منتدى ام السمائيين و الارضيين - عرض مشاركة واحدة - فوائد الهدوء والفضائل المرتبطة به
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-2012, 10:39 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مشرف
 
الصورة الرمزية بنت مارمينا
 

 

 
فع فوائد الهدوء والفضائل المرتبطة به





فوائد الهدوء والفضائل المرتبطة به
بقلم: البابا شنوده الثالث




فوائد الهدوء والفضائل المرتبطةفوائد الهدوء‏:‏ الهدوء يريح الأعصاب‏,‏ ويساعد الفكر في عمله‏.‏ وفي الهدوء يمكن للإنسان أن يحل مشاكله‏,‏ بأعصاب غير مضطربة وفكر غير مشوش‏.‏ وفي التعامل مع الناس‏,‏ الطريقة الهادئة أكثر تأثيرا في النفس وتأتي بنتائج مقبولة‏,‏ بعكس الطرق العنيفة التي تأتي بردود فعل سيئة‏.‏ لذلك فالإنسان الهادئ محبوب من الناس‏,‏ يساعدهم هدوؤه علي قبول كلامه‏.‏ وفي الحياة العملية الشيء الذي يعمل في هدوء‏,‏ يأتي بنتائج أفضل‏..‏ غير أن بعض الناس طبيعتهم نارية‏,‏ أينما يحل الواحد منهم يحل معه التوتر والغليان ويسبقه ضجيجه‏.‏ هو عبارة عن شعلة متقدة‏,‏ حيثما ألقيت أشعلت وأحرقت‏,‏ وتفجر منها الشرار‏.‏ والشخص الناري نظراته من نار‏,‏ كلماته قذائف‏,‏ وطلباته أوامر لاتقبل التأجيل‏,‏ هذه الطبيعة الثائرة إن وجدت هادئا تثيره‏,‏ أما الطبيعة الهادئة فإن وجدت ثائرا تهدئه‏.‏ الشخص الهادئ الأعصاب لاينفعل بسرعة‏,‏ وربما لاينفعل أيضا ببطء‏.‏ إنه كالجبل الراسي‏,‏ تعصف به الرياح وهو راسخ‏,‏ أو هم كالجنادل الستة التي تعترض النيل في أقصي الجنوب‏,‏ مهما عصفت بها الأمواج تبقي هادئة في مكانها‏,‏ لاتتأثر ولاتتزحزح‏..‏ أما الإنسان الثائر الأعصاب‏,‏ فإنه ينفعل بسرعة ويثور ويصخب‏,‏ وربما لأتفه الأسباب أو بغير ما سبب لمجرد شكوكه الداخلية وتصوراته‏!‏

بعكس الإنسان الهادئ‏,‏ فهو قوي‏,‏ تعجز الأسباب الخارجية عن أن تثيره‏.‏ بل تستطيع أعصابه القوية أن تصمد أمامها‏.‏ وهكذا ينال إعجاب الناس‏.‏ بينما الثائر الصاخب‏:‏ مهما ثار وضج‏,‏ وشتم وهدد‏,‏ وبدا وكأنه يخيف غيره فإنه لاينال احترام أحد‏,‏ ثورته تدل علي ضعفه وعلي عدم قدرته في ضبط نفسه‏.‏ الشخص غير الهادئ نفسيا‏,‏ يضع هموم الدنيا كلها فوق رأسه‏,‏ ويتعرض بذلك لمشاكل كثيرة‏..‏ فيفقد سلامه الداخلي‏,‏ ويقع في الاضطراب والقلق وما في ذلك من أتعاب‏,‏ وربما يقع كذلك في الكآبة والحزن والارتباك‏.‏ وقد يصاب نتيجة لذلك بأمراض عديدة جسدية ونفسية‏,‏ إنه يضر نفسه صحيا وفكريا واجتماعيا‏.‏ ويفقد شخصيته واحترام الناس له‏.‏ إنه يغضب منهم فيغضبون عليه‏.‏ وإن ثار عليهم‏,‏ ما أسهل أن يعاملوه بالمثل‏,‏ فيفقد صداقتهم ومحبتهم‏,‏ وقد يتعرض لعداوتهم‏.‏

**‏ غير الهادئ أقل كلمة تعكره‏,‏ وأقل تصرف يثيره‏.‏ وربما تجاريه رغبة في الانتقام وفي الدفاع عن نفسه‏,‏ وفي اثبات وجوده وحماية كرامته‏,‏ فيثور ولايصل إلي نتيجة‏,‏ بل تسوء حالته‏,‏ وفي كل حال يخسر المواقف‏,‏ وتمسك عليه أخطاء‏..‏ أما الإنسان الهادئ‏,‏ فإنه بالجواب اللين يصرف الغضب‏,‏ ويمكنه أن يهديء مناقشه مهما كان ثائرا‏..‏

ودائما الإنسان الهادئ هو الأقوي‏..‏ لأنه استطاع أن يتحكم في أعصابه وفي ألفاظه‏.‏ ولأنه ارتفع فوق مستوي الإثارة فلم تقو عليه‏.‏ وأيضا لانه في هدوئه يمكنه ان يتحكم في الموقف‏,‏ وأن يدير الحوار بغير انفعال‏.‏

**‏ أنظروا إلي السماء في هدوئها‏,‏ وكذلك الملائكة وكيف ينفذون أوامر الله في هدوء عجيب‏..‏ وكيف يعملون في حراستنا وحفظنا بهدوء كامل حتي إننا لانشعر بهم ولا بعملهم‏..!‏ وانظروا أيضا كيف كان الشهداء هادئين أثناء استشهادهم‏,‏ يستقبلون الموت في هدوء وبكل فرح لملاقاة الرب‏.‏ أيضا القلب الهادئ يتمكن من العمل الروحي‏,‏ في الصلاة والتأمل والقراءة والتسبيح‏,‏ أما إذا فقد القلب هدوءه‏,‏ فإنه لايقدر علي التأمل وإن حاول الصلاة تسرح أفكاره وتطيش‏,‏ وان قرأ كتابا لايمكنه أن يركز ويفهم ويتابع‏..‏ لأجل كل هذا كان النساك والرهبان يبحثون عن الهدوء والسكون‏,‏ لأنه في الجو الهادئ وفي المكان الهادئ البعيد عن الصخب والضوضاء‏,‏ يمكنهم أن يمارسوا عملهم الروحي‏..‏

فضائل ترتبط بالهدوء
الهدوء له علاقة بالمحبة‏,‏ يأخذ منها ويعطيها‏:‏ فالإنسان المحب يكون هادئا في علاقته مع الناس‏,‏ لايثور عليهم‏,‏ ولايحتد ولايشتد‏.‏ أما الكراهية فإن دخلت إلي قلب شخص‏,‏ تكون كالبركان الثائر الذي لايهدأ‏,‏ تريد أن تنتقم وأن تحطم‏,‏ ولاتهدأ حتي تنفذ ما تريد‏,‏ وتنفس عما في داخلها‏.‏ والعالم يحتاج إلي الحب والهدوء‏,‏ لكي يحل مشاكله‏,‏ يحلها بالتصالح وليس بالتصارع‏,‏ ففي الهدوء وبالهدوء يمكن ان يتلاقي الناس مهما اختلفت أفكارهم ليحلوا مشاكلهم في هدوء الحوار المشبع بالحب‏,‏ أما إن اختفي الهدوء فإن الحب يختفي معه‏,‏ إذ لاتبقي المحبة مع التشويق والصخب والضوضاء‏,‏ والحدة في الصوت‏,‏ والشدة في التصرف‏.‏ لهذا ترتبط فضيلة الهدوء بفضيلة السلام أيضا فالإنسان الهادئ يكون علي الدوام مسالما‏,‏ كما ان المسالم يكون بطبيعته هادئا‏.‏ الهادئ لايخاصم ولايصيح ولايسمع أحد في الشوارع صوته‏.‏ لذلك يعيش مع الناس في سلام لانه لايتشاجر مع أحد ولايحل مشاكله بالعنف‏,‏ بل بالهدوء‏.‏ إن السلام قد يفقد بين عنيف وعنيف‏,‏ ولكنه لايفقد بين عنيف وهادئ‏,‏ لأن الهادئ يحتمل العنيف‏,‏ كما إن النار لاتطفئها النار‏,‏ بل يطفئها الماء‏..‏ فإن كان الهادئ يستطيع بهدوئه ان يطفي نار العنفاء‏,‏ فكم بالأولي يكون السلام بين اثنين هادئين‏,‏ كذلك فإن الهدوء مظهر يعبر عن السلام الداخلي في الشخص الواحد‏.‏ والعلاقة بديهية بين الهدوء والوداعة‏.‏ لأن الهدوء هو فرع من فروع الوداعة‏,‏ حتي إن اسميهما يتبادلان المواقع‏,‏ فحينما نتكلم عن الهادئ نتكلم عن الوديع‏,‏ وحينما نتكلم عن الوديع نتكلم عن الهادئ‏,‏ والذي يفقد هدوءه بلا شك يفقد وداعته‏.‏ هناك علاقة أيضا بين الهدوء والعمق‏:‏ فالانسان الهادئ يمكنه ان يصل الي العمق‏,‏ ومن يصل الي العمق‏,‏ يصير عميقا‏,‏ وهنا يحضرني عبارة قالها أحد الأدباء الروحيين وهي‏:‏ عندما رمي بي الله حصاة علي بحيرة الحياة‏,‏ أحدثت فقاقيع علي سطحها ودوائر لاحصر لها‏,‏ ولكنني حينما وصلت الي القاع صرت هادئا‏.‏ حقا إن السطحيين يحاولون أن يحدثوا فقاقيع علي سطح الحياة ودوائر لاحصر لها‏,‏ ولكنهم إن وصلوا إلي العمق يصيرون هادئين‏..‏ وهكذا من يصل إلي نضج الحياة وإلي عمق الفكر وعمق الروحيات‏.‏ أما الانسان السطحي غير العميق‏,‏ فلا يكون هادئا‏,‏ بل يجول باحثا عن ذاته‏,‏ أو محاولا أن يحقق ذاته‏,‏ هنا وهناك والهدوء يتعلق أيضا بالايمان والتسليم فالذي يحيا حياة الايمان‏,‏
يعيش في هدوء قلبي‏,‏ شاعرا أن حياته في يدي الله الحانيتين‏.‏ لذلك لايقلق أبدا ولايضطرب‏.‏ وإن حاقت به مشكلة يثق بأن الله لابد سيحلها‏,‏ وينتظر الرب في هدوء‏,‏ وبالايمان يقول كله للخير‏,‏ وإن اتعبته الضيقات إلي حين‏,‏ يقول مصيرها أن تنتهي فيهدأ قلبه ويستقر‏.‏

كما أن الذين يحيون في الإيمان‏,‏ لايكونون سببا في تعكير هدوء غيرهم‏.‏




t,hz] hgi],x ,hgtqhzg hglvjf'm fi







رد مع اقتباس