القدّيس الشهيد بونيفاتيوس 19 كانون الأوّل . - منتدى ام السمائيين و الارضيين
الرئيسية التسجيل مكتبي
Image
البحث الأعضاء الرسائل الخاصة


منتدى ام السمائيين والارضيين


   
العودة   منتدى ام السمائيين و الارضيين > منتدى الطريق نحو الابديه > قسم سير حياه القديسين والشهداء
 
قسم سير حياه القديسين والشهداء يشمل سير حياه جميع القديسين والشهدء الذين عرفوا طريق الابديه ونالوا الاكاليل

إضافة رد
   
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 06-09-2012, 12:04 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية ملاك حمايه جرجس
 

 

 
نة القدّيس الشهيد بونيفاتيوس 19 كانون الأوّل .






في ذلك الزمان عاشت في رومية امرأةٌ اسمها أغلايدي وكان والدها أكاكيوس والياً على المدينة آنذاك .
وبما أنّها فتاةٌ شابّةٌ وجميلةٌ وكانت تملك ميراثاً كبيراً كان قد بقي لديها من والديها وكونها تتمتّع بحياةٍ حُرّةٍ
بدون رجلٍ شرعي كانت أغلايدي تقضي وقتها في الفجور والخطايا وكان عندها خادمٌ وفيٌ والّذي كان مُدبّراً لمنزلها وميراثها .

كان الخادم شاباً وسيماً وكان يُدعى بونيفاتيوس , وقد كانت أغلايدي تعيش في علاقةٍ محرّمةٍ معه مُرضية شهواتها الجسدية .
إنّنا لا نخجل من التحدُّث في هذا الموضوع حيث أنّنا سنتحدّث عن التغيّر المطوّب والعجيب في حياتهما .
لأنّه عندما يُعطى المديح للقدّيسين فلا يُسكت عن خطاياهم السابقة أيضاً لكي يُظهر أنّه ليس جميع النّاس كانوا أبراراً
ومطوّبين منذ شبابهم بل على مثال غيرهم كان لهم جسدٌ فانٍ لكنّهم عن طريق التوبة الحقيقية والتغيّر الذاتي الحسن
والأعمال الصالحة العظيمة قد تمجّدوا بقداستهم .

لقد رُوي في سير القدّيسين عن تلك الأمور لكي لا نيأس نحن الخطأة بل لكي نسرع إلى الإصلاح الذاتي القريب عالمين
+ أنّه من الممكن بمعونة اللّه وحتّى بعد أن نكون قد عملنا الخطيئة أن نصير قدّيسين إذا ما نحن أنفسنا رغبنا بذلك وتعبنا عليه .
وفي الواقع إنّه لرائع ولذيذٌ على القلب ذلك الخبر الّذي نسمع فيه بأنّ أحد الخطأة والّذي للوهلة الأولى يبدو لك أنّه لا يملك
رجاءً في الخلاص , يصير قدّيساً وبالأحرى شهيداً للمسيح , بعكس التوقّعات على غرار القدّيس بونيفاتيوس الّذي
أثناء حياته الشهوانية كان يعبد الخطيئة , وأمّا فيما بعد فأصبح معترفاً ومجاهداً شجاعاً ومعانياً مجيداً من أجل المسيح .
أثناءَ حياته الفاجرة كان بونيفاتيوس عبداً للخطيئة لكنّه بالرغم من ذلك كان يتمتّع بأعمال صالحة تستحقّ المديح :


+ فقد كان يعطي أناساً صدقاتٍ كريمةٍ وكان يهدي آخرين طمأنينة بمحبّته لهم وأناساً آخرين كان يقدّم لهم المساعدة
مشفقاً عليهم .
كان بونيفاتيوس يُصلّي إلى اللّه في كثيرٍ من الأحيان لكي يُخلّصه من مكايد الشيطان وأن يساعده في أن يصبح سيّداً على
شهواته ورغباته حيث أنّه كان يملك رغبةً كبيرة في إصلاح نفسه .
لم يبغض الرّبُّ عبده ولا سمح له بأن يغرق في أكثر في نجاسة الخطيئة , لكنّه سُرَّ بأن يُعدّ الأمور هكذا بحيث أن تُغسل
أعماله النجسة عن طريق إهراق دمه وأن تصبح روحه بهذه الطريقة أرجواناً ملكيّاً وأن تُكلّل بإكليل الشهادة وقد حصل ذلك
هكذا : في ذلك الزمان كان يوجد اضطهادٌ قويٌّ ضدّ المسيحيين وكانت ظلمةٌ صنميةٌ عميقةٌ تغطي سائر الشرق وكثيرٌ من
المؤمنين كانوا يعذّبون ويُقتلون من أجل المسيح .
وقد ظهرت لدى أغلايدي سيّدة بونيفاتيوس الفكرة الخلاصيّة والرغبة القويّة والغير المغلوبة في أن تملك رُفات شهيدٍ
في بيتها , وإذ إنّه لم يكن لديها من بين خدّامها أوفى وأكثر تنفيذاً من بونيفاتيوس فقد دعته وكشفت له رغبتها
وقالت له عندما كانا وحدهما : " أخي في المسيح أنت نفسك تعلم بكم من الخطايا الكثيرة تنجّسنا حيث أنّنا لا نهتمّ
البتّة بحياتنا الآتيّة وبخلاصنا وكيف أنّنا سنقف أمام قضاء اللّه العظيم والّذي فيه سينبغي أن نوضع تحت عذابٍ
شديدٍ بحسب أعمالنا ..؟


+ ولكنّني سمعت من رجلٍ صالحٍ أنَّه إذا كان لدى أحدٍ رفات أحد شهداء المسيح ويكرّمها سيحصل ذلك الرجل على الخلاص
ولن تتضاعف الخطيئة في بيته بحيث أنّه مثل هذا الرجل يمكنه حتّى أن يصلَ إلى التطويب الدائم الّذي حظيَ به القدّيسون .
ويُقال أنّه يقوم الكثير من الناس بجهاد من أجل المسيح وينالون أكاليل الشهادة مقدّمين أجسادهم للعذاب فلذلك اخدمني :
فقد أتت الساعة الّتي فيها تظهر لي أنك تحبّني فعلاً , اذهب حالاً إلى تلك البلاد حيث قد شُنّ اضطهادٌ ضدّ المسيحيين واجتهد
بأن تحضر لي رفات أحد الشهداء القدّيسين لكي أضعه بإكرامٍ عندي ولأبني كنيسةً لهذا الشهيد وليكون لي حارساً وحافظاً لي
بشكلٍ دائم ووسيطاً دائماً لدى الرّب " .
بعد أن سمع لأغلايدي وافق بونيفاتيوس بفرحٍ على طلبها وعبّر عن استعداده الكامل للسفر .
فأعطته سيّدته الكثير من الذهب لأنّه كان من المستحيل أن تؤخذ رفات الشهداء من دون الهدايا والذهب : حيث كان المعذّبون
الطالحون إذ يرون محبّة المسيحيين القوية واجتهادهم في الحصول على الرفات لا يغطونهم إيّاها مجاناً بل كانوا يبيعونها
بثمن غالٍ وبهذه الطريقة كانوا يحصلون على رواتب عاليةٍ .

+ أخذ بونيفاتيوس من سيّدته ذهباً كثيراً لكي يشتري به رفات شهيدٍ من جهةٍ , ولكي يعطي صدقةً للفقراء من جهةٍ أخرى .
وقد جهّز أيضاً الكثير من العطور الكثيرة والمختلفة وأقمشةً وكلّ شيء يحتاجه لتغطية أجساد الشهداء الكريمة .

