لستَ متطفلا ً

03-04-2012, 08:06 AM

لا بد ان السماء قد اهتزت عندما قُدم يسوع للمحاكمة ولو كان العالم قد عرف يسوع على حقيقته لكانت الدنيا ايضا ً قد ارتجّت لأن منظر العظماء في قفص الاتهام بعد ان اعتاد الناس رؤيتهم في مواقع السلطان والعظمة والجاه كفيل باجتذاب الانظار واثارة الرأي العام فضلا ً عما يثيره في نفوس المتهمين من ردود فعل عميقة . ومع يسوع بسبب وضعه الخاص الفريد كان رد الفعل في نفسه أعمق وأقسى لأن الولاة الذين وقف أمامهم والقضاة الذين حاكموه كانوا من البشر صنعة يديه الذين احبهم وجاء ليتعذب من اجلهم ثم يموت عنهم ليخلّصهم وفي نفس الوقت كان وهو البار الذي لم يأتي خطية ً أدرى الجميع بما في داخل قلوبهم السوداء من بغض ٍ وحقد ٍ وظلم ٍ وقسوة . ومع ان يسوع تحمّل على الصليب الآلام المبرحة لأقسى عقوبة عرفها الانسان كما تحملها سائر المطلوبين الا انه الوحيد الذي كان مجربا ً ان ينزل من على الصليب وان يقضي على طالبيه اذا احتاج الامر اذ لم يكن باستطاعة احد سواه ان يفعل ذلك ، اذا ً فليست المسامير هي التي امسكت المسيح على الصليب ولكن حبه للبشرية هو الذي جعله يبقى على الصليب متحملا ً آلامه القاسية حتى الموت . وفي مجال الحديث عن آلام المسيح لا يمكن ان نغفل الجانب النفسي منها فقد لطموه وبصقوا عليه ، عيروه وسخروا منه واستهزأوا به ، ولكن آلامه النفسية بلغت ذروتها عندما تُرك وحيدا ً يحمل خطايا البشرية بأسرها فالأرض لفظته والسماء نبذته وتحول الله عنه كأشر المذنبين حتى صرخ من الاعماق صرخته المرة " إِلهِي ، إِلهِي ، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي ؟ " .
لم يكن يسوع على الصليب يقوم بتمثيل دور المذنب بل صار وهو يحمل خطايانا مذنبا ً حقيقيا ً يقول فيه الكتاب المقدس في رسالة بطرس الأولى 2 : 24 " حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ " . وبلغة أكثر وضوحا ً وتأكيدا ً : " جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً ، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ." ( 2 كورنثوس 5 : 21 ) ولعل هذا هو سر آلامه النفسية القاسية . وعندما نعيش ذكرى الصلب فان القلب يذوب تأثرا ً وحزنا ً الا انني كلما ازددت ادراكا ً بحقيقة آلام المسيح القاسية ازددت ثقة ً وطمأنينة ً بل تأكيدا ً لقبولي أمام الله لأنه ثمنا ً باهظا ً هذا مقداره لكفيل ولا شك أن يكفّر عن خطاياي مهما كثرت وان يطهرني ويطهرك من اثمي ومن اثمك مهما عظم . نعم لن اكون متطفلا ً على السماء ولن تكون متطفلا ً على السماء ولكنني سأدخل المجد وستدخل انت أيضا ً المجد الذي شراه لي ولك يسوع بقدم ثابت فإن حبيبي قد فداني وفداك " لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى ، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ ... بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ ، دَمِ الْمَسِيحِ ، مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ " ( 1 بطرس 1 : 18 – 20 ) .
ليس الغريب ان يتأكد المؤمنون من قبولهم أمام الله ومن مصيرهم الابدي السعيد ولكن مثار الدهشة بحق اذا وُجد الانسان الذي يدرك آلام المسيح النيابية على حقيقتها ولا يؤمن بعدها الايمان وبثقة ان الابواب ستفتح امامه على مصراعيها ويقدم له الدخول بسعة وانه سيستقبل بالترحاب والهتاف ولن يكون متطفلا ً على السماء بأي حال من الاحوال .

المصدر: منتدى ام السمائيين و الارضيين - من قسم: قسم الموضوعات الروحيه المختلفه

gsjQ lj'tgh W