منتدى ام السمائيين و الارضيين - عرض مشاركة واحدة - حيــاة الشــكـر .. جريدة الأهرام مقال يوم الأحد 22-7 -2007م
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-2013, 01:32 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية بنت العدرا
 

 

 
Arrow حيــاة الشــكـر .. جريدة الأهرام مقال يوم الأحد 22-7 -2007م





حيــاة الشــكـر

من مقالات البابا المنشورة في جريدة الأهرام
مقال يوم الأحد 22-7 -2007م


حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال


الإنسان الشاكر هو الذي يذكر الجميل أو العون المقدم اليه، ولا ينساه مطلقًا بل يقدّره ويشكر عليه. فالشكر في قلبه وعلى لسانه، لله وللناس. فإن كان الله قد صنع معه خيرًا عن طريق أحد من الناس، فهو يشكر الله على ذلك، وأيضًا يشكر الإنسان الذي كان واسطة طيبة في وصول ذلك الخير اليه.
حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال


ولكن غالبية الناس الشاكرين، إنما يشكرون أحيانًا، أي في مناسبة معينة، أو على خير بالذات قد وصل إليهم. أما حياة الشكر فتعنى ان الإنسان يشكر الله في كل حين، وعلى كل شيء. فهو يشعر على الدوام أن حياته في يد الله وحده، وأن الله باستمرار يصنع الخير معه. لذلك فهو يقبل كل ما يأتى من عند الله بفرح، ويشكر عليه. ويقول في ايمان "كله للخير"...

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال


ولكن قد يسأل البعض ويقول: نحن نؤمن بلاشك أن كل ما يأتى من عند الله هو خير. ولكن ماذا عن الأمور التي تأتينا من الناس، وقد لا تكون كلها خيرًا؟! نجيب على هذا بأن تصرفات الناس حيالنا: إن كانت خيرًا فستصل الينا بما فيها من خير. ولكن إن لم تكن كذلك – وكانت شرًا مثلًا – فإن الله المحب لنا وللخير- سوف يحوّلها إلى خيرًا، وتصل الينا خيرًا في النهاية...

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال

لذلك فالمؤمنون الحقيقيون يشكرون الله دائمًا على كل شيء. وحيثما يشكرونه، لا يفعلون ذلك لمجرد الاستسلام لمشيئته، أو طاعة لوصيته كأمر مفروض عليهم!! كلا، فليس هذا هو الشكر الحقيقى، وليس الشكر هو مجرد ألفاظ تقال بدون اقتناع، كإداء الواجب... بل هم يشكرون الله من كل القلب، وبكل الثقة، متأكدين تمامًا أن الله لا يسمح بأن يحدث لهم سوى الخير. وأنه – كضابط للكل – يرقب كل ما يحدث لهم، ويدبر الموقف لصالحهم. لذلك هم يشكرونه على كل ما يحدث لهم، واثقين أنه سينتهى لخيرهم. وهنا ترتبط حياة الشكر بحياة الإيمان...

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال

وحياة الشكر عند المؤمنين على درجات: أقلها الشكر على المعجزات والمواهب الفائقة والنعم العظيمة، وعلى الخيرات الوافرة والواضحة التي لا يشك أحد في عظم نفعها. وربما في غير ذلك قد لا يشكر البعض! وقد تمر عليهم النعم (البسيطة) مرورًا عابرًا، مع خيرات أخرى يرونها طبيعية وعادية ولا تحتاج إلى شكر!!

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال

وهناك شكر أعلى في مستواه، وهو الشكر على القليل، ونحن إن شكرنا على القليل يمنحنا الله الكثير. ولكن الملاحظ في المستوى العادى أن أي إنسان قد يشكر على شفاء مريض من داء خطير كالسرطان مثلًا. ولكنه إن شكر على الشفاء من دور زكام أو برد، فإنه يدل على أنه متعود في حياته على الشكر، سواء على الكثير أو القليل...

ولعله من فوائد الشكر، استمرار النعم وزيادتها. وفي هذا قال أحد الآباء: "ليست موهبة بلا زيادة، الا التي بلا شكر"..

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال


هناك درجة أخرى من الشكر: هى الشكر على الخفيات، على ما لا يرُى... إنه شكر من أجل المتاعب التي كان من الممكن أن تصل الينا، ولم تصل. وذلك بسبب حفظ الله لنا وعنايته... إن الشيطان بلاشك يبذل كل جهده لضررنا وإسقاطنا. فإن كنا الآن بخير، فسبب ذلك أن الله تبارك اسمه قد منع الضرر عنا قبل أن يصل الينا، أعنى الضرر الذي لا نعرفه... ونحن نشكر الله على هذا الحفظ وهذه الرعاية...

طبيعي أننا نشكر الله على الضيقات التي أنقذنا منها. ولكن هناك ضيقات أوقفها في الطريق ومنعها من أن تصل الينا، ونحن لا نعرفها. ولكننا نشكره على حفظه لنا منها. إذن شكرنا على انقاذنا من الضيقة التي نراها شيء. وشكرنا على حفظه لنا من ضيقات لا نراها، هذا أمر أعظم...

صدقونى، لو أن الله كشف لنا كل ما كان يدُبر ضدنا في الخفاء، وقد نجانا الله منه، ما كانت حياتنا كلها تكفى للشكر... الممزوج بالحب..

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال

هناك درجة أخرى، أعلى من كل ما سبق، وهى الشكر في كل حين، وعلى كل شيء. وفيها تكون حياة الإنسان كلها شكرًا... والشكر الدائم لا يحتاج إلى سبب واضح محدد، وما أكثر الاسباب كما سنذكر فيما بعد. ولكن يكفى أننا في رعاية الله الذي يريد لنا الخير. وهذا اللون من الشكر لا يتوقف على نوعية الحال الذي نحن فيه..

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال

هناك درجة نبيلة وسامية جدًا من الشكر، وهى الشكر على الضيقات: ليس فقط على الضيقات التي أنقذنا الله منها، بل بالحرى على الضيقات القائمة التي ما زلنا نعيش فيها، وبالايمان نثق أنها لخيرنا.

إن الصبر على الضيقة واحتمالها فضيلة، والرضى بالضيقة وقبولها فضيلة أكبر. ولكن ما هو أعظم من الكل، الشكر على الضيقة، وأعنى الشكر بفرح، وليس كمجرد واجب. ذلك لأننا إن شكرنا على النعم فقط، يكون حبنا هو للنعم، وليس لله معطيها... أما إن شكرناه حتى على الضيقة فإننا نبرهن على أننا نحب الله ذاته وليس مجرد عطاياه.

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال

إننا نشكره مهما حدث. ولا نسمح للأحداث المؤلمة أن تقللّ من إيماننا بحفظ الله، أو تقللّ شكرنا له، أو أن تنزع سلامنا منا...

وهذا الشكر له تأثيره على الآخرين، فيتعزون به، ونكون لهم قدوة فى الضيقات. وقد قلت كثيرًا إن الضيقة سميت ضيقة لأن القلب قد ضاق عن أن يتسع لها. أما القلب الواسع فإنه لا يتضيق بشئ. وطبيعى أن الذي يشكر على الضيقة سيشكر على كل شيء.

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال

والإنسان الروحي يشكر على الضيقات، لأنها تقوى روحياته وتمنحه عمقًا في الصلاة وعمقًا في الصوم، وتزيد إيمانه إذ يرى فيها كيف أن يد الله تعمل، وكيف يتدخل لمعونته. كما تعطيه خبرات روحية. ولهذا فهو لا يتذمر أبدًا في حياته مهما كانت الظروف.
والذى يمارس حياة الشكر الدائم يجد أسبابًا كثيرة تدعوه إلى الشكر. فهو يشكر الله أولأ لأنه خلقه ومنحه الوجود، بل بالأكثر خلقًا إنسانأ عاقلًا حرًا مريدًا، كما يشكره على كل المواهب التي منحه إياها، ليس فقط على المواهب الفائقة للطبيعة إنما على التي تبدو له طبيعية،(انظر ستجد المزيد من مقالات البابا شنوده الثالث هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). مثل الذكاء، أو رخامة الصوت، أو جمال الصوت، أو القدرة على الإقناع، أو القدرة على الاحتمال.

ويشكر الله على الإيمان الذي وُلد فيه، والذي يشتهيه كل الملحدين ولا يجدونه. يُحكى أن فيلسوفًا ملحدًا رأى فلاحًا أمميًا راكعًا يصلى من كل قلبه وبكل مشاعره. فقال "إننى مستعد أن أتنازل عن كل فلسفتى ودراستى في مقابل أن أحظى بشئ من ايمان هذا الفلاح البسيط الذي يخاطب شخصًا لا يراه"!! وأنت يا أخي مؤمن، أفلا تشكر؟!

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال

أشكر الله أيضًا لأنه يعطيك فرصًا كثيرة للتوبة. لأن ملايين من الذين في الجحيم يشتهون ساعة واحدة من الحياة أو أقل، لكي يقدموا فيها توبة، ولا يجدون..! وأنت إن قرر الله أن يأخذ روحك، ألا تشتهى بعض دقائق من هذا العمر الذي لا تشكر عليه...

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال

أشكر الله على كل إحساناته اليك منذ وُلدت: كم مرة طلبت من الله طلبًا فاستجاب لصلاتك؟ كم من ضيقة أنقذك منها؟ وكم من مرض شفاك منه أو أنقذك من الأصابة به؟ كم باب رزق فتحه أمامك؟ كم خطية ارتكبتها ولم يحاسبك الله حسب خطاياك، بل أحتملك!! أتستطيع إذن أن تحصى إحسانات الله اليك؟! لست أظن ذلك ممكنًا! فكم بالأكثر لو أضفت اليها إحساناته إلى أحبائك واقربائك، والى الوطن كله...

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال

اشكر الله أيضًا على الصحة التي أنت فيها. وكما يقول الحكيم: "إن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يشعر به الا المرضى.." إن كثيرين من الذين يرقدون على فراش المرض يشتهون أن يمشوا على أرجلهم مثلما تمشى. وأيضًا الذين يُعالجون عند أطباء العيون يشتهون نعمة البصر التي لك. فاشكر على كل هذا وعلى غيره...


أخيرًا، إن شكرت، فاشكره أيضًا على نعمة الشكر هذه، واستمر فيها.

حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال



حيــاة الشــكـر جريدة الأهرام مقال




pdJJhm hgaJJ;Jv >> [vd]m hgHivhl lrhg d,l hgHp] 22-7 -2007l







التوقيع

آخر تعديل بنت العدرا يوم 02-03-2013 في 01:35 PM.
رد مع اقتباس