منتدى ام السمائيين و الارضيين

منتدى ام السمائيين و الارضيين (http://st-maria.info/vb/index.php)
-   جريدة الاهرام منذ عام 2006 (http://st-maria.info/vb/forumdisplay.php?f=136)
-   -   الوداعة وقوة الشخصية = جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 24-6-2007 (http://st-maria.info/vb/showthread.php?t=8201)

بنت العدرا 10-08-2012 01:16 PM

الوداعة وقوة الشخصية = جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 24-6-2007
 
الوداعة وقوة الشخصية

من مقالات البابا شنودة الثالث
المنشورة في جريدة الأهرام
مقال يوم الأحد 24 - 6 -2007 م

http://www.emanoeel.com/up/uploads2/...4d52a61f69.jpg

بدأت معكم في مقالى السابق موضوعًا عن الوداعة. فتحدثت عن علاقة الوداعة بدماثة الخلق، فشرحت بعضًا من شخصية الإنسان الوديع، ورقته وهدوئه ولطفه واحتماله... ولكي نستكمل هذا الموضوع، علينا أن نتحدث عن نقطة أخرى هامة وهى علاقة الوداعة بقوة الشخصية، وبالذات بفضائل أخرى مثل الشجاعة والشهامة والنخوة والجرأة، وهل كل تلك الفضائل تتعارض مع الوداعة في رقتها وهدوئها؟...

http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif
إن الفضائل لا يناقض بعضها بعضًا، فهى تتكامل ولا تتعارض. وينبغي أن يفهم الناس معنى الوداعة في حكمة. فالمعروف أن الطيبة هى الطبع السائد عند الوديع. ولكن عندما يدعوه الموقف إلى الشهامة أو الشجاعة أو الشهادة للحق، فلا يجوز أن يمتنع عن ذلك بحجة التمسك بالوداعة. أما إن امتنع عن الموقف الشجاع، فلا تكون هذه وداعة حقيقة، إنما تصير رخاوة في الطبع، وعدم فهم للوداعة، بل عدم فهم للحياة الروحانية بصفة عامة. فالروحانية ليست تمسكًا بفضيلة واحدة تُلغى معها باقى الفضائل، إنما هى في ممارسة كل الفضائل معًا بطريقة متجانسة ومتعاونة...

إن الشخص الوديع الطيب الهادئ، ليس هو جثة هامدة لا تتحرك.. بل إنه- إذا دعته الضرورة – يتحرك بقوة نحو الخير ونحو الغير.. ولا يكون هذا ضد الوداعة في شيء. إنما عدم تحركه يكون نوعًا من الخمول، ويُلام عليه. وربما يصبح هزأة في نظر الناس...
http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif

http://www.emanoeel.com/up/uploads2/...c23e1f85d6.jpg

فالوديع يمكن أن يدافع عن المظلوم، وان ينقذ المحتاج. هل إذا رأى شخصًا في خطر، معرّضًا للقتل من بعض الأشرار، ألا يهمّ بإنقاذه، أم يحجم عن ذلك مدعيًا أن الوداعة لا تتدخل في شئون الغير؟! وهل إن سمع فتاة تصرخ وهى تستغيث بسبب أشخاص يحاولون الاعتداء عليها، أتراه يبعد عن إنقاذها، أم هو بكل شهامة ينقذها، ولو أدّى به الأمر أن يدخل في عراك أو شجار... فهكذا يكون موقف الرجولة والفروسية. وهو لا يتعارض مع الوداعة في شيء...
http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif
إن الوديع لا يكون سلبيًا باستمرار، إنما يتخذ الوضع الايجابى حينما تدفعه الضرورة إلى ذلك. فهو يشهد للحق ولا يمتنع. كما يتدخل لحل مشاكل الغير حين يكون في طاقة يده أن يفعل ذلك. ويكون حله للمشاكل في هدوء يتفق مع طبيعته، وفي حدود الواجب عليه.

http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif
من خصال الوديع أنه لا يتكلم كثيرًا. ولكنه في ذلك يضع أمامه قول سليمان الحكيم "لكل شيء تحت السموات وقت. للكلام وقت، وللسكوت وقت"... لذلك فهو يتكلم حين يحسن الكلام. ويصمت حين يحسن الصمت. واذا تكلم يكون لكلامه تأثيره وقوته. وإن صمت تكون في صمته أيضًا قوة – ولكنه لا يصمت حين تدعوه الضرورة إلى الكلام، شاعرًا بأننا أحيانًا ندان على صمتنا...

http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif
هنا ونسأل: هل يمكن للإنسان الوديع الطيب القلب أن ينتهر ويوبخ ويؤدب؟ نقول: إن كان ذلك من واجبه، فلابد أن يفعل ذلك. فالأب له أن يؤدب أولاده، وإن لم يؤدبهم يجازه الله على تقصيره. وكذلك المدرس بالنسبة الى تلاميذه، ورئيس أي عمل بالنسبة إلى مرؤسيه. فكل هؤلاء يمكنهم أن ينتهروا ويوبخوا المخطئين، حفظًا على سلامة سير الأمور. ولا يكون ذلك ضد الوداعة... على أن يكون التوبيخ في غير قسوة، وبأسلوب عفيف لا تتدنى فيه الألفاظ عن المستوى اللائق. والمعروف أن الأنبياء والرسل كانوا يوبخون البعيدين عن طريق الرب لكي يقودوهم الى التوبة. وما كان يتهمهم أحد بأنهم ضد الوداعة.
http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif

في موضوع الوداعة إذن، ينبغي أن نفرق بين الأشخاص الذين هم في وضع المسئولية، وبين الذين لا مسئولية لهم. فالذى هو في منصب الإدارة والمسئولية، له أن يأمر وينهى، بكل حزم لكي تستقيم أمور إدارته. ولكن ليس له أن يأمر في تسلط أو غطرسة، فهذا لا يتفق مع الوداعة. وهكذا يحتفظ بين الوداعة والسلطة. ولكن الإنسان الوديع العادى الذي لا مسئولية له، فإنه ينأى عن الأمر والنهى واستخدام السلطة.
http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif
كذلك فالشخص المسئول ينبغي أن تكون له هيبته واحترامه، لا في كبرياء، إنما لتوقير منصبه وشخصه أيضًا. ويمكن أن يجمع بين الوداعة والهيبة. فهو لا يكلم الناس من فوق، في تعالٍ بل في بساطة وحسن تعامل واحترام لمشاعرهم، دون الإخلال بوقار رئاسته. وهكذا فإن الشخص المسئول، يمكن أن يكون وديعًا، لا وضيعًا. وكبيرًا لا متكبرًا...
http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif
هل يمكن إذن للإنسان الوديع أن يغضب وأن يحتج دون أن يتعارض ذلك مع وداعته.
نعم، يمكن أن يغضب، ولكن في غير نرفزة (عصبية) لأن النرفزة هى ضعف في الأعصاب لا يليق بالوداعة. إنما الوديع في غضبه يعبر عن عدم رضاه، ويعبر عن ذلك فى حزم وفي هدوء، بدون صخب أو ضوضاء... وهو في غضبه يعمل على تصحيح الأخطاء.
وله أيضًا أن يحتج، ولكن في أدب وبأسلوب يليق بوداعته. واحتجاجه يكون تعبير عن عدم رضاه.

http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif
ان الإنسان الوديع له إنسانيته الكاملة، وله حقوقه وعليه واجبات. وإن كانت الطيبة هى الصفة السائدة في شخصيته، إلا أنها لا تلغى باقى صفات الشخصية من الشجاعة والشهامة والجرأة والشهادة للحق. كما أن للوديع حماسة قد تظهر في حينها، وإرادة تحب أن تعمل. (انظر المزيد من مقالات البابا شنودة الثالث هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين ). والطيبة عنده لا تعنى السذاجة، وإنما هى دائمًا تمتزج بالحكمة، وتسلك بالأسلوب الرصين في هدوء وبعد عن الضجيج.
http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif
فالوديع لا يهين أحدًا، وفي نفس الوقت لا يعرّض ذاته للمهانة.. وهو لا يرد على الإساءة بالإساءة، وأيضًا يبعد عن المسيئين ويتحاشى الخلطة بهم. وهو يحترم الناس، ويتصرف بما يدعوهم إلى احترامه. هو في مستوى مرتفع عن الخطأ. فبقدر إمكانه لا يقع في خطأ. أما إن أخطأ اليه أحد، فذاك يبكته ضميره ويبكته الآخرون.
لهذا كله لا نتناول الوداعة بأسلوب أنصاف الحقائق، بل نعرضها بحقيقتها الكاملة، سواء من جهة دماثة الخلق، أو من جهة قوة الشخصية أيضًا. وبهذا تتضح صورتها الحقيقية.
http://loveyou-jesus.com/uplod/uploads/ef3d3f1724.gif
http://www.emanoeel.com/up/uploads2/...db4ef1254f.gif




الساعة الآن 09:45 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Beta 4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ام السمائيين و الارضيين