بارتيماوس - منتدى ام السمائيين و الارضيين
الرئيسية التسجيل مكتبي     البحث الأعضاء الرسائل الخاصة


منتدى ام السمائيين والارضيين


   
العودة   منتدى ام السمائيين و الارضيين > منتدى الكتاب المقدس > شخصيات من الكتاب المقدس
 
إضافة رد
   
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 08-27-2011, 09:53 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مشرف
 
الصورة الرمزية بنت مارمينا
 

 

 
فق بارتيماوس





بارتيماوس

«وفيما هو خارج من أريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الأعمى ابن تيماوس جالسًا على الطريق يستعطي»

(مر 10 : 46)

مقدمة
لا يكاد المرء يعرف في كل التاريخ شهرة لشحاذ أعمى كالشهرة التي بلغها بارتيماوس الأعمى الذي جلس على الطريق في أريحا يستعطي، ومن العجيب أن الذين يعرفون بارتيماوس في كل العصور، أكثر من الذين عرفوا أعظم الخالدين من العميان في الأرض، لم ينطق بارتيماوس في حياته بالشعر، ولم يعرف شيئاً عن الألياذة والأوديسة، لكنه بلغ شهرة أعلى من هوميرس شاعر الإغريق الضرير!! ولم يرتق بارتيماوس عرشًا بل جلس على التراب على مشارف أريحا، ومع ذلك فقد غطت شهرته على شهرة أوديب الملك، الذي خرج بعقدة الذنب وقد فقأ عينيه، وسار شريدًا طريدًا في الأرض لا يلوي على شيء، والذين أحبوا الشاعر الإنجليزي الضرير ملتون، الذي كتب الفردوس المفقود والمردود، هم قلة إزاء الجماهيرالتي وعت قصة بارتيماوس الأعمى في كل الأجيال، إن السر الواضح في كل هذه، هي أن بارتيماوس جلس على طريق الحياة - وهو شحاذ أعمى - يمر به يسوع المسيح، ويعطيه العطية التي أكسبته نور العين، ونور الخلود، وهكذا كل إنسان يقف في الطريق ليلتقي بالمسيح ويسير في ركبه الخالد الأبدي!! إن قصة الرجل يمكن أن تروى من الجوانب التالية :
بارتيماوس والحياة على قارعة الطريق
ولعله من اللازم أولا وقبل كل شيء أن نتعرض لرواية الإنجيل عن بارتيماوس فإذا كان متى قد قال : «وفيما هم خارجون من أريحا تبعه جمع كثير، وإذ أعميان جالسان على الطريق» (مت 20 : 29) وإذا كان مرقس قد قال : «وفيما هو خارج من أريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الأعمى ابن تماوس جالسًا على الطريق» (مر 10 : 46)... وفي لوقا «ولما اقترب من أريحا كان أعمى جالسًا على الطريق يستعطي» (لو 18 : 35).. ومن الواضح أن متى يذكر أعميين، ولوقا يذكر أن المعجزة حدثت على مقربة من أريحا، ومتى ومرقس يذكران أنها حدثت عند خروجه من أريحا، فما هو التصور الصحيح فيما يبدو أنه تعارض ظاهري؟ وفي الحقيقة لا يوجد تعارض على الإطلاق، بل أن هذا التعارض الظاهري دليل على صحة الرواية، وليس العكس،فلو أن أحد البشيرين كان يستمد الرواية مما يقرأه من الآخر، لما بدا هناك أدنى تعارض، ولكن كان كل واحد منهم مستقلاً في عرض الرواية، وأمينًا في سردها دون تردد، وهناك حلول كثيرة للمشكلة أو الصعوبة الظاهرة، ومنها أن ذكر بارتيماوس باسمه يعني أنه أضحى معروفًا فيالتاريخ المسيحي، وكان الأشهر من الأعمى الآخر الذي شفاه أيضًا المسيح، ومرات كثيرة ما يذكر شخص دون الآخر في رواية، فعندما زار لافييت الولايات المتحدة ورحبت به أمريكا، وكان قد صحب ابنه، ذكرت بعض الصحف الزيارة دون إشارة إلى ابنه، وبعضها الآخر أشار إليه وإلى ابنه معًا، وعندما دونت معركة ووترلو، قال ولنجتون إنها بدأت في الساعة العاشرة، وقال الجنرال ألفا إنها بدأت في الحادية عشر والنصف، وقال نابليون ودوريت إنها بدأت في الساعة الثانية عشرة، والقتال عندما يدور في أماكن مختلفة وقبل أن يأخذ قوته الكاملة من كل جهة يمكن أن يكون قد بدأ في هذه الأوقات جميعها إذا دون من نقط مراقبة مختلفة، ولا أحد ينكر أن معركة ووترلو قد حدثت فهي واقعة صحيحة، أو أن التواريخ المختلفة دقيقة! فإذا جاء ذكر بارتيماوس دون الآخر - وما أكثر ما شفى المسيح - فإن الصمت عن ذكر الآخر لا يعني التناقض كما يقول الأسقف ترنش، وبالإضافة إلي هذا لا يجوز أن ننسى أنه إذا كان لوقا يذكر أن المعجزة حدثت على مقربة من أريحا ومتى ومرقس يقولون إنها حدثت عند خروجه من أريحا، فإن ذلك لا يعني الاختلاف في تحديد المكان، إذا علمنا أنه كانت توجد أريحا القديمة، وعلى مشارفها توجد أريحا الجديدة التي بناها الهيرودسيون، ومن الجائز أن لوقا يصف الواقعة مرتبطة بأريحا الجديدة، والآخران يذكران أريحا القديمة!! ومثل هذه القراءات المدققة تؤكد سلامة الرواية الكتابية ودقة الذين كتوبها، وليس العكس، على الطريق وفي مشارف المدينة حيث يجلس الفقراء والمنكوبون ليتلقوا الإحسان من الغادي والرائح جلس بارتيماوس الأعمى ابن تيماوس، ونحن لا نعلم كم عاش على هذا الأسلوب، لكنه يعطي صورة لكل إنسان يقف أو يجلس ليأخذ مكانه على قارعة الطريق الأبدي، ومهما يتسع به الحال أو يضيق، ومهما ترتبك ظروفه أو تعتدل، فهو أعمىيستعطي، كانت رسالة الله لبولس : لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور» (أع 26 : 18) وقد غنت شارلوت اليوت أعنيتها المعروفة : «كما أنا أعمى شقي وفقير» وكل إنسان بهذا المعنى أعمى يتخبط في الظلام، حتى ولو كان حاد البصر أريب الفكر في أمور الدنيا وأحوال العالم، وإلا فمن منا يعرف ما وراء النجوم أو بالأحرى من هو وراء النجوم، ألم ير عمر الخيام السماء كالطبق المقلوب دون أن يدرك الله الذي هو خلف كل الأشياء، وصانع الكل، بل من منا يستطيع أن يتحدث عن الغد. وما يأتي به، وما تلد الأيام والليالي من أحوال وأحداث، ... وكم من الناس يعرف طريق الخلاص من الخطية، وما تجلبه علينا من تعاسات ومن عار أبدي!! ألم يسر الناس في ضلال الخطية؟ بل ألم يحبوا الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة!! كلنا في الواقع قبل أن يفتح المسيح عيوننا ذلك الأعمى الجالس على مشارف الطريق في رحلته المتحركة إلى الأبدية!! وليت الأمر وقف عند هذا الحد، لقد كان الأعمى فقيرًا يستعطي، مربه آلاف الناس أعطاه بعضهم، وأكثرهم لم يعطه، ومع ذلك ظل الشحاذ يستعطي حتى مر المسيح به في الطريق، ونحن أشبه بالرجل، مما يقدم لنا كل يوم، فانه يتركنا آخر الأمر في حاجة قاسية، وفقر لا ينتهي، لأن الحاجة الحقيقية لا يمكن أن يملأها إلا يسوع المسيح!!
بارتيماوس والناس على قارعة الطريق
ولا نقصد بالناس، مجرد الناس الذين مروا به، وألقوا إليه بعضًا من عطاياهم، أو الذين لم يعطوا وما أكثرهم، إذ كان بارتيماوس كمية مهملة عندهم، وما أكثر الذين يسيرون في موكب الحياة ويمرون بآلام الآخرين دون اهتمام أو حدب، أو بأيسر الاهتمام مما يتركه كما كان في بؤسه وآلامه وحاجته إلى العطاء المتكور، لكننا نقصد تلك الجموع التي كانت تسير في ركب المسيح، وقد حاولوا بقصد أو بغير قصد، الوقوف في طريق مساعدته ومنعه من الاقتراب إلى المسيح، إذ كيف لهذا الشحاذ أن يعطل موكب المسيح من الانطلاق والسير إلى الأمام، عندما صرخ الرجل انتهره المتقدمون ليسكت،... في يوم عيد الميلاد في أحد الأعوام في مدينة نيويورك، حيث يكون الزحام على أشده، وجد شاب على أحد الأرصفة ميتًا تحت أرجل المارين، وتبين من نحافه المفزعة، أنه مات جائعًا مدوسًا في الزحام في عيد ميلاد المسيح، فإذا لم تصل الأنانية إلى هذا الحد، فلعلها تكون بصورة أخرى مبعثها الإهمال والنسيان، ... هل سمعت عن ذلك الصبي الذي خرج من مدرسة الأحد، وإذ التقى به أحدهم وكان ملحدًا وسأله : أين كنت أيها الصبي!!؟ فأجابه : كنت في مدرسة الأحد! وماذا تعلمت هناك؟ أجاب : تعلمت أن الله محبة! فقال له الملحد : وهل الله الذي هو محبة يمكن أن يتركك هكذا ممزق الثياب! فسكت الصبي لحظة ثم قال بألم : إن الله أوصى أحدهم بي، ولكن هذا الأخير نسى! ...على أنه من العجيب أن الذين قاوموا بارتيماوس، هم الذين نادوه أن يذهب إلى السيد عندما توقف المسيح! وما أكثر ما يكشف هذا عن تقلب البشر، واندفاعهم من النقيض إلى النقيض! ... حاول صموئيل جونسون أن يلفت نظر أحد اللوردات إليه، وهو يكافح في سنيه الأولى دون جدوى، ولكن بعد أن كتب قاموسه العظيم، وتقبلته إنجلترا أحر استقبال، أرسل إليه هذا اللورد تحية حارة، فأرسل جونسون يقول : لم أعد في حاجة إلى هذه التحية التي كنت من سبع سنوات في أمس الحاجة : إلى شيء منها!! وفي الحقيقة إن الإصرار على الغرض، وعدم التأثر بآراء الجماهيرأو عدم الفشل أمام متاعبها ومضايقاتها ومعاكساتها، هو السبيل الدائم للنجاح، أو بالحري لتحويلها إلى الموقف النقيض المغاير، إن الجماهير في حقيقة الأمر لا وعي لها وهي لا تتشبث بفكرة معينة عن اقتناع وفهم، بل تنساق وراء العاطفة فتتأرجح بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، والثابت على الرأى والمبدأ هو الذي يكسب آخر الأمر موقفه بمساندة الجماهير نفسها!!
بارتيماوس والمسيح على قارعة الطريق
ونحن نأتي الآن إلى أهم نقطة في حياة بارتيماوس نفسها، عندما التقى بالمسيح على الطريق عند خروجه من أريحا، وسنتابع هنا بارتيماوس خطوة فخطوة، في تدرج علاقته بالمسيح، ولعل أول ما ينبغي ملاحظته إحساس بارتيماوس بالمسيح عندما سمع وقع أقدام الموكب، والأصوات الآتية من بعيد، وهنا أمر ينبغي الوقوف عنده بعمق وتأمل، إن المعجزة حدثت لا لأن بارتيماوس ذهب إلى المسيح، بل لأن المسيح جاء إلى بارتيماوس والإنسان المسكين الأعمى فينا ينال نوره وإبصاره لا لأنه سعى إلى الله، بل لأن الله سعى إليه، ألم يسر يعقوب في طريقه في تلك الليلة الأولى التي خرج فيها من بيته ليستيقظ على الحقيقة التي صاح بها : «حقًا إن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم» (تك 28 : 16).. ألم يسر بولس في طريقه إلى دمشق حتى بغته ذلك النور الذي أسقطه إلى الأرض، والذي رأى فيه المسيح يقترب منه بنور أبهى من لمعان الشمس، ومن الغريب أن يقترب الرب ويهتم بشحاذ فقير أعمى إلى هذا الحد، ومهما كانت ضآلة شأننا، وبؤس حالنا، فإن محبة الله وعطفه علينا واقترابه إلينا لا تتغير، عندما عير سالماشيوس يوحنا ملتون بعماه قائلاً إنه علامة على عدم رضا الله عليه، أجابه الشاعر النبيل العجوز : ليس عماي إلا ظلال أجنحة الله التي تضللني وتحميني، قيل إن جورج فرديدرك وطسن أنفق عمره في البحث عن غير المنظور بصوره، ومن ثمرة جهوده صورته العجيبة التي أسماها «الحلول الكلي» وهي صورة عظيمة جليلة حيث نرى جناحين كبيرين، يحتضان الأرض، والأذرع الأبدية من تحت، كان يمكن أن يظل بارتيماوس الأعمى على حاله، وعماه، وضياعه لولا أن مر به المسيح، وتوقف عنده لكي يعطيه الفرصة الخالدة في عمره، على أن الأمر الآخر الذي لا يقل أهمية من الأول، هو سعي بارتيماوس إلى المسيح واقترابه منه... قال نوسدك إن الإحساس بوجود الله شيء والإحساس بحقيقته شيء آخر، كل الناس يؤمنون أن الجمال الطبيعي موجود، ولكن بعض الناس فقط هم الذين يحسون به بجلاء ويفرحون له من قلوبهم بينما الآخرون لا يتحركون منه بالمرة، إن إحساسًا غامضًا بحقيقة الله أمر فيه خطر عظيم، نحن لا ننكر أن الله موجود، ولكننا كثيرًا ما نفقد الشعور العميق المقنع بأننا نتعامل معه، وأنه يتصل بنا، هذه هي المشكلة الحقيقية للإنسان!! لم يحس بارتيماوس بالمسيح، ولكنه اتصل به!!.
حدثتقبل حركة النهضة سنة 1812م في بسكاي أن فتاة فوق سن الطفولة بقليل امتلأت بالفكر أن الله لا يقيم في الجزيرة حيث تقيم، وملأها شعور أنها يجب أن تخرج مفتشة عنه، فتسللت من البيت وسافرت حتى وصلت إلى شاطئ البحر وطلبت أن تعبر إلى البلاد الأخرى، ولم تحفظ أمرها سرًابل أخبرت عن غايتها، وظن أهلها أنها قد أصيبت بالجنون، ولكنهم لم يحاولوا محاولة جدية أن يردوها إلى البيت، ولما خرجت من بسكاي بدأت تسأل كل من تقابله أين يمكنها أن تجد الله؟ وكان سؤالها مثار التعجب، ولكن لما كانت هيئتها تنم عن الإخلاص والجد، كان كل واحد يجيبها إجابة لينة، ولم يشاءوا أن يتدخلوا في خيالاتها، وأخيرًا وصلت إلى «انفرنس» وكان أول شخص قابلته في الطريق سيدة وجهت إليها سؤالها المعتاد. وقد أثرت حالة الفتاة وسؤالها في السيدة، فسألتها عن أمرها، وظلت تناقشها حتى تأكدت أنها عاقلة، وعندئذ قالت لها السيدة : تعالى معي ربما أستطيع أن أتي بك إلى الله، وأخذتها معها إلى البيت، وكان اليوم التالي يوم الأحد، فأخذتها معها إلى بيت الله، وهناك ولأول مرة في حياتها سمعت الإنجيل واستجابت له بقوة، وعاشت بعد ذلك حياة مسيحية منتصرة.
رفع بارتيماوس صوته صارخًا إلى يسوع المسيح، وقد اتسمت صرخته بجملة أمور يصلح أن تكون نموذجًا للصرخة الحقيقية، إذ كانت الصرخة التي أحسنت انتهاز الفرصة، فقد كان المسيح في أسبوعه الأخير قبل الصليب ولو لم يحسن بارتيماوس انتهاز الفرصة لضاعت منه إلى الأبد، ... لا تؤجل فرصتك، فقد تحسب الفرصة بالأيام أو بالساعات أو في بعض الأوقات بالدقائق، وربما لو أجل اللص صرخته نصف ساعة وهو على الصليب لما وجد أمامه سوى الجحيم كاللص الآخر غير التائب الذي لم يمسك بهذه الفرصة، صرخ بارتيماوس إلى المسيح وكلما حاولوا إسكاته ازداد صراخًا وقد اتسمت صلاته بالحرارة.. قال أحدهم : كانالكاهن في الشريعة اليهودية يقدم الذبائح كل يوم فكانت نار المذبح تستمر مشتعلة كل اليوم، ونحن مع أننا لا نقدم عجول شفاهنا كل اليوم، لكن لهيب التعبد يجب أن يكون دائم الاشتعال في قلوبنا لا ينطفئ أبدًا، وهذا هو المعنى الصحيح لقول الرسول : «صلوا بلا انقطاع» (1تس 5 : 17).. وقال آخر : ظننا بأن الله لا يسمع لصلواتنا، لأنه لا يجيبنا عند ما نطلب لأول مرة، لا تبرره الكتب المقدسة، ولا الاختبار، فيعقوب جاهد ليلة كاملة، ودانيال صام وصلى ثلاثة أسابيع، وجورج مولر العظيم الذي نال بصلاته أكثر من خمسة ملايين دولار شهد بأنه صلى لأجل بعض الأشياء عشرين سنة قبل أن تأتي الإجابة!! وقالت ثالث : إذا جذبت السهم قليلاً فإنه لا يندفع إلا مسافة قليلة أما إذا جذبته إلى آخر مداه فإنه يندفع بخفة ويسير مسافة بعيدة هكذا الحال مع صلواتنا، إذا ألقيت من شفاه غير مكترثة، فإنها لا تلبث أن تسقط تحت أقدامنا فإن قوة صراخنا وتضرعاتنا هي التي ترسل صلواتنا إلى السماء وتجعلها تخترق طبقات السحب، إن الله لا يهتم في صلواتنا بحسابها كم عددها، ولا ببيانها وفصاحتها، ولا بهندستها وطولها، ولا بموسيقاها وعلو أصواتنا فيها، ولا بمنطقها ولا بنظامها وكيفيه ترتيبها، كل هذه قد توجد في الصلاة، ومع ذلك تكون بلا فائدة، إذ لا يغني في الصلاة شيء أكثر من حرارة الروح فيها!! .... حضر في إحدى الكنائس رجل اشتهر بصلواته البليغة المنسقة فدعاه الواعظ للصلاة، وفي اليوم التالي ذكرت بعض الصحف أن في كنيسة.. خدم فلان ثم دعا فلانًا المشهور للصلاة، فقدم للكنيسة صلاة من أبلغ ما يكون، بل أحسن صلاة في الحقيقة سمعتها تلك الكنيسة، وعقبت إحدى المجلات قائلة : لقد صدقت الصحيفة لأن الرجل قدم صلاته للكنيسة. وليس لله!!
كانت قوة صلاة بارتيماوس إلى جانب حرارتها استنادها إلى رحمة المسيح : «يا ابن داود ارحمني» وهل عند فقير شحاذ أعمى ما يقدم للسيد سوى الالتجاء إلى رحمته، كانت صلاة العشار فعالة الأثر : «وأما العشار فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء. بل قرع على صدره قائلاً اللهم ارحمني أنا الخاطيء» (لو 18 : 13) ... لما كان جروثيوس الشهيرفي طريقه إلى السويد أصيب بمرض شديد قاتل، وزاره القس «كونبستروب» وذكره بخطاياه من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم فائدة خدماته وشهرته الواسعة، وإنما هي نعمة المسيح وحدها، قال هذا وذكر في حديثه مثل الفريسي والعشار، فقال جروثيوس أنا هو العشار ثم أسلم الروح. قال رونلد هل : يتحدث الناس كثيرًا عن الروح إلى الوراء للنظر إلى حياة أحسنوا التصرف فيها، أما أنا فأنظر إلى الأمام وإلى فوق، إلى ذاك الذي بذل حياته ليفدي حياتي، وإلى هناك وليس غير هناك، أجسر أن أنظر، وأنا أشكر الله كثيرًا لأنه حفظني من الخطايا الدنيئة المنحطة، ولكن لا توجد صلاة أكثر مناسبة لشفتي المائتين من الصلاة : «اللهم ارحمني أنا الخاطيء» وكان رئيس الأساقفة «أشر» يتمنى أن يموت وعلى شفتيه هذه الصلاة، وقد تم له ما أراد وكانت فعلاً اخر كلماته على الأرض!
كانت صلاة بارتيماوس هادفة ومحددة.. كان ثيودورس موند الواعظ الفرنسي المشهور يتحدث لأخيه عن شفاء بارتيماوس ثم سأل أخاه لو أنك كنت مكان بارتيماوس ماذا كنت تطلب من يسوع؟ فأجابه الفتى : كنت أطلب كلبًا جميلاً بسلسلة وطوقًا جميلاً ليجرني في سيري! قد نضحك من هذا التفكير، ولكنه للأسف أسلوب الكثيرين الذين يطلبون أشياء لا تعنيهم أو تفيدهم، وبالحري تبقى عليهم في عماهم واحتياجهم، ويهملون الحاجة الماسة الملحة التي ينبغي أن تركز عليها انتظاراتهم الصحيحة والحقيقية!.. قال أحد المصلين : إن الصلاة قناة، وعلى كل إنسان يحفر قناة صلاته التي تجري فيها أنهار القصد الإلهي، وبواسطة الصلاة تتلاشى الآثام القديمة الكائنة في أعماق قلوبنا وتستيقظ طبيعتنا الأفضل، الهواء ساكن والموسيقى صامته، صدحت الموسيقى فتحرك الهواء، هكذا الصلاة توقظ الفكر والقوة والرؤى والنصرة والرجاء.. لما اكتشف أرشميدس العتلة قال : «أعطني عتلة ومكانًا أركز عليه، وأنا أرفع أسس الأرض» والصلاة هي عتلة المؤمن التي يحرك بها يد الله لصنع المعجزات!! وقف المسيح للشحاذ الأعمى، وسأله : ماذا يريد!! كان بارتيماوس يريد معجزة لا يملكها سوى يسوع المسيح!! ... مرض ميكونيوس إلى الموت، وفي مرضه كتب إلى صديقه لوثر. أنه عند وصول كتابه إليه يكون قد مات، وقرأ لوثر المكتوب ثم جثا على ركبتيه وصلى بكل قوة الإيمان، وختم صلاته بالقول : «ربي وإلهي لا يلزم أن تأخذ صديقي ميكونيوس إليك، إن عملك هنا لا ينجح بدونه، آمين» ثم قام من صلاته وكتب لأخيه المريض قائلاً : ليس هناك ما يدعو إلى الخوف يا عزيزي ميكونيوس الله لن يسمح إني أثق أنك لن تموت. لا يلزم أن تموت. آمين.. وقد تركت هذه الكلمات أقوى الأثر، ولم يمت ميكونيوس بل شفي على أثرها!
وضع بارتيماوس إيمانه كاملاً في يسوع المسيح وفي الحال قال المسيح : «اذهب إيمانك قد شفاك»... وفي الدقيقة نفسها أبصر، فماذا فعل، لقد تبع المسيح في موكبه العظيم، ولا يمكن لأي قلم أن يصف حال الرجل الذي تحولت الظلمة أمام عينيه إلى نور، فرأى الشمس والازهار والطيور والناس والطريق، وانفرجت أوسع ابتسامة على وجهه وشفتيه، ولا يمكن للإنسان أن يلتقي بالمسيح دون أن يمتلئ ابتهاجًا وفرحًا!! ومن اللازم أن نذكر أنه لم يبق في مكانه، ولم يعد يجلس ليستعطي، لقد أعطاه المسيح حياة جديدة، ومن المؤكد أنه أصبح بعد ذلك تابعًا للمسيح يحمل رسالته للناس : «كنت أعمى والآن أبصر» (9 : 25).
لقد مضى بارتيماوس قصة في التاريخ، لكن القصة تتكرر في كل جيل وعصر، في حياة كل إنسان إذ يدنو منه المسيح سامعًا صرخته : «يا ابن الله ارحمني!!».






fhvjdlh,s







آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 09-27-2011 في 12:48 AM.
رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين