المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نقدر أن نمارس الشريعة المسيحية


بن الملك
08-13-2011, 11:47 AM
كيف نقدر أن نمارس الشريعة المسيحية؟

قال القديس أغسطينوس أسقف هِبّو في شمال أفريقيا (354-430م) إن هذه الموعظة هي القاعدة الكاملة للحياة المسيحية المثالية، وهي الشريعة الجديدة. وقال الكاتب الروسي تولستوي إنها تتلخَّص في خمس وصايا: كبت كل غضب، والطهارة، وعدم القَسَم، وعدم المقاومة، ومحبة الأعداء بلا حدود. وقال إنها لو أُطيعت حرفياً لقَضَت على شرور العالم.

هذه الموعظة بالغة المثالية، فهي تتحدَّث عن ثماني درجات من الرقي الروحي، وهي صفات مثالية للمسيحي الحقيقي (متى 5: 3-12)، وتتحدث عن تأثير المسيحي في مجتمعه كملحٍ للأرض ونورٍ للعالم (متى 5: 13-16)؛ وعن أخلاقيات المسيحي الذي ارتقى درجات السلم الروحي (متى 5: 17-48)؛ وعن عبادته في الصدقة والصلاة والصوم (مت 6: 1-18)؛ وعن موقفه من الماديات (متى 6: 19-34)؛ ومسؤولياته نحو مجتمعه (متى 7: 1-12)؛ وما ينتظره في حياته الأبدية (متى 7: 13-21).

وقد يدَّعي البعض أن الموعظة على الجبل تعلِّم أن الإنسان يخلُص بأعماله، بدليل أن المسيح يطوِّب صفاتٍ يتحلى بها المؤمنون السعداء، لكن الواقع أن كل من يحاول أن يعيش هذه المبادئ بقدرته الشخصية وجهاده الذاتي لا بد أن يفشل، لأنها بالغة السمو بعيدة المنال. وهذا ما نسمّيه «الفشل المبارك» الذي يضطرُّ الشخص الفاشل لأن يلجأ إلى مراحم الله، ويلقي بنفسه تماماً على نعمة الرب، فيختبر قول الوحي: « وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ.. اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ- بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ- وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا » (أفسس 2: 1-10).

فعليك قبل أن تتأمل شريعة المسيح أن تقبله مخلِّصاً لك، وتقول: «وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ!» (رومية 7: 24) وترفع عينيك مؤمناً بالمسيح المخلِّص، معترفاً بخطاياك، فيغفرها لك ويُنعم عليك بالتبني، فتهتف شاكراً: «إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ. لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزاً عَنْهُ فِي مَا كَانَ ضَعِيفاً بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ، لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ» (رومية 8: 1-4).
إنه واقف على باب قلبك يطلب الدخول، قائلاً: « هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي» (رؤيا 3: 20). فإذا دَعَوْتَه ليدخل قلبك يتم فيك القول: « إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً» (2كورنثوس 5: 17). وبهذا وحده تعتمد على تغيير المسيح لحياتك، فتقدر أن تبدأ رحلة حياة جديدة ترتقي فيها في الروحيات، وتمارس شريعتها كما جاءت في الموعظة على الجبل « لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ» (فيلبي 2: 13) و«أَمِينٌ هُوَ الَّذِي يَدْعُوكُمُ الَّذِي سَيَفْعَلُ أَيْضاً» (1تسالونيكي 5: 24).

http://www.emanoeel.com/up/uploads2/images/emanoeel-db4ef1254f.gif (http://st-maria.info/vb/showthread.php?t=828)