موسوعة متكاملة عن داود النبى والملك - منتدى ام السمائيين و الارضيين
الرئيسية التسجيل مكتبي     البحث الأعضاء الرسائل الخاصة


منتدى ام السمائيين والارضيين


   
العودة   منتدى ام السمائيين و الارضيين > منتدى الكتاب المقدس > شخصيات من الكتاب المقدس
 
إضافة رد
   
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 09-30-2011, 06:06 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية عادل جبران
 

 

 
افتراضي موسوعة متكاملة عن داود النبى والملك





موسوعة متكاملة عن داود النبى والملك


موضوع متكامل عن داود
موسوعة متكاملة داود النبى والملك
صموئيل وشاول وداود

نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.

رأينا من قبل كيف كانت الحقبة الزمنية التي تلت النبي يشوع، حقبةً مظلمةً وفاسدة، في تاريخ شعب إسرائيل. ولكن حتى في هذه الحقبة المظلمة، شاهدنا نور أمانة الله. فالرب لم ينسَ ما وعد به إبراهيم ونسله، فيما يختص بالمخلِّص الذي كان سيأتي من شعب إسرائيل.

وهكذا، رأينا كيف كان الله يعمل في حياة امرأة تدعى ‘‘راعوث’’. لم تكن راعوث امراةً إسرائيلية، ولكنها آمنت بإله إسرائيل من كل قلبها. وفيما تحول الكثيرون من شعب إسرائيل
عن الله ليتبعوا ديانات الأمم المحيطة بهم، اختارت راعوث أن تتحول عن ديانة أبيها لتتبع إله إسرائيل. ورحلت راعوث إلى أرض إسرائيل، واستقرت في مدينة بيت لحم، حيث تزوجت من رجلٍ إسرائيليٍّ يدعى ‘‘بوعز’’. وأنجب بوعز وراعوث ابناً أسمياه ‘‘عوبيد’’، وأنجب عوبيد ‘‘يسَّى’’، الذي صار فيما بعد أباً للنبي ‘‘داود’’. وهكذا، كانت خطة الله ليخلِّص نسل آدم من خطاياهم، تتقدم للأمام. لأنه من نسل داود، كان ينبغي أن يأتي الفادي المخلِّص إلى العالم. وفي بيت لحم، مدينة داود، كان الفادي سيولد. وفي الدروس المقبلة، سنرى كيف تنبأ أنبياء الله عن كل هذه الأمور، وكيف تمَّم الفادي هذه النبوات بعد ذلك بمئات السنين. فلا يمكن أن يفعل ذلك إلا الله نفسه!
إن النبي داود، هو نبيٌ بارز جداً في الكتاب المقدس. واسمه يُذكَر فيها أكثر من ألف مرة. فما الذي تعرفه عن النبي داود؟ ربما تعرف أن
داود هو الشاب الصغير الذي هزم جليات العملاق، بمقلاع وحجر. وربما تعرف أيضاً أن داود كان ملكاً عظيماً في إسرائيل. وهو النبي الذي كتب معظم سفر المزامير (أي الزابور). فإن كنت تعرف هذه الأمور، فهذا عظيم، إلا أن معرفتنا بداود ينبغي ألا تنتهي عند هذا الحد. وإن كنت تعرف أن داود كان ملكاً عظيماً، لكنك لا تعرف ما الذي جعله عظيماً، فما هو نفع مثل هذه المعرفة؟ وإن كنت تعرف أن داود هو من كتب كلمة الله في المزامير، ولكنك لا تعرف ما كتبه، فما هو نفع ذلك لك؟

لو أردتم أن تستزيدوا معرفة عن النبي داود، وتقرأوا بعضاً من كلماته الرائعة والقوية التي كتبها في المزامير، ندعوكم أن تشاركونا في دراستنا اليوم .

أصدقائي المستمعين ..
هل تعرفون اسم نبي الله الذي جاء قبل النبي داود؟ إنه النبي ‘‘صموئيل’’. لقد اختار الله صموئيل كيما يرد شعب إسرائيل إلى الله إلههم، لأن قلوبهم كانت مبتعدة عن الله بعيداً جداً. واليوم، سنقرأ من سفر صموئيل. وهذا السفر المقدس هو سفر مهم من أسفار كتابات الأنبياء، لأنه يحتوي على قصص قيِّمة من حياة النبي صموئيل، وأول ثلاثة ملوك لإسرائيل: شاول، وداود، وسليمان. وكما رأينا مسبقاً، أن الله أعطى شعب إسرائيل قادة مثل موسى ويشوع وصموئيل، ليرشدوهم ويقضوا لهم. إلا أن الرب الإله الذي خلَّصهم من العبودية في مصر، كان هو ‘‘ملكهم الشرعي’’. إن الله، الذي أمر بني إسرائيل أن يصنعوا له خيمةً خاصةً كيما يستطيع أن يسكن بمجده في وسطهم، أراد أن يكون حاكمهم. وكان عليهم أن يطيعوه ويتبعوه وحده. إلا أن معظم شعب إسرائيل لم يكن راضياً أن يتَّخذوا الله وحسب مَلِكاً لهم. لقد أرادوا أن يكونوا مثل جميع أمم العالم، فيكون لهم ابناً لآدم ليحكمهم كملك!

وفي الأصحاح الثامن من صموئيل الأول، يقول الكتاب:
‘‘فاجتمع كل شيوخ إسرائيل، وجاءُوا إلى صموئيلَ إلى الرامةِ. وقالوا له: هو ذا أنت قد شِخت، وابناك لم يسيرا في طريقك. فالآن اجعل لنا مَلِكاً يقضي لنا كسائر الشُّعوب. فساءَ الأمر في عيني صموئيل، إذ قالوا أعطنا مَلِكاً يقضي لنا. وصلَّى صموئيل إلى الرب. فقال الرب لصموئيل: اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك. لأنَّهم لم يرفضوك أنت، بل إيَّاي رفضوا، حتَّى لا أملك عليهِم. حسب كل أعمالهم الَّتي عملوا من يوم أصعدتهم من مصر إلى هذا اليوم وتركوني وعبدوا آلهةً أخرى، هكذا هم عاملون بك أيضاً. فالآن اسمع لصوتهم. ولكن أشهِدَنَّ عليهم، وأخبرهم بقضاءِ المَلِك الذي يملِكُ عليهم.’’ (1صم 4:8-9)

وهكذا، أمر الله صموئيل أن يعطي الشعب ما أراد، وأن يعيِّن له ملكاً. ولم يكن الرب يرغب أن يكون هناك ملكاً آخر بجانبه، ولكن حيث كان الشعب يرفض مُلْك الله عليه، لم يكن الله ليقبل أن يملك على الشعب بالقوة. وفي الأصحاح التالي، نرى كيف عيَّن صموئيل لشعب إسرائيل رجلاً يدعى ‘‘شاول’’، كملك. ويقول الكتاب:
‘‘فأخذ صموئيل قنينة الدهن، وصب على رأس شاول.’’ (1صم 1:10)
وهذا هو ما كان بنو إسرائيل يفعلونه كلما عيَّنوا أحداً في منصب. فقد كانوا يصبُّون زيتاً على رأس النبي أو الكاهن أو الملك، ليعينوه. وبعد أن صب صموئيل الزيت على رأس شاول، قال لكل الشعب: ‘‘أرأيتم الذي اختاره الرب؟ إنَّه ليس مثله في جميع الشعب. فهتف كل الشعبَ وقالوا: ليحيَ الملك.’’ (1صم 24:10)

وفي أول الأمر، فرح الشعب فرحاً عظيماً بملكهم شاول. فلقد كان شاول قوياً شجاعاً، وشاباً وسيماً، وأطول من جميع أبناء شعب إسرائيل. ومن حيث المظهر الخارجي، كان من المفروض أن يكون شاول ملكاً ممتازاً. إلا أن الله لا يقيِّم الأمور كما يفعل الإنسان. فالإنسان ينظر إلى المظهر الخارجي، أما الرب فينظر إلى القلب. لقد بدأ شاول بداية جيدة، ولكن، مع مرور الوقت، أصبح متكبراً ومغروراً وحسوداً. لقد كان شاول يكرم الله بشفتيه، أما قلبه فكان بعيداً عن الله. فلم يكن شاول يحترم كلمة الله، ولا يطيعها. لقد كان يفعل ما يريده هو، لا ما يريده الله منه
.

وهكذا، يخبرنا الكتاب أن بعد ما عُيِّن شاول ملكاً بعدة سنوات:
‘‘كان كلام الربِّ إلى صموئيل قائلاً: نَدِمتُ على أنّي قد جعلت شاول ملكاً، لأنه رجع من ورائي ولم يُقِم كلامي. فاغتاظ صموئيل، وصرخ إلى الرب الليل كلَّه. فبكَّر صموئيل للقاء شاول صباحاً .. ولما جاء صموئيل إلى شاول، قال له شاول: مُباركٌ أنت للرب؛ قد أقمتُ كلام الرب. .. فقال صموئيل: هل مسرَّةُ الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب. هو ذا الاستماع أفضل من الذبيحةِ، والإصغاء أفضل من شحم الكباش. لأن التمرد كخطَّيةِ العرافةِ، والعناد كالوثنِ والترافيم. لأنك رفضت كلام الرب، رَفَضَكَ من المُلكِ.’’ (1صم 10:15-23)

وهكذا، أخبر صموئيل شاول أن المملكة ستؤخذ منه، وتعطَى لآخر. وفي الأصحاح التالي، يقول الكتاب:
‘‘فقال الرب لصموئيل: حتى متى تنوحُ على شاول، وأنا قد رفضتُهُ عن أن يملك على إسرائيل. املأ قرنك دهناً، وتعال أرسلك إلى يسَّى البيتلحميِّ، لأنّي قد رأيت لي في بنيه مَلِكاً. فقال صموئيل: كيف أذهب؛ إن سمع شاول، يقتلني. فقال الرب: خذ بيدك عِجلةً من البقر، وقل: قد جئت لأذبح للرَّبِّ. وادعُ يسَّى إلى الذبيحة، وأنا أُعلِّمك ماذا تصنع، وامسح لي الذي أقولُ لك عنه. ففعل صموئيل كما تكلَّمَ الرب، وجاء إلى بيت لحمٍ. فارتعد شيوخ المدينةٍ عند استقباله، وقالوا: أسلامٌ مجيئُكَ؟ فقال: سلامٌ. قد جئت لأذبح للرب. تقدسوا وتعالوا معي إلى الذبيحةِ. وقدَّس يسَّى وبنيه، ودعاهم إلى الذبيحةِ. وكان لما جاءُوا، أنَّه رأى أليآب، فقال إن أمام الرب مسيحَهُ. فقال الرب لصموئيل: لا تنظر إلى منظره وطول قامته، لأنّي قد رفضتُهُ. لأنه ليس كما ينظر الإنسان. لأنَّ الإنسان ينظرُ إلى العينين، وأما الرب فإنه ينظرُ إلى القلب. فدعا يسَّى أبيناداب، وعبَّره أمام صموئيل. فقال: وهذا أيضاً لم يختره الرب. وعبَّر يسَّى شمَّه. فقال: وهذا أيضاً لم يختره الرب. وعبَّر يسَّى بنيه السبعةَ أمام صموئيل. فقال ليسَّى: الرب لم يختر هؤلاءِ. وقال صموئيل ليسَّى: هل كملوا الغلمان؟ فقال: بقي بعد الصغيرُ، وهوذا يرعى الغنم. فقال صموئيل ليسَّى: أرسل وأتِ به. لأننا لا نجلس حتى يأتي إلى ههنا. فأرسل وأتى به. وكان أشقر مع حلاوةِ العينين وحسن المنظر. فقال الرب: قم امسحهُ لأنَّ هذا هو. فأخذ صموئيل قرن الدهن، ومسحهُ في وسط إخوتهِ. وحل روحُ الرب على
داود من ذلك اليوم فصاعداً.’’ (1صم 1:16-13)

وهكذا، نرى كيف عين الله
داود ليكون ملكاً على إسرائيل، بعد شاول. ولكن ينبغي أن نفهم أن داود لم يصبح ملكاً على إسرائيل في ذلك اليوم. إذ لم كان داود إلا شاباً، ولم يكن قد جاء بعد الوقت المحدد من الله، ليملك داود على الشعب. ففي الواقع، كان على داود أن ينتظر عشر سنوات كيما يعتلي عرش مملكة إسرائيل.

ومن ثمَّ، عاد
داود إلى الحقول المحيطة ببيت لحم، ليرعى غنم أبيه ويحرسه. وكان داود راعياً صالحاً وأميناً. ولم يكن يخاف شيئاً، لانه كان يثق في الرب. وعلى سبيل المثال، عندما كان داود يرعى غنم أبيه في يوم، خطف أسدٌ واحداً من الخراف. فذهب داود وراء الأسد، وضربه وأنقذ الخروف من فمه. وعندما حاول الأسد الهجوم عليه، أمسكه داود من شعره، وضربه وقتله. (1صم 35:17)

ولم يكن
داود راعياً ممتازاً وحسب، بل وكان يجيد العزف على القيثارة، والغناء أيضاً. لقد ألهم روح الله داود أن يؤلف العديد من الترانيم، وأن يكتبها في كتاب المزامير (الزابور). آه، كم أحب داود الرب وكلمته!

ونود أن نختم برنامجنا اليوم ببعض المقتطفات من مزامير داود. دعونا نحاول أن نتخيل
داود وهو بين الغنم في الحقول الخضراء اليانعة، يعزف قيثارته، ويسبح الله بتسابيح الشكر التي ألهمها إياه روح الله. اسمعوا معي ما يقول:
‘‘أيها الرّب سيدُّنا، ما أمجد اسمك في كلِّ الأرض! .. إذ أرى سمواتك عمل أصابعكَ القمرَ والنُّجوم الَّتي كونتها. فمن الإنسان حتى تذكرهُ، وابن آدم حتى تفتقدهُ، وتنقصه قليلاً عن الملائكةِ، وبمجدٍ وبهاءٍ تكلّلُهُ؟ .. أيها الرب سيدنا، ما أمجد اسمك في كلِّ الأرض.’’ (مز 1:8 ،3-5،9)
‘‘سراجُ لرِجلي كلامُك ونورٌ لسبلي. خبأت كلامك في قلبي، لكيلا أُخطئَ إليكَ!’’ (مز 105:119، 11)
‘‘ناموس الرب كاملُ، يردُّ النَّفس. شهادات الرب صادقةٌ، تُصَيّرُ الجاهلَ حكيماً. وصايا الرب مستقيمةٌ، تُفَرِّحُ القلبَ. أمر الرب طاهرٌ، ينير العينين. خوفُ الرب نقيٌّ، ثابت إلى الأبد. أحكام الرب حقٌ، عادلةٌ كلُّها. أشهى من الذهب والإبريزِ الكثير، وأحلى من العسل وقطر الشِّهادِ. أيضاً عبدك يُحذَّرُ بها، وفي حفظِها ثوابٌ عظيمٌ.’’ (مز 7:19-11)
‘‘الرب راعيَّ فلا يعوزني شيءٌ. في مراعٍ خضرٍ يربضني. إلى مياه الراحةِ يورِدُني. يرُدُّ تفسي. يهديني إلى سُبُل البر من أجل اسمه. أيضاً إذا سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف شراً، لأنك أنت معي. عصاك وعكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدةً تجاهَ مضايقيَّ. مسحت بالدهن رأسي، كأسي ريا. إنما خيرٌ ورحمةٌ يتبعانني كل أيام حياتي، وأسكن في بيت الرَّبِّ إلى مدى الأيام.’’ (مز23) آمين!





l,s,um lj;hlgm uk ]h,] hgkfn ,hglg;







التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 09-30-2011, 06:07 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية عادل جبران
 

 

 
افتراضي




داود وجليات



نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.


في الحلقة السابقة، بدأنا دراستنا عن النبي داود. ذاك الذي شهد الله عنه قائلاً: ‘‘وجدت داودَ بن يَسَّى رجلاً حسب قلبي، الذي سيصنع كل مشيئَتي.’’ (أع 22:13) ورأينا كيف عين الله داود، ليكون الملك الثاني لإسرائيل. وذلك، لأن الملك الأول شاول، لم يُطِعْ كلمة الله. إلا أن داود لم يصبح ملكاً لإسرائيل في اليوم الذي عينه فيه الله. لقد كان لازال شاباً، ولم يكن قد حان الوقت الذي رسمه الله له، ليعتلي عرش المملكة. وبعد مسح داود ملكاً، عاد داود للحقول خارج بيت لحم، ليرعى غنم أبيه.

واليوم، سنقرأ معاً قصة مدهشة، ترينا كيف كان الله مع داود لأنه سار مع الله. واسم درسنا اليوم، هو ‘‘داود وجليات’’. دعونا الآن نستمر في قراءة سفر صموئيل الأول، والأصحاح السابع عشر. يقول الكتاب:
‘‘وجمع الفلسطينُّيونَ جيوشهم للحرب .. واجتمع شاول ورجال إسرائيل، ونزلوا في وادي البطم، واصطفوُّا للحرب للقاء الفلسطينّيين. وكان الفلسطينّيين وقوفاً على جبلٍ من هنا، وإسرائيل وقوفاً على جبلٍ من هناك، والوادي بينهم. فخرج رجلٌ مبارزٌ من جيوشِ الفلسطينّيين، اسمه جليات، من جَتَّ، طولُهُ ستُّ أذرعٍ وشبرٌ. وعلى رأسه خوذةٌ من نحاسٍ، وكان لابساً درعاً حرشفيّاً، ووزن الدرع خمسة آلاف شاقل نحاسٍ. وجزموقا نحاسٍ على رجليه، ومزراق نحاسٍ بين كتفيه. وقناة رُمحه كنولِ النساجين، وسنانُ رُمحه ستُّ مئةِ شاقل حديدٍ، وحاملُ التُّرسِ كان يمشي قدامه. فوقف ونادى صفوف إسرائيل، وقال لهم: لماذا تخرجون لتصطفُّوا للحربِ؟ أما أنا الفلسطينيُّ، وأنتم عبيدٌ لشاول؟ اختاروا لأنفسكم رجلاً، ولينزل إليَّ. فإن قَدِر أن يحاربني ويقتلني، نصير لكم عبيداً. وإن قدرتُ أنا عليه وقتلته، تصيرون أنتم لنا عبيداً تخدموننا. وقال الفلسطينىُّ: أنا عيَّرتُ صفوف إسرائيل هذا اليوم؛ أعطوني رجلاً فنتحارب معاً. ولما سمع شاول وجميع إسرائيل كلام الفلسطينيّ هذا، ارتاعوا وخافوا جداً. (1صم 1:17-11)

وبينما كان جليات يعيِّر إسرائيل، كان داود يرعى غنم أبيه في سلام، بعيداً عن ساحة الحرب، يتأمل في كلمة الله، يعزف على قيثارته مرنماً للرب. إلا أن داود كان له ثلاثة أخوة أكبر منه عمراً، كانوا جنوداً في جيش إسرائيل. وفي يومٍ، جاء إليه أبوه، وقال له: ‘‘اذهب وافتقد سلامة أخوتك في ساحة الحرب، وعد لتخبرني كيف تسير الأمور.’’ ومن ثم، ترك داود غنمه مع راعٍ آخر، واستيقظ مبكراً، وذهب إلى ساحة الحرب.

وبينما كان داود يتكلم مع أخوته في ساحة الحرب، خرج جوليات بطل الفلسطينيين، من بين صفوفهم، وواجه جنود إسرائيل، وهدَّدهم وعيَّرهم، كما كان يفعل على مدى أربعين يومٍ سابقة. وجميع رجال إسرائيل، لما رأوه، هربوا منه، وخافوا جداً. فقال أحد رجال إسرائيل: ‘‘أرأيتم هذا الرجل؟ إنه يظل يتحدانا ويعيِّرنا. فيكون أن الرجل الذي يقتله، يغنيه الملك غنىً جزيلاً، ويزوجه ابنته، ويجعل بيت أبيه حراً في إسرائيل، فلا يحتاج أن يدفع جزية للملك.’’

فقال داود: ‘‘من هو هذا الفلسطيني الأغلف، حتى يعيِّر صفوف الله الحي؟’’ وعندما قال داود هذا، حمي غضب أخيه الأكبر عليه، وقال: ‘‘لماذا نزلت إلى هنا؟ ومع من تركت تلك الغنيمات القليلة في البرية؟ أنا علمت لماذا جئت إلى هنا. إنك تريد أن ترى الحرب!’’ إلا أن واحداً من جنود إسرائيل كان قد سمع كلمات داود الشجاعة والجريئة بخصوص هذا العملاق، فذهب وأبلغ بها الملك شاول. فاستحضر شاول داود، واستجوبه.

وهكذا، يقول الكتاب:
‘‘فقال داود لشاول: لا يسقط قلب أحدٍ بسببه. عبدك يذهب، ويحارب هذا الفلسطينيَّ. فقال شاول لداودَ: لا تستطيع أن تذهب إلى هذا الفلسطينيّ لتحاربه، لأنك غلامٌ وهو رجل حربٍ منذ صباه. فقال داود لشاول: كان عبدك يرعى لأبيه غنماً، فجاء أسدٌ مع دبٍّ، وأخذ شاةً من القطيع. فخرجت وراءه، وأنقذتها من فيِهِ، ولما قام عليَّ، أمسكته من ذقنه وضربته فقتلته. قتل عبدك الأسد والدب جميعاً. وهذا الفلسطينيُّ الأغلف يكون كواحدٍ منهما، لأنَّه قد عيَّر صفوف الله الحيّ. وقال داود: الرَّبُ الذي أنقذني من يد الأسد ومن يد الدبّ، هو ينقذني من يد هذا الفلسطينيّ. فقال شاول لداود: اذهب، وليكن الربُّ معك. وألبس شاول داود ثيابه، وجعل خوذةً من نحاسٍ على رأسه، وألبسه درعاً. فتقلد داود سيفه فوق ثيابه، وعزم أن يمشي، لأنه لم يكن قد جرَّب. فقال داود لشاول: لا أقدر أن أمشي بهذه، لأنّي لم أجربها. ونزعها داود عنه.
‘‘وأخذ داود عصاه بيده، وانتخب له خمسة حجارةٍ ملسٍ من الوادي، وجعلها في كنف الرعاة الذي له، أي في الجراب، ومقلاعهُ بيده، وتقدم نحو الفلسطينيّ. وذهب الفلسطينيُّ ذاهباً، واقترب إلى داود، والرَّجل حامل التُرس أمامه. ولما نظر الفلسطينيُّ لداود ورأى داود، استحقره، لأنه كان غلاماً وأشقر جميل المنظر. فقال الفلسطيني لداود: ألعلّي أنا كلبٌ حتى أنك تأتي إليَّ بعصيٍّ؟ ولعن الفلسطينيُّ داود بآلهته. وقال الفلسطينيّ لداود: تعال إليَّ، فأعطي لحمك لطيور السماء ووحوش البرّيَّةِ.
‘‘فقال داود للفلسطينيّ: أنت تأتي إليَّ بسيفٍ وبرمحٍ وبترسٍ، وأنا آتي إليك باسم رب الجنود، إله صفوف إسرائيل الذين عيَّرتهم. هذا اليوم يحبسك الربُّ في يدي، فأقتلك وأقطع رأسك، وأعطي جثث جيش الفلسطينيين هذا اليوم لطيور السماء وحيوانات الأرض، فتعلم كل الأرض أنه يوجد إلهٌ لإسرائيل. وتعلم هذه الجماعة كلها أنَّه ليس بسيفٍ ولا برمحٍ يخلّصُ الربّ، لأنَّ الحرب للرب، وهو يدفعكم ليدنا.
‘‘وكان لما قام الفلسطينيُّ وذهب وتقدم للقاء داود، أسرع داود وركض نحو الصَّفِّ للقاء القلسطينيَّ. ومد داود يده إلى الكِنفِ، وأخذ منه حجراً، ورماه بالمقلاع، وضرب الفلسطينيَّ في جبهته، فارتزَّ الحجر في جبهته، وسقط على وجهه إلى الأرض. فتمكَّن داود من الفلسطينيِّ بالمقلاع والحجر، وضرب الفلسطينيَّ وقتله. ولم يكن سيفٌ بيد داود. فركض داود، ووقف على الفلسطينيِّ، وأخذ سيفه واخترطه من غمده، وقتله وقطع به رأسه. فلما رأى الفلسطينيون أن جبَّارهم قد مات، هربوا. فقام رجال إسرائيل ويهوذا، وهتفوا، ولحقوا الفلسطينيين حتَّى مجيئكَ إلى وادي عقرون.’’ (1صم 32:17-52)

وهكذا، نرى اليوم، كيف خلَّص داود الصغير شعبه من أعدائه بمقلاع وحجر، وإيمانٍ راسخٍ في الإله الحي. حقاً، إن قصة داود وجليات لقصة عجيبة، وفيها لنا دروس هامة كثيرة.

وقد رأينا كيف كان شاول وجنود جيش إسرائيل خائفين خوفاً عظيماً من جليات. إذ لم يجرؤ أحدهم أن يحاربه، ولكن داود لم يكن خائفاً منه، بل راح وطرحه أرضاً وقتله! ولكن لماذا كان شاول وجنوده خائفين، في حين لم يكن داود كذلك؟ ماذا كان الفرق بين داود وجنود إسرائيل؟ يمكننا تلخيص الفرق بينهما بهذه الطريقة:
ـ لم يكن داود خائفاً من العملاق، لأنه كانت لديه ثقة عظيمة في الرب الإله.
ـ أما شاول وجنوده، فلم يكن لديهم أي ثقة فيه. ولهذا، كانوا خائفين من العملاق.

فلم يرَ شاول وجنوده إلا العملاق القوي. أما داود فقد رأى الله الكلي القوة والجبروت! لقد كان لدى شاول وجنوده نوعٌ من الإيمان، إلا أن هذا لم يؤدي إلى أن يكون لديهم علاقة حقيقية بالله. فالانتماء إلى ديانة، لا يجعلنا منتمين لله. لقد كان شاول وجنوده يعرفون تماماً أن الله موجود، وأنه واحد، وأنه عظيم وجبار. ولكن هذه المعرفة لم تستطع أن تخلِّصهم من جُليات. إلا أن داود كان له علاقة حقيقية أصيلة مع الله الحي، الكلي القوة والجبروت! لقد عرف داود الله، وسار معه، وصدق مواعيده. ولهذا، لم يكن داود خائفاً من جليات.

وأنتم، يا من تستمعون اليوم، من تشبهون أكثر؟ داود؟ أم شاول وجنوده؟
.. هل تعرفون الله معرفة شخصية؟ أم قد سمعتم مجرد السمع ببعض الحقائق عنه؟
.. هل تعرفون كلمة الله معرفة جيدة، تملأ قلوبكم بالفرح؟ أم أنكم لا تحاولون إلا مجرد الوفاء بالتزاماتكم الدينية؟
.. هل لكم علاقة راسخة وسعيدة بالله الحي؟ أم أن كل ما لديكم هو ديانة جافة؟

فلنستمع لما كتبه النبي داود في المزامير، فيما يخص علاقته مع الله. قال داود:
‘‘الربُّ راعيَّ فلا يعوزني شيءٌ .. أيضاً إذا سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف شراً، لأنك أنت معي .. إنما خيرٌ ورحمةٌ يتبعانني كل أيام حياتي، وأسكن في بيت الرَّبّ إلى مدى الأيام.’’ (مز 1:23 ،4 ،6)

فماذا عنك أنت .. عزيزي المستمع؟
.. هل لديك علاقة حميمة مع الرب الإله؟
.. هل تعرفه كراعٍ لك؟
.. هل أنت متيقن أنك سوف تسكن في دياره السماوية إلى الأبد؟ لقد كان لدى داود ذلك اليقين، لأنه عرف وعود الله الثمينة والعجيبة! فهو لم يعرفها بعقله وحسب؛ بل وصدقها وآمن بها في قلبه أيضاً.

لقد كان لداود إيمان حقيقي أصيل. ولم يتأسس إيمانه على كلمات الإنسان الواهية. وإنما تأسس إيمانه على الكلمة الجديرة بكل ثقة، كلمة الرب الإله الذي لا يترك شعبه! فلنصغِ إلى ما كتبه داود في المزامير. يقول الكتاب:
‘‘الرَّبُّ نوري وخلاصي، ممن أخاف. الرَّبُّ حصن حياتي، ممن أرتعب؟ .. إن نزل عليَّ جيشٌ، لا يخاف قلبي. إن قامت عليَّ حربٌ، ففي ذلك أنا مطمئنٌ. واحدةً سألت من الرَّبّ، وإياها ألتمس. أن أسكن في بيت الرَّبّ كل أيام حياتي، لكي أنظر إلى جمال الرَّبّ، وأتفرس في هيكله .. استمع يا رب. بصوتي أدعو، فارحمني واستجب لي. لك قال قلبي، قُلتَ اطلبوا وجهي. وجهك يا رب أطلب. لا تحجب وجهك عنّي.’’ (مز 1:27 ،3 ،4 ،7، 8)

‘‘أُحبك يا ربُّ يا قوتي. الرَّبُّ صخرتي وحصني ومنقذي. إلهي صخرتي، به أحتمي. تُرسي وقرن خلاصي وملجأي .. لأني بك اقتحمت جيشاً، وبإلهي تسوَّرت أسواراً. الله طريقه كاملٌ. قول الرب نقيٌ. ترسٌ هو لجميع المحتمين به.’’ (مز 1:18 ،2 ،29 ،30






التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 09-30-2011, 06:08 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية عادل جبران
 

 

 
افتراضي




الملك داود ووعد الله

نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.

في حلقة اليوم، نستمر في دراستنا لقصة النبي داود. رأينا في الحلقة قبل السابقة، كيف اختار الله داود الشاب الصغير ليكون الملك الثاني لإسرائيل، بالرغم من أنه لم يبدأ ملكه في اليوم الذي مسحه الله فيه. فقد رفض الله شاول، الملك الأول، لأنه لم يكن مهتماً أن ينفذ إرادة الله. إلا أن الله شهد لداود قائلاً: ‘‘وجدت داود بن يسى رجلاً حسب قلبي، الذي سيصنع كل مشيئتي.’’ (أع 22:13) ورأينا في درسنا السابق، كيف قتل داود جليات العملاق، وهزمه بمقلاع وحجر، وإيمان راسخ في الله الحي.
دعونا الآن نكمل قصة داود، ونرى كيف حل داود محل شاول كملك لإسرائيل.

وإذ نستمر في قراءة سفر صموئيل، يقول الكتاب:
‘‘وكان عند مجيئهم، حين رجع داود من قتل الفلسطينيِّ، أنَّ النساءَ خرَجَت من جميع مدن إسرائيل بالغناء والرقص، للقاء شاول الملك بدفوفٍ وبفرحٍ وبمثلثاتٍ. فأجابت النساءُ اللاعباتُ وقلن: ضرب شاول ألوفه، وداود ربواته. فاحتمى شاول جداً، وساءَ هذا الكلام في عينيه، وقال: أعطين داود ربواتٍ، وأما أنا فأعطينني الألوف. وبعد فقط تَبْقَى له المملكةُ. فكان شاول يعاين داود من ذلك اليوم فصاعداً.’’ (1صم 6:18-9)

وهكذا، يحكي لنا الكتاب، كيف أحب شعب إسرائيل داود حباً عظيماً. ولكن، على قدر ما أحبه الشعب، كرهه شاول. إذ ملأت الغيرة قلب شاول، وتملَّكت منه، حتى أن كل ما كان يستحوذ على تفكيره، هو كيف يستطيع التخلص من داود. ومن ثمَّ، هرب داود إلى الصحراء، واختبأ فيها، مع أربعمئة رجل إسرائيلي كانوا يتبعونه. وكان شاول وجنوده يبحثون عن داود ورجاله في البرية. وفعل شاول كل ما كان في وسعه ليقبض على داود، ويقتله. ولكنه لم يستطع أن يفعل هكذا، لأن الله كان مع داود. إلا أن شاول، سبب لداود الكثير من الضيق. فلمدة ثماني سنوات طويلة، كان على داود ورجاله أن يظلوا هاربين من غضب الملك شاول.

إلا أن الغيرة والغضب اللتين أظهرهما الملك شاول تجاه داود، لم يجعلا داود يكره شاول. ولكن، لماذا لم يكره داود شاول، الرجل الذي كان يحاول قتله؟ لم يكره داود شاول، لأن داود كان يسير مع الله، الذي يشرق من شمسه على الأبرار والأشرار على السواء. إذ يقول الكتاب:
‘‘كل من يحبُّ، فقد وُلِد من الله، ويعرف الله. ومن لا يحبُّ، لم يعرف الله، لأن الله محبةٌ. نحن نحبه، لأنه هو أحبنا أولاً. إن قال أحدٌ إني أحب الله وأبغض أخاه، فهو كاذبٌ.’’ (1يو 7:4 ،8 ،19 ،20)



ولا يسعنا الوقت اليوم، لكي نقرأ عن كل ما دار من أحداث بين شاول وداود. ولكننا، نريد أن نتأمل في واحدة من القصص، ونلاحظ اتضاع داود ومحبته. وإذ نقرأ في سفر صموئيل الأول، والأصحاح الثاني والعشرين، يقول الكتاب:
‘‘وجاء بعض الناس إلى شاول، وأخبروه قائلين: هوذا داود في بريَّةِ عينِ جديٍ. فأخذ شاول ثلاثة آلاف رجلٍ منتخبين من جميع إسرائيل، وذهب يطلب داود ورجاله على صخور الوعول. وجاء إلى صير الغنم التي في الطَّريق، وكان هناك كهفٌ، فدخل شاول لكي يُغطّي رجليه، وداود ورجالُهُ كانوا جلوساً في مغابن الكهف.
‘‘فقال رجال داود له: هو ذا اليوم الذي قال لك عنه الرَّبُّ، هأنذا أدفع عدوك ليدك، فتفعل به ما يحسنُ في عينيك. فقام داود، وقطع طرَفَ جًبَّةِ شاول سراً. وكان بعد ذلك، أنَّ قلب داود ضربه على قطْعِهِ طرف جُبَّةِ شاول. فقال لرجاله: حاشا لي من قِبَلِ الرَّبِّ أن أعمل هذا الأمر بسيدي، بمسيحِ الرَّبِّ، فأمد يدي إليه لأنه مسيح الرَّبِّ هو. فوبخ داود رجاله بالكلام، ولم يدعهم يقومون على شاول. وأما شاول، فقام من الكهف، وذهب في طريقه.
‘‘ثم قام داود بعد ذلك، وخرج من الكهف، ونادى وراءَ شاول قائلاً: يا سيدي الملك. ولما التفت شاول إلى ورائه، خرَّ داود على وجهه إلى الأرضِ، وسجد. وقال داود إلى شاول: لماذا تسمع كلام الناسِ القائلين، ‘هوذا داود يطلب أذيتك’؟. هو ذا قد رأت عيناك اليوم هذا، كيف دفعك الرَّبُّ اليوم ليدي في الكهف، وقيل لي أن أقتلك، ولكنني أشفقت عليك، وقلت لا أمدُّ يدي إلى سيدي، لأنه مسيح الرَّبِّ هو. فانظر يا أبي، انظر أيضاً طرَفَ جُبتَّك بيدي. فمن قطعي طرف جُبتَّك، وعدم قتلي إياك، اعلم وانظر أنَّه ليس في يدي شرٌ ولا جرمٌ، ولم أُخطئ إليك، وأنت تصيد نفسي لتأخذها. يقضي الرَّبُّ بيني وبينك، وينتقم لي الرَّبُّ منك، ولكن يدي لا تكونُ عليك. كما يقول مثل القدماء، من الأشرار يَخرُجُ شرٌ. ولكن يدي لا تكون عليك.’’ (1صم 1:24-13)
‘‘فلما فرغ داود من التكلم بهذا الكلام إلى شاول، قال شاول: أهذا صوتك يا ابني داود؟ ورفع شاول صوته، وبكى. ثم قال لداود: أنت أبرُّ مني، لأنك جازيتني خيراً، وأنا جازيتك شراً. وقد أظهرت اليوم، أنك عملتَ بي خيراً، لأنَّ الرَّبَّ قد دفعني بيدك، ولم تقتلني. فإذا وجد رجلٌ عدوه، فهل يطلقه في طريقِ خيرٍ؟ فالرَّبُّ يجازيك خيراً عما فعلته لي اليوم هذا.’’ (1صم 16:24-20)

وبعد ذلك، عاد شاول إلى بيته. ولكن، لم يمر وقت طويل قبل أن بدأت الغيرة تستحوذ على قلبه مرة أخرى، وتدفعه للرجوع إلى البرية، ليستأنف بحثه عن داود. وظل شاول يفعل ذلك لمدة ثماني سنوات؛ وكل ذلك كان بدافع الغيرة! ومع ذلك، كان الله في كل مرة، ينقذ داود من يد شاول. وفي النهاية، حصد شاول الشر الذي زرعه. استمعوا معي لما يقوله الأصحاح الحادي والثلاثين.

يقول الكتاب:
‘‘وحارب الفلسطينيُّون إسرائيل، فهرب رجال إسرائيل من أمام الفلسطينيّين، وسقطوا قتلى في جبل جلبوع. فشد الفلسطينيون وراء شاول وبنيه، وضرب الفلسطينيون يوناثان وأبينادب وملكيشوع، أبناء شاول. واشتدت الحرب على شاول، فأصابه الرماة رجال القسيِّ، فانجرح جداً من الرماة. فقال شاول لحامل سلاحه: استل سيفك واطعنّي به، لئلا يأتي هؤلاءِ الغُلفُ، ويطعنوني ويُقبِّحوني. فلم يشأ حامل سلاحه، لأنه خاف جداً. فأخذ شاول السيف، وسقط عليه.’’ (1صم 1:31-4)

وفي هذا اليوم، مات شاول وأبناؤه الثلاثة. وهكذا، فنى كل نسل شاول، تماماً كما قال الله أنه سيكون. وفي الاصحاحات التالية، يروي لنا الكتاب كيف سلَّم الله مملكة إسرائيل لداود.

وكان داود ملكاً عادلاً، أحب البر، وأبغض الإثم. أحب داود الرب الإله من كل قلبه. واحتلَّت كلمة الله ومجده المكانة الأولى في أفكاره. ومن ثم، فعندما بدأ داود ملكه على إسرائيل، كان أول شيء أراد أن يفعله، هو أن يُحضِر خيمة الاجتماع وتابوت العهد إلى أورشليم. وكانت أورشليم قد أصبحت عاصمة إسرائيل؛ الأمر الذي لأجله، أراد داود أن يقيم خيمة الاجتماع ومذبح الذبيحة هناك.

وبعد ما نقل داود خيمة الاجتماع إلى أورشليم، يروي لنا الكتاب، كيف خطَّط داود لبناء هيكل جميل إكراماً لاسم الرب. أراد داود أن يبني هيكلاً، ليُوضَع فيه تابوت العهد، وليقدِّم فيه الخطاة ذبائحهم لله لغفران خطاياهم. إلا ان الله أخبر داود، أنه ليس هو الإنسان الذي سيبني له البيت، ولكن الله هو الذي سيبني لداود بيتاً، أي ذريةً أو نسلاً، يثبت إلى الأبد. إذ قال الله له:
‘‘متى كَمُلت أيامك، واضطجعت مع آبائك، أقيم بعدك نسلك الذي يخرُجُ من أحشائك، وأُثبِّت مملكتَهُ. هو يبني بيتاً لاسمي، وأنا أثبِّتُ كرسيَّ مملكته إلى الأبد. أنا أكون له أباً، وهو يكون ليَ ابناً. ويأمن بيتك ومملكتك إلى الأبد أمامك. كرسيُّك يكون ثابتاً إلى الأبد.’’ (2صم 12:7-14،16)

هل تفهمون العهد الذي أسسه الله مع الملك داود في ذلك اليوم؟ لقد كان وعداً عظيماً يفوق إدراك البشر! فلقد وعد الله داود قائلاً:
‘‘ويأمن (أي يثبت) بيتك ومملكتك إلى الأبد أمامك. كرسيُّك يكون ثابتاً إلى الأبد.’’

ماذا؟ كيف يمكن لمملكة داود أن تثبت إلى الأبد؟ كيف يمكن أن يكون هذا؟ وكيف يمكن لداود، الذي هو مجرد بشر، أن يكون له مُلْكاً يدوم إلى الأبد؟
هذه هي الإجابة: لقد وعد الله داود أن واحداً من نسله سيؤسس مُلْكاً أبدياً. رجل، يأتي من نسل عائلة داود الملكية، ويُعطَى سلطاناً أن يملك في السماء وفي الأرض إلى الأبد. وسيُدعَى ملك الملوك، ورب الأرباب، ورئيس السلام. وبعد زمن داود بمئات من السنين، ونحو سبعمئة سنة قبل ميلاد ملك الملوك هذا، كتب إشعياء النبي هذه الكلمات، قائلاً:
‘‘لأنه يولد لنا ولدٌ، ونُعطى ابناً، وتكون الرياسةُ على كتفهِ، ويُدعى اسمه عجيباً مشيراً، إلهاً قديراً، أباً أبديَّاً، رئيس السلام. لِنموِّ رياسته وللسلام لا نهاية على كُرسيِّ داود وعلى مملكته، ليُثَبِتَّها ويعضدها بالحقِّ والبرِّ، من الآن وإلى الأبد.’’ (أش 6:9-7)

هل تعلمون من هو الذي من نسل داود، وأُعطِيَ سلطاناً أن يؤسس مُلْكاً أبدياً؟ هل تعلمون من هو الذي سيدين نسل آدم في يوم الدينونة، ويملك إلى الأبد؟ نعم، إنه الفادي المخلِّص، الملك من السماء، الذي وُلِد من عذراء، عذراء من نسل داود. وفيما يختص بهذا الملك، يقول الكتاب: ‘‘لذلك رفعه الله أيضاً، وأعطاه اسماً فوق كلِّ اسمٍ.’’ (في 9:2)

وعندما أدرك داود خطة الله في إرسال الفادي المخلِّص من نسله، ركع داود، وسبح الله قائلاً:
‘‘من أنا يا سيِّدي الرَّبَّ، وما هو بيتي، حتى أوصلتني إلى ههنا. وقَلَّ هذا أيضاً في عينيك يا سيدي الرَّبَّ، فتكلمت أيضاً من جهةِ بيت عبدك إلى زمانٍ طويلٍ. وهذه عادةُ الإنسان يا سيدي الرَّبَّ. لذلك قد عَظُمتَ أيها الرَّبُّ الإله، لأنه ليس مثلك، وليس إلهٌ غيرك حسب كلِّ ما سمعناه بآذاننا. والآن يا سيدي الرَّبَّ، أنت هو الله، وكلامك هو حقٌ، وقد كلمت عبدك بهذا الخبر. فالآن ارتضِ وبارك بيت عبدك، ليكون إلى الأبد أمامك، لأنك انت يا سيِّدي الرَّبَّ، قد تكلمت، فلْيبَارَك بيت عبدكَ ببركتِك إلى الأبد.’’ (2صم 18:7 ،19 ،22 ،28 ،29)

وهكذا شكر داود الرب على وعده بشأن ‘‘المَلِك’’ الذي سيأتي من نسله.
وأنتم، يا من تعرفون الكتب المقدسة، تعلمون أن الله قد تمَّم بالفعل جزءً من وعده. لأننا نقرأ في الإنجيل، أنه بعد زمن داود بنحو ألف عام، أرسل الله ملاكه إلى رعاة يرعون غنمهم في نفس تلال بيت لحم، التي كان يرعى فيها داود غنم أبيه. وقال ملاك الرب للرعاة: ‘‘.. لا تخافوا. فها أنا أبشِّركم بفرحٍ عظيمٍ، يكون لجميع الشَّعب. أنَّه ولد لكم اليوم، في مدينة داود، مخلصٌ هو المسيح الرب.’’ (لو 10:2-11)

نعم، لقد وُلِد ‘‘الملك’’ الذي وعد الله به، أن يأتي من نسل داود. فهو الآن قد رجع إلى السماء، منتظراً ذلك اليوم الرهيب المجيد، الذي فيه يأتي ثانيةً ليدين العالم بالبر. في ذلك اليوم، سيعلم الجميع أن الوعد الذي وعد به الله داود بشأن المَلِك الأبدي، هو وعد حقيقي. في ذلك اليوم، سيُقال: ‘‘قد صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه، فسيملك إلى أبد الآبدين.’’ (رو 15:11)






التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 09-30-2011, 06:09 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية عادل جبران
 

 

 
افتراضي




داود وبتشبع

نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.

في حلقتنا السابقة، رأينا كيف أصبح داود ملكاً على إسرائيل. لقد كان داود ملكاً عادلاً ورحيماً، ويقدس كلمة الله، ويُخْلِص لها. إلا أننا سنقرأ اليوم، شيئاً عن داود، لا يسر الآذان. لقد فعل داود أمراً قبيحاً ومحتقراً في نظر الله. فقد اشتهى زوجة جاره، وزنى معها، ثم أضاف على خطيته خطيةً أخرى، بمحاولته تغطية الأولى وإخفائها.

وربما يسأل البعض: ‘‘لماذا توجد مثل هذه القصة الشنيعة والبغيضة في الكتاب المقدس؟’’ يجيب الكتاب المقدس على هذا السؤال بقوله: ‘‘لأن كل ما سبق فكُتِب، كُتِبَ لأجل تعليمنا!’’ (رو 4:15) ‘‘فهذه الأمور جميعها .. كُتِبَت لإنذارنا .. إذاً من يظن أنه قائمٌ، فلينظر أن لا يسقط!’’ (1كو 11:10-12)
ففي الكتاب المقدس، لا يخفي الله خطايا الأنبياء، لأنه يريد أن يعلمنا دروساً ثمينة من ورائها.

والآن، دعونا نرجع إلى سفر صموئيل الثاني، لنرى كيف سقط داود في الخطية. وفي الأصحاح الحادي عشر، يقول الكتاب:
‘‘وكان عند تمام السنة، في وقت خروج الملوك، أن داود أرسل يوآب وعبيده معه وجميع إسرائيل، فأخرجوا بني عمُّون، وحاصروا ربَّة. وأما داود، فأقام في أورشليم. وكان في وقت المساء، أن داود قام عن سريره، وتمشى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأةً تستحم. وكانت المرأةُ جميلةَ المنظر جداً. فأرسل داود، وسأل عن المرأة، فقال واحدٌ: أليست هذه بثشبع بنت أليعام، امرأة أوريا الحثي؟ فأرسل داود رسلاً، وأخذها، فدخلت إليه، فاضطجع معها .. ثم رجعت إلى بيتها. وحَبِلت المرأة، فأرسلت وأخبرت داود، وقالت: إني حُبلى.’’ (2صم 1:11-5)

ثم يصف الكتاب بعد ذلك، كيف حاول داود أن يخفي خطيته. فعندما سمع داود أن بثشبع حبلى، أرسل إلى يوآب، قائد جيشه، وأمره أن يرسل له يوريا، زوج بثشبع. أما يوريا، فقد كان رجلاً عظيماً في جيش إسرائيل. وهكذا، أرسل يوآب يوريا إلى داود.

‘‘فأتى أوريا إليه، فسأل داود عن سلامة يوآب، وسلامة الشعب، ونجاح الحرب. وقال داود لأوريا: انزل إلى بيتك، واغسل رجليك. فخرج أوريا من بيت الملك، وخرجت وراءَه حِصةٌ (أي هدية) من عند الملك. ونام أوريا على باب بيت الملك مع جميع عبيد سيده، ولم ينزل إلى بيته. فأخبروا داود قائلين: لم ينزل أوريا إلى بيته. فقال داود لأوريا: أما جئت من السفر؟ فلماذا لم تنزل إلى بيتك؟ فقال أوريا لداود: إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام، وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجهِ الصحراء، وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع امرأتي؟ وَحَيَاتِكَ وحيوة نفسك، لا أفعل هذا الأمر!’’ (2صم 7:11-11)
‘‘فقال داود لأوريا: أقم هنا اليوم أيضاً، وغداً أطلقك. فأقام أوريا في أورشليم ذلك اليوم وغده .. وفي الصباح، كتب داود مكتوباً إلى يوآب، وأرسله بيد أوريا. وكتب في المكتوب يقول: اجعلوا أوريا في وجهِ الحرب الشديدة، وارجعوا من ورائه، فيُضرب ويموت. وكان في محاصرة يوآب المدينة، أنه جعل أوريا في الموضِع الذي علِم أن رجال البأس فيه. فخرج رجال المدينة، وحاربوا يوآب، فسقط بعض الشعب من عبيد داود، ومات أوريا الحثي أيضاً. فأرسل يوآب، وأخبر داود بجميع أمور الحرب .. وقالوا له: قد مات عبدك أوريا الحثي أيضاً.’’ (2صم 12:11 ،14 ،15 ،16 ،17 ،21)
‘‘فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات أوريا رجلها، ندبت بعلها. ولما مضت المناحة، أرسل داود، وضمها إلى بيته، وصارت له امرأةً، وولدت له ابناً. وأما الأمر الذي فعله داود، فقبُح في عينيِ الرب.’’ (2صم 26:11-27)
‘‘وفي يوم، أرسل الرب ناثان (النبي) إلى داود. فجاء إليه، وقال له: كان رجلان في مدينةٍ واحدةٍ، واحدٌ منهما غنيٌ، والآخر فقيرٌ. وكان للغني غنمٌ وبقرٌ كثيرةٌ جداً. وأما الفقير، فلم يكن له شيءٌ إلا نعجةٌ واحدةٌ صغيرةٌ، قد اقتناها وربَّاها، وكبرت معه ومع بنيه جميعاٌ. تأكل من لقمته، وتشرب من كأسه، وتنام في حضنه، وكانت له كإبنةٍ. فجاء ضيفٌ إلى الرجل الغني، فعفا أن يأخذ من غنمه ومن بقره ليهيءَ للضيف الذي جاء إليه، فأخذ نعجة الرجل الفقير، وهيأ للرجل الذي جاء إليه.
‘‘فحمى غضب داود على الرجل جداً، وقال لناثان: حيٌ هو الرب، إنه يُقتَلُ الرجُلُ الفاعلُ ذلك، ويردُ النعجةَ أربعةَ أضعافٍ، لأنه فعل هذا الأمر، ولأنه لم يُشفِق. فقال ناثان لداود: أنت هو الرجل. هكذا قال الرب إله إسرائيل. أنا مسحتك ملكاً على إسرائيل، وأنقذتك من يد شاول، .. وأعطيتك بيت إسرائيل ويهوذا، وإن كان ذلك قليلاً، كنت أزيد لك كذا وكذا. لماذا احتقرت كلام الرب، لتعمل الشر في عينيه؟ قد قتلت أوريَّا الحثِي بالسيف، وأخذت امرأته لك امرأة، وإياه قتلت بسيف بني عمُّون. والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد، لأنك احتقرتني، وأخذت امرأة أوريا الحثي، لتكون لك امرأةً. هكذا قال الرب، هأنذا أقيم عليك الشر من بيتك، وآخذ نساءك أمام عينيك، وأعطيهن لقريبك، فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس. لأنك أنت فعلت بالسرِّ، وانا أفعل هذا الأمر قدَّام الشمس. فقال داود لناثان: قد أخطأت إلى الرب. فقال ناثان لداود: الرب أيضاً قد نقل عنك خطيتك؛ لاتموتُ (أي لن تموت). غير أنه من أجل أنك قد جعلت بهذا الأمر أعداء الرب يشمتون، فالابن المولود لك يموت. وذهب ناثان إلى بيته.’’ (2صم 1:12-14)

وفي الأصحاحات التالية، يرينا الكتاب كيف تسببت هذه الخطية في متاعب عظيمة، ومآسٍ عديدة في عائلة داود. ولكن، كلمة الله تقول أيضاً: ‘‘لكن حيث كثرت الخطية، ازدادت النعمة جداً.’’ (رو 20:5) ومن ثم، سنرى في الوقت المتبقي لنا اليوم، كيف بين الله نعمته لداود، وغفر له كل خطاياه.

ولكن، لماذا غفر الله لداود كل خطاياه؟ هل رأيت كيف كان رد فعل داود، عندما قال له ناثان: ‘‘أنت هو الرجل!’’؟ لقد كان لدى نبي الله ناثان الجرأة العظيمة أن يقول مثل هذا القول لملك إسرائيل العظيم. ولكن، كيف أجاب داود ناثان؟ هل حبسه في السجن، أو قام بإعدامه، كما قد يفعل ملوك كثيرون في هذا الموقف؟ لا، لم يفعل ذلك! هل حاول داود أن يبرر خطيته بأن يقول: ‘‘إن الله أراد بها!’’ أو يقول: ‘‘إن الله صالح، وربما سيمحو أعمالي الشريرة بسبب أعمالي الصالحة!’’؟ هل أجاب داود ناثان بهذه الطريقة؟ لا، لم يفعل داود ذلك. إذاً، كيف كان رد فعل داود؟ قال داود: ‘‘لقد أخطأت!’’ .. ‘‘لقد أخطأت إلى الرب!’’

ولكي يكون لنا فهمٌ أفضل لكيف اعترف داود بخطيته أمام الرب، نحتاج أن نقرأ ما كتبه داود في المزامير، بعد ما وبخه النبي ناثان على خطيته مع بثشبع. ففي المزمور الحادي والخمسين، يقول داود:
‘‘ارحمني يا الله حسب رحمتك. حسب كثرة رأفتك، أمحُ معاصيَّ. اغسلني كثيراً من إثمي، ومن خطيتي طهِّرني. لأني عارفٌ بمعاصيَّ، وخطيتي أمامي دائماً. إليك وحدك أخطأت، والشر قدام عينيك صنعت، لكي تتبرَّر في أقوالك، وتزكو في قضائك. هأنذا بالإثم صُوِّرتُ، وبالخطية حبلت بي أمي. ها قد سُرِرت بالحق في الباطن، ففي السريرة تعرِّفُني حكمةً. طهرني بالزوفا، فأطهر. اغسلني، فأبيض أكثر من الثلج. قلباً نقياً اخلق فيَّ يا الله، وروحاً مستقيماً جدد في داخلي. ذبائح الله هي روح منكسرةٌ. القلب المنكسر والمنسحق يا الله، لا تحتقرُه!’’ (مز 1:51 ،2)

وهكذا كانت توبة داود. لقد حزن داود حزناً عظيماً بسبب خطيته. لقد انكسر قلبه، وانسحق أمام الله. فلم يكن داود مثل أولئك الذين لهم ديانة، ولكنهم يستمرون في الخطية كل يوم. حقاً، لقد سقط داود في هوة الخطية، ولكنه لم يستطع أن يعيش فيها، لأنه أحب الله، وعرف أن ‘‘الله نورٌ، وليس فيه ظلمةٌ البتة.’’ (1يو 5:1)

ولكن، ما الذي قاله الرب على فم النبي ناثان لداود بعد توبته؟ هل قال له الله: ‘‘اذهب، اعمل بعض الأعمال الصالحة، وسوف أمحو خطاياك!’’؟ لا، لم يقل الله ذلك! لقد قال له ناثان ببساطة: ‘‘الرب أيضاً قد نقل عنك خطيتك؛ لاتموتُ! (أي لن تموت)’’

وبعد هذه، كتب داود في المزامير، يصف البركة التي يتمتع بها من غفر الرب له خطاياه بلا أعمال. إذ قال داود:
‘‘طوبى للذي عُفِرَ إثمه، وسُتِرت خطيته. طوبى لرجلٍ لا يحسِبُ له الرب خطيةً، ولا في روحه غشٌ.’’ (مز 1:32-2؛ رو 7:4-8)
نعم، لقد غفر الله لداود، وحكم له بالبر! إلا أن هذا لا يعني أن الله أزال المآسي التي جلبتها خطية داود عليه. بل أن هذا يعني، أن في يوم الدينونة، لن يذكر الرب خطايا داود. فلقد محاها الرب كلها من كتابه!

لكن، كيف يمكن أن يفعل الله ذلك؟ كيف يستطيع الله أن يغفر كل خطية داود، ويظل قاضٍ عادل وبار؟ هل يستطيع الله أن ينسى بهذه البساطة، كل الشر الذي فعله داود؟ لا! إن الله هو قاضٍ عادلٌ وبار، ولا يستطيع أن يغض النظر هكذا عن خطايا بني آدم. إذاً، كيف يمكن أن يسامح الله داود، ويظل باراً؟

هل تتذكر ما قاله داود في صلاته لله، بعد ما أدرك خطيته؟ لقد صلى قائلاً: ‘‘امح معاصيَّ .. طهرني بالزوفا، فأطهر. اغسلني، فأبيض أكثر من الثلج.’’ (مز 2:51 ،7) لقد أمر الله شعب إسرائيل، أن يستخدموا غصناً من نبات الزوفا، ليرشوا به دم الذبائح. وكان الدم المرشوش، يرمز إلى ذبيحة المخلِّص الفادي الآتي، الذي سيموت طوعاً، ويسفك دمه كأجرة للخطية.

لقد غفر الله خطايا داود، لأنه تاب ـ أي رجع عن خطيته وعاد للرب ـ وآمن أن الله قادر على تطهيره من خلال عمل الفادي الآتي. وربما رفع داود صلاة لله مثل هذه:
‘‘يا رب، إني حزين بسبب خطيتي، واسألك أن تغفر لي! إني أعلم أنك تستطيع أن تغفر لي خطيتي، لأنك سترسل يوماً الفادي، الذي بلا خطية. وهو نفسه سيتحمل عني عقاب خطيتي، مرة واحدة وإلى الأبد. ولهذا ياربي، ارحمني، أنا الخاطئ! اغسلني بدم الفادي القدوس، فأصير طاهراً بالتمام!’’

ولكن، هل الله، في نعمته، غفر لداود كل خطاياه؟ هل طهَّر الله قلب داود، وحكم له أنه بار؟ نعم، لقد فعل! ولكن، علي أي أساس فعل الله هذا؟ لقد غفر الله لداود، لأنه اعترف بحالته الخاطئة أمام الله، وآمن بما وعد به الله بخصوص الفادي، الذي سيأتي ويتحمل عقاب الخطية. إن الإيمان الذي كان لدي داود في وعود الله، هو السبب الذي جعل داود يفرح، ويكتب في المزامير قائلاً:
‘‘طوبى للذي عُفِرَ إثمه، وسُتِرت خطيته. طوبى لرجلٍ لا يحسِبُ له الرب خطيةً، ولا في روحه غشٌ.’’ (مز 1:32-2؛ رو 7:4-8)






التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 09-30-2011, 06:10 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية عادل جبران
 

 

 
افتراضي




النبي داود والمسيا

نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.

على مدى الأربع حلقات السابقة، كنا ندرس معاً قصة النبي داود. ورأينا كيف كان داود نبياً، وعازفاً للقيثارة، وكاتباً للترانيم، وتلميذاً لكلمة الله، وبطلاً في المعركة، وملكاً لإسرائيل، ونبياً لله. وفي حلقتنا السابقة، رأينا أن داود كان أيضاً رجلاً خاطئاً، فعل ما أغضب الله غضباً عظيماً. إلا أننا رأينا أيضاً، كيف غفر الله لداود خطاياه، لأن داود رجع عن خطاياه رجوعاً حقيقياً بقلب تائب، وآمن بما وعد به الله بخصوص المخلِّص الفادي الذي كان آتياً إلى العالم، ليحمل خطايا كل أناس العالم.


واليوم، نريد أن نتأمل في السفر العجيب، الموجود في منتصف الكتاب المقدس تماماً. هل تعرف اسم هذا السفر؟ نعم، إنه ‘‘سفر المزامير’’، أو ‘‘الزابور’’. ويحتوي سفر المزامير على مئة وخمسين اصحاحاً أو مزموراً. وعلى مدى مئات من السنين، استخدم الله أنبياء عديدين ليكتبوا المزامير، بما فيهم موسى وسليمان وآساف وأبناء قورح. إلا أن داود كتب الجزء الأكبر من هذا السفر قياساً بالكتبة الآخرين. واليوم، نريد أن نستغرق في دراسة أول مزمورين (أو أول أصحاحين) من سفر المزامير.

ويرينا المزمور الأول فئتي الناس الموجودتين في هذا العالم: أولئك الذين يسيرون في طريق البر، وأولئك الذين يسيرون في طريق الشر. وفي المزمور الأول، يقول الكتاب:
‘‘طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس. لكن في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهجُ نهاراً وليلاً. فيكون كشجرةٍ مغروسةٍ عند مجاري المياه. التي تعطي ثمرها في أوانه. وورقها لايذبل، وكل ما يصنعه ينجح. ليس كذلك الأشرار، لكنهم كالعصافة التي تذرِّيها الريح. لذلك لا تقوم الأشرار في الدين، ولا الخطاة في جماعة الأبرار. لأن الرب يَعلَم طريق الأبرار. أما طريق الأشرار، فتهلك.’’ (مز 1:1-6)

ونرى هنا طريق المباركين، وطريق الهالكين. وكل منا بالطبع، يريد أن يكون مباركاً. فلا أحد يريد أن يهلك. والله يريد أن يكون الكل مباركاً. ولكن البركة، لابد وأن تأتي من خلال طريق البركة الذي رسمه الله. وما هو هذا الطريق؟ يلخص لنا المزمور الأول هذا الطريق في فكرتين:
الأولى: لا تسلك في طريق هؤلاء الذين يستهزئون بكلمة الله.
والثانية: تأمل في كلمة الله بهدف أن تفهم طريق الخلاص الذي أسسه الله، وأن تصدقه، وأن تقبله.

فإن صدقت طريق الله للبر، وتبعته، فإن الكتاب يقول أنك ستكون ‘‘كشجرة مغروسة عند مجاري المياه’’. إذ تتأسس حياتك في الله ذاته، فتعطي ‘‘ثمرك في أوانه’’، كالمحبة والفرح والسلام. ولكن، إن لم تتبع طريق الله للبر، فإنك ستهلك ‘‘كالعصافة التي تذريها الريح’’.

والآن، دعونا ننتقل إلى المزمور الثاني. في هذا المزمور، ألهم الله داود أن يكتب عن الفادي الذي كان آتياً إلى العالم. دعونا نصغي للرسالة التي تكلم بها الله لنا عن طريق نبيه داود. يقول الكتاب:
‘‘لماذا ارتجت الأمم، وتفَكَّرَ الشعوب في الباطل؟ قام ملوك الأرض، وتآمر الرؤساءُ معاً على الرب وعلى مسيحِهِ قائلين: لنقطع قيودهما، ولنطرح عنا رُبُطهما. الساكن في السموات يضحك. الرب يستهزئُ بهم. حينئذٍ يتكلم عليهم بغضبه، ويرجفهم بغيظه. أما أنا، فقد مسحت مَلِكي على صهيون جبلِ قدسي. إني أُخبِرُ من جهة قضاء الرب. قال لي: ‘أنت ابني؛ أنا اليوم ولدتك. اسألني فأعطيك الأمم ميراثاً لك، وأقاصي الأرض ملكاً لك. تُحطمُهُم بقضيبٍ من حديد، مثل إناء خزافٍ تُكسرُهم’. فالآن، يا أيها الملوك، تعقلوا. تأدبوا يا قضاة الأرض. اعبدوا الرب بخوفٍ، واهتفوا برعدةٍ. قبِّلوا الابن لئلا يغضب، فتبيدوا من الطريق، لأنه عن قليلٍ يتَّقِد غضبهُ. طوبى لجميع المتكلين عليه.’’ (مز 1:2-13)

هل تفهم ما أعلنه الرب الإله في المزمور الثاني؟ إنه لفي غاية الأهمية! ففي هذه الترنيمة، يعلن الله ثلاثة أسماء عجيبة للفادي الذي سيأتي إلى العالم بالخلاص لنسل آدم. هل سمعت الثلاثة أسماء؟ إنها: المسيا، والملك، والابن. دعونا نفكر قليلاً في هذه الأسماء الثلاثة، التي يشير بها الله لمخلِّص العالم.

أولاً: نرى أن الله يدعو الفادي بالـ‘‘مسيا’’. و‘‘مسيا’’ هي كلمة عبرية تعني ‘‘الممسوح من الله’’ أو ‘‘المختار من الله’’. وبهذا الاسم، ‘‘المسيا’’، كان الله يعلن لنسل آدم أنه ينبغي على الجميع أن يؤمنوا بالفادي الذي سيأتي إلى العالم، ويقبلوه، لأنه هو من اختاره الله نفسه، ليكون مخلِّصاً للعالم، ودياناً له. إلا أنه في الأعداد الثلاثة الأولى من هذا المزمور، يعلن الله بصيغة النبوة، أن معظم نسل آدم سوف يرفضون المسيا الذي سيرسله الله إلى العالم. دعونا نقرأ تلك الأعداد مرة ثانية.
‘‘لماذا ارتجت الأمم، وتفَكَّرَ الشعوب في الباطل؟ قام ملوك الأرض، وتآمر الرؤساءُ معاً على الرب وعلى مسيحِهِ قائلين: لنقطع قيودهما، ولنطرح عنا رُبُطهما.’’ (مز 1:2-3)

ولكن، لماذا يرفض أناس العالم قبول المسيا الذي أرسله الله؟ إنهم سيرفضونه، لأنه سيكون شخصاً قدوساً، غير ملطخ بالخطية، إذ يقول الكتاب:
‘‘لأن كل من يعمل السيآت يُبغِض النور، ولا يأتي إلى النور، لئلا توبَّخ أعماله.’’ (يو 20:3)
وهكذا، كان الله يتنبأ في هذه الأعداد، كيف سيعمل اليهود وأمم هذا العالم معاً محاولين أن يهلكوا هذا القدوس، الذي سبق الله واختاره، ليكون مخلِّص العالم وديانه. ولكن الله كان يعرف كل ما يمكن أن يفعله الأشرار. ومن ثمَّ، خطَّط الله أن يستخدم خطط الإنسان الشريرة، كي ما يحقق خطته البارة لفداء الخطاة. ولهذا يقول الكتاب: ‘‘الساكن في السموات يضحك. الرب يستهزئُ بهم.’’ (مز 2:4)
وهكذا، فإن الاسم الأول الذي أعطاه الله للفادي في هذا الأصحاح، أو المزمور، هو ‘‘المسيا’’. وربما تكون مهتماً أن تعرف أن الكلمة العبرية ‘‘مسيا’’، هي نفسها الكلمة اليونانية ‘‘المسيح’’. وكلتاهما تعنيان ‘‘المختار من الله’’.

ثانياً: أما الاسم الثاني، فهو ‘‘الملك’’. فالمسيا هو أيضاً ‘‘الملك’’. وبهذا الاسم، يريد الله أن يعلم الجميع أن المسيا سيكون في النهاية ديَّاناً لهذا العالم وملكاً عليه، حتى بالرغم من أن معظم الناس سوف ترفضه. ففي يوم الدينونة العظيم، سيجثو أمامه الجميع، لأنه هو الذي اختاره الله، ليكون ملك الملوك ورب الأرباب. ومن ثم، فالمسيا إما سيكون مخلِّصك أو ديَّانك، لأنه ـ سواء قبلت أم أبيت ـ هو الملك، الذي اختاره الله ليملك إلى الأبد.

ثالثاً: سمعنا في هذا المزمور، اسماً ثالثاً، أعطاه الله للمسيا. وهو اسمٌ ينبغي أن نفكر فيه بكل الحرص. إنه ‘‘الابن’’. وقبل أن نشرح ما الذي يعنيه هذا الاسم، ربما ينبغي علينا أن نتذكر أن كل ما كتبه داود في المزامير، كتبه بالحكمة التي منحها له الله. ويجب علينا ايضاً أن نتذكر أن في كتابات الأنبياء، توجد أشياءٌ من الصعب فهمها، إلا أن ذلك لا يمنع كونها صحيحة. إن الله يحذرنا في كلمته قائلاً: أن الكتب ‘‘.. فيها أشياءُ عسرة الفهم، يُحَرِفها غيرُ العلماءِ وغير الثابتين، كباقي الكتب أيضاً، لهلاك أنفسِهِم.’’ (2بط 16:3)
فالجهل هو شيء فظيع، خاصةً إذا ما تعلَّق بالمسيا الذي اختاره الله، ليخلِّص نسل آدم من الهلاك الأبدي!

دعونا نرجع مرة أخرى للمزمور الثاني. ففي الآية السابعة من هذا المزمور، نقرأ أن المسيا يقول: ‘‘إني أُخبِرُ من جهة قضاء الرب. قال لي: أنت ابني؛ أنا اليوم ولدتك.’’ (مز 7:2) هل تسمع ما يقوله الرب للمسيا؟ إنه يقول: ‘‘أنت ابني؛ أنا اليوم ولدتك.’’ هل تعلم لماذا دعا الله المسيا ‘‘ابنه’’؟ هل تعلم ماذا يعنيه هذا الاسم؟ نأمل أن جميعكم يعلمون ماذا لا يعنيه هذا الاسم. إنه لا يعني أن الله اتخذ له زوجة، وانجب منها ابناً! فإن هذه الفكرة هي تجديف! فالله روح، وهو لا ينجب أبناءً كما يفعل البشر.

إذاً، لماذا يقول الله للمسيا: ‘‘أنت ابني!’’؟ ونستطيع أن نشكر الله، لأنه هو ذاته أخبرنا عن السبب. ولا يسعنا الوقت اليوم، كي ما نتعمق في هذا الموضوع، ولكن، نود أن نعطيكم ثلاثة أسباب، أو بمعنى أصح ‘‘ثلاثة أفكار’’، من كتابات الأنبياء، تعلل لنا لماذا دعا الله المسيا ‘‘ابنه’’.

أولاً: لابد أن نعلم أن الله دعا المسيا ابنه، لأن المسيَّا جاء من فوق، أي من السماء. وكل من يؤمن بكتابات الأنبياء، يعلم أن المسيا لم يُولد بمشيئة رجل بل جاء من محضر الله. فكما تعلمون، إن المسيا لم يكن له أبٌ أرضيٌّ. ففيما يتعلق بوجوده الأرضي، فقد جاء من نسل داود، لأن المسيا ولد من امرأة عذراء، كانت من نسل الملك داود. ولكن من جانب أبيه، فإن المسيا جاء مجيئاً فريداً من روح الله. ولهذا السبب، يستطيع الله أن يقول له: ‘‘أنت ابني، أنا اليوم ولدتك!’’

ثانياً: دعا الله المسيا ‘‘ابنه’’، لأن الكتب المقدسة تقول أن الله والمسيا يتشاركان نفس الطبيعة. فالابن على صورة أبيه. فقد كان لابد للفادي الموعود أن يكون طاهراً وقدوساً، تماماً كما أن الله طاهرٌ وقدوس. ولا يمكننا أن نتعمق في هذه الفكرة، أكثر من هذا الآن. ولكن عندما نأتي لدراسة الإنجيل، سنرى كيف لم يكن المسيَّا مثل أبناء آدم المدنسين بالخطية! فكما رأينا مسبقاً، فإن حتى أعظم الأنبياء، ارتكبوا الخطية. ولكن المسيا لم يخطئ أبداً. فلقد كان دائماً يفعل إرادة الله.
لقد كان ضرورياً أن يكون المسيا بلا خطية، حيث أنه قد أتى إلى العالم، لكي ينقذ الخطاة من خطيتهم! فهل يستطيع المدينين بديونٍ عظيمة، أن يدفعوا ديون الآخرين؟ لا بالطبع، لا يستطيعون! إن المسيَّا لم يكن عليه أي دَيْن من الخطية. فالكتاب المقدس يدعوه:
‘‘قدوسٌ بلا شرٍ ولا دنس، قد انفصل عن الخطاة، وصار أعلى من السماوات.’’ (عب 26:7) نعم، لقد كان الفادي قدوساً، تماماً كما أن الله الذي أرسله، هو قدوس! لهذا لا يخجل الله أن يدعوه ‘‘ابنه’’.

ثالثاً: علينا أن نعرف أن الله دعا المسيا ‘‘ابنه’’، لكي يميزه من كل الأنبياء. فلقد رأينا مسبقاً، كيف دُعيَ إبراهيم ‘‘خليل الله’’. و دُعيَ النبي موسى ‘‘رجل الله’’. أما داود، فقد قال الله عنه: ‘‘وجدت داود بن يسى رجلاً بحسب قلبي’’. ولكن، لأيٍّ من الأنبياء قال الله: ‘‘أنت ابني؛ أنا اليوم ولدتك’’؟ هذا لا يمكن أن يقال إلا للمسيَّا، لأن المسيَّا هو الوحيد الذي أتى من فوق، والذي وُلِد من عذراء، والذي لم يتنجس بالخطية.

وأنتم يا من تستمعون اليوم ..
.. هل تعرفون ‘‘المسيَّا’’ ‘‘الملك’’ الذي يدعوه الله ‘‘ابنه’’؟ إن الله يريد أن يعرف الجميع المسيَّا، ويستمعوا له، ويؤمنوا به، ويقبلوه. ولهذا السبب، ختم النبي داود هذا المزمور بقوله:
‘‘فالآن، أيها الملوك، تعقلوا. تأدبوا يا قضاة الأرض. اعبدوا الرب بخوفٍ، واهتفوا برعدةٍ. قبِّلوا الابن لئلا يغضب، فتبيدوا من الطريق، لأنه عن قليلٍ يتقد غضبهُ. طوبى لجميع المتكلين عليه.’’ (مز 1:2-13)







التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 09-30-2011, 06:11 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية عادل جبران
 

 

 
افتراضي




المزيد من المزامير

نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.

في الحلقة السابقة، درسنا معاً أول مزمورين في سفر المزامير (أي الزابور). وإنه لمن العظيم أن يكون لدينا الوقت في برنامجنا لقراءة ودراسة كل مزمور من المزامير، ولكن حيث أن سفر المزامير يحتوي على مئة وخمسين مزموراً، فلن يكون هذا الأمر ممكناً.

إلا أن، قبل أن نترك سفر المزامير، نود أن ندرس معاً مزموراً آخر من المزامير التي وضعها الله في ذهن داود، ألا وهو المزمور الثاني والعشرين. إن هذا المزمور لجد مزمور هام جداً. وذلك، لأنه يتنبأ عن كيف سيموت المسيا متألماً ألماً بالغاً، ليدفع أجرة الخطية بالنيابة عن كل أبناء آدم. وفي هذا المزمور، نرى داود، الذي سبق مجيء المسيا بألف عام، يتنبأ بنحو ثلاثين حدثاً، سيحدث في اليوم الذي سيموت فيه المسيَّا. وعندما نقرأ الإنجيل، الذي يروي لنا قصة المسيَّا، سنرى معاً أن كل الأحداث تمت تماماً، كما تنبأ عنها نبي الله، داود. وهكذا، نتأكد أن هذا المزمور لم يأتِ من فكر بشر، بل من فكر الله. فالله وحده وحسب، هو الذي يستطيع أن يخبر عن المستقبل بهذه الدرجة من الدقة البالغة.

والآن، دعونا نستمع إلى ما كتبه النبي داود في المزمور الثاني والعشرين. في هذا المزمور، كتب داود الأفكار التي قد تدور في ذهن المسيَّا في ذلك اليوم، الذي سيسفك فيه دمه أجرة لخطايانا. فيقول داود:
‘‘إلهي إلهي لماذا تركتني بعيداً عن خلاصي، عن كلام زفيري؟ وبعد، أنت القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل. أما أنا، فدودةٌ لا إنسان. عار عند البشر، ومحتقر الشعوب. كالماء انسكبت. إنفصَلَت كل عظامي. صار قلبي كالشمع. قد ذاب في وسط أمعائي. يَبِسَت مثل شقفة قوتي، ولصق لساني بحنكي، وإلى تراب الموت تضعني. لأنه قد أحاطت بي كلابٌ. جماعةٌ من الأشرار اكتنفتني. ثقبوا يديَّ ورجليَّ!’’ (مز 1:22 ،3 ،6 ،14 ،15 ،16)

دعونا نتوقف هنا لبرهة. هل فهمت ما كتبه النبي داود عن المسيا؟ فقبل أن يأتي المسيا بنحو الف عام، كتب داود قائلاً: ‘‘جماعةٌ من الأشرار اكتنفتني. ثقبوا يديَّ ورجليَّ!’’ وبهذه الكلمات، تنبأ داود عن كيف سيثقب أبناء آدم أيدي المسيا ورجليه، بأن يسمروه منها على صليب. ولكن، ..
.. لماذا كتب داود في المزامير أن جماعة من الأشرار ستثقب يديّ المسيا ورجليه؟
.. ولماذا يموت المسيا مثل هذا الموت المؤلم؟
.. ولماذا يسمح الله للبشر بقتل الفادي القدوس، الذي أرسله؟


إن كلمة الله تعطينا الإجابة. لقد كان من الضروري للمسِيَّا أن يعاني هذا الألم المبرح، ويموت مثل هذا الموت الرهيب، كي ما يأخذ مكاننا، ويتحمل عنا عقاب الله لخطايانا. وحيث أن أجرة الخطية هي موت ودينونة أبدية في جهنم، كان من الضروري على المسِيا أن يذوق عذاب الجحيم الذي نستحقه نحن بسبب خطايانا. لقد خطط الله في نعمته، أن يرسل الفادي الذي لم يتدنس بالخطية، كي ما ‘‘يذوق الموت من أجل كل واحد’’ (عب 9:2) بمحض إرادته الحرة. وكانت هذه هي الطريقة التي يمكن لله أن يفتح بها لأبناء آدم طريقاً لغفران خطاياهم، وباباً للحياة الأبدية، دون المساس ببره وعدله! فلقد كان على المسيا أن يدفع أجرة خطايانا. وكان موت المسيا البار، هو السبب في أن الله البار، استطاع أن يحكم بالبر لكل من يؤمن بالمسيا.

وما كتبه النبي داود فيما يخص موت المسيا، إنما هو حقاً عجيبٌ ومدهش. تأمل في ذلك! قبل ميلاد المسيا بألف سنة، يكتب داود بالتفصيل عن كيف سيتألم المسيا على الصليب، الذي سيسمِّروه عليه. وربما ما نحتاج أن نفهمه ونتذكره، هو أن الرومان كانوا أول من اخترعوا طريقة الإعدام بتسمير الشخص على صليب. وكانت هذه الطريقة للموت المؤلم، تسمى بـ‘‘الصلب’’. ومع ذلك، فعندما كتب داود عن هذا في المزامير، لم تكن الدولة الرومانية قد جاءت بعد، ولم يكن أحد يعرف طريقة ‘‘الصلب’’ هذه لقتل إنسان، أي تسمير الشخص على صليب. إلا أن الله وضع فكرة موت المسيا على صليب، في ذهن داود، وألهمه أن يكتبها في المزامير، كي ما نعرف بالتأكيد، أن موت المسيا على الصليب كان خطة الله نفسه ليخلصنا من أجرة الخطية.

والحق الذي يحتوي عليه هذا المزمور، هو حقٌّ واضحٌ جليٌّ، وينبغي أن نلتفت إليه. إلا أن الجميع لا يقبلون هذه الرسالة من الله. فإلى هذا اليوم، ينكر البعض صحة ما كتبه نبي الله داود في المزامير، فيما يتعلق بموت المسيا على الصليب. فهم يقولون: ‘‘إن الله لا يمكن أن يسمح بموت المسيا هذا الموت المؤلم والمخزي!’’ إلا أن أولئك الذين يقولون هكذا، هم يجهلون كتابات الأنبياء، ويجهلون أيضاً خطة الله لخلاص الخطاة.






التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين