منتدى ام السمائيين و الارضيين - عرض مشاركة واحدة - شخصية السيد المسيح
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2012, 07:08 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
90 شخصية السيد المسيح





شخصية السيد المسيح

شخصية السيد المسيح


لقد اختلفت الديانات والمذاهب في كل شيءٍ , ما عدا هذه الشخصية الفريدة التي شغلت اذهان البشر في كل زمان ومكان. الا وهي شخصية يسوع المسيح العجيبة. كما انها كانت موضع اهتمام الآباء والأنبياء والمرسلين في كل العصور ومختلف الجنسيات. فرغم اختلاف جنسياتهم واتجاهاتهم الحضارية ومستوياتهم العلمية وطبقاتهم الاجتماعية, فقد كتب وتكلم منهم رعاة البقر والغنم والقادة العظام واللاهوتيون الكبار. وكان بينهم الآرامي والكلداني والعبراني والموآبي واليوناني والروماني والعربي . وانه عند تجسده المبارك على ارضنا, ان تاريخ ولادته قد ابطل كل اساليب التأريخ المعروفة, من حمورابية وموسوية وكلدانية وفارسية ويونانية ورومانية. لذلك فاننا نرى الممالك والحكومات والمؤلفين والكتاَّب, اذا ارادوا تحديد زمن ما, او تسجيله رسميا,كي يكون معروفاً من كل الطوائف والاتجاهات, في جميع انحاء العالم, ارخوه اما قبل المسيح (ق.م.). او بعد المسيح (ب.م.).حتى تم فيه قول فيلسوف المسيحية ورسولها الامين بولس :"اذ جرَّد الرياسات والسلاطين اشهرهم جهارا ظافرًا بهم فيه"(كو15:2).

والقرآن بدوره يفرد المسيح عن الانبياء والمرسلين جميعاً, إذ يبرز فيه مؤيدا بالروح القدس ووجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المقربين. وهو المهدي, الذي تشرَئِبُّ له اعناق المسلمين بكل مذاهبهم عند ذكر اسمه. وإنه وحده مع الله سبحانه لَه عِلمٌ للساعةِ"الدينونة الأخيرة" (راجع القرآن سورة زخرف61و85)...

والمسيح في التوراة هو يهوه الرب الاله القادر على كل شيء. فهو شخصية التوراة والهها, وملاك عهدها, وقائد شعبها, ومكلم انبيائها. فقد دعي في التوراة ملاك العهد-اي ملاك العهد القديم-(راجع سفر ملاخي (1:3) ذلك انه كان يظهرُ فيه للآباءِ والانبياءِ بمختلفِ الظهور, فيكلمهم على انه هو يهوه ايلوهيم إله آبائهم. إله ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب (راجع التوراة سفر الخروج6:3). فكان يصارعهم ويدربهم على حياة الايمان والعمل. فيباركهم احيانا, ويرسلهم في مهام مختلفة,لكي يقودوا له شعبه (راجع التوراة سفر التكوين22:32-29وسفر الخروج 10:3و2:6).
ا
لله لم يَرَهُ احد قط
يكتب الانجيل "الله لم يَرَهُ احدٌ قط الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر" (انجيل يو18:1). ذلك لان الابن الوحيد ذاته "المسيح" هو الذي أعلن الحقائق الالهية للبشر فدُعيَ بذلك كلمة الله. يقول الوحي:"في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله" (انجيل يوحنا (1:1). وقد جاء في القرآن قوله ايضا:"انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم **وروح منه" (سورة النساء170) والمسيح ذاته أشار الى نفسه ذات يوم مخاطب الشعب بقوله: الآب الذي ارسلني هو يشهد لي لم تسمعوا صوته قط ولا ابصرتم هيئته"( انجيل يوحنا 37:5). وكتب الرسول أيضا: "الله لم ينظرهُ احدٌ قط"(1يو4 :12) ويزيد ايضاً ويكتب :" لأنَّ من لا يحبُ اخاه الذي أبصرَه كيف يقدرُ ان يحُبَّ اللهَ الذي لم يبصرْهُ "(1يو 20:4).
لله روح . والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا
ويكتب الرسول يوحنا مزيدا من اقوال المسيح بينما كان يتكلم للمرأة السامرية, وقد سألته عن الموضع الأصح لعبادة الله هل هو في جبل جرزيم ام في اورشليم القدس, فقال لها المسيح : "يا إمرأة صدقيني انه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في اورشليم تسجدون للآب. انتم تسجدون لما لستم تعلمون . اما نحن نسجد لما نعلم . لان الخلاص هو من اليهود . لانه تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق .لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له . الله روح . والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا " (راجع الانجيل يو 24:4).
ذلك لان الله"الآب"سبحانه بطبيعته اللاهوتية هو روحٌ محض. ولم يتنازل قط من مجده الاسنى. فانه لم يأخذ يوما شكل البشر كما فعل الابن, ليروه ويسمعوا صوته . فيكتب الرسول بولس بما يختص بالله الآب فيقول :"الذي وحدَه له عدمُ الموتِ ساكناً في نورٍ لا يدنى منه الذي لم يرَه احد من الناسِ ولا يقدرُ ان يراهُ, الذي له الكرامةُ والقدرةُ الابدية. آمين" (الانجيل (1تي 16:6-17).

المسيح هوكلمة الله ومكلم الانبياء
اما من جهة اقنوم الابن, وهوكلمة الله وروحه المرسل الى العالم ,حسبما جاء في الكتب الروحية جميعها, فقد رآه العالم قديماً وجديداً, وتحدث معه الانبياء وسمع صوته البشر. وإنه كان يستعير اجساداً في هيئة ملائكة او رجال,فيظهر لشعبه وانبيائه فيتكلم معهم ويرسلهم في مهام مختلفة لقيادة شعبه. فهو الاقنوم الذي سار مع شعبه العبراني طول الطريق. الى ان جاء ملء الزمان وولد في الجسد, لفداء البشر (راجع الانجيل سفر غلا4:4). حتى ان موسى نبي الله العظيم دُعيَ من الآباء جميعا كليم الله. لكثرةِ ما ظهرله هذا الاقنوم الالهي وتكلم معه. يقول الوحي: "لم يقم بعد نبيٌّ في اسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجهاً لوجه" (سفر تثنية 10:34). ويقول ايضاً:" وكان الرب يكلم موسى وجهاً لوجه كما يكلم الرجل صاحبه"(راجع التوراة سفر الخروج (11:33).
وحدث ذات يوم ان الرب قال لمريم وهارون بعد ان انتقداَ اخاهماَ موسى بسبب اتخاذه المرأة الكوشية زوجة : "ان كان منكم نبيٌّ للرب فبالرؤيا استَعْلِنُ له في الحلم أُكلِّمَهُ. واما عبدي موسى فليس هكذا بل هو امينٌ في كل بيتي . فماً الى فمٍ وعياناً اتكلمُ مع موسى لا بالألغاز وشبه الرب يعاين اقرأ التوراة سفر العدد (8:12).

لان الانسان لا يراني ويعيش

قبل ان يتخذ المسيح جسدا بانتهاء العهد العبراني الاول, كان روحاً كأبيه السماوي سبحانه. وعندما كان يريد ان يتعامل مع شعبه على الارض ,كان يأخذ شكلا معيَّنا لكي يروه ويتكلموا معه ولا يموتوا. من ثم كان يختفي عن عيونهم الى حين. نشير هنا على سبيل المثال لا الحصر الى موسى, عندما كان في حضرة الرب لمدة اربعين يوما,على جبل سيناء, فقد طلب من الرب ذات يوم ان يرى مجده بعيداً عن أي شكلٍ كما يظهر. عندها اجابه الرب : "لا تقدر ان ترى وجهي. لان الانسان لا يراني ويعيش ** "(خر 18:33). ذلك, لان مجد الرب دون غطاء بالنسبة الى البشر, "هو نار آكلة". يكتب موسى: "وكان منظر مجد الرب كنار آكلة على رأس الجبل امام عيون بني اسرائيل" (خر17:24) ولا ننسى برقع موسى , الذي اضطره اخوه هارون ان يضعه على وجهه خوفا على عيون الشعب, وحدث ذلك بعد ان رأى لمحة واحدة من مجد الرب وهو مخفى تحت يده في نقرة الصخرة راجع التوراة (خروج 21:33).
اما قول الرسول يوحنا في الانجيل: "ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب" فذلك لان يوحنا كان قد كتب اولا "والكلمة صار جسداً وحل بيننا"(راجع يو14:1). بعد ذلك كتب الرسول "ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملؤاً نعمة وحقا". فعاش الذين رأوا الرب ولم يموتوا ( راجع الانجيل يو14:1)...
توضيح :بعد الذي قرأناه في الانجيل, وهو أن الله روح ولم يَرَهُ احدٌ قط ولم يسمع صوتَه ايضا احد قط, يبرز بالضرورة سؤالٌ مهمٌ جدا: من هو اذاً هذا الاله العظيم المهوب "يهوه القادر على كل شيء", الذي تخبرنا عنه التوراة - كتاب موسى والانبياء- وقد دام عهدها مايقرب من (4000 سنة ق.م.) انه كان يظهرُ ويتكلمُ مع الناس , وياكلُ ويشربُ معهم آخذا اشكالاً مختلفةً,كهيئةِ ملائكة او بشر؟ وكان يعلن لهم هُويته انه الله "إيلوهيم"إله آبائهم, إله إبراهيم وإله إسحق وإله ويعقوب, فيتكلمُ عن نفسه في صيغة الفرد حينا, وفي صيغة الجمع احياناً أخرى ؟؟؟!. ونسمع موسى نبي الله الملهم , بعد ان تكلم كثيراً عن جامعية الله وواحديته, يكتب الى شعبه محذر من الاخذ بتعداد الآلهة كالامم المشركين بالله فيقول:"اسمع يا اسرائيل,الرب الهنا رب واحد والرب الهك تتقي وإياه وحده تعبد وبإسمه تحلف" ( (راجع سفر تثنية 4:6-13) .
واشعيا بدوره يكتب: فَبِمَنْ تُشَبِّهونَ الله واي شَبَهٍ تعادلون به ( راجع اش18:40).والرب ذاته يقول ايضأً: بمن تشبِّهونَني وتسوُّونَني وتمثِّلونني لنتشابه (راجع اشعيا 5:46).

هذا.لانه مَنْ مِنَ الملائكةِ والبشر يتساوى مع الله ؟. او يدَّعي انه واحد مع الله ؟.سوى ابنه وكلمته الازلي الوحيد المتساوي معه في العظمة والطبيعة الالهية الواحدة ؟ راجع مز 2: 12وام 30: 5ويو1:1و7:14 وسورة النساء 170 ).
اما عندما يكتب رسول العرب:"ولا تقولوا ثلاثة** انتهوا خيرا لكم انما الله اله واحد سبحانه لن يستنكف المسيح ان يكون عبدا لله".وما شابه. فهذا ليس بجديد عما كان عليه بعض المسيحيين السطحيين في الجزيرة العربية, من بدع وعبادات باطلة في تلك الايام. وليس بجديد ايضا عما كُتِبَ عن المسيح في الانجيل بعد ان اخلى نفسه آخذاً صورة عبد وصائرأً في شبه الناس.
بل هو مشابه الى حد بعيد لما كتبه رسول المسيح بولس في الانجيل. وذلك عن تنازل المسيح من المجد, وصيرورته عبدا نظيرناحيث يقول: "ليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضاً الذي اذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة ان يكون معادلاً لله لكنه اخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائرأً في شبه الناس. واذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب . لذلك رفعه الله ايضأً واعطاه ا سماً فوق كل اسم, لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الارض, ويعترف كل لسان ان يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (راجع الانجيل فيلبي 5:2-1)

جامعية الله هي تعليم كتابيٌ واضح وأصيل
يتبين لنا من الكتب المقدسة, ان الايمان في الله وأحديتة الجامعة عز وجل, هو ايمانٌ كتابيّ واضحٌ في التوراةِوالانجيل , وهو كذلك في القرآن ايضاً. اذ لم نقرأ مرة واحدة ان الرسول الكريم قد حذَّرَ الناس, من
الاخذِ بتعاليم المسيحيين وكتبهم اللاهوتية او الحياتية, بل نراه بعكس ذلك. يشير الى اهل الكتاب وكتبهم كمرجع وحيد للحياة الاسلامية الجديدة. ويكفِّر بالضلال البعيد كل من يحيد عنها ولا يؤمن بها فيقول مثلا: "ومن يكفر بالله وملائكته وكُتُبِهِ ورسله واليوم الآخر"فقد ضل ضلالاً بعيداً"(راجع سورة النساء 136)..
جامعية الله وواحديته في القرآن

فما نقرأه في التوراة عن جامعية الله سبحانه, نقرأهُ في القرآن ايضًا. فهو يتكلم كثيراً عن الله في صيغة الجمع. فكأني بالله سبحانه يريدُ ان يعلنَ واحديَّته الجامعة على كل الملا وفي كل الاوقات والظروف. فكما اعلنها في التوراة في بدء الخليقة,كذلك اعلنها في الانجيل. وها اننا نقرأها في القرآن ايضاً.مثال على ذلك قوله عن ذات الله:"انَّا نحن انزلنا الذكر وانَّا له لحافظون"سورة الحجر(8). ويقول ايضا: "سنَّةَ من قد ارسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنَّتِنَا تحويلاً"سورة الاسراء (77). او: "لقد خلقنا الانسانَ في احسنِ تقويم" سورة التين (4).الخ.
هل يُعقَلُ ان الله يجمعُ مع نفسه احداً آخرَ خارجاً عن طبيعتهِ الإلهية . فيتكلم معه وكأنه الله نفسه, أكانَ هذا الآخرَ ملاكاً ام نبيًّا ام انسانًا سواء ؟؟؟. وان كان الله يستعمل لنفسهِ صيغةِ الجمعِ للتفخيمِ او انطلاقاً من سُموِّهِ وعَظَمَتِهِ كما يظن البعض .كالأباطرة والملوكِ مثلاً,حيث اننا نراهم احيانا يستعملونَ لنفوسهم صيغة الجمع ,كقول الفرد منهم: نحن. او نريدُ. او نعملُ ونأمرُ. ولكن ليس نخلق. نقول لهؤلاء مهما كان القصد وراء هذا : انه ليس من عادة الله في كتبهِ ان يشرك معه احدا خارجا عن طبيعته الالهية ليقول معه نحن نخلق. او لنخلق. او خلقنا.حاشا, لان من يساويه من مخلوقاتهِ. حتى يجمع مع نفسه احداً , ليقول واياه نحن . هل يوجد آلهة أخرى في القرآن تخلق مع الله. او اقانيم هذاعددها. كما جاء في التوراة والانجيل ؟. وهي متساوية معه في العظمة والكمال حتى في عملية خلق البشر والعالم وما فيه ؟؟.
انه من غير المستبعد ان يكون هذا هو الصحيح. إذ نقرأ في القرآن, وفي غيره من الكتب السماوية التي جاءت من قبل, عن أقنوم واحدٍ وحيدٍ هو من روح الله,ومؤيدا بالروح القدس,قوله وهو لم يزل في المهد:"اني قد جئتكم بآية من ربكم اني اخلق لكم من الطين كهيئة الطيرفانفخ فيه فيكون طيرا باذن الله وابريء الاكمه والابرص وأحيي الموتى باذن الله وانبئكم بما تاكلون وما تذخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم ان كنتم مؤمنين". (سورة ال عمران 44-49 ومائدة 110)...وسنتأمل أكثر في هذا الموضوع
اعبدوا الله ربي وربكم
هذا. وان المسيح باخلاء نفسه من المجد الاسنى وولادته في الجسد كالعبيد للكفارة عن العبيد, قد اصبح عبدا مع العبيد. فانه مكتوب عنه: " أُحصي مع أثمة. وحمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين".(راجع كتاب موسى والانبياء سفر اشعيا 12:53). اما بعد ان انهى المسيح عمل الكفارة بموته مصلوبا وقيامته من الموت, فقد اختلفت المشاهد. يكتب الانجيلي يوحنا: ان مريم المجدلية,بعد ان رأت سيدها قائما من القبر في صبيحة الاحد,اقتربت اليه فرحةً لتلمس ثوبه قال لها:"لا تلمسيني يا مريم لاني لم اصعد بعد الى ابي . لكن اذهبي الى اخوتي وقولي لهم اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم". نرى ان المسيح قد افرد نفسه بعد قيامته من القبر بقوله: "اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم". (الانجيل يوحنا17:20).فلم يقل المسيح اني اصعد الى ابينا والهنا, وكأنه لم يزل واحدا مع هؤلاء البشر. فان بنوة المسيح لله حتى بعد ان أخذ طبيعة الانسان, تختلف كليا عن بنوتنا وعبوديتنا نحن البشر لله. فاننا نحن البشر قد اصبحنا لله اولادا بالتبني بالمسيح. فانه مكتوب ان الله " قد سبق وعيننا للتبني بالايمان بيسوع بالمسيح حسب مسرته" (الانجيل افسس5:1). وقد اصبح مَثَلهُ بالنسبة الى البشر,كَمَثَلِ آدم فانه مكتوب :كما في آدم" -الاول"- "يموت الجميع ,هكذا في المسيح"- آدم الثاني-"يحيا الجميع".وهم الذين يقبلون كفارته (راجع الانجيل1كو15 و افسس الاصحاح الاول)


ونقرأ ايضا في سورة الزخرف قوله : "ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأُبيِّنَ لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعونِ. ان الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم" (سورة الزخرف 63و64). ونرى هنا ايضا ان المسيح لم يضع نفسه في مصاف الناس, فانه يختلف كليا عن الناس. فانه في الاصل هو خالقهم وسيدهم. فلم يقل اعبدوا الله ربنا وكأنه واحدا منهم . بل قال لهم "فاتقوا الله وأطيعونِ. ان الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ".
وها اننا نقرأها في جواب السيد المسيح لله في القرآن ايضا فيقول: "ما قلت لهم إلا ما أمرتني به ان اعبدوا الله ربي وربكم". لم يقل المسيح للناس اعبدوا الله ربنا وكأنه واحدا مع الناس. بل قال لهم اعبدوا الله ربي وربكم وأطيعوني. وهذ ما يشبه الى حد بعيد قوله الى مريم المجدلية بعد قيامته من القبر مباشرة (إقرأ انجيل يوحنا17:20). ان هذا ما اعلنه الوحي للبشر في التوراة والانجيل وقد اشار اليها الرسول محمد منذرا بقوله : "ومن لم يحكم بما انزل الله فيه فاولئك هم الفاسقون "(راجع سورة المائدة (44-47). وكتب ايضا:"ومن يكفر بالله وملائكته وكُتُبِهِ ورسلهِ واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً"(سورة النساء 136).

وان هذا ما لا نستطيع فهمه وسبر غوره في عقولنا البشرية المحدودة اليوم, بل علينا ان نعتمد على ما كتبه لنا الروح القدس بواسطة انبيائه ورسله القديسين. يكتب رسول المسيح بولس: "الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ"-أي بعد القيامة- "سأعرف كما عُرفت"(اكو12:13). وإن المعرفة الصحيحة التي يطلبها الله من البشر,هي الآن ليست للجميع. بل للانبياء والرسل وكتبهم, والذين يقرأونها. فيكتب الانجيل في هذا :" ولكن الانسان الطبيعي لا يَقبَلُ ما لروح الله لانه عنده جهالة. ولا يقدر ان يعرفه لانه إِنَّما يُحْكَمُ فيه روحياً. واما الروحي فَيَحْكُمُ في كل شيء وهو لا يُحْكَمُ فيه من احد. لأنه من عرف فكرَ الرب فَيُعَلِّمَهُ. اما نحن فلنا فكر المسيح"(راجع الانجيل 1كو14:2-16).

لذا ايضا يكتب القرآن مخاطب الرسول الكريم : "ان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكوننَّ من الممترين. ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين", سورة يونس (94و95). وقوله له ايضا ومن خلاله الى الجميع : "وما ارسلنا قبلك الا رجالاً نوحي اليهم فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون". سورة الانبياء (6) . والانجيل بدوره ينصح جميعنا بالرجوع في كل شاردة وواردة,الى التوراة, واقوال الانبياء انفسهم, من خلال كتبهم .فيكتب الرسول بطرس: "وعندنا الكلمة النبوية وهي اثبت التي تفعلون حسنا ان انتبهتم اليها كما الى سراج منير في موضع مظلم الى ان ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم"(الانجيل 2بط19:1).

الله ظهر في الجسد
يكتب الانجيل ً: "الله ظهر في الجسد تَبَرَّرَ في الروح تراءى لملائكة كُرِزَ به بين الامم أومن به في العالم رفع في المجد"( راجع الانجيل 1تي 16:3).
وقوله ايضاً الى رعاة الكنائس المسيحية : "احترزوا اذاً لانفسكم ولجميع الرعية التي اقامكم الروح القدس فيها اساقفة لترعوا كنيسة الله التي اشتراها بدمه"(الانجيل اعمال الرسل28:20).

توضيح- إن الله الآب سبحانه,كما مر معنا سابقا, لم يتخذْ يوما جسداً, ليظهر للبشر ويتكلم معهم , فإنه روح محض لم يتنازلْ قط من مجده الاسنى (راجع الانجيل يو 24:4). أما المسيح كلمة الله ذاته, المرسل الى العالم , فهو الله الذي اتخذ جسدا, صاحب الدم الزكي, الذي يتكلم عنه رسول المسيح هنا, وقد أُهرق على الصليب وكفَّرَ عن خطايا العالم أجمع . لا سيما المؤمنين بإسمه وقد اتَّبعوه فاديا ومخلصاً.كما تقول الآية القرآنية الكريمة قائلة للمسيح: "وجاعل الذين اتَّبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة"(راجع سورة ال عمران 55) وانجيل يوحنا12:1). وقال ايضا: "ان الله اشترى** من المؤمنينَ انفسَهُم واموالهَم بأنَّ لهم الجنةَ يقتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن" (راجع القرآن سورة التوبة111 والانجيل رؤيا 9:5)).

هنا ايضا يبرز السؤال .كيف اشترى الله من المؤمنين انفسهم واموالهم يا ترى ؟, هل اشترى ذلك بالمال ؟ والمشترى هو المال عينه, والانفس الثمينة التي لا تثمن بمال ؟؟,كيف اشترى ذلك ؟. سوى بدم الكفارة على جبل الجلجثة . كما أُشترىَ** ابن ابراهيم بدم الذبح العظيم من قبل ,على ذات الجبل الذي كان مثال الآتي . فانه مكتوب في الشريعة: "وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة".سفر العبرانيين ( 22:9). ويكتب موسى : "فان نفس الجسد هي في الدم فانا اعطيتكم الدم على المذبح للتكفير عن نفوسكم. لان الدم يكفر عن النفس" (راجع التوراة سفر اللاويين 11:17-16) الخ.
--------------
**. يكتب رسول المسيح عن كيفية شراء الانفس الثمينة وكيف تمت مخاطبا المسيح بقوله : "لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة. وجعلتنا لإلهنا ملوكا وكهنة فسنملك على الارض" .-وهي الارض الجديدة-(راجع الانجيل سفر الرؤيا 9:5و10) . وكتب ايضا : "احترزوا اذاً لانفسكم ولجميع الرعية التي اقامكم الروح القدس فيها اساقفة لترعوا كنيسة الله التي اشتراها بدمه" (الانجيل اعمال الرسل28:20). ويكتب ايضا : "لانكم قد اشتريتم بثمن.فمجدوا الله في اجسادكم وفي ارواحكم التي هي لله" (1كو 20:6). : "وقد اشتريتم بثمن فلا تصيروا عبيدا للناس "(راجع 1كو23:7)الخ.


ظهور الله لابراهيم والتكلم معه

يخبرنا الوحي المقدس في سفر التكوين الاصحاح (12) واعمال الرسل (ص7), ان اله المجد قد ظهر لأبينا ابراهيم ودعاه من بين النهرين قبلما سكن حاران , وباركه وقال له "اذهب من ارضك ومن عشيرتك وبيت ابيك وتعال الى الارض التي اريك فاجعلك امة عظيمة جدا واباركك واعظم اسمك وتتبارك فيك جميع قبائل الارض. فذهب أبرام كما قال الرب وذهب معه (ابن أخيه) لوط.
وظهر الرب ايضا لإبراهيم وقال له : لنسلك اعطي هذه الارض . فبنى هناك ابراهيم مذبحاً للرب الذي ظهر له". (راجع سفر تك7:12).
ويقول الوحي في الاصحاح (17) ايضاً:"ولما كان ابرام ابن تسع وتسعين سنة ظهر الرب لابرام وقال له انا الله القدير. سر امامي وكن كاملاً… فسقط ابراهيم على وجهه وتكلم الله معه".

ظهور الرب لهاجر والتكلم معها
توضيح :-ان كان الله لم يره احدٌ قطْ ولم يسمع احدٌ صوته قطْ كما قرأنا اعلاه, اذاً من هو الله القدير هذا الذي ظهر لإبراهيم وتكلم معه؟ وهو الآن يظهر لهاجر جارية ساراي في هيئةِ رجل . او كما يدعوه الوحي ملاك او رسول, ويتكلمُ معها ويباركها, سوى المسيح كلمةُ الله. وبعد ان باركها قال لها: "تكثيراً اكثرُ نسلَكِ فلا يُعَدُّ من الكثرة, وها انتِ حبلى فتلدينَ ابناً وتدعينَ اسمَه اسماعيل لان الرب قد سمع لمذلتكِ وانه يكونُ إنسانًا وحشياً يدُه على كلِ واحدٍ ويدُ كلِ واحدٍ عليه وامامَ جميعِ اخوتهِ يسكنُ "وبعد ان صعد الملاك عنها "دعت هاجر اسم الرب الذي تكلم معها قائلةً : انت إيل رؤي" اي انت الله الذي يُرَى. فقد اعلن لها الوحي اخيراً, انها كانت في حضرة الله الذي يُرَى (راجع تك 10:16-14),وهو كلمة الله الاقنوم الذي اتخذ بعد ذلك جسداً , وليست في حضرة الله الذي لا يُرَى, وله وحده عدم الموت كما قرأنا اعلاه. الذي لم يرَهُ احدٌ من الناس ولا يقدر ان يَرَاهُ. (راجع الانجيل ,تيموثاوس الاولى 16:6-17)

رأوا الله واكلوا وشربوا
نقرأ في التوراة, ان كثيرين من الآباء والانبياء قد رأوا الله, وتكلموا معه, وسمعوا صوته في كل مراحل العهد اليهودي, واكلوا وشربوا على مائدته.كما قرأنا ما حدث لابراهيم. وما حدث مع موسى وهارون واصحابهما (ال70) يقول الوحي المقدس: " ثم صعد موسى وهارون وناداب وابيهو وسبعون من شيوخ اسرائيل, ورأوا اله اسرائيل…ولكنه لم يمد يده الى اشراف اسرائيل.فرأوا الله واكلوا وشربوا" (راجع سفر الخروج 9:24-11).

ان كنتُ قد وجدتُ نعمةً في عينيكَ فلا تتجاوزْ عبدَكَ
ونقرأ هنا في سفر التكوين (ص18) عن ابراهيم اب المؤمنين ان الرب قد ظهرله عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة في حر النهار. يقول الوحي: "فرفع ابراهيم عينيه ونظر واذا ثلاثة رجال واقفون لديه. فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد ابراهيم الى الارض وتكلم في صيغة الفرد قائلا : يا سيد ان كنتُ قد وجدتُ نعمةً في عينيكَ فلا تتجاوزْ عبدَكَ.
وبعد ان اكل الرجال الثلاثة وشربوا معه, وقد بشره احدهم بولادة اسحق صاحب المواعيد, اخبره هذا الرجل, الذي هو الرب ذاته كما سنرى, انه مزمع ان يهلك مدينتي سدوم وعمورة, اخذ ابو المؤمنين يتشفع لديه لانقاذهماَ ويقول لهذا الرجل:" أديَّان كل الارض لا يصنع عدلاً حاشا لك يا رب ان تهلك البار مع الاثيم . عسى ان يكون هناك خمسون بارا في المدينة افتهلك المكان ولا تصفح عنه لاجل الخمسين بارا في المدينة فقال له الرب"-الرجل- "ان وجدتُ في سدوم خمسين باراً فاني اصفح عن المكان كله".
وراح ابراهيم يتشفع امام الرب الى ان وصل العدد الى العشرة . ولكن بكل اسف لم يجد الرب في تلك المدينة الشاسعة سدوم وشقيقتها عمورة عشرة اشخاص مؤمنين بالرب, فهلكت سدوم واهلها الاشرار. وقد اصبح مكانها البحر الميت كما نرى اليوم. وقد انقذ الرب لوطاً البار واهل بيته قبل هلاكها (راجع سفر تك ص 18).
لنذكر اذاً ان الله الذي ظهر لابراهيم وهاجر وتكلم معهما هو الله الكلمة وصاحب الظهور. وذلك قبل إن جاء واتخذَ جسداً من امنا المباركة مريم العذراء. المدعوة في القرآن : مريم ابنة عمران.

ظهور الرب ثانية لهاجر
في سفر التكوين (ص 9:21-21) يقول الوحي بعد ان رأت سارة "امرأة ابراهيم" اسمعيل ابن هاجر المصرية يمزح معها "قالت لابراهيم اطرد هذه الجارية وابنها. فقبح الكلام جداً في عيني ابراهيم لسبب ابنه. فقال الله لابراهيم لا يقبح في عينيك من اجل الغلام ومن اجل جاريتك. في كل ما تقول لك سارة اسمع لقولها.لانه باسحق يدعى لك نسل. وابن الجارية ايضا ساجعله أمة لانه نسلك".
وعندما طُرِدَت هاجر مع الولد وتاهت في برية بئرسبع, وقد قارب الولد من الموت بسبب العطش,"ناداها ملاك الرب من السماء", اعني به الرب الكلمة نفسه, "وقال لها: "مالك يا هاجر. لا تخافي قومي احملي الغلام وشدي يدك به. لاني ساجعله امة عظيمة. وفتح الله عينيها فابصرت بئر ماء. فسقت الغلام… اقرأ هذه الحادثة بنفسك في سفر التكوين (9:21-21).
نرجع ونكررً, ان الله الذي رآه ابراهيم وسمع صوته, وقد رأته هاجر وسمعت صوته, ليس هو الله الآب سبحانه, بل انما هوشخص المسيح, ابن الله وكلمته المرسل الى العالم.لان الله الاب نفسه كما مر بنا, لم يره احد قط. ولم يسمع صوته احد قط. وان ابراهيم , اب المؤمنين, تهلل بان يرى يوم المسيح, احد اقانيم الله الجامع, فرآه مرارا عديدة وفرح. قال يسوع ذات يومٍ لليهود المحيطين به:"ابوكم ابراهيم تهلل بان يرى يومي فرأى وفرح". فقال له اليهود ليس لك خمسون سنة بعد. أفرأيت ابراهيم. "قال لهم يسوع الحق الحق اقول لكم قبل ان يكون ابراهيم انا كائن "(راجع انجيل يوحنا (56:8-59).

الرب يمتحن ابراهيم
المسيح هو الاقنوم الذي تكلم مع ابراهيم وطلب منه ان يقدم له ابنه ذبيحة على جبل المريا, فيقول: "وحدث بعد هذه الامور ان الله امتحن ابراهيم. فقال له يا ابراهيم.فقال هأنذا. فقال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه اسحق واذهب الى ارض المريا واصعده هناك محرقة على احدالجبال الذي اقول لك…فاخذ ابراهيم حطب المحرقة ووضعه على اسحق ابنه واخذ بيده النار والسكين فذهبا كلاهما معاً الى الجبل** ".(راجع تك22)
هكذا نقرأ عن المسيح ايضًا عندما اخلى نفسه آخذا صورة عبد, وجاء كنسل المرأة, في جسد طبيعي, لكفارة الخطايا . فقد وضعوا عليه صليبه حاملا اياه سيرًا على الاقدام الى ذات الجبل, جبل المريَّا, وقد اصبح فيما بعد يدعى جبل صهيون. وهوجبل الجمجمة او الجلجثة حيث هناك ذُبحَ المسيح كفارةً لاجلنا,
عليه اثم جميعنا. ظلم اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه" (راجع اش53).
وقد رآه النبي ايضا قادما من خارج المدينة اورشليم ,حيث اخرجوه خارجا وصلبوه هناك (راجع الانجيل يو17:19ومتى 39:21): فصرخ قائلا : "من ذا الآتي من ادوم بثياب حمر. من بصرة .هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته",فيجيبه الرب ,"انا المتكلم بالبر العظيم للخلاص". فيسأله النبي : "ما بال لباسك محمر وثيابك كدائس المعصرة". فيقول الرب : " لقد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي احد فدستهم بغضبي ووطئتهم بغيظي فرش عصيرهم على ثيابي فلطخت كل ملابسي.لان يوم النقمة في قلبي"-اي يوم سحق رأس ابليس الحية القديمة, فهونسل المرأة (راجع تك 15:3واش 1:27) "وسنة مفديي قد اتت"-وهي نعمة الكفارة التي نعيشها اليوم. وستدوم الى مجيء الرب ثانية وانقضاء هدا الدهر والدينونة الاخيرة (راجع اش1:63-6ولو19:4ومت3:24).
في هذا ايضًا يكتب الرسول بولس: "لان فصحنا المسيح قد ذبح لاجلنا اذاً لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الاخلاص والحق (راجع الانجيل1كورنثس الاولى (7).
ويكتب داود بروح النبوة كنتيجةٍ مفرحة لهذا النصر العظيم, في الآلام المبرحة التي تحملها المسَّيا لاجل فداء البشر فيقول: "انفلتت انفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين, الفخ انكسر ونحن انفلتنا. عوننا باسم الرب صانع السموات والارض آمين" (راجع زابور داود 124: 7) الخ.

الرجوع الى ابراهيم
وهناك على جبل المريا, بعد ان انزل ابراهيم الحطب عن ظهر ابنه "بنى مذبحاً وربطه ووضعه على المذبح فوق الحطب. ثم مد يده واخذ السكين ليذبح ابنه, فناداه ملاك الرب" (الذيهو المسيح بالذات,ملاك الظهور في العهد القديم , وذلك قبل ان يتخذ جسدا من العذراء مريم ) "ناداه من السماء وقال له :"ابراهيم ابراهيم لا تمدَ يَدَكَ الى الغلام ولا تفعلْ به شيئاً, الآن علمتُ انك خائفٌ الله فلم تمسكِ ابنكَ وحيدَكَ عني , فرفع ايراهيم عينيه ونظر واذا كبشٌ وراءَهُ ممسكاً في الغابةِ بقرنيهِ, فأصعده ابراهيم محرقةً عوضاً عن ابنه" (راجع تك22) وهذا الكبش نفسه كان ممثِّلا مسيَّا اليهود الفادي. حمل الله الذي رفع خطية العالم (راجع اشعيا 53ومز16:22ويو29:1).

صدى الحادثة في القرآن
و في القرآن نقرأ عن هذه الحادثة في لسان عربيٍّ فصيح تجاوباً مع التوراة, التي دعاها القرآن أم الكتاب واماماً ورحمةً (راجع سورة الزخرف (1) والاحقاف( 12). فيقول: "وناديناه يا ابراهيم. قد صَدَّقتَ الرؤيا إنَّا كذلك نجزي المحسنين , إن هذا لهوَ البلوا المبين, وفديناه بذبحٍ عظيم . وتركنا عليه في الآخِرين. سلام على ابراهيم "( سورة الصافات103- 107).

فدعا ابراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يرأه
فقد دعى القرآن الكبش ذبحاً عظيماً. ذلك, لانه كان يَرْمزُ لعظيمٍ. فإنه لم يكن كبشاً عادياً كباقي الكباش, التي تذبح كل يوم بالمئات, والالوف. بل كان كبشًا عظيمًا لانه غير عاديٍّ وقد أُهدِيَ الى ابراهيم بيد عظيمةٍ ايضا, هي يد المسيح عيسى ابن مريم كلمة الله, وملاك الكلام والظهور في العهد القديم . وهو ذاته الله يهوه المتكلم للبشر (راجع سفر الخروج 1:3-15) الخ. "فدعا ابراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يرأه. حتى انه يقال الى اليوم في جبل الرب يرى. وناداه ملاك الرب ثانية من السماء قائلاً: لانك لم تمسك ابنك وحيدك عني اباركك مباركة واكثر نسلك" (تك22).
وهذا الموت المحتم الذي كان لابن ابراهيم لولا فدائه ,كان يُرمز به الى حَتميَّةِ موتنا نحن البشر ابناء آدم . فكأني بآدم الاول وإمرأته حواء بعصيانهما على الله, وبإغراءٍ من ابليس, قد حاولاَ ,دون علم , قتل البشرجميعًا وتقديمه ذبيحة لابليس على مذبح الكذب. لقد صدَّقَت حواء ابليس بقوله: "لن تموتا. بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر".
ففي هذا قال المسيح ذات يوم للمحيطين به من اليهود : "انتم من أبٍ هو ابليسُ وشهواتُ أبيكم تريدون ان تعملوا.ذلك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لانه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فانه يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب" (راجع يو44:8).
ولكن من محبة الله الفائقة للبشر, فقد وعد آدم وحواء بعد عصيانهما, ان الفادي سيأتي في الوقت المعين, كنسل المرأة, لسحق رأس ابليس (المسمى بالحية القديمة,( اش27 :1) وليكفِّر عن آدمَ وذريته لننال التبني" ( اي لنصير من جديد بواسطة هذه الكفارة ابناء المسيح "آدم الثاني الرب من السماء (راجع الانجيل 1كو 45:15 وغلا4:4-7وسورة ال عمران (59) .

الحكم على آدم ونسله بالموت
ويكتب لنا كاتب الوحي العظيم موسى, ان آدم وحواء بعد الخطيئة, أُخرجا من جنة عدن ليعملاَ في الارض التي أُخذاَ منها. يقول الله لآدم: "لانك سمعتَ لإمرأتك واكلتَ من الشجرة التي اوصيتك ان لا تاكل منها, ملعونة الارض بسببك .بالتعب تاكل منها كل ايام حياتك, وشوكا وحسكا تنبت لك وتاكل عشب الحقل, وبعرق وجهك تاكل خبزك حتى تعود الى الارض التي اخذت منها, لانك تراب والى التراب تعود" (راجع تك 6:3-19).

صدى الحكم في القرآن
فقد جاء في سورة البقرة (37) عن آدم ابي البشر القول : "فتلقَّى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه, هو التواب الرحيم"
هنا ايضا يبرز السؤال , فما هي هذه الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه يا ترى؟, سوى ان تكون الوعد بالكفارة في جنة عدن, والفداء بنسل المرأة .كقول الله لابليس, المُمَثَّلُ في الحية, عندما أغرى امنا حواء : "وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه" (سفر التكوين 15:3واشعيا 27 :1)الخ,
وهكذا حكم على جميعنا بالموت الابدي. لاننا كنا لم نزل في صلب ابينا آدم الاول . فطُرِدَ وطردنا معه خارجاً , وَوُلدنا جميعاً خارج جنة الله في حال الخطيئة المميتة. فاننا نقرأ بعد ذلك في سفر ايوب, ان الارض قد تسلمت الى الشرير (راجع اي24:9). ويوحنا بدوره يكتب لنا, "ان العالم كله قد وضع في الشرير" (1يو19:5):اذاً "كيف يتبرر الانسان عند الله وكيف يزكوا مولود المرأة راجع سفر ايوب4:25) . وصرح بعد ذلك رجل الله ونبيِّه داود, بالنيابة عن كل البشر قائلا: "هائنذا بالاثم صورت وبالخطيئة حبلت بي امي". وتابع النبي طالبا من الله ما نحتاجه قائلا : قلبا نقيا اخلق فيَّ يا الله وروحا مستقيما جدد في داخلي مزمور" (51: 5 -10 ).
ويكتب النبي اشعيا: ان الرب تطلع من السماء "وساء في عينيه انه ليس عدل. ورآى انه ليس انسان وتحير من انه ليس شفيع. فخلصت ذراعه لنفسه وبره هو عضده. فلبس البر كدرع وخوذة الخلاص على راسه ولبس ثياب الانتقام كلباس واكتسى بالغيرة كرداء...ويأتي الفادي الى صهيون"..(راجع اش16:59-20). ويقول ايضا تشددوا لاتخافوا. هوذا الهكم. الانتقام يأتي.جزاء الله.هو يأتي ويخلصكم" الخ.(راجع اش3:35-7).
نرى في هذا القراءة انه لا يستطيع احد ان يخلص الانسان سوى الله الذي خلق الانسان ووعد بخلاصه, وهو بالذات نسل المرأة . الله الكلمة.الذي به كان كل شيء . وانه لم يوكِلْ امر خلاصه لايٍّ من الملائكة والبشر لانهم لايستطيعون . كما يقول النبي : "هوذا عبيده لا يأتمنهم والى ملائكته ينسب حماقة " (راجع كتاب موسى والانبياء سقر ايوب18:4).ويقول ايضا: "من هو الانسان حتى يزكو او مولود المرأة حتى يتبرر.هوذا قديسوه لا يأتمنهم والسموات غير طاهرة بعينيه" (ايوب 14:15).
وان مطلب الله من الانسان كان قديما الطاعة الكاملة وليس المعرفة, وربما ذلك بسبب طفولته (راجع تك 17:2واش19:1-20). فقد اطاعوا الله,بتقديمهم الذبائح الرمزية,الى ان اجتازوا مرحلة الطفولة (راجع 1كو 11:13).وقد جاء الرب الاله,حسب وعده في الوقت المعين,كنسل المرأة.ليموت عن الانسان الخاطي ونسله. يقول الوحي: "ولكن لما جاء ملء الزمان ارسل الله ابنه مولودا من امراة مولودا تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني"(راجع غلا4:4).
وهذا بذاته كان عملا عظيما جدا, لا تدركه العقول البشرية. واشعيا, ذلك النبي الانجيلي الخامس, عندما أُوحيَ اليه أن يكتبَ عن هذا العمل العظيم,كتب يقول: "من صدق خبرنا ولمن استعلنت ذراع الرب".وتابع النبي : "من اجله يسد ملوك افواههم, لانهم قد ابصروا مالم يخبروا به, ومالم يسمعوه فهموه"(راجع اش 1:53-9).
وموسى, اول كاتب للوحي المقدس ,لم يُعلَن له في اسفاره عن كيفية هذا الخلاص, ومن سيقوم به, كقول الله له : "اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به. ويكون ان الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي انا اطالبه" (تث18:18).

المسيح الكلمة في كتاب موسى
يكتب لنا موسى كما كتب الرسول يوحنا ايضا عن المسيح كلمة الله فيقول : "من يصعد لاجلنا الى السماء وياخذها لنا. او من يعبر لاجلنا البحر ويسمعنا اياها لنعمل بها. بل الكلمة قريبة منك جدا في فمك وفي قلبك لتعمل بها" (راجع سفر تث 11:30-14).
وبشأن هذه الكلمة التي أتى عليها موسى بكل هذه البساطة وهذا الغموض, يكتب الرسول بولس , مشيرا بها الى المسيح ذاته فيقول: "لان موسى يكتب في البر الذي بالناموس ان الانسان الذي يفعلها سيحيا بها. واما البر الذي بالايمان فيقول هكذا لا تقل في قلبك من يصعد الى السماء اي ليحضر المسيح . او من يهبط الى الهاوية اي ليصعد المسيح من الاموات. لكن ماذا يقول الكلمة قريبة منك في فمك وفي قلبك أى كلمة الايمان"(راجع الانجيل رو 6:10-10).
وقد بقي هذا الخلاص في القديم يُعمل لنيله بواسطة الذبائح الحيوانية الرمزية والطاعة وقراءة الكلمة, الى ان جاء ملء الزمان, واتى الرب في الجسد (راجع غلا4:4) . ففي هذا يكتب لنا الرسول: " ان الله قد خلصنا ودعانا بالمسيح يسوع قبل الازمنة الازلية. وانما اظهرت الان بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي ابطل الموت وانار الحياة والخلود بواسطة الانجيل" (راجع الانجيل 2تيمو8:1-10). ويكتب الرسول بطرس بدوره عن هذا الخلاص وعمقه وصعوبة ادراكه فيقول, ان الملائكة كانت تشتهي ان تطلع عليه.

الرجوع الى جامعية الله وواحديته في القرآن
لنعد الآن الى التأمل في واحدية الله وجامعيته كما أُعلنت في الكتب التي نؤمن بقداستها. وعلينا إطاعتها. فالذي نقرأه في التوراة عن جامعية الله سبحانه,كذلك نقرأهُ في الانجيل . وها اننا الآن نقرأه في القرآن ايضا. فهو كثيرا ما يتكلم عن الله في صيغة الجمع . فكأني بالله سبحانه يريدُ ان يعلنَ واحديَّته الجامعة على كل الملا وفي كل الالسنة والاوقات والظروف. لذلك نقرأ في القرآن قوله عن ذات الله سبحانه: "انَّا نحن انزلنا الذكر وانَّا له لحافظون"سورة الحجر ( 8 ).
ويقول ايضا: "سنَّةَ من قد ارسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنَّتِنَا تحويلاً" سورة الاسراء (77). ونراه .احيانًا كثيرة يتكلم عن الله في صيغة الفرد وليس في صيغة الجمع .كقوله مثلاً في الآية (39) من سورة البقرة: "يا بني اسرائيل أُذكروا نعمتي التي أنعَمْتُ عليكم وأوفوا بعهدي أُوفي بعهدكم وإيايَ فارهبونِ". فلم يقل هنا يا بني اسرائيل اذكروا نعمتنا واوفوا بعهدنا ونوفي بعهدكم. وقوله ايضا في (سورة المائدة 2): "اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً".فلم يقل اليوم اكملنا او اتممنا عليكم نعمتنا ورضينا لكم الاسلام ديناً. فان الله هنا يتكلم في اقنوميته وليس في جامعيته. والاسلام الصحيح في القرآن هو المسيحية عينها. التي تؤمن في واحدية الله وجامعيته في آن واحد.وقد أُمِرَ الرسول الكريم مع شعبه ان يقتدي بهؤلاء ويتبع صراطهم المستقيم (راجع سورة الفاتحة وسورة الانعام (90) الخ.
وان في القرآن آيات كثيرة تتكلم عن واحديةِ الله في صيغة الفرد, وأياتٍ أخرى تتكلم عن واحديته في صيغة الجمع والفرد معاً كنظيرَيهِ كتاب موسى وعيسى.كقوله مثلاً في سورة البقرة ( 252): "تلك الرسل فضَّلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورَفَعَ بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بالروح القدس"
ومكتوب عن آدم أَب البشر بعد ان اخطأ امام الرب: "قلنا اهبطوا منها جميعاً فإمَّا يأتِيَنَّكُم مني هدًى فمن تبع هدايَ فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (سورة البقرة (37) الخ.
هذه بعض الآيات التي اوردناها هنا, ويوجد الكثير نظيرها في القرآن كما في التوراة . فيها يتكلم القرآن عن ذات الله في صيغة الجمع, وهو الواحد الاحد فيقول نحن. وفي صيغة الفرد, وهو الإله الجامع فيقول انا. وبعدها نسمعه يتكلم للبشر في صيغة الواحد الفرد المجرد, مشيراً الى اقنوميتهِ كمتكلمٍ عاديٍّ بسيطٍ مع جماعته, مثال على ذلك قوله:.."يَئِسَ الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشونِ اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً "(راجع سورة المائدة آية3).
فمن المرجح في هذا, لكي يلفت انتباه العرب لتقبُّل الحقائق الالهية كما جاءت في كتب الله, مع كل صعوباتها, كما يكتبها الوحي المقدس . وليس بحسب عقول البشر المادية التي لا تمت بأيةِ صلةٍ للامور الروحية, التي هي من الله. يقول الانجيل في هذا : "ولكن الانسان الطبيعي لا يَقبَلُ ما لروح الله لانه عنده جهالة . ولا يقدر ان يعرفه لانه إِنَّما يُحْكَمُ فيه روحياً. واما الروحي فَيَحْكُمُ في كل شيء وهو لا يُحْكَمُ فيه من احد. لأنه من عرف فكرَ الرب فَيُعَلِّمَهُ.اما نحن فلنا فكر المسيح"(راجع الانجيل 1كو14:2-16).


الاقانيم كما يتبين من كتب الله

ماذا نستطيع ان نفهم من هذا الاَّ ان القرآن,كنظيره كتاب موسى, يتكلم عن الله في صيغة الجمعِ حيناً, وفي صيغة الفردِ احياناً, وفي صيغة الجمع والفرد احياناً اخرى. وذلك,على ما يبدو, للدلالةِ على احدِيَّة الله وجامِعيَّته بآنٍ . وربما كانت الغاية ايضاً, أن يضع القرآن امام العرب ما كان قد وضعه الله مسبقا امام العالم اجمع بواسطة موسى والانبياء قديما من ان الله هو اكثر من مجرد اقنومٍ واحدٍ بسيطٍ محدود صرف عمق الازل وحيدا جامدا دون رفيق في ذاته ومن طبيعته . مع ذلك فهو ايضا ليس كآلهةِ البشر المتعددة , بل إنه إلهٌ واحدٌ جامع عامل في صفاته الازلية اللازمة وليس عقيما كما يفكر البعض. وبناء على هذه الحقيقة والمفهوم الكتابي الواضوح لكل من آمن بالله وملائكته وكُتُبِهِ ورسله واليوم الآخر, نرى رسول العرب مع كل ما عرفه عن المسيحية من صعوبة, يحث شعبه ان يتَّبِعَ الهدى, بسيره في طريق اهل الكتاب المسيحيين الموحدين وقد قبلوا من الله اعلاناته مع الشكر.


المعمودية المسيحية هي اعتراف صريح بجامعية الله وواحديته

وبناءً على ما جاء عن جامعية الله وواحديته في كتاب موسى والانبياء, نرى المسيح في العهد الجديد يبشر بها, ويأمر تلاميذه بعد قيامته من القبر وقبل ارتفاعه الى السماء قائلاً: "اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم"- وليس باسماء- "الآب والابن والروح القدس وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به.وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهرآمين"( الانجيل بحسب متى 16:28-20). وفي الرسالة الثانية الى اهل كورنثوس من الانجيل , يكتب الرسول بولس في اعطائه البركة المسيحية لهذه الكنيسة: "نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم آمين".
ويكتب الرسول عن المركز المرموق, الذي يعطى للانسان بعد ان يؤمن بالمسيح, ويعتمد باسم الاله الأوحد الآب والابن والروح القدس , فيقول : "لانكم جميعاً ابناء الله بالايمان بالمسيح يسوع.لان كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح.ليس يهودي ولا يوناني.ليس عبد ولا حر.ليس ذكر وانثى لانكم جميعا واحد في المسيح يسوع. فان كنتم للمسيح فانتم اذا نسل ابراهيم وحسب الموعد ورثة إقرأ الانجيل (سفر غلا27:3-29 ).


العودة الى واحدية الله وجامعيته
نعود ونتسائل من جديد.عمَّن يتكلم القرآن في صيغة الجمع عندما نقرأ: "انَّا نحن انزلنا الذكر وانَّا له لحافظون"؟ (سورة الحجر 8). او : "سنَّةَ من قد ارسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنَّتِنَا تحويلاً "(سورة الاسراء 77), او: "لقد خلقنا الانسانَ في احسنِ تقويم" (سورة التين 4).الخ.
هل يُعقَلُ ان الله يجمع مع نفسه احداً آخرَ خارجاً عن طبيعتهِ الإلهية فيتكلم معه وكأنه الله نفسه, أكانَ هذا الآخرَ ملاكاً ام نبيًّا ام انسانًا سواء ؟؟؟. وان كان يُظنُّ ان الله يستعملُ لنفسهِ صيغةِ الجمعِ للتفخيمِ والتعظيم,كبعض الاباطرة والملوكِ مثلاً كما يظنون, كقول الفرد منهم **: نحن . او نريدُ. او نعملُ ونأمرُ. نقول لهؤلاء, مهما كان القصد وراء هذا, فان الله سبحانه ليس من عادته في كتبهِ ان يشرك معه احدا خارجا عن طبيعته الالهية ليقول معه نحن . او لنخلق. او خلقنا. حاشا لله. لان من يساويه من مخلوقاتهِ.حتى يجمع مع نفسه احداً ليقول واياه نحن .

وان كان الامر كذلك, فلماذا يعود الله احياناً عن ذلكَ, الى الكلامِ عن ذاتهِ كفردٍ, واحياناً اخرى نراه مُخَاطَباً من الآخرينَ كمجردِ فردٍ عاديٍّ وليس في صيغة الجمع؟. وهذا الامر لا يمتُّ الى السمُّوِ والعظمةِ .بصلة.كما نقرأ على سبيل المثال قول المسيح عيسى ابن مريم,وهو كما يدَّعون عليه مخلوقا. وها هو الآن يتكلم مع الله سبحانه كندٍ لندِه فيقول:
وكنتُ عليهم شهيدا ما دمتُ فيهم فلما توفيتني كنتَ انتَ الرقيب عليهم وانتَ على كل شيء شهيد"(سورة المائدة 117 ). وفي سورة البقرة 186) يتكلم الله مع الرسول محمد كفرد عادي فيقول:"فاذا سألك عِبَادي عني فإني قريبُ اجيبُ دعوةَ الداعِ اذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون" وفيما يلي نقرأ ان الله يستعمل لنفسه صيغة الجمع في عملية خلقه الانسان ايضاً. التي من غير الممكن ان تنسب لغير الله وحده فيقول : "لقد خلقنا الانسانَ في احسنِ تقويم" (سورة التين 4) . من هم الذين خلقوا الانسان مع الله يا ترى, وكم هو عددهم في القرآن ؟؟
وقوله ايضا :" لقد خلقنا الانسان في كبد ايحسب أن لن يقدر عليه احد" (راجع سورة البلد من 1-5). وفي (سورة الانسان 2) يقول: "إنَّا خلقنا الانسان من نطفةٍ أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيرًا". وقوله ايضاً: "نحن خلقناهم وشددنا اسرهم واذا شئنا بدَّلنا أمثالهم تبديلاً " (سورة الانسان 28) . وفي (سورة المعارج 29) يقول: "كلا إنَّا خلقناهم مما يعلمون".
ويوجد الكثير نظير هذه وتلك في القرآن.كما نقرأ عن الخالق سبحانه في صيغته الاقنومية الفردية. فيقول لرسول العرب : "اقرأ باسم ربك الذي خلق,خلق الانسان من علق, إقرأ باسم ربك الأكرم , الذي علم بالقلم , علم الانسان ما لم يعلم" (سورة العلق 1-5) الخ. واننا لنتساءل هنا ايضا اين هي لغة التفخيم والتعظيم هذه لله سبحانه؟.
نرجع ونتساءل من جديد,مَن هو المتكلم مع الله يا ترى؟. فيتكلم الى البشر عن خلقه العالم وما فيه وكأن معه آخرين يخلقون نظيره . هل يوجد آلهة أخرى في القرآن تخلق مع الله او اقانيم هذا عددها كما جاء في التوراة والانجيل وهي متساوية معه في العظمة والكمال حتى في عملية خلق البشر والعالم وما فيه ؟؟.

أظن انه من غير المستبعد ان يكون هذا هو الصحيح. إذ نقرأ في القرآن الكريم ,كما في غيره من الكتب السماوية,عن شخص واحدٍ وحيدٍ هو من روح الله ومؤيد بالروح القدس قوله حين ولادته: "اني قد جئتكم بآية من ربكم اني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه فيكون طيرا باذن الله وابريء الاكمه والابرص وأحيي الموتى باذن الله وانبئكم بما تاكلون وما تذخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم ان كنتم مؤمنين". (سورة ال عمران 44-49 ومائدة 110).
وان الله سبحانه لم يأذن, ولن يأذن لاحدٍ خارجا عن طبيعته الإلهية ان يخلق معه او نظيره, وهو الذي اعلن في الانبياء قائلا : "هكذا يقول الرب خالق السموات نا الرب هذا اسمي ومجدي لا اعطيه لآخر, ولا تسبيحي للمنحوتات" راجع كتاب الانبياء اشعيا 8:42 ). وقوله ايضا "انا الرب وليس آخر.مصور الارض وصانعها"(راجع اش45) هذا. لانه هل من المعقول ان يجعل الله معه شركاء اساسيين حتى في عمل الخلق وبعض الاعمال التي لا ينازع عليها, وهو الاله الاحد الصمد .

فكما انه لا يجوز لنا ان نفكر في هذا الامر. فانه لا يجوز لنا ايضاً ان نفكر في ان كتب الله كاذبة,او محرفة لا سمح الله .كما يدَّعي بعض الخارجين على كتب الله المعصومة. فانه مكتوب في الانجيل: "بل ليكن الله صادقاً وكلُ انسانٍ كاذباً"(راجع الانجيل رسالة رومية 3:3). والرسول بدوره يسأل عن عدم اهتمام شعبه بكتابه فيقول : "افلا يتدبرون القرآن فلو كان من عند غير الله لوجد فيه اختلافاً كثيرا" (راجع القرآن سورة النساء (82 ). وهو اختلافً عما سبقه من كتب سماوية منزلة مشهود لها من القرآن نفسه, او خلاف في ذاته وبين آياته. لانه عندما يُفصَلُ القرآن عن جذوره في التوراة والانجيل , فان ذلك يؤدي بالضرورة الى سوء فهمه وتفسيره. وإن القرآن لم يترك ظرفاً مناسباً الا وشهد لهذين المرجعين .

جامعية الله هي تعليم كتابيٌ واضح وأصيل
يتبين لنا ان هذا الايمان في احدية الله عز وجل وجامعيته,هو ايمانٌ كتابيّ واضحٌ في التوراةِ والانجيل. وها اننا نقرأه الآن في القرآن ايضاً. واننا لم نقرأ مرة واحدة ان الرسول الكريم قد حذَّرَ الناس من الاخذِ بتعاليم المسيحيين اللاهوتية والحياتية. وقد عاش رسول العرب ردحاً من الزمن قبل دعوته مسيحيا كغيره من المسيحيين المعمدين باسم الآب والابن والروح القدس. ذلك, بسبب زواجه من السيدة خديجةَ المسيحية. وتأتي هذه المعمودية لزاماَ على كلِ انسانٍ من خارج المسيحية يريد الزواج من امرأة مسيحية. وقد اطَّلع الرسول الكريم على المسيحية وتعاليمها من الداخل,وعن ذاتية الله جيدا. ويأتي هذا بنوع خاص, ان زوجته السيدة خديجةَ كانت ذات قرابة حميمة لورقة ابن نوفل الذي كان مشهورا في مسيحيته في مكةَ والبلاد العربية المجاورة. وقد ترجم كما نعلم الى العربية بعضا من اسفار كتاب العهد الجديد المسيحي.
ومع كل هذا التعرف من الرسول على المسيحية وتعاليمها,التي تحتاج الى ايمان قوي لتصديقها, والعمل بموجبها, نسمعه بعد دعوته يطلب من اتباعه المسلمين الجدد, ان يؤمنوا بايمان المسيحيين من اهل الكتاب, ويهتدوا بهديهم ويتخلَّقوا باخلاقهم. يقول: "يريد الله ليبينَ لكم ويهديَكًم سُنَنَ الذين من قبلكم ويتوبَ عليكم والله عليم حكيم"(سورة النساء 26). وهي ان ارادة الله سبحانه من العرب, ان يهتدوا الى سنَّة ما قبل القرآن, التي هي دون شك, سنَّة المسيح عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون (راجع سورة مريم 34).

وقد رأينا ايضا ان القرآن يتكلم عن ذاتية الله في صيغة الجمع, وهو الواحد الاحد, وفي صيغة الفرد وهو الاله الجامع. بذلك نرى القرآن الكريم ينادي بكل اعتزازٍ, بما جاء في التوراة والانجيل, وحقائقهما اللآهوتية والحياتية. من ثم يأمر تابعيه الاسلام الجدد الاقتداء بهم والسير في خطاهم كما تبيَّن .

الاقانيم الثلاثة في كلمة الله
علاوة على جامعية الله وواحديته في كتب الله, نرى الاقانيم الثلاثة مرارا عديدة, يتكلم كل منهم على حدة. كقول الله الآب سبحانه من السحابة عند معمودية يسوع الناصري :" هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا"( راجع انجيل متى (16:3). اوكقول الابن: "انا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة "(راجع يو 12:8). وقوله ايضا:"كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة ابدية وانا اقيمه في اليوم الاخير" (راجع الانجيل يو40:6).
او كقول الروح القدس "افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما اليه" ويتابع الوحي قائلا: "فهذان اذ أُرسلاَ من الروح القدس انحدرا الى سلوكية"(راجع الانجيل اعمال الرسل4:13)

لله ودور الاقانيم في خلق البشر وخلاصهم
وعلاوة ايضا علىجامعية الله وواحديته في الكتب المقدسة, نقرأ ان للأقانيم اعمال منفردة مباشرة, واعمال منفرده غير مباشرة.فقد صرح بذلك المسيح اذ قال :"ابي يعمل الى الآن وانا اعمل"(الانجيل يو5 :17
ان المعمودية المسيحية الاصيلة التي أمر المسيح الرب بها أن تمارسَ بالتغطيس في الماء , وباسم الآب والابن والروح القدس, هي اعتراف واضح وصريح بالثالوث الاقدس وسر الفداء بكامله . من موت المسيح ودفنه وقيامته وارتفاعه حيا الى المجد .وعلى كل من اراد ان يعتمد بالماء كان عليه ولم يزل الى اليوم ان يدرك هذه الحقيقة اولا. وقد كانت هذه المعمودية ولم تزل في جميع الطوائف المسيحية مهما اختلفت في العقيدة , تأتي لزاما على كل من يحاول الانضمام ال المسيحيين وكنائسهم .
اولاً: اعمال الآب السماوي المنفردة المباشرة
ان عمل الاب السماوي المباشر والمنفرد, بالنسبة لنا, يتضح اولا من انجيل يوحنا ( 3 :16) اذ يقول : "لانه هكذا احب الله"الآب" العالم حتى بذل-اعطى-ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية"**. وعمله المباشر ايضا هو ان يجتذب الى كفارة ابنه الحبيب النفوس التي يراها تتجاوب مع دعوة الروح القدس وهو الاقنوم الذي ارسله الآب من السماء بعد ان ارتفع ابنه بعد قيامته من الموت عن الارض.فقد صرح بذلك المسيح بقوله:"لا يقدر احد ان يقبل اليَّ إن لم يجتذبه الآب الذي ارسلني وانا اقيمه في اليوم الاخير".ويقول الانجيل ايضاً: "لان الذين سبق فعرفهم (اي الآب) سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين اخوة كثيرين".(راجع الانجيل رسالة روميه 8: 29). وانه "لم يرسل الله "الآب" ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم" ( يو 3: 17).

بذلك, فعمل الله الآب هو انه احب العالم واعد خطة خلاصه وتخليصه من الخطية بواسطة كفارة ابنه الحبيب,كآدمٍ ثانٍ, وهو كلمته وروح منه. من هنا ايضاً قول يوحنا الرسول ذاته في رسالته الاولى ( 4 :8 ) ان "الله محبة ". وسأل اليهود الرب ذات يومٍ "ماذا نعمل حتى نعمل اعمال الله" "الآب "."اجاب يسوع وقال لهم : هذا هو عمل الله ان تؤمنوا بالذي هو ارسله" ( يو 6 :29) . ومعنى هذا يتضح لنا ايضا من قراءة انجيل متى (11 :25-30) اذ يتكلم الرب مع ابيه السماوي فيقول:"نعم ايها الآب لأن هكذا صارت المسرة امامك.كل شيء قد دفع الي من ابي". وكل شيء تعني كل الاشياء دون استثناءٍ على الاطلاق,سواء اكان في السماوات ام على الارض .كل شيء قد دُفع للرب المسيح من ابيه السماوي. يتابع المسيح قوله: "وليس احد يعرف الإبن الاَّ الآب. ولا احد يعرف الآب الاَّ الإبن ومن اراد الإبن ان يعلن له. تعالوا اليَّ يا جميع المتعبين والثفيلي الاحمال وانا اريحكم احملوا نيري عليكم وتعلموا مني. لاني ----

وديع ومتواضع القلب.فتجدوا راحة لنفوسكم. لان نيري هين وحملي خفيف." هذا البعض من عمل الله الآب المباشر بالنسبة لارضنا وخلاصناكما تعلِّمُ كلمة الله.
ثانيا-: عمل اقنوم المسيح المباشر : اما عمل الابن , الذي قد دُفع اليه كل سلطان في السماء وعلى
الارض كما قرأنا معاً, فهو تنفيذ الخطط الالهية الموضوعية للكون كله والتاريخ. من خلق وحفظ ورعاية الارض كما قرأنا معاً, فهو تنفيذ الخطط الالهية الموضوعية للكون كله والتاريخ. من خلق وحفظ ورعاية


وفداء وقضاء. وبقدر ما هذه الاعمال هي مباشرة من تنفيذ الله الابن , هي ايضا من اعمال الله الآب بواسطة ابنه الوحيد يسوع المسيح (راجع الانجيل يو ا :3).

من هنا انه ليس في ذلك اي سبب للمفاضلة, بين عمل الله الآب وعمل الابن, او الاستخفاف في عمل الله الابن وشخصيته كما يحلوا للبعض. فبواسطة الابن "كان كل شيء. وبغيره لم يكن شيء مما كان" , وفي الابن "كانت الحياة" (راجع الانجيل يو ا : 3 ) والابن هو "حامل كل الاشياء بكلمة قدرته" (راجع الانجيل عب1 : 3). "وبه يقوم الكل" كولوسي( ا :17) وهو الديان العادل في اليوم الاخير. يقول الوحي: "من هو الذي يدين .المسيح هو الذي مات بل بالحري قام الذي هو ايضا عن يمين الله الذي ايضا يشفع فينا" (الانجيل رسالة رومية 34:8واع31:17). وفي القرآن يبرز المسيح وحده الوجيه في الدنيا والآخرة ومن المقربين (آل عمران45).


طبيعة رسالة المسيح

ان رسالة المسيح كما نقرأ في كلمة الله,لم تقتصر على مرحلة معينة في اواخر العصر اليهودي فقط, بل رسالة المسيح قد سبقت تلك المرحلة وتلتها, بحيث يمكن القول انها شملت المراحل والغايات التالية:
( أ ) _خَلْق التي لا ترى, من ملائكة وروءساء ملائكة كاروبيم وساروفيم وعروشهم .(راجع اش 12:48والانجيل رسالة كولوسي 1 : 16) .
(ب) _خَلْق العوالم التي ترى وما عليها من مخلوقات. يقول الانجيل في هذا الخصوص: "فانه فيه خلق الكل ما في السماوات وما على الارض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا ام سيادات ام رياسات ام سلاطين . الكل به وله قد خلق ...وبه يقوم الكل" . (راجع الانجيل رسالة كولوسي 1 : 16) ايضا.
وفي الانجيل الرسالة الى العبرانيين ( 1: 3 ) يقول عن الابن انه حامل كل الاشياء بكلمة قدرته. وفي العدد (10 ) يتابع عن الابن نقلا عن مزمور ( 45) :"وانت يا رب في البدء اسست الارض والسموات هي عمل يديك . هي تبيد ولكن انت تبقى وكلها كثوب تبلى وكرداء تطويها فتتغير ولكن انت انت وسنوك لن تفنى". وفي الاصحاح 8:13) يقول الوحي ايضا: "يسوع المسيح هو هو امساً واليوم والى الأبد".
(ج) _دخول بيت القوي (الشيطان) : وذلك لنهب امتعته,وهم البشر الخطاة المدعوين لان يكونوا خراف المسيح المفديين. كما صرح الرب نفسه في انجيل متى ( 12 : 29 ) وفي لوقا ( 11: 21): "حينما يحفظ القوي داره متسلحا تكون امواله بامان . ولكن متى جاء من هو اقوى منه فانه يغلبه وينزع سلاحه الكامل الذي اتكل عليه ويوزع غنائمه" .

(د) - تقديم حياته في الجسد مثالاً للبشرية جمعاء.يكتب الرسول بطرس في هذا الخصوص:"لانكم لهذا دعيتم . فان المسيح ايضا تالم لاجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته"(1بط 2: 21) وقد قال يسوع ذات يوم لتلاميذه, بعد ان لقنهم درساً في التواضع ونكران الذات في خدمة الاخرين (يو 13: 15 ):"لانني اعطيتكم مثالاً حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا". والرسول بولس بدوره يقول في هذا :"كونوا متمثلين بالله كاولاد احباء . واسلكوا في المحبة كما احبنا المسيح ايضا واسلم نفسه لاجلنا قربانا وذبيحة لله رائحة طيبة" ( افس 5: 1), قالوا هذا لان اقنوم الابن عندما اتخذ جسدا وعاش على الارض كانت حياته النقية مدرسة للبشرية جمعاء وخصوصًا للذين قد قبلوه مخلِّصاً.

(ه )- اظهار اسم الآب السماوي
"قال الرب في العهد اليهودي القديم مخاطب الآب:"اخبر باسمك اخوتي وفي وسط الجماعة اسبحك" (مزمور 22: 22وعب 12:2 )
وان من مهام المسيح الرئيسية في مجيئه الاول وصيرورته انسانا,هو اعلان اسم ابيه االسماوي. الذي لم يكن احدا في العالم قد سمع صوته ورأى هيئته قط, يقول يوحنا في انجيله "الله لم يرَهُ احد قط, الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر"(يو18:1) .ونسمع الرب يخاطب اليهود قائلا:"الآب الذي ارسلني هو يشهد لي.لم تسمعوا صوته قط ولم تروا هيئته" (يو37:5).

ونقرأ في الانجيل ان المسيح قبل ان يبتديء في مسيرته نحو الصليب ليَختتم عليه رسالته -صلى لابيه قائلا : "انا مجدتك على الارض . العمل الذي اعطيتني لاعمل قد اكملته.والان مجدني انت ايها الاب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم انا اظهرت اسمك للناس الذين اعطيتني من العالم (يو17: 4-6 ). ويختم الرب في النهاية صلاته قائلا : وعرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم . وقال ايضا موجه الكلام الى تلاميذه : "قد كلمتكم بهذا بامثال ولكن تاتي ساعة حين لا اكلمكم ايضا بامثال بل اخبركم عن الآب علانية".(يو 25:16).وقد حدث ذلك بعد ان حل الروح القدس على العالم في يوم الخمسين وابتدأ العهد المسيحي الجديد . راجع الانجيل (اعمال الرسل اص2).
(و) - الموت على الصليب: وكانت ترمز الى ذلك الموت المسياني ملايين الذبائح والتقدمات اليهودية واعمال الكهنوت الموسوي لآلاف من السنين , في هيكل العهد القديم . يقول الرسول : "بعد هذا رأى يسوع ان كل شيء قد كمل فلكي يتم الكتاب قال انا عطشان . وكان اناء موضوعا مملوءا خلا . فملأوا اسفنجة من الخل ووضعوها على زوفا وقدموها الى فمه . فلما اخذ يسوع الخل قال قد اكمل . ونكس رأسه واسلم الروح"( انجيل يو 28:19)
وهذا كان اتماما لنبؤات عديدة في كتاب موسى والانبياء , واخص منها بالذكر ما كتبه داود في لسان الرب, فيقول: "لانه قد أحاطت بي كلاب . جماعة من الاشرار اكتنفتني. ثقبوا يديَّ ورجليَّ. وأحصي كل عظامي.وهم ينظرون ويتفرسون فيَّ. يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون (راجع المزمور (22: 16-18 واش53) ويكتب اشعيا ايضا: "في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد لوياثان الحية الهاربة , لوياثان الحية المتحوية ويقتل التنين الذي في البحر (اشعيا 27: 1). وقد عنى به ابليس. وقوله ايضا: "محتقر ومخذول من الناس رجل اوجاع ومختبر الحزن ....لكن احزاننا حملها واوجاعنا تحملها .وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل آثامنا...كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الىطريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا....وجعل مع الاشرار قبره ومع غني عند موته على انه لم يعمل ظلما ولم يكن في فمه غش" (راجع اش 53).

ز _ ارسال الروح القدس- فقد قال الرب لتلاميذه : انه "خير لكم ان انطلق . لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي .ولكن ان ذهبت ارسله اليكم" ( يو 16: 7 ) وفي ( يو 15: 26) قال لهم: "ومتى جاء المعزي الذي سارسله انا اليكم **من الاب روح الحق الذي من عند الاب ينبثق فهو يشهد لي." وتابع قائلا: "اما
متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية. ذاك يمجدني لانه ياخذ مما لي ويخبركم. كل ما للآب هو لي" (يو 16: 13-15)









aowdm hgsd] hglsdp







رد مع اقتباس