد ذهنك، وإذا لم يُجَدد ذهنك لن تقدر أن تؤمن بالوعود..

منطق ذهنك

من المهم أن نسيطر على أفكارنا، ولا سيما عندما تُهاجم الأفكار المُخيفة أذهاننا.. لقد أعطانا الرب القدرة على ذلك.. استمع معي إلى الكلمات التي كتبها الرسول بطرس إلى مؤمنين كانوا يجتازون ضيقة شديدة، كان إبليس يُحاربهم بضراروة.. لقد كتب إليهم قائلاً:

"منطقوا أحقاء ذهنكم صاحين" (1بط1: 13)

أنت تستطيع أن تتحكم في أفكارك.. اُنظر، هذا الحق يؤكده لنا الرسول بولس في كلماته: "مُستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (2كو 10: 5)، فما معنى أن تستأسر الأفكار؟..

أن تتعامل معها كما يتعامل القائد المنتصر مع أسرى الحرب..

ثق أن لك سُلطاناً على الأفكار، ستُخضعها لطاعة المسيح.. تُخضعها لطاعته في أمره لك، لا تخف (مر5: 36)، ولا تقلق (لو12: 29)، ولا تضطرب (يو14: 1)..

وهذه آية أُخرى تؤكد لنا نفس الأمر، إنه بإمكاننا أن نمطق أذهاننا وأن نتحكم في أفكارنا..

"كل ما هو حق كل ما هو جليل [يستحق التقدير] كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مُسر [مُحَبب] كل ما صيته حسن إن كان فضيلة وإن كان مدح [أمر يستحق المدح] ففي هذه أفتكروا" (في4: 8)

أيها الحبيب، هل تجد أفضل من وعود الكلمة لتنطبق عليها هذه الصفات؟.. الروح القدس يقول لنا "ففي هذه افتكروا"..

انتبه إنه أمر، وحين يأمرنا الروح القدس أن نفعل شيئاً فهذا يعني أننا نقدر أن نقوم، لأنه لا يأمر فقط بل يُعطي مع الأمر العَضد الكافي..

إنه يُحبنا جداً، يُعين ضعفاتنا (رو8: 26).. يؤازرنا في ضيقاتنا لتمتلك أذهاننا الرجاء في تدخل الله لإنقاذنا (في1: 19)..

نعم الروح القدس هو الذي يجعلك قادراً أن تضبط فكرك وأن تحزمه برجاء الخلاص [الإنقاذ] وأن تحصره في وعود الكلمة..

صورة من العهد القديم

تأمل كيف كان الكاهن يضع الزيت على رأس الأبرص الذي شُفِيَ (لا14: 18)..

البرص كما نعلم يشير إلى حياة الخطية والزيت إلى الروح القدس، فلماذا كان يوضع الزيت على رأس الأبرص بعد شفائه؟.. لماذا الرأس؟.. لأن الخاطئ يحتاج بعد أن يأتي إلى الرب إلى عمل خاص من الروح القدس في ذهنه..

الروح القدس سيُعطيه القوة ليُمنطق ذهنه، وليحزم افكاره، وليفكر في الوعود.. سيُعطية القوة ليمتلئ بالرجاء..

الوعد يقول لنا أننا نزداد "في الرجاء بقوة الروح القدس" (رو15: 13)..

احمِ ذهنك

انتبه، لم يكن الكاهن يضع الزيت فقط على ذهن الأبرص بعد تطهيره بل أيضاً الدم.. كان الدم يوضع على الأُذن اليُمنى..

حَدثنا الزيت عن حاجة الذهن إلى الروح القدس لكي يتجدد.. ويأتي الدم ليُحدثنا عن الحماية..

الدم على أُذن الأبرص المُتطهر يُعلن أن الرأس قد صارت مِلكاً للرب، وليس للعدو قدرة أن يخترقها ليصل منها إلى القلب..

تذكر وقت موسى، كيف وضع شعب الله الدم على ابواب مساكنهم لكي لا يقدر المُهلك أن يدخل منها إلى الداخل ليؤذي إنساناً أو حتى حيواناً (خر12: 13)..

آه أيها الحبيب، إن ذهنك هو باب مسكنك الأرضي [الجسد].. هو المدخل لكيانك الداخلي [روحك].. هيا اعلن أن دم يسوع الثمين عليه..

اعلن أن ذهنك محمي من تأثير الأرواح الشريرة ولن تقدر بسبب إيمانك بالدم أن تخترقه إلى قلبك..

لكن إحذر العدو..

العدو كذاب.. قال عنه الرب إنه "كذاب وابو الكذاب" (يو8: 44).. قد ياتي وقت يهجم فيه العدو على ذهنك بأفكار شريرة متتابعة.. يهاجم ذهنك مُتناسياً أنه لم يعد له سُلطان عليه.. حينما يفعل ذلك، حينما يُهاجم ذهنك بأفكار الشك أو الخوف، ذكره بهذه الحقيقة.. إن ذهنك مِلك للرب، وأن الدم الثمين عليه يُعلن حمايته..

اغلب العدو بإعلان الإيمان بحماية الدم (رؤ12: 11)..

قُل لنفسك بصوت مرتفع: ذهني مِلك للرب.. ذهني ملك للرب..

قُل: بالإيمان أرى دم يسوع على ذهني..

قُل: دم يسوع على ذهني.. يُعلن أنه محمي..

قُل: ذهني محمي تماماً من تاثير شكوك ومخاوف العدو..

قُل: ذهني خاضع للكلمة، لأفكار الخلاص والإنقاذ.. ذهني غير خاضع لأفكار العدو..

أيها الحبيب، إذا هاجم إبلييس ذهنك بأي أفكار مضادة لوعود الكلمة.. قاومة بحسم، أكِّد له أن ذهنك محمي بالدم الثمين.. اطرده بعيداً.. إن لك سلطاناً أن تطرده، فالكتاب يؤكد لك قائلاً "قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع4: 7)..

انتهر إبليس.. اطرد الأفكار الشريرة..

انتهره .. اطردها باسم الرب يسوع..

باسم الرب يسوع أنت منتصر.. بل أعظم من منتصر..

هيا اعلن الآن بالإيمان وقُل باسم الرب يسوع ذهني نقي.. ذهني نقي.. إبليس ليس له سُلطان عليه.. إبليس تحت قدمي..

بكل تأكيد ليس صعباً أن تمتلك ذهناً سليماً يمتلئ بالرجاء في وعود الكلمة..

عرف ذهنك إن له امتيازاً أن يكون نقياً له فكر الرب..

وجدده بأن تتقابل مع الرب في قراءتك المنتظمة للكلمة..

ومنطقه بأن ترفض الأفكار التي لا تضع وعود الرب في الحُسبان، وأن تملأه بأفكار الخلاص معتمداً على قوة الروح القدس..

واحمه بإعلان أنه مقدس للرب بسبب الدم الثمين..

كان بولس مأسوراً في السجن لكنه استطاع أن يقاوم أفكار القلق والخوف، نجح في أن يُمنطق ذهنه وأن يحميه من أفكار العدو، ويملأه برجاء أن الرب سيُخلصه من الخطر (في1: 19).. لذا استطاع أن يقول وهو لا يزال مأسوراً "حسب انتظاري ورجائي أني لا أُخزى في شئ" (في1: 20)..

كان بولس يضبط أفكاره بالرجاء في انه لن يُخزى في شئ.. وهكذا أنا وهكذا أنت يجب أن نضبط أفكارنا ونحصرها في دائرة الرجاء..

تذكر أن الإيمان هو الثقة بما يُرجى .. وليس صعباً أن يؤمن قلبك بما يرجوه ذهنك..

كيف؟.. هذا ما سنُحدثك عنه في الفصول المُقبله..

تذكر، لقد أعد الله كل شئ لأجلك..

سيدي..

كم اشكرك لأجل المحبة العظيمة التي أحببتني بها..

اشتريتني بالدم الثمين..

لأصير لك .. بجملتي..

سيدي..

كم أشكرك لأنك نقشت على ذهني بأحرف لا تُمحى "قُدس للرب" (خر39: 30)

فقد اشتريته لك لتجعله ذهناً جديداً، عليه إكليل دهن مسحتك (لا12: 12)..

لا يتوقع الفشل والكوارث..

بل ينتظر إحساناتك العظيمة ومعجزاتك المنقذة..

نعم سيدي،

احفظه لك، مُجدداً بكلمتك..

ممسوحاً بروحك، ومحروساً بدمك..

ليفكر دائماً كما تريده أنت..

يرجو دائماً خلاصك..

ويتوقع يومياً خيرك ورحمتك..

أشكرك لأنه لك، وسيظل لك إلى الأبد..






التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 09-30-2012, 05:07 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك

3 آمن بالخبر

ذات ليلة كان البحر هائجاً جداً، وكان التلاميذ في السفينة ولم يكن الرب معهم..

"وفي الهزيع الرابع من الليل مضى إليهم ماشياً على البحر. فلما أبصره التلاميذ ماشياً على البحر اضطربوا قائلين إنه خيال. ومن الخوف صرخوا فللوقت كلمهم يسوع قائلاً تشجعوا. أنا هو لا تخافوا فأجابه بطرس وقال يا سيد إن كنت أنت هو فمُرني أن آتي اليك على الماء" (مت14: 25-28)

تأمل ما حدث.. لقد رأى بطرس الرب سائراً فوق الأمواج العالية.. رآه يسير فوقها مُنتصراً، وهي ذات الأمواج التي هزمته هو وبقية التلاميذ وجعلت سفينتهم "في وسط البحر مُعذبه" (مت14: 24)

رأى بطرس الرب غالباً الأمواج المُخيفة، فاشتهى أن يكون مثله.. اشتهى أن يتحول من الهزيمة إلى النصرة.. اشتهى أن يسير هو أيضاً فوق المياه مُنتصراً..

لكن هل آمن بطرس بأنه يستطيع أن يسير فوق المياه لمُجرد أنه اشتهى ذلك؟

كلا، لقد انتظر كلمة من الرب.. قال له "مُرني أن آتي إليك" (مت14: 28)..

الإيمان لا يعنى أن تثق في حدوث أي شئ تريده.. ولا أن تثق فيما تشعر به، بل فيما يقوله الرب لك..

يقول الرسول بولس: "الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله" (رو10: 17)

انتبه فالآيه تُحدد الإيمان بأنه إيمان نتيجة سماع خبر، نتيجة سماع كلمة من الله..

ليس الإيمان إذاً أن تؤمن بأن كل شئ تتمناه أو ترغبه سوف يحدث، بل الإيمان هو أن تؤمن بحدوث شئ قد سَبَق الرب ووعدك به..

إنه الإيمان بخبر قاله الرب لك..

إنه الإيمان بشئ وَعَدك الرب بحدوثه..

هل تُريد أن يكون لك الإيمان بأن هذا الشئ الذي ترغبه سوف يتحقق؟

لابد أولاً أن تستقبل من الرب خبراً يعدك فيه بهذا الأمر..

سماع الخبر

قد تستمع إلى الخبر من خلال صوت واضح يتحدث به الرب إلى روحك، ثم يعود ويؤكده لك بطرق مُتنوعة..

ولكن العاده أن يأتي إليك الخبر من خلال قرائتك أو سماعك للكتاب المقدس..

أيها الحبيب، هل تعلم أن الكتاب المقدس يُغطي كل أمور الحياة المُتنوعة؟.. نعم، إذا درسته جيداً استطعت أن تستمع منه إلى اخبار كثيرة من الرب تحمل لك وعوداً تُناسب كل حدث تمر فيه..

اقرأ الكتاب.. اقرأه كثيراً..

ادرس الكتاب.. ادرسة بعمق وتأنى..

كم من وعود ثمينة ستجدها فيه.. اختزنها..

اختزنها في داخلك فهي لا تُقدر بثمن.. تذكر أن الإيمان إنما هو بهذه الوعود.. بشئ قاله الرب وليس بكل شئ تريده أنت أن يحدُث..

وعود عُظمى وثمينة

كل وعود كلمة الله عُظمى وثمينة (2بط 1: 4).. تأمل معي على سبيل المثال هذين الوعدين..

الوعد الأول هو كلمات الرب يسوع الثمينة "تعالوا إلىَّ يا جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحكم" (مت11: 28)..

لقد قال الرب "تعالوا إلىَّ يا جميع"، ولأنه قال "جميع" فهو بكل تأكيد يقصد "الجميع" بلا استثناء.. نعم، إنه يقصُد الجميع بما فيهم أنت..

أيها الحبيب، مهما كانت همومك واثقالك، إن وثقت في هذا الوعد وأتيت إلى الرب مُستنداً على كلماته هذه، فسيُريحك بكل تأكيد.. ثِق أنه سيُتمم كل وعد سجله لك في كتابه، إذا أتيت إليه وسلمت نفسك لقيادته، ووثقت في كلماته..

لا، لا تُحدثني عن الواقع الذي يبدو غير قابل للتغير.. بل حَدثني بالإيمان عن أمانة الرب في إتمام وعوده، وعن قوته التي لا يستحيل عليها شئ..

لقد قال "تعالوا إلي.. وأنا أُريحكم" (مت11: 28).. الإيمان هو أن تؤمن بهذا الوعد.. إنه وَعد براحة شاملة.. راحة من كل جهة (2أي 14: 7).. راحة للضمير من الإحساس بالذنب (عب10: 2)، وراحة للمشاعر من الخوف (لو1: 74)، وراحة للذهن من الأفكار المُقلقة والمُزعجة (في4: 7)..

هيا، هيا إليه الآن.. اذهب إليه..

هيا، عًبرعن إيمانك..

هيا، ارتمِ، عند قدمية.. سَلم الإرداة له..

هيا، ثق فيه.. ستتمتع كما وعدك بالراحة الشاملة، وسيُشبعك طول الأيام.. وسيًريك دائماً خلاصه (مز91: 16)..

الوعد الثاني

في إنجيل متى الإصحاح الثامن عشر نقرأ هذه الآيات العُظمى، حيث يقول الرب يسوع:

"حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة بأسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20)

متى يُصدق المؤمنون هذا الوعد بكل قلوبهم، متى يثقون بكل القلب أن الرب بنفسه في وسطهم وبمجده في وسط اجتماعاتهم؟!!

متى يثقون أنه "هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد" (عب13: 8) وأنه في وسطهم ليفعل بروحه نفس أعماله الفائقة التي كان يفعلها في القديم في مجامع وشوارع مدن اليهودية والجليل؟!

متى يثقون، فيتمتعون به في الوسط.. يلمس قلوبهم بكلماته، يغفر خطاياهم، يُجدد أذهانهم ويُحرر نفوسهم ويشفي أمراضهم، ويُبارك كل ما تمتد إليه أياديهم..

أيها الحبيب، اقرأ كلمة الله بتمعن.. افتح قلبك لها، وستتقابل مع وعودها العظيمة..

الإيمان هو الثقة في هذه الوعود..

ثِق، ثِق أن الله أمين لوعوده..

ثِق.. إنه ساهر على كلمته ليُجريها (إر1: 12)..

ثِق.. إنه أمين لوعده "أنا الرب تكلمت وسأفعل" (حز36: 36)..

مرة أُخرى أُذكرك.. لا، ليس الإيمان أن تثق في حدوث كل ما تتمناه أو تشتهيه.. لا.. بل الإيمان هو أن تثق في خبر قاله لك الله، سواء بكلمة مُباشرة إلى قلبك أكدها لك بطرق مُتنوعة أو من خلال دراستك لوعود الكتاب المُقدس..

تَعلم مما فعله قائد المئة.. كانت لديه رغبة قوية أن يتحنن عليه الرب ويشفي له غلامة المطروح في المنزل، فهل كانت رغبته هذه كافية؟..

لقد أتى إلى الرب وقال له: "قُل كلمة فقط فيبرأ غُلامي" (مت8: 8)

لقد انتظر حتى يستمع إلى كلمة من الرب..

الإيمان يتطلب أن تستمع بقلبك إلى كلمة من الرب.. تستمتع إلى وعدٍ منه، لكي تتمسك به وتتصرف على أساسه..

امتلاك الإيمان

لنتأمل هذه الآية مرة أُخرى:

"الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله" (رو10: 17)

والترجمة الحرفية الدقيقة لها هي:

"الإيمان يكون من السمع، والسمع هو من كلمة الله"(9)

تأمل هذه الترجمة بعُمق وتركيز فهي تقول لنا شيئاً هاماً جداً.. إن الإيمان يأتي نتيجة للسمع.. فإذا سألتني كيف أقدر أن أؤمن بشئ قالته لي الكلمة؟..

حينما تسمع الكلمة اسمح لها أن تدخل إلى قلبك، فإذا دخلت خلقت فيه إيماناً بصدقها..

لنأخذ هذا المثال من سفر أعمال الرسل الأصحاح الرابع عشر:

"وكان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مُقعد من بطن أُمه ولم يمش قط. هذا كان يسمع بولس يتكلم. فَشَخَصَ إليه وإذ رأى أن له إيماناً ليُشفى قال بصوت عظيم قُم على رجليك مُنتصباً فَوَثبَ وصار يمشي" (أع14: 8-10)

واضح من هذه الكلمات أن الرجل نال الشفاء نتيجة لإيمانه "وإذ رأى [بولس] أن له إيماناً ليُشفى".. فمن أين أتى هذا الرجل بالإيمان؟.. من الواضح أيضاً أنه "كان يسمع بولس يتكلم"، فقد كان بولس وبرنابا يُبشران (أع14: 7)..

لقد امتلك الإيمان لأنه كان يستمع.. كان يستمع إلى "كلمة الله" التي كان الرسول بولس يُبشر بها..

لقد استمع إلى الكلمة.. أنصت إليها بقلبه، فماذا كانت النتيجة؟.. دَخَلَت الكلمة إلى قلبه وولدت فيه الإيمان الحقيقي..

أيها الحبيب، تذكر دائماً أن الإيمان بأي وعد قاله الرب يتكون في داخلك عن طريق سماع هذا الوعد.. لذا استمع، استمع كثيراً إلى وعود الكلمة..

إلهج بها، ستدخل إلى قلبك وستخلق فيه الإيمان بها.. وهو الإيمان الذي يريده الله لكي يعمل بك وفيك..

لكنك قد تقول لي: أليس كثيرون، كثيرون جداً يقرأون الكتاب المقُدس؟.. أليس كثيرون جداً هم الذين يسمعون الكلمة، ويعرفون وعودها؟.. لماذا إذن قليلون هم اللذين يمتلكون هذا الإيمان الذي يرى وعود الله واقعاً ملموساً؟ّ!

الكلمة والروح

نعم الرسول بولس يُعلن لنا سماع وعد الكلمة هو الذي يخلق الإيمان في القلب.. لكن انتبه، ليس المقصود بوعد من كلمة الله مجرد جُمل وعبارات موجودة في الكتاب المقدس، بل المقصود هو هذه الجُمل والعبارات حين يستخدمها الروح القدس متحدثاً بها إلى قلبك..

الكلمة ليست هي الحروف الوحي يقول "الحرف يقتل" (2كو 3: 6).. الكلمة هي الحروف حين يستخدمها روح الله الحي.. فإن كان "الحرف يقتل"، "فالروح يُحيي" (2كو3: 6).. الروح هو الذي يجعل الكلمة حيّة وفعالة.. هو الذي يجعلها قادرة أن تخلق الإيمان في القلب..

فَكِر معي في هاتين الآيتين، وقارن بينهما:

"الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يو4: 24)

"الكلام الذي أُكلمكم به هو روح" (يو6: 63)

من الآية الأولى نفهم أنه بسبب أن الله روح لابد أن يكون سجودنا له بالروح.. ومن الثانية نعرف أن الكلمة ليست مُجرد كلمات، إنها أيضاً روح لذا فقراءتها أيضاً لابد وأن تكون بالروح..

إنه نفس المبدأ أن ما هو روح لابد أن نقترب إليه بالروح..

يقول الرسول بولس "قارنين الروحيات بالروحيات" (1كو2: 13)، وهي في بعض الترجمات "مفسرين الأمور الروحية للأشخاص الروحيين"(10)..

وكلمة قارنين (مُفسرين) تعني في الأصل أيضاً "ناقلين Communicating"(11)..

لا يُمكن أن تُنقل لك أمور الروح قبل أن تكون شخصاً روحياً

لا يُمكن أن تُنقل لك أمور الروح بدون الروح القدس..

اقرأ وعود الكلمة بعيداً عن عمل الروح، ولن تنتفع شيئاً.. لن تُعطيك الإيمان..

آه، حين نُحزن الروح القدس (أف4: 30) بإصرارنا على عدم رفض الخطية، أو حين نطفئه (1تس5: 19) برفضنا لطاعته فمهما قرأنا أو استمعنا لوعود الكلمة فلن نمتلك الإيمان الحقيقي..

ستمتلئ أذهاننا بالمعرفة، أما قلوبنا فستظل ضعيفة عاجزة أن تُصَدق ما عرفته أذهاننا من وعود..

الروح القدس هو وحده الذي ينقل المعرفة من الذهن إلى القلب.. من شئ يرجوه الذهن إلى إيمان في القلب..

هل تُريد إيماناً في قلبك؟

أنت في احتياج إلى الروح القدس وإلى الكلمة.. تحتاج إلى كليهما معاً لكي يسكن الإيمان في قلبك..

تأمل معي هذه الآيات التي قالها لنا الرسول بولس في معرض حديثه عن خدمته الكرازية:

"لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله..

ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله" (1كو2: 5، 12)

تُشير هذه الآيات إلى نقطتين:

الإيمان لا يُمتلك بالحكمة البشرية.. لا يُمتَلَك بالمجهود الذهني الطبيعي بل بقوة الله أي بعمل الروح القدس "روح القوة" (إش11: 2)

نحن لا نقدر أن نعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله بدون الروح القدس، ومن هذه الأشياء وعود الكلمة التي وُهِبت لنا لكي نؤمن بها..

وهو "روح الإيمان" (2كو 4: 13)، الذي يعمل أعمالاً عجيبة.. ينقل هذه الوعود من ذهنك إلى قلبك لكي يحفرها فيه، ويجعلها جزءاً لا يتجزأ منه.. وهكذا تمتلك الإيمان..

وهو "روح القوة" (إش11: 2) وأي قوةّ!!

قوة الله التي تُشدد قلبك فتجعله قادراً على صد سهام الخوف والشك متى تَعرضت لها..

تأمل "دبورة".. لقد ظهرت في وقت كان فيه شعب الله مًستعبداً للأعداء لسنوات طويلة، يُعاني من قسوة المذلة والظلم والإحساس بالعجز.. لكنها كانت مختلفة، وضعت الرب أمامها فلم تستسلم للأمر الواقع.. رفضت الشعور بالعجز، امتلكت الإيمان الحقيقي، تنبأت ودعت الشعب إلى انتصار مجيد..

كيف امتلكت القوة للتأثير على الشعب؟ وكيف حررته من اليأس ليدخل المعارك وينتصر؟

لنتأمل معنى اسمها هي وزوجها، فكثيراً ما يُحدثنا الوحي عن الشخص من خلال معنى اسمه (كمثال عب7: 2)..

يقول الكتاب "دبورة امرأة نبية زوجة لفيدوت" (قض4: 4)..

اسم دبورة معناه "فصيح" ويأتي من فعل "يتكلم"(12).. فقد كانت تتحدث بكلمة الرب.. واسم زوجها لفيدوت يعني "مشاعل مُتوهجة"(13)..

إنهما زوجان يتحدثان في اتحادهما عن التصاق الكلمة بنيران الروح القدس.. إن قوة الإيمان تأتي حينما نختبر نار الروح القدس في قراءتنا للكلمة..

لا يأتي الإيمان بمُجرد القراءة العادية الباردة..

الله لا يريدنا باردين أو حتى فاترين.. بل حارين بالروح (رو12: 11)، وحينما تتوهج قلوبنا بنار الروح القدس ستصير قراءتنا للكلمة عظيمة الأثر..

سنمتلئ بالإيمان.. سنمتلك الإيمان الذي يُغير الأحداث ويصنع العجائب..

آه، ما أكثر الاحتياج إلى الامتلاء منه..

اُطلب من أجل أن تمتلئ بالروح.. الإمتلاء بالروح يجعلك مُمتلئاَ بالإيمان.. قال الكتاب عن اسطفانوس أنه كان مملوءاً من الروح القدس (أع6: 5) ولذا قال عنه أيضاً "كان مملوءاً إيماناً وقوة" (أع6: 8)، فالإمتلاء بالروح والإمتلاء بالإيمان لا يفترقان بل دائماً يسيران معاً..

أبي السماوي،

اطلب باسم ابنك يسوع..

أزل من حياتي كل ما يعوق امتلائي من روحك..

أُريد أن أكون مُمتلئاً منه..

أريد أن أقرأ الكلمة بالروح..

وأن أتأملها بالروح..

وأن ألهج بها بالروح..

وان يغرسها روحك في قلبي..

اُريد عمل روحك..

أُريد الملء بالروح..

أُريد إيماناً بالروح..

أيها الحبيب.. مرة أُخرى أقول لك إنه بدون الروح القدس لن تمتلك الإيمان الحقيقي، ولن تكون كلمات الكتاب المقدس التي تقرأها أو تسمعها هي الخبر الذي يأتي بالإيمان إلى القلب..

كُن مُتيقناً.. الله يُريدك أن تمتلئ بالروح..

كُن مُتيقناً.. الله يُريدك إن تمتلئ بالإيمان..

لذا اقرأ الكلمة مُستنداً على عمل الروح..

سأشرح لك أكثر في الفصل القادم كيف تكون القراءة بالروح، القراءة التي تأتي بالإيمان إلى القلب.. أما الآن فأدعوك أن تُعلن ثقتك أنك ستقرأ الكلمة مُقاداً بالروح، هيا قُل بصوت مرتفع:

"إني أثق أن الرب سيجعلني أقرأ الكلمة مُقاداً بالروح القدس، وأثق أن الكلمة ستحمل لي الخبر الذي يأتي بالإيمان إلى قلبي.. إنني أثق.. أثق.. أثق"






التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 09-30-2012, 05:10 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك

4 تعلم الإصغاء

ليس صعباً أن تمتلك الإيمان..

ليس صعباً أن تمتلك الإيمان الذي يُغير الأحداث، الإيمان الذي يُسدد كل الإحتياجات ويُنجي من الخطر..

عندما يطلب الله منا أن نفعل شيئاً، فهو يطلبه كأب، كأحن أب.. أبداً لن يطلب منا شيئاً فوق استطاعتنا..

إنه يطلب أن نؤمن بصدق وعوده، وبكل تأكيد يُعطينا القدرة على ذلك..

في الفصل السابق عرفنا أن الإيمان يأتي نتيجة لسماع وعد من وعود الكلمة يصاحبة عمل من الروح القدس..

وفي هذا الفصل تُكمِل حديثنا، كيف يكون لنا هذا السمع الذي بالروح؟ وماذا نفعل حتى يأتي هذا السمع بالإيمان إلى قلوبنا؟

يتحدث الله بالإجابة إلى كل منا في الأصحاح الرابع من سفر الأمثال قائلا:

"يا ابني أصغ إلى كلامي

أمل أُذنك إلى أقوالي

لا تبرح عن عينيك

احفظها في وسط قلبك"

(أم4: 20 ، 21)

الله يُريد منا أمرين.. أن نُصغي للكلمة وأن ننشغل بها..

لكي نؤمن لابد أولاً أن نصغي للكلمة بآذاننا، ثم ننشغل بها بعيوننا وقلوبنا.. ومن الضروري أن نعرف كيف نصغي، وأيضاً كيف ننشغل.. أمران لأهميتهما الفائقة خصصنا لكل منهما فصلاً بكامله..

في هذا الفصل تقرأ عن الإصغاء..

وفي الفصل التالي سنُحَدثك عن الإنشغال..

سيدي..

كم أحتاج عمل روحك "روح الإيمان" (2كو4: 13)

ها أُذني..

إلمسها بروحك، لتظل مفتوحة لصوتك..

لتعرف كيف تُميزُه..

لتُصغي له بإرهاف..

سيدي..

زد حساسيتها يوماً فيوم لكلمتك..

الرب يقول لك:

"يا ابني أصغ إلى كلامي

أمل أُذنك إلى أقوالي"

إنها دعوة تفيض بالحب لك..

الرب القدير.. من لا حدود لقوته يريد أن يتحدث إليك..

يُريد أن يتحدث إليك اليوم.. وغداً.. وكل الأيام..

لديه لكل يوم شئ هام يُريد أن يُخبرك به..

أنت لا تقرأ في الكتاب المقدس كلمات قالها الرب في الماضي، بل كلمات يقولها لك الآن.. كلمات تُناسب احتياجك الحالي.. تأمل العبارة الشهيرة "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تَخرُج من فم الله" (مت4: 4).. لم يقل الرب عن الكلمة إنها "خرجت" في زمن الماضي، بل "تخرج" وهي في اللغة اليونانية فعل مُضارع مُتكرر الحدوث Present participle(14)..

حينما تفتح الكتاب المقدس لتقرأ فيه، كُن مُستعداً أن تستمع إلى الرب الذي يُكلمك الآن..

أمل أُذنك إليه..

لاحظ أن الرب لم يقل "أمِل أُذنيك" مثلما قال "لا تبرح عن عينيك".. لم يستخدم صيغة المُثنى مع الأذن بل المفرد "أمل أذنك"..

السمع بأُذن واحدة يعني أنك تستمع لشخص يقترب منك جداً ليهمس في إحدى أُذُنيك بكلمات خاصة لا يُريد لأحد غيرك أن يسمعها..

الرب يقترب منك جداً لكي يتحدث إليك.. لا لم يعد يفصل بينك وبينه مسافات أو حواجز.. لقد صرت قريباً منه بسبب إيمانك بهذا الدم الثمين، دم الرب يسوع (أف2: 13)..

حينما تقرأ في الكتاب المقدس، اعلن ثقتك أنك في مجلس الرب (نش1:12).. جالساً عند قدميه (تث33: 3)، وأنه يهمس في أُذنك الآن بحديث خاص..

وفي كل مرة سيُعلن لك:

عن فكره في بعض أمور الحياة العامة..

وعن إرادته فيما يتعلق بأمورك الخاصة الحالية..

وذلك لهدفين:

في حديثه عن فكره، يُريد أن يُعرفك كيف تتصرف في المواقف المتنوعة لتكون دائماً في مشيئته..

وفي حديثه عن ظروفك الحالية، سيُقدم لك كلمته لتشفيك من متاعبك أو لتؤمن بها إيماناً يجعل الظروف تعمل لخيرك..

مفردات اللغة اليونانية تؤكد الهدفين

في اللغة اليوناية القديمة للعهد الجديد نتقابل مع لفظين يُترجمان في العربية بلفظ "كلمة" وفي الإنجليزية بلفظ "Word"

ولنرى على سبيل المثال هاتين الآيتين..

"لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين.. ومميزة أفكار القلب ونياته" (عب4: 12)

"الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله" (رو10: 17)

"كلمة الله" في الآية الأولى تختلف عنها في الآية الثانية في الأصل اليوناني.. في الأولى هي "لوغوس" “Logos” "yosόλ" وفي الثانية "ريما" “Rhema” "uaéɳ"..

ماذا تقول قواميس كلمات الكتاب؟

تحدد لنا القواميس التي تدرس كلمات العهد الجديد بلغته اليونانية الفرق بين لفظي "لوغوس" و"ريما".. فمع أن كليهما يُترجمان بالكلمة ويُطلقان على كل أنواع الحديث، إلا أن لكل منهما مدلوله الخاص به الذي يظهر أحياناً..

يشرح أحد القواميس موضحاً هذا الفرق:

لفظ "ريما Rhema " يُركز الإنتباه إلى معنى كلمة خاصة أو قول

“a special word or utterance”

أما "لوغوس Logos" فهو على عكس ريما، مصطلح لكلمات واسعة المحتوى "a broad term".. أحياناً يُطلق على محتوى الرسالة المسيحية بجملتها..

ويصف هذا القاموس قائلاً:

"يمكننا أن نفهم مغزى كلمة ريما من خلال أول استخدام لها [في الكتاب المقدس]، فعندما واجه الرب الشيطان في البرية أجابه قائلاً "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة Rhema تخرج من فم الله" (مت 4:4).. وفي هذه القصة نجد الرب يَصُد تجارب الشيطان باستخدام كلمات خاصة جداً من الكتاب المقدس تناسب كل موقف واجهه به العدو"(15)..

ويشرح لنا قاموس آخر التمايز بين اللوغوس والريما كالآتي:-

"نرى التميُز في الوصية القائلة "خذوا.. سيف الروح الذي هو كلمة [ريما Rhema] الله"

(أف6: 17).. فالإشارة هنا ليست إلى الكتاب المقدس بكامله باعتباره كلمة الله بل إلى جزء خاص منه يُذكرنا به الروح القدس في وقت الإحتياج"(16)..

وهكذا فمع أن كلاً من اللوغوس" و"الريما" يُترجمان "بالكلمة" ويُطلقان على كل أنواع الحديث، إلا أن لكل منهما مدلوله الخاص إذا ما استُخدم على نحو خاص..

اللوغوس كلمة تُقدم موضوعاً شاملاً وعاماً.. أما الريما فهي أكثر للحديث الشخصي، تأخذ من الكلمة اللوغوس وتقدم كلاماً يخص أموراً محددة(17)..

والآن، ألا ترى معي أن التمايز بين "الكلمة اللوغوس" و "الكلمة الريما" يحدد لنا هدفي قراءة الكتاب المقدس اللذين ذكرناهما من قبل..

فإذا قدمت لك قراءتك في الكتاب فكر الرب بشأن موضوع معين، فهذه هي كلمة الله "اللوغوس"..

أما إن تحدثت إليك بآيات قليلة عن احتياجك الحالى فهذه هي كلمة الله "الريما"..

مثال يوضح الفرق

في صلاة الرب العظيمة قبيل آلامه هناك مقطع نجد فيه اللفظين "ريما" و "لوغوس" متجاورين.. يقول الرب في صلاته:

"قد حفظوا [أي التلاميذ] كلامك [الترجمة الأدق كلمتك].. لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم، وهم قبلوا.. وآمنوا" (يو17: 6،8)

في الأصل اليوناني نجد أن "كلامك" في الشطر الأول، "والكلام" في الشطر الثاني ليسا ترجمة للفظ واحد..

كلامك هو لوغوس

الكلام هو جمع ريما

في الشطر الأول يشهد الرب أن التلاميذ حفظوا "اللوغوس".. والمقصود باللوغوس هنا هو رسالة العهد الجديد الكاملة.. لقد قبلها التلاميذ وخضعوا لها..

والشطر الثاني يُفسر الأول كيف حفظ التلاميذ الكلمة اللوغوس..

كثيراً ما استمع التلاميذ للرب، وفي كل مرة كانوا يستمعون منه إلى كلمة تتعلق بأمر خاص.. إنها الكلمة الريما، كانوا يقبلونها فكانت تخلق فيهم إيماناً بها.. لاحظ معي قول الرب "قبلوا وآمنوا"..

لم يقبل التلاميذ من الرب رسالة العهد الجديد الكاملة "اللوغوس" دفعة واحدة، بل عبر أحاديث عديدة كان لكل حديث منها رسالة خاصة أو حدث معين.. هذا الحديث ذو الرسالة الخاصة هو "كلمة الله الريما"..

والآن اُنظر إلى أعظم الكتب، الكتاب المقدس ..

تستطيع وأنت تقرأه أن تصغي إلى كلمة الله "اللوغوس"، وأيضاً إلى كلمة الله "الريما"..

تصغي إلى كلمة الله اللوغوس لتعرف فكر الله وطرقه تجاه المواضيع المختلفة..

وتصغي إلى كلمة الله الريما لتستمع قول خاص من الله يتعلق بأمورك الخاصة..

أصغ إلى الكلمة اللوغوس

الكتاب المقدس هو الكلمة اللوغوس لأنه يحوي فكر الله الشامل تجاه الأمور المختلفة.. إن كل موضوع تدرسه في الكتاب المقدس عن أمر معين يمكنك أن تقول عنه إنه كلمة الله اللوغوس، أي إعلان الله الشامل عن هذا الأمر..

اقرأ في الكتاب المقدس باعتباره الكلمة اللوغوس.. فتش فيه باجتهاد.. تذكر كلمات الرب "فتشوا الكتب [أي أسفار الكتاب]" (يو5: 39)..

لن يكون أبداً وقتاً ضائعاً.. تأكد أن أموراً عظيمة سيصنعها الروح القدس معك..

ستتنقى:

"أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام [في اللغه اليونانية لوغوس، والترجمة الأدق كلمة] الذي كلمتكم به" (يو15: 3)

ستنمو:

"أستودعكم يا أخوتي لله ولكلمة [لوغوس] نعمته القادرة أن تبنيكم" (أع20: 32)

وستعرف فكر الرب

نحن بأذهاننا العادية نجهل فكر الرب "لأنه كما علت السموات عن الأرض هكذا علت طرقي عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم" (أش55: 9).. لكن شكراً للرب، فبالكلمة اللوغوس يُفهمنا فكرة فيصير لنا "غنى يقين الفهم" (كو2:2)..

الكلمة اللوغوس تجعلك تفهم فكر الرب في مُختلف الأمور التي تتعلق بك.. ستعرف أن تُميز بين الثمين والمرذول (إر15: 19)، وستصير قادراً على رفض الشر واختيار الخير (أش7: 15).. تُميز الأمور المتخالفة (في1: 10)، وتمتحن كل شئ (1كو2: 15)..

يا لقوة الكلمة!! إنها تنير وتُعقل الجهال (مز119: 130)، و"تُصَير الجاهل حكيماً" (مز19: 7)..

إنها تُعرفك فكر الرب الذي يجب أن تخضع له (يع1: 22)، لكي يتزكى طريقك (مز119: 9)، ولا تتقلقل خطواتك (مز37: 31)..

كلما فتحت الكتاب المقدس لتقرأ، فتش فيه.. تذكر أنه يُقدم لك كلمة الله "اللوغوس"، الإعلان المجيد لفكر الله..

تذكر أيضاً أن أحد أسماء الرب يسوع هو الكلمة "اللوغوس".. فالرب هو الإعلان الكامل والمطلق للآب (عب1: 2، يو1: 18، 14: 9)..

حينما تقرأ في الكتاب المقدس، ثق أنك في حضرة الرب الكلمة.. يسوع الذي يُحبك جداً.. الذي مات من أجلك..

هو بنفسه الذي يفتح ذهنك لتفهم المكتوب، ألم يفتح من قبل أذهان التلاميذ ففهموا ما لم يستطيعوا أن يفهموه بذواتهم؟ ألم يقل عنه الكتاب: "حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب [أي الأسفار]" (لو24: 45)..

وهو بنفسه سيفتح قلبك ليُفرحَّهُ بالكلمة مثلما فعل مع ليديه بائعة الأرجوان "ففتح الرب قلبها لتصغي" (أع16: 14)..

وهو الذي سيوضح لك بالروح القدس ما تقرأه، مثلما فعل مع تلميذي عمواس.. استمع إلى شهادتهما الصادقة: "ألم يكن قلبُنا مُلتهباً فينا إذ كان يُكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكُتب" (لو24: 32)

نعم سيُعطيك الفهم.. والقلب الملتهب..

وهو الذي سيفتح الكتاب أمامك كما فعل في مجمع الناصرة "فتح السفر" (لو4: 17).. سيفتح الكتاب لكي يُعلمك منه وليُعطيك "فهماً في كل شئ" (2تي2: 7)..

إقرأ في الكتاب واثقاً أن الرب الكلمة سيملأك بالكلمة..

لا تدع وقتاً طويلاً من اليوم ينصرف دون أن تأخذ شيئاً من الكتاب..

استغل كل فرصة مُتاحة لتقرأ فيه، ولو لدقائق قليلة..

وإينما ذهبت أحمله معك، حتى إذا سنحت الفرصة أحسنت استغلالها.. لقد حمل الوزير الحبشي نسخة من الكتاب وهو في رحلته إلى أُرشليم وكان يقرأ فيه، فكانت سبباً في خلاصه وفي عودته فرحاً (أع8: 26-35)..

ليكن الكتاب صديقك الأقرب الذي تتلهف باستمرار للجلوس معه، لتصغ إلى الرب الكلمة وهو يُحدثك من خلاله.. هللويا سيملأك بالكلمة اللوغوس، بأفكار الله.. وأيضاً سيسمعك كلمة الله الريما..

أصغِ إلى الكلمة الريما

الرب يحبك جداً، وفي قلبه أن يتحدث إليك بكلمات تتعلق بحياتك وتمسها في الإعماق.. كلمات تلمس احتياجك الحقيقي الحالي، تؤمن بسلطانها عليك.. هذه الكلمات هي التي تُسمى بكلمة الله "الريما"..

هي بعض من آيات الكتاب حين يتحدث بها الرب إلى قلبك بأمر يخصك..

عادة خلال بحثك اليومي في الكتاب المقدس عن وعود تناسب احتياجك..

وأحياناً أثناء قراءتك في كتاب روحي، حين تلمسك بعض الآيات التي اقتبسها الكاتب

وقد تأتي إليك هذه الآيات وأنت تستمع إلى عظة روحية على فم واعظ يستخدمه الرب..

ومرات يستخدم الرب شخصاً أو حدثاً ليُذكرك بآيات معينة تعرفها من قبل..

وهي كلمات تصاحبها قوة للشفاء

في مزمور107 نقرأ عن شعب الله أنه اجتاز في ضيقة ثم صرخ إلى الرب.. كيف استجاب الرب للصراخ؟.. يقول المزمور: "أرسل كلمته فشفاهم" (مز107: 20)..

لقد أرسل كلمته، فماذا فعلت لهم؟.. لقد شفتهم.. إنها ليست كلمة عادية، إنها تحمل قوة عظيمة للشفاء والتحرير..

قد تكون كلمة الله "الريما" إجابة واضحة لتساؤلات في داخلك .. آنذاك ستحمل لك قوة تشفيك من الشك.. قوة تغمرك بسلام عميق يبدد القلق والحيرة..

وقد تأتي "الريما" مُبَكتة على خطية تُرحب بها، فتُظهر قوتها في شفائها لك من الخطية وإعطائك قوة للتحول والقيام ثم الثبات..

وقد تحمل لك وعداً أو أكثر له علاقة بظرف مُعين تمر به.. وعداً تُصاحبه قوة تشفيك من عدم الإيمان..

وهي كلمات تأتي بالإيمان والفرح

يقول الرسول بولس:

"الإيمان بالخبر [أي نتيجة لسماع الخبر] والخبر بكلمة الله" (رو10: 17)

كلمة الله في هذه الآية هي "ريما"، فالقول الذي يهمس به الرب في أُذنك هو قول يخلق إيماناً في داخلك..

هو قول تُصاحبه قوة غير عادية من الروح القدس.. قوة تُبدد الشك والخوف، وتُعطي الإيمان..

يقول داود النبي: "صوت الرب بالقوة" (مز29: 4)..

وسليمان النبي يؤكد "حيث تكون كلمة الملك فهُناك سُلطان" (جا8: 4)..

الوعد الذي يُحدثك به الرب له سُلطان على ذهنك.. على قلبك.. وعلى الأحداث..

أيها الحبيب، هل اشتدت عليك هجمات مملكة الظلمة؟ هل تجتاز ظرفاً بالغ الصعوبة؟ هل أثَرت فيك الأحداث وأصابتك بالإعياء والغم؟.. لا تخف، الرب يُحبك جداً جداً، مكتوب عنه إنه يعرف أن يُغيث المُعيىَ بكلمة (أش50: 4)..

أنت تحتاج أن تستمع منه إلى كلمة "ريما" مُغيثة.. كلمة يُعضدك بها الرب ويُشجعك.. كلمة تملأ داخلك بالقوة "شجعتني قوة في نفسي" (مز138: 3)..

يقول لنا سفر الأمثال: "الغم في قلب الرجل يُحنيه والكلمة الطيبة تُفرحه" (أم12: 25)..

شكراً للرب فالكلمة الخاصة "الريما" التي سيحدثك بها هي كلمة طيبة أقوى من الغم، ستنزعه من القلب وستستبدله بالفرح..

إن وراء كلمة الله "الريما" قوة أعظم من كل قوى الخوف والقلق والشك التي يحاربك بها العدو..

فإذا كلمك الرب بآيات [ريما] من كتابه عن شفائك، حملت لك الآيات طاقة حياة تُبدد منك اليأس وتملأك بالسلام..

وإن كانت "الريما" التي حدثك بها الرب عن الخدمة، ستزودك بطاقة ضخمة للثقة في الثمر الكثير، والمُثابرة على العمل..

الريما تحتاج إلى اللوغوس

هل كنت تقرأ في الكتاب المُقدس ووثقت أن الرب يُكلمك من كتابه بوعد ما "ريما"؟

أبدأ بأن تمتحن هذا الوعد الذي فهمته..

هل هو حقاً وعد مرسل من الرب للظرف الذي تجوز فيه؟.. أم أنه سوء فهم للآيات بسبب رغبة خاصة في داخلك أو لوجود أفكار خاطئة مُسبقة في ذهنك أو بسبب تشويش من العدو؟

لابد أن تمتحن ما تفهمه.. هل هو حقاً وعد من الرب؟ أم هو تفسيرك الخاص؟

وكيف تمتحن؟

أن تدع الكلمة اللوغوس [ما يقوله الكتاب المقدس بكامل آياته عن هذا الوعد] يحكم لنا..

فأي فهم لوعدٍ ما "ريما" يتعارض مع ما يقوله الكتاب المقدس بكل آياته معاً [الكلمة اللوغوس] هو وعد توهمته أنت.. هو ليس وعداً من الرب بل من تفسيرك المُضلل..

أيها الحبيب، هل تريد أن تكون متيقناً أن فهمك للوعد ليس من تفسيرك الخاص؟ هيا قارن الآيات التي تحوي الوعد بآيات أُخرى يتحدث فيها الكتاب المُقدس عن ذات الأمر..

تذكر ما قاله داود في المزمور "بنورك نرى نوراً" (مز36: 9).. فكل نور من الكتاب المقدس يحتاج إلى نور آخر أيضاً من الكتاب يحميه من التفسير الخاص..

تأمل ما قاله بطرس في رسالته الثانية:

"كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص" (2بط1: 20)

لقد وردت هذه الأية في إحدى الترجمات الدقيقة كالآتي:

"كل نبوة الكتاب لا يأتي تفسيرها من نفسها"(18)..

والمعنى هو أن الفهم الحقيقي للنبوة لا يأتي من قراءتها بمفردها بل من خلال رؤيتنا لها في ضوء الآيات الأُخرى للكتاب.. في ضوء "الكلمة اللوغوس"..

مثال للتوضيح

هذا شاب يفكر في التفرغ والإنطلاق في الخدمة..

كان يقرأ في الكتاب المقدس بانتظام في خلوته اليومية..

ذات يوم كانت قراءته في الأصحاح التاسع والعشرين من سفر إرميا.. أثرت فيه هذه الأية "لأني عرفت الأفكار التي أنا مفتكر بها عنكم يقول الرب أفكار سلام لا شر" (إر29: 11)..

شعر أن الرب يتحدث إليه ويعطيه وعداً بالسلام.. وأنه لن تقابله ضيقات في خدمته، وكل شئ سيكون سهلاً..

هل هذا الشعور صادق؟

هل هذا حقاً إعلان من الرب "ريما" يمكن أن يؤمن به؟

إذا عُدنا إلى "الكلمة اللوغوس"، إعلان الله الكامل عن الخدمة لعرفنا أن هذا الشاب قد أخطأ الفهم.. فهي لا تقول لنا أننا لن نواجه صعاباً أو ضيقات في الخدمة بل على العكس تماماً (يو15: 18،19- مت24: 9 – أع14: 22)..

إنها تُعلن أننا سنواجه صعاباً وضيقات لكنها تُضيف بأن شيئاً لن يقدر أن يُعطل سلامنا الداخلي أو أن يُقلل من تعزيات الروح لنا أو أن يُضعف من قوتنا في المسيح..

الكلمة تُعلن أننا سننتصر.. سندخل حروباً وسيُمتعنا الرب بغلبته.. ولن يقدر العدو أن يعوق راحتنا أو ثمرنا..

الكلمة اللوغوس تُفهمنا إن السلام المقصود لا يعني اختفاء الضيقات بل الانتصار عليها، فلن تقدر أن تنزع من القلب سلامه وراحته.. وهكذا فإن ما فهمه هذا الشخص لم يكن إعلاناً من الرب "ريما" ويمكنه أن يؤمن به..

سيدي..

احم ذهني من كل سوء فهم للريما..

ولكل وعد شروطه

لنفترض أنك قرأت اليوم من الكتاب المقدس، وتحدث الرب إليك من خلال بعض الآيات.. وحَمَلَ الحديث لك وعداً "ريما" يناسب احتياجك..

ولنفترض أنك فتشت الكتاب المقدس ككل، وتيقنت أن الكلمة اللوغوس تتفق معك في فهمك لهذا الوعد..

لقد بقي أمر آخر.. كل وعد يعطيه الرب يتطلب شروطاً معينة.. و"الكلمة اللوغوس" هي أيضاً التي تُعرفك بهذه الشروط..

لنأخذ مثالاً

شخص يعاني من ضائقة مالية، سمع أحد الخدام يعظ مُردداً كلمات الرسول بولس:

"فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد" (في4: 19)

لكن هل يكفي أن يتمسك بهذا الوعد؟

هنا يأتي دور الكلمة اللوغوس [الإعلان الشامل للكلمة] ليقول له أن هناك شرطاً هاماً لابد من إتمامه..

الكلمة اللوغوس [إعلان الكتاب المقدس ككل عن تسديد الاحتياجات] تضع شرطاً، وهو أن يكون لهذا الشخص اتجاه العطاء.. أن يشارك في تسديد احتياجات الخدمة والخدام والفقراء، وأن يشارك بفرح وسخاء..

الكلمة اللوغوس تؤكد هذا الشرط في مواضيع متفرقة من الكتاب المقدس (أم11: 24، في4: 15، لو6: 38، 2كو9: 6)..

مثال آخر

أحد الخدام كان يقرأ في الأصحاح الثلاثين من سفر إرميا، وآمن أن الرب يكلمه بهذه الآيات:

"أُكثرهم ولا يقلون وأعظمهم ولا يصغرون" (إر30: 19)

يا له من وعد بالثمر الكثير!! فهل يكفيه أن يثق في هذا الوعد لكي يكثر ثمره؟

هناك شروط للثمر الكثير يقدمها لنا الكتاب المقدس في إعلانه المتكامل عن الثمر "الكلمة اللوغوس"..

في إنجيل يوحنا مثلاً يقول لنا الرب:

"كل من يأتي بثمر ينقيه [الآب] ليأتي بثمر أكثر" (يو15: 2)

فماذا لو رَفَضَ هذا الخادم تنقية الرب له؟.. ماذا لو رَفَضَ أن يترك أشياء معينة يريد الرب أن ينزعها منه لأنها تعوق استخدامه؟

ماذا لو رَفَضَ الإتضاع أمام الرب ليُنقيه؟ هل من الممكن أن يقتني إيماناً حقيقياً بالثمر الكثير لمجرد أنه أصغى إلى كلمة الله "الريما"؟..

كلا، الإصغاء إلى "الريما" يحتاج إلى إصغاء آخر للوغوس..

أيها الحبيب

في كل مرة تستمع فيها من الرب إلى وعد يناسب احتياجك الروحي أو المادي، اقض وقتاً كافياً مع الكتاب المقدس تفتش فيه عن إعلان الله الكامل من جهة هذا الوعد [الكلمة اللوغوس]..

اطلب أن يقودك الروح القدس لكي تُفتش في الكتاب..

لتتيقن أنك لم تُسئ فهم الوعد، وأن احتياجك هو حقاً موضوع هذا الوعد..

ولتعرف الشروط التي تطلبها منك الكلمة لكي يصير إيمانك بهذا الوعد إيماناً مثمراً

ودعني أهمس في أذنك..

انتبه إلى هذه الشروط الثلاثة الهامة.. بدون أي واحدة منها لن يحقق لك الرب أي وعد مما وعدك به..

الشرط الأول: أن تثق أن خطاياك مغفورة..

والشرط الثاني: أن تقاوم الخطية..

والشرط الثالث: أن تغفر لمن اساء إليك..

الشرط الأول: أن تثق

لا حظ معي ترتيب الكلمات في هذه الآية من مزمور 103..

"باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته. الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل أمراضك الذي يفدي من الحفرة حياتك.. الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك" (مز103: 2-5)

إن غفران الخطايا يسبق الشفاء والحماية والشبع بالخير.. إنه شرط هام لتحقيق وعود الكلمة (انظر أيضاً 2أخ7: 14 – مر2: 9، 11 – إش31: 5 – يو5: 14)

أيها القارئ.. قد تكون ضعيفاً أمام خطية معينة، هذا يجب ألا يُعطل مطلقاً ثقتك في غفران الرب الشامل لك.. كل مؤمن وُلِدَ من فوق له أن يثق أن كل خطاياه قد غُفرت من أجل اسم الرب يسوع (1يو2: 12).. أن تثق أن الله لا يحسب له خطية (رو4: 7).. أنه بار في المسيح (2كو5: 21)، وليس لإبليس أن يشتكي عليه (رو12: 10)..

لا تسمح للإحساس بالذنب أن يسيطر عليك، لقد غفر الرب خطاياك.. تمتع بالراحة التي يعطيها الإيمان بالغفران (رو5: 1).. اعلن إيمانك أنك في المسيح مبرر..

الشرط الثاني: أن تقاوم

لكن ليس معنى أنك مبرر أن تُرحب بالخطية ولا ترفضها.. عدم مقاومة الخطية أمر خطير جداً، فهو يُعطل شركتك مع الرب (إش59: 2)، ويعوق إستجابة صلواتك (مز66: 18)..

احكم على نفسك.. دِن خطاياك في محضر الرب.. اعترف بها، قاومها..

الشرط الثالث: أن تغفر

وعن هذا الشرط نقول باختصار أنه ليس مثل عدم الغفران للآخرين، خطية تعوق تحقيق إيماننا بالوعود..

لا تقل إني عاجز.. حاولت مراراً وفشلت..

حسناً، يكفي الرب اتجاه قلبك.. يكفيه اصرارك أن تتحرر من عدم الغفران.. قد تكون عاجزاً الآن عن أن تتخلص من المرارة.. لن يكون هذا عائقاً أمام تحقيق أي وعد ما دمت تطلب بإخلاص من الرب أن يُعطيك صفحاً للآخرين، ونسياناً لأخطائهم..

ما يريده الرب أولاً هو اتجاه قلبك..

قف ضد خطية عدم الصفح.. اُطلب البركة لمن أساء إليك.. انتظر واثقاً أن الرب سيعطيك القدرة على الغفران للآخرين ونسيان أخطائهم..

هكذا تزيل أهم عائق أمام تحقيق الوعود..

الرب يحبك جداً..

هل تحتاج الآن إلى وعد لتؤمن به، للإنقاذ من خطر أو لتسديد احتياج ما أو لحل مشكلة صعبة أو لتنقل جبلاً يعترض راحتك وسلامك؟

فتش في الكتاب المقدس عن وعد يناسب موقفك الراهن.. لقد كُتب لك.. إنه الريما، إعلان الرب الخاص الذي يريدك أن تصغي إليه بقلبك..

وفتش فيه أيضاً عن الكلمة اللوغوس التي تختص بهذا الوعد لكي تتأكد أنه حقاً وعد من الرب لحالتك، ولكي تعرف شروط تحقيقه..

أصغ إلى الريما الإعلان الخاص، وإلى اللوغوس الإعلان العام.. أنت تحتاج أن تصغي إليهما وأن تنشغل بهما لتقتني الإيمان الذي يغير الأحداث وينقل الجبال..

ما أعظم الكلمة، الريما واللوغوس..

إذا ذهبت تهديك

وإذا نمت تحرسك،

وإذا استيقظت فهي معك (أم6: 22)..






التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 09-30-2012, 05:13 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك

5 إنشغل بالوعود

هل أصغيت لصوت من الرب؟ هل سمعته يتحدث إليك بوعد ثمين يناسب احتياجك الراهن؟

هذه هي الخطوة الأولى لكي تؤمن بوعد من وعود الكلمة.. أن تصغي..

إنها خطوة هامة، لكنها لا تكفي بمفردها..

يروى لنا سفر التكوين قصة سارة.. لقد سمعت الرب وهو يعطي الوعد بأنها ستنجب ابنا على الرغم من شيخوختها وعجز جسدها.. فهل آمنت سارة بهذا الوعد لمجرد أنها سمعته؟

كلا، بل ضحكت تعبيراً عن استخفافها بما سمعت..

لم تؤمن سارة لمجرد أنها سمعت الوعد..

هذا ما رواه لنا سفر التكوين من العهد القديم أما العهد الجديد فيذكر عنها شيئاً مختلفاً..

"بالإيمان سارة نفسها أيضاً أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد السن ولدت إذ حسبت الذي وعد صادقاً" (عب11:11)

لم يسجل الوحي هنا عدم إيمانها.. ففي العهد الجديد نحن نتمتع بغفران الخطايا ونعرف الرب الذي يمحو الذنوب.. لا يسجل لنا في السماء مواقف الهزيمة بل النصرة..

لم تذكر رسالة العبرانيين عن سارة عدم إيمانها بل وضعتها جنباً إلى جنب مع رجال الإيمان الجبابرة هابيل ونوح وإبراهيم ويوسف وموسى..

لقد سمعت سارة الوعد، ولم تؤمن.. لكن القصة لم تنته عند هذا الحد.. لقد وبخها الرب، فقاومت الشك ولم تستسلم له.. سريعاً تغير حالها وامتلكت الإيمان إذ "حسبت الذي وَعَدَ صادقاً" (عب11:11)..

أيها الحبيب قد لا تمتلك أنت أيضاً الإيمان في التو عند سماعك الوعد.. قد تحسبه أمراً مُستحيلاً أو ضرباً من الخيال، وقد تمر عليك ليالي تُحارب فيها بالقلق والشك وعدم القدرة على النوم..

قد تبدو لك الأبواب مغلقة ولا أمل في النجاة..

لا .. لا تستسلم..

ليس هذا مطلقاً قصد الله، أن نشك أو نخاف.. ضع في قلبك ألا تستسلم للشك أو الخوف..

ألا تشجعك سارة جداً؟!

تأمل كلمات الوحي عنها "بالإيمان سارة نفسها".. لاحظ كلمة نفسها، الروح القدس يريد أن يقول لنا شيئاً هاماً من خلال هذه الكلمة.. لقد وردت هذه الآية في إحدى الترجمات الدقيقة كالآتي “even Sarah herself” أي "حتى سارة نفسها"(19)..

الروح يريد أن يجذب انتباهك إلى معجزات النعمة الغنية.. فسارة التي لم تصدق الله في البداية، والتي عبرت عن عدم صدقها بالضحك، وأضافت لنفسها خطية الكذب إذ كذبت على الرب قائلة إنها لم تضحك.. هي نفسها التي صار لها الإيمان المقتدر.. إيمان حول جسدها العاجز وجعله قادراً على الإنجاب، ومن أنجبت؟.. إسحق الذي من نسله وُلِدَ الرب بالجسد..

ألا تشجعك سارة جداً بهذا التحول الضخم من الشك والفشل إلى الإيمان والنجاح.. ومن الضحك استخفافاً بالوعد إلى الضحك بالعيان؟!

لقد أسمت أبنها، ثمرة إيمانها، إسحق ومعناه "ضحك"(20) ليظل معبراً عن الاستخفاف بالمستحيلات..

هل تشعر بالعجز وعدم القدرة على التمسك بوعود الرب؟.. تذكر سارة، بكل تأكيد الرب يريد أن يعمل معك كما عمل معها.. الرب يريد يأتي بك مثلما أتى بها إلى وقت تضحك فيه أنت أيضاً على المستحيلات!!

نعم بإمكانك أن تُحول الليالي المزعجة، ليالي الخوف والشك إلى أوقات للمجد، تُشرق فيها شمس البر بأشعتها الشافية من القلق والإرتباك (ملا4: 2)..

لنستمع مرة أخرى إلى كلمات الرب:

"يا ابني

اصغ إلى كلامي.

أمل أُذنك إلى أقوالي.

لا تبرح عن عينيك.

احفظها في وسط قلبك"

(أم4: 20 -22)

كلمات الرب هذه تُحدثك عن الإنشغال بالكلمة.. الإنشغال الذي ينتصر على الخوف والشك..

في الفصل السابق تكلمنا عن الأذن.. عن الإصغاء.. وفي هذا الفصل نتحدث عن الخطوة الثانية، الإنشغال بالكلمة..

في ليالي القلق والحيرة والخوف، عندما لا تجد إيماناً في قلبك.. انشغل.. انشغل بوعد أو أكثر عن وعود الرب يناسب احتياجك.. انشغل به.. حتماً ستنتهي الأفكار المُحبطة، وحتماً سيأتي السلام إلى قلبك.. وسيأتي معه الإيمان..

كيف يكون الإنشغال؟

إنه انشغال عن طريق العين، الرب يقول: "لا تبرج [أقوالي] عن عينيك"..

هل أعطاك الرب وعداً يناسب احتياجك الحالي؟.. انشغل به بعينيك.. لا تنس حديث الرب الهام عن العين..

"إن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً [ممتلئاً بالنور Full of light (KJV)] (مت6: 22)

هل تريد أن تمتلئ بنور الرب، بالسلام والطمأنينة والإيمان؟

هل تريد أن يغمرك نوره فيبدد من داخلك الخوف والشك؟

لتكن لك العين البسيطة التي تنشغل بالرب وبوعوده.. وكلمة "بسيطة" تعني في الأصل اليوناني(21):

أن العين سليمة (healthy)

أن لها رؤية واضحة (clear)

وأنها غير مُشتته، تتميز بثبات الإتجاه (single)

● لتكن عينك بسيطة وسليمة ترى الوعد كما هو مكتوب في الكتاب المقدس، نقياً من التفسيرات العقلانية التي تحاول أن تستبعد المعجزات من طرق الله في إتمام الوعود..

تذكر أن الله يُحقق وعوده، أحياناً بطرق طبيعية عادية ومرات بطرق إعجازية خارقة.. لتكن عينك بسيطة تُصدق الله في كل ما يقوله، وتُصدق أيضاً حدوث المعجزات..

● لتكن لعينك الرؤية الواضحة ترى الوعود بوضوح وصفاء ولا تسمح لآراء البشر أو تجارب الماضي أن تُعكر الرؤية..

● ولتكن لعينك النظرة الثابتة غير المتشتتة إبليس يريدنا أن نركز النظر على ما يُخيفنا ويُضعف معنوياتنا، أما الرب فيُريد لعيوننا أن تُركز النظر فيه، وفي وعوده..

لننشغل بالرب

ولننشغل بالوعود

لننشغل بعين بسيطة سليمة ترى بوضوح وبلا تشتيت..

لننشغل بالرب

يحثنا الروح القدس في الرسالة إلى العبرانين قائلاً:

"ناظرين إلى رئيس [مصدر author (KJV)] الإيمان ومُكمله يسوع" (عب12: 2)

إن كلمة ناظرين هي ترجمة لكلمة يوناينة مشتقه من فعل يُطلق على الشخص الذي يُحول عينية عن النظر إلى أشياء عديدة لكي يثبتها في شئ واحد(22)..

الروح القدس يحثنا كي تكون لنا العين ذات النظرة الثابتة في الرب يسوع..

الروح يحثنا أن نُحول أنظارنا عن المناظر المُفزعة والتقارير المزعجة.. أن نحول النظر عن كل ما يُخيفنا أو يُقلقنا، لنركز النظر في الرب يسوع الذي يُحبنا ويضمن سلامنا وسلامتنا..

هل نحن غير قادرين أن نتمسك بوعد من الكتاب المقُدس؟ هل نشعر بالهزيمة؟ هل ينتصر الخوف علينا؟ .. فلنهرب سريعاً إلى الرب.. لننظر إليه.. إنه كما قال الكتاب "يرثي لضعفاتنا" (عب4: 15)..

إنه يتفهم ضعفاتنا ويتحنن علينا ويشاركنا مشاعرنا.. فهذا هو معنى كلمة يرثي في أصلها اليوناني(23)..

حينما يهاجمك الخوف، اُنظر الرب..

احصر نظرك في الرب وفي وعوده..

الرب هو مصدر الإيمان، سيُحول انشغالك بالوعد إلى إيمان به..

والرب هو أيضاً مكمل الإيمان.. سيُزيد إيمانك، بل سيقفز به وسيجعله إيماناً عظيماً مقتدراً..

الرب قادر أن يفعل هذا معك..

الرب يُريد أن يفعل هذا معك..

انشغل بالوعد

في وقت احتياجك للإيمان، انشغل بالرب.. وانشغل أيضاً بوعود كلمته التي أعطاها لك..

الرب يطلب منا أن ننشغل بكلمته.. استمع بانتباه إلى وصيته:

"لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك. بل تلهج فيه نهاراً وليلاً" (يش1: 8)

الرب يُريدنا أن نلهج في كلماته بما فيها من وعود..

هل أعطاك الرب وعدا؟.. الهج فيه، لكي تمتلك سريعاً الإيمان به..

أن تلهج في الوعد يعني أمرين: أن تتأمله وأن تتذكره(24)..

أولا : التأمل

لنفهم معاً كيف يكون التأمل من خلال هذا المثال:

شاب مؤمن له علاقة حية مع الرب يسوع، لكن في داخله مرارة تجاه أبيه لم يقدر أن يتجاهلها.. عَجَزَ أن ينسى قساوته القديمة.. مواقف عديدة كلما تذكرها شعر بالألم الشديد.. فشل في معاملة أبيه بلا احتداد

اتجه بكل كيانه إلى الرب..

طلب منه أن يشفيه من هذه الذكريات، وأن يُحرره من تلك المرارة..

طلب شفاءً لعلاقته مع أبيه..

الرب يستجيب صلواتنا حينما نصلي واثقين في استجابتها.. أجابه الرب بكلمة خاصة "ريما" أثناء قراءته في الكتاب المقدس هي:

"الذي بجلدته [الأدق أثر الجلدة](25) شُفيتم" (1بط2: 24)

قرأ الشاب هذه الآية أكثر من مرة.. شعر بنورها يلمس أعماقه.. أدرك أن الرب يسوع جُلِدَ لكي يشفيه ويُحرره.. أدرك أن عليه أن يؤمن بقلبه إيماناً لا يتزعزع بهذه الحقيقة لكي ينال شفاءً حقيقياً في علاقته بأبيه..

أتى هذا الشاب ليسأل، كيف تتحول هذه الحقيقة من معلومة في ذهنه إلى إيمان في قلبه؟

وكانت الإجابة، تأمل.. تأمل في كلمات الآيه "بجلدته [أي بجلدة الرب] شُفيتم"..

تأمل في مصدر الشفاء، فالآية تقول إنه الرب نفسه.. اقضِ وقتاً متأملاً هذه الحقيقة.. إنه طبيبك الذي يُحبك جداً ويُريد أن يشفيك..

حَدثه قائلاً:

ربي يسوع

أنت طبيبي.. لقد أحببتني

لم تتألم وتَمُت من أجل غفران آثامي فقط، بل أيضاً من أجل شفائي وراحتي..

أشكرك لأن شفائي يأتي منك،

ولن يقدر إبليس أن يحرمني منه..

ثم تأمل كلمة "جلدته".. تأمل ثمن الشفاء..

لقد انحنى الرب على عمود قصير لكي تنهال على ظهره جلدات الجنود القاسية.. تأمل الثمن، أي آلام!! وأي نزيف للدماء!!.. الرب كان يحمل أحزانك وأوجاعك.. كان يحملها بكاملها لكي يُحررك منها..

تفكر في هذا، وتكلم مع الرب بمثل هذه الكلمات:

ربي يسوع

أي ثمن هذا قد دفعه!!

أخذت الذي لي من أحزان وأمراض،

لكي تُعطيني الذي لك من راحة وشفاء..

يا لها من نعمة غنية!

يا له من حب عظيم!

كم أشكرك.. كم أشكرك..

ثم اقض وقتاً بعد ذلك متأملاً في كلمة "شُفيتم".. فَكر، من هو المستفيد من الشفاء؟.. إنه أنت.. أنت برغم كل عيوبك وضعفاتك.. إنها النعمة الغنية التي تعطي الإمتيازات الثمينة لكل من يحتمي في الدم الثمين..

تأمل كيف أحبك الرب حباً خاصاً، برغم كل عيوبك..

تأمل، إنه حب مجاني..

ربي..

إنه دمك الثمين..

دمك الذي يحجب آثامي..

دمك الذي يجعلني استحق شفاءك تشفيني مجاناً.. مجاناً..

ثم اصرف وقتاً آخراً متفكراً في زمن الشفاء، متى؟.. اُنظر كلمة "شُفيتم"، لم يقل الوحي "تشفون" أو "ستشفون" بل "شُفيتم" في الماضي.. تأمل، إن شفاءك تم منذ نحو ألفي عام حينما جُلد الرب من أجلك..

تأمل كم يعني هذا أنه شفاء مؤكد..

أيها الحبيب، على هذا النحو يكون الإنشغال والتأمل في الوعد، والتأمل يسرع بالإيمان إلى القلب، والإيمان يأتي بالوعد إلى الواقع..

التأمل هو أحد مظاهر الإنشغال بالوعد، والآن إلى المظهر الثاني، التذكر..

سيدي..

المس ذهني الآن..

ليدرك كل ما تريد أن تُعلمه لي..

ثانياً : التذكر

لنفترض أنك وجدت نفسك حاد الطبع، كثير الغضب في تعاملك مع شخص قريب منك.. ثم أثناء قراءتك للكتاب المقدس، لمعت أمامك بقوة الآية القائلة: "المحبة.. تحتمل كل شئ"(1كو13: 7)..

أحسست أنها هي الكلمة الخاصة لك، "ريما" المرسلة لك من الرب.. شعرت أن الرب يعدك بهذه المحبة..

ماذا تفعل ليتحقق هذا الوعد وتمتلك هذه المحبة التي تحتمل كل شئ؟

الطريق هوالتذكر.. أن تتذكر هذه الآية بين الحين والآخر.. وفي كل مرة تتذكرها تُفكر فيها، وتجعلها موضوعاً لصلوات قصيرة ترفعها إلى عرش النعمة..

صفتان

في العهد القديم مَيزت الشريعة بين نوعين من الحيوانات.. حيوانات طاهرة وأخرى نجسة..

واشترطت الشريعة للحيوان الطاهر صفتين.. أن يكون من النوع الذي يشق ظلفاً، وأن يجتر (لا11: 3)..

كلتا الصفتين لنا!!

فكل مؤمن في العهد الجديد له أن يقول إنه "طاهر كله" (يو13: 10)، فقد جعله دم يسوع طاهرا (عب 10)..

هل آمنت بالرب يسوع؟.. هل اغتسلت بالدم الثمين؟.. أنت طاهر كلك وعليك أن تتصف بهاتين الصفتين

أن تشق الطلف.. أي أن يوجد فاصل يُميز كلاً من قدميك..

الأقدام تُشير إلى السير [أي السلوك]..

لقد قَدسك دم يسوع (عب13: 12)، والتقديس هو التخصيص.. لقد صرت مُخصصاً للرب.. يجب أن يشهد سلوكك بوضوح عن انفصالك عن العالم الآثم، في رفضك للتحرك مُقاداً بالخوف والقلق، وفي إعتمادك على صدق الوعود..

اجتر الكلمة

كلمة الله لابد وأن يُعاد مضغها.. لابد أن تُجتر..

إنها طعام.. طعام لروحك..

الرب يدعوك أولاً أن تأكلها..

كُل الكلمة التي تقرأها!!

لا تتعجب، فهذه هي وصية الرب.. إقرأ ما قاله إلى حزقيا النبي:

"كُل الكلام الذي أكلمك به

أوعه في قلبك

واسمعه بأُذنيك [أي تذكره وأعِد ترديده لنفسك بصوت مسموع]" (حز3: 10)

عندما يمنحك الرب وعداً، كُله.. اتركه يدخل أعماقك..

ثم اجتره.. أي تذكره من وقت لآخر كي تُعيد التأمل فيه..

ولنَعُد للمثال السابق..

لقد تفاعلت مع الآية القائلة: "المحبة.. تحتمل كل شئ" (1كو 13: 7).. أكلتها، وبقي الآن أن تجترها حتى تصل إلى قلبك..

بعد مضي ساعة من قراءتك لها، إذا أُتيحت لك الفرصة تذكرها وأعد التأمل فيها.. يمكنك أيضاً أن تجعلها موضوعاً لصلاة قصيرة مثل هذه:

يارب، أنت وعدتني في الصباح أن أمتلك المحبة التي تحتمل كل شئ..

أثق أن نعمتك الغنية أقوى من طباعي..

أقوى من الظروف.. أقوى من كل شئ..

أثق أنها تقدر أن تُغيرني وتجعلني احتمل كل شئ في معاملتي مع هذا الشخص..

بعد ساعة أُخرى، عُد إلى الآية من جديد.. صل بها مرة أخرى.. افعل هكذا بين الحين والآخر إلى أن تُهيمن الآية بالكامل على فكرك وعواطفك، وتجد نفسك تمتلكها..

في القديم، كان الرب يُطعم شعبه بطعام كان يُنزله لهم من السماء، اسمه المن.. يقول لنا الكتاب أنه كان يتساقط باكراً مع الندى (عد11: 9)..

ووضع الرب شروطاً، أن يلتقطه الشعب قبل شروق الشمس صباحاً فصباحاً، ولا يبقون شيئاً مِن مَن كل يوم إلى اليوم التالي (خر16: 19-21)..

يا له من معنى!!.. الرب يريد لشعبه أن يأكل في كل يوم مناً جديداً ساقطاً لتوه من السماء.. ساقطاً على الندى..

الرب يريدك أن تأكل في كل يوم مناً جديداً..

في كل مرة تتذكر الوعد لكي تتأمل فيه، اشعر كأنك تسمعه للمرة الأولى.. فهو أبداً لن يَقدم!! لماذا؟.. لأن الروح القدس يصاحبه.. الروح هو الندى الحقيقي الذي يعطي الإنتعاش..

في كل مرة تتذكر الوعد، اطلب عمل الروح القدس.. سيشعرك الروح القدس بانتعاش جديد يُزيل منك أي إعياء..

أيها الحبيب..

انشغل بالوعود التي يُعطيها الرب لك..

تذكرها كثيراً.. ستشعر أنها جديدة..

ستلمس أثرها القوي في داخلك..

كان أيوب يقول: "أكثر من فريضتي [القوت اليومي الضروري] ذخرت كلام فيه" (أي23: 12)، وكان داود يصلي قائلاً: "اُذكر لعبدك القول الذي جعلتني انتظره.. لأن قولك أحياني" (مز119: 49-50)..

لقد سجل لنا داود اختباره عن اللهج في الكلمة في كلمات محدودة..

"عند لهجي اشتعلت النار. تكلمت بلساني" (مز39: 3)

عندما ننشغل بالكلمة.. بالوعود.. عندما نذخرها في داخلنا ونلهج بها.. نتذكرها ونتأملها، فسيحدث معنا ما حدث مع داود.. ستشتعل في داخلنا نار الروح القدس.. سيُُعطينا الروح حرارة المحبة للرب.. المحبة المتوهجة التي تطرد الخوف إلى خارج (1يو4: 18).. سنمتلئ بدفء الثقة في إلهنا العظيم.. وسنستطيع مثل داود أن ننطق بكلمات الإيمان "اشتعلت النار.. تكلمت بلساني"..

تخيل الصور التي تتحقق بها الوعود

في الإنشغال بالوعود يمكنك أن تستخدم مخيلتك .. بإمكانك أن تتخيل الصورة التي سيتحقق بها كل وعد اعطاه لك الرب، ثم تنشغل بها وتُعيد رؤيتها في ذهنك من وقت إلى آخر..

هذا تماماً ما فعله موسى، فاقتني الإيمان.. لقد كتب عنه الوحي قائلاً:

"بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يُدعى أبن أبنة فرعون. مُفضلاً بالأحرى أن يُذل مع شعب الله.. حاسباً عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر لأنه كان ينظر المُجازاة" (عب11: 24-26)

كيف امتلك موسى هذا الإيمان العظيم الذي أعطاه القدرة على هذه التضحية الضخمة؟.. كيف أنتصر على إغراءات رخاء وغنى قصر فرعون؟.. كيف هزم مشاعر الإمتنان نحو القصر الذي رعاه طوال فترة الطفولة وإلى أن بلغ سن الأربعين؟..

يُجيبنا الوحي "لأنه كان ينظر إلى المُجازاه"..

إن كلمة ينظر تأتى في اصلها اليوناني في زمن الماضي المُستمر.. لذا فالترجمة الأدق لهذه الآية هي "لأنه استمر ناظراً إلى المُجازاة"..

وفعل ينظر هو ترجمة لفعل يصف احتفاظ الشخص بانتباهه مركزاً على شئ مُعين.. إنه فعل يُطلق على الفنان الذي يظل مشغولاً بمشهد مُعين حتى يرسمه كاملاً على لوحة أو ينتهي من نحته على شكل تمثال(26)..

لنتخيل الصورة التي سيتحقق بها الوعد الذي أعطاه الرب لنا، ولنظل مشغولين بهذه الصور حتى تتحقق كاملة في العيان..

مثال

شخص كان دائم الصلاة من أجل ابن من أبنائه انغمس في حياة الخطية، صار في الرذيلة إلى أبعد الحدود..

ذات يوم كَلَمَهُ الرب بآية من سفر أعمال الرسل تقول:

"آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" (أع 16: 31)

شعر بسلطان الآية على قلبه، وَثَقَ أنها كلمة شخصية "ريما" له من الرب.. أدرك أن الرب يعده بخلاص ابنه..

انشغل الأب بهذه الآية.. في كل ليلة كان يستسقظ على صوت ابنه عائداً بعد منتصف الليل من مجالس المستهزئين فكان يتذكر الآية.. كان يطرد بها الإنزعاج من داخله..

وكان يفعل شيئاً آخراً، كان يتصور في مخيلته ابنه شخصاً آخراً له ثمر الروح من محبة وسلام وفرح..

يجتهد في دراسة الكلمة ويخدم الرب بحماس..

كان يراه بهذه الصورة فيشكر الله من أجله، ويهدأ وينام مستريحاً..

ظل الأب ينظر ابنه في مخيلته بهذه الصورة الجديدة إلى أن تحقق الوعد، وأتى الوقت الذي فتح فيه الأبن قلبه للرب.. تغيرت حياته تماماً وصار كما سبق للأب أن رآه في مخيلته.. لقد تحقق الوعد.. انتصر الإيمان..

والآن أيها القارئ..

هل استنار ذهنك بكلمات هذا الفصل وسابقة عن الإصغاء والانشغال؟..

كلاهما يدفعانك إلى علاقة حَية مع الكلمة، تقفز بحياتك إلى قمم الإيمان للتمتع العملي بمحبة الرب وقوته..

إقرأ بإصغاء.. لتفهم فكر الرب ولتنصت إلى رسائله الخاصة بك..

وإقرأ بانشغال واهتمام يناسب عظمة الكلمة واقتدارها..

إلهج بها، تأملها وصلي بها.. هكذا تختزنها في قلبك..

تحدث داود النبي في القديم إلى الرب قائلاً له:

"خبأت كلامك في قلبي" (مز119: 11)

إن كلمة "خبأت" هي ترجمة لكلمة عبرية تُطلق على تخبئة وتخزين الكنوز العظيمة(27)..

هل أدركت أن الكلمة كنز لا يُقدر بثمن؟..

وهل تعلمت أن تُصغي لها لتنشغل بها وتُخبئها في قلبك كأعظم كنز؟

حينما نختزن وعداً من وعود الكلمة في داخلنا، يعطينا الإيمان بصدقه.. لا تنس أن سماع القلب للكلمة هو الذي يجعله يؤمن بها (رو10: 17)..

وما أعظم نتائج إيمان القلب!.. كل من آمن بقلبه بوعد من وعود الكلمة، تمتع به واقعاً ملموساً.. لأن القدير ساهر على كلمته ليُجريها (إر1: 12)..

بل أكثر من ذلك!!.. هو "يُثبت الكلام [الأدق الكلمة بالمفرد] بالآيات التابعة" (مر16: 20)..

ليس لدى الرب مانع أن يصنع المعجزات معك إن كانت هناك ضرورة لكي يُحقق لك وعده..

كُن مُتيقناً، هو يُحبك جداً.. وقد أعد كل شئ من أجلك..

آمن فقط..






التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 09-30-2012, 05:17 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك

6 انتظر ولن تفشل

من التشبيهات البديعة المُعبرة التي استخدمها الكتاب المقدس لوصف الكلمة تشبيهه لها بالبذرة (مر4: 14)..

رسالة يعقوب تقول:

"اقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة أن تُخلص نفوسكم" (يع1: 21)

هل أنت في ضيقة؟.. اسمح لروح الله أن يغرس في قلبك وعداً من الكتاب عن الخلاص من الضيقة..

هل أنت مُقيد؟.. اسمح للروح أن يغرس في قلبك وعداً عن الخلاص من العبودية..

هل أنت مريض؟.. اسمح للروح أن يغرس وعداً عن الخلاص من المرض..

الوعد قادر أن يُخلصك..

تدعوك رسالة يعقوب أن تقبل الوعد بوداعة.. لقد أتت كلمة "بوداعة" في الأصل اليوناني قبل كلمة "اقبلوا"(28).. هذا يعني في قواعد اللغة اليونانية أن يعقوب يريد أن يوجه انتباه القارئ إلى كلمة "بوداعة"..

الرب يهمه جداً الطريقة التي تقبل بها الوعد.. لتكن بوداعة .. لتكن باتضاع.. لتكن بخضوع لسلطان الكلمة..

كن وديعاً متضعاً أمام الوعد.. اطرح كبرياء المنطق جانباً، ألق بالحسابات البشرية بعيداً.. ليتصاغر ويتضائل كل شئ بشري وذهني أمام صدق الوعد..

"اقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة"..

اقبل بوداعة وباتضاع وعد الكلمة.. اخضع له..

إن كلمة "اقبلوا" تعني في أصلها اليوناني اقبلوا بترحاب وتقدير(29).. وتأتي في زمن aorist imperative الذي يوحي بسرعة التجاوب urgency(30)..

إذا أعطاك الرب وعداً، انتبه إليه جيداً وتجاوب معه قبل أن تشغلك عنه اهتمامات الحياة..

قدر الوعد.. رحب به.. اقبل أن يُغرس في قلبك بلا أدنى تأخير، لا تُضيع الوقت.. لا تُعطِ إبليس فرصة أن يُشتت أفكارك..

رحب بالوعد واعلن تقديرك له.. اعلن خضوعك لما يقوله.. انحن أمام سُلطانه، ولا تسمح للشك أن يتعالى عليه..

من الغرس إلى الثمر

وكما في عالم النبات، يمضي وقت بين غرس البذار وحصاد الثمار.. هكذا الأمر مع بذار الكلمة، يمضي وقت بين قبلوها في الكلمة وبين رؤيتها تتحقق في الواقع الملموس بالحواس..

هذا الوقت هو وقت الإنتظار..

وكما هو الحال أيضاً في عالم النبات، قد يكون هذا الوقت أياماً معدودة وقد يمتد في حالات أُخرى إلى بضعة سنوات.. هكذا الوعود ليست لها أزمنة موحدة لانتظار تحقيقها..

أحياناً يتحقق الوعد في لحظة إيماننا به، كما في حالة شفاء ابن خادم الملك (يو4: 53)..

وأحياناً يتحقق خلال ساعات قليلة كما حدث مع حزقيا الملك، فقد تحقق له الوعد في نفس ليلة اليوم الذي سمعه (2مل19: 20، 35).. ومثل حالة شفاء العشرة البرص (لو17: 12- 14)..

وقد يمتد وقت الإنتظار إلى بضعة أيام مثلما حدث مع التلاميذ، نالوا الوعد بالروح القدس بعد انتظار عشرة أيام (أع2: 1)..

وقد يتطلب الأمر عدة سنوات.. تأمل على سبيل المثال داود.. لقد أرسل الرب إليه صموئيل النبي لكي يمسحه ملكاً.. وقتها أخذ داود الوعد بأن يصير ملكاً، لكنه لم يصر ملكاً فعلياً في نفس اليوم أو اليوم الذي يليه.. لقد مرت سنوات قبل أن يصل إلى العرش..

وفي بعض الأحيان يتحقق الوعد تدريجياً مع نمو إيماننا..

أياً كان الأمر فليكن لنا كل الثقة، أن الله لا يتأخر..

ضع في قلبك هذه الحقيقة أن الله لا يتأخر مُطلقاً في تحقيق الوعود.. فعندما نتمسك بإيماننا بها، سيتحقق كل وعد في وقته المناسب تماماً..

الله يقول لنا مُطمئناً قلوبنا:

"في وقته [وقت الوعد] أُسرع به" (إش60: 22)

لقد "صنع الكل حسناً [جميلاً] في وقته" (جا3: 11)

انتبه معي إلى كلمة "في وقته" في الآيتين.. لقد حدد الله ميعاداً لكل وعد أخبرك به، وبكل تأكيد لن يكون هذا الوعد أبداً حسناً وجميلاً كما في الوقت الذي حدده الله لتحقيقه..

وقت الانتظار ليس وقتاً ضائعاً.. إنه وقت لتحقيق أهداف عظمى وثمينة..

قد يجعله الرب وقتاً للتنقية ولحسم أُمور لا تزال مُعلقة في حياتنا..

وقد يكون زمناً للنضوج الروحي ولتشكيل أوانينا..

وربما لنتعلم دروساً ثمينة ليس من وسيلة أخرى لنتعلمها جيداً..

أو هو وقت لنحارب فيه العدو بهدف إذلاله وإضعافه..

وقد يكون لفترة الإنتظار كل هذه الأهداف معاً أو بعض منها.. لكنها في جميع الأحوال وقت ثمين يحدده الرب لامتحان إيماننا وتقويته، ليرتفع به إلى إيمان أعظم..

وقت لإمتحان الإيمان

الإيمان أمر ثمين جداً في علاقتنا مع الرب.. تؤكد الرسالة إلى العبرانيين هذا قائلة: "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه [إرضاء الرب]" (عب11: 6).. لذا يسمح الرب لنا بفترة انتظار لكي يمتحن إيماننا..

إقرأ معي باهتمام هذه العبارة التي ذكرها سفر المزامير عن يوسف..

"بيع يوسف عبداً.. إلى وقت مجئ كلمته. قول الرب امتحنه" (مز105: 17، 19)

إنها عبارة هامة تكشف لنا هدف وقت الإنتظار.. إنه لإمتحان الإيمان.. فمتى ظهر إيمان يوسف؟ أليس عندما اجتاز ظروفاً بالغة القسوة كانت بحسب العيان تسير به بعيداً عن وعد الله له بالمجد؟.. ألقاه إخوته في البئر.. اتُهِمَ ظُلماً واُلقي في السجن.. جاز ظروفاً صعبة مدة ثلاثة عشر عاماً.. لكنه ظل مُتمسكاً بالوعد برغم العيان المُضاد، وهكذا ينبغي أن تكون أنت.. وقت الإنتظار هو وقت لإمتحان إيمانك.. لا لكي تفشل.. كلا ليس هذا قصد الرب.. "الله لم يُعطنا روح الفشل" (2تي1: 7).. إذا سمح الله أن يُمتحن إيمانك فهذا لكي يتزكى..

امتحان الإيمان ليس أمراً ضدك.. كلا، بل لأجللك، لفائدتك.. الرسول يشرح مؤكداً أن امتحان الإيمان هدفه تزكية إيمانك وليس إصابتك بالهزيمة والإعياء، يقول:

"لكي تكون تزكية إيمانكم وهي أثمن من الذهب الفاني مع أنه يُمتحن بالنار" (1بط1: 7)

تأمل كم تكون فرحة المنقبين عن الذهب حينما يمتحنون بالنار عينة من منجم جديد ويجدونها ذهباً حقيقياً!!

وفترة الإنتظار بما يجري خلالها من أحداث هي هذه النار التي يسمح بها الرب لامتحان إيماننا.. لنفرح لأنها ليست لإيذائنا بل لازديادنا قوة، إنها تُظهر بوضوح مجد إيماننا الأثمن من الذهب.. تقول رسالة يعقوب:

"احسبوه كل فرح يا أخوتى حينما تقعون في تجارب متنوعة. عالمين أن امتحان إيمانكم يُنشئ صبراً. وأما الصبر فليكن له عمل تام" (يع1: 2-4)

يقول هذا المقطع ثلاثة أمور:

حينما تأتي علينا التجارب، فلنحسبه كل فرح..

امتحان الإيمان يُنشئ صبراً..

ليكن لهذا الصبر عمل تام..

احسبوه كل فرح

هل أحزنتك التجارب؟ هل تشك في أمانة الرب؟.. الأمر لامتحان إيمانك، لا لتفشل، بل ليظهر إيمانك أنه من الرب.. الروح يقول لك احسبه كل فرح..

إن كنت الآن مُكتئباً لأن وعود الرب لم تتحقق معك.. قُم حالاً من هذه الخطية، أطع الروح.. احسبه كل فرح.. قاوم الحزن إن كنت قد استسلمت له، وسبح تعبيراً عن الفرح فهكذا يتزكى إيمانك..

الامتحان يُنشأ صبراً

أيها الحبيب، انظر، يعقوب لم يقل أن امتحان الإيمان سيُنشئ فشلاً.. كلا، بل سيُنشئ صبراً..

إن كلمة صبر في اللغة العربية لا تُعبر بدقة عن معناها الغني في الأصل اليوناني الذي كُتب به العهد الجديد.. الكلمة هي "hypomone" "هيبومون" وهي تعني: “to stay behind” و "standing fast".. أي أن تبقي ثابتاً بعد رحيل الآخرين(31)..

هل تُريد أن تفهم هذا المعنى؟.. ارجع معي إلى سفر صموئيل الثاني الأصحاح الثالث والعشرين.. اقرأ عما فعله شمة أحد ابطال داود.. لقد هرب كل الشعب أمام العدو أما شمة فلم يتراجع.. لم يخف مع أنه بقي وحيداً، كان يثق أن الرب معه.. وقف في ارض المعركة "فصنع [به] الرب خلاصاً" (2صم23" 12)..

لقد بقي شمة ثابتاً رغم تراجع كل المُعضدين.. هذا هو الصبر "الهيبومون" الذي ستُعطيه لك التجارب.. قوة للثبات والتحمل، حتى لو تراجع الذين كانوا يشجعونك من قبل..

هللويا.. فترة الإنتظار لن تخلق في فشلاً بل ثباتاً وصموداً، شجاعة وثقة..

وكلمة "هيبومون" تعني أيضاً التوقع والإنتظار(32).. ولقد أتت الكلمة في الترجمة السبعينية للعهد القديم ترجمة لكلمة عبرية تُشتق من فعل "------" “qâvâh” كما في مزمور 62..

يقول داود:

"لأن من قِبله [قِبل الرب] رجائي [توقعيmy expectation (KJV) ]" (مز62: 5)

وفعل “qâvâh” الذي تأتي منه كلمة توقعي يعني حرفياً يربط شيئين معاً “to bind together by twisting”، ولذا ترجمت كلمة توقع أيضاً بمعنى حبل مجدول(33)..

هذا هو معنى الصبر.. إنه التوقع، أن ترتبط بالوعد الذي تتوقع حدوثه ارتباطاً وثيقاً فتُصبح معه كالحبل المجدول فيصير جزءاً منك وواحداً معك..

لنتهلل، فتجارب فترة الإنتظار هي لامتحان الإيمان.. لا لتُنشئ فينا الفشل بل هذا الصبر "الهيبومون" الذي يتوقع وينتظر الخلاص، ويجعلك تلتصق بالوعد.. ستزيد التجارب من ثبات توقعك للوعد وارتباطك به، ستجعله جزءاً لا يتجزأ منك..

أيها الحبيب، فترات الانتظار ليست مُطلقاً للفشل، بل لكي يتزكى إيماننا.. لنتذكر كلمات رسالة يعقوب: "احسبوه كل فرح" (يع1: 2).. إنها فترة مجيدة لها هدف ثمين، أن يظهر بوضوح الإيمان الذي بذره الرب فينا..

ليكن للصبر عمل تام

تنبهنا رسالة يعقوب: "وأما الصبر [الهيبومون، الثبات والانتظار والتوقع] فليكن له عمل تام" (يع1: 4).. أي يستمر إلى أن يتحقق الهدف(34)..

ضع في قلبك أن تظل ثابتاً، منتظراً ومتوقعاً حدوث الوعد.. تذكر أن هذه هي مسئوليتك أن تقاوم الاندفاع البشري، وأن تنتظر الرب ليكون لصبرك عمل تام..

لا تستصعب الأمر، فأنت لست وحيداً.. الروح القدس "المُعزي" يقف بجوارك يُعين ضعفك (رو8: 26) يشددك ويُشجعك، ويُعطيك القوة الكافية إلى النهاية..

ليس قصد الله أبداً أن تفشل، بل أن تنال الوعود.. "لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد" (عب10: 36)..

لقد فَقَدَ شاول مُلكه لأنه لم يضع في قلبه أن يكون لصبره عمل تام وأن ينتظر إلى النهاية.. لم يطلب قوة من الرب "إله الصبر" (رو15: 5)، الإله الذي يعطي الثبات والانتظار والتوقع.. لم يتشدد بالرب، فماذا حدث له؟..

لنقرأ القصة معاً.. لقد أعطاه صموئيل النبي وعداً أنه سيأتي إليه.. وانتظر شاول سبعة أيام لكن صبره لم يكن له عمل تام.. رأى الشعب يتفرق عنه بسبب الإنتظار، فانزعج ولم يطلب الرب ولم يتقو به.. تسرع مُندفعاً بعمل بشري غير إيماني بدلاً من الإنتظار..

وماذا كانت النتيجة؟.. سقط في خطأ أحمق أفقده المُلك.. أيها الحبيب، احذر الإندفاع والقرارات الهوجاء حينما يُحاربك إبليس بالملل من الإنتظار، تمسك بإيمانك بصدق الوعود.. تذكر كلمات سفر إشعياء "من آمن لا يتسرع “act hestily (KJV)” (إش28: 16)..

ومتى اندفع شاول؟ لنتأمل التوقيت.. لقد تصرف بحماقة بينما كان صموئيل النبي قادماً إليه في الطريق، وعلى مسافة قصيرة جداً منه.. سقط عندما كان الوعد على وشك أن يتحقق (1صم13: 10)..

عادة ما تشتد حروب الشك حينما يشعر إبليس أن وقت تحقيق الوعد قد آن.. إنه يبغضك جداً ولن يقبل أن يتنازل بسهولة عن فرصته الأخيرة..

ثق أنك أقوى منه بكثير.. ثق في إلهك.. انتظره.. سيُعطي لصبرك أن يكون له عمل تام.. سيُزكي إيمانك.. سيجعل انتصاره عظيماً، لقد دعاك أن تكون أعظم من مُنتصر (رو8: 37)..

اعتمد على أمانته، قُل له مثل إرمياء:

"كثيرة [عظيمة Great(KJV) أمانتك" (مرا3: 23)

بكل تأكيد سيُحقق الرب وعده معك.. كل وعد في وقته المناسب، ليس قبل، وليس بعد..

وقت لتقوية الإيمان

وقد يسمح الرب للظروف أن تسوء وللصعوبات أن تتضخم لكي يرفع إيمانك إلى مستوى أعلي يتناسب مع هذه التحديات..

لننظر إلى إبراهيم.. لقد أعطاه الرب وعداً عظيماً بأن نسله سيكون كنجوم السماء في الكثرة (تك12: 2).. وقتها كان جسد إبراهيم غير قادر على الإنجاب (تك16: 4)..

لكن الرب لم يحقق وعده، بل انتظر إلى أن صار جسد إبراهيم غير قادر مُطلقاً على الإنجاب.. آنذاك تراءى له وأسمعه هذه الكلمات العظيمة "أنا الله القدير.. سارة أمرأتك تلد" (تك17: 1، 19)..

لقد انتظر الرب لكي يُعطي لإبراهيم هذا الإمتياز، أن يمتلك أعظم مستوى للإيمان.. الإيمان بالقيامة، بحياة تخرج من الموت.. لقد شهد الوحي لإيمانه "آمن به [أي آمن إبراهيم بالله] الذي يُحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة.. وإذ لم يكن ضعيفاً في الإيمان لم يعتبر جسده وهو قد صار مُماتاً.. ولا بعدم إيمان إرتاب في وعد الله بل تقوى بالإيمان مُعطياً مجداً لله" (رو4: 17، 19، 20)..

أيها الحبيب، قد ينتظر الرب لتتعقد الأمور وتصعب المشاكل، لكن لا لتفشل بل لكي يُعطيك إيماناً أعظم.. إيماناً يُمجده بوضوح..

وقت للتنقية

قد يتأنى الرب في تنفيذ وعد أو أكثر من وعوده إذا وجدنا مُستسلمين لخطية ما.. ينتظر حتى يرى فينا موقفاً واضحاً منها..

هو يُحبنا ويهمه قداستنا قبل أي أمر آخر..

في وقت انتظارك لتحقيق الوعد، سيُحدثك بوضوح عن هذه الخطية..

فقد يكون بداخلك اتجاه عدائى تجاه أحد الإخوة، ولم تأتِ بعد إلى الرب بهذا الإتجاه ليُزيله منك..

وقد يكون سبب تأخر الوعد أنك لست أميناً، في أمورك المالية أو في أحاديثك مع الناس..

وربما السبب هو وجود خطايا عاطفية أو جنسية لا تُقاومها..

وقد يُشير الرب إلى سوء مُعاملتك لزوجتك أو أولادك (1بط3: 7)..

وهكذا فقد يكون توقيت تحقيق الوعد في إنتظار حسمك لأمور مثل هذه.. كي ترفض خطاياك وتعترف بها، وتأخذ موقفاً واضحاً منها..

تذكر ما حدث مع يعقوب.. لقد وعده الرب أن يعيده سالماً إلى أرض آبائه.. لكن متى تحقق هذا الوعد؟.. أليس بعد أن نقى يعقوب أُسرته من تماثيل الآلهة (تك35: 4)؟! وأليس بعد أن تخلص هو نفسه من اعتماده على قوته البشرية (تك32: 22-29)؟!

قد يسمح الرب بفترات الإنتظار لنكتشف ما بنا من قلق وتوتر وغضب بشري واعتماد على الذات، ولجوء إلى الطرق البشرية الملوثة بخطايا الكذب والتملق والخوف.. ليرينا النتائج السيئة لهذه الخطايا، وليُقنعنا بعدم جدوى طرقنا البشرية الآثمة.. سينتظر الرب حتى نأتي إليه معترفين بهذه الخطايا، مُجاهدين ضدها ومُصممين أن يكون اتكالنا كاملاً على وعوده، وعلى نعمته الغنية..

أيها القارئ الحبيب، إنها الفرصة الآن لتتوقف عن القراءة، وتحنى رأسك في حضرة أبيك السماوي.. وتعترف له بهذه الخطايا، وتطلب منه أن يُحررك منها..

سيدي،

توبني فأتوب..

لتكن جلستي معك الآن لآخذ منك قوة أقف بها ضد هذه الخطايا، فلا أعود استلم لها..

بل أقاومها.. وأقاومها..

إنني أحبك، وأريد أن أخضع لك..

حينما تتكلم مع الرب بصراحة وتقول له كل شئ فهو يُنقيك..

سيحاول ابليس أن يستخدم الأحداث في وقت الإنتظار لكي يغربلك (لو22: 31)، بالطبع هو لا يهدف إلى تنقيتك بل ليزيل منك الحنطة.. ليحرمك من امتيازاتك الثمينة كالتمتع بالشركة مع الرب والإمتلاء بالسلام والقدرة على الصفح والعطاء.

تمسك بالرب، ولن يسمح للعدو أن ينال مقصده.. الرب يطمئنك بكلماته العظيمة "حبة [حنطة واحدة] لا تقع على الأرض" (عا 9:9)..

مبارك الرب.. مبارك الرب، في حبه ونعمته، سيستخدم الأحداث للهدف المضاد تماماً لهدف إبليس.. لكي يزيل منك التبن (مت3: 12)..

الرب يُنقيك "كالذهب والفضة" (ملا3:3)، ليُخلصك من أي رياء أو مظاهر خادعة كما من أسلحتك الجسدية العاجزة.. وكذلك لينزع منك كل خشب وعشب وقش (1كو3: 12)، الأمور التي تخلو من قيمة حقيقة..

الرب بنفسه يُنقينا .. وهو يُنقينا لهدف عظيم، أن يجعلنا مثمرين أكثر (يو15: 2)، ليستخدمنا لمجده على نحو أعظم وأعظم..

وقت لتشكيل الوعاء

طلب الرب من إرميا أن يذهب إلى حيث تُصنع أوعية الفخار.. هناك رأي الفخاري وهو يشكل بأصابعه كتلة من الطين موضوعه فوق قُرص يُديره بقدميه..

وسمع إرميا تفسير الرب لما رآه "هوذا كالطين بيد الفخاري.. هكذا أنتم بيدي" (إر18: 5)..

هل تريد أن يُهذب الرب طباعك ويعيد تشكيل شخصيتك إلى الأفضل؟ اطلب منه هذا.. قل له: أنا في يدك ككتله من الطين، افعل بي ما تُريد.. هو الفخاري المدهش سيدير بحكمته قُرص الظروف المحيطة بك، مرات ببطء ومرات أخرى بسرعة.. ثم بتدخلات مباشرة من أصابعه الفائقة المهارة سيُكمل ما تفعله الظروف معك، ليشكلك وعاءً نافعاً لخدمته..

قد يستخدم الرب فترات انتظار الوعود، وما يقع خلالها من أحداث وما تحمله لك من آلام، وما قد تمر به من حروب في تشكيل وعائك إلى وعاء أعظم.. سيضغط عليك بأصابعه أحياناً ليزيل بروزات موجودة فيك مثل العناد والاحتداد والغضب، وفي أحيان أُخرى سيستخدم أصابعة الرقيقة، ليلمس بها داخلك بحنان شديد ليُخفف من مُعاناتك وليملأك بتعزيات الروح..

فترات الانتظار قد يستخدمها الرب ليشكلك تدريجياً وفي العمق، ليجعلك وعاءً أعظم من ذي قبل.. وعاءً سلساً في انقياده بالروح، قادراً على تمييز الأمور.. وعاءً أكثر لُطفاً وأرق شعوراً في علاقته مع الآخرين..

الرب بنفسه يشكلك لكي يستخدمك، يعمل أولاً فيك لكي يعمل بك.. "نحن عمله" (أف2: 10).. ما أروع هذا جداً أن أقول لنفسي وسط التجارب إنني عمل الرب.. هو يشكلني لكي يستخدمني..

نعم، قد لا يتحقق الوعد في الحال، وقد تستمر الآلام بعض الوقت، لأجل هذا السبب العظيم، أن الفخاري الحكيم لم ينته بعد من تشكيل الوعاء..

سيدي،

خزف أنا بين يديك..

استخدم كل الأحداث..

جميعها، المُشجع منها، والمؤلم أيضاً..

استخدم الكل لتشكلني وعاءً..

يصلح لخدمتك..

وعاءً يمتلئ بروحك..

يشهد لحبك ولنعمتك..

وعاءً للكرامة.. وللمجد..

وقت لاستيعاب الدروس

عادة ما يستخدم الروح القدس الأحداث التي تتخلل وقت الانتظار ليحفر على صفحة قلب المؤمن حقائق روحية غالية..

أخذ داود وعداً من الرب أن يصير ملكاً على شعبه..

وانتظر داود تحقيق الوعد.. وفي زمن الانتظار تعرض لاضطهاد قاسٍ.. هرب واختبأ في مغارة.. اجتاز أوقات عصيبة.. لكن لولا هذه الأوقات ما انغرس في قلبه وبهذا العمق حقيقة اقتراب الله الشديد لأولاده ومساعدته العجيبه لهم (2صم22: 3)..

وحقيقة نعمته الغنية، أنه يغفر ويصحح الخطأ ويرفع الضعف ويسدد كل الاحتياجات.. لولا هذه الأوقات ما استطاع داود أن يُسجل لنا كلاماته العظيمة مثل: "عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك تُلذذ نفسي" (مز94: 19)، و"إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي، (مز32: 4)..

أيها الحبيب، هل تريد أن يستخدمك الرب بقوة؟.. كل الذين استخدمهم بقوة كان لديهم الاستعداد أن يدخلوا مدرسته وأن يتعلموا منه في فترات الانتظار والاختفاء..

اُنظر إلى حياة موسى.. قبل أن يستخدمه الرب في قيادة شعبه علانية، قاده إلى برية سيناء ليُعلمه في فترة الانتظار أعظم وقت ان الرعاية وما تتطلبه من إنكار ذات وتحمل وعدم اندفاع (خر2)..

وكذلك إيليا، قبل أن يقوده للقضاء على أبناء البعل، انفرد به ليُعلمه علمياً دروس الاعتماد الكامل على عنايته.. إن الرب يسدد كل احتياج سواء بالطرق العادية أو الخارقة (1مل17).. كما أرسله للاختلاء في بلاد صيدون التي يملك عليها أبو إيزابل عدوته اللدودة، لكي يُعلمه دروس الشجاعة..

إن وقت انتظار الوعود هو وقت ثمين لامتحان الإيمان ولتقويته.. لتنقية النفس ولتشكيل الوعاء.. وهي أيضاً لاستيعاب الدروس الثمينة..

هل تحدث إليك الرب وأعطاك وعداً للتحرير أو الشفاء أو تسديد احتياج معين؟.. "انتظر الرب.. ليتشدد وليتشجع قلبك وانتظر الرب" (مز27: 14).. وإن بدا لك أن الوعد قد تأخر، تذكر كلمات الرب إلى حبقوق "إن توانت [إن بدت متأخرة] فانتظرها لأنها ستأتي إتياناً ولا تتأخر" (حب2: 3)..

لا تستسلم للإحساس بالملل والفشل.. كُن مُتيقظاً فوقت الانتظار هو وقت للتقوية "أما منتظرو الرب فيُجددون قوة" (إش40: 31)..

إن كلمة "منتظرو" هي بالعبرية "qâvâh" التي رأينا من قبل أنها تشير إلى الالتصاق والاتحاد(35)..

هل تريد أن تتحرر من الضعف في وقت الانتظار، هل تريد أن تتجدد قوة؟.. التصق.. انشغل.. سيُحررك انشغالك به من الخوف والقلق..

وقت الانتظار هو وقت انشغال بالرب، وبالوعد.. ولنحذر ما فعله بعض تلاميذ الرب (يو21: 3- 7) الذين ذهبوا إلى الجليل حيث وعدهم الرب أن يُقابلهم هناك، ولكن بدلاً من أن ينشغلوا بانتظاره رجعوا إلى طرقهم القديمة وانشغلوا في صيد السمك!!

كان هروباً من الانتظار أفقدهم الحرارة الروحية.. وفشلوا في أن يصطادوا سمكة واحدة.. وظهر لهم الرب ولم يقدروا أن يُميزوا شكله مع أنه لم يكن بعيداً عنهم، فقد فقدوا الرؤية الروحية..

أيها الحبيب، في وقت الانتظار احذر أن لا تنشغل بالرب.. احذر أن تنغمس في أمور تعطل شركتك معه.. كن حذراً كي لا تفشل وتقفد رؤيتك..

الرب يحبك جداً.. انشغل به.. وأبداً لن تفشل..






التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 09-30-2012, 05:20 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك

7 اسلب العدو

وقت الانتظار هو وقت المعارك المنتصرة على مملكة إبليس.. سيُحاربنا العدو لكي نثق أنه لن يقدر علينا.. لنثق أن المعارك ستُزيدنا مجداً وقوة، وستزيد مملكة إبليس تخبطاً وإنهياراً..

انتظر داود تحقيق وعد الله له بأن يصير ملكاً، وذكر الوحي عن فترة الانتظار "وكانت الحرب طويلة بين بيت شاول [قوى الظلمة] وبيت داود وكان داود يذهب يتقوى وبيت شاول يذهب يضعف" (2صم3: 1)..

أشكرك أبي السماوي، باسم ابنك يسوع لأن هذا سيحدث معي، ومع كل من ينتظر وعودك واثقاً فيك..

ستزداد قوة.. وسيضعف العدو..

معارك منتصرة

إبليس هو أشر سارق (يو10:10)..

سيُحاول أن ينتهز وقت إنتظارك للوعد ليسرق منك أثمن ما تمتلك.. سلامك وطمأنينتك وثقتك في إلهك..

سيبذل إبليس كل جهد لكي يُصيبك بالخوف والقلق، وسيُحاول جاهداً أن يملأ ذهنك بأفكار تتهم الرب بأنه لا يُبالي بك وأنه غير صادق في وعوده..

وسيجتهد أن يُحرك الأحداث في إتجاه يوحي بأن فرص تحقيق الوعد تتضاءل مع الوقت.. وربما ينجح في إستخدام المُحيطين بك ليتحدثوا بكلمات تُزيد عليك حروب الشك..

كم يُبغضك العدو، وكم يريد أن يحرمك من السلام!!

وماذا يفعل له الرب؟

في بعض الأوقات يمنعه، وأحياناً أُخرى يسمح له.. وقد تكون المعارك شديدة وشرسة!!

أيها القارئ، اطمئن، لن يسمح الرب أبداً لهجمات العدو أن تدمرك.. مُطلقاً لن يسمح له أن يُحاربك فوق طاقتك.. "لكن الله أمين الذي لايدعكم تجربون فوق ما تسطيعون" (1كو10: 13)..

آه، كم هو مُعزي جداً أن نعرف أن أمورنا في يد من يُحبنا بلا حدود.. وأن كل شئ يحدث معنا محسوب بدقته البالغة ليكون في النهاية لمنفعتنا.. ما أعظم هذه الحقيقة: "كل الأشياء [بما فيها هجمات ابليس] تعمل معاً للخير للذين يُحبون الله" (رو8: 28)..

كم هو مُعزي جداً أن ندرك أن "القتال إنما من الله" (أخ5: 22)، وأن "الحرب للرب" (1صم17: 47)..

أعطى الرب موسى وعداً أنه سيُحرر الشعب، وسيُخرجه من مصر أرض العبودية والمذله، وانتظر موسى وقت تحقيق الوعد.. وكان وقتاً للحرب..

حاربه فرعون الذي يُمثل إبليس حروباً شرسة، استخدم فيها وسائله المتنوعة، الدهاء والمكر (خر10: 11، 24) والتهديد والعنف (خر5: 6- 11).. حاول أن يُصيب موسى بنفاذ الصبر ليدفعه أن يتصرف بعيداً عن خطة الرب..

وترك الرب فرعون يتحرك وراء الشعب بكل مركباته، لكن هل لينتصر؟ هل ليجعل موسى يُخطئ؟.. على العكس تماماً، لكي تكون الفرصة ليُغرق فرعون وكل قواته في أعماق البحر..

أيها الحبيب، إذا سمح الرب للعدو أن يُحاربك في فترة انتظارك للوعد، فالهدف ليس إضعافك أنت بل إضعاف العدو، وسحقه تحت قدميك..

با له من وعد!! "إله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعاً" (رو16: 20)..

يا له من وعد!! المعارك مع العدو هي لإنهاكه، لإضعاف مملكته، لسحقه.. وأيضاً لسلب أمتعته.. ليتحول مجهوده لمنفعتنا.. هللويا.. هللويا..

مجهود العدو لنا

هكذا فَهِمَ رجل الإيمان كالب بن يفنه فقال عن معاركه مع بني عناق: "لأنهم خُبزنا" (عد14: 9)، أي أنه بحربه معهم سيتغذى وسيتقوى (انظر مزمور74: 14)..

لنثق أننا في حروبنا مع العدو سنختبر ما حدث مع أسباط رأوبين وجاد ومنسى في قتالهم مع الهاجريين... لقد "سكنوا مكانهم" (1أخ5: 22)..

لقد سكنوا مكان الأعداء.. هذا ما سيحدث معك، الأمور التي فعلها العدو ستصير لخيرك، ولازديادك في البركة.. سيخسر العدو أرضه وستكسبها أنت.. أي مجد هذا!!

كيف نحارب؟

أمران هامان جداً للانتصار:

تحدث إلى نفسك بكلمات الإيمان..

رد العدو بسيف الروح..

تحدث إلى نفسك

حينما تشتد عليك المعارك تحدث أكثر إلى نفسك عن أمانة الرب، ذكرها بكل ما فعله معك من قبل.. هذا يُقوي إيمانك، ويجعلك أكثر قدرة على الصمود أمام هجمات العدو..

انظر إلى داود.. ماذا فعل حينما هجم عليه إبليس بهجمة شرسة مُستغلاً ثورة أبشالوم العنيفة؟.. لقد تحدث إلى نفسه بكلمات تبني إيمانه وتقضي على أي أفكار شك حاول العدو أن يجعلها تستقر في ذهنه.. اسمعه معي وهو يتحدث إلى نفسه قائلاً:

"إنما لله انتظري يا نفسي..

إنما هو صخرتي وخلاصي ملجأي فلا أتزعزع..

على الله خلاصي ومجدي صخرة قوتي محتماي في الله" (مز62: 5-7)

تأمل كم يمتلئ حديثه إلى نفسه بكلمات الثقة في أمانة الرب، وفي تدخله المؤكد.. انظر كيف يتحول لنفسه "فلا أتزعزع".. انظر كيف يتحدث إلى نفسه عن المجد وهو في قلب الخطر!!

أيها القارئ، سيُحاول العدو أن يجعلك تركز على العيان.. لا تطعه أبداً.. إن نظرت إلى الظروف مرة، انظر إلى الوعود ألف مرة.. تحدث بها إلى نفسك.. تأملها بعمق، ستزيد من طمأنينتك ومن ثباتك في القتال..

رد العدو بسيف الروح

في الإصحاح السادس من الرسالة إلى أفسس يُحدثنا الرسول بولس عن هذا الجزء الهام من السلاح الذي نستخدمه مع العدو..

"خذوا سيف الروح الذي هو كلمة الله" (أف6: 17)

إنه السيف.. إنه الكلمة..

وهو سيف ذو حدين (عب4: 12).. سيف يطعن في كل اتجاه..

وكلمة سيف هي ترجمة للكلمة اليونانية máchaira "ɑǫɩaγάμ" ومعناها سيف قصير أو خنجر(39)..

لماذا السيف صغير الطول؟.. إنه يُستخدم للإلتحام المباشر مع العدو عن قرب.. الروح القدس يُشجعنا ألا نخاف من إبليس، فهو أضعف منا.. الروح القدس يُشجعنا أن نقترب منه بشجاعة وأن نتعامل معه بخنجر الروح.. أن نطعنه طعنات خارقة بالغة الأذى، ونفعل مثل إهود رجل الله في القديم..

استخدم سيفاً قصيراً وطعن به عجلون الملك الذي كان سميناً جداً.. لقد غرس سيفه في شحم بطن هذا الملك الشرير (قض3: 15-22)..

يا له من رمز!! الشحم يتحدث عن طاقة إبليس.. الرب يريدك أن تستخدم الكلمة خنجر الروح لكي تهدر به طاقة العدو، وتجعلها كلا شئ..

هل يهاجمك العدو بأفكار تشكك في الوعود؟ هل يُحاول أن يوهمك بأنك تتبع السراب؟.. هيا أعلن له الكلمة، اعلن له الوعد.. أنت تطعنه بخنجر الروح وفي كل اتجاه.. أنت تؤذيه أشد الأذى..

هل يُحاول أن يضع في ذهنك أي فكرة تُشكك تحقيق وعود الكلمة؟.. اصرخ فيه مُردداً آية مناسبة أو أكثر مٌضاده لما يقوله لك، وافعل مثل الرب يسوع.. اسمعه الآية مسبوقة بهذه الكلمة العظيمة التي يعرف سلطانها عليه جيداً.. إنها كلمة "مكتوب" (مت4: 4،6،10)..

وقد يُعاود العدو الهجوم، فهذه طبيعته..

اثبت.. اثبت في المعركة، وبنفس السلاح.. خنجر الروح..

دعه يسمع منك الكلمة.. إنها تطعنه.. هذه فرصة جديدة لإضعافه وإهدار طاقته..

تشدد وتشجع.. ها هو الروح القدس يُشجعك بهذه الكلمات الذهبية المُسجلة لنا في سفر الرؤيا: "وهم [أي المؤمنون] غلبوه [إبليس] بدم الخروف وبكلمة شهادتهم" (رؤ12: 11) لماذا، كلمة شهادتهم وليس كلمات شهادتهم.. الكلمة بالمفرد تعني كلمة الله.. هللويا، لن نغلب العدو بكلماتنا الخاصة، بل بالكلمة.. بالآيات التي تسبقها بكلمة "مكتوب"..

اشهد أمام إبليس بالكلمة، بالوعود التي تنقض أكاذيبه..بكل تأكيد ستغلبه، وستُصيبه بالأذى..

ارفع صوتك الآن وقُل: أنا غالب إبليس بدم يسوع..أنا غالب إبليس بالوعد الذي أعطاه لي الرب.. أنا غالب في المسيح يسوع..

ولا تنس هذه الحقيقة الهامة أن كلمة الله هي سيف [خنجر] الروح القدس، فعندما ترد على قوات الظلمة بآية تنطقها بفمك فأنت تُعطي للروح خنجره لكي يطعنها به..

الروح القدس سيمسح كل آية تنطق بها لمهاجمة العدو.. سيمسحها بمسحة قوة تؤذيه جداً..

وهكذا، فباستمرار المعارك سيزداد العدو في العجز.. هللويا، ستزداد أنت في القوة بسبب شركة الروح القدس معك في القتال..

قصة

شخص يحيا مع الرب، عانى لسنوات من علاقتة مع زوجته.. صلى باهتمام من أجل هذا الأمر.. أعطاه الرب وعداً من كلمته بأنها ستصير له "معينة" (تك2: 18) و"ينبوعاً مباركاً" (أم5: 18) و"كرمة مثمرة" (مز128: 3)..

بدأ يقضي وقتاً منتظماً مع الرب، يترك نفسه لنوره ليُظهر له أخطاءه.. أصر أن يُزيل من جهته أي عائق أمام تحقيق الوعد..

في نور الرب اعترف بخطايا الإدانه والاحتداد ونقص اهتمامه بزوجته..

إلا أن المشاكل لم تتوقف، بل زادت وبصورة مزعجة..

فَهِمَ أنه هجوم من العدو، يُريد أن يُفقده الأمل..

دَخَلَ المعركة..

استخدم خنجر الروح..

كلما حدث شئ مزعج مع زوحته انتهر العدو وقاومه شاهداً أمامه بكلمات الكتاب التي وعده بها الرب..

بدأ إيمانه يرتفع تدريجياً، وشيئاً فشيئاً أخذت قوة العدو تجاهه في التضاؤل..

وتحقق الوعد.. فالإيمان لا ينهزم.. صارت علاقته مع زوجته بحسب قصد الله.. أُسرة تحيا الوحدة والحب وتتمتع بالبركة..

أشكرك أبي السماوي، من أجل سيف الروح، كلمتك الحية الفعالة..

لأن به لنا الانتصار، ولإبليس الهزيمة.. به لنا المجد والارتفاع، ولعدونا الخزي والهوان..

أشكرك لأن وعودك ستتحقق، ولأننا سنزداد في القوة..

فالدم الثمين يحمينا..

وروحك القدوس يعمل فينا..

نشكرك لأننا في المسيح أعظم من منتصرين..

الهجمات غير العادية

في وقت انتظار الوعود، قد يسمح الرب بأن تتعرض إلى هجمات شرسة من العدو، غير عادية في الكم أو الكيف.. فقد تكون غير متوقعة أو مُكثفة أو مُتتابعة ُمتلاحقة.. ولكن عادة لا تستمر هذه الهجمات طوال وقت الانتظار بل فترات محدودة منه فقط..

وللرب قصد من اجتيازنا في هذه المعارك، وهو يُحبنا ولن يسمح لنا أن ندخل في قتال ليس لمنفعتنا..

لنثق كل الثقة في أمانته وصلاحه.. لنثق أنه سيُحول كل مجهود إبليس ليصير لفائدتنا..

سنسلب العدو.. وسيتحول مجهوده لفائدتنا..

قد تأتي من أبواب غير متوقعة.. أشخاص أو أماكن أو مناسبات لا يخطر على ذهنك أن يستخدمها العدو..

هذا ما حدث مع آسا.. لقد فاجأه جيش قوامه مليون جندي قَدُمَ عليه من مكان غير متوقع، من الحبشة في أقصى الجنوب (2أي14)..

وقد تأتي الهجمات بطريقة مُكثفة عبر أحداث متنوعة أو من خلال شخصيات مختلفة، تجتمع معاً في وقت واحد..

هذا ما جرى مع يهوشافاط إذ هاجمته ثلاثة جيوش قوية في آن واحد..

وقد تأتي متلاحقة.. نهاراً وليلاً، ولا تُعطيك فرصة للراحة..

هذا ما تعرض له بولس الرسول وهو في مدينة أفسس.. قام عليه أعداؤه كالوحوش يريدون قتله، ظلوا يُهددونه أياماً متتالية (1كو15: 30) لكي يضعف أمله في الحياة.. يصف لنا بنفسه هذه الحرب قائلاً: "أننا تثقلنا جداً فوق الطاقة" (2كو1: 8)..

الهدف

في حبه العجيب وحكمته الفائقة يسمح الرب لك أن تدخل هذه المعارك لهدف سام جداً وهو أن تتعلم عملياً أنك لا شئ في ذاتك.. وأن النصرة هي بكاملها منه..

أمام الهجوم غير المتوقع عرف آسا حقيقة نفسه أنه بلا قوة في ذاته.. تأمل معي صلاته: "أيها الرب ليس فرقاً عندك أن تساعد الكثيرين [في العدد] ومن ليس لهم قوة [أي مثلي]" (2أي14: 11)

ويهوشافاط أدرك أمام الهجوم المكثف أنه إناء خزفي ضعيف جداً في ذاته.. لقد صلى هو أيضاً قائلاً: "ليس فينا قوة.. ونحن لا نعلم ماذا نعمل" (2أي20: 12)

وبولس أمام الهجوم المتواصل في أفسس عبر عن تخليه عن ذاته فقال: "كان لنا في أنفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على أنفسنا بل على الله الذي يقيم الأموات" (2كو1:9)

أيها الحبيب، إذا سمح لك الرب أن تواجه هذه الهجمات غير العادية فهذا لكي يعلمك الكثير عن ضعفك الذاتي، فتفهم اختبارياً حاجتك إلى النعمة، وتتعلم أن تكتفي بها..

هي هجمات قد تكون متوقعة أو مكثفة أو متتالية.. نعم، ولكنها في قصد الرب أمواج تُلقيك عليه، صخر الدهور.. لتفقد اعتمادك على ذاتك تماماً ولتعتمد عليه بالكامل..

ها هو آسا بعد أن أدرك ضعفه نسمعه يقول للرب: "باسمك قدمنا على هذا الجيش [المليون] أيها الرب أنت إلهنا.. لا يقو عليك إنسان" (2أي14: 11)..

ويهوشافاط مثله ينادي الرب قائلاً: "نحوك أعيننا" ثم يوجه نداءه إلى جيشه "آمنوا بالرب إلهكم فتأمنوا" (2أي20: 12،20)..

وبولس في ضعفه اتجه للاتكال على النعمة الغنية.. على الإله الذي يصنع المعجزات.. "كان لنا في أنفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على أنفسنا بل على الله الذي يقيم من الأموات" (2كو1: 9).. وكم كان رائعاً وهو يعتمد على النعمة الغنية أن يدرك قيمة صلوات المؤمنين من أجله.. فقد كتب لهم بعد انتصاره قائلاً: "وأنتم أيضاً [كنتم] مساعدون بالصلاة" (2كو1: 11)..

الرب يعطي انتصارات مجيدة

هل أعطاك الرب وعداً من كلمته يتعلق بظروفك الحالية؟.. هل أنت في فترة انتظار، وترى إبليس يحاربك بضراوة؟.. هل ترى أن ما حولك يتحرك في اتجاه إصابتك بالإحباط واليأس؟.. هل تشعر بالألم ؟.. هذه هي الحرب الشرسة التي أحدثك عنها.. إنها أولاً لتدرك عمليا كم أنت ضعيف إلى أقصى حد في ذاتك.. ولتدرك ثانياً أن قوتك هي في اعتمادك المطلق على أمانة الرب وعلى نعمته..

أيها الحبيب، لا يضعف قلبك فالرب معك.. انظر الرسول بطرس يطمئننا قائلاً: "إله كل نعمة.. بعد ما تألمتم يسيراً [لمدة قصيرة] هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم" (1بط5: 10)..

لنقل بإيمان: الرب يكملني، الرب يثبتني، الرب يقويني، الرب يمكنني..

ولنستمر في القتال مع العدو..لنستمر في إنتهاره باسم يسوع، وبإعلان الوعود له مرة ومرات.. سيضعف أمامك، وستنتصر.. وسيكون انتصارك عظيماً، فالانتصارات العظيمة هي دائما نتيجة للمعارك العظيمة..

ستسلب العدو، وسيتحول إلى خيرك كل الجهد الذي بذله لتدميرك..

انظر إلى آسا مرة أخرى.. لقد هزم هذا الجيش المليون، وماذا كانت النتيجة؟.. "حملوا [آسا وجنوده] غنيمة كثيرة جداً وساقوا غنماً كثيراً وجمالاً" (2أي14: 13،15).. لقد تحولت ثروة الأعداء إليهم..

وماذا عن يهوشافاط؟.. لقد حسم الرب معاركه مع الجيوش الثلاثة لصالحة، وربح الشعب "أمتعه ثمينه بكثرة.. أخذوها لأنفسهم حتى لم يقدروا أن يحملوها، (2أي20: 25).. لقد آل هجوم العدو إلى اغتنائهم..

نعم هجمات العدو الشرسة ستجعلك غنياً في الإيمان، غنياً في البركات..

وبولس الرسول خرج من هذه الحرب حاملاً قوة مضاعفة للكرازة.. اسمعه معي وهو يسبح الله قائلاً: "مبارك الله أبو الرأفة وإله كل تعزية الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع أن نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله" (2كو1:3، 4)

لقد آل هجوم العدو إلى تقوية بولس أكثر وأكثر، وزاد من التعزيات التي يقدم منها للمتضايقين..

أيها الحبيب،

بإمكانك أن تحول فترات الحرب الشديدة إلى أوقات ثمينة لانتظار تحقيق الوعود..

انشغل بالرب..

حول عينيك وبإصرار عن العيان الذي يأتي بالخوف والقلق..

حول نظرك لتثبته على الملك.. على الرب يسوع..

اُنظر إليه هو "رئيس [مصدر] الإيمان ومكمله" (عب12: 2)..

اُنظر إليه.. ركز النظر فيه..

لن يجعلك تخزى.. سيكمل إيمانك..

لا تنس أنه "مؤتى الأغاني [التسبيح] في الليل" (أي35: 10)..

سيعطيك القدرة أن تسبح في الأوقات العصيبة..

سيعطيك التسبيح الذي يزلزل مملكة إبليس..

وستحقق الوعود..

وستسلب العدو..

وكل ما فعله ضدك سيتحول لخيرك ومنفعتك..

وستتعلم في الحرب دروساً جديدة لفائدتك ولفائدة من تخدمهم..

ستزداد قوتك وسيرتفع إيمانك..

الرب يحبك، سيقودك لترى الوعود محققة سائراً بك من مجد إلى مجد..






التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 09-30-2012, 05:39 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك

8 استخدم فمك

هل تعاني من هزيمة ما؟

هل ثمة أمور تحرمك من السلام، وتعوق نجاحك وسعادتك؟

احتياجك الأول إلى هذه الخطوة الهامة:

أن تعلن لنفسك رفضك للهزيمة وعزمك أن تواجه هذه الأمور حتى تنتصر عليها..

اتخذ الآن قراراً أن تواجهها بالإيمان.. أياً كانت المشكلة، وعد الرب لك بالانتصار.. قصده الثابت أن تمتلئ بالسلام الكامل (في4: 7) والفرح المجيد (1بط1: 8)، وأن تكون ناجحاً (3يو 2) تسير "من مجد إلى مجد" (2كو3: 18)..

ارفض الهزيمة..ارفض الفشل..

قرر ان تكون منتصراً.. أن تحيا ناجحاً، فهكذا تصير في مشيئة الرب الصالحة..

الروح القدس سيساعدك، فهو رفيقك الذي يُعين ضعفك (رو8: 26).. اطلب إرشاده.. سيقودك إلى وعود الكلمة التي تناسب مشكلتك..

تمسك بهذه الوعود.. انشغل بها.. انتظر واثقاً أنها ستتحقق..

ستنتصر وستنجح، لأن الرب المحب يريدك منتصراً وناجحاً..

حدثتك الفصول السابقة عن كل ذلك.. ويأتي هذا الفصل ليُضيف جانباً هاماً في موضوع الإيمان يتعلق باستخدام الفم.. فللفم دور فعال جداً في معارك الإيمان..

إقرأ هذه الآيات وستُدرك معي هذه الحقيقة..

"الفم يعترف.. للخلاص" (رو10: 10)

"وكان حين سمع الشعب صوت البوق أن الشعب هتف هتافاً عظيماً فسقط السور في مكانه" (يش6: 20)

"الحق أقول لكم إن من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن أن ما يقوله يكون فمهما قال يكون لكم" (مر11: 23)

"لو كان لكم إيمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتُطيعكم" (لو17: 6)

إنها آيات ذهبية تبوح لنا بحقائق عظيمة تتعلق بالفم..

اعتراف الفم يأتي لنا بالخلاص..

هل تريد أن تتخلص من ضيقة ما؟.. هذا هو الشرط، أن تؤمن ثم تعترف بفمك أن لك خلاصاً منها..

هتاف الفم يُسقط الأسوار..

هل هناك أسوار تعوق امتلاكك للوعود؟.. تعلم أن تهتف بفمك.. اهتف مسبحاً الرب.. تسبيح الإيمان يُسقط الأسوار..

أوامر الفم تنقل الجبال وتقلع الأشجار..

قُل للجبال أن تنتقل.. قُل للأشجار أن تنقلع.. قُل للحواجز التي تعوق البركة أن تتحرك من أمامك.. تحدث إليها بسلطانك كابن لله.. لن تصمد أمام أوامر الإيمان، وستزول..

الرب يريد لفمك أن يتكلم بكلمات الإيمان..

أن يعترف..

أن يهتف..

وأن يأمر بسلطان..

ثلاثة أمور أساسية لحياة الإيمان المنتصرة، الحياة التي تسخر من الظروف، وتستخف بمملكة الظلمة، وترى أعمال الرب المدهشة..

أبي السماوي..

في القديم قلت لموسى "أنا أكون مع فمك" (خر4: 15)..

وبكل تأكيد أنت تقول لي ذات العبارة..

إني أُسلمك فمي، واثقاً أنك ستكون معه..

ليعترف، وليهتف، وليأمر..

وليكون كما تريده أنت.. فما يعلن كلمات الإيمان..

سيدي..

المس فمي الآن.. المسه، ليتنقى من ألفاظ الشك..

ولينطق بعبارات الإيمان أكثر من ذي قبل..

نعم، المس فمي لينطق بعبارات الإيمان التي ترعب إبليس..

وتصنع العجائب..

اطلب هذا الإسم العظيم.. اسم من أحبني ومات لأجلي.. اسم ربي يسوع..

أولاً: اعتراف الفم

تؤكد لنا كلمة الله الحية ضرورة مُصاحبة كلام الفم لإيمان القلب.. داود النبي يقول في أحد مزاميره: "آمنت لذلك تكلمت" (مز116: 10)، ويأتي الرسول بولس في العهد الجديد ويردد نفس ما قاله داود: "فإذ لنا روح الإيمان عينه حسب المكتوب آمنت لذلك تكلمت. نحن أيضاً نؤمن ولذلك نتكلم أيضاً" (2كو4: 13)..

هذا إعلان مجيد.. إن لنا [أي لكل مؤمن] روح الإيمان عينه الذي كان لداود بطل الإيمان.. لسنا للشك والخوف، لقد دعانا الرب لنكون "أهل الإيمان" (غلا6: 10)، وقَسَمَ لكل واحد منا "مقداراً من الإيمان" (رو12: 3) لكي ينمو (2كو10: 14)..

أيها القارئ، ردد الآن بصوت مرتفع: "أنا لست للشك، لست للخوف.. أنا ابن للآب، مفدي بالدم، أنا من أهل الإيمان.. لي روح الإيمان عينه، روح الإيمان الذي كان لداود وبولس.. لي أن أؤمن وأتكلم.. أؤمن بقلبي وأتكلم بفمي"..

أقرأ أيضاً هذه الآيات من الإصحاح العاشر من رسالة رومية:

"إن اعترفت بفمك.. وآمنت بقلبك"

"القلب يؤمن.. والفم يعترف" (رو10: 9 ،10)

في الآية الأولى يُذكر إعتراف الفم قبل إيمان القلب.. وفي الثانية نرى العكس، يأتي إيمان القلب أولاً.. هذا يعني أنهما أمران متساويا الأهمية، ولا غنى لأحداهما عن الآخر.. كلاهما لازمان وبنفس القدر لتحقيق الوعود..

تمسك بالاعتراف..

الرسالة إلى العبرانيين تحثنا على الإعتراف قائلة: "فإذ لنا رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السموات يسوع ابن الله فلنتمسك بالإقرار [أي بالإعتراف]" (عب4: 14)

إن كلمة اعتراف هي ترجمة للكلمة اليونانية homologia، والتي تأتي من الفعل homologeo وهو فعل من شقين “homou” ويعني "نفس الشئ the same" و"lego" ويعني "يتكلم".. فتكون كلمة اعتراف معناها الحرفي أن تقول نفس الشئ الذي يقوله شخص آخر(37)..

لنتمسك بالاعتراف.. أي لنقل دائماً نفس الشئ الذي يقوله الرب في كلمته..

كمثال، هب أنك تواجه خطراً ما، كيف ستكون كلماتك؟ هل ستخرج من فمك كلمات تُعبر عن الخوف والعجز والفشل؟.. هل ستقول مثلاً: لقد انتهيت، الخسارة باتت مؤكدة، إنها لكارثة كبرى، فرص النجاة تكاد تكون منعدمة؟..

كلمات كهذه تقف ضد ما يقوله الرب في كلمته..

ضد الاعتراف.. ضد الإيمان، فالرب يقول إن لك نجاة من الخطر (مزمور91)، وإنه يحفظك من كل شر (مز121: 7)، وإن كل الأشياء تعمل معاً لخيرك (رو8: 28)..

الإعتراف هو أن تقول نفس ما يقوله الرب، فتخرج من فمك كلمات كهذه: "أنا محمي.. أنا أثق في تدخُل إلهي.. أثق أنه يحفظني.. متأكد أنه يُنجيني.. متأكد أنه سيُحول كل شئ لخيري.. أثق أنه يعتني بي.. يرسل ملائكة خاصة لحمايتي"..

تأمل الرسول بولس وهو في وسط والاضطهاد.. كيف كانت كلماته؟.. هل قال إن كرازته ستضعف أو إن ثمره سينقُص؟ كلا.. بل كان ينطق دائماً بكلمات الإيمان: "إني لا أُخزى في شئ" (في1: 20)، "سينقذني الرب من كل عمل ردئ" (2تي4: 18).. "أموري [بما فيها من اضطهادات] قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل" (في1: 12)..

نُبهِج الرب باعترافنا

هو يقول لنا: "تبتهج كليتاي [أي أحاسيسي] إذا تكلمت شفتاك بالمستقيمات" (أم23: 16)

حينما نتمسك بالاعتراف الحسن، وفي مختلف ظروفنا نقول نفس ما يقوله الرب في كلمته، فنحن نتكلم بالمستقيمات.. إننا نُبهج قلب الرب..

أيها الحبيب، هل تُريد أن تُبهج قلب سيدك؟..

لا تسمح بأي كلمات تخرج من فمك تعارض وعوده التي سجلها لك في كتابه.. تكلم دائماً بالمستقيمات، وإن حدث في وقت وفشلت في هذا الأمر، اذهب سريعاً إليه معترفاً بخطيتك طالباً منه أن يُطهر لسانك بالدم الثمين..


للاعتراف قوة جبارة

يقول سفر الأمثال: "الإنسان يشبع من ثمر فمه" (أم 12: 14)، "ومن ثمر فمه يأكل الإنسان خيراً" (أم13: 2)، "ومن غلة شفتيه يشبع" (أم18: 20).. هذه الآيات تؤكد أن كلمات الفم التي تخضع للكلمة وتتفق معها هي بذار حية لها قوة الإثمار، فهي تعود إلينا بما يُشبعنا..

وتقول آية أخرى من سفر الأمثال إن "هدوء اللسان شجرة حياة" (أم15: 4)..

أو حسب ترجمات أخرى "اللسان الذي يأتي بالشفاء شجرة حياة" (NIV)، و"اللسان السليم ينعش كشجرة حياة" [كتاب الحياة].. فلكلمات اللسان التي تخضع لكلمة الله قوة تشفي وتُنعش من يقولها عن إيمان وكذلك من يستمع إليها برغبة واهتمام..

وتؤكد الكلمة أيضاً أن "فم الصديق ينبوع حياة" (أم10: 11)، و"للإنسان فرح بجواب فمه" (أم15: 23)، فهل نجعل لساننا ينطق خاضعاً للكلمة ومعترفاً بما فيها من وعود فتنساب الحياة والفرح مع كلماته؟

آه، أية قوة في كلمات اللسان، تقول الكلمة في عبارة وجيزة وشاملة في نفس الوقت:

"الموت والحياة في يد اللسان" (أم18: 21)

الموت والحياة في يده.. نعم فإذا انقاد بالعيان أو المشاعر ونطق بعبارات انهزامية تُخالف ما قاله الرب في كلمته، نطق بالموت لنا ولمن يسمعنا..

كلماته ستزيد من الشك والخوف والقلق، هذه الأحاسيس المميته التي تدمر صحة النفس والجسد..وتشجع العدو أكثر على مُهاجمتنا مُستخفاً بنا..

أما أن اعترف اللسان بما قاله الرب في كلمته من وعود، فقد نطق بالحياة لنا ولمن يُنصت إلينا..

كلماته ستنطق بأخبار طيبة وحسنة تُقوينا وتقوي من يسمعنا ليس في النفس فقط بل أيضاً في الجسد، مكتوب "الخبر الطيب يسمن العظام" (أم15: 30).. وايضاً "الكلام الحسن حلو للنفس وشفاء للعظام" (أم16: 24)..

تُرى هل أدركت هذه القوة الكامنة في لسانك؟.. وهل صرت حريصاً أن تتكلم طبقاً لما تقوله الكلمة؟.. الرسول بطرس يقول لنا: "إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله" (1بط4: 11)

أيها الحبيب، إنه الوقت الآن لنمتحن كلماتنا..

هل تتفق أم تتعارض مع ما تقوله الكلمة؟

هل هي كلمات تُفرح قلب الرب أم تُحزنه؟ هل تقوي إيماننا أم تُضعفه؟

هل تُسمن العظام أم تأتي بالمزيد من الإعياء؟

لنمتحن كلماتنا.. هل تحمل الحياة أم الموت؟

هل تقول كلماتنا نفس ما يقوله الرب عنا؟

تعال معي إلى سفر العدد الأصحاحات 22، 23، 24 لنعرف من كلمة الله ما يقوله الرب عن أولاده المؤمنين به..

الأصحاحات تُحدثنا عن شخص اسمه بلعام كانت له علاقة وطيدة بالأرواح الشريرة (عد24: 1)، وكان يستخدمها في إطلاق اللعنات على الناس..

لقد ذهب إليه بالاق ملك موآب طالباً منه إيذاء شعب الله بأن ينطق بلعنات عليهم..

مبارك الرب، لم يدع بلعام يلعن الشعب بل أجبره أن ينطق بكلمات البركة عوضاً عن اللعنه..

ومن خلال هذه الكلمات، كلمات الرب التي أجبر بلعام على نطقها، نرى أربعة امتيازات سامية قالها الرب عن شعبه..

أنهم أبرار

لهم حماية

مباركون

ومنتصرون

نحن أبرار

كلمات عظيمة جداً التي نطق بها الرب على فم بلعام بشأن البر..

"لم يبصر [أي الرب] إثماً في يعقوب، ولا رأى تعباً [خطأ](38) في إسرائيل" (عد23: 21)

كيف لم يبصر أي أثم أو خطأ؟.. ألم يكن للشعب آثام وأخطاء؟

نعم، ولكن كانت لهم أيضاً دماء الذبائح التي تشير إلى دم يسوع الثمين.. كانت لهم هذه الدماء تخفي آثامهم وتحجب خطاياهم..

أيها الحبيب.. إن كنت مؤمناً مولوداً من فوق، فالله يقول عنك في كلمته أنك في المسيح تُحسب بلا خطية، ترتدي ثياب البر (إش61: 10) ولك امتيازات الأبرار..

"ونحن متبررون الآن بدمه" (رو5: 9)

"وجعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (2كو5: 21)

"وأما الذي لا يعمل ولكن يؤمن بالذي يُبرر الفاجر فإيمانه يُحسب له براً. كما يقول داود أيضاً في تطويب الإنسان الذي يحسب له الله براً بدون أعمال. طوبى للذين غُفرت آثامهم وسُترت خطاياهم. طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية" (رو4: 5-8)

كل مؤمن حقيقي اغتسل بالدم الثمين يُحسب دائماً باراً لأنه دائماً يُرى في المسيح، حتى لو كان طفلاً في الإيمان (1كو3: 1)..

لا تقل أنا مذنب استحق العقاب، هذا ضد الاعتراف لأنه يناقض ما قاله الله عنك في كلمته..

بل قُل كنت مُذنباً أستحق العقاب، لكن الرب تحمل عقابي بالكامل.. أنا الآن مبرر.. أنا الآن في المسيح.. لست تحت دينونة (رو8: 1).. قد يؤدبني الرب كأبن لكنه أبداً لن يُعاقبني كمُذنب..

قل أيضاً: الرب سيستجيب صلاتي لأنه يحسبني باراً، ولست مستهتراً إنني أرفض الإثم.. "طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها" (يع5: 16)

قل: الرب سيُنجيني من الخطر لأنه يحسبني باراً..

"أما البار فيُنَجَى من الموت" (أم11: 4)

قل: إبليس لا يقدر أن يشتكي عليَ ولن يقدر أن يؤذيني لأن الرب يقول عني إني بار..

"والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضاً إن كان الله معنا فمن علينا.. من سيشتكي على مختاري الله. الله هو الذي يُبرر. من هو الذي يدين" (رو8: 30- 34)

لنا حماية

هللويا، لم يستطع بلعام بكل قوته الشيطانية أن يصيب شعب الله بأي لعنة.. اسمعه معي وهو يعترف بعجزه "كيف ألعن من لم يلعنه الله وكيف أشتم من لم يشتمه الرب" (عد23: 8)..

أيها المؤمن، يا من وُلدت من فوق، يا من اغتسلت بالدم وصرت أبناً وارثاً لله (غل4: 7).. ثق أنك محمي قد باركك الرب ولن يقدر أحد أن يؤذيك بأيه لعنة.. وإذا حدث وضايقتك الأرواح الشريرة، فلتُسمعها اعترافك بأنك محمي.. صُد سهان إبليس الملتهبه بترس الإيمان، إيمانك بالحماية (أف6: 16)..

لقد تعرض بولس لمخاطر عده، فماذا كان اعترافه؟

"لي رجاء [ثقة KJV] فيه أنه [أي الرب] سيُنجي أيضاً فيما بعد" (2كو1: 10)

"لأنه قال لا أهملك ولا أتركك حتى إننا نقول واثقين الرب معين لي فلا [الأدق فلن](39) أخاف" (عب13: 6)

تأمل أيضاً وبفرح ما قاله الرب على فم بلعام: "ليس عيافة [سحر] على يعقوب ولا عرافة على إسرائيل" (عد23: 23)

الرب يقول أن أرواح السحر والعرافة لا تؤثر على شعبه.. الاعتراف هو أن تقول ما يقوله الرب عنك.. أن تقول إن السحر لا يؤثر عليك والحسد أيضاً لا يؤثر عليك، وإن دم يسوع الثمين يحميك كل الحماية..

لنا بركة

هل يحاول إبليس أن يُصيبك بلعنات؟

هل يجتهد أن يرسل لك لعنات، استمراراً للعنات كانت في حياتك قبل أن تؤمن، أو لعنات كانت ملتصقة بآبائك وأجدادك؟

كن حازماً معه.. لا تسمح له أن يفعل ذلك.. أنت لك سلطان أن تُقاومه وتُجبره على الهرب من أمامك..

قاومه بكلمات اعترافك بأنك لست تحت أية لعنه، لأن المسيح قد افتداك تماماً منها (غلا3: 13)..

تأمل، لقد حاول بلعام أن يلعن الشعب، لكن الرب منعه وقال له:

"لا تلعن الشعب لأنه مبارك" (عد22: 12)

هللويا.. الرب يقول عنا إننا مُباركون.. أفلا نقول عن أنفسنا نفس الشئ، إننا مباركون؟!

لقد غير بلعام موقعه ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يقترب أكثر إلى مكان حلول شعب الله.. في المرة الأولى كان في موقع بعيد لم يقدر أن يرى منه سوى جزء صغير من الشعب (عد22: 41)..

وفي المرة الثانية أتى إلى موقع أفضل.. وفي الثالثة صار قريباً جداً حتى أنه رأى بوضوح أماكن تجمعات كل سبط من الشعب (عدد24: 2)..

ومع أن الله أجبره في كل مرة من الثلاث مرات أن ينطق بكلمات البركة للشعب، إلا أن البركة في المرة الثانية كانت أعظم منها في الأولى.. وفي الثالثة أعظم من كلتيهما..

يا للتعزية القوية!! كلما غير إبليس من مواقعه ليقترب منا أكثر ليُضايقنا، كلما كانت الفرصة لنحظى ببركات أعظم وأعظم..

أيها الحبيب، هل يحاول إبليس أن يُضايقك؟.. هل تجتاز في ضيقة صعبة؟.. لا تسمح مطلقاً لكلمات التذمر أن تخرج من فمك، لا تنس أنك مبارك وأن قصد الرب أن يباركك أكثر من الماضي.. وأن الضيقات ستُستخدم لخيرك..

دع فمك ينطق بكلمات الإيمان..

دع أحاديثك مع الآخرين تذيع طمأنينتك وثقتك في أنك مبارك..

هيا، اعلن إيمانك.. هيا ردد الآن وبصوت مرتفع:

لن يعوزني شئ (مز23: 1)

الرب سيهبني كل شئ (رو8: 32)

ما يحدث معي هو لبركات أعظم.. الرب يخرج لي من الجافي حلاوة (قض14: 14)..

الله سيسدد كل احتياجي بحسب غناه في المجد (في4: 19)..

الرب يزيدني كل نعمة ليكون لي اكتفاء كل حين (2كو9: 8)

قصد الرب أن أكون ناجحاً، سليم الجسد والنفس (3يو2)..

لنا النصرة

مجداً للرب، فقد قال عنا في كلمته إننا منتصرون نسير في موكب الغلبة (2كو2: 14)، نطأ العدو بأقدامنا (لو10: 19).. لسنا مطلقاً للفشل أو الهزيمة (2كو4: 1، غلا6: 9)..

أراد بلعام أن يهزم الشعب بلعناته، لكن الرب أمين لشعبه، لم يسمح له بل أجبره أن ينطق بكلمات تؤكد قوة الشعب وقدرته على تحقيق النصر في أية معركة يدخلها.. تأمل ما قاله:

"هوذا شعب يقوم كلبوة ويرتقع كأسد" (عد23: 24)

"جثم كأسد ربض كلبوة. من يقيمه" (عد24: 9)

الرب يقول عنا أننا أسود، وسفر التثنية يقول لنا مؤكداً قوتنا:

"من مثلك يا شعباً منصوراً بالرب.. فيتذلل لك أعداؤك وأنت تطأ مرتفعاتهم" (تث33: 29)

الإيمان هو أن نصدق بقلوبنا أننا أقوياء ولنا النصرة..

الإيمان هو أيضاً أن نعترف بأفواهنا بما صدقته قلوبنا.. أن نعترف أننا أسود منتصرون، أقوياء، ومن مثلنا!!

أيها الحبيب..

هل أنت مستعبد لخطية ما؟ لا تجعل فمك يتحدث عن العيان.. كفى كلمات تعارض وعود الله.. كفى أحاديث تزيد من استسلامك.. انطلق بكلمات الإيمان..

قُل: "الخطية لن تسودني لأنني لست تحت الناموس بل تحت النعمة" (رو6: 14)

هل أنت مهدد بالفشل في أحد مجالات الحياة (كالأسرة أو الدراسة أو العمل أو الخدمة).. انطلق بما تقوله كلمة الله عنك..

قُل: "استطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني" (في4: 13)

هل أنت في مواجهة شرسة مع الأرواح الشريرة؟.. لا تدع فمك يتحدث عن قوتها، لا تمجدها بكلماتك.. قٌل كلمات الإيمان.. قُل ما قاله الرب عن الشيطان، إنه سيُسحق تحت أقدامنا في كل معاركه معنا..

"إله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعاً" (رو16: 20)

هل تشعر بقوة إغراء العالم؟.. لا تتحدث عن ضعفك أمام هذه القوة، هذا ضد الاعتراف الحسن.. الاعتراف هو أن تردد ما يقوله الرب في كلمته..

"أنتم من الله أيها الأولاد وقد غلبتموهم لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم" (1يو4:4)

هيا قُل الآن بصوت مرتفع: أنا في المسيح أعظم وأقوى.. أعظم وأقوى من إبليس..

إبليس محتقر جداً أمام المسيح الذي فيَّ..

هل هو كبرياء؟

قد يعترض أحد ويقول كيف أقول عن نفسي هذه الصفات الحسنة؟.. إنه لكبرياء؟!

كلا يا عزيزي بل هذا هو اعتراف الفم المُكمل لإيمان القلب.. فأنت لا تعترف بهذه الامتيازات وتقول إنها لك بسبب استحقاقك الشخصي.. كلا بل أنت تعترف بها مؤكداً إنها هبات سامية أعطاها الرب لك مجاناً بسبب نعمته الغنية وحبه الذي بلا حدود..

وفي ذات الوقت الذي تقول فيه عن نفسك إنك في المسيح ملك (رؤ1: 6) تسير من مجد إلى مجد (2كو3: 18)، تعترف أيضاً أنك في ذاتك دودة (إش41: 14) وتراب ورماد (تك18: 27)..

إنه اعتراف بالنعمة الغنية، التي تجعل الدودة ملكاً والتراب يسير من مجد إلى مجد..

لم يكونوا مُتكبرين

لم يكن داود مُتكبراً حين قال "أحمدك من أجل أني قد امتزت عجباً" (مز139: 14).. و"الآن يرتفع رأسي على أعدائي" (مز27: 6).. "لا أخزى إلى الدهر" (مز71: 1)..

ولم يكن ميخا مُتكبراً في كلماته: "أنا ملآن قوة روح الرب وحقاً وبأساً" (ميخا3: 8)..

وهل فقد بولس اتضاعه حين قال: "أنا قوي" (2كو12: 10)، و"الله لم يُعطنا روح الفشل بل روح القوة" (2تي1: 7)؟

وهل لم يكن من الاتضاع أن يقول يوحنا عن نفسه وعنا "جعلنا [الرب] ملوكاً" (رو1: 6)؟.. كلا، بل هذه هي كلمات الإيمان الحقيقي التي امتلك أصحابها الاتضاع الحقيقي..

عزيزي، رَدد مثلهم كلمات الإيمان وأنت تُدرك أنه لولا النعمة الغنية لبقيت في المزبلة إلى الآن.. هيا ردد مثلهم بقلب متضع وبصوت عال:

أنا قوي..

لي روح القوة..

لن أخزى.. لن أخزى إلى الدهر..

ثانياً: الهتاف
وبعد حديثنا عن اعتراف اللسان بما يؤمن به القلب، نأتي إلى الهتاف.. يقول المزمور: "طوبى للشعب العارفين الهتاف" (مز89: 15)، فما هو الهتاف؟.. هو التسبيح بقوة، والتسبيح بكل الكيان..

سبح الرب مُعبراً في تسبيحك عن ثقتك في أنه سيحقق كل وعوده التي وعدك بها..

سبح الرب بقوة مُعبراً في تسبيحك عن ثقتك في حبه لك وفي قوته العاملة وسط ظروفك..

سبح الرب بكل كيانك مُعبراً في تسبيحك عن إيمانك في أمانته المُطلقة وسهره المستمر من أجل أن يتمم وعوده معك..

الهتاف.. التسبيح بقوة.. الترنيم بكل الكيان، هو تعبير الفم عن إيمان القلب بأن الوعد سيتحقق، وهو تعبير تسمعه مملكة الظلمة فترتعب وتهرب مذعورة غير قادرة على الاستمرار في محاربتك بالشك والخوف.. وغير قادرة على إعاقة تحقيق الوعد..

انظر إلى يهوشافاط الملك.. كانت عاصمة مملكة أورشليم مُحاصرة من ثلاثة جيوش قوية، وبحسب المنطق البشري الطبيعي لم يكن هناك أدنى أمل في النجاة، ولا مفر من الاستسلام.. لكنه لم يترك نفسه للخوف بل اتجه بكل قلبه إلى الرب الذي يُنجي، فأعطاه الرب وعداً بالانتصار (2أي20: 15)..

فكيف استجاب يهوشافاط لهذا الوعد؟.. فَعَلَ أمراً ليس في إمكان الذهن الطبيعي أن يتوقعه!!.. لقد قاد جيشه قبل المعركة إلى التسبيح الغناء!!

كيف يسبحون وهم لايزالون وسط الخطر؟..

كيف يسبحون قبل أن يدخلوا المعركة ويتخلصوا من الأعداء؟

هذا هو الإيمان.. أن نُسبح بقوة، أن نهتف للرب قبل أن يتحقق الوعد تعبيراً عن ثقتنا الكاملة في أمانته أنه سيُتمم الوعد، ولن يخذلنا أبداً..

لقد آمن يهوشافاط بالكلمة التي قالها له الرب.. آمن بالمُستحيل.. ولأنه آمن هتف قبل المعركة مُسبحاً الرب..

هتف يهوشافاط قبل أن ينال تحقيق الوعد لأن هذا هو الإيمان، يسبق العيان..

وماذا كانت النتيجة؟.. لأنه آمن وعَبرَ عن إيمانه بالهُتاف، انتصر وكان انتصاره عظيماً جداً..

تأمل أيضاً ما فعله الشعب المُتمسك بالرب [مملكة يهوذا] عندما أدركه الخطر..

يقول الكتاب: "فالتفت يهوذا وإذا الحرب عليهم من قدام ومن خلف [هجوم شرس مُكثف من العدو]. فصرخوا إلى الرب وبَوقَ الكهنة بالأبواق وهتف رجال يهوذا [كلمة يهوذا تعني حمد وتسبيح] ولما هتف رجال يهوذا ضرب الله يربعام [العدو] وكل إسرائيل أمام أبيا ويهوذا" (2أي13: 14-15)..

"لما هتف رجال يهوذا"، لما عبروا عن إيمان قلوبهم بهتاف أفواههم، تدخل الرب وحسم المعركة لصالحهم، فهو دائماً يُمجد هتاف الإيمان..

عندما تؤمن بوعد ما، سبح الرب بكل كيانك معلناً ثقتك أنه سيحقق هذا الوعد.. اهتف، فالهتاف المستمر يحسم معاركك مع الشك والخوف..

أيها الحبيب، الإيمان يجعلك تهتف فرحاً بسقوط الأسوار قبل أن تسقط بالفعل، كما فعل الشعب في القديم بقيادة يشوع (يش6: 20)..

هل هناك أسوار تعوق راحتك وسلامك؟.. هل أخذت من الرب وعداً بأنها لن تبقى؟.. هيا افعل مثل يشوع.. اهتف بسقوطها معطياً المجد لإلهك.. ستسقط الأسوار، ستسقط..

هل أنت في احتياج إلى حرية وشفاء؟.. اهتف لإلهك المحرر والشافي، اهتف لإلهك الذي يُحرر من كل القيود ويشفي من جميع الأمراض (مز103: 3)..

يالقوة هتاف التسبيح!! يُسقط الأسوار(يش6: 20) ويفتح الأبواب ويفك القيود (أع16: 25).. يهزم إبليس ويعطي المجد لله..

للفم أن يعترف بما يؤمن به القلب، وله أن يهتف مُسبحاً بقوة، والآن إلى النقطة الثالثة، أن يأمر..

ثالثاً: أوامر الفم

عند شاطئ البحر أدرك موسى أنه هو وشعبه في خطر عظيم، فصرخ إلى الرب طالباً النجدة..

أجابه الرب بإجابة غير متوقعة.. "قال الرب لموسى مالك تصرخ إلى.. ارفع أنت عصاك ومد يدك على البحر وشُقه" (خر14:15)..

الرب يلوم موسى قائلاً: "لماذا تصلي إلىّ.. هذا وقت تستخدم فيه السلطان الذي أعطيته لك.. ارفع أنت عصاك.. مُد أنت يدك على البحر وشُقه"..

نعم من الضروري جداً أن نكون في شركة مستمرة مع الرب، فهذا يحفظ إيماننا قوياً..

لكن من اللازم أيضاً أن نستخدم عند الاحتياج السلطان الذي أعطاه الرب لنا..

لقد أعطانا الرب سلطاناً يجب أن نستخدمه.. اقرأ بتركيز هذه العبارت الثلاث الهامة من أقوال الرب يسوع:

الأولى من إنجيل متى، والمناسبة كانت فشل التلاميذ في طرد أرواح شريرة قوية من إنسان تسكنه.. يقول الرب: "الحق أقول لكم لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل ولا يكون شئ غير ممكن لديكم" (مت17: 30)

الثانية من إنجيل مرقس، والمناسبة، بعدما لعن الرب يسوع شجرة التين الخادعة.. العبارة تقول: "ليكن لكم إيمان بالله.. لأني الحق أقول لكم إن من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن إن ما يقوله يكون له فمهما قال يكون له" (مر11: 22، 23)

والثالثة من إنجيل لوقا، والمناسبة هي حديث الرب عن مسامحة المُسئين إلينا.. والعبارة هي: "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتُطيعكم" (لو17: 6)

هذه العبارات الثلاث تقول إن لنا سُلطاناً أن ننقل الجبال وأن ننزع الأشجار عندما نأمرها.. ومن مناسبات النطق بكل عبارة نستطيع أن نقول:

الجبل في المناسبة الأولى يشير إلى قوى الظلمة التي تحاول أن تفسد حياتنا وتعطل أفراحنا وسلامنا..

والجبل في المناسبة الثانية يتحدث عن الأمور التي يستخدمها العدو في خداع الناس..

أما شجرة الجميز التي تُعرف بجذورها العميقة فهي تُحدثنا عن جذور المرارة التي تتغلغل داخل النفس بسبب إساءات الآخرين وتجعلها غير قادرة على مُسامحتهم..

أيها الحبيب، هل آمنت بهذا السلطان الذي أعطاه لك الرب؟.. هل تستخدم فمك كما استخدم موسى عصاه؟.. كلمات الرب يسوع تدعوك أن تستخدم فمك..

استخدمه مع النوع الأول من الجبال
(قوى الظلمة التي تبغضك)

لقد منحك الرب سلطاناً عليها "على الحيات والعقارب وكل قوة العدو" (لو10:9).. تأمل إنه سلطان على كل جنود إبليس بما فيهم من رؤساء وسلاطين في عالم الروح.. قال الرب عن المؤمنين: "يخرجون الشياطين بإسمي" (مر16: 17)..

أيها الحبيب، هل اكتشفت وجود جبل شيدته قوى الظلمة يعطل سعادتك أو يمنع بركات آتية إليك؟.. إياً كانت الدائرة التي يقف فيها العدو كالجبل أمامك.. الأسرة.. العمل.. الخدمة.. الجسد.. اتجه إليه، إن لك سلطاناً عليه.. قُل له بإيمان باسم الرب يسوع أن ينتقل من أمامك.. الكلمة تُعلمك "قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع4: 7).. لن يقدر العدو أن يصمد أمامك طويلاً..

تعلم أن تفعل كما فَعَلَ الرب يسوع، أن تنتهر الريح متى حركها إبليس ضدك (مر4: 39)، وأن تنتهر المرض متى كان هجوماً من إبليس عليك (لو4: 39).. وأن تَصمت العدو متى حَرك ألسنة الناس لتشتكي عليك (مر1: 25)..

واستخدم فمك مع النوع الثاني من الجبال
(قوى التضليل)..

انظر لقد كلم الرب شجرة التين التي حاولت أن تخدعه وقال لها "لا يأكل أحد منك ثمراً بعد إلى الأبد" (مر11: 14)

اتجه إلى قوى إبليس التي تضلل وتخدع من تهتم بهم.. استخدم فمك ووجه كلماتك إليها.. مُرها باسم الرب يسوع كي ترحل عنهم وتكف عن إظلام أذهانهم.. ستخضع لك كما خضعت شجرة التين الخادعة للرب..

هل تبدو قوى التضليل مثل الجبال؟.. الرب أمين في وعده "من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه.. فمهما قال يكون له" (مر11: 23)..

لكن انتبه، فلا تهتم فقط بحروبك الخارجية مع إبليس.. لا تنشغل بنقل الجبال وتنسى الداخل.. احذر لئلا يكون إبليس قد أتى إليك مخادعاً كالحية وزرع في داخلك ما يضغف مع الوقت إيمانك..

إن أخطر ما يحاول العدو أن يزرعه هو الإحساس بالمرارة تجاه شخص أساء إليك.. هل لنا امتياز أن ننقل الجبال التي في الخارج؟.. الرسول بولس يقول "إن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلستُ شيئاً" (1كو13: 2)..

إذا غابت المحبة من قلبك فلن تكون شيئاً.. ستفقد انتصاراتك، وستُصاب نفسك بالجفاف وستنطفئ حرارتك..

الإيمان يحتاج إلى الحب ليظل عاملاً.. الرسول بولس يقول "في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة [الأمور الشكلية] بل الإيمان العامل بالمحبة" (غلا5: 6)..

لهذا السبب كان حديث الرب يسوع الأخير عن أوامر الفم متعلقاً بالحب.. بالغفران للآخرين.. لقد قال إن لنا سلطاناً أن نقلع جذور والمرارة التي تشبه جذور شجرة الجميز في تغلغلها..

استخدم فمك أيضاً مع شجر الجميز..
كان الرب يتحدث عن ضرورة الغفران للمُسيئين إلينا، فقال لتلاميذه:

"وإن أخطأ إليك [أخوك] سبع مرات في اليوم ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلاً أنا تائب فاغفر له" (لو17: 4)

ورأى بطرس أنها وصية صعبة فوق استطاعة القدرة البشرية، فسأل الرب مُعبراً عن عجزه في إتمامها..

"يارب كم مرة يخطئ إليّ أخي وأنا أغفر له. هل إلى سبع مرات" (مت18: 21)

تأمل لقد حذفَ بطرس عبارة "في اليوم".. فقد كان أمراً أبعد من تخيله أن يغفر لنفس الشخص سبع مرات في يوم واحد..

وكيف كانت إجابة الرب؟.. هل خَففَ له الوصية؟ هل أنقص عدد مرات الغفران؟.. كلا، بل وضح ما يقصده.. أنه لم يكن يقصد أن يكون الغفران محدوداً بعدد ما.. بل بلا حدود!!

"قال له يسوع لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات" (مت18: 22)

ثم أضاف مؤكداً أن يكون الغفران تركاً من القلب، ".. تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته" (مت18: 35)..

يتحدث رقم 7 في الكتاب المقدس عن الأمر الكامل(40).. وقم 10 إلى كمال الترتيب الإلهي(41).. ورقم 7x70 هو 7x7x10 .. الرب يقصد أن يكون غفراننا للمسيئين إلينا كاملاً وبلا حدود، فعندما يتوفر الحب لن يكون هناك حدود (أف3: 18)..

الرسول بولس يقول لنا إن المحبة الحقيقة لا تسجل أي خطأ.. "المحبة.. لا تظن السوء It keeps no record of wrong (NIV)" (1كو13: 5)..

فَحَصَ التلاميذ أنفسهم فوجدوا أنهم لا يؤمنون بأنهم قادرون أن يحبوا الآخرين بهذا الحب الذي يجعلهم يغفرون بلا حدود.. كيف بلا حدود؟!!

قالوا للرب: "زد إيماننا" (لو17: 5)..

أجابهم الرب قائلاً: "لو كان لكم إيمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتُطيعكم" (لو17: 6)

شجرة الجميز في كلمات الرب تشير إلى المرارة التي تتغلغل داخل الإنسان لتجعله عاجزاً عن الغفران..

أيها الحبيب، الإيمان يقلع شجرة الجميز مهما كانت جذورها عميقة.. الإيمان يزيل المرارة.. الإيمان يجعلك قادراً على الغفران من القلب..

هل أساء إليك شخص ما؟.. هل لا يزال يسيئ إليك؟.. هل تشعر أن جذور شجرة الجميز تتعمق في داخلك أكثر وأكثر؟.. لا، لاتستسلم فعدم الغفران سيحرمك من القوة والراحة.. هيا استخدم إيمانك.. مُر هذه الشجرة أن تخرج من داخلك.. تحدث إليها بإيمان، أسمِعها ما قاله الرب لك..

قُل لها: "بل إلى سبعين مرة سبع مرات.. سأترك له من كل قلبي.. إني آمرك أن تختفي من حياتي".. ستُطيعك لأن هذا هو وعد الرب..

أيها القارئ، هل تغلغلت في داخلك جذور مرارة تجاه شخص ما؟.. هل كان هذا بسبب جرح عاطفي أو اعتداء جسدي؟.. أم هي مرارة نحو أحد أفراد أسرتك بسبب حرمان قديم أو كلمات محبطة مستمرة؟.. إن عدم الغفران أمر خطير للغاية يحرمنا من التمتع بالبركات (مت18: 34)..

ما العلاج؟

الرب يسوع يقول لك: "تحدث إلى شجرة الجميز بكلمات الإيمان.. اطرد المرارة التي بداخلك.. إن لك السلطان أن تطردها"..

أسمِع نفسك كلمات الكتاب التي تقاوم مرارة إساءات الآخرين..

"باركوا على الذين يضطهدونكم. باركوا ولا تلعنوا" (رو12: 14)

"مسامحين بعضكم بعضاً.. كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضاً" (كو3: 13)

"ليُرفع من بينكم كل مرارة.. متسامحين كما سامحكم الله أيضاً في المسيح" (أف4: 31، 32)

أيها الحبيب، أياً كان العائق أمام سعادتك سواء كان في الخارج أم في الداخل، آمن بقلبك أنك قادر أن تُزيله.. ثم دع فمك يُعبر عن إيمان قلبك.. تَعَود أن تتحدث إلى العوائق وأن تنطق لها بالآيات المناسبة.. لن تقدر أن تصمد أمامك.. ستختفي.. حتماً ستختفي كما وعدك الرب..

لا تقل ليس لي إيمان كافي

لا تصدق العدو.. قاوم أي إحساس بالضعف وصغر النفس.. كل مؤمن وُلِدَ من فوق قد قَسَمَ له الله نصيباً من الإيمان (رو12: 3)..

ثق أن بداخلك إيماناً، وبإمكانك أن تستخدمه.. ثق أن الرب لن يقودك إلى معارك فوق طاقتك..

تأمل حينما وَجَدَ التلاميذ أنفسهم عاجزين عن الغفران للمسيئين إليهم، فقالوا للرب: "زد إيماننا".. فهل وعدهم الرب بأن يعطيهم إيماناً أكثر؟.. كلا!!.. بل قال لهم: "استخدموا الإيمان الذي فيكم حتى ولو كان صغيراً مثل حبة الخردل"..

حينما تطلب من الرب أن يزيد إيمانك، سيقول لك: "وبداخلك إيمان، استخدمه"..

ياللتشجيع الإلهي!! الرب يقول: "حبة خردل.. هي أصغر جميع البذور ولكن متى نمت فهي أكبر البقول" (مت13: 32)..

هل تقول بعد هذا إن إيماني غير كاف؟!

تأمل.. إذا زرعت حبة الخردل فلن تظل صغيرة، بل ستنمو وتصير أكبر البقول..

هل إيمانك صغير؟.. استخدمه.. هذا هو معنى الزرع.. استخدامك له سيُنميه ليجعله كبيراً..

الإيمان ينمو ويزداد (2تس1: 3، 2كو8: 7)، وينمو بالاستخدام.. الرب يقول بوضوح: "مًن يُعطي فيزداد ومًن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه" (مت25: 29).. هذا مبدأ روحي ينطبق على الإيمان..

انظر إلى عضلات يدك، فهي تضعف إذا لم تستخدمها، وتزداد قوة كلما أكثرت من استعمالها.. هكذا ينمو إيمانك بالاستخدام.. هيا ازرع الآن حبة الخردل.. هيا استخدم الإيمان الذي فيك..

أيها الحبيب، هل أدركت ضرورة استخدام اللسان لكي يكون إيمانك عاملاً؟.. تأمل العبارة التي قالها الرب للمرأة الكنعانية..

"لأجل هذه الكلمة [التي قالتها المرأة له] اذهبي. قد خرج الشيطان من ابنتك" (مر7: 29)

"لأجل هذه الكلمة".. لقد كان تحرير ابنتها مرهوناً بهذه الكلمة.. كلمة الإيمان..

قد يتعطل تحقيق الوعد بسب عدم نُطقنا بكلمات الإيمان..

أيها الحبيب، إن لم تكن قد استخدمت فمك من قبل للتعبير عن الإيمان، ابدأ من الآن في استخدامه..

بالاعتراف

بالهتاف

وبإصدار الأوامر إلى الجبال.. وشجر الجميز..

بكل تأكيد لن يكون غدك مثل اليوم.. بل أعظم.. أعظم بكثير..

أبي السماوي،

لقد حان الوقت لأعترف أمامك أنني عاجز بقوتي عن أن أضبط شفتي (يع3: 8)..

عاجز أن أنقيهما تماماً من الكلمات التي تُعبر عن الخوف والقلق، والتذمر والانهزام..

الكلمات التي أعرف أنها تُعطي لإبليس مكاناً..

أعترف أمامك أنني عاجز أن أنطق في مختلف الظروف بعبارات الطمأنينة والسلام والثقة والانتصار..

العبارات التي تهزم إبليس وتجعله يهرب من أمامي..

لكن ما أعجز أنا فيه، تستطيع أنت أن تعمله فيّ، وبسهولة..

أليس مكتوباً أنك أنت العامل فيّ (في2: 13)؟..

لذا فإنني أُسلمُكَ شفتي..

اضبطهما أنت بروحك..

لتنطقا في كل الظروف كما تريدهما أنت..

تنطقان بكلمات الإيمان.. تعترفان بكلمتك.. تسبحان بكلمتك، وتأمران بكلمتك.. لحياة المجد والقوة..

أثق أنك تريد.. وأنك تستطيع..






التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 09-30-2012, 05:45 PM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بن الملك
 

 

 
افتراضي





لا تطرح ثقتك

9 لا تطرح ثقتك هو يحبك

"أحببتهم كما أحببتني"

هذه العبارة العظيمة هي مفتاح هذا الفصل..

لقد نطق بها الرب يسوع خلال حديثه مع أبيه السماوي المُتحد معه في مساواة تامة ووحدانية مطلقة..

والمناسبة هي ليلة الصلب، ليلة موته بديلاً عني وعنك، ليفدينا من الهلاك وليُعطينا حياة أبدية..

كم أحبنا الرب!! كم أحبنا بلا حدود!! في هذه الليلة تحدث مع أبيه بصفته وسيطنا الوحيد إليه.. كَلَمَةُ كنائب عنا وكشفيع لنا..

وخرجت من فمه هذه العبارة العظيمة "أحببتهم كما أحببتني" (يو17: 23) لتذيع لنا هذا الخبر المذهل.. الآب السماوي، القدير (تك17: 1)، مالك السماء والأرض (تك14: 22)، يُحبنا بنفس القدر الذي يحب به ابنه الوحيد يسوع المسيح (يو3: 16)، ابن محبته (2كو1: 13)، الذي في حضنه كل حين (يو1: 18)..

"أحببتهم كا أحببتني".. لولا أن الرب الأمين هو الذي قالها ما أمكنا قط أن نصدقها ولحسبناها مبالغة أبعد من تخيلنا، إذ كيف؟.. كيف تتساوى محبة الآب لابنه يسوع المسيح مع محبيته لنا، وليس من مجال للمقارنة.. نحن "تراب ورماد" (تك18: 27)، ولسنا شيئاً.. وهو تبارك اسمه "قدوس القديسين" (دا9: 24).. "بهاء مجده [مجد الآب] ورسم جوهره" (عب1: 3).. "الألف والياء" (رؤ1: 8)، والذي فيه يقوم الكل" (كو1: 17)..

كيف؟!!

ما لم يخطر على قلب بشر، هذا أعلنه لنا الله بروحه.. في كلمته.. الآب السماوي لا يرانا أبداً بعيداً عن ابنه، بل دائماً فيه (أف1: 4)، فيحبنا فيه، وبنفس القدر..

يرانا دائماً في ابنه يسوع المسيح
هذا التعبير العظيم "في المسيح" يذكره العهد الجديد مع مرادفاته أكثر من مئة وثلاثين مرة..

الرب يسوع بنفسه قال: "أنتم فيّ" (يو14: 20)، هل تُصدقه؟

والرسول بولس وصف نفسه فقال: "أعرف إنساناً في المسيح" (2كو12: 2).. إذ ليس أعظم من هذه المكانة.. وعندما أرسل تحياته إلى نسيبيه قال عنهما: "قد كانا في المسيح قبلي" (رو16: 7).. هذه الكلمات تبرهن على أن تعبير "في المسيح" يُطلق على الشخص المؤمن من لحظة ولادته ابناً للآب بالإيمان بالمسيح..

أنا في المسيح.. يالها من حقيقة راسخة، فهي لا تعتمد على قامتى الروحية.. الأطفال في الإيمان قال عنهم الوحي إنهم أيضاً "في المسيح" (1كو3: 1) تماماً مثلما وصف البالغين (رو16: 9، 10)..

أيها المؤمن، حينما وُلِدتَ من الروح (يو3: 8)، في التو صرت "في المسيح"..

هل تلذذ قلبك بهذه الحقيقة؟

لقد صرت في المسيح "باراً" (2كو5: 21)، و"مباركاً" (أف1: 3)، و"مقدساً" (1كو1: 30)، و"محبوباً" (رو8: 39)..

يحبنا لأننا في أبنه

يا لها من حقيقة مجيدة مُعزية جداً، نحن محبوبون من الآب لأنه يرانا في أبنه "في المسيح"..

هذا يعني أنها محبة ثابته لا تهتز لأنها "في المسيح"، وهي إلى الأبد ولا يقدر شئ أن ينتقص منها لأنها "في المسيح"..

فأعلن تصديقة لها وتمسكه بها بكلمات إيمانية عظيمة..

"لكننا في هذه جميعها [جميع الظروف] يعظم انتصارنا بالذي أحبنا، فإني مُتيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله [الآب] التي في المسيح يسوع ربنا" (رو8: 37- 39)

محبة الآب لك هي محبة في المسيح ربك.. آه، بإمكانك أن تُعلن الآن مع الرسول بولس يقينك بأن المسيح يضمن ثباتها وانتصارها.. بإمكانك أن تقول الآن بملء الثقة:

"يعظم انتصاري بالذي أحبني..

لا أمور حاضرة.. ولا مستقبلة.. ولا شئ على الإطلاق يقدر أن يحرمني من هذه المحبة.. إنها في المسيح، فلن تهتز أبداً"..

يحبنا بقدر حبه لأبنه

وأدعوك أن تتوقف عن القراءة لبضعة دقائق تتأمل فيها هذه الحقيقة المذهلة التي في عبارة الرب الذهبية: "أحببتهم كما أحببتني" (يو17: 23)

الآب السماوي يرانا في ابنه، فيحبنا بنفس قدر الحب.. حباً بلا حدود..

هللويا، فلن تقل محبته لي لحظة واحدة لأنها أبداً لن تقل ليسوع..

هللويا، ستظل محبته لي كما هي، بلا حدود.. في كل الظروف والأوقات..

الآب يحبني في ابنه.. الآب يحبني كمحبته لابنه.. هللويا..

أنا محبوب إلى الأبد.. القدير يحبني، القدير يهتم بي هللويا..

سيباركني جداً جداً لأنه يُحبني.. سيحفظني لأنه يُحبني.. سيقودني لأنه يُحبني.. وسيستخدمني استخداماً مجيداً لأنه يُحبني..

أيها القارئ الحبيب، إن كنت قد فتحت قلبك للرب، ووثقت أنه مات لأجلك، وأن دمه الثمين قد كَفر عن خطاياك، وإن كنت قد سلمته حياتك، فلك أن تتهلل وتهتف أنا في المسيح، ولي أن اتمتع بنفس قدر حب الآب للمسيح..

ارتباط الإيمان بإدراك الحب

هاجت العواصف، وبدا أن السفينة التي استقلها الرب مع تلاميذه على وشك الغرق..

كان الرب نائما، "فأيقظوه وقالوا له يا معلم أما يهمك أننا نهلك" (مر4: 38)..

كم أزعجت هذه الكلمات قلب الرب الرقيق.. كيف يشكون في محبته؟.. كيف يتصورون أنه غير مهتم بهم ولا يبالي بما يحدث لهم؟.. قال لهم: "ما بالكم خائفين هكذا، كيف لا إيمان لكم" (مر4: 40)

لم يكن لهم إيمان بالنجاه لأنهم لم يؤمنوا أن الرب يحبهم محبة خاصة وعظيمة.. حينما تهتز ثقتنا في محبة الرب لنا، سيهتز سلامنا، وسريعاً سنفقد قدرتنا على الانتصار.. وسيهزمنا الخوف..

الرسول يوحنا يكتب في رسالته قائلاً:

"لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة [محبة الرب لنا] تطرح الخوف إلى خارج لأن الخوف به عذاب وأما من خاف فلم يتكمل في المحبة" (1يو4: 18)

تمتع بمحبة الآب الكاملة، المحبة التي يحب بها ابنه يسوع، ولن يقدر الخوف أن يستقر داخلك..

سيهرب ليفسح المجال للإيمان، للتمسك بوعود الرب الثمينة.. اختبر الرسول بولس هذه المحبة فكتب إلى تيموثاوس قائلاً:

"أية اضطهادات احتملت. ومن الجميع أنقذني الرب" (2تي3: 11)

"لست أخجل لإنني عالم بمن آمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي" (2تي1: 12)

عالم بمن آمنت

لم يقل بولس إنني عالم بما أؤمن به من وعود..

لا شك أن الرسول كان يعرف الوعود وكان يتمسك بها، لكنه يتحدث هنا عن السبب الذي جعل إيمانه بالوعود لا يتزعزع.. إنه عارف بما يؤمن.. إنه عارف بصاحب الوعود.. إنه عارف بمن يضمن تحقيق الوعود.. عارف بالرب وبمحبته..

إنه يعرف الرب معرفة خاصة.. ويعرف أن الرب يحبه حباً فريداً لم يحبه به أحد قط..

أدرك بولس حب الرب العجيب له.. فقد كان مُجدفاً ومُضطهداً ومُفترياً (1تي1: 13)، ميتاً بالذنوب، مقضياً عليه بالهلاك الأبدي وكان يعمل مشية الجسد والأفكار حينما اعترضته المحبة الإلهية، وظهر له الرب ليمحو عاره وخطاياه وليقيمه من الموت ويجعله وارثاً للسماء.. وملأه بروحه ليستخدمه بقوة "كارزاً ورسولاً ومعلماً للأمم" (2تي1: 11)..

أدرك بولس هذه المحبة العظيمة التي أحبه بها الرب، لذا لم يهتز إيمانه قط بأن وعداً من وعود الحماية والقيادة والاستخدام لن يتحقق.. وَثَقَ أن الذي أحبه هكذا لن يُخجله أبداً.. لقد استودعه أيامه وحياته وكل ما يمتلك، وَوَثقَ أنه سيظل حافظاً وحارسهاً لها..

وأنت أيضاً عزيزي القارئ لقد أحبك الرب بذات الحب، ولك أن تكون كبولس واثقاً أنك لن تخجل.. وإن من مات لأجلك يضمن سلامك..

هل تريد أن تكون رجلاً في الإيمان؟.. أنت أولاً في احتياج إلى معرفة عميقة بالرب، ضامن تحقيق الوعود قبل أن تعرف الوعود نفسها لتتمسك بها..

عِش في شركة يومية مع الرب.. ادخل دائماً إلى عرش نعمته لتتحدث معه.. اشعر بقربه، تمتع بمحبته باستمرار.. اقرأ في كتابه بانتظام.. الروح القدس سيُنمي إدراكك لمحبته لك.. ستدرك محبته الكاملة التي تطرد كل خوف من داخلك..

وإذ ترى محبته الكاملة في كل الظروف، سيصير سهلاً عليك أن تحيا بالإيمان.. وإذا أتى عليك بغتة يوم شرير (أف6: 13) أصبحت قادراً على الصمود والتمسك بالوعود التي تناسب الاحتياج..

أيها الحبيب، أياً كان ما يحدث معك، لا تطرح أبداً ثقتك في هذه المحبة العجيبة المدهشة الثابتة.. كم كان أيوب رائعاً في إيمانه كرجل من رجال الله حين أجاب على الأهوال التي أصابته بتأكيد ثقته في محبة إلهه له.. قال:

"هوذا يذبحني.. سأظل واثقاً فيه (KJV)" (أي13: 15)

إن ثقتنا في الحب، حبه هو لنا وليس حبنا نحن له، هي التي تصنع منا أبطالاً في الإيمان..

وصفحات هذا الفصل لم تُكتَب سوى لهذا الهدف، أن تزيد من إدراكك وإنشغالك بهذه المحبة لتصير بطلاً في الإيمان..

ستُحدثك عن الثقة في محبته لنا من خلال نقاط محددة..

أحبنا.. لقد أعطانا مكانة عظيمة..

أحبنا.. عطاؤه فوق التوقعات..

أحبنا.. يستخدم كل شئ لأجلنا..

سيدي..

تعال الآن بندى الروح القدس العجيب..

لتنعش به نفوسنا بالحديث عن الحب..

حبك أنت لنا..

أولاً: أعطانا مكانة عظيمة

لقد جَعَلَ الرب للمؤمن مكانة عظيمة، لأنه أحبه حباً عظيماً بلا مثيل..

اقرأ هذا المقطع الذهبي من الأصحاح الثالث والخمسين من سفر إشعياء، وهو الأصحاح الذي يتحدث عن أعظم صور الحب.. موت الرب يسوع لأجلي ولأجلك..

يقول إشعياء النبي..

"بين الأعزاء ومع العظماء [أي المؤمنين] يقسم غنيمة من أجل أنه سَكَبَ للموت نفسه" (إش53: 12)

هذا يعني أنك صرت من الأعزاء والعظماء، لقد سَكَبَ للموت نفسه لكي يفتديك من الموت، وأيضاً ليجعلك عزيزاً وعظيماً..

لقد دَحَرَ فوق الجلجثة كل أعدائك، الخطية وإبليس وعالم الإثم، ثم دعاك أن تتمتع بغنائم انتصاره العظيم، كواحد من الأعزاء والعظماء!!

أيها الحبيب، كل ما فقدته بسب الخطايا أو بسبب قسوة إبليس أو أو خبثه، استرده الرب لك أضعافاً (زك9: 12، أم6: 31)..

افتح أُذنك لكلماته الدافئه التي يهمس بها إليك:

"صرت عزيزاً في عيني مُكرماً وأنا قد أحببتك" (إش43: 4)

ما أقواها كلمات!!.. استقبلها داخلك.. إنها قادرة أن تُحَررك من أي صغر نفس..

هل تعلم، لقد صارت لك بسبب موت المسيح مكانة أعظم من أية مكانة بَلَغها مَلِك في العهد القديم، حتى لو كان داود نفسه.. أو كاهن حتى ولو كان هارون..

لا تندهش، فهذا ما أعلنه الرب على نحو لا يترك مجالاً للشك..

"الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان، ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه" (مت11: 11)

هللويا، أصغر مؤمن في العهد الجديد هو أعظم من يوحنا المعمدان الأعظم من كل رجال العهد القديم..

فمن أية زاوية اعتبُر يوحنا أعظم من كل رجال العهد القديم؟.. أليس بسبب قربه للرب ورؤيته له كحمل الله (يو1: 29)؟.. أنت في هذا أعظم من يوحنا..

أنت لم تقترب من الرب فقط، أنت صرت فيه (يو14: 20).. أصبحت عضواً من أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" (أف5: 3)..

أنت لم تراه فقط ذبيحة "حمل الله".. أنت تمتعت بهذه الذبيحة.. تطهرت بدمائها (1يو1: 7) وأكلت منها (يو6: 51)..

يالمحبته العجيبة، فلولاها، لولا موته بديلاً عنا، ما صرنا أعظم من يوحنا المعمدان، وما كنا لنوجد فيه لنصبح ملوكاً مكانتنا أعظم من داود، وكهنة مكانتنا أعظم من هارون..

ألا نعظمه جداً من أجل هذه المحبة؟!.. ألا نمجده بكل كياننا؟!.. ألا نهتف له من قلوبنا؟!.. ألا نضم أصواتنا إلى الأربعة وعشرين شيخاً، نعزف مثلهم بقيثارات قلوبنا لنرنم له بنشوه وفخر:

"مستحق أنت.. لأنك ذُبِحتَ واشتريتنا لله بدمك.. وجعلتنا لإلهنا ملوكاً وكهنة" (رؤ5: 9، 10)

ياللمجد، أنت في المسيح ملك عظيم..

وأنت في المسيح كاهن عظيم..

وكلتا الوظيفتين، الملك والكاهن، لهما علاقة وثيقة بحياة الإيمان والتمسك بالوعود..

أنت ملك عظيم في مواجهتك المنتصرة مع إبليس، الذي يجتهد أن يعوق تحقيق الوعود التي تؤمن بها..

وأنت كاهن عظيم في قدومك لعرش الله، لكي تطلب هذه الوعود فتنالها..

ملك عظيم "في المسيح"

كَتَبَ الرسول بولس عن قوتنا في حروبنا مع إبليس وجنوده، وشرح تفاصيل السلاح الذي ندخل به المعارك في الإصحاح السادس من رسالة أفسس.. أما في الإصحاحين الأول والثاني فَتَحدث عن مكانتنا العظيمة والتي على أساسها نحمل السلاح..

إن مكانتا هي "في المسيح"، ولأن المسيح جالس في السماويات (أف1: 20) فنحن نُحسب جالسين معه في السماويات [السماء الثالثة].. أي أعلى جداً من مملكة إبليس التي تقطن عالم الهواء [السماء الأولى] (أف6: 12)..

نعم نحن لا نزال نسير على الأرض التي يحيط بها الهواء، لكننا مع هذا لا نحارب كمواطنين أرضيين بل كملوك يحملون جنسية السماء.. "سيرتنا نحن [جنسيتنا (KJV) هي في السموات" (في3: 20).. إننا نحارب العدو من مكانة أعلى..

تُسجل لنا كلمة الله هذه الحقيقية المشرقة في الأصحاح الثاني من رسالة أفسس..

"بالنعمة أنتم مُخلصون. وأقامنا معه [مع المسيح] وأجلسنا معه [لاحظ زمن الماضي] في السماويات" (أف2: 5، 6)

هل أدركت عظيمة هذا الامتياز؟! إنه بسبب كوننا في المسيح، نُحسب ملوكاً جالسين في السماويات؟.. لقد ارتفعنا "فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة" (أف1: 21)..

وهل تُحارب قوى الظلمة بإحساس الملك القوي المنتصر؟.. أنت ملك عظيم في المسيح الملك الأعظم، وبهذه المكانة يجب أن تحارب..

وهل أدركت جبروت الصولجان الذي تحمله؟.. إنه اسم الرب يسوع، فقد أعطاه لك الرب لتحمله وتُلوح به للعدو متى ظهر أمامك.. ما أقوى هذا الأسم!! لن يحتمله العدو متى نطقت به بإيمان.. سيفزع، سيرتعب ويهرب..

تأمل، لقد حاول روح عرافة أن يضايق الرسول بولس، فكيف واجهه؟.. هل بتقواه؟.. كلا.. هل باسم موسى أو إيليا؟.. أيضاً كلا، مع إنهما من أعظم الأنبياء.. كان بولس يعرف جيداً الأثر المدمر للصولجان الذي يحمله ضد العدو.. كان يعرف أن اسم يسوع "فوق كل اسم" (في2: 9)، فاستخدمه.. لقد قال لروح العرافة: "أنا آمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منها" (أع16: 18)..

واجه أنت أيضاً إبليس مؤمناً أنك ملك لك سلطان عليه، واستخدم الصولجان بثقة.. انتهره باسم الرب يسوع..

قُل بإيمان: "آتى بجبروت السيد الرب" (مز71: 16).. إن لنا هذا الوعد الذهبي "هذه الآيات تتبع المؤمنين يخرجون الشياطين باسمي" (مر16: 17)..

لقد وُلِدتَ ملكاً لتغلب.. "كل من وُلِدَ من الله يغلب العالم" (1يو5:4).. هللويا..

كاهن عظيم في المسيح

في ذات اللحظة التي أسلم فيها الرب روحه، وَقَعَ في الهيكل حدث هائل وبلا نظير: يخبرنا إنجيل متى:

"وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل" (مت27: 51)

ويصف إنحيل لوقا نفس الحادثة قائلاً:

"وانشق حجاب الهيكل من وسطه" (لو23: 45)

في ذات لحظة موت الرب تحول حجاب قدس الأقداس الذي كان مغلقاً دائماً إلى باب مفتوح لنا إلى الأبد..

الحجاب، وهو قطعة قماش معلقة على أربعة أعمدة، كان مُقاماً ليغلق الطريق إلى قدس الأقداس، وليحجب عن النظر تابوت العهد الذي في وسط قدس الأقداس والذي يشير إلى عرش الله..

يُعَبر الحجاب عن عدم استحقاق الإنسان للاقتراب المباشر إلى عرش الله.. فبسبب خطية آدم، فَقَدَ الإنسان هذا الامتياز وصار في احتياج دائم إلى الوساطة لكي يقترب إلى الله.. في احتياج إلى وساطة الطقوس والذبائح الدموية والكهنة..

بسبب الخطية لم يعد للإنسان امتياز الاقتراب المباشر إلى العرش، لذا نسمع إشعياء النبي يخاطب الله قائلاً: "حقاً أنت إله محتجب" (إش45: 15).. وعندما طلب الله من موسى والذين معه أن يصعدوا إليه، قال لهم: "اسجدوا من بعيد" (خر24: 1)..

لكن في لحظة موت الرب حدثت المعجزة، وتغير كل شئ.. لقد انشق الحجاب..

سَدَدَ الرب كل ديوننا فألغى كل الحواجز.. يا له من خبر سار!! لقد أزال دمه المسفوك قوة الخطية التي تعوق اقترابنا إلى العرش..

لقد انشق الحجاب كعلامة على أن الدخول إلى العرش صار امتيازاً لجميع المؤمنين.. وانشق طولياً، من فوق إلى أسفل وليس من أسفل إلى فوق، لأنه عمل من جانب واحد قام به الرب وليس الإنسان.. لقد قام به لأجلنا مجاناً لأنه أحبنا..

لقد انشق الحجاب من أعلى إلى أسفل بالكامل، فلم يترك الرب لنا شيئاً ولو صغيراً لنفعله للتكفير عن خطايانا..

ويقول إنجيل لوقا إنه انشق من الوسط (لو23: 45).. لقد كان الحجاب مثبتاً على أربعة أعمدة، فانشقاقه في الوسط من أعلى إلى أسفل يعني أن المساحة المتوسطة منه التي بين العمودين الداخليين هي التي انفتحت لتكون باباً..

يا له من مغزى عميق!! فالباب تَكون تماماً أمام تابوت العهد الذي في وسط قدس الأقداس..

لم ينشق الحجاب في الجنب، فالطريق إلى العرش الإلهي صار الآن طريقاً مباشراً.. لا توجد طرق جانبية.. لا يوجد مجال للوساطة البشرية من أي نوع..

أيها الحبيب، لقد كان من حق رئيس الكهنة في العهد القديم أن يدخل مرة واحدة في السنة إلى قدس الأقداس بترتيب معين وبطقوس كانت لابد وأن تتم بكل دقة.. أما أنت فلك امتياز أن تدخل إليه مباشرة في أي وقت تشاء، وبلا شروط طقسية محددة من أي نوع..

اقرأ معي هذه العبارات الذهبية من الرسالة إلى العبرانيين التي تنطق بهذه الحقيقة..

"فإذ لنا أيها الأخوة [لنا نحن مؤمنو العهد الجديد] ثقة [في اللغة اليونانية تعني أيضاً دالة وجرأة](42) بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع.. لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير" (عب10: 19، 22)

"لنتقدم بثقة [بلا خوف] إلى عرش النعمة [فلم يعد بالنسبة لنا عرش دينونة يقضي علينا] لكي ننال [وليس مجرد أن نطلب] رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه [لن تتأخر أبداً]" (عب4: 16)

هل تؤمن؟

أيها المؤمن، يا من افتُديت بالدم الثمين، هل أدركت عظمة هذا الامتياز؟.. لقد جعلك الرب كاهناً (رؤ1: 6) ذا مكانة عظيمة.. لك الحق أن تدخل إلى عرش الله في أي وقت تشاء بلا وساطة بشرية، لكي تتحدث معه بدالة وبلا خوف، وبثقة أنه أبوك الذي يحبك بلا حدود..

وهل تؤمن بما أعلنته كلمة الله، أن الدم الثمين قد طهر قلبك من الضمير الشرير (عب10: 22)، ضمير الخطايا المزعج (عب10: 2).. الضمير الذي يُشعر صاحبه بالذنب فيُضعف من ثقته في استجابة الرب لصلواته..

هل تؤمن بأن الدم الثمين قد حررك من هذا الضمير؟.. وهل تدخل إلى حضرة الآب السماوي ككاهن مبرر في المسيح، ولا يوجد هناك ما يعوق سلامك مع الله أو يمنع تلذذك بالشركة معه كأب؟

آمن بما فعله دم المسيح.. آمن أنك كاهن في المسيح..

آمن بما فعله الدم.. آمن بأن لك ضميراً مُطهراً، مُحرراً من الإحساس بالذنب.. ثم تعال إلى العرش الإلهي، عرش النعمة..

فإن كنت تشعر بنقص في الفرح أو التعزية.. ادخل حالاً إلى العرش.. لا تؤخر فسيفيض في داخلك بأفراح حقيقية وتعزيات قوية..

وإن كانت الهموم تهاجمك، تريد أن تُطفئ لمعان إيمانك.. هيا تقدم بثقة إلى العرش.. ستنتعش وسيشجعك بقوة في نفسك..

وإذا كنت ضعيفاً عاجزاً عن الصمود أمام هجمات العدو الشرسة.. تعال أيضاً إلى حضرة القدير.. هيا استبدل ضعفك بقوة من المسيح..

"فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح.. لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2كو12: 9، 10)

أيها الحبيب، كم هو ضروري جداً أن نتمتع بهذا الامتياز، أن نتواجد كثيراً في أقداس السماء كي نتقوى وننتصر في مصارعتنا مع أجناد الشر الروحية.. في الأصحاح السادس من رسالته إلى أفسس بعد أن تحدث الرسول بولس عن أجزاء السلاح الذي نحارب به، أضعاف قائلاً: "مُصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح" (أف6: 18)..

كل وقت، أي كلما توفرت لنا الفرصة.. لننتهز كل فرصة متاحة لندخل إلى الأقداس ونتقدم إلى عرش النعمة.. هناك يُزال تعبنا وإعياؤنا، وتُجدد قوتنا وإيماننا.. وتُسمع صلواتنا وطلباتنا..

في الأقداس وأمام العرش، نمتلئ بحرارة الروح.. وفرح الروح.. وقوة الروح..

فما سر القوة التي كانت للكنيسة الأولى، أليس لأنها كانت مشغوله بالدخول المستمر إلى الأقداس؟.. حينما تحدث الرسل عن مشغولياتهم قالوا: "أما نحن فنواظب على الصلاة وخدمة الكلمة" (أع6: 4).. لقد ذكروا الصلاة قبل خدمة الكلمة، لأنه لم تكون هناك خدمة كلمة فعالة في الكرازة أو في التعليم إن لم يسبقها دخول للأقداس..

لندخل إلى الأقداس لكي نمتلئ قوة.. ولكي ما يرتفع إيماننا.. حينما فَشَلَ التلاميذ في إخراج الأرواح الشريرة القوية التي كانت في الولد المصاب بالصرع، وَضَحَ الرب السبب، إنه قلة إيمانهم (NIV، RSV) (مت17: 20)، وقَدَم لهم العلاج، الصلاة والصوم (مت17: 21)..

الصلاة والصوم ترفعان الإيمان.. ففي الصوم نعلن إنكارنا لذواتنا ونتخلص من اعتمادنا على قوتنا الخاصة التي تُضعفنا.. وفي الصلاة، في الدخول إلى الأقداس نتحرر من الشك ونمتلئ بالإيمان..

لقد جعلنا الرب كهنة لهم مكانة عظيمة.. فلنتمتع بهذا الامتياز، فهكذا يقوى إيماننا..

احمل الوعود إلى الأقداس

وإذ ندخل إلى الأقداس، نعلن للآب تمسكنا بالوعود التي أعطاها لنا في الكلمة.. وإذ نطالبه بتحقيقها، فهذا يعني إننا نصلي بحسب مشيئته..

وما النتيجة؟ لنقرأ بفرح هذه الآيات الثمينة..

"إن ثبتم في وثبت كلام [بما فيه من وعود] فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم" (يو15: 7)

"وهذه هي الثقة التي لنا عنده أنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا. وإن كنا نعلم أنه مهما طلبنا يسمع لنا نعلم أن لنا الطلبات التي طلبناها منه" (1يو5: 14، 15)

أيها الحبيب..

هل تصلي بحسب الكلمة، أم أن نشأتك الدينية عودتك أن تصلي بطريقة نمطية، تكرر نفس الكلمات في كل مرة؟.. رسالة يعقوب تقول لكثيرين: "لستم تمتلكون لأنكم لاتطلبون" (يع4: 2)..

الرب، أب عظيم في محبته، وفي تفهمه لاحتياجك ولضعفاتك وكل ظروفك.. يريدك أن تمتلك، مكتوب إنه "يهب خيرات للذين يسألونه" (مت7: 11)..

أتريد أن تمتلك الخيرات؟.. إسأل أبيك السماوي، ادخل إلى الأقداس لتطالبه بتحقيق وعوده..

اصغ إلى الكلمة جيداً، وانتبه كل الانتباه إلى وعودها التي لها علاقة بما يجري الآن في حياتك.. ثم احملها معك إلى الأقداس حيث عرش النعمة..

تكلم بتحقيق هذه الوعود.. قُل له إنها مشيئتك المعلنة في كلمتك التي لا تسقط أبداً (يش21: 45)..

طالبه باسم الرب يسوع.. في القديم كان الله يبارك وينقذ ويشفي من أجل إبراهيم (تك26: 24)، وداود (2مل20: 6، إش37: 35).. وكانت الصلوات تُرفع له باعتباره إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب (خر3: 6)..

وإله داود (2مل20: 5)..

أي امتياز لك!! أنت لست في العهد القديم.. أنت في العهد الأعظم والأسمى والأفضل، أنت في العهد الجديد.. وقد صارت لك بسبب هذا العهد مكانة أعظم من مكانة كل رجال العهد القديم.. فلن تُستجاب صلواتك من أجل أسماء بشرية، مهما كانت عظيمة كإبراهيم وداود.. بل من أجل الاسم الذي هو "فوق كل اسم" (في2: 9).. من أجل اسم الرب يسوع الذي قال: "الحق الحق أقول لكم إن كل ما طلبيتم من الآب باسمي يعطيكم" (يو16: 23).. ولن تُشفى من أجل اسم عظيم كداود بل من أجل الاسم الأعظم، اسم الرب يسوع (يع5: 14)..

وفكر معي، لم يقل أحد في العهد الجديد إنه صلى إلى إله إبراهيم أو إله داود، وها هو بولس يقول لنا: "بسبب هذا أحني ركبتي لدى أبي ربنا يسوع المسيح [يسوع باعتباره ابن الله] (أف3: 14) "كي يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح [يسوع باعتباره ابن الإنسان الإله الذي صار أخاً لنا بالتجسد]" (اف1: 17)..

يا له من امتياز!! نحن لا نصلي إلى إبراهيم، الله كما عرفه رجال العهد القديم.. بل إلى الإله كما عرفناه في العهد الأفضل، العهد الجديد.. ولا نطلب باسم إبراهيم أو أي اسم آخر من المؤمنين القديسين العظماء بل باسم قدوس القديسين، راع الخراف الأعظم، يسوع المسيح.. ولأننا نصلي ونطلب باسم الرب يسوع، فإن صلاتنا تطلق قوة الله لتصنع العجائب، ولا توجد دائرة لا تقدر أن تؤثر فيها..

آه يا رب ما أكرم أفكارك، وما أعظم محبتك!!

وما هذا الذي صار لي بسبب فداء ابنك..

رفعتني من المزبلة، لتجعلني لك ملكاً وكاهناً في ابنك يسوع..

ملكاً يرعب مملكة إبليس، وكاهناً يدخل أقداسك ليتحدث معك..

"جعلت سروراً في قلبي" (مز4: 7)..

ودائماً "تزيد عظمتي" (مز71: 21)..

ثانياً: عطاؤه فوق كل التوقعات

"أحببتهم كما أحببتني"
ومرة أخرى نقرأ هذه العبارة الذهبية التي نطق بها الرب.. كم تُفرحنا!! كم تُعزينا، كم تُشجعنا وتُطمئنا وتقوي إيماننا!.. فالآب السماوي يحبنا مثلما يحب ابنه الوحيد، لأنه يرانا فيه..

وهذا مظهر ثاني من مظاهر حبه العظيم لنا.. إن عطاؤه لنا يفوق كل توقعاتنا، وبلغة الكلمة نفسها "أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر" (أف3: 20)..

أيها الحبيب، لا تستكثر على نفسك أن يعطيك الرب هبات عظيمة فوق المتوقع فهو لن يعطيك شيئاً بسبب استحقاقك الشخصي بل بسبب حبه العظيم الذي أحبك به..

البعض حينما يقرأون وعداً من وعود الكلمة، ويجدونه بعقولهم صعب التحقيق ويتطلب إيماناً فائقاً ليس لهم، يهربون من مواجهة ضعفهم.. وبدلاً من أن يعترفوا بضعف إيمانهم، ويأتوا إلى الرب مُكمل الإيمان (عب12: 2).. بدلاً من أن يلهجوا في الوعد وينشغلوا به حتى يمتلكوا الإيمان به، يهربون بمحاولة تفسير الوعد تفسيراً غير أمين ليجعلونه سهل التحقيق، مقبولاً لعقولهم الجسدية..

كم يخطئون، فالرب يحبهم ويريد لإيمانهم أن ينمو، لا تكن غير أميناً، لا تقبل أن تفهم وعد الرب بفكرك الخاص لمجرد أنك لا تجد في داخلك إيماناً كافياً..

لا تفهم وعود الرب على نحو يقلل من عظمتها، هذا أمر يعارض ثقتك في محبته التي تريدك عظيماً في الإيمان..

قصة

قضى بطرس ورفقاؤه ليلة سيئه للغاية.. بذلوا كل جهد، ووصلوا إلى نهاية قدراتهم ولم تحظ شباكهم بسمكة واحدة..

غسلوا الشباك مُعلنين اقتناعهم بفشلهم وعجزهم عن المواصلة..

وأتى الرب إليهم، فماذا حدث؟.. ذات القارب وذات المياه، لكن ما أبعد النتائج!!.. من لا شئ بعد ليل طويل مضى إلى سمك كثير جداً وبمحاولة واحدة فقط للصيد..

قال الرب لبطرس: "ابعد إلى العمق وألقوا [أي أنت ورفقاؤك] شباككم [وليس شبكة واحدة] للصيد" (لو5: 4)..

أجابه بطرس: "على كلمتك ألقة [أنا بمفردي] الشبكة [في المفرد]" (لو5:5).. لم يكن بطرس مُدققاً في قوله "على كلمتك"، فكلمه الله لم تقل له ألق بمفردك شبكة واحدة..

لقد رأي بطرس أنه أمر خيالي تمتلئ كل الشباك بالسمك بعد كل هذه المحاولات الفاشلة التي بذلها هو ورفقاؤه طوال الليل.. نعم، هو لم يرفض كلمة الرب تماماً إلا أنه حَرفها من أمر بإلقاء كل الشباك إلى أمر بإلقاء شبكة واحدة..

أيها القارئ، لا تَلُم بطرس، فأحياناً نرتكب نفس الخطأ.. يعطينا الرب وعداً من كتابه وإذ نراه أكثر جداً من المتوقع نتدخل بأذهاننا ونفسره تفسيراً غير أمين يجعله قريباً من الواقع.. آه لو أدركنا كم يحبنا الرب، لعرفنا إنه دائماً يفعل لنا أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر..

أخطأ بطرس وألقى شبكة واحدة فقط، فماذا حدث؟

"ولما فعلوا ذلك أمسكوا سمكاً كثيراً جداً فصارت شبكتهم [بالمفرد] تتخرق فأشاروا إلى شركائهم الذين في السفينة أن يأتوا ويساعدوهم" (لو5: 6، 7)

في قصة أخرى مثيله لم يطلب الرب من بطرس أن يلقي كل الشباك بل شبكة واحدة، لقد كان الوحي حريصاً أن يسجل عن هذه الشباك أنها لم تتخرق..

"فصعد سمعان بطرس وجذب [بمفرده] الشبكة إلى الأرض ممتلئه سمكاً كبيراً.. ومع هذه الكثرة لم تتخرق الشبكة" (يو21: 11)

لقد تخرقت الشبكة في القصة الأولى ولم تتخرق في القصة الثانية، لأن السمك في الأولى لم يكن لشبكة واحدة، فقد كانت كلمة الرب: "ألقوا الشباك [وليس شبكة]" لذا لم تحتمل الشبكة الواحدة وتخرقت..

إن عدم دقتنا في فهم كلمة الرب وانتقاصنا مما تخبرنا به من وعود قد يُفسد الشبكة، وقد يأتي لنا ببعض الخسائر..

خُذ كلمة الرب كما هي، ولن تتخرق لك شبكة واحدة..

حينما نحيا بالإيمان، ونأخذ كلمات الرب كما هي ونثق في حبه العظيم لنا، لن يملأ الرب فقط جميع شباكنا بل سيحافظ عليها.. لن يُسدد فقط احتياجاتنا المتنوعة بل أيضاً سيحرسنا..

أيها الحبيب، هل يستخدمك الرب كشبكة لربح أو للمساعدة في ربح النفوس؟.. ثق أن استخدام الرب لك لن يكون في اي وقت لإيذائك.. مكتوب "ولا يضركم شئ" (لو10: 19).. إن نير الرب هين وحمله خفيف، ثق إن شبكتك لن تتخرق بسبب هذه النفوس..

لا تطرح أبداً ثقتك في محبة الرب العظيمة وفي عطاء الرب العظيم وفي حماية الرب العظيمة.. سيملأ كل احتياجاتك وسيحفظك بحماية خاصة..

لا تقللي

هذه العبارة قالها إليشع إلى الأرملة التي أتت إليه صارخة، مستنجدة طالبة إنقاذاً لإبنيها.. لقد أتى المرابي ليأخذهما عبدين بسبب الديون..

قال لها أليشع: "استعيري لنفسك أوعية فارغة.. لا تقللي" (2مل4: 3).. شجعها أن تأتي بأكبر عدد من الأوعية، كان له الإيمان أنه مهما كثر عددها فسوف تمتلئ كلها بالزيت.. وكلما ازداد كلما أتى بمبلغ أكبر لإنقاذ ابنيها ولمعيشتها..

الرب يقول لك: "لا تقلل أنت أيضاً أوانيك التي تحضرها إلى فارغة.. لا تقلل شباكك.. إنني أُحبك جداً، وسأملأها جميعاً"..

إن ثقتنا في محبة الرب لنا تجعلنا نثق أن عطاءه لنا عظيم يسدد كل إحتياجاتنا، أكثر مما نفتكر..

هل تؤمن بهذا؟.. تعال معي نرنم له مع داود، بفرح وابتهاج:

"أمامك [في حضورك] شبع سرور في يمينك [حيث وضعتنا بالقرب منك] نِعَم إلى الأبد" (مز16: 11)

ثالثاً: يستخدم كل شئ لأجلنا

هذا مظهر ثالث من مظاهر محبته العظيمة التي أحبنا بها.. أنه يستخدم كل شئ لأجل راحتنا وحمايتنا، وتسديد احتياجاتنا.. وأيضاً لأجل نمونا في علاقتنا معه، ولكي يستخدمنا استخداماً عظيماً..

إنه مستعد أن يزلزل الدنيا، وأن يغير الأحداث بل والتاريخ من أجل أصغر مؤمن فينا (مز22: 24)، متى كانت هناك ضرورة لذلك..

هذا ما تعلنه الكلمة الصادقة وبكل وضوح.. على سبيل المثال اقرأ هذا المقطع من مزمور18، وتأمل ما فعله الرب لأجل داود..

"في ضيفي دعوت الرب.. فسمع من هيكله صوتي..

فارتجت الأرض وارتعشت أسس الجبال ارتعدت وارتجفت لأنه غضب.. طأطأ السموات ونزل.. أرعد من السموات.. أرسل سهامه فشتتهم" (مز18: 6-14)

الرب يزلزل الجبال من أجل داود، فإن كانت الجبال الشامخة الراسخة قد تزلزلت فهذا يعني أن أي شئ آخر يتزلزل من أجل خير المؤمن..

الرب يحبنا حباً عظيماً لذا فهو يُحرك كل شئ من أجلنا.. ثق أنه يستخدم كل الظروف المحيطة بك حتى أعدائك من أجلك، فأنت ثمين جداً في عينيه.. لا تنس أنه يراك دائماً في ابنه يسوع ويحبك بنفس المحبة التي يحبه بها..

يستخدم الكل لأجلك

من أجل أن يعلم الرب يونان أعظم الدروس استخدم الدودة الصغيرة مع الحوت الضخم (يو4: 6، 1: 4).. إنه يستخدم لأجلك أصغر الأشياء وأكبرها.. أضعف الأمور وأقواها.. تأمل معي..

كيف استخدم دموع موسى الرضيع، وهي تعبير عن منتهى الضعف والعجز، لينقذه بها من الموت غرقاً في البحر.. لقد حركت الدموع أحشاء ابنه فرعون (خر2: 6) فرقت له وتبنته، وفي الحال تحول قصر العدو القاسي الذي كان يُطالب بقتل موسى إلى مكان آمن لحمايته ورعايته..

وكيف استخدم الرب الأحلام.. أحلام كل من فرعون وساقيه، لكي في قفزة واحدة يُصعد يوسف من السجن إلى العرش ومن المذله إلى المجد..

وكيف استخدم من أجل مردخاي أمرين مدهشين جداً.. النسيان والأرق من النوم، ليكون سبباً في تكريمه وتبجيله.. ومتى؟ في وقت دبرت فيه قوى الظلمة كل شئ من أجل إهانته وإذلاله..

ففي ليلة نفس اليوم الذي عمل فيه هامان الوزير الأول الخشبة ليصلب عليها مردخاي، طار النوم من أحشويرش الملك فطلب أن يشغل وقته بالاستماع إلى أخباره السابقة المدونة.. وقاده الاستماع إلى تذكر ما فعله مردخاي من أجله..

تذكر الملك أن مردخاي هو الذي أبلغ في وقت سابق عن مؤامؤة دُبرت لقتله.. وسأل الملك وعَرَفَ أحداً لم يتذكر أن يكافئ مردخاي، فأمر بإكرامه فوراً.. أمر أن يلبسوه الثياب السلطاني ويضعوا التاج الملوكي على رأسه، ويركبوه على الفرس ويسيروا به في ساحة المدينة منادين قدامه بكرامته (استير6)..

ما أعظم حب الرب!!.. يستخدم كل شئ لأجل أولاده.. بل إنه يستخدم أيضاً الأحداث السياسية من أجلهم.. وإليك مثال على ذلك..

أصدر حاكم رومية أمراً بترحيل اليهود من مدينته، فتسبب هذا في انتقال أكيلا وبريسكيلا إلى كورنثوس.. تأمل، لقد ذهبا إليها في الوقت المناسب تماماً ليكونا في استقبال الرسول بولس، ليستضيفاه في بيتهما.. ليكونا لحمايته وليضعا عنقيهما من أجل حياته (رو16: 3)..

لقد استخدم الرب قرار حاكم رومية ليريح بولس وليحميه.. وبكل تأكيد سيفعل هذا الأمر معك، ما دمت تؤمن، سيستخدم من أجلك قرارات من لهم سلطة لأجل راحتك وحمايتك..

أيها الحبيب، ثق إن قلوب الملوك وجميع اللذين لهم منصب هي في يد إلهك يحركها بذات السهولة التي يُحرك بها المياه (أم21: 1).. إنه يحركها من أجل خيرك.. لسلامتك ولاستمرار استخدامه لك لإتمام مقاصده..

لقد آمن الرسول بولس بهذه الحقيقة، لهذا طَلَبَ من المؤمنين أن يُصلوا من أجل حكامهم..

"فأطلب أول كل شئ أن تقام طلبات [صلوات لأمور محددة] وصلوات [صلوات لأمور عامة] وابتهالات [تشفعات] وتشكرات لأجل الملوك [الرؤساء] وجميع الذين هم في منصب لكي نقضي حياة مطمئنة هادئة في كل تقوى ووقار. لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (1تي2: 1-4)

الرسول بولس يطالبنا بالصلاة من أجل الحكام حتى يستخدمهم الرب لتوفير حياة مطمئنة هادئة تسمح لنا بالعمل لخلاص جميع الناس..

ولم يكن الرسول بولس ليطالبنا بذلك لو لم تكن هذه هي مشيئة الرب..

يخبرنا سفر دانيال عن الثلاث فتية الذين كانوا مسبيين في بابل أنهم "غيروا كلمة الملك" (دا3: 28)..

هل اتخذ الذين في السلطة قرارات لا تعمل لخيرك، لا تساعد على حياة مطمئنة هادئة أو تعطل استخدام الرب لك في الخدمة؟.. بإمكانك، نعم بإمكانك أن تُغير كلام الملك..

تمسك بالإيمان بأن الرب يستخدم الملوك من أجلك، واقرأ معي هذه الآيات القوية التي ختم بها الرسول بولس الأصحاح الثالث من رسالته الأولى إلى كورنثوس..

"فإن كل شئ لكم.

أبولس أم أبلوس أم صفا [جميع نوعيات الخدام] أم العالم [الخليقة]

أم الحياة [بكل ظروفها المتنوعة]

أم الموت [هو أيضاً لك لأنه معبرك إلى حياة أعظم]

أم الأشياء الحاضرة أم المستقبلة

كل شئ لكم.

وأما أنتم فللمسيح" (1كو3: 21، 22)

هل لاحظت أن يكرر عبارة "كل شئ لكم".. التكرار للتأكيد.. الرب أحبك جداً جداً وجعل كل شئ لك.. لا يوجد شئ ضدك.. ثق أنه يستخدم كل شئ لخيرك..تذكر أنه يحبك مثلما يحب ابنه لأنه يراك دائماً فيه..

أعطاك مكانة عظيمة.. صرت ملكاً وكاهناً في المسيح..

وعطاؤه لك فوق كل التوقعات..

ويستخدم كل شئ لأجلك..

حقاً، أي امتياز هذا..

لنؤمن.. ولنحيا ما نؤمن به!!






التوقيع


رد مع اقتباس
إضافة رد


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين