المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مع يسوع في الصحراءمع يسوع في الصحراءمع يسوع في الصحراءمع يسوع في الصحراءمع يسوع في ال


بنت مارمينا
04-04-2012, 06:24 PM
مع يسوع في الصحراء

http://www.emanoeel.com/up/uploads2/images/emanoeel-e24575cad5.jpg

ضرورة الرياضات
نحن بحاجة مثل يسوع إلى رياضات في الصحراء ولا ينبغي ان تعتبر الرياضات بمثابة أوقات نقتطعها من اهتمامنا بالناس . كما لا ينبغي أن نقبل باعتراض مفاده بأنه مادام الآخرون لا يستطيعون أن يمنحوا لأنفسهم فرص القيام بمضل هذه الرياضات ، فلا يجوز لنا من ثم ان ننفصل عن الفقراء أو العمال ونبتعد عنهم ، بهذا الشكل ، طيلة فترات طويلة لا يمكنني أن اقبل بهذه الحجة كونها وليدة تفكير مادي جداً . فهل يكون يسوع على خطأ حين طلب إلى رسله أن يتركوا شباكهم وذويهم ورفاق العمل ويتبعوه ـ وغالباً ما في الصحراء ـ يعيش حياة أقل عناء من صيد السمك في البحيرة ليلاً ؟ إن رياضاتنا هي عمل مع يسوع ، ويجب أن نحرص ، طيلة هذه الفترات ، على متطلبات الصمت والعزلة والتوقف عن كل مراسلة أو نشاط دنيوي .

الإقامة في الصحراء
إن الإقامة في الصحراء ضرورية للتعمق في حياة الصلاة .
والصحراء بهذا المعنى ، ليست مرادفاً للرياضة ، و"ممارسات الرياضة " كما تسمى عادة ، لا يمكن ان تقارن بالإقامة في الصحراء . ان كل مكان يحمل في ذاته معنى روحيا ، بمقدار ما يساهم ، عبر حواسنا برسم تأثيره على الروح. ولقد اختبر القديس يوحنا الصليبي أهمية الأماكن بصفتها وسائل تهيئ للحياة التأملية . ليست الصحراء مجرد مكان منعزل وصامت قد يمكننا ان نجد أمثاله في العالم وحتى في قلب المدن : انها تتخطى كونها مكاناً للرياضة وتحمل ، في اتساعها وعنفها قيماً خاصة بها . فالصحراء في حد ذاتها لا فائدة منها للإنسان، وتبدو المساحات الشاسعة التي تحتلها الصحارى على الكرة الأرضية بعزلتها القاحلة ، وكأن لا معنى لها بإزاء المساحة الصغيرة الخصبة والمكتظة بالسكان . وكما تبدو الصحراء ظاهرياً غير ذات فائدة للإنسان ، هكذا بالنسبة إلى صلاة السجود المحضة التي تجد في الصحراء رمزاً لها . وتتسم الصحراء أيضا بطابع الجفاف والعراء بالنسبة إلى النظر والسمع وسائر الحواس : إنها تحمل سمات الفقر والحياة القشفة والبساطة القصوى ، كما تحمل علامات عجز الإنسان الكامل إذ فيها يكتشف ضعفه ويشعر بأنه لا يستطيع بقواه الذاتية أن يستمر فيها على الحياة وتضطره ألا يبح عن قوته وعونه إلا في الله وحده . فالله هو الذي يقود إلى الصحراء إذ ليس بوسع النفس أن تمكث فيها ما لم يغذيها الله مباشرة . هكذا تختلف الإقامة في الصحراء عن الرياضة الروحية التي يستحسن فيها على العكس ، أن يبحث المرء عن كل الوسائل الخارجية كي يجدد إيمانه ويغذيه عن طريق المحاضرات وحضور الحفلات الليتورجية والصلوات المشتركة والتحدث إلى مرشد روحي .
مثل هذه الرياضات ضرورية ، ومن الممكن تتضمن درجات مختلفة من العزلة بحسب النضوج الروحي لكل واحد . أما الصحراء فهي محاولة للسير نحو ملاقاة الله في العري والتجرد والضعف عن كل سند بشري ، كما في الصوم عن كل غذاء ارضي حتى إذا كان غذاءً روحياً . ولكننا لن نذهب بعيداً في هذا الدرب إذا لم يرسل الله نفسه غذاءً إلينا . كما فعل مع العبرانيين الذين كانوا يتلقون منه المنَ كل صباح ، أو مع ايليا الذي استلقى تحت رتمة وقد أنهكه التعب . ان صلاتنا تتضمن دوماً انتظاراً طويلاً للغذاء الإلهي. حتى اذا كانت ثمرة عمل الفضائل الإلهية فينا . فالإقامة في الصحراء هي محاولة واختبار وهي بمثابة سعي مليء بالثقة بحيث نتوسل الى الله بأن يأتي بنفسه ويبحث عنا في صلب عجزنا ويقودنا إليه . المهم في "الإقامة في الصحراء " هو التعري الكامل وانتظار الله ، بهدوء وصمت، في شبه تعطيل لقوانا الشخصية . وهذا الانتظار السلبي الذي يتم من دون أن نسمع جواب الله ، سيضرنا إذا طال ، أما إذا قصر فسيكون على العكس ، مليئاً بالفائدة وبمثابة صرخة استنجاد نرفعها إلى الله ، صرخة نحن بحاجة إلى أن نجعلها بين الحين والأخر تتخلل حياة الصلاة لدينا . ولا ينبغي أن تطول إقامتنا في الصحراء صورة عشوائية ، ومن دون توجيه روحي وفي كل الأحوال علينا أن نعرف كيف نكون بحسب جواب الله على أهبة لأن نجعل الغذاء الروحي الضروري يقترن بالتجرد والانتظار الصامت ، فلا نخور ونفقد حيويتنا بحجة إننا كنا نريد أن نبلغ بقوانا الذاتية إلى الجبل إلي بوسع الله وحده أن يساعدنا على ارتقائه .
لكي نذهب إلى الصحراء يجب أن نؤمن بأن الله قادر أن يلحق بنا في الصلاة ولكي نحصل غلى نعمة هذه الزيارة علينا ان نتوق إليها بثقة وفرح . فالنهار الذي نقضيه في الصحراء يذكرنا باستمرار بضرورة هذا الانتظار ، كما يذكرنا بالشروط الضرورية لاستقبال هذه النعمة اعني بها تواضع القلب ، وعدم الاعتماد على ذواتنا ، والقبول بغياب التعزيات الحسية ، وصرامة هذه الصيغة في لقائنا مع الله : فإذا زارنا الروح القدس فلن يتم ذلك قبل أن ننسى ذواتنا أولا .
ولكي تضحي الصحراء طريقاً حقيقياً الى الله ينبغي أن نذهب إليها بروح الفقر الحقيقي :فمن دون التعري والصمت الداخليين ، تصبح الصحراء عقبة بوجه الصلاة . كما أن أوهامنا ستسقط بواسطة عراء الصحراء ، إذ لا يمكننا في الواقع أن نحتمل طويلاُ السير لوحدنا في الصحراء إذا لم يكن لنا قلب بسيط وفقير ، وإذا كنا لا نزال ننتظر من الحياة شيئاً أخر غير الله . لذا فان ميلنا إلى خدمة البشر عن طريق غير طريق إعلان سمو الله وحبه الإلهي ، ورغبتنا في أن نبني ملكوت الله بوسائل غير تلك التي استخدمها يسوع نفسه....تلك تجارب لن نتغلب عليه نهائياً إلا في الصحراء على مثال يسوع .
تعلمنا الخبرة إننا في الصحراء نتعرض أكثر للتجربة فنميل إلى تحاشي الذهاب إليها . لن نكون في الصحراء أكثر ضعفاً ، غير إننا فيها نكون إزاء اختبار مطلق وجذري ، هذا الاختيار الذي في الحياة الاعتيادية ، تمَّوهُه كثرة الانشغالات اليومية من جهة ، ومن الجهة الأخرى كثرة المساومات الواعية وغير الواعية . وتصبح لنا تعزية اللقاء بالله في عراء الصحراء ، بمثابة ينبوع وضمان أمانتنا على متطلبات النهج التأملي في صلب الحياة ، وحافزاً على التجدد في دعوتنا بوصفنا " خفراء الصلاة " كما أنها تنسجم مع النداء إلى أن نصبح " فداة مع يسوع " بواسطة صلاة التوسل التي تقتضي حرارتها ، بالفعل ذاته الاستجابة لما في الصحراء من مطلق .

النداء إلى حياة الصحراء
إن نداء العيش في الصحراء بالنسبة إلى الأخ الصغير ، لا ينبع إذن من دعوة توحديه بحصر المعنى ، ولا من دعوة رهبانية تحتم الانفصال عن العالم ، هذا الانفصال الذي يعتبر عنصراً أساسياً وثابتاً للسير نحو القداسة . انه مبني على دعوة الأخ الصغير بالذات إلى تحقيق صلاة السجود التوسل . وهنا يلتقي الموقف الأساسي لدى أبناء دي فوكو مع موقف القديسة تريزة الطفل يسوع . انه عمل الحب الناتج عن شعور بالمسؤولية الرعوية تجاه البشر الموكلين إلينا كي نحمل أمام الله همومهم وتضرعاتهم بالاتحاد مع يسوع الذي صلى في الصحراء . انه الروح عينه الذي يدفع بالأخ الصغير إلى أن ينزل ليختلط بالجماهير ا وان يصعد إلى الجبل وحده ، إزاء الله الذي يخلص .
إن إقامة يسوع المتكررة في الصحراء هي خط رسالته الخلاصية تماماً . فبالإضافة إلى السجود لأبيه ، كان يسوع يقوم بصلاة محضة بصفته فادياً ، بكل أبعاد رسالته وشعوره بالمسؤولية في خلاص البشر جميعاً . وما التجارب التي تعرض لها من قبل الشيطان ، وليالي الصلاة ـ كتلك التي سبقت اختيار الرسل وتلك التي قضاها في بستان الجتسمانية ـ سوى دليل على ذلك : تلك هي حالة قصوى من حالات الصلاة . ولقد اختبر الرسل والقديسون الذين اختارهم الله لمهام تبشيرية كبرى مثل هذه الحالات : كالقديس بولس في صحراء العرب ، وفرنسيس الاسيزي في الكثير من مناسكه ولا سيما في ألفيرن ....
إن دعوتنا إلى الصلاة المنعزلة في الصحراء هي ، إلى حد كبير في خط الصلاة العارية والمجردة المفروضة على كل من التزم ، بدعوة خاصة ، سر فداء البشر . ويجد الأخ الصغير في ذلك اكتمالاً حقيقياً لدعوته الرسولية التي تقتضي الموت عن ذاته ، وتتطلب استعداداً كبيراً وداخلياً لقبول محبة يسوع ، بحيث يصبح خلاص البشر شغله الشاغل طيلة حياته .
إننا سنشعر دوماً بالحاجة إلى أن نجدد أمانتنا على نعمة دعوتنا ، وهذا ما نفعله في الصحراء . كما إننا سنشعر في بعض الاوقات بالحاجة إلى صلاة التوسل المحضة على مثال يسوع في حياته العلنية , وسيكن هذا الشعور بمثابة ثمرة لأمانتنا السخية تجاه دعوتنا . فلقد أدرك يسوع أولوية الصلاة المحضة وفاعليتها سواء عن طريق قلقه على خلاص أولئك الذين أرسل لأجلهم ، أم من خلال إدراكه لفداحة الشر إلى جانب محدودية العمل , حتى وان كان العمل ايجابياً " هذا الجنس ـ الروح النجس ـ لا يجر جالا بالصلاة " (مرقس 9: 29 ) إن هذه الصيغة الأخيرة من الصلاة تتصل اتصالاً وثيقاً بآلام المسيح وتقود إليها ، وكثيرون من القديسين مروا بهذا الطريق .




http://www.emanoeel.com/up/uploads2/images/emanoeel-e14a480070.gif
http://www.emanoeel.com/up/uploads2/images/emanoeel-db4ef1254f.gif
لاتقرأ وتذهب بل سجل بالمنتدى لتكون عضوا مشاركا معنا

ملاك حمايه جرجس
04-24-2012, 09:03 PM
شكراااااا لك يا أختى
بنت مارمينا
على الموضــوع الجميل
ويبارك حياتك وخدمتك


http://www.amiraa.com/bsh/uploads/images/amiraa0af4e365cf.gif (http://www.amiraa.com/bsh/uploads/images/amiraa0af4e365cf.gif)

ابو بيشو
04-30-2012, 10:50 PM
موضوع اكتر من رائع الرب يبارك خدمتكم المتميزة ربنا يعوضكم