وبعد أن أخذ معه أيضاً الكثير من الخدّام والمساعدين والخيول أعدّ بونيفاتيوس نفسه للسفر .
وعند خروجه من البيت قال بونيفاتيوس لسيّدته ضاحكاً : " يا سيّدتي ماذا سيحصل إن لم أجد أيّ جسد شهيدٍ ..
ويحضرون لكِ جسدي معذّباً من أجل المسيح أستقبلينه عندها بإكرامٍ ..؟ "
بعد أن ضحكت عليه أغلايدي دعته سكراناً وخاطئاً وقالت له : " يا أخي ليس وقت المزاح الآن بل وقت التخشّع يجب عليك
أن تحفظ ذاتك في الطريق من أيّة خلاعةٍ ومزاحٍ فإنّ العمل المقدّس يجب أن يؤدى بإكرامٍ وصلاحٍ وخلال هذا السفر أنت
بحاجةٍ أن تسلك في تواضعٍ وزهدٍ , وتذكر أنّك تتحضّر أن تخدم للرفات الكريم الّذي نحن غير مستحقّين ليس أن نلمسه فحسب
بل وأن ننظره , اذهب بسلامٍ وليغفر اللّه الّذي قبل صورةَ عبدٍ وأهرق دمه من أجل خطايانا وأن يرسل لكَ ملاكه وليوجّهك نحو
دربٍ ناجحٍ وصالحٍ " .
أخذ بونيفاتيوس على خاطره أمر سيّدته وذهب في دربه متفكّراً في ذهنه عمّا كان يتوجّب عليه أن يلمسه بيديه المنجّستين
والخاطئتين .

+ فبدأ بونيفاتيوس يحزن على خطاياه السابقة وقرر أن يصوم وألا يأكل اللحم وألا يشرب الخمر بل بدأ يصلّي باجتهادٍ وبشكلٍ
مستمرٍ لكي يكسب مخافة اللّه .
إنَّ الخوف هو أبو الانتباه والانتباه هو أبو الراحة الداخليّة والّتي منها تولد بداية وجذور التوبةِ ، إنّ بونيفاتيوس بادئاً
بمخافة اللّه ومنتبهاً على نفسه وبصلواتٍ غير منقطعةٍ أضاف عليها رغبةً في حياةٍ كاملةٍ مقدّسةٍ أيضاً .

عندما وصل بونيفاتيوس إلى آسيا الصغرى ودخل إلى تارش المدينة الكيليكيّة الكبيرة كان قد أُعلن في المدينة اضطهادٌ شديدٌ
ضدّ المسيحيين من قبل الإمبراطور ذيوكلتيانوس وشريكه في الحكم مكسيميانوس وكان المؤمنون قد عُرّضوا لعذابٍ شديدٍ .
بعد أن ترك بونيفاتيوس خدمه في نُزل الغرباء أوصاهم بأن يستريحوا وأمّا هو فبدل أن يستريح ذهب لكي يشاهد عذاب الشهداء
الّذي كان يسمع عنهم من قبل .
عندما وصل بونيفاتيوس إلى مكان العذاب رأى جمعاً من الناس كان قد اجتمع ليشاهد عذابات المسيحيين المسبّبة لهم .
جميع أولئك المسيحيين كانوا قد اتُهموا بتهمةٍ واحدةٍ فقط هي الإيمان المسيحي وسيرة الحياة الفاضلة لكنَّ العذابات الّتي كانوا
مُعرّضين إليها كانت مختلفةً : فأحدهم كان معلّقاً رأساً على عقبٍ وكانت نارٌ تشتعل من تحته وآخر كان مثبّتاً إلى أربعة أعمدة
على شكلِ صليبٍ .
كان أحدهم مستلقياً على الأرض مقطّعاً بالمنشار وآخر كان المُعذّبون يكشّطونه بأدواتٍ حادّةٍ وكانوا يقلعون عيون أحدهم
وللآخر يقطّعون أعضاء جسده إرباً .
كانوا يدقّون أحدهم على عود حديدي ويرفعونه عن الأرض بحيث أنَّ العود كان يخترق رقبته ويكسرون عظام آخر ,
وكانت ساقا ويدا آخر مقطوعتان وكان يتشقلب على الأرض مثل الكرة .
لكن كانت تبدو على وجوه جميعهم فرحةٌ روحيّةٌ بسبب احتمالهم للعذاب الغير المحتمل بالنسبة للإنسان وقد كانوا
مُحصنين من نعمة اللّه .
كان بونيفاتيوس المطوّب ينظر إلى كلَّ ذلك بانتباهِ , حيث أنّه كان يندهش من صبر الشهداء الشجاع من جهةٍ
وكان يتمنّى من جهةٍ أخرى أن يحظى لنفسه بهكذا إكليلٍ .

+ ثمّ بعد أن امتلأ بغيرةٍ إلهيّةٍ وعند وقوفه في وسط ذلك المكان بدأ يعانق جميع الذين أظهروا ذاتهم شهداءً
والّذين كان قد بلغ عددهم عشرين شهيداً صاح أمام الملأ وبصوت عالٍ : " عظيمٌ هو إله المسيحيين ! عظيمٌ هو ،
لأنّه يساعد عبيده ويقويّهم في أحزانٍ شديدةً جدّاً ..! "
وبعد أن نطق بونيفاتيوس بهذا الكلام بدأ يعانق الشهداء من جديد ويقبّل أرجلهم بمحبّةً , وأمّا أولئك الّذين
لا أرجل لهم فقط كانت بقية أعضاء أجسادهم , كان بونيفاتيوس يضمّهم إلى صدره ويدعوهم بالمُطوّبين لأنهم
بعد أن احتملوا برجولةٍ العذابات الآنيّة سينالون راحةً أبديّةً وتعويضاً وفرحاً لا نهائيّاً من فورهم .
وكان بونيفاتيوس يصلّي في الوقت ذاته أن يصبح شريكاً للشهداء في جهادهم هذا وإكليلهم الّذي كانوا سيحصلون
عليه من المسيح واضع الجهاد .
لفت انتباه الشعب إليه وخصوصاً القاضي الّذي كان يعذّب القدّيسين المتعذّبين .
عندما رأى القاضي في وجه بونيفاتيوس لاجئاً وشخصاً غريباً سأل مَن هو ومن أين ..؟
وإذ أمر أن يمسكوا به و يحضروه إليه فوراً سأله : " من أنت .. ؟ "
+++ فأجاب القدّيس : " أنا مسيحي ..! " .
لكنَّ القاضي أراد أن يعرف اسمه وأصله .
فقال القدّيس مجيباً إيّاه : " إنَّ اسمي الأول الأحبَّ بالنسبة لي هو مسيحي ولقد أتيت من روميّة إلى هنا وأمّا إن كنت تريد
أن تعرف اسمي الّذي أعطاني إيّاه والداي فهو بونيفاتيوس " .

فقال القاضي : هكذا إذاً بونيفاتيوس , تقدّم إلى آلهتنا وقدّم لها الذبيحة قبل أن أكون قد مزّقت لحم عظامك , وإن فعلت ذلك
عندها ستستحقّ الخيرات الكثيرة وستسترحم الآلهة وستخلّص نفسك من العذاب المحدّق بك وستنال منا الهدايا الكثيرة " .
فقال بونيفاتيوس مجيباً على هذا الكلام : " لا ينبغي لي حتّى أن أجاوب على كلامك , لكنّي سأقول لك نفس الكلام الّذي
قد سبق وأعدته لك مرّات عدّة , أنا مسيحي ولن تسمع مني سوى هذا الكلام وأمّا إذا كنت لا ترغب في الاستماع إليه
فافعل بي ما يحلو لك ..! " .
عندما نطق بونيفاتيوس بهذا الكلام أمر القاضي من فوره أن يعرّوه وأن يعلّقوه رأساً على عقب ويجلدوه بقوةٍ .


وكان القدّيس مجلوداً بضرباتٍ قويةٍ جدّاً , بحيث أنّه كانت قطع لحم بأكملها تسقط من جسمه حتّى أنّه تعرّت عظامه .
وأمّا بونيفاتيوس فكأنّه لم يحسّ بأيّةِ آلامٍ وكأنّه كان غير مهتم بالجراح الّتي حصل عليها .
كان يركّز عينيه على الشهداء القدّيسين فقط , ناظراً في معاناتهم مثالاً لنفسه ومعزيّاً نفسه بذلك أنَّه سيستحقّ
أن يتعذّب معهم من أجل المسيح .
بعد ذلك أمر المعذِب بأن يقلّلوا قليلاً من عذابه لكي يحاول أن يقنعه بالكلام المعسول فقال : " لتستخدم بداية آلامك هذه
كتعليمات لتعرف ما هو الأحسن لك أن تختار يا بونيفاتيوس , اعقل أيّها البائس وقدّم الذبيحة للآلهة وإلا ستُعرض من
فورك لعذاباتٍ شديدةٍ وقاسيّةٍ " .
فأعترض القدّيس : " أيّها الجاهل ..! لماذا تأمرني بأن أعملَ الأعمال الغير اللائقة ..؟ حتّى إنّني لا أستطيع أن أسمع
عن آلهتك , وأمّا أنت فتأمرني أن أقدّم لها الذبائح ..! "

عندها أمر القاضي المغلي عليه من الغضب بأن يدقّا له الإبر تحت أظافر يديه وقدميه بقوةٍ .
لكنَّ القدّيس بعد أن وجّه عينيه وذهنه نحو السماء كان يحتمل ذلك بصبرٍ .
بعد ذلك أخترع المعذِب عذاباً جديداً : فأمر أن يصهر رصاصاً ويسكبوه في فم القدّيس .
وبينما كان الرصاص ينصهر رفع القدّيس يديه نحو السماء وكان يصلّي : " أيّها الرّبُّ إلهي يسوع المسيح الّذي قويتني
في العذابات المحتملة مني , كن معي الآن أيضاً وسهّل لي معاناتي , أنت هو عزائي الوحيد , فأعطيني آيةً ملموسةً
عن هذا بأنّك تساعدني في أن أغلب الشيطان وهذا القاضي الظالم , من أجلك أنت يا ربُّ أعنّي كما أنت ذاتك تعلم ذلك " .
وبعد أن أنهى هذه الصلاة ألتجأ بونيفاتيوس بطلب نحو الشهداء القدّيسون أيضاً لكي يعينوه بصلواتهم كي يحتمل
الحزن الفظيع .
عندما اقتربوا منه المعذِبون فتحوا فمه بأدواتٍ حديديّةٍ وسكبوا الرصاص في فمه لكنّهم لم يسبّبوا أيَّ ضررٍ للقدّيس .
عندما رأى الحاضرون هذه القسوة كانوا مستولين من القشعريرة وبدأوا يصرخون : " عظيمٌ هو إله المسيحيين ..!
إنَّ المسيح هو ملكٌ عظيمٌ ..! نحن جميعاً نؤمن بك يا ربُّ ..! " .
اتجه الجميع صارخين هكذا نحو مزار الأصنام المتواجد بالقرب من هناك راغبين في أن يدمّروه وكانوا يثورون ضدَّ القاضي
بشدّةٍ ويرجمونه بالحجارة لكي يقتلوه .
قام القاضي مخزيّاً من مكان قضائه وهرب إلى بيته بعد أن أمر بأن يظلَّ بونيفاتيوس تحت الحراسة .

+ وفي الصباح عندما توقّف حماس الناس وكانت مظاهرات الشعب موقوفة ظهر القاضي من جديد على كرسي القضاء
وبعد أن استدعى بونيفاتيوس ابتدأ يجدّف على اسم المسيح ويستهزأ بالطريقة التي كان قد صُلب بها المسيح .
وإذ لم يحتمل القدّيس التجديف على ربِّه تلّفظ بكلمات مسيئةٍ بالنسبة للقاضي حيث أنّه بدوره أهان الآلهة الميتة ,
+ وأظهر عمى وجهالة أولئك الناس الّذين يسجدون لها .
وبهذا قد أغضب القاضي أكثر والّذي أمر بأن يصهروا مرجلاً مليئاً بالشمع ويرموا بالشهيد القدّيس فيه .
لكنَّ الرّبَّ لم يترك عبده : فقد نزل فجأةً من السماء ملاكٌ وعصر الشهيد في المرجل بالماء .
وأمّا بعد أن أنسكب الشمع تشكّلَ من حول المرجل لهب قويٌّ والّذي أحرق الكثيرين من الوثنيين الطالحين الواقفين
بالقرب منه .
+ وأمّا القدّيس فقد خرج سليماً من المِرجل وبدون أن يتضرّرَ من الشمع ومن النار .
عندها وبعد أن رأى المعذِب قوّةَ المسيح خاف ألا يتضرّر هو نفسه وأمر بأن يقطّعوا بونيفاتيوس بالسيف فوراً .
بعد أن أمسكوا بالشهيد أخذه الجنود إلى مكان التقطيع .

+ طلب القديس بعضاً من الوقت للصلاة فاتجّه نحو الشرق وصلّى هكذا : " يا ربُّ أيّها الرّبُّ الإله ..! هبني رحمتك
وكن لي معاوناً حتّى لا يقطع لي العدوُّ طريقي نحو السموات بسبب خطاياي الّتي فعلتها بجهلٍ , لكن اقبل بسلامٍ روحي
وضعني مع قدّيسيك الشهداء الذين أهرقوا دماءهم من أجلك وحفِظوا إيمانهم إلى النهاية , وأمّا رعيتك المكسوبة
بدمك الكريم أيّها المسيح خلّص أقربائي من كلِّ طلاحٍ وضلالةٍ وثنيّةٍ لأنّك أنت مباركٌ وتحيا إلى الأبد ..! " .
وبعد أن صلّى هكذا أخفض بونيفاتيوس رأسه تحت السيف وقُطّع .
وسال من الجرح دمٌ وحليبٌ .
عندما رأى الغير المؤمنون هذه العجيبةَ والّذين كان عددهم نحو 550 نفساً انقلبوا إلى المسيح من فورهم ,
وبعد أن تركوا الأصنام النجسة انضموا إلى المؤمنين .

+ هكذا كانت نهاية بونيفاتيوس الّذي حين ذهابه تنبّأ أمام سيّدته عن هذا العمل , الّذي طبّقه عملياً في الواقع .
وفي الوقت عينه كان رفاق بونيفاتيوس وخدّام أغلايدي الّذين أتوا معه ليبحثوا عن رفات قدّيسين جالسين في
النُزُل وينتظرونه حيث أنَّهم لم يكونوا عالمين بما يحدث .
+ وإذ إنَّهم رأوا أن بونيفاتيوس لم يعد مساءً تعجّبوا , وبعدما لم يروه طوال الليل , بدأوا في الصباح التالي يثرثرون
عليه ويدينونه ( كما كانوا يروون عن أنفسهم فيما بعد ) حيث أنّهم أعتقدوا أنّه قد سَكِرَ في أحد المقاهي ,
ويمضي وقته مع الزواني .
فكانوا يقولون فيما بينهم مستهزئين : " انظروا كيف أتى رفيقنا بونيفاتيوس ليبحث عن رفاتٍ كريمٍ ..! " .
لكن بما أنّه لم يعد , وفي الليلة التاليّة وحتّى في اليوم الثالث بدأ رفاقه لا يفقهون وكانوا يبحثون عنه متجولين
في كلِّ أنحاء المدينة وسائلين عنه .
التقوا صدفةً أو الأفضل أن نقول بالعناية الإلهيّة برجل كان أخاً لكاتب الأحداث وسألوه إذا كان قد رأى إنساناً غريباً ولاجئاً .
فأجابهم بأنّ أحد الغرباء وبعد أن تعذّب من أجل المسيح في المكان المخصص للعذاب كان قد حُكم عليه بالموت

وقُطّع بحد السيف يوم أمس .

قال الرجل لهم : " لا أعرف إن كان هذا هو ذلك الشخص الّذي تبحثون عنه قولوا لي ما مظهره ..؟ " .
فوصف الرفاق مظهر بونيفاتيوس الخارجي وقالوا إنّه قصير القامة وذو شعرٍ أحمرَ وخبّروا عن بقية ملامح وجهه .
عندها قال لهم الرجل : " من المحتمل أن يكون هذا الذي أنتم تبحثون عنه ..! " .
لكنّهم لم يصدّقوه وقالوا له : " أنت لا تعرف الرجل الّذي نبحث عنه " .
وبينما هم يتحاورون هكذا ذكروا عن طبع بونيفاتيوس القديم مستهزئين به وقالوا : " وهل يمكن للسكرانٍ والفاجرٍ
أن يذهب ويتعذّب من أجل المسيح ..؟ " .
لكنَّ أخا كاتب الأحداث كان يصرُّ على رأيه فقال لهم : " في الواقع لقد عُذّب في الأمس وخصوصاً البارحةَ إنسانٌ
من أجل المسيح وذلك في قاعة المحكمة والّذي كان مظهره الخارجي ينطبق على ذلك الّذي تصفونه أنتم ,
وبالمناسبة ما الّذي يعيقكم لتذهبوا وتنظروا جسده بأنفسكم في المكان الّذي قُطّع فيه ..؟ " .
ذهب الرفاق مع الرجل وأتوا إلى مكان التعذيب حيث كان يقف حرّاس مجنّدين لكي لا تُسرق أجساد الشهداء من
قبل المسيحيين .
إنَّ الرجل السائر أمامهم دلّهم إلى الشهيد المستلقي المقطّع مشيراً إليه وقال لهم : " أليس هذا الرجل الّذي تبحثون عنه ..؟ " .
عند رؤيتهم لجسد الشهيد عَرِفَ الرفاق من فورهم وجه صديقهم .
وعندما وضعوا الرأس الّذي كان مستلقياً مفصولاً إلى جانب الجسد تعرّفوا من فورهم على أنَّ هذا هو بونيفاتيوس
وتعجبوا كثيراً , ومع تعجّبهم هذا بدأوا يشعرون بالخجل , لأنّهم كانوا يفكّرون ويتكلّمون بالسوء عليه ,
وكانوا يخافون ألا يَلحَقَ العقاب بهم , بسبب أنّهم قد كانوا يدينون القدّيس ويستهزؤون بحياته بدون أن يعلموا
أفكاره القلبيّة و نواياه الحسنة .
وبينما هم مشخصين إلى وجه القدّيس وكانوا مندهشين بشدّةٍ رأوا فجأةً أنَّ بونيفاتيوس قد فتح عينيه قليلاً
وكان ينظر إليهم برحمةٍ كصديقٍ لهم وكانت شفتاه تبتسمان ووجه يضيء وكأنّه غافرٌ لكلَّ أخطائهم تجاهه .
ذُعِرَ الرفاق , ومع هذا الذعر أيضاً فرحوا , وبعد أن سكبوا دموعاً حارّةً بكوا عليه وكانوا يهمسون :

" انسى خطايانا يا عبد المسيح , تلك الخطايا التي بها أدنّا حياتك ظلماً وكنّا نستهزئ بك ظلماً ..! " .
بعد ذلك أعطى الرفاق خمس مئة قطعةٍ ذهبيّةٍ لأولئك الظالمين , وأخذوا جسد ورأس القدّيس بونيفاتيوس ومسحوهما
بأطيابٍ , ولفّوهما في أقمشة كتّانٍ طاهرةٍ , وبعد أن وضعوهما في تابوتٍ اتجهوا نحو ديارهم آخذين جسد الشهيد لسيّدتهم .
عند اقترابهم من رومية ظهر ملاك اللّه لأغلايدي في الحلم وقال لها : " جهّزي نفسكِ لتستقبلي ذلك الّذي كان عبدكِ
من قبل , فقد صار أخانا الآن , اقبلي ذلك الذي كان عبدكِ , والآن سيكون سيّدكِ , وأكرميه بخشوعٍ , لأنّه هو
حافظ نفسكِ وحامي حياتكِ " .
بعد أن استيقظت أغلايدي ذعرت وخرجت لتستقبل الشهيد القدّيس بونيفاتيوس بعد أن دعت من فورها بعضاً من الآباء
الروحيين المحترمين .
والذي أرسلته من قبل كعبدٍ , استقبلته عند عودته في بيتها كسيّدٍ عليها بخشوعٍ ودموعٍ .
وتذكرّت أغلايدي النبوءةَ الّتي نطق بها القدّيس عند ذهابه .
وشكرت اللّه الّذي قد أعدَّ الأمور هكذا بحيث أنّه أصبح القدّيس بونيفاتيوس تقدمةً حسنةً للّه عن خطاياه وخطاياها .
بَنَت أغلايدي في حقلها الواقع على بعد خمسين قدماً من رومية هيكلاً عجيباً , إكراماً للشهيد القدّيس بونيفاتيوس
ووضعت رفاته المقدّس فيه .
بعد أن بدأت تحصل بصلوات الشهيد عجائبٌ كثيرة , فقد أُعطيت أشفيةٌ لمرضى من أمراضٍ مختلفة , حيث كانت
الأرواح النجسة تُطرد , وكان الكثيرون من المُصلّين على قبر القدّيس ينالون تلبيةً لطلباتهم .
لاحقاً وبعد أن وزّعت ثروتها على الفقراء واليتامى , تخلّت أغلايدي نفسها عن الدنيا , وبعد أن عاشت في توبةٍ عظيمةٍ
ثمانيّة عشرةَ سنةً أيضاً رقدت بسلامٍ وانضمّت إلى الشهيد القدّيس حيث كانت موضوعةً بجانب قبره .
وهكذا بعد أن غير بونيفاتيوس وأغلايدي عبدا اللّه هذان بطريقةٍ عجيبةٍ حياتهما السابقة , وصلا إلى نهايةٍ خيّرةٍ :
+ أحدهما غسل خطاياه بدمه واستحقّ إكليل الشهادة .
+ وأمّا الأخرى فقد تطهّرت من النجاسة الجسديّة بالدموع والحياة القاسيّة .
وقد ظهر الاثنان مبرّرين وطاهرين أمام الرّبِّ يسوع المسيح الّذي له المجد مدى الدّهور .. آمين

تعيّد الكنيسة الأرثوذكسيّة للقدّيس الشهيد بونيفاتيوس في التاسع عشر من شهر كانون الأوّل .

فبصلواته يا ربُّ ارحمنا وخلّصنا آمين .
القدّيس الشهيد بونيفاتيوس كانون الأوّل
صلوا من أجل الخدمة فى
منتدى أم السمائيين والأرضيين
ومن أجل ضعفى أنا الخاطى
الشماس / ملاك حمايه جرجس

القدّيس الشهيد بونيفاتيوس كانون الأوّل
القدّيس الشهيد بونيفاتيوس كانون الأوّل
القدّيس الشهيد بونيفاتيوس كانون الأوّل
القدّيس الشهيد بونيفاتيوس كانون الأوّل






hgr]~ds hgaid] f,kdthjd,s 19 ;hk,k hgH,~g >







التوقيع

آخر تعديل ملاك حمايه جرجس يوم 06-09-2012 في 12:18 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين