فى خميس الصعود بقالم العلامة المتنيح الانبا أغريغوريوس
http://img402.imageshack.us/img402/1564/gregory1u.jpg فى خميس الصعود بقالم العلامة المتنيح الانبا أغريغوريوس بعد أربعين يوما من قيامة المسيح له المجد من بين الأموات, صعد إلي السماء في العلن بمرأي من جميع تلاميذه, ومعهم سائر المؤمنين من الرجال والنساء, ومن بينهم العذراء القديسة مريم الملكة الوالدة. وكان صعوده من فوق جبل الزيتون القريب من أورشليم. ومن فوق المكان الذي ارتفع فيه إلي السماء, أقيم منذ ذلك التاريخ مذبح يرفعون من عليه القرابين, بقداس خاص يقيمونه في عيد الصعود ابتهاجا بهذه المناسبة السعيدة, وتوكيدا لهذه الحقيقة التاريخية الخلاصية. ونظرا لأهمية الصعود الإلهي إلي السماء, ومكانته في خطة التدبير السماوي, صار رسل المسيح والكنيسة المسيحية من بعدهم يعيدون للصعود في كل عام. وجعلوه العيد السادس بين الأعياد السيدية الكبري السبعة( البشارة -الميلاد- الغطاس- أحد السعف- القيامة- الصعود-العنصرة) وذلك بالنسبة للترتيب التاريخي لأحداث الخلاص ولما كان عيد القيامة يقع دائما في يوم الأحد, فإن عيد الصعود, يقع دائما في يوم(خميس) وهو اليوم الأربعين بعد القيامة, ومن هنا سمي هذا الخميسبخميس الصعود. جاء في الإنجيل المقدس , وفي سفر أعمال الرسل, أن الرب يسوع المسيح ظهر بعد قيامته المقدسة مرات كثيرة: وأراهم نفسه حيا ببراهين كثيرة, بعدما تألم وهو يظهر لهم مدة أربعين يوما ويكلمهم عن الأمور المختصة بملكوت الله. وفيما هو يأكل معهم أوصاهم أن لايبرحوا أورشليم بل عليهم أن ينتظروا حلول الروح القدس عليهم فيتلبسوا بقوة من الأعالي, وبعد ذلك ينطلقون إلي جميع الأمم, يبشرون بالإنجيل,ويعمدون المؤمنين به, ويتخذون منهم تلاميذ. ثم رفع يديه وباركهم, وفيما هو يباركهم افترق عنهم وصعد إلي السماء. وأخذ يرتفع وهم ينظرون ثم رأوا سحابة حجبته عن أعينهم. وبينما عيونهم شاخصة إلي السماء وهو منطلق إذا ملاكان في صورة رجلين قد وقفا عندهم بلباس أبيض. وقالا لهم: أيها الرجال الجليليون: ما بالكم واقفين تنظرون إلي السماء. إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلي السماء سيأتي هكذا كما عاينتموه منطلقا إلي السماء. فسجدوا له ورجعوا إلي أورشليم بفرح عظيم, من الجبل الذي يدعي جبل الزيتون الذي هو بالقرب من أورشليم علي مسافة سفر سبت, ولما دخلوا صعدوا إلي العلية التي كانوا يقيمون فيها...وكانوا كل حين في الهيكل يسبحون الله ويباركونه, هؤلاء كلهم كانوا يواظبون علي الصلاة وبنفس واحدة مع النساء ومريم أم يسوع (مرقس16:14-19), (لوقا 24:44-53), (أعمال الرسل 1:1-14). هذا الصعود المجيد لم يكن للتلاميذ مفاجأة علي الرغم من أنهم دون شك بهروا به, وكانوا سعداء أن يتم أمامهم وعلي مرأي من جميعهم, وعلي جبل شاهق حتي يمكن أن يراه كل من كان فوق الجبل, ومن هم علي سفح الجبل, ومن هم تحت الجبل في الوادي ...فلقد صرح به عددا من المرات, وأنبأ به قبل صلبه وموته, كما تحدث عنه بعد قيامته مباشرة. ففي ليلة آلامه, في خميس العهد ليلا, قال لتلاميذه وهو يهيئ أذهانهم لمفارقته لهم:إني من الله الآب خرجت. خرجت من الآب, وجئت إلي العالم, ثم أترك العالم وأمضي إلي الآب(يوحنا16:27, 28). وقال قبل ذلك في حديثه إلي اليهودفإن رأيتم ابن الإنسان صاعدا إلي حيث كان قبلا (يوحنا6:62) وواضح أنه يشير إلي ذاته, فهو ابن الإنسان لأنه اتخذ شكل الإنسان, وولد من امرأة كإنسان وهو هنا يعد اليهود مسبقا أنه سوف يصعد بمرأي من الجميع(فإن رأيتم) وسوف يعود إلي السماء التي نزل منها, فقد قال مرارا: إنه نزل من السماء(يوحنا3:13), (6:38, 41, 42, 46, 50, 51, 58, 32, 33, 62). وجاء في الإنجيل للقديس لوقا وعندما حان الوقت لارتفاعه, اعتزم المضي إلي أورشليم(لوقا9:51) والارتفاع المقصود هو صعوده إلي السماء بعد صلبه وموته وقيامته. وأما بعد قيامته المجيدة, فقد تحدث عن صعوده العتيد في كلامه إلي مريم المجدلية التي عندما رأته لأول مرة حسبت أنها رأت روحا, فمن فرط ذهولها أقبلت عليه تتشبث به مخافة أن يفلت منها, فجعل يطمئنها بأنه سوف لا يصعد الآن إلي السماء, وأنه باق وأنهم سوف يرونه مرات قبل صعوده , فلا داعي لتشبثها به, والأحري بها أن تنطلق لتبشر تلاميذه بقيامته, وتخبرهم أن يذهبوا إلي الجليل وينتظروه هناك حيث يظهر لهمقال لها يسوع لا تلمسيني فإني لم أصعد بعد إلي أبي, بل اذهبي إلي إخوتي , وقولي لهم إني سوف أصعد إلي أبي, فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ: إني رأيت الرب وأنه قال لي هذا(يوحنا 20:17, 18), (متي 26:32), (28:7, 10, 16),(مرقس14:28), (16:7). علي أن صعود الرب يسوع إلي السماء بعد قيامته, كانت الأنبياء قد أنبأت عنه من قبل: فقد قال النبي داود في سفر المزاميرصعد الله بهتاف, الرب بصوت الصور(مزمور47:5). وقال أيضا يخاطبه بروح النبوءة صعدت إلي العلاء سبيت سبيا. وأعطيت عطايا للناس بل للمتمردين علي السكن أيها الرب الإله(مزمور67:18). ولقد استشهد القديس بولس الرسول بهذا النص القدسي مشيرا به إلي المسيح مخلصنالكل واحد منا أعطيت النعمة علي مقدار هبة المسيح. لذلك يقول إذ صعد إلي العلاء, سبي سبيا وأعطي الناس عطايا. وأما أنه صعد فما هو إلا أنه نزل أيضا أولا إلي أقسام الأرض السفلي. فذاك الذي نزل هو ذاته الذي صعد إيضا إلي ما فوق السماوات كلها ليملأ كل شئ(أفسس4:7-10) (كولوسي2:15) والمعني مما جاء في العهد الجديد أن ما نطق به الوحي الإلهي علي فم النبي داود كان يشار به إلي السيد المسيح له المجد. فهو الذي صعد إلي العلاء أي إلي السماء التي هي فوق جميع السماوات, حيث العرش الإلهي والملكوت السماوي, ولكن بعد أن نزل أولا إلي العالم السفلي, إلي الجحيم في أسافل الأرض, ليبشر الذين كانوا ينتظرون الفداء والخلاص, وينتقلهم إلي الفردوس. فهو المسيح الفادي والمخلص ملأ بلاهوته الأرض وماتحت الأرض والسماوات وسماء السماوات, وكل الوجود. إذن فقد صعد المسيح له المجد إلي الملكوت السماوي, إلي حيث العرش الإلهي, واستوي علي العرش,(إلي السماء ذاتها التي هي فوق جميع السماوات). جاء ذلك في أكثر من موضع في الكتاب المقدس توكيدا لنفس المعنيفإذ لنا رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السماوات, يسوع ابن الله, فلنتمسك بالاعتراف به(العبرانيين4:14). لأنه كان يلائمنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلاشر ولادنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلي من السماوات(العبرانيين7:26). لأن المسيح لم يدخل إلي أقداس صنعتها الأيدي شبها للأقداس الحقيقية, بل دخل السماء عينها(العبرانيين9:24). هذه(السماء) التي دخلها رب المجد يسوع المسيح بصعوده, هي التي عرفت في الكتاب المقدس أيضا بأنهاسماء السماوات(سفر التثنية10:14), (1.الملوك 8:27), (2.أخبار الأيام 6:18), (نحميا9:6), (مزمور67:33), (مزمور147:4). وهي التي أعلي من السماوات(العبرانيين7:26). وهي التي هي فوق السماوات كلها(أفسس4:10). وهي السماء عينها(العبرانيين9:24). ثم هي العرش, أو حيث العرش, عرش العظمة. فقد ورد في الكتاب المقدس, أن المسيح له المجد إذ صعد فدخل السماء إنهجلس عن يمين عرش العظمة في السماوات(العبرانيين8:1), وأنه جلس عن يمين عرش الله (العبرانيين12:2) وأنهجلس عن يمين العظمة في الأعالي(العبرانيين1:3) وأنه جلس عن يمين الله إلي الأبد(العبرانيين 10:12), وأنهإذ صعد إلي السماء جلس عن يمين الله, وخضعت له الملائكة والسلاطين والقوات (1بطرس3:22) وأنهجلس عن يمين الله(أعمال 7:55), (2:34), (أفسس1:20) وأنه الآن جالس عن يمين الله(كولوسي 3:1), (رومية8:34). ولما كان الله هو الروح الأعظم(يوحنا 4:24),(2. كورنثوس3:17), فليس للذات الإلهية يمين أو شمال, لأن اللاهوت في كل مكان ولا يخلو منه مكان. فالجلوس (عن يمين الله) معناه الجلوس في أكرم وأسمي مكانة ومنزلة, وبلغة أخري هو الجلوس علي العرش ذاته, وهو ما يلائم الكيان الناسوتي أو الإنساني الذي صعد به المسيح وجلس به علي العرش في السماء عينها. وهو أيضا ما سبق النبي داود فأنبأ به في المزمور إذ قال بالروح القدسقال الرب لربي اجلس عن يميني حتي أجعل أعداءك تحت قدميك (مزمور109:1) وقد أبان المسيح له المجد, في حواره مع اليهود: أن النبي داود يشير بقوله هذا إلي المسيح بعد أن يتمم عمل الخلاص ويخضع جميع أعدائه تحت قدميه ثم يصعد إلي السماء ويدخل إلي مجده(1.تيموثيئوس3:16) ويجلس عن يمين العظمة. قال الإنجيل وفيما كان يسوع يعلم في الهيكل وفيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع قائلا: ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ فقالوا له: ابن داودقال لهم: كيف يقول الكتبة أن المسيح هو ابن داود في حين أن داود نفسه يقول بالروح القدس في سفر المزامير: قال الرب لربي اجلس عن يميني حتي أجعل أعداءك تحت قدميك. فداود نفسه يقول عنه أنه الرب. فكيف إذن يدعوه داود بالروح ربي. فإن كان داود إذن يدعوه ربه فكيف يكون ابنه؟فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة(متي22:41-46), (مرقس12:35-37), (لوقا 20:41-44). وقد أورد القديس بطرس الرسول هذا القول عينه الذي نطق به الوحي الإلهي بفم النبي داود, في حديثه إلي اليهود في يوم الخمسين, قائلا:لأن داود لم يصعد إلي السماوات, وهو نفسه يقول: قال الرب لربي اجلس عن يميني حتي أجعل أعداءك تحت قدميك(أعمال الرسل 2:34, 35) وأورده القديس بولس الرسول أيضا في (الرسالة الأولي إلي كورنثوس15:25). |
|
الساعة الآن 11:19 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